7/6/2002

رسالة إلى علماء وحكام المسلمين/الشيخ يوسف أبو سنينة

ملخص الخطبة
1- غفلة سادرة وقلوب قاسية. 2- أمة الإسلام ومرض الغثائية. 3- تخلي كثير من علماء المسلمين عن دورهم في التوجيه والنصح والإنكار للمنكر. 4- درس البذل والتضحية في قصة سحرة فرعون. 5- عمر بن عبد العزيز أنموذج يحتذى للحاكم المسلم. 6- ثبات السلطان عبد الحميد في مواجهة أطماع اليهود في فلسطين. 7- بُعد حكامنا اليوم عن دينهم ومآسي شعوبهم. 8- حديث حذيفة عن الفتن والأعداء المنافقين. 9- صور من المؤامرة على شعب فلسطين.

نص الخطبة
الخطبة الأولى


أما بعد:
اتقوا الله يا عباد الله وتأدبوا بآداب القران وتخلقوا بأخلاق المصطفى عليه الصلاة والسلام، واعلموا أيها المسلمون أنكم مسؤولون عما استرعاكم ربكم وكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، وتذكروا بأنه لا عز ولا كرامة إلا بتقوى الله، وأن الخسارة والهلاك لمن خالف أمره وعصاه.
فقد تراكمت علينا الذنوب وعميت البصائر وعمت الغفلة، فقست القلوب وفسدت النفوس، فنحن في اللذات هائمون، وإلى الشهوات متسابقون، وفي التكاثر منهمكون، وعن طاعة الله غافلون، وصدق الله تبارك وتعالى وهو يقول: ٱقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَـٰبُهُمْ وَهُمْ فِى غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ مَا يَأْتِيهِمْ مّن ذِكْرٍ مّن رَّبّهِمْ مُّحْدَثٍ إِلاَّ ٱسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ [الأنبياء:1، 2].
أيها المؤمنون، تعلموا من إمامنا الشافعي رضي الله عنه الذي ملأ الأرض علماً وفقهاً ومعرفة، دخل عليه تلميذه الإمام المزني رحمه الله في اليوم الذي مات فيه فقال له كيف أصبحت يا أبا عبد الله؟ فرفع رأسه وقال: أصبحت من الدنيا راحلاً، ولكأس المنية شارباً، ولسوء أفعالي ملاقياً، وعلى الله وارداً، فلا أدري روحي إلى الجنة تصير فأهنيها أو إلى النار تصير فأعزيها، ثم بكى فأنشد يقول:
ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي جعلت الرجا مني لعفوك سلما

