بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

مرحبا بكم مع الشيخ خالدالمغربي - المسجد الأقصى

007

الاعراف

آية رقم 176

وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ

صدق الله العظيم

 

تركيب الجلد بينة علمية
 

The Skin Structure 

A Scientific Evidence

د. محمد دودح

الباحث العلمي بالهيئة العالمية

للإعجاز العلمي في القرآن والسنة

 (mdoudah@hotmail.com)

إن دلائل الوحي في القرآن الكريم متعددة الوجوه وتختص بحديثه الجامع الفريد السامي الأغراض الداعي لكل فضيلة والناهي عن كل رزيلة والمحكم البيان الموافق للحق في كل نبأ, وفي جملة من روائع المشاهد التصويرية يجسد القرآن حال المكابرين أمام الآيات الناطقة بالحق كاشفا ستر حقائق علمية حبلت بها الأيام أدخرت لذوي النظر الباحثين عن الحق.

 

والجلد هو أكبر عضو في الجسم, وإذا عاينا قطاعا مجهريا في الجلد سنجد أن أهم تكويناته هي: الغدد العرقية وتقوم بإفراز العرق ليلطف درجة الحرارة عند إرتفاعها, والنهايات العصبية وتقوم بنقل الأحاسيس إلى المخ, والعضلة الناصبة للشعرة وتتقلص في بعض الأحوال مثل البرد والخشية والوجل والهلع والفزع والمفاجآت, ولا يتوقع قبل اكتشاف المجهر في القرن السابع عشر أن يتضمن أي مصدر الحديث تصريحا أو تلميحا عن تلك التكوينات المجهرية, ولكن القرآن الكريم منذ القرن السابع الميلادي خلال مهمته الأولى في لفت الانتباه إلى مصير الإنسان والإنذار بيوم الحساب يعرض لها مبينا وظائفها في بساطة بلا تكلف وفي تلطف لا يلفت عن الغرض وعمق أغوار بعيدة لا تفوت المحققين عند اكتشاف الحقيقة, ويحافظ على تمايز المكونات في الترتيب وفق مكانتها وأهميتها نظمًا ويتفق مع الحقيقة الخفية وصفًا؛ ناهيك عن بلاغة تجسد المعنويات بحسيات ترسخ المضمون في الأذهان وروائع تصويرية في البيان توقظ الشعور وتهز الوجدان, فضلاً عن استيعاب مجموع القرآن الكريم لكل تلك التكوينات قبل أن تشاهدها عين بينة تشهد بنزوله بعلم الله القدير علام الغيوب.

(أولا) الغدد العرقية

Eccrine Sweat Glands

يقول العلي القدير: "وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ. وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـَكِنّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأرْضِ وَاتّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الّذِينَ كَذّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلّهُمْ يَتَفَكّرُونَ. سَآءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الّذِينَ كَذّبُواْ بِآيَاتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُواْ يَظْلِمُونَ. مَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَن يُضْلِلْ فَأُوْلَـَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ" الأعراف 175-178, والتمثيل يجسد عناد متجرد من فطرة الإيمان إلى حد اختيار الموت على الحياة, والعناد حالة معنوية شخصتها مشاهد حسية تصدق على كل متعامي عن دلائل الوحي, واللهاث في المثل تسارع الأنفاس لبالغ الجهد والإجهاد, ويستقيم أن يعود الوصف على من يفر مبتعدا عن الهدى سواء وعظته أو تركته بيانا لبالغ العناد؛ وفي التعقيب (ذّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الّذِينَ كَذّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلّهُمْ يَتَفَكّرُونَ)؛تصريح بالتَرَفُّع عن معتاد القصة إلى تمثيل يشخص بالغ العناد وسوء المصير ويُعَرِّض بالسامع ليتجنب نفس المصير.

وقد اشتمل العرض على جملة من بدائع التصوير وروائع التمثيل تكشف خفايا النفوس, فمشهد المنسلخ الجلد المتعري بلا وقاية يجسد فقدان الإيمان, والفعل (انْسَلَخَ)يصف الساعي لهلاك نفسه بجيفة هالك تعددت مشاهد مهلكه, كأنه قد تردي من شاهق بلا مستند يبقيه ساميا فهلك, فمع تعريه طمع الشيطان في غوايته كأسد أطمعته فريسة فافترسها, والغافل أسير هواه أصم لا يستجيب كجيفة حيوان يمزقه سبع لاصق بالأرض بلا حركة تنم عن حياة, ولكن: أيسلخ عاقل جلده الواقي ليهلك!؛ هكذا المتجرد من فطرة الإيمان متعري الباطن مبالغ في الإعراض إن قامت عليه حجة لا يستجيب وإن غفل عنها لا يتوقف عن الفرار ساعيا لمهلكه من شدة العناد, قال ابن عاشور: ”الانسلاخ حقيقته خروج جسد الحيوان من جلده حينما يسلخ عنه جلده والسلخ إزالة جلد الحيوان الميت عن جسده“[1], وقال العيني: "(فَانْسَلَخَ مِنْهَا)اتبع هواه فانسلخ من الإيمان"[2], وقال ابن القيم: "أي خرج منها كما تنسلخ الحية من جلدها.. ولم يقل فسلخناه منها لأنه هو الذي تسبب إلى انسلاخه منها بإتباع هواه.. فلما انسلخ من آيات الله ظفر به الشيطان ظفر الأسد بفريسته"[3].

قال ابن الجوزي: "قوله تعالى(فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث)معناه أن هذا الكافر إن زجرته لم ينزجر وإن تركته لم يهتد فالحالتان عنده سواء.. والتشبيه (وقع) بالكلب اللاهث خاصة.. فضربه الله مثلا لمن كذب بآياته"[4], وقال الكلبي: "(و)اللهث.. تنفس بسرعة وتحريك أعضاء الفم وخروج اللسان"[5], وقال السيوطي: "عن قتادة.. قال هذا مثل ضربه الله لمن عرض عليه الهدى فأبى أن يقبله وتركه"[6], وقال البغوي: "نظيره قوله تعالى (وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَىَ لاَ يَتّبِعُوكُمْ سَوَآءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ) الأعراف 193"[7], وقال الرازي: "هو عام فيمن عرض عليه الهدى فأعرض عنه.. وهو قول قتادة وعكرمة وأبي مسلم.. وهذا يقع على كل كافر لم يؤمن بالأدلة وأقام على الكفر.. واللهث هو أن الكلب إذا ناله الإعياء عند شدة العدو وعند شدة الحر فإنه يدلع لسانه.. واعلم أن هذا التمثيل ما وقع بجميع (أحوال) الكلاب وإنما وقع بالكلب اللاهث.. قال تعالى (ذّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الّذِينَ كَذّبُواْ بِآيَاتِنَا)فعم بهذا التمثيل جميع المكذبين بآيات الله.. فحصل التمثيل بينهم وبين الكلب.. لأنهم.. بقوا على الضلال في كل الأحوال مثل هذا الكلب الذي بقي على اللهث في كل الأحوال.. (أي) صاروا في التمثيل.. بمنزلة الكلب اللاهث"[8].

وينقلك التمثيل إلى القفار في يوم قائظ تلهث فيه الكلاب لتعاين في مخيلتك هارب يتصبب عرقا تتلاحق أنفاسه قد ناله الإعياء من العدو والحر فارا من أمان العشيرة ساعيا للضلال والتعرض للضواري والموت كمن تردي من شاهق لا يستجيب لواعظ ولا يسترد رشده ويرتدع, يتمسك بالحطام ويلتصق بالرغام متهالك هالك كجيفة لم يتبق فيها علامة حياة, ولا يقف التمثيل عند تصوير تلاحق أنفاسه باللهاث بيانا للفرار من الحق وإنما لا يُبقي له بعد سلخه لجلده إلا اللهاث فحسب على كل حال بغير عرق فيشبهه بالكلب في الطبيعة كما في اللهاث, قال أبو السعود: "(إنما هو) تشبيه.. ما اعتراه بعد الانسلاخ"[9], وليس عند الكلب غدد عرق لتنظيم درجة الحرارة كما في جلد الإنسان ولذا لا يملك إلا اللهاث على الدوام سواء أهجته فبذل جهدا أو تركته.

وهكذا اشتمل العرض على جملة مشاهد يجسد كل منها هلاك ذلك المعرض عن الحقيقة بعد معاينة الدليل بيانا لهلاكه يوم الحساب؛ أولها مشهد المنسلخ الجلد المتعري بلا وقاية تصويرا لفاقد الإيمان والسلخ لا يكون إلا لجلد الذبائح, ومشهده كفريسة أطمعت الشيطان بغوايته فأتبعها كالأسد وافترسه, ومشهد المتردي من شاهق بلا مستند يبقيه ساميا فهلك, ومشهد الأسير هواه كميت لاصق بالأرض بلا حركة تنم عن حياة, أيفر عاقل من الطريق البين ليضل ويهلك!, إنه ليس مجرد فرار فحسب وإنما هو مشهد تلمح فيه كذلك إيغالا في الإعراض عن الحقيقة بإطالة اللسان نيلا من الحقيقة, وكأنه تعالى يقول: "أَشِحّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَآءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدورُ أَعْيُنُهُمْ كَالّذِي يُغْشَىَ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحّةً عَلَى الْخَيْرِ أوْلَـَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُواْ فَأَحْبَطَ اللّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيراً" الأحزاب 19،وهكذا المكابر نافر دائما من البينات يفر كالحمر رهبة من الأسد وحتى لو طاردته حجة عقلها سيظل دوما لاهثا من الفرار ولن يضر النبوة الخاتمة علو نباحه, وهكذا في خضم هذه الروائع التي تجسد طوية هذا المسلوخ الجلد يتألق القرآن الكريم ويشبهه بالكلب خاصة الذي فاقه ببقائه على فطرته لم يفقد جلده وعلى طبيعته لا يملك إلا اللُهاث سواء بذل جهدا أو سكن, ولا تخرج الحرارة الزائدة عند الكلب إلا باللهاث حتى ولو لم يخرج لسانه لأن جلده يخلو من الغدد العرقية, وبهذا قد كشفت الأيام مغزى تشبيه المسلوخ الفاقد لجلده بالكلب, وإبطال الإنسان لتفكيره كأنه بلا عقل وفقده للإيمان الواقي يجسده فقده لجلده الواقي ليصبح تماما كالكلب لا يملك إلا اللُهاث في كل الأحوال ناهيك عن كونه حيوانا بلا عقل.

تفصيل الجانب العلمي:

لماذا يعرق الإنسان؟؛ لغرض حكيم مقصود لا تصنعه صدفة يشهد بحكمة الله تعالى وقدرته, ينتج الجسم حرارة نتيجة للعمليات الحيوية بالجسم واستهلاك طاقة الغذاء, ومع بذل الجهد والنشاط العضلي خاصة في القيظ تتولد حرارة زائدة فتنشط غدد لتفرز العرق فتنخفض درجة الحرارة مع تبخره؛ وكأنها على علم مسبق بحقائق علم الفيزياء, ولكن قيامها بالمهمات بلا وعي منها وعقل يوجه للصواب يشي بالقدرة المبدعة الهادية, ولك أن توقن بقدرة الله تعالى وعلمه وحكمته في خلقه عندما تدرك أن تنظيم درجة الحرارة وظيفة مكلف بها جهاز كامل من العاملين وليست غدد العرق فحسب, فلا تملك أن توجه نفسها فضلا عن توجيه غيرها وإنما هي مهمة مسبقة الإعداد يشترك فيها جملة عاملين موجَّهين والكون كله يشهد على الدوام بحكمة الله تعالى وقدرته وهدايته لكل شيء نحو الأصوب بحكمة وقصد, قال تعالى: "سَبّحِ اسْمَ رَبّكَ الأعْلَىَ. الّذِي خَلَقَ فَسَوّىَ. وَالّذِي قَدّرَ فَهَدَىَ" الأعلى 1-3، وقال تعالى: "قَالَ رَبّنَا الّذِيَ أَعْطَىَ كُلّ شَيءٍ خَلْقَهُ ثُمّ هَدَىَ" طه 50.

