تاريخ الخطبة: 18  ذو القعدة 1422 الموافق ليوم 2/2/2002م

عنوان الخطبة: كيد الغرب بالعالم الإسلامي

الموضوع الرئيسي: العلم والدعوة والجهاد

الموضوع الفرعي: القتال والجهاد, المسلمون في العالم

اسم الخطيب: يوسف بن عبد الوهاب أبو سنينه

 

ملخص الخطبة

1 ـ الفتن التي يعيشها العالم الإسلامي. 2 ـ كيد الأعداء بالأمة الإسلامية. 3 ـ ما هو العلاج؟ 4 ـ الرجوع إلى الله تعالى. 5 ـ سر نجاح السلف وسيادتهم على العالم. 6 ـ نموذج من نماذج التضحية. 7 ـ الثبات على المبدأ. 8 ـ إن الدين عند الله الإسلام. 9 ـ المحاور التي تسير عليها السياسة الإسرائيلية.

 

 الخطبة الأولى

أما بعد: عباد الله، إسمعوا ما قال سيد الخلق وحبيب الحق، قال صلى الله عليه وسلم: ((بادروا بالأعمال الصالحة، فلتكونن فتن كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا، ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا، يبيع دينه بعرض من الدنيا))[1] تعالوا ـ أيها المؤمنون ـ ننظر نظرة خاطفة على عالمنا الإسلامي، تعطينا حقيقة هذه الفتن، حروب طاحنة بين أمتنا الإسلامية، والكل يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وهذا ما حذر منه نبينا صلى الله عليه وسلم فقال: ((لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض)) [2] ورغم كل ذلك فأعداء الإسلام في الشرق والغرب لا يهدأ لهم بال إلا إذا قضوا على الإسلام والمسلمين، وبهذا نطق الكتاب الكريم قال الله تبارك وتعالى: وَلاَ يَزَالُونَ يُقَـٰتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ [البقرة: 217]،فلسان حالهم يقول: إذا قامت للمسلمين أمة فلن يهدأ لنا بال ولن يغمض لنا جفن، إذا قامت للمسلمين دولة.

استطاعوا أن يفتتوا أمتنا إلى دويلات وهم الآن في طريقهم إلى تفتيت الدول، وللأسف الشديد فعالمنا الإسلامي وحكامهم اتفقوا على ألا يتفقوا، واتفقوا على أن يختلفوا، واصطلحوا على أن يتخاصموا، وتخاصموا على أن يصطلحوا، وربنا تبارك وتعالى ينادي في عليائه ويقول: وَلاَ تَنَـٰزَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَٱصْبِرُواْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِينَ [الأنفال: 46] وإذا انتقلت إلى هنا أو هناك رأيت الأموال تنفق لخصائم وفي أمور لا قيمة لها، ونحن اليوم في أمس الحاجة لأن تنفق الأموال في مصالح الأمة، فهناك بعض المسلمين لا يعرف من الإسلام إلا اسمه، ولا من المصحف إلا رسمه، وذممهم بطونهم، إذًا فما هو العلاج؟ العلاج ـ أيها المؤمنون ـ كما أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم حيث بين لكم أنكم لن تزالوا منصورين على عدوكم ما دمتم متمسكين بسنته فاذا خرجتم عنها سلط الله عليكم من يبعث الخوف في قلوبكم، فلا ينزع الخوف من قلوبكم حتى تعودوا إلى سنته هذا هو الحق الذي نطق به نبي الحق، فلنكن نحن أمناء إذا أردنا أن ندعو الناس إلى الأمانة، ولنكن نحن صادقين أولا إذا أردنا أن ندعو الناس الى الصدق، عندما كان حكام الأمه صالحين وكانوا يخافون الله انتشر العدل بين الأمة فلا غش ولا نفاق ولا بطانة سوء ولا قلوب حاقدة، كانت القلوب خالصة صافية، كانت الأيدي نظيفة لم يكن هناك أزمات، لم يكن استغلال لدماء العباد، لم يكن هناك افتراء على الله، عندما كان حكام الأمة من أهل الصلاح والعدل عقمت أرحام الدولة الاسلامية أن تلد الفقراء والمساكين، لأن هناك عدالة، عدالة اجتماعية، هناك نزاهة قلبية إخلاص لله، حق وصبر، لا حياة للمنافقين ولا للأفاكين ولا للوصوليين ولا للنفعيين، بل هناك المخلصون الأوفياء، إذا أردنا أن نكون صادقين مع الناس فلنكن صادقين مع الله تبارك وتعالى، لنطبق أحكام الله فيما بيننا فربنا تبارك وتعالى يقول: تِلْكَ ٱلدَّارُ ٱلاْخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِى ٱلأرْضِ وَلاَ فَسَاداً وَٱلْعَـٰقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ [القصص: 83].