تعاظم ذنبي فلما قرنته بعفـوك ربي كـان عفـوك أعظمـا

فلولاك لم يغو إبليـس عابـدا وكيف وقد أغوى صبيك آدما
فاتقوا الله يا عباد الله، واعلموا أنكم ستقفون بين يدي الله وسوف تحاسبون على أعمالكم، فالكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني.
أيها المؤمنون، لقد أصبحت الشعوب الإسلامية غثاء كغثاء السيل تضخمت كمّاً وتضاءلت كيفاً، لا إرادة لها لأن كل إرادتها بأيدي ولاتها ورعاتها الذين لم يرفعوا راية القران ولم يحكموا بشريعة الإسلام،
وتذكروا أن رسولنا صلى الله عليه وسلم قد ربًّى رجالاً وفرساناً قهروا الفرس والرومان وفتحوا الأمصار والأقطار لنشر دعوة الإسلام وحرروا البلاد والعباد ونبينا صلى الله عليه وسلم، تخرج من مدرسته علماءً ملؤوا الدنيا معرفة وعلماً، وطبقوا الإسلام قولاً وعملاً، كانوا أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله لا يخافون لومة لائم، تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً، سيماهم في وجوههم من أثر السجود.
واستمرت أمة الإسلام على هذا المنوال امتثالاً لقوله تبارك وتعالى: كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ [آل عمران:110]، إلى أن تولى أمور المؤمنين من أعطوا ظهورهم للإسلام وورثوا عن الفرس والروم أْبهة الأنس ومظاهر السلطة واسترقاق الشعوب وتحويلها إلى أشباح آدمية تهتف وتصفق وترقص, هؤلاء جميعاً لم يكن يعنيهم أن يقام للإسلام دولة مادام سلطانهم قائماً، وما دامت عجلة الترف تدوم ولا تتوقف، وما دامت الدساتير التي صاغتها الأهواء لحسابهم تجيز لهم أن يحكموا وأن يملكوا معاً دون أن يسألوا من أحد.
عباد الله، لماذا تخلى علماء الإسلام عن إقامة دولة الإسلام؟ ألأَنهم ساروا في ركاب حكامهم رغباً ورهباً؟ أم لأنهم يخافون بطشهم وظلمهم؟ إذا كان هذا الجواب فيجب عليهم أن يخرجوا من ساحة وراثة النبوة, ألم يتوعد ويتهدد فرعون السحرة بقوله: فَلاقَطّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مّنْ خِلاَفٍ وَلاصَلّبَنَّكُمْ فِى جُذُوعِ ٱلنَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَىٰ [طه:71].
هل تراجع السحرة عن إيمانهم؟ وسجودهم لله عز وجل؟ ألم يضعوا منهجاً واضحاً لدعاة الحق بقولهم: قَالُواْ لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَاءنَا مِنَ ٱلْبَيّنَـٰتِ وَٱلَّذِى فَطَرَنَا فَٱقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِى هَـٰذِهِ ٱلْحَيَوٰةَ ٱلدُّنْيَا إِنَّا امَنَّا بِرَبّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَـٰيَـٰنَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ ٱلسّحْرِ وَٱللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ [طه:72، 73].
هؤلاء السحرة كانوا في أول النهار كفرة، وفي آخره أصبحوا شهداء بررة سبحان الله! أهكذا الإيمان يفعل بالإنسان؟ إن الإيمان إذا دخل قلب المؤمن يستسلم لأمر الله تبارك وتعالى ولا يرى في الوجود سواه، إن السحرة آمنوا بالله وصدَقوا القصد مع الله وطلبوا المعونة من الله، هؤلاء السحرة وبعدما كانوا يقسمون بعزة فرعون صاروا يحلفون بالله.
فيا علماء الإسلام اتقوا الله تبارك وتعالى واتركوا شهوات الدنيا فهي فانية، عندها تنالوا السعادة في الدنيا والآخرة، لو أن فرعون وجد من يقدم له النصيحة ما قال للناس: يٰأَيُّهَا ٱلْملاَ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرِى [القصص:38].
وهنا سنتوقف سريعاً عند الخليفة المسلم والعالم الرباني أمير المؤمنين الحاكم العادل عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه لما ولي الخلافة قام على المنبر فقال: (أيها الناس إن كرهتموني لم أقم عليكم) فقالوا جميعاً: رضينا, رضينا, عمر الذي لم يبق محتاج يسأل في زمانه, في عصره كان كل الناس أغنياء، كان له مستشار خاص يسمى عمرو بن مهاجر, أتدرون أيها المؤمنون ما وظيفة هذا المستشار؟ قال له عمر: كن دائماً بجواري فإن رأيتني ضللت الطريق فخذ بتلابيب ثوبي وهزني بعنف وقل لي: اتق الله يا عمر فإنك ستموت غداً، ما هذا يا عباد الله؟