وجهاز تنظيم درجة الحرارة في جسم الإنسان على أعلى درجة من الإتقان بحيث يحافظ على ثبات درجة حرارة الجسم نسبيا, فإذا ارتفعت نشطت آليات لتخفيضها وإذا انخفضت نشطت آليات أخرى لرفعها للمستوى المقدر, والنرد لا يأتي دوما بنفس النتيجة ولكن جهاز تنظيم الحرارة مقدر الوظيفة سلفا فكيف إذن يرد مجرد هاجس أن يُصنع ويعمل هكذا صدفة!, وتتراوح درجة حرارة جسم الإنسان بين 36.1 درجة مئوية و37.8 درجة مئوية (97–100 درجة بمقياس فهرنهيت), وعند فرط زيادة الحرارة Hyperthermiaبتجاوز تلك الحدود الطبيعية تنشط مستقبلات حسية Thermoreceptorsمعدة خصيصا لتنقل إشارات كهربية إلى مركز المراقبة الحرارية في المخ ويقع تحديدا في منطقة تحت المهاد Hypothalamus, وعلى الفور يستنفر مركز المراقبة جهاته التابعة في الجسم للعمل وبدورها تتجاوب بلا تدبير منها أو وعي ذاتي بالحكمة, فتتوسع الأوعية الدموية بالجلد والنتيجة العملية ترشدك للحكمة وهي زيادة الحرارة المفقودة مباشرة عن طريق الجلد, ناهيك أن يُعد الجلد كله مسبقا لتلك المهمة فيزداد نشاط غدد العرق لتفرز كميات أكبر ومع تبخر العرق تنخفض الحرارة, وعند فرط نقص الحرارة Hypothermiaتعمل آليات أخرى على المحافظة على الحرارة ورفعها, فتنقبض الأوعية الدموية في الجلد ويقل تعريض الدم لمزيد من فقد الحرارة, وترتجف العضلات الإرادية لا إراديا بالقشعريرة Shivering وتتسارع عملية احتراق المواد الغذائية داخلها فتنتج كميات أكبر من الحرارة, أرأيت بديع صنع الله وسبق الإعداد بعلم واقتدار!.

 

 

يحتوي جلد الإنسان على غدد عرقية تختص بتنظيم درجة حرارة الجسم.

 لا يحتوي جلد الكلب على غدد عرقية مثل الإنسان ولذا لا يملك إلا اللهاث.

والشاهد أن في جلد الإنسان مجهريا غدد عرق تختص بتنظيم درجة حرارة الجسم Eccrine Sweat Glands, ولا يوجد منها في جلد الكلب سوى القليل في أقدامه وتوجد بدلا عنها غدد تختص بالترطيب وتمييز رائحة الكلاب Apocrine Sweat Glands, ولا يوجد للكلب إذن غدد عرق كالإنسان وإنما يماثله فحسب بسلخ جلد الإنسان وبهذا قد كشفت المجاهر مغزى التشبيه في القرآن الكريم, فبفقد الإنسان لجلده الواقي تجسيدا لفقده الإيمان وإبطاله التفكير الواعي كأنه بلا عقل يصبح كالكلب تماما الذي يفتقر للعرق ولا يملك إلا اللُهاث فضلا عن كونه حيوانا بلا عقل, والتعريف في لفظ (الكلب) للجنس ولا تملك بالفعل كل أنواع الكلاب إلا اللهاث Panting, فالكلب الدانماركي العملاق Great Dane هو أطول الأنواع ويبلغ ارتفاعه حوالي 100 سنتيمتر ولا يكاد اللهاث أن يفارقه, وكذلك أقصرها وهو الكلب الإنجليزي القزم Yorkshire Terrierحيث يبلغ إرتفاعه حوالي 6.5 سنتيمتر فقط, وكذلك كل أنواع الحيوانات الكلبية Canine Animals مثل الذئب والنمر والأسد فهي تلهث جميعا من حين لآخر وعند العدو, واللهاث أنفاس سريعة ضحلة تنتقل فجأة من حوالي 30-40 مرة في الدقيقة إلى حوالي 300-400 مرة في الدقيقة وتتجدد النوبات تباعا حتى عند الراحة مع فتح الفم وإخراج اللسان لتخرج الحرارة الزائدة مع بخار الماء في النفس, وأثناء الراحة يلهث الكلب من حين لآخر فتخرج الحرارة الزائدة ومع العدو يشتد لهاث الكلب فهو في أغلب الأحوال لاهث, ولم يقل القرآن (فمثله كالكلب) وإنما قال (فمثله كمثل الكلب) للمباعدة بينهما تنزيها للكلب عن الكافر المتنكر لفطرة الإيمان, فأي حديث يداني القرآن في دقة التعبير وروعة البيان!.

والفارق الجوهري إذن بين جلد الإنسان وجلد الكلب هو وجود الغدد العرقية المختصة بتنظيم درجة الحرارة ولن يشابه الإنسان الكلب حتى يفقد تلك الغدد بسلخ جلده, والعجيب أن تشبيهه بالكلب لم يقم في القرآن حتى سلخ عنه جلده تمثيلا بتجرده من فطرة الإيمان فأصبح كالكلب تماما لا يملك سوى اللهاث سواء طاردته فبذل جهدا أو تركته, وكذا المتجرد من فطرته سواء أقمت عليه حجة أو غفل عنها باقي دوما على العناد والإعراض والتكذيب.

قال الطبري: "إنما هو (لجميع الناس) مثل ضربه الله.. لسائر المكذبين بآيات الله.. ليتفكروا.. فيعلموا حقيقة أمرك وصحة نبوتك.. في علمك بذلك.. (لأنه يتضمن) الحجة البينة لك عليهم بأنك لله رسول وأنك لم تعلم ما علمت من ذلك.. إلا بوحي.. لعلهم يتفكرون فيعرفون أنه لم يأت بهذا الخبر.. إلا نبي.. ساء مثلا القوم الذين كذبوا بحجج الله وأدلته"[10], وقال سيد قطب: ”قد كانت آيات الهدي.. متلبسة بفطرتهم.. ثم إذا هم ينسلخون منها‏..‏ هابطون من مكان الإنسان إلي مكان الحيوان‏..‏ وكانوا من فطرتهم.. في أحسن تقويم‏ فإذا هم ينحطون منها إلي أسفل سافلين‏..‏ وهل أسوأ من الانسلاخ والتعري من الهدي مثلا؟.. وهل يظلم إنسان نفسه كما يظلمها من يصنع بها هكذا؟.. يعريها من الغطاء الواقي والدرع الحامية‏‏ ويدعها غرضا للشيطان.. وبعد‏..‏ فهل هو نبأ يتلي أم.. مثل يضرب في صورة النبأ..؟ (وحتى لو لم يكن هذا النبأ مثلا فالحكمة تقتضي منا) أن نأخذ من النبأ ما وراءه.. وما أكثر ما يتكرر هذا النبأ في حياة البشر‏“[11],‏ وقد كان نصيب المعرض عن دلائل التنزيل أن أعرض عنه البيان المعجز فتحدث عنه بالغيبة والإبهام, فلم يستحق في ساحة المحاكمة بتهمة التجرد من الفطرة أن يذكر له اسما وهو منزوي في طرف قفص الاتهام في ركن المخيلة خجلا لا يستطيع أن يداري سوأته ولا يملك دفاعا عن جريمته, واستسلم راغما إلى الحكم بإعدامة عدة مرات بطرق متنوعة ليكون مثلا لأمثاله, يقول العلي القدير: (وَتِلْكَ الأمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَآ إِلاّ الْعَالِمُونَ) العنكبوت 43.

 (ثانيا) النهايات العصبية الحسية

Sensory Nerve endings

قد تناول كثيرون بالدراسة دلالة القرآن الكريم على وجود تركيبات دقيقة في الجلد تقوم بوظيفة الإحساس Sensation, وإذا تدمرت تلك التركيبات عند حريق الجلد يتعطل نقل الإحساس ولا سبيل لإعادته سوى بتجديد الجلد وتبديل التالف, يقول العلي القدير: "إِنّ الّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنّ اللّهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيماً" النساء 56، ولكنها هنا ضميمة تبين استيعاب القرآن الكريم لتلك الدقائق المجهرية بالجلد والعلم بوظائفها. 

يقول الدكتور سالم عبد الله المحمود: " توجد (في الجلد).. خلايا تتأثر بالبيئة الخارجية، وهي مخصصة لحاسة اللمس وتشتمل على جسيمات مايسنر MEISSNERS CORPUSCLES وجسيمات ميرگل MERKELS CORPUSCLES, (وجسيمات باتشيني Pacinian corpuscles وتنقل الإحساس بالضغط إلى المخ), وبصيلات كروز KRAUSE END BULBESوهي مخصصة للإحساس بالبرودة, واسطوانات روفيني  RUFFINI CYLINDERS وهي مخصصة للإحساس بالحرارة, ونهايات الأعصاب الحرة وهي مخصصة للإحساس بالألم..,(و)الجلد هو من أهم أجزاء جسم الإنسان إحساساً بالألم نظراً لأنه الجزء الأغنى بنهايات الأعصاب الناقلة للألم والحرارة.. (و)لو استعرضنا درجات الحروق التي يصاب بها الإنسان لوجدنا أن هناك حروقاً من الدرجة الأولى وحروقاً من الدرجة الثانية.. ثم حروقا من الدرجة الثالثة.. ولو ألقينا نظرة إلى ما يصيب الجلد نتيجة لهذه الأنواع الثلاثة من الحروق لوجدنا أن حروق الدرجة الأولى تصيب طبقة البشرة القرنية وتظهر على هيئة التهاب جلدي.. وفي هذه الحالة يحدث انتفاخ وألم بسيط لأن الحرق من الدرجة الأولى يصيب خلايا الطبقة السطحية, ومن المعتاد أن ظاهرة الاحمرار والانتفاخ والألم تختفي خلال يومين أو ثلاثة أيام.. وإذا طالت الإصابة ما تحت الطبقة السطحية من الجلد صنفت من الدرجة الثانية.. وهي تنقسم إلى قسمين: سطحي وعميق,(و)يحدث في حالة الحروق السطحية من الدرجة الثانية أن طبقة البشرة (ظاهر الجلد) تنضج وكذلك الأدمة - طبقة باطن الجلد- التي تحت البشرة, ويحدث في هذه الحالة انفصال طبقة البشرة عن طبقة الأدمة ، وتتجمع مواد مفرزة أو نتحات مابين هاتين الطبقتين.. ويعاني المصاب في هذه الحالة من آلام شديدة وزيادة مفرطة في الإحساس بالألم نتيجة لإثارة النهايات العصبية المكشوفة, ويبدأ التئام الجلد خلال أيام قد تصل إلى أربعة عشر يوماً نتيجة لعملية التجدد والانقلاب التي تحدث في الجلد, ولو انتقلنا إلى حروق الدرجةالثالثة لوجدنا أن طبقة الجلد تصاب بكاملها، وربما تصل الإصابة إلى العضلات أو العظام، ويفقد الجلد مرونته ويصبح قاسياً وجافاً.. وفي هذه الحالة فإن المصاب لا يحس بالألم كثيراً لأن نهايات الأعصاب تكون قد تلفت بسبب الاحتراق.., ولقد كشف العلم الحديث أن النهايات العصبية المتخصصة للإحساس بالحرارة وآلام الحريق لا توجد بكثافة إلا في الجلد, وما كان بوسع أحد من البشر قبل اختراع المجهر وتقدم علم التشريح الدقيق أن يعرف هذه الحقيقة التي أشار إليها القرآن الكريم منذ أربعة عشر قرناً مضت"[12].

 (ثالثا) تباين مناطق الجلد في الإحساس

Skin Regional Variation in Sensation

لوحظ أن ترتيب الأعضاء في نظم القرآن الكريم يتفق مع الواقع فتعطى العناية الأكبر بتقديم الأهم وظيفةً والممنوح أكبر مساحة بالدماغ أو المتقدم وظيفيا وتشريحيا تبعا للمقام, فالعين نحو الأمام تليها الأذن وفي النظم تسبق العين الأذن, ومركز الإبصار يسبقه مركز السمع وفي النظم يسبق السمع البصر, ويقع بينهما مركز الكلام وهو تماما كذلك في النظم, ويغلب التصوير الدلالي في الكتاب العزيز فترد الوظائف العقلية مسلوبة واصفة من لا ينتفعون بها بالصمم والبكم والعمى, وإذا انقلبت الهيئة كما في مشاهد خزي المعذبين في الآخرة ينقلب الترتيب في النظم محافظا على ترتيب أصل الخلقة, وفي المنطقة الحركية في المخ أبرز الأعضاء هم الوجه تليه اليد يليها القدم وهو نفس الترتيب تماما في النظم, ولا يختلف الترتيب عنها في المنطقة الحسية سوى بزيادة منطقة الرأس قبل القدم والعجيب أنه نفس الترتيب تماما في النظم, ويكتفي الكتاب الكريم بالأهم في مقام بيان أهم المناطق في الجلد إحساسا فيتخير الوجه واليد والبنان خاصة الأنامل ويحفظ الترتيب وفق درجة الإحساس وعدد المستقبلات والمساحة الممنوحة بالدماغ فيقدم الجباه والجنوب على الظهور.

 (1) تتقدم العين في النظم على الأذن تماما كما هي في الواقع:

·        "أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا" الأعراف 195.

·        "وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنفَ بِالْأَنفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ" المائدة 45.

 (2) تتقدم وظيفة السمع في النظم على وظيفة البصر وفق أصلها المركزي في المخ:

·        "أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ" يونس 31.

·        "وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ" البقرة 7.

·        "وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ" البقرة 20.

·        "أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ"  الزخرف 40.

·        "مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ" هود 20.

·        "أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ" محمد 23.