سلفنا الصالح تمسكوا بدينهم وعقديتهم، ونبتوا على ذلك، فساروا الى جنات النعيم، ودانت لهم الدنيا بأسرها، ونحن سرنا الى الدنيا فانفتحت لنا أبوابها، وتركنا أحكام الله، وتركنا كتاب الله، وتركنا سنة رسول الله، فحلت بنا الأزمات.

تذكروا جيدا ـ أيها المؤمنون ـ أن طريق الصلاح هو الرجوع الى الله تبارك وتعالى، لماذا نسينا الله في هذه الأيام ومددنا أيدينا للشرق فخاننا الشرق، فذهبنا إلى الغرب  وإلى أمريكا فلم تنفعنا أمريكا، أتعرفون لماذا أيها المؤمنون؟ لأنهم أعداء لله، والله سبحانه وتعالى يقول: فَأيْنَ تَذْهَبُونَ [التكوير: 26] عودوا إلى الله تبارك وتعالى يا حكام الأمة، واسمعوا قول الله تبارك وتعالى: يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوّى وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِٱلْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُواْ بِمَا جَاءكُمْ مّنَ ٱلْحَقّ [الممتحنة: 1] إذاً أين نذهب يا الله، يقول الله تبارك وتعالى: فَفِرُّواْ إِلَى ٱللَّهِ [الذاريات: 50]، لقد جربنا الشرق والغرب فلم ينفعنا الشرق ولا الغرب، ونحن نقول من هنا: اتجهوا إلى الله تبارك وتعالى فهو رب المغرب والمشرق لا إله إلا هو اتخذوه وكيلا هو الله تبارك وتعالى رب المشرقين ورب المغربين، فَلاَ أُقْسِمُ بِرَبّ ٱلْمَشَـٰرِقِ وَٱلْمَغَـٰرِبِ إِنَّا لَقَـٰدِرُونَ [المعارج: 40]، إن الذين فتحوا المشارق والمغارب من سلفنا الصالح جعلوا من البحرين الأبيض والأحمر بحيرتين صغيرتين تجريان في أرض الإسلام، عندما طبقوا شريعة الله تبارك وتعالى عندما طبقوا شريعة من لا يغفل ولا ينام، أهل الصلاح من أبناء هذه الأمة لم يعرفوا الأنانية ولم يعرفوا الحقد ولا الحسد، ولم يكونوا من طراز قوم أفسدوا العباد والبلاد، ولم يكونوا دجالين ولا مهرجين، لم يكونوا معاول هدم إنما كانوا عوامل بناء، خافوا الله عز وجل وحده فخوف الله منهم جميع خلقه.

أيها المؤمنون، ما أجمل الحياة وما أعظمها إذا كانت عقيدة وإيمانًا وقيمًا وأخلاقًا ومبادئ، وما أتعس الحياة إذا كانت أنانية وحقدًا ومادة وبغضاء وشحناء ولهوا وعبثًا، ومن هنا تعالوا بنا ـ أيها المؤمنون ـ لنعيش وإياكم مع صحابي من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، إنه عبد الله بن حذافة السهمي رضي الله عنه، وكان الوقت في زمن الخليفة الراشد العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكان في ذلك الوقت حاكم الروم هرقل، وبين الحاكمين فرق بين الأرض والسماء؛ عمر موحد وهرقل مثلث، عمر عادل وعدالته سبقت الأفق وملأت الأرض مشرقا ومغربا، وهرقل ظالم وملأ طباق الأرض ظلمًا وجبروتًا وإرهابًا.