إنه تقوى الله تبارك وتعالى، إنه الخوف من الله، لم يتحكم في رقاب الرعية، لم يظلم أحداً من الناس، لم يكن همه في ليله ونهاره إلا مصلحة المسلمين وخدمتهم، أين أصحاب المسؤولية في أيامنا هذه؟ حتى يتعرفوا على برنامج عمر اليومي؟ ألم يقرؤوا قول الباري تبارك وتعالى: وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ؟ [الصافات:24]، ألم يقرؤوا قول الله عز وجل: يٰدَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَـٰكَ خَلِيفَةً فِى ٱلأرْضِ فَٱحْكُمْ بَيْنَ ٱلنَّاسِ بِٱلْحَقّ وَلاَ تَتَّبِعِ ٱلْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدُ بِمَا نَسُواْ يَوْمَ ٱلْحِسَابِ [ص:26].
ألم يأن لأمة الإسلام أن تنهض من كبوتها؟ ألم يحن للشعوب الإسلامية أن تنفض عن كاهلها مظاهر الفرقة والتبعية وتعمل بجد واجتهاد لتعيد للأمة مكانتها وهيبتها وعزتها وكرماتها؟
انظروا ـ أيها المؤمنون ـ إلى واقع أمتنا المرير فسوف تذرفون دموعكم دماً وأسى وحسرة على الماضي العريق, انظروا إلى مآسي أمتنا اليوم لتدركوا الفرق الكبير بين النور الساطع وبين الحاضر المظلم.
للأسف إننا أصبحنا اليوم كاليتامى على موائد الآلام نستجدي الحلول من أعداء الإسلام، لماذا كانت الكلمة لنا في الزمان الماضي وأصبحت لأعدائنا؟ لنبدأ من هنا من أرض فلسطين أرض الرباط والجهاد التي ضاعت واغتصبت وشرد أهلها عنوة، تآمرت قوى الشر والبغي والطغيان الحاقدة على الإسلام والمسلمين فقد حاولوا بشتى الوسائل إيجاد موطئ قدم لهم في أرض فلسطين إبان حكم الخلافة الإسلامية.
واستمعوا أيها المؤمنون للتعبير الذي وجهه سلطانكم وخليفتكم عبد الحميد الثاني إلى زعيمهم رافضاً بكل العزة والشهامة والكرامة بيع أراض من فلسطين لهم، قال السلطان رحمه الله: "إن البلاد الإسلامية ليست لي وإنما للأمة الإسلامية، وإن بيت المقدس قد افتتحه المسلمون أول مرة في خلافة أمير المؤمنين عمر، ولست مستعداً لأن أتحمل بالإسلام وصمة بيع الأرض المقدسة لليهود وخيانة الأمانة التي كلفني بها المسلمون. ليحتفظ اليهود بأموالهم، فالدولة العَلِّية لا يمكن أن تحتمي وراء حصون بنيت بأموال أعداء الإسلام، وإذا مزقت دولة الخلافة يوماً فإنهم يستطيعون آنذاك أن يأخذوا فلسطين بلا ثمن.
رحمك الله يا سلطان المسلمين، فقد شربت من منابع الإسلام الأصيلة، كنت تصلي بالناس إماماً وتخطب الجمعة وكنت تحافظ على قراءة القرآن وتقرأ أورادك وتسبح بحمد ربك، فعليك رضوان الله تبارك وتعالى، وأسكنك الله فسيح جناته.
أين حكام اليوم ليتعلموا منك كيف تعامل أعداء الإسلام وكأنك على علم بهذه الأيام الحالكة التي نعيشها في ذكرى ضياع فلسطين، ها هو العدوان الصهيوني القديم الجديد المتواصل على أرضنا المباركة وضد شعبنا المسلم المرابط قوى الفساد والإفساد في الأرض ألغت من قاموس الشعوب كلمة النضال والجهاد، واستبدلتها بكلمة الإرهاب وقلبت الحق باطلاً، وساوت بين المجرم والضحية.
عباد الله، بادروا بالرجوع إلى الله بادروا بالصلح مع الله بادروا بالتوبة إلى الله.
كان نبي الله يوسف عليه السلام وخزائن الأرض تحت يده، كان يصوم يوماً ويفطر يوماً فقيل له: لِمَ تكثر من الصوم يا نبي الله وخزائن الأرض تحت يدك؟ قال عليه السلام: إني أخاف أن أشبع فأنسى الجائع.
وضع نفسه في التجربة ليشعر بألمها، وإذا رجعنا إلى الله، وإذا اصطلحنا مع الله تبارك وتعالى وصَغَتْ قلوبنا إلى الله فإن الله تبارك وتعالى يقول للأمر: كن فيكون ليس الله تبارك وتعالى بحاجة إلى مستشارين أو إلى خبراء فنيين.
الله تبارك وتعالى قادر على نصرتنا وتدبير شؤون حياتنا، فأخلصوا قلوبكم لله وافتحوا قلوبكم لذكر الله، واستعينوا بالله واصبروا، إن الأرض لله يورثها لمن يشاء من عباده والعاقبة للمتقين.
عباد الله، أخرج الإمام البخاري من صحيحه من حديث أنس رضي الله عنه قال: لأحدثنكم حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحدثكم أحد أنه سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدي، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويظهر الجهل ويشرب الخمر ويظهر الزنا ويقِلّ الرجال حتى يكون قيم خمسين امرأة رجل واحد)).
ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، فيا فوز المستغفرين استغفروا الله.
 