 

 (3) توجد منطقة بالمخ تسمى منطقة فيرنيكي Wernicke's area وظيفتها الوعي بالكلام ولذا تسمى منطقة اللغة Language areah, وتؤدي إصابتها إلى البكم بفقدان القدرة على الكلام السوي لفقدان الوعي باللغة Wernicke's Aphasia, وهي تتوسط مركزي السمع والبصر بالمخ, والبكم في النظم يتوسط الصمم والعمى كوظيفتين مسلوبتين بتعطيلهما:

·        "صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ" البقرة 18.

·        "صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ" البقرة 171.

·        "وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ" الأنعام 39.

 (4) تنعكس الهيئة في مشهد انتكاس المعذبين في الآخرة لترسيخ الخزي والمخالفة للخلقة السوية بمشهد حسي بلغ الانتكاس فيه الغاية, والعجيب المذهل أن ينعكس ترتيب الوظائف كذلك نظما حفاظا على أصل الترتيب في الخلقة السوية:

·        ”وَلَوْ تَرَى إِذْ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُوا رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا“ السجدة 12.

·        "وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وَجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا" الإسراء 97.                                       

 (5) تترتب الأجهزة في النظم وفق تطورها الوظيفي في مقام تدرج التكوين (السمع ثم البصر), والمعلوم أن الجنين يستطيع السمع للأصوات كضربات قلب الأم من الشهر الخامس بينما يتأخر اكتمال الجهاز البصري إلى ما بعد الولادة:

·        "إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا" الإنسان 2.

 (6) في النظم الجلد والأحشاء من أهم المناطق إحساسا بالألم تماما كما هو في الواقع, والطبقة الخارجية من الأمعاء هي الأكثر ثراء بالأعصاب الحسية ولذا من العجيب أن يشترط النظم تقطيع الأمعاء ليبلغ الشعور بالألم أقصاه:

·   "هَـَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُواْ فِي رَبّهِمْ فَالّذِينَ كَفَرُواْ قُطّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مّن نّارِ يُصَبّ مِن فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ. يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ. وَلَهُمْ مّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ. كُلّمَآ أَرَادُوَاْ أَن يَخْرُجُواْ مِنْهَا مِنْ غَمّ أُعِيدُواْ فِيهَا وَذُوقواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ" الحج 19-22.

·   "وَقُلِ الْحَقّ مِن رّبّكُمْ فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ إِنّا أَعْتَدْنَا لِلظّالِمِينَ ناراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَآءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوجُوهَ بِئْسَ الشّرَابُ وَسَآءَتْ مُرْتَفَقاً" الكهف 29.

·   "إِنّ الّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنّ اللّهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيماً" النساء 56.

·        "وَسُقُواْ مَآءً حَمِيماً فَقَطّعَ أَمْعَآءَهُمْ" محمد 15.

 (7) ترتيب أعضاء الحركة في النظم وفق ترتيبها المخبوء في الدماغ (الوجه ويمثله اللسان والفم ثم اليد ثم القدم):

•         "يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" النور 24.

•         "الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ" يس 65.

 (8) تتفاضل مناطق الجلد الحسية وتتوالى في النظم وفق ترتيبها المخبوء بالدماغ (الوجه ثم اليد ثم الرأس ثم القدم), والفارق البارز مع المنطقة الحركية هو تميز المنطقة الحسية بالرأس بين اليد والقدم, وبحسب الظاهر قد يجعلها الإنسان مجاورة للوجه وليست بين اليد والقدم ولكنها في النظم مرتبة وفق الترتيب بالدماغ رغم تعلق السياق بحكم في التشريع:

·   "يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ" المائدة 6.

تتفق المساحة الممنوحة لكل منطقة حسية في المخ مع كثافة أعضاء الحس بالمنطقة الجلدية التي تمثلها, وتمثل كل مناطق الجلد فيما يعرف باسم الإنسان الحسي Sensory Homunculus, وهو يوضح أن أكثر المناطق إحساسا هي منطقة الوجه خاصة اللسان والشفتين ثم اليدين خاصة أطراف الأصابع ثم القدمين.

 (9) الاكتفاء بالوجه وتعقبه اليدين وهما أهم منطقتين في الجلد إحساسا واعتبارا في المخ:

·        "فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ" المائدة 6.

·        "فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ" النساء 43.

 (10) الاكتفاء بالوجه وهو من أهم منطقتين في الجلد إحساسا واعتبارا في المخ:

·        "تَلْفَحُ وُجُوهَهُمْ النَّارُ" المؤمنون 104.

·        "وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النَّارُ" إبراهيم 50.

·        "يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النّارِ عَلَىَ وُجُوهِهِمْ ذُوقُواْ مَسّ سَقَرَ" القمر 48.

·        "وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ" النمل 90.

·        "أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" الزمر 24.

·        "يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَالَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَ" الأحزاب 66.

·        "الّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَىَ وُجُوهِهِمْ إِلَىَ جَهَنّمَ أُوْلَـَئِكَ شَرّ مّكَاناً وَأَضَلّ سَبِيلاً" الفرقان 34.

·   "وَقُلِ الْحَقّ مِن رّبّكُمْ فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ إِنّا أَعْتَدْنَا لِلظّالِمِينَ ناراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَآءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوجُوهَ بِئْسَ الشّرَابُ وَسَآءَتْ مُرْتَفَقاً" الكهف 29.

 (11) الاكتفاء باليد خاصة الأنامل أو البنان وهي من أهم منطقتين في الجلد إحساسا واعتبارا في المخ:

·        "وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ" الفرقان 27.

·        "وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوَاْ آمَنّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمْ الْأَنَامِلَ مِنْ الغَيْظِ" آل عمران 119.

·   "إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ" الأنفال 12.

 (12) النظم يحفظ الترتيب في مقام بيان أهم مناطق الجلد إحساسا فيقدم الوجه ومقدمة الجسم ويؤخر المنطقة الخلفية والمعلوم أنها أقل ثراء في الاعصاب الحسية:

·        "فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ" محمد 27.

·        "وَلَوْ تَرَىَ إِذْ يَتَوَفّى الّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلآئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ" الأنفال 50.

·        "لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لَا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمْ النَّارَ وَلَا عَنْ ظُهُورِهِمْ" الأنبياء 39

"وَالّذِينَ يَكْنِزُونَ الذّهَبَ وَالْفِضّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ. يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ. هَـَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأنْفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ" التوبة 34و35.

وظاهرة الحفاظ على الرتبة في نظم الكتاب العزيز بما يتفق تماما مع أصل الخلقة تكوينيا وتشريحيا ووظيفيا لا يمكن نسبتها للصدفة خاصة مع التثنية والتكرير والحفاظ عليها بلا استثناء رغم تباين المقامات واختلاف الوظائف والأعضاء, ولا توجد ظاهرة الحفاظ على الرتبة بما يوافق الحقائق الخفية في أي كتاب يُنسب اليوم للوحي غير القرآن الكريم. 

 (رابعا) العضلة الناصبة للشعرة

Arrector pili Muscle

يتكون الجلد من ثلاث طبقات هي: البشرة epidermisوالأدمة Dermisوالمنطقة التحت جلدية Hypodermis, وتتصل بالشعرة غدة دهنية Sebaceous Gland تفرز مادة دهنية Sebumلترطيبها والحفاظ عليها, وتتصل بها كذلك العضلة الناصبة للشعرة Arrector piliوهي عضلة لا إرادية تتقلص بسبب البرد أو الإثارة كالفزع والرعب والمفاجآت بغتة فيقشعر الجلد فيما يسمى قفوف الجلد.

وعندما تقل درجة الحرارة يصاب الإنسان بالقشعريرة Shiveringوهي ارتجافات لا إرادية للعضلات الإرادية فتتولد حرارة, ومع اشتداد البرودة يتجعد الجلد ويمتلئ بندب صغيرة نتيجة لتقبض تلك العضلات المجهرية التي تنصب الشعر في بعض الأحوال كالخشية والوجل والهلع, ولذلك يماثل حينئذ قشرة البرتقالة ويسمى كذلك بجلد الأوز Goose Bumps.

 

 

Shivering and Goose Bumps

قشعريرة الجلد تظهر في شكل ندبات تماثل ندبات قشـرة البرتقالة نتيجة تقلص عضلات مجهرية في الجلد تصاحب حالة القشعريرة.

وفي قول الله جل وعلا: "اللّهُ نَزّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مّتَشَابِهاً مّثَانِيَ تَقْشَعِرّ مِنْهُ جُلُودُ الّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبّهُمْ ثُمّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىَ ذِكْرِ اللّهِ ذَلِكَ هُدَى اللّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَآءُ وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ" الزمر 23؛ القشعريرة حالة من التقبض والتيبس والصلابة, وفي مقابلها ورد (اللين) فدل سياقا على الاسترخاء والمرونة, وقد نسب التعبير القشعريرة للجلد صراحة ووصفه باللين بعد تقبض فأثبت تكوينه العضلي؛ خاصة مع قرنه بالقلب العضلي الذي ينقبض ويلين بالمثل ممثلا به مَلَكَة التفكر تجسيدا للمكانة لا بيانا لمكان العقل لأنها هي التي تعي دلائل الوحي فينال الإنسان الخشية ويخبت لله.

قشعريرة الجلد حقيقة علمية ودلالة نصية:

قال أبو السعود: "(تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الذين يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ)..مسوق لبيانِ آثارِه الظَّاهرةِ في سامعيهِ بعد بيانِ أوصافهِ في نفسِه.. والاقشعرارُ التَّقبضُ, يقال اقشعرَّ الجلدُ إذا تقبَّضَ تقبُّضاً شَديداً.. يُقال اقشعرَّ جلدُه (أي) وقفَ شعرُه إذا عرضَ له خوفٌ شديدٌ من منكرٍ هائلٍ دهمه بغتة, والمرادُ إمَّا بيانُ إفراطِ خشيتِهم بطريقِ التَّمثيلِ والتَّصويرِ أو بيانُ حصولِ تلك الحالةِ وعرُوضِها لهم بطريقِ التَّحقيقِ.. والمعني أنَّهم إذا سمعُوا القُرآنَ وقوارعَ آياتِ وعيده أصابتُهم هيبةٌ وخشيةٌ تقشعرُّ منها جلودُهم وإذا ذُكِّروا رحمةَ الله تعالى تبدَّلتْ خشيتُهم رجاءً ورهبتُهم رغبةً وذلك قولُه تعالى (ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إلى ذِكْرِ الله), أي ساكنةً مطمئنَّةً إلى ذكر رحمتِه تعالى.. (ذلك هُدَى الله يَهْدِى بِهِ مَن يَشَاء)أنْ يهديه بصرفِ مقدورِه إلى الاهتداءِ بتأمُّلِه فيما في تضاعيفِه من شواهدِ الحق ودلائلِ كونِه من عندِ الله تعالى"[13],وقال ابن عجيبة: "(تَقْشَعِرُّ منه جُلودُ الذين يخشون ربهم)أي ترتعد وتنقبض والاقشعرار التقبُّض، يقال اقشعرّ الجلد إذا انقبض ويقال اقشعر جلده ووقف شعره إذا عرض له خوف شديد من مُنكر هائل دهمه بغتة, والمعنى أنهم إذا سمعوا القرآن وقوارعه وزواجره أصابتهم هيبة وخشية تقشعر منه جلودهم وإذا ذكروا رحمة الله تعالى تبدلت خشيتهم رجاءً ورهبتهم رغبةً وذلك قوله تعالى (ثم تَلينُ جُلودُهم وقلوبُهم إِلى ذكرِ الله)أي ساكنة مطمئنة.. بتأمله فيما في تضاعيفه من شواهد الحق ودلائل كونه من عند الله"[14].

وقال الألوسي: "قوله تعالى (تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الذين يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ) .. مسوق لبيان آثاره الظاهرة في سامعيه بعد بيان أوصافه في نفسه ولتقرير كونه أحسن الحديث, والإقشعرار التقبض يقال اقشعر الجلد إذا تقبض تقبضاً شديداً.. يقال اقشعر جلده (و)وقف شعره إذا عرض له خوف شديد من أمر هائل دهمه بغتة، والمراد تصوير خوفهم بذكر لوازمه المحسومة.. وقيل هو تصوير للخوف بذكر آثاره وتشبيه حالة بحالة فيكون تمثيلاً.., والأول أحسن لأن تشبيه القصة بالقصة على سبيل الاستعارة ههنا لا يخلو عن تكلف, وأستظهر كون المراد بيان حصول تلك الحالة وعروضها لهم بطريق التحقيق، والمعنى أنهم إذا سمعوا القرآن وقوارع آيات وعيده أصابتهم رهبة وخشية تقشعر منها جلودهم وإذا ذكروا رحمة لله تعالى عند سماع آيات وعده تعالى وألطافه تبدلت خشيتهم رجاء ورهبتهم رغبة, وذلك قوله تعالى (ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إلى ذِكْرِ الله)أي ساكنة مطمئنة إلى ذكر رحمته تعالى.. وليس في الآية أكثر من نعت أوليائه باقشعرار الجلود من القرآن ثم سكونهم إلى رحمته عز وجل وليس فيها نعتهم بالصعق والتواجد والصفق كما يفعله بعض الناس.. و(ذلك هُدَى الله) الإشارة إلى الكتاب الذي شرح أحواله (يَهْدِى بِهِ مَن يَشَاء)أي من يشاء الله تعالى هدايته بأن يوفقه سبحانه للتأمل فيما في تضاعيفه من شواهد الحق ودلائل كونه من عنده عز وجل.. وقيل الإشارة بذلك إلى المذكور من الإقشعرار واللين"[15].