الصحابي الجليل عبد الله بن حذافة كان على رأس كتيبة تقاتل في سبيل الله، ووقع عبد الله أسيرًا مع بعض أفراد كتيبته، وأمر هرقل أن يؤتى به مقيدا بسلاسله، أنظروا ـ يا عباد الله ـ لهذا المشهد لتأخذوا منه العبرة في كيفية الثبات على المبدأ.

قال هرقل: يا عبد الله تنصر وأعطيك نصف ملكي، فماذا قال له الصحابي الجليل المقيد بالسلاسل والأصفاد وهو سليب الحرية أمام ذئب من ذئاب البشر الضارية؟ قال عبد الله بلسان يقين ومنطق الحق المبين: (والذي بعث محمدًا بالحق لو عرضت علي الدنيا كلها ما تركت دين محمد وعندئذ أصدر الظالم هرقل أمره إلى زبانيته أن يأخذوا عبد الله ويصلبوه ويضربوا بالسهام أطراف يديه وقدميه حتى يشعر بالعذاب ولا يموت، وعلى نفس المنهج صبر وتحمل، وكلمة التوحيد غالية مهما بلغت التضحية.

إنه الإيمان، لا نفاق ولا اهتزاز، لا رجعة ولا مساومة، لا أنصاف حلول، لا دنيا ولا ملك، إنما هو الله تبارك وتعالى، إنها المباديء  إنها العقيدة ، إنه الإيمان بالله وحده. ثم أمر هرقل أن يؤتى بقدر كبير ليرفع على النار وفيه الماء، وغلى الماء حتى احمر، وقال له: يا عبد الله تنصر وإلا ألقيتك في هذا الماء الذي يذيب العظام ويصهر اللحوم، فقال له عبد الله: (لا أتنصر مهما عذبتني، إنما تعذب جسدا فانيا، فيأكله الدود غدا أما هذه الروح فلن يصل إليها إلا صاحبها، وهو الله تبارك وتعالى) يا هرقل عذب ما تشاء، إنما تعذب بدنا غدا سيأكله الدود، أما هذه النفس فلا يملكها إلا الله، فقال له: تقدم لتلقي بنفسك في هذا الماء الذي يغلي، وتقدم عبد الله بخطى ثابته كأنها الجبال الرواسي تقدم وهو يحمل كلمة التوحيد، كلمة لا إله إلا الله، ولديه اليقين كل اليقين أن الله تبارك وتعالى سيقول للنار: كوني بردا وسلاما على عبد الله، فقال هرقل: أرجعوه فهو يريد الكلام، ماذا تريد أن تقول يا عبد الله؟ فقال رضي الله عنه: (أتمنى أن تكون لي مئة نفس أضحي بها في سبيل الله) إنهم رجال لم يربوا هنا وهناك، إنما تربوا في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه فيه رجال يحبون أن يتطهروا، المساجد لله فلا تدعوا ـ أيها المؤمنون ـ مع الله أحدًا، إنهم رجال، فإذا سألت ما رتبة عبد الله بن حذافة؟ هل كان عريفا أم رقيبا أم ملازما أم نقيبا أم فريقا أم مشيرا أم ملكا؟ كانت كتفاه خاليتين من النياشين، وكان لا يحمل على صدره إشارة إنما كان يحمل في قلبه كلمة لا إله إلا الله، كان عريفا في الحق، وكان رقيبا في الخلق وكان ملازما للمساجد وكان نقيبا على كتيبة الحق، وكان رائدا في الإسلام، وكان مقدما لروحه في سبيل الله، وكان عقيدا على الإيمان، وكان عميدًا على قول لا إله إلا الله، وكان لواءًا في التوحيد وكان فريقا في الجنة، وكان مشيرا في الإصلاح، وكان ملكا على نفسه، حتى لا تعصي الله رب العالمين. عباد الله، هكذا كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ورد في الحديث الشريف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يناجي الله ليلا فيقول: ((اللهم أنت الحق، وقولك الحق، ووعدك الحق، ولقاؤك حق، والساعة حق، والجنة حق، والنار حق، اللهم لك أسلمت، وعليك توكلت، وإليك أنبت ولك حاكمت، وبك خاصمت، فاغفر لي ما قدمت وما أخرت وأسررت وما أعلنت، ولا إله إلا أنت))[3].