لخطبة الثانية

الحمد لله الذي تقدست أسماؤه وسمَت آلاؤه ومجدته رسله وأنبياؤه، ونشهد أن لا اله إلا الله، الواحد بلا عدد، الدائم بلا أمد، ونشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه.
أما بعد:
فيا عباد الله، إن الله سبحانه وتعالى قد اختار لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون، واعلموا أن المولى الكريم قد خص نبيه صلى الله عليه وسلم بالصلاة والتسليم، فقال سبحانه وتعالى ولم يزل قائلاً عليماً وآمراً حكيماً إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً [الأحزاب:56]، اللهم صل وسلم وأنعم على عبدك ورسولك النبي الأمي صاحب المقام المحمود والورد المورود، وارض الله عن صحابة نبيك أجمعين والتابع لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أيها المؤمنون، واستمعوا إلى الصادق المصدوق حين يقول كما ورد في صحيح الإمام البخاري من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أساله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟
قال: ((نعم, قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: نعم، وفيه دخن. قلت: وما دخنه يا رسول الله؟ قال: قوم يهدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر.
قلت: وهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم قذفوه فيها.
قلت: يا رسول الله صفهم لنا؟ قال: هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا ,قلت: فماذا تأمرني أن أدركني ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم. قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: فاعتزل تلك الفرقة كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك)).
انظروا أيها المؤمنون إلى هذا الحديث النبوي الشريف، وهو من أعلام النبوة كيف أشار فيه النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن هؤلاء من قومنا ومن أهل لساننا وملتنا وأنهم من أمة العرب.
ويتضح ذلك من الحديث فتجد من يتسلط على المسلمين لإسلامهم وإيمانهم في القتل والتعذيب والتشريد أو في من يطعن جاهداً في الإسلام وتعاليمه السامية ومزاياه الحميدة.
أيها المسلمون المرابطون، ومرة ثانية تأكد الأحداث الجارية التي مازالت تشتعل في أرضنا المباركة التي مازالت تحتضن كواكب الشهداء الذين يتسابقون لنيل الشهادة على ثراها الطهور، تؤكد مدى الانحياز الأمريكي السافر والمعلن لصالح أعداء الأمة، وبالمقابل علينا وعلى الفلسطينيين أن يروا مدنهم وقراهم تدمر ويخطف الأبناء، إن على الفلسطينيين أن يروا بأعينهم قطعان المستوطنين يحرقون المزروعات ويقتلعون الأشجار يعيثون في الأرض تحت حماية جيش الاحتلال، على الفلسطينيين أن يروا هدم منازلهم بأعينهم وتحت مرأى ومسمع العالم، والنساء يصرخن ويستنجدن ولا مغيث، أليس أيها المؤمنون تشريد الناس من منازلهم وبيوتهم والقيام بهدمها هو الإرهاب بعينه؟
فماذا ينتظرون من أناس أخرجوا من ديارهم بغير حق، وبعد خمسين سنة يعودون ويهدمون ديارهم مرة تلو الأخرى فأي إنسان على وجه الأرض يقبل ذلك!؟ ولكنها سياسة الغاب سياسة المجرمين الذين لم يعرفوا للإنسانية معنى، إنها سياسة الإذلال والقمع والإبادة والقمع المبرمجة.
عباد الله، هذا هو واقعنا المؤلم فكيف لنا أن نخرج منه؟ أي حياة آمنة طيبة. كيف يكون ذلك؟ والجواب واضح وظاهر، يكون ذلك بالعودة إلى الله تبارك وتعالى وحده، وليس إلى أعداء الأمة، ليس إلى الشرق والغرب، وليس إلى أمريكا وغيرها، إنما بالعودة إلى الله وحده فقط وتطبيق منهج الإسلام والتوجه إلى منهج الله تبارك وتعالى والخشية والخوف من الله.
أيها المسلم، فإن قلبك قد تراكمت عليه أحزان الزمان وألمّ بجوانبه قهر المتسلطين وشماتة الأعداء، وعندما تشعر أنك لا تستطيع أن تفعل شيئاً توجه إلى الله تبارك وتعالى وارفع يديك إليه بتذلل وخوف وخشوع وخضوع وارفع يديك إلى رافع السماء بغير عمد وقل كما قال أنبياء الله ورسل الله: رب إني مغلوب فانصرني، ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم وارحمنا برحمتك من القوم الكافرين