وقال البروسوي: "(تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم)..مسوق لبيان آثاره الظاهرة فى سامعيه بعد بيان اوصافه فى نفسه.. يقال اقشعر جلده اخذته قشعريرة اى رعدة.. وقال بعضهم أصل الاقشعرار تغير.. يحدث فى جلد الانسان عند الوجل والخوف.. (و)الاقشعرار التقبض يقال اقشعر الجلد اذا تقبض تقبضا شديدا.. (و)يقال اقشعر جلده ووقف شعره اذا عرض له خوف شديد من منكر هائل دهمه بغتة, والمراد إما بيان افراط خشيتهم بطريق التمثيل والتصوير او بيان حصول تلك الحالة وعروضها لهم بطريق التحقيق وهو الظاهر؛ إذ هو موجود عند الخشية محسوس يدركه الانسان من نفسه وهو يحصل من التأثر القلبى فلا ينكر, والمعنى أنهم إذا سمعوا القرآن وقوارع آيات وعيده أصابتهم هيبة وخشية تقشعر منها جلودهم.. ثم اذا ذكروا رحمة الله وعموم مغفرته لانت ابدانهم ونفوسهم وزال عنها ما كان بها من الخشية والقشعريرة بان تبدلت خشيتهم رجاء ورهبتهم رغبة.. تسكن وتطمئن إلى ذكر الله لينة غير منقبضة.. استبدلوا بالخشية رجاء فى قلوبهم وبالقشعريرة لينا في جلودهم, فالجملتان إشارة إلى الخوف والرجاء أو القبض والبسط.. و(ذلك) الكتاب.. (هدى الله).. بتأمله فيما في تضاعيفه من الشواهد الخفية ودلائل كونه من عند الله"[16], وقال الرازي: "معنى (تَقْشَعِرُّ جُلُودُهُمْ)تأخذهم قشعريرة وهي تغير يحدث في جلد الإنسان عند الوجل والخوف.. (وكذلك) إذا تأمل في الدلائل.. فهنا يقشعر جلده.. يقال اقشعر جلده من الخوف و(وقف) شعره وذلك مثل في شدة الخوف"[17], وقال ابن الجوزي: "قوله تعالى (تَقْشَعِرُّ منهُ جلودُ الذين يَخْشَوْنَ ربِّهم)أي تأخذُهم قشعريرة وهو تغيُّر يحدُث في جِلْد الإِنسان من الوَجَل"[18], وقال ابن عطية: "وقوله تعالى (تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم)عبارة عن (وقوف) شعر الإنسان عندما يداخله خوف.. وقوله (ذلك هدى الله) يحتمل أن يشير إلى القرآن (كله).. ويحتمل أن يشير إلى.. (نبأ) اقشعرار الجلود (خاصة)"[19].

وقال الشوكاني: "(تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الذين يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ)..الاقشعرار التقبض، يقال اقشعرّ جلده إذا تقبض وتجمع من الخوف.. قال الزجاج: إذا ذكرت آيات العذاب اقشعرّت جلود الخائفين لله (ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ)إذا ذكرت آيات الرحمة, قال الواحدي: وهذا قول جميع المفسرين"[20], وقال القرطبي: "قال سهل بن عبد الله لا يكون خاشعا حتى تخشع كل شعرة على جسده لقول الله تبارك وتعالى (تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم),قلت: هذا هو الخشوع المحمود.. وقد كان السلف يجتهدون في ستر ما يظهر من ذلك"[21], وقال السمين الحلبي: "اقشعرَّ جِلْدُه إذا تقبَّضَ وتَجَمَّعَ من الخوف (ووقف) شعرُه"[22],وقال الثعالبي: "قوله تعالى: (تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الذين يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ)عبارة عَنْ (وقوف) شَعْرِ الإنسانِ عندَما يُدَاخِلُهُ خَوْفٌ.. وهذه علامةُ وقوعِ المعنى المُخْشِعِ (الجالب للخشوع) في قلبِ السامعِ"[23], وفي تفسير الميزان: "قوله (تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم)..الاقشعرار تقبض الجلد تقبضا شديدا لخشية عارضة عن استماع أمر هائل أو رؤيته، وليس ذلك إلا لأنهم على تبصر من موقف نفوسهم قبال عظمة ربهم فإذا سمعوا كلامه توجهوا إلى ساحة العظمة و الكبرياء فغشيت قلوبهم الخشية وأخذت جلودهم في الاقشعرار.. وقوله (ذلك هدى الله يهدي به من يشاء)أي ما يأخذهم من اقشعرار الجلود من القرآن ثم سكون جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله هو هدى الله"[24].

وقال ابن كثير: "قوله: (تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ)أي هذه صفة الأبرار عند سماع كلام الجبار المهيمن العزيز الغفار لما يفهمون منه من الوعد والوعيد والتخويف والتهديد تقشعر منه جلودهم من الخشية والخوف (ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ)لما يرجون ويُؤمِّلون من رحمته ولطفه.. إذا تليت عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا بأدب وخشية ورجاء ومحبة وفهم وعلم كما قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا),وقال تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا)أي لم يكونوا عند سماعها متشاغلين لاهين عنها بل مصغين إليها فاهمين بصيرين بمعانيها؛ فلهذا إنما يعملون بها ويسجدون عندها عن بصيرة لا عن جهل ومتابعة لغيرهم.. يلزمون الأدب عند سماعها كما كان الصحابة رضي الله عنهم عند سماعهم كلام الله من تلاوة رسول الله صلى الله عليه وسلم تقشعر جلودهم ثم تلين مع قلوبهم إلى ذكر الله, لم يكونوا يتصارخُون ولا يتكلّفون ما ليس فيهم"[25], وقال القرطبي: "قوله تعالى (وجلت قلوبهم) أي خافت وحذرت مخالفته فوصفهم بالخوف والوجل عند ذكره، وذلك لقوة يقينهم ومراعاتهم لربهم وكأنهم بين يديه.. هذه حالة العارفين بالله الخائفين من سطوته وعقوبته.. حال رسول الله صلى الله عليه وسلم.. (و)حال أصحابه في المعرفة بالله تعالى والخوف منه والتعظيم لجلاله..؛ الفهم عن الله والبكاء خوفا من الله.. قال الله تعالى (وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين).. فمن كان مستنا فليستن"[26]. 

تعبير القلوب التي في الصدور بيان تصويري

يجسد ملكة التفكر والتعقل عند الإنســـان:

الدماغ أو المخ هو في الحقيقة موضع الملكات المميزة للإنسان من قدرات فكرية وذهنية وقيم إنسانية وليس عضلة القلب, ولم يصرح الكتاب العزيز أن القلب هو محل العقل, وقد ذهب كثير من علماء الإسلام إلى أن ذكر القلب في القرآن الكريم من باب ضرب المثل بالعقل الذي تميز به الإنسان في المكانة لا بيانا لمكان العقل تعبيرا عن المعنوي بحسي للإيضاح بالتصوير, قال ابن عاشور: "أطلقت القلوب على.. العقل على وجه المجاز.. وإنما آلة العقل هي الدماغ"[27],وقال بمثل هذا التأويل الجمع الغفير, قال الأصفهاني: "قال بعض الحكماء حيثما ذكر الله تعالى القلب فإشارة إلى العقل"[28], وقال أيضاً: "الرأس أشرف الأعضاء الإنسانية.. و(العقل من الإنسان) بمنزلة القلب من البدن"[29], وقال ابن تيمية: "لفظ القلب قد يراد به المضغة الصنوبرية الشكل التي في الجانب الأيسر من البدن.. كما في الصحيحين عن النبي أن (في الجسد مضغة إذا صلحت صلح لها سائر الجسد فإن فسدت فسد لها سائر الجسد), وقد يراد بالقلب باطن الإنسان مطلقا, فإن قلب الشيء باطنه كقلب الحنطة واللوزة والجوزة ونحو ذلك.. وعلى هذا فإذا أريد بالقلب هذا فالعقل متعلق بدماغه.. ولهذا قيل إن العقل في الدماغ كما يقوله كثير من الأطباء, ونقل ذلك عن

 

وثيقة تاريخية تبين الاعتقاد السـائد في أوروبا في القرون الوسطى باعتبار القلب هو مركز الأحاسيس.

الإمام أحمد"[30], وفي قوله تعالى (إِنّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَىَ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ)؛قال ابن القيم: "لم يرد بالقلب هنا

مضغة اللحم المشتركة بين الحيوانات"[31], وفي قوله تعالى: (وَاعْلَمُواْ أَنّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ)؛قال الرازي: "قال مجاهد المراد من القلب هاهنا العقل.. وجعل القلب كناية عن العقل جائز كما قال تعالى: (إِنّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَىَ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ)أي لمن كان له عقل"[32],وقال أبو حامد الغزالي: ”وحيث ورد في القرآن والسنة لفظ القلب فالمراد به المعنى الذي يفقه من الإنسان ويعرف حقيقة الأشياء وقد يكنى عنه بالقلب الذي في الصدر“[33],وقال القنوجي: "القلب له معنيان أحدهما اللحم الصنوبري المودع في الجانب الأيسر من الصدور.., والحيوانات كلها متشاركة في هذا النوع من القلب.., وثانيهما لطيفة ربانية نورانية.. وهو المخاطب والمكلف وبه يثاب الإنسان ويعاقب"[34],وتتمايز أحوال الناس في الملكات الفكرية والعاطفية والأمور الاعتقادية بينما لا تتمايز القلوب العضوية مما يعني أنها تمثيل للعقول والأفكار وبيان أن فاقدي الإيمان موتى الفكر في قوله تعالى: "تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ" البقرة 118، والنظائر الحسية والمعنوية عديدة للتعبير عن الملكات المميزة للإنسان وهي ليست مقصورة على لفظ القلوب وحده حتى يظن أنها محل العقل, فقد أشار القرآن الكريم إلى تلك الملكات أو بعضها بلفظ الافئدة وهي في اللغة قد تعني الأحشاء ومثلها الصدور والألباب والنهى, وكذلك الأحلام في قوله تعالى: "أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلاَمُهُمْ بِهَـَذَآ" الطور 32،والحجر في قوله تعالى: "هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لّذِى حِجْرٍ" الفجر 5،وفي قوله تعالى (إِنّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَىَ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) ق 37؛ يشرح عبد القاهر الجرجاني أن لفظ القلب تمثيل للعقل وليس اسما له فيقول: "جعل الذي لا يعي ولا يسمع ولا ينظر ولا يتفكر كأنه قد عُدِمَ القلب من حيث عدم الانتفاع به (أي مات).. كما جُعل الذي لا ينتفع ببصره وسمعه ولا يفكر فيما يؤديان إليه ولا يحصل من رؤية ما يرى وسماع ما يسمع على فائدة بمنزلة من لا سمع له ولا بصر, فأما تفسير من يفسره على أنه بمعنى من كان له عقل.. كأن القلب اسم للعقل.. فمحال باطل لأنه يؤدي إلى إبطال الغرض من الآية وإلى تحريف الكلام عن صورته وإزالة المعنى عن جهته, وذاك أن المراد به الحث على النظر والتقريع على تركه وذم من يخل به ويغفل عنه..، بأن يكون قد جعل من لا يفقه بقلبه ولا ينظر ولا يتفكر كأنه ليس بذي قلب, كما يجعله كأنه جماد وكأنه ميت لا يشعر ولا يحس.., وفسر العمى والصمم والموت في صفة من يوصف بالجهالة على مجرد الجهل, وأجرى جميع ذلك على الظاهر فاعرفه, ومن عادة قوم ممن يتعاطى التفسير بغير علم أن يتوهموا أبدًا في الألفاظ الموضوعة على المجاز والتمثيل أنها على ظواهرها فيفسدوا المعنى بذلك ويبطلوا الغرض ويمنعوا أنفسهم والسامع منهم العلم بموضع البلاغة"[35]. 