عباد الله، توجهوا إلى الله تبارك وتعالى، وادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، استغفروه إنه هو الغفور الرحيم.


 


[1] أخرجه مسلم في الإيمان، باب: الحث على المبادرة بالأعمال قبل تظاهر الفتن (118) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

[2] أخرجه البخاري في العلم (121)، ومسلم في الإيمان (65) من حديث جرير رضي الله عنه.

[3]  أخرجه البخاري في الجمعة (1120)، ومسلم في صلاة المسافرين (769) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

 

 

الخطبة الثانية

الحمد لله الذي أحيا بذكره قلوب أوليائه فقال جل جلاله: ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ ٱللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ ٱللَّهِ تَطْمَئِنُّ ٱلْقُلُوبُ [الرعد: 28] أحمده سبحانه على عوائده الجميلة وفوائده الجليلة، وأشهد أن إله إلا الله وحده لا شريك له المتصف بصفات الكمال، ذو الجلال والإكرام، المتنزه عن جميع النقائص، الملك المنان، ذو المواهب العظام، ونشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله المجتبى المختار من جميع الأنام، المبعوث إلى الخلق كافة، والهادي من ظلام الكفر إلى نور الإسلام ودار السلام، صلى الله عليه وسلم وعلى إله الغر الميامين وأصحابه النجباء الكرام.

أما بعد: أيها المسلمون إن الثبات على المبدأ والثبات على العقيدة هو أساس الإيمان وكلمة الحق، الكلمة الواعية الصادقة، فافتحوا آذانكم وقلوبكم وعقولكم لهذه الكلمة، إن أمتنا الإسلامية بعقيدتها ووجودها وكرامتها في مشارق الأرض ومغاربها مهددة أكثر من أي وقت مضى، فالهجمة الإستعمارية الشرسة على أمتنا اليوم أسوأ بكثير من الهجمات السابقة؛ لأن تلك الهجمات كانت تنحصر  في إقليم من الأقاليم أما اليوم فالحملة الصليبية الصهيونية تستهدف المسلمين في كل مكان، وذلك أن الصحوة الإسلامية قد أقلقت أعداء الإسلام، وأن إقبال أبناء الديانات الأخرى على إعتناق الإسلام قد أخذ يزداد يوما بعد يوم والحمد لله.

فلم يرق لأعداء الإسلام النور الرباني الذي يضيء الآفاق ويستظل به المسلمون، لقد نجح المستعمرون في القرن الماضي في تمزيق الدولة الإسلامية، وأضحت دولة الخلافة دويلات صغيرة، يحكمها حكام طغاة وغاب حكم الإسلام عن المسلمين، وتحول الولاء من الإسلام إلى أعداء الإسلام.

واليوم في غمرة التشرذم والذل والهوان أصبح شعار حكام المسلمين هو الولاء لأمريكا بعد أن تغيب الإسلام السياسي الفاعل والموجه عن حياة المسلمين العامة واقتصر على أداء الشعائر.

