بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

مرحبا بكم مع الشيخ خالدالمغربي - المسجد الأقصى

002

البقرة

آية رقم 263

قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ

صدق الله العظيم

 

القول المعروف والصدقة
 

اكتشف باحثون أن الكلمة الطيبة تؤثر على دماغ الإنسان وتحدث نفس الأثر الذي تحدثه المكافأة المالية التي يحصل عليها الإنسان بعد بذله لمجهود ما. وربما نتذكر قول الحق تبارك وتعالى عندما أكد لنا أهمية الكلمة الطيبة والقول المعروف وأنه خير من إنسان يعطي المال لفقير ثم يؤذيه بالكلام فيشعره بفقره وحاجته، يقول تعالى: (قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ) [البقرة: 263].

وقد جاء على موقع بي بي سي ما نصه: قال علماء يابانيون إن الإطراء على الناس له نفس الأثر الذي يحدثه المال من حيث تنشيط مركز المكافأة في المخ. وقد جاء ذلك في دراسة أعدها المعهد الوطني الياباني لعلوم وظائف الأعضاء. وقالت الدراسة إن هذه النتيجة تعزز افتراضاً يقول إن الناس يحصلون على زخم نفسي عندما تكون سمعتهم طيبة.

وقال الدكتور نوريهيرو ساداتو من المعهد الوطني الياباني لعلوم وظائف الأعضاء "إن الدراسة تشير إلى أن السمعة الطيبة تولد نفس الشعور الذي يتولد لدى المرء عند حصوله على مكافأة مالية".

وقام هذا الفريق باستخدام آلية لتصوير المخ تعرف باسم التصوير الوظيفي بالرنين المغناطيسي. ورصد الباحثون نشاط المخ حيث وجد أن الإطراء من الغرباء له نفس الأثر الذي يحدثه المال من حيث تنشيط مركز المكافأة في المخ حيث يشبع المديح عند الإنسان "الحاجة إلى الانتماء". وقال ساداتو إن نتيجة الدراسة تعد خطوة أولى نحو تفسير السلوكيات الاجتماعية البشرية المعقدة مثل إيثار الغير.

هناك منطقة في الدماغ يسميها العلماء دائرة المكافأة، وقد لاحظوا أن الإنسان عندما يحصل على مكافأة مالية تنشط لديه هذه المنطقة بشكل كبير (النقطة البيضاء في الصورة)، وقد لاحظوا في تجاربهم الأخيرة أن الكلمة الطيبة تنشط هذه المنطقة، ومن هنا ندرك لماذا اعتبر النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم الكلمة الطيبة صدقة نتصدق بها على غيرنا، وهي صدقة لا تكلف شيئاً!

التصوير الوظيفي بالرنين المغنطيسي هو تقنية جديدة ورائعة، وحبذا لو استغل علماء المسلمين هذه التقنية في إجراء أبحاث علمية جديدة، فلدينا في القرآن والسنة الكثير من الأفكار مثل تأثير الزكاة وتأثير الصلاة والصيام وحسن الخلق وغير ذلك على أداء الدماغ. وهذا الجهاز ويرمز له اختصاراً fMRI يقيس درجة نشاط المخ من خلال تدفق الدم فيه، وكما نعلم يحوي الدم نسبة من الأكسجين، وبالتالي هذه الذرات من الأكسجين لديها نشاط كهربائي يستطيع جهاز fMRI التقاط وقياس هذا النشاط، وبالتالي معرفة المنطقة النشطة في المخ أثناء القيام بعمل ما.

وقد تبين بنتيجة سلسلة من التجارب أجريت في مختبرات جامعة ستانفورد أن في دماغ كل منا منطقة تنشط عندما يتلقى الإنسان جائزة أو مكافأة أو مبلغاً غير متوقع من المال، ووجدوا أن النساء أكثر تأثراً بالكلمة الطيبة، وأكثر تفاعلاً معها، ومن هنا ربما ندرك لماذا أوصى النبي الأعظم الرجال بالنساء وليس العكس، قال نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم: (استوصوا بالنساء خيراً)!

ولذلك نجد أن الإسلام يهتم جداً بالكلمة الطيبة، حتى إن الله تعالى شبَّه الكلمة الطيبة بشجرة عظيمة تعطي الثمار كل سنة، أما الكلمة الخبيثة فهي كشجرة خبيثة ليس فيها ثمار ولا فائدة منها، بل إن أضرارها كثيرة فهي غير مستقرة ويمكن أن تقع على الأرض وتؤذي من يقف تحتها، يقول تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ) [إبراهيم: 24-26].

بقلم عبد الدائم الكحيل

www.kaheel7.com

- مقالة بعنوان: الإطراء والمال لهما نفس التأثير على المخ، على موقع بي بي سي، 25/4/2008.

http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/sci_tech/newsid_7366000/7366265.stm

- مجموعة من الأبحاث حول منطقة المكافأة في الدماغ على موقع جامعة ستانفورد: http://www.stanford.edu

 

 

الاستشفاء بالصدقة
 

بقلم الدكتور صالح بن أحمد بن رضا

أستاذ الحديث النبوي وعلومه

ومن الأمور التي أعتاد المسلم أن يفعلها إذا مرض، أو مرض أحد من أهله أن يتصدق على الفقراء والمساكين، وذلك تقرباً إلى الله ـ عز وجل ـ ورغبة بما عند الله تعالى، فإن الإنسان إذا تصدق لوجه الله تعالى، فإن الله سبحانه يجيب دعوته، ويزيل ما به من البلاء.