كتاب معجز جامع فريد زاخر ببينات التنزيل:

قال الطبري: "يقول تعالى ذكره (اللَّهُ نزلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا)يعني به القرآن (مُتَشَابِهًا)..يشبه بعضه بعضا لا اختلاف فيه ولا تضادّ.. عن سعيد بن جُبَير.. قال: يشبه بعضه بعضا، ويصدّق بعضه بعضا، ويدلّ بعضه على بعض.. وقوله (مَثَانِيَ).. عن ابن عباس.. قال: كتاب الله مثاني ثنى فيه الأمر مرارا"[36], وقال ابن كثير: "قال الضحاك (مَثَانِيَ) ترديد القول ليفهموا عن ربهم عز وجل.., زاد الحسن: تكون السورة فيها آية وفي السورة الأخرى آية تشبهها.. وليس هذا من المتشابه المذكور في قوله: (مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ)} ذاك معنى آخر"[37],وقال أبو السعود: (أَحْسَنَ الحديث)هو القرآنُ الكريمُ.. ومعنى كونِه مُتشابهاً تشابُه معانيهِ في الصِّحَّةِ والأحكامِ والابتناءِ على الحقِّ والصِّدقِ واستتباع منافعِ الخلقِ في المعادِ والمعاشِ وتناسب ألفاظِه في الفصاحةِ وتجاوبِ نظمِه في الإعجازِ, و(مَّثَانِيَ) .. قيل.. من التَّثنيةِ بمعنى التَّكريرِ والإعادةِ.. باعتبار تفاصيله"[38], وقال السعدي: "يخبر تعالى عن كتابه الذي نزله أنه (أَحْسَنَ الْحَدِيثِ)على الإطلاق، فأحسن الحديث كلام اللّه وأحسن الكتب المنزلة من كلام اللّه (هو) هذا القرآن، وإذا كان هو الأحسن علم أن ألفاظه أفصح الألفاظ وأوضحها وأن معانيه أجل المعاني لأنه أحسن الحديث في لفظه ومعناه متشابها في الحسن والائتلاف وعدم الاختلاف بوجه من الوجوه حتى إنه كلما تدبره المتدبر وتفكر فيه المتفكر رأى من اتفاقه.. ما يبهر الناظرين ويجزم بأنه لا يصدر إلا من حكيم عليم"[39], وقال الثعالبي: "(متشابها) لا تَنَاقُضَ فيه.. بل يُشْبِهُ بَعْضُهُ بعضاً في رَصْفِ اللَّفْظِ ووَثَاقَةِ البراهينِ وشَرَفِ المعاني"[40],وقال الجاوي: "(اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ)بحسب لفظه لفصاحته وجزالته وبحسب معناه لاشتماله على الغيوب الكثيرة في الماضي والمستقبل ولأن العلوم الموجودة فيه كثيرة جداً، (كِتَاباً مُّتَشَابِهاً)أي يشبه بعضه بعضاً كما قاله ابن عباس فإن كل ما فيه من الآيات يقوي بعضها بعضاً والمقصود منها بأسرها الدعوى إلى الدين وتقرير عظمة الله"[41], وقال الماوردي: "معناه يفسر بعضه بعضاً (كما) قاله ابن عباس"[42], وقال السمعاني: "أي يشبه بعضه بعضا في الصدق وصحة المعنى"[43],وقال البغوي: يشبه بعضه بعضًا في الحسن ويُصَدِّق بعضه بعضًا ليس فيه تناقض ولا اختلاف"[44], وقال الرازي: "الكاتب البليغ إذا كتب كتاباً طويلاً فإنه يكون بعض كلماته فصيحاً ويكون البعض غير فصيح والقرآن يخالف ذلك فإنه فصيح كامل الفصاحة بجميع أجزائه.. (و)كل ما فيه من الآيات والبينات فإنه يقوي بعضها بعضاً ويؤكد بعضها بعضاً.. (و)المقصود منها بأسرها الدعوة إلى الدين وتقرير عظمة الله.. فهذا هو المراد من كونه متشابهاً"[45],وقال ابن عاشور: "اقتضى قوله (تَقْشَعر منه جُلُودُ الذين يخشَونَ ربَّهُم)أن القرآن يشتمل على معان تقشعر منها الجلود وهي المعاني الموسومة بالجَزالة التي تثير في النفوس روعة وجلالة ورهبة تبعث على امتثال السامعين له وعملهم بما يتلقونه من قوارع القرآن وزواجره، وكنّي عن ذلك بحالةٍ تقارِنُ انفعال الخشية والرهبة في النفس لأن الإِنسان إذا ارتاع وخشي اقشعرّ جِلده من أثر الانفعال (والرهبة)، فمعنى (تَقْشَعِرُّ مِنْهُ)تقشعر من سماعه وفهمه.. يقال اقشعر الجلد إذا تقبض تقبضاً شديداً كالذي يحصل عند شدة برد الجسد ورعدته, (و)يقال اقشعر جلده إذا سمع أو رأى مَا يثير انزعاجه وروَّعَه، فاقشعرار الجلود كناية عن وجل القلوب الذي تلزمه قشعريرة في الجلد غالباً, وقد عدّ (القاضي) عياض في (الشفاء) من وجوه إعجاز القرآن: الروعة التي تلحق قلوب سامعيه عند سماعه والهيبةَ التي تعتريهم عند تلاوته لعلوّ مرتبته على كل كلام من شأنه أن يهابه سامعه، قال تعالى: (لَوْ أَنزَلْنَا هَـَذَا الْقُرْآنَ عَلَىَ جَبَلٍ لّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مّتَصَدّعاً مّنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَتِلْكَ الأمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنّاسِ لَعَلّهُمْ يَتَفَكّرُونَ)الحشر 21"[46], وفي تفسير الميزان: "قوله تعالى: (الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني)..الحديث هو القول كما في قوله تعالى (فليأتوا بحديث مثله)وقوله (فبأي حديث بعده يؤمنون),فهو أحسن القول لاشتماله على محض الحق.., وقوله (كتابا متشابها) أي يشبه بعض أجزائه بعضا.. وقوله (مثاني).. بتبيين بعضها ببعض وتفسير بعضها لبعض من غير اختلاف فيها بحيث يدفع بعضه بعضا ويناقضه كما قال تعالى: (أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا)"[47]. 

بينات الوحي تتألق اليوم بأنوار اليقين:

قبل اكتشاف المجهر في القرن السابع عشر لا يتوقع أن يصف مصدر بشري العضلات المجهرية في الجلد التي تجعله يقشعر من الخشية والوجل ثم يلين بعد تقبض, ولذا في كتاب في القرن السابع الميلادي تشابهت في الإحكام مبانيه وتأكدت بالتثنية معانيه لا تفسير سوى أنه كلام الله العليم وحده بكل حقائق التكوين عندما ينسب القشعريرة للجلد صريحا ويعلن عن لينه بعد تقبض من تقوى الله وخشيته وهيبته وإجلاله أمام روائع نظم كتابه ودلائل تنزيله, وليست الكشوف العلمية إذن سوى مدائح للإله تعلن عن حكمته تعالى في خلقه وبديع صنعه مؤيدةً نزول الكتاب العزيز بعلم الله شاهدةً له بالوحي ومؤكدةً رسالته, يقول العلي القدير: "قُلْ أَيّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللّهِ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيّ هَـَذَا الْقُرْآنُ لاُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَن بَلَغَ أَئِنّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنّ مَعَ اللّهِ آلِهَةً أُخْرَىَ قُل لاّ أَشْهَدُ قُلْ إِنّمَا هُوَ إِلَـَهٌ وَاحِدٌ وَإِنّنِي بَرِيءٌ مّمّا تُشْرِكُونَ" الأنعام 19.


 [1] تفسير التحرير والتنوير لمحمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور الشهير بالطاهر بن عاشور والمتوفى سنة 1393 هـ - ج9ص176.

[2] عمدة القاري ج18ص236.

[3] الأمثال في القرآن لابن القيم ج1ص26.

[4] زاد المسير لابن الجوزي ج3ص290.

[5] التسهيل لعلوم التنزيل للكلبى ج2ص54.

[6] الدر المنثور للسيوطي ج3ص610.

[7] تفسير البغوي ج2ص213.

[8] التفسير الكبير للفخر الرازي ج15ص45-48.

[9] تفسير أبي السعود ج3ص292.

[10] تفسير الطبري ج9ص120.

[11] في ظلال القرآن لسيد قطب المتوفى سنة 1386 هـ دار الشروق ج 3ص321.

[12] الإحساس بالألم - الدكتور سالم عبد الله المحمود وفضيلة الشيخ عبد المجيد الزنداني - من منشورات هيئة الإعجاز العلمي بمكة المكرمة.

[13] تفسير أبو السعود إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود محمد بن محمد بن مصطفى العمادي المتوفى سنة 951 هـ - (ج 6 / ص 6).

[14] تفسير ابن عجيبة البحر المديد في تفسير القرآن المجيد لأبي العباس أحمد بن عجيبة الحسني النطواني المتوفى سنة 1224 هـ تحقيق عمر أحمد الراوي دار الكتب العلمية 2002م - (ج 5 / ص 312).

[15] روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني لشهاب الدين محمود ابن عبدالله الحسيني الألوسي المتوفى سنة 1270 هـ - (ج 17 / ص 455).

[16] تفسير روح البيان لإسماعيل حقي البروسوي ابن الشيخ مصطفى الإستانبولي الآيدوسي الحنفي الجلوتي أبو الفداء المتوفى سنة 1137 هـ دار الفكر بيروت 1980م - (ج 12 / ص 267).

[17] تفسير مفاتيح الغيب لأبي عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين الرازي الملقب بفخر الدين الرازي المتوفى سنة 606 هـ - (ج 13 / ص 256).

[18] زاد المسير لأبي الفرج ابن الجوزي المتوفى سنة 597 هـ - (ج 5 / ص 262).

[19] المحرر الوجيز لابن عطية أبو محمد عبدالحق بن غالب بن عبدالرحمن ابن تمام بن عطية المحاربي المتوفى سنة 541 هـ - (ج 5 / ص 474).

[20] تفسير فتح القدير لمحمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني المتوفى سنة 1250 هـ - (ج 6 / ص 280).

[21] تفسير القرطبي لأبي عبدالله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي القرطبي المتوفى سنة 671 هـ - (ج 1 / ص 375).

[22] الدر المصون في علوم الكتاب المكنون لشهاب الدين أبو العباس أحمد بن يوسف المعروف بالسمين الحلبي والمتوفى سنة 756 هـ - (ج 12 / ص 296).

[23] تفسير الثعالبي الجواهر الحسان في تفسير القرآن لأبي زيد عبدالرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي المتوفى سنة 876 هـ - (ج 3 / ص 323).

[24] تفسير الميزان للسيد محمد حسين الطباطبائي المتوفى سنة 1402 هـ - (ج 15 / ص 155).

[25] تفسير القرآن العظيم لأبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي المتوفى سنة 774 هـ دار طيبة الطبعة الثانية 1420هـ - 1999 م تحقيق     

    سامي بن محمد سلامة - (ج 7 / ص 93).

[26] تفسير القرطبي لأبي عبدالله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي القرطبي المتوفى سنة 671 هـ - (ج 12 / ص 59).

[27] تفسير التحرير والتنوير لمحمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور الشهير بالطاهر بن عاشور والمتوفى سنة 1393 هـ - ج17ص288.

[28] المفردات في غريب القرآن للأصفهاني ج1ص276.

[29] المفردات في غريب القرآن للأصفهاني ج1ص411.

[30] مجموع الفتاوى لابن تيمية ج9ص304.

[31] مفتاح دار السعادة ج1ص195.

[32] تفسير مفاتيح الغيب لأبي عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين الرازي الملقب بفخر الدين الرازي المتوفى سنة 606 هـ ج1ص503.

[33] الإحياء مع شرحه للزبيدي ج 8ص368.

[34] أبجد العلوم للقنوجي ج2ص377.

[35] دلائل الإعجاز للجرجاني ج1ص234.

[36] تفسير الطبري جامع البيان في تأويل القرآن لمحمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي أبو جعفر الطبري المتوفى سنة 310 هـ تحقيق أحمد محمد شاكر مؤسسة الرسالة الطبعة الأولى 1420 هـ - 2000 م - (ج 21 / ص 279).

[37] تفسير القرآن العظيم لأبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي المتوفى سنة 774 هـ دار طيبة للنشر والتوزيع الطبعة الثانية 1420هـ - 1999 م

    تحقيق سامي بن محمد سلامة - (ج 7 / ص 93).

[38] تفسير أبو السعود إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود محمد بن محمد بن مصطفى العمادي المتوفى سنة 951 هـ - (ج 6 / ص 6).

[39] تفسير السعدي تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان لعبد الرحمن بن ناصر بن السعدي المتوفى سنة 1376 هـ تحقيق عبد الرحمن بن معلا اللويحق مؤسسة الرسالة 1420هـ -2000 م الطبعة الأولى - (ج 1 / ص 722).

[40] تفسير الثعالبي الجواهر الحسان في تفسير القرآن لأبي زيد عبدالرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي المتوفى سنة 876 هـ - (ج 3 / ص 323).

[41] مراح لبيد لكشف معنى قرآن مجيد أو التفسير المنير لمحمد بن عمر نووي الجاوي المتوفى سنة 1316 هـ دار إحياء الكتب العربية - (ج 4 / ص 314).