أيها المسلمون، لقد سمعتم عن مؤتمرات ما أسموه حوار الأديان ووحدة الأديان، فما المؤتمرات إلا  محاولات مكشوفة لتقزيم الإسلام والقفز عن الإسلام كمنهج حياة ودستور حياة أبدي أزلي، فالله سبحانه وتعالى يقول: إِنَّ الدّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلإِسْلَـٰمُ [آل عمران: 19]، ويقول كذلك: وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ ٱلإسْلَـٰمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِى ٱلآخِرَةِ مِنَ ٱلْخَـٰسِرِينَ [آل عمران: 85] وما الإنسياق وراء الأهداف الإستعمارية والتي تندرج في إطار ثقافة العلمنة والمسيمات المتعددة التي ما أنزل الله بها من سلطان إلا فسق وضلال، والذين يدلون بدلوهم في مستنقع الشبهات ما هم إلا أبواق جوفاء تنعق في الخراب والدمار والفساد، ألم يسمعوا قول الله تبارك وتعالى: قُل لاَّ يَسْتَوِى ٱلْخَبِيثُ وَٱلطَّيّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ ٱلْخَبِيثِ [المائدة: 100] فاتقوا الله يا أولي الألباب لعلكم تفلحون، كفاكم يا من تنتسبون إلى الإسلام هراءًا، كفاكم خداعا وزيفا وتضليلا، ونحن يكفينا فخرًا أن الله سبحانه وتعالى قد تكفل بحفظ الإسلام فقال سبحانه: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا ٱلذّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَـٰفِظُونَ [الحجر: 9].

أيها المسلمون، إن الأحداث التي تشهدها الساحة الفلسطينية اليوم تقع ضمن مسلسل التآمر على شعبنا المسلم في أرض فلسطين الصامدة، يأتي تزويدًا للصمت العربي المطبق، المتتبع للسياسة الإسرائيلية يرى أنها تسير في ثلاثة إتجاهات لتحقيق هدف واحد وهو بقاء إسرائيل، على حساب الأرض والإنسان الفلسطيني.

الإتجاه الأول: هو المحور التأبيدي، إن إسرائيل بتصفية العديد من كوادر شعبنا المسلم واعتقال الآلاف وعلاوة على الحصار الخانق وسياسة التجويع والقهر تهدف إلى إطفاء شرعية وتكريس الإحتلال لإيجاد مواطئ قدم لها في رحاب المسجد الأقصى المبارك، معتقدين أن محاربة شعبنا المسلم قد يعطيها مرونة الحركة وسهولة تحقيق أطماعها التوسعية بإقامة الهيكل المزعوم أو تقسيم الأقصى لا سمح الله.

ولكن الأمة الإسلامية ورغم تكبيل أيدي شعوبها لن تستكين ولن تقبل بذلك أبدا مهما كلف الثمن، فكل ذرة تراب في أرضنا تستحق التضحية من أجلها وفي سبيل إعلاء كلمة الله.

أما الإتجاه الثاني: فهو المحور السياسي، فإن إسرائيل لن تقبل بإقامة دولة فلسطينية ولو كانت منزوعة السلاح أو حتى مقطعة الأوصال؛ لأن إسرائيل ترى أن البعد الإستراتيجي لأي دولة فلسطينية هو تهديد لها، فهي تعمل جاهدة لإلغاء أية إتفاقات قد تؤدي إلى قيام دولة فلسطينية، وذلك لأنها تنظر احتمالات المستقبل البعيد وليس لآنية الحدث، وهذا يؤكد حتمية كنا قد أكدناها سابقا وهي حتمية أن فلسطين هي أرض إسلامية لا تقبل التجزئة أو التقسيم وأن كل الإتفاقات المبرمة تخالف أحكام الإسلام ولا نرضى بها أبدا.

أما الإتجاه الثالث: فهو المحور التفاوضي، فأنتم تسمعون إسرائيل قد طلبت من أمريكا إعتبار المنظمات الفلسطينية منظمات إرهابية، ومجتمعنا الفلسطيني متكامل مترابط، فمجتمعنا أصبح إرهابيًا من وجهة نظر أمريكا وإسرائيل، فهي تعمل جاهدة لتجد من يوقع معها معاهدة إستسلام، ويقدم لها المزيد من التنازلات، وهي تسعى لخلق روابط قرى، وتعود لدفاترها القديمة التي عفى عليها الزمن.

أيها المؤمنون، بوحدتنا الإيمانية الصادقة وصمودنا وصبرنا على الشدائد نستطيع أن ننتصر على أعدائنا وأن ندحر الباطل.