فعن أبي أمامة ـ رضي الله عنه ـ قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وصدقة السر تطفئ غضب الرب وصلة الرحم تزيد من العمر)( رواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن).

وعن رافع بن مكيث ـ بوزن عظيم ـ رضي الله عنه ـ كان ممكن شهد الحديبية ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

(حسن الملكة نماء، وسوء الخلق شؤم، والبر زيادة في العمر، والصدقة تطفيء الخطيئة، وتقي ميتة السوء)(كتاب الترغيب والترهيب).

وعن عمرو بن عوف ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(إن صدقة المسلم تزيد في العمر، وتمنع ميتة سوء، ويذهب الله بها الكبر والفخر)(الترغيب والترهيب).

وعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(إن الصدقة لتطفيء غضب الرب، وتدفع ميتة السوء)(السلسلة الصحيحة المختصرة للألباني).

وفي حديث معاذ ـ رضي الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

(الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار)(مشكاة المصابيح للألباني).

فهذه الأحاديث الكريمة وغيرها تبين أن الصدقة تبعد عن الإنسان غضب الله تعالى، فإذا زال الغضب حلت رحمة الله تعالى بالعبد، وإذا كانت الصدقة تطفئ الخطيئة، وتزيلها من صحيفة العبد، فلا يبقى الإ طاعته وعبادته، فيرحمه الله تعالى، ويزيل عنه برحمته وكرمة وفضله ما حل بالإنسان من مرض، أو بلاء، أو مشقة، فالصدقة باب لذلك وسبب له.

وقد ذكر الإمام المنذري في كتاب الترغيب والترهيب. هاتين الحكايتين:

ـ قال: ( عن علي بن الحسن بن شقيق قال: سمعت ابن المبارك، وسأله رجل: يا أبا عبد الرحمن. قرحةٌ خرجت في ركبتي منذ سبع سنين، وقد عالجت بأنوع العلاج، وسألت الأطباء، فلم انتفع به.

قال: اذهب، فانظر موضعاً يحتاج الناس الماء، فأحفر هناك بئراً، فإني أرجو أن تنبع هناك عين، ويمسك عنك الدم، ففعل الرجل، فبرأ)(رواه البيهقي).

وقال البيهقي: وفي هذا المعنى حكاية شيخنا الحاكم أبي عبد الله ـ رحمه الله:

فإنه قُرح وجهه، وعالجه بأنواع المعالجة، فلم يذهب، وبقي فيه قريباً من سنة، فسأل الأستاذ الإمام أبا عثمان الصابوني أن يدعوّ له في مجلسه يوم الجمعة، فدعا له، وأكثر الناس التأمين، فلما كان يوم الجمعة الأخرى ألقت امرأة في المجلس رقعة بأنها عادت إلى بيتها، واجتهدت في الدعاء للحاكم أبي عبد الله تلك الليلة، فرأت في منامها رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه يقول لها: قولي لأبي عبد الله يوسع الماء على المسلمين، فجئت بالرقعة إلى الحاكم، فأمر بسقاية بنيت على باب داره، وحين فرغوا من بنائها، أمر بصب الماء فيها، وطرح الجَمد ـ أي الثلج ـ في الماء، وأخذ الناس في الشرب فما مر عليه أسبوع حتى ظهر الشفاء، وزالت تلك القروح، وعاد وجهه إلى أحسن ما كان عليه وعاش بعد ذلك سنيناً) [الترغيب والترهيب 2/ 74ـ 75].

فعند ما جعل هذان الماء صدقة لوجه الله تعالى بُرِئا مما فيها من القروح رغم عجز الأطباء في زمنهما عن معالجتهما، وأظن ليس منا أحد إلا ويعلم أن رجلاً أو رجالاً شفاهم الله تعالى مما هم فيه من الأمراض والأسقام بسبب صدقة تقدم للفقراء والمساكين، فهذا سبيل من سبل الشفاء على المسلم أن يسلكه إذا نابه شيء من البلاء عافانا الله وإياكم.

فرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو من بعثه الله تعالى رحمة للعالمين يدلنا على سبل الشفاء، وطريقه المتنوعة، فأحياناً يكون بالقرآن الكريم، وتلاوته، وأخرى يكون بدعاء وارد من سنته، وأخرى بالصدقة، وكل ذلك حق وواقع لا مرية فيه، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

المصدر:

كتاب الإعجاز العلمي في السنة النبوية
 

 

 

مواضيع ذات علاقة

اسم الموضوع

هجري

تاريخ الموضوع

الإعجاز الطبي والدوائي في القرآن الكريم

12 شعبان 1429

2008/08/13