[42] تفسير الماوردي النكت والعيون لأبي الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري الشهير بالماوردي المتوفى سنة 450 هـ تحقيق السيد بن عبد المقصود بن عبد الرحيم دار الكتب العلمية بيروت لبنان - (ج 4 / ص 12).

[43] تفسير السمعاني لأبي المظفر منصور بن محمد السمعاني المتوفى سنة 489 هـ - (ج 4 / ص 446).

[44] تفسير البغوي معالم التنزيل لأبي محمد الحسين بن مسعود البغوي المتوفى سنة 516 هـ دار طيبة للنشر والتوزيع 1417هـ - 1997م الطبعة الرابعة تحقيق محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش - (ج 7 / ص 115).

[45] تفسير مفاتيح الغيب لأبي عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين الرازي الملقب بفخر الدين الرازي المتوفى سنة 606 هـ - (ج 13 / ص 256).

[46] تفسير التحرير والتنوير لمحمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور الشهير بالطاهر بن عاشور والمتوفى سنة 1393 هـ - (ج 12 / ص 326).

[47] تفسير الميزان للسيد محمد حسين الطباطبائي المتوفى سنة 1402 هـ - (ج 15 / ص 155).

 

 

كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث
 
 قال الله تعالى : (وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (لأعراف:176).

 

هـذا النص القرآني الكريم جاء في بدايات الخمس الأخير من سورة الأعراف‏,‏ وهي سورة مكية‏,‏ وعدد آياتها‏(206)‏ بعد البسملة‏,‏ وهي من طوال سور القرآن الكريم‏,‏ وأطول السور المكية علي الإطلاق‏,‏ وقد سميت بهذا الاسم لورود الإشارة فيها إلي الأعراف وهي أسوار مضروبة بين الجنة والنار للحيلولة بين أهليهما تكريما لأهل الجنة‏,‏ وإذلالا وامتهانا لأهل النار‏.‏

وكطبيعة السور المكية‏,‏ يدور المحور الرئيسي لسورة الأعراف حول العقيدة الإسلامية القائمة علي أساس من التوحيد الخالص لله‏(‏ سبحانه وتعالي‏),‏ وعبادته وحده‏(‏ بغير شريك‏,‏ ولا شبيه‏,‏ ولا منازع‏,‏ ولا صاحبة‏,‏ ولا ولد‏),‏ والإيمان الكامل بوحي السماء‏,‏ والطاعة التامة لأوامر الله المنزلة علي فترة من الأنبياء والمرسلين‏,‏ ثم تكاملت وتمت وحفظت في القرآن العظيم وفي سنة النبي الخاتم والرسول الخاتم‏(‏ صلي الله وسلم وبارك عليه وعليهم أجمعين‏)‏ بنفس لغة الوحي‏(‏ اللغة العربية‏)‏ علي مدي يزيد علي الأربعة عشر قرنا‏,‏ وإلي أن يرث الله‏(‏ تعالي‏)‏ الأرض ومن عليها‏,‏ حتي يبقي ذلك حجة علي جميع العباد إلي يوم الدين‏.‏

ولقد أبرزت سورة الأعراف عقيدة التوحيد الخالص لله في ردود عدد من أنبياء الله ورسله علي أقوامهم وذلك بالقول السديد الذي سجله القرآن العظيم لهم حيث قالوا‏:‏

‏...‏ يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره‏....‏

وقد تردد هذا القول الرشيد أربع مرات في هذه السورة المباركة علي لسان كل من أنبياء الله‏:‏ نوح‏,‏ وهود‏,‏ وصالح‏,‏ وشعيب‏(‏ علي نبينا وعليهم وعلي جميع أنبياء الله السلام‏),‏ وأتبعت هذه الدعوة المباركة في كل مرة بتحذير شديد‏,‏ أو تقريع صاعق وذلك من مثل قول نبي الله نوح‏(‏ عليه السلام‏)‏ لقومه‏:...‏ إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم‏...(‏الأعراف‏:59)..‏ وقول نبي الله هود‏(‏ عليه السلام‏)‏ لقومه‏:..‏ أفلا تتقون‏(‏ الأعراف‏:65).‏ ومن مثل قول كل من نبي الله صالح‏,‏ ونبي الله شعيب‏(‏ عليهما من الله السلام‏)‏ كل إلي قومه‏:...‏ قد جاءتكم بينة من ربكم‏...(‏الأعراف‏:85,73).‏

هذا وقد سبق لنا تلخيص سورة الأعراف من قبل‏,‏ ولذلك فسوف أكتفي هنا باستعراض كل من ركائز العقيدة‏,‏ والإشارات الكونية والتاريخية في هذه السورة المباركة قبل الوصول إلي الدلالة العلمية للنص الكريم الذي اخترناه منها عنوانا لهذا المقال‏.‏

من ركائز العقيدة الإسلامية في سورة الأعراف

‏(1)‏ الإيمان بالله‏(‏ تعالي‏)‏ ربا‏,‏ وبالإسلام دينا‏,‏ وبسيدنا محمد‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ نبيا ورسولا‏,‏ وخاتما لهذه السلسلة الطويلة من الأنبياء والمرسلين‏,‏ فليس من بعده نبي ولا رسول‏.‏

‏(2)‏ الإيمان بالقرآن العظيم وحيا خاتما منزلا من عند رب العالمين‏,‏ علي خاتم أنبيائه ورسله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏),‏ والإيمان كذلك بضرورة دعوة جميع الناس إليه لإخراجهم من الظلمات إلي النور‏,‏ وإنذارهم من عاقبة إنكاره‏,‏ أو التنكر له‏,‏ أو التطاول عليه كما يحاول ذلك اليوم كثير من خفافيش الظلام المتسترين خلف شاشات الشبكة العنكبوتية المعروفة باسم شبكة المعلومات الدولية‏,‏ وهم لا يجرؤون علي المواجهة الفعلية لفساد معتقداتهم وانعدام حجيتهم‏.‏ ويجب علي كل مسلم ومسلمة تحمل كل شيء في سبيل تعريف الناس بالقرآن الكريم‏,‏ لأنه يمثل مواجهة كل صور الباطل التي عمت أرجاء الأرض في زمن الفتن الذي نعيشه بالخطاب الإلهي المحفوظ بحفظ الله من كل محاولات التحريف‏,‏ والباقي بصفائه الرباني في نفس لغة وحيه دون أن يضاف إليه حرف واحد أو أن ينتقص منه حرف واحد‏.‏ وهو وسيلة المسلمين اليوم لمواجهة موجات الكفر والشرك والضلال‏,‏ والظلم والجور والطغيان‏,‏ والفساد‏,‏ والانحراف والاستغلال التي تجتاح عالم اليوم وذلك بالدعوة إلي التوحيد الخالص لله‏(‏ تعالي‏),‏ ومراقبته وتقواه‏,‏ وإلي إقامة عدل الله في الأرض بدلا من النظم الجائرة‏,‏ والأوضاع الفاسدة‏,‏ والانحراف عن منهج الله‏.‏

‏(3)‏ اليقين بأن الله‏(‏ تعالي‏)‏ الذي أبدع هذا الكون بعلمه وحكمته وقدرته منزه عن الشريك‏,‏ والشبيه‏,‏ والمنازع‏,‏ وعن الصاحبة والولد‏,‏ لأن هذه كلها من صفات المخلوقين‏,‏ والخالق منزه تنزيها كاملا عن جميع صفات خلقه‏.‏

‏(4)‏ الإيمان بحتمية مساءلة المرسلين والمرسل إليهم‏,‏ وحساب كل فرد في الدنيا قبل الآخرة‏,‏ والتسليم بكل صور العقاب التي أنزلها الله‏(‏ تعالي‏)‏ بالكفار والمشركين والعصاة المتمردين من الأمم السابقة‏,‏ وبوصف أحوال كل من أهل النار وأهل الجنة‏,‏ كما أوضحها في محكم كتابه‏,‏ واليقين بحتمية البعث بعد الموت‏,‏ وبضرورة الحساب والجزاء في الآخرة‏,‏ وبالجنة والنار‏,‏ وبأن الحياة في أي منهما خلود بلا موت‏.‏

‏(5)‏ التسليم بضرورة الخضوع لله‏(‏ تعالي‏)‏ بالطاعة التامة‏,‏ وبعبادته بما أمر‏,‏ وبالشكر له علي عظيم نعمائه‏,‏ وبأن دعاء الله‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ تضرعا وخفية هو من أجل العبادات‏.‏

‏(6)‏ الإيمان بأن الله‏(‏ تعالي‏)‏ هو خالق كل شيء‏,‏ وبأن الإنسان مخلوق مكرم مادام مطيعا لأوامر الله‏,‏ فإذا خرج عنها ذل وهان‏,‏ وبأن الشيطان عدو للإنسان يحاول جاهدا غوايته كما فعل مع أبوينا آدم وحواء‏(‏ عليهما السلام‏)‏ في بدء خلقهما‏,‏ وبأنهما قد تابا إلي الله وأنابا‏,‏ وأن الله‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ قد قبل توبتهما‏,‏ وأن أحدا من ذريتهما لا يحمل شيئا من وزرهما الذي غفره الله لهما برحمته‏.‏

‏(7)‏ اليقين بأن الشرك بالله كفر به‏,‏ وأن التقول علي الله‏(‏ تعالي‏)‏ بما لم ينزل به سلطانا كفر به كذلك‏,‏ وأن الخوض في الفواحش ما ظهر منها وما بطن‏,‏ وفي الإثم والبغي بغير الحق خروج علي منهج الله‏,‏ وكذلك الإسراف والإفساد في الأرض‏.‏

‏(8)‏ الإيمان بأن الآجال والأرزاق محددة‏,‏ وبأنه لا توجد قوة في السماوات أو علي وجه الأرض ـ غير إرادة الله‏(‏ تعالي‏)‏ ـ تستطيع تغيير ذلك‏,‏ ومن ثم فلايجوز لمسلم أن يجبن أو أن يخاف غير الله الخلاق الرزاق ذي القوة المتين‏.‏ والتسليم بأن من اتقي وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون‏,‏ وأن من كذب بآيات الله واستكبر عنها فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون‏.‏

‏(9)‏ الإيمان بجميع رسل الله ورسالاته‏,‏ دون تفريق أو تمييز‏,‏ وبوحدة كل تلك الرسالات التي دعت الخلق إلي توحيد الخالق‏(‏ سبحانه وتعالي‏),‏ وبأن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده‏,‏ وأن العاقبة للمتقين‏.‏ والتحذير من التحوصل حول نبي واحد من أنبياء الله ونسيان الباقين أو إنكارهم‏.‏

‏(10)‏ التسليم بأن خاتم الأنبياء والمرسلين‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ مرسل للناس جميعا‏,‏ وأن ذكره العطر قد جاء في كتب الأولين من الأنبياء والمرسلين‏,‏ وأن إنكاره‏,‏ أو التنكر له‏,‏ ومحاولة التطاول عليه من أكبر الكبائر التي يمكن أن يستذل الشيطان عبدا من العباد إلي الوقوع فيها‏,‏ وعاقبة ذلك من أوخم العواقب في الدنيا قبل الآخرة‏,‏ وفي ذلك يقول ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏ الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون‏*‏ قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون‏.‏

‏(‏الأعراف‏:158,157)‏

‏(11)‏ الإيمان بأن لله‏(‏ تعالي‏)‏ الأسماء الحسني التي لايجوز أن يدعي إلا بها‏,‏ وأن الذين يلحدون في أسمائه سوف يجزون ما كانوا يعملون‏,‏ وبأن الملائكة لا يستكبرون عن عبادة الله‏(‏ تعالي‏)‏ وأنهم يسبحونه وله يسجدون‏,‏ والتسليم بأن الساعة الآخرة علمها عند الله‏(‏ سبحانه وتعالى‏)‏ وحده‏,‏ لايعلمها إلا هو‏,‏ وأنها ثقلت في السماوات والأرض‏,‏ وأنها لاتأتي الناس إلا بغتة‏.‏

 

من الإشارات العلمية في سورة الأعراف

 ‏(1)‏ الإشارة إلي عملية تصوير الإنسان بعد خلقه من طين‏.‏ تصويرا علميا دقيقا‏.‏

‏(2)‏ الإشارة الي السرعة الفائقة التي كانت الأرض تدور بها حول محورها أمام الشمس في بدء الخلق‏,‏ وهي حقيقة أثبتتها الدراسات العلمية مؤخرا‏.‏

‏(3)‏ وصف جميع أجرام السماء‏(‏ من مثل الشمس والقمر والنجوم بأنها مسخرات بأمر من الله‏(‏ تعالي‏)‏ الذي له الخلق والأمر‏.‏

‏(4)‏ تأكيد حقيقة أن الله‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ هو الذي يرسل الرياح‏,‏ ويزجي السحب‏,‏ وينزل المطر‏,‏ ويخرج النبت والشجر والثمر‏,‏ وأنه‏(‏ تعالي‏)‏ سوف يخرج الموتى بنفس طريقة إخراج النبت من الأرض‏.‏

‏(5)‏ ذكر أن للأرض عددا من المشارق والمغارب وهو ما أثبتته الدراسات الفلكية‏.‏

‏(6)‏ الإشارة إلي خلق جميع البشر من نفس واحدة‏,‏ وجعل زوجها منها‏,‏ وإلي تكدس الصفات الوراثية لبني آدم أجمعين إلي قيام الساعة في صلبي أبينا آدم وأمنا حواء لحظة خلقهما‏,‏ وإشهاد تلك الذرية ـ وهي في عالم الذر ـ بحقيقة الربوبية المنزهة عن الشريك والشبيه والمنازع والصاحبة والولد وعن كل وصف لايليق بجلال الله‏,‏ وعلم الوراثة يثبت وجود جميع الخلق في أصلاب الآباء منذ الخلق الأول‏.‏

‏(7)‏ دعوة الناس جميعا إلي النظر في ملكوت السماوات والأرض‏,‏ والتعرف علي شئ من صفات الله بالتعرف علي خلقه‏,‏ وعلي شئ من سنن الله في الكون وتوظيفها في عمارة الحياة علي الأرض‏,‏ وهو أساس من أسس المنهج العلمي في استقراء الكون‏.‏

‏(8)‏ الإشارة الي حقيقة أن البلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه‏,‏ وأن الذي خبث لا يخرج إلا نكدا‏,‏ وعلوم الزراعة والفلاحة تؤكد صدق ذلك‏.‏

‏(9)‏ تشبيه من آتاه الله شيئا من العلم فلم ينتفع به‏,‏ وانسلخ عنه ليتبع هواه والشيطان‏,‏ ويلهث وراء أعراض الدنيا الفانية لهاثا يشغله عن حقيقة رسالته في هذه الحياة فلا يستمع لنصح أبدا‏,‏ ولا لموعظة صادقة أبدا حتي يفاجأ بالموت ولم يحقق من وجوده شيئا‏,‏ وتشبيه ذلك بلهاث الكلب إن تحمل عليه بالطرد والزجر يلهث‏,‏ وإن تتركه يلهث والقصد في التشبيه التأكيد علي الوضاعة والخسة‏,‏ ولكن يبقي التشبيه حاويا لحقيقة علمية لم يصل إليها علم الإنسان إلا في العقود المتأخرة من القرن العشرين ومؤداها أن الكلب هو الحيوان الوحيد الذي يلهث بطريقة تكاد تكون مستمرة‏,‏ وذلك في محاولة منه لتبريد جسده الذي لايتوفر له شئ يذكر من الغدد العرقية إلا في باطن أقدامه فقط‏,‏ فيضطر إلي ذلك اللهاث في حالات الحر أو العطش الشديد أو المرض العضوي أو النفسي‏,‏ أو الإجهاد والإرهاق أو الفزع والاستثارة‏.‏

وكل قضية من هذه القضايا تحتاج إلي معالجة خاصة بها‏,‏ ولذلك فسوف أقصر حديثي هنا علي النقطة الأخيرة في القائمة السابقة والتي جاءت في الآية السادسة والسبعين بعد المائة من سورة الأعراف‏,‏ وقبل التعرض للدلالة العلمية لهذا النص القرآني الكريم لابد من استعراض سريع لأقوال عدد من المفسرين السابقين فيه‏,‏

من أقوال المفسرين في تفسير قوله‏(‏ تعالى‏):‏

‏..‏ فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث‏...‏

‏(‏الأعراف‏:176)‏

‏*‏ ذكر ابن كثير‏(‏ رحمه الله‏)‏ ما مختصره‏:..‏ أي فمثله في الخسة والدناءة كمثل الكلب إن طردته وزجرته فسعي لهث‏,‏ وإن تركته علي حاله لهث‏..‏

‏*‏ وجاء في تفسير الجلالين‏(‏ رحم الله كاتبيه‏)‏ ما نصه‏:..(‏ فمثله‏)‏ صفته‏(‏ كمثل الكلب إن تحمل عليه‏)‏ بالطرد والزجر‏(‏ يلهث‏)‏ يدلع لسانه‏(‏ أو‏)‏ إن‏(‏ تتركه يلهث‏)‏ وليس غيره من الحيوان كذلك‏,‏ وجملتا الشرط حال‏,‏ أي‏:‏ لاهثا ذليلا بكل حال‏,‏ والقصد التشبيه في الوضع والخسة‏,‏ بقرينة‏(‏ الفاء‏)‏ المشعرة بترتيب مابعدها علي ما قبلها من الميل إلي الدنيا واتباع الهوي‏,‏ وبقرينة قوله‏(‏ ذلك‏)‏ المثل‏(‏ مثل القوم الذين‏)(‏ كذبوا بآياتنا فاقصص القصص‏)‏ علي اليهود وعلي غيرهم‏(‏ لعلهم يتفكرون‏)‏ يتدبرون فيها فيؤمنون‏.‏

‏*‏ وذكر صاحب الظلال‏(‏ رحمه الله رحمة واسعة‏)‏ ما مختصره‏:..‏ ذلك مثلهم‏!‏ فقد كانت آيات الهدي وموحيات الإيمان متلبسة بفطرتهم وكيانهم وبالوجود كله من حولهم ثم إذا هم ينسلخون منها انسلاخا‏..‏ ثم إذا هم أمساخ شائهو الكيان‏,‏ هابطون من مكان الإنسان إلي مكان الحيوان‏..‏ مكان الكلب الذي يتمرغ في الطين‏..‏ وكان لهم من الإيمان جناح يرقون به إلي عليين‏,‏ وكانوا من فطرتهم الأولي في أحسن تقويم‏,‏ فإذا هم ينحطون منها إلي أسفل سافلين‏!!..‏ وهل أسوأ من هذا المثل مثلا؟ وهل أسوأ من الانسلاخ والتعري من الهدي مثلا؟ وهل أسوأ من اللصوق بالأرض واتباع الهوي مثلها؟ وهل يظلم إنسان نفسه كما يظلمها من يصنع بها هكذا؟ من يعريها من الغطاء الواقي والدرع الحامية‏,‏ ويدعها غرضا للشيطان يلزمها ويركبها‏,‏ ويهبط بها إلي عالم الحيوان اللاصق بالأرض الحائر القلق‏,‏ اللهاث لهاث الكلب أبدا‏!!‏

‏..‏ وبعد‏..‏ فهل هو نبأ يتلي؟ أم أنه مثل يضرب في صورة النبأ لأنه يقع كثيرا فهو من هذا الجانب خبر يروي؟ تذكر بعض الروايات أنه نبأ رجل كان صالحا في فلسطين وتروي بالتفصيل الطويل قصة انحرافه وانهياره‏,‏ علي نحو لا يأمنه الذي تمرس بالإسرائيليات الكثيرة المدسوسة في كتب التفاسير أن يكون هذا الخبر واحدة منها‏,‏ ولا يطمئن علي الأقل لكل تفصيلاته التي ورد فيها‏,‏ ثم إن في هذه الروايات من الاختلاف والاضطراب مايدعو إلي زيادة الحذر‏....‏

ورحم الله صاحب الظلال برحمته الواسعة علي هذا الحس النوراني الشفاف‏,‏ فلقد وجدت القصة بتفاصيلها في سفر الأعداد من العهد القديم‏,‏ وقد أمرنا رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ ألا نصدق أهل الكتاب‏,‏ ولا نكذبهم‏.‏

وأضاف صاحب الظلال‏(‏ أجزل الله له المثوبة جزاء ما قدم‏)‏ ليقول‏:‏ لذلك رأينا ـ علي منهجنا في ظلال القرآن ـ ألا ندخل في شئ من هذا كله بما أنه ليس في النص القرآني منه شئ ولم يرد من المرقوع إلي رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ عنه شئ وأن نأخذ من النبأ ما وراءه فهو يمثل حال الذين يكذبون بآيات الله بعد أن تبين لهم فيعرفوها ثم لايستقيموا عليها‏..‏ وما أكثر ما يتكرر هذا النبأ في حياة البشر‏,‏ ما أكثر الذين يعطون علم دين الله‏,‏ ثم لا يهتدون به‏,‏ إنما يتخذون هذا العلم وسيلة لتحريف الكلم عن مواضعه‏,‏ واتباع الهوي به‏..‏ هواهم وهوي المتسلطين الذين يملكون لهم ـ في وهمهم ـ عرض الحياة الدنيا‏..‏ وكم من عالم دين رأيناه يعلم حقيقة دين الله ثم يزيغ عنها‏,‏ ويعلن غيرها‏,‏ ويستخدم علمه في التحريفات المقصودة‏,‏ والفتاوي المطلوبة لسلطان الأرض الزائل‏!!‏ يحاول أن يثبت بها هذا السلطان المعتدي علي سلطان الله وحرماته في الأرض جميعا‏!!.‏

ويضيف صاحب الظلال‏(‏ أكرمه الله‏)‏ ما نصه‏:..‏ إنه مثل لكل من آتاه الله من علم الله‏,‏ فلم ينتفع بهذا العلم‏,‏ ولم يستقم علي طريق الإيمان‏,‏ وانسلخ من نعمة الله‏,‏ ليصبح تابعا ذليلا للشيطان‏,‏ ولينتهي إلي المسخ في مرتبة الحيوان‏!‏ ثم ما هذا اللهاث الذي لاينقطع؟ إنه ـ في حسنا كما توحيه إيقاعات النبأ وتصوير مشاهده في القرآن ـ ذلك اللهاث وراء أعراض هذه الحياة الدنيا التي من أجلها ينسلخ الذين يؤتيهم الله آياته فينسلخون منها ذلك اللهاث القلق الذي لايطمئن أبدا‏,‏ والذي لايترك صاحبه سواء وعظته أم لم تعظه‏,‏ فهو منطلق فيه أبدا‏..‏

‏*‏ وجاء في صفوة البيان لمعاني القرآن‏(‏ رحمه الله كاتبها برحمته الواسعة‏)‏ مانصه‏:(‏ إن تحمل عليه يلهث‏..)‏ أي إن شددت عليه وأجهدته لهث‏,‏ وإن تركته علي حاله لهث‏,‏ فهو دائم اللهث في الحالين‏,‏ لأن اللهث طبيعة فيه‏,‏ فكذلك حال الحريص علي الدنيا‏,‏ إن وعظته فهو لحرصه لايقبل الوعظ‏,‏ وإن تركت وعظه فهو حريص لأن الحرص طبيعة فيه‏,‏ كما أن اللهث طبيعة في الكلب‏.‏ واللهث‏:‏ إدلاع اللسان بالنفس الشديد‏..‏

‏*‏ وذكر كل من أصحاب المنتخب في تفسير القرآن الكريم وصفوة التفاسير‏(‏ جزاهم الله خيرا‏)‏ كلاما مشابها‏,‏ إلا أن الخبراء أضافوا مايلي علي هامش المنتخب‏:‏ أوردت هذه الآية ظاهرة مشاهدة وهي أن الكلب يلهث سواء حملت عليه أو لم تحمل‏,‏ وقد أثبت العلم أن الكلب لا توجد فيه غدد عرقية إلا القليل في باطن أقدامه‏,‏ والتي لا تفرز من العرق ما يكفي لتنظيم درجة حرارة جسمه‏,‏ ولذلك فإنه يستعيض عن نقص وسائل تنظيم الحرارة باللهث وهو ازدياد عدد مرات تنفسه زيادة كبيرة عن الحالة العادية مع تعريض مساحة أكبر من داخل الجهاز التنفسي كاللسان والسطح الخارجي من فمه‏.‏

 

من الدلالات العلمية للنص القرآني الكريم

الكلب‏(Dog=Canisfamiliaris)‏ من الثدييات المشيمية آكلة اللحم‏(CarnivorousPlacentalMammals)‏ التي تتبع رتبة خاصة من رتب طائفة الثدييات‏(ClassMammalia)‏ تعرف باسم رتبة آكل اللحوم‏(OrderCarnivora)‏ وتضم ثدييات من آكلة اللحوم مثل الكلب‏(Dog),‏ والذئب‏(Wolf),‏ والثعلب‏(Fox),‏ وابن آوي‏(Jackal),‏ والقط‏(Cat),‏ والنمر‏(Tiger),‏ والأسد‏(Lion),‏ والدب‏(Bear)‏ والفقمة أو عجل البحر‏(Seal),‏ وحيوان الفظ‏(Walrus)‏ وكلها تأكل اللحوم‏,‏ وإن كان بعضها مثل الدببة تأكل الخضراوات أيضا‏.‏

وتقسم رتبة الثدييات آكلة اللحم إلي عدد من الفصائل التي تشمل فيما تشمل
 ما يلي‏:‏

‏1‏ـ فصيلة الكلاب وأشباهها‏(FamilyCanidae)‏

‏2‏ ـ فصيلة الدببة وأشباهها‏(FamilyUrsidae)‏

‏3‏ ـ فصيلة القطط وأشباهها‏(FelidaeFamily)‏

‏4‏ ـ فصيلة الضباع وأشباهها‏(FamilyHyaenidae)‏

‏5‏ ـ فصيلة الراكون وأشباهه‏(FamilyProcyonidae)‏

وتتميز الثدييات المشيمية آكلة اللحم بأحجامها الكبيرة نسبيا‏,‏ وبعضلاتها المفتولة القوية‏,‏ وبتحور أسنانها لتناسب طبيعة الغذاء الذي تعيش عليه‏,‏ وأغلبه اللحوم والغضاريف والعظام‏,‏ ولذلك تخصصت أسنانها في القطع والتمزيق‏,‏ وبالقدرة علي الإمساك بالفريسة وحملها إلي مسافات بعيدة‏,‏ فالقواطع الأمامية تقطع‏,‏ والأنياب تمزق‏,‏ وكذلك المخالب القوية تمسك بالفريسة وتعين علي تمزيقها‏,‏ وهي في مجموعها حيوانات لها القدرة علي الجري السريع‏.‏

والكلاب في الطبيعة تميل إلي العيش في جماعات منظمة‏,‏ وإلي الخروج إلي الصيد في جماعات منظمة كذلك‏.‏

 

وتتميز الكلاب بالفكوك القوية‏,‏ والعضلات النامية‏,‏ وبجهاز هضمي مهيأ للتعامل مع اللحوم‏,‏ وبعدد من الحواس القوية مثل حاستي الشم والسمع‏,‏ وبغريزة اجتماعية واضحة تنظم حياة وجهود القطيع‏.‏

وعلي الرغم من الفوارق السطحية الكثيرة فإن الكلاب التي يوجد منها اليوم أكثر من مائة سلالة تنتمي كلها إلي نوع واحد يعرف باسم الكلب المعروف أو المستأنس‏(Canisfamiliaris)‏ الذي يتبع كلا من تحت العائلة الكلبية‏(SubfamilyCaninae),‏ والعائلة الكلبية‏(FamilyCanidae)‏ وفوق العائلة الكلبية التي تعرف باسم‏(SuperFamilyCanoidea).‏

 

وأبرز حواس الكلب نماء هي حاسة الشم التي تحلل الروائح المميزة مثل روائح العرق‏,‏ الدم‏,‏ والإفرازات الإنسانية والحيوانية الأخري‏,‏ وروائح الأنواع المختلفة من التربة‏,‏ والحشائش‏,‏ والمنتجات الزراعية‏,‏ والمركبات الكيميائية وغيرها‏.‏ وتنتقل الرائحة من الأنف‏,‏ والممرات الأنفية المصممة بدقة بالغة إلي مركز الشم في مخ الكلب وهو من أكبر المراكز المخية عنده حجما ونموا‏,‏ حيث تحلل الروائح وتسجل في برمجة محكمة‏.‏

وتلي حاسة الشم في الكلب حاسة السمع إذ يمكن لأذن الكلب أن تتلقي أصواتا تصل في سرعاتها إلي‏35,000‏ ذبذبة في الثانية‏,‏ مقارنة بحوالي‏25,000‏ ذبذبة في الثانية لأذن القط‏,‏ وحوالي‏20,000‏ ذبذبة في الثانية لأذن الإنسان‏,‏ وأضعف حواس الكلب هو البصر حيث لا تتمكن عين الكلب من تمييز الألوان علي الإطلاق‏.‏

ويرجع أقدم أثر للكلاب المستأنسة علي سطح الأرض إلي الفترة من‏12,000‏ إلي‏14,000‏ سنة‏,‏ مضت حين بدأ الإنسان في استئناسها‏,‏ ومنذ ذلك التاريخ لعب الكلب أدوارا مختلفة في عديد من الحضارات القديمة‏.‏

 

لماذا يلهث الكلب؟

يقال‏:(‏ لهث‏)‏ الكلب‏(‏ يلهث‏)(‏ لهاثا‏)‏ بضم اللام وفتحها إذا أخرج لسانه من الحر والعطش‏,‏ أو من التعب والإعياء والإجهاد والمرض‏,‏ و‏(‏اللهثان‏)‏ بفتح الهاء‏:‏ العطش‏,‏ وبسكونها‏:‏ العطشان‏,‏ والأنثي‏:(‏ لهثي‏).‏

ويعرف‏(‏ لهث‏)‏ الكلب و‏(‏لهاثه‏)‏ بأنه الأنفاس السريعة الضحلة التي يأخذها الكلب عن طريق فمه المفتوح‏,‏ ولسانه المتدلي إلي الخارج‏,‏ وذلك من أجل تزويد جسمه بقدر كاف من الأكسجين‏,‏و ضبط كل من كمية الماء ودرجة الحرارة في الجسم‏,‏ وتهويته في حالات الحر الشديد‏,‏ والسبب في ذلك أن جسم الكلب لا يحمل غددا عرقية إلا في باطن أقدامه فقط‏,‏ وهذه لا تفرز من العرق ما يكفي لتنظيم درجة حرارة جسمه‏,‏ ولذلك فإن الكلب يستعين بعملية‏(‏ اللهاث‏)‏ لتعويض غيبة الغدد العرقية في غالبية جسمه‏,‏ ولوجود الشعر الكثيف الذي يغطي أغلب الجسم فيرفع من درجة حرارته خاصة في غيبة الغدد العرقية التي تقوم بتنظيم درجة حرارة أجساد أغلب الكائنات الحية الأرضية‏.‏

واللهث هو زيادة في عدد مرات التنفس السريع والقصير المدي زيادة ملحوظة عن معدلات التنفس العادي مع تعريض مساحة أكبر من داخل الجسم كاللسان والفم ومن الجهاز التنفسي بدءا من المنخار إلي فراغات كل من الأنف والفم إلي كل من البلعوم والحنجرة‏,‏ والمريء‏,‏ والقصبات الهوائية أو الرغامي‏(Trachea)‏ لتيار مستمر من الهواء يزيد من كم الأكسجين الداخل إلي الجهاز التنفسي وفي نفس الوقت يقوم بتبخير جزء من الماء الموجود في الأنسجة التي يمر بها فيؤدي إلي تبريد الجسم وخفض درجة حرارته‏,‏ ويساعد علي ذلك ما يقوم به الكلب أحيانا من لحس الأطراف‏,‏ ولحس بقية مايطول لسانه من جسمه وتبليله بلعابه حتي يتبخر ذلك ويساعد علي خفض درجة حرارة جسمه‏.‏

ومن بديع صنع الخالق‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ أن لهاث الكلب يؤثر فقط علي مقدمات الجهاز التنفسي ولا يقتضي الانتفاخ الكامل للرئتين وأسناخهما‏(FullAlveolarInflation),‏ لإتمام عملية التبادل الكامل بين أكسجين الهواء الداخل وثاني أكسيد الكربون بالرئتين‏,‏ وذلك لأن أغلب الهواء الداخل بعملية اللهث لا تتجاوز حركته ما يسمي باسم الفراغ الميت من الجهاز التنفسي الذي يمتد من كل من الأنف والفم وفراغاتهما إلي كل من البلعوم‏,‏ والحنجرة‏,‏ والمريء‏,‏ والقصبة الهوائية بتفرعاتها‏,‏ ولكنه لا يكاد يصل إلي الرئتين‏,‏ حتي لا يؤدي ذلك إلي زيادة فقد ثاني أكسيد الكربون من الرئتين مما قد يتسبب في مرض يعرف باسم مرض القلاء‏(Alkalosis).‏

ومن احكام الخلق في بناء جسم الكلب أن عملية اللهاث تتم بأقل قدر ممكن من حركة العضلات‏,‏ وهي أكثر أجزاء جسم الكلب نموا‏(‏ ومن أبرزها عضلة اللسان‏),‏ وبحركتها ترتفع درجة حرارة الجسم‏,‏ ولذلك جعل الله‏(‏ تعالي‏)‏ الجهاز التنفسي للكلب جهازا شديد المرونة ينتفخ بأقل جهد ممكن أثناء عملية الشهيق‏,‏ ويعود إلي حجمه الطبيعي دون أي تدخل عضلي أثناء عملية الزفير وذلك في مصاحبة عملية اللهثان‏.‏

فعندما يبدأ الكلب في هذه العملية تنتقل سرعة تنفسه فجأة من‏30‏ ـ‏40‏ نفسا بالدقيقة إلي عشرة أضعاف ذلك‏(‏ أي إلي‏300‏ ـ‏400‏ نفس بالدقيقة‏).‏

فإذا عطش الكلب أو ارتفعت درجة حرارة جسمه أو حدث الأمران معا فإنه يبدأ في اللهث بمعدلات سريعة‏,‏ ثم يعود لتنفسه العادي‏,‏ ثم يلهث سريعا‏,‏ ثم يعود إلي التنفس البطيء حتي يحقق تبريد جسمه وضبط درجة حرارته‏,‏ ويعين علي ذلك قدر الهواء الداخل إلي مقدمات الجهاز التنفسي وما يحمل معه من بخار الماء الذي يتصاعد من الأنسجة التي يمر عليها وهو خارج إلي الجو مع عملية الزفير خاصة أن الممرات الأنفية والفمية للكلب مصممة بنظام يسمح بمرور كمية كبيرة من الهواء مع كل نفس‏,‏ كما يعين عليه المرونة الزائدة للجهاز التنفسي الذي يمتد مع الشهيق باستهلاك جزء يسير جدا من طاقة العضلات ويرتد بذاته مع عملية الزفير دون أدني تدخل عضلي‏..‏ وقد قدر أنه لو لم يكن للجهاز التنفسي للكلب هذا القدر من المرونة العالية لكانت الحرارة الناتجة من عملية اللهاث أكبر بكثير من الحرارة المفقودة بتبخير جزء من ماء الأنسجة المبطنة لمقدمات جهازه التنفسي بواسطة تيار الهواء المار بها أثناء عملية الزفير‏,‏ وذلك لأن الطاقة اللازمة لتحيرك عضلات الجهاز التنفسي عند غير الكلب من الثدييات آكلة اللحم‏(‏ اللاحمة‏)‏ هي طاقة كبيرة‏,‏ والحرارة الناتجة عنها هي حرارة ذات قيم مرتفعة‏.‏

والكلب يلهث عادة عند ارتفاع درجة حرارة جسده بسبب ارتفاع درجة حرارة البيئة التي يحيا فيها‏,‏ أو بسبب العطش‏,‏ أو بسببهما معا‏,‏ أو عند الإجهاد الشديد‏,‏ أو الإعياء والمرض العضوي أو النفسي‏,‏ أو عند الاستثارة والمفاجأة‏,‏ أو عند الفرح والرضا بصفة عامة‏.‏

والكلب له أصوات عدة غير اللهاث‏(Panting)‏ منها ما يلي‏:‏

نباح الكلب‏(BarkingorYelping),‏ وعواء الكلب‏Howling))‏ وهمهمات الكلب‏(Growling)‏ وأنين وهرير الكلب‏(Whining),‏ وهبهبة الكلب‏(Hubbubing),‏ وزمجرة الكلب‏(Snarling),‏ وغير ذلك من الأصوات التي لكل منها دلالته وتعبيره‏,‏ والكلب ـ كغيره من الحيوانات ـ له لغة تخاطب يتفاهم بها مع أفراد قطيعة ومع أمثاله من الحيوانات‏,‏ وله قدر من الذكاء والانفعال والقدرة علي التعبير‏.‏

ولكن حقيقة اضطرار الكلب إلي اللهاث المستمر تقريبا من أجل خفض درجة حرارة جسده‏,‏ أو للتعبير عن شدة عطشه‏,‏ أو عن الإجهاد الشديد الذي تعرض له‏,‏ أو عن عارض عرض له‏,‏ أو مرض عضوي أو نفسي ألم به‏,‏ أو فرح انتابه‏,‏ أو حزن لمس قلبه أو غير ذلك من الانفعالات ووسائل التعبير عنها‏,‏ وما أكثرها عند هذه العجماوات‏,‏ كل ذلك لم يعرف إلا في دراسات علم السلوك الحيواني‏,‏ وهي دراسات مستحدثة لم تتبلور إلا في القرن العشرين أو في العقود المتأخرة منه علي أحسن تقدير‏,‏ وتشبيه القرآن الكريم من انصرف عن الهداية الربانية إلي الانشغال التام بالدنيا والجري المتواصل من أجل تحصيلها دون التقاط للأنفاس‏,‏ أو توقف للتأمل والمدارسة بحال الكلب اللاهث في أغلب أحواله لتبريد جسده أو إطفاء ظمئه‏,‏ أو للتعبير عن رغبة عنده يعتبر سبقا علميا رائعا يشهد للقرآن الكريم بأنه لا يمكن أن يكون صناعة بشرية بل هو كلام الله الخالق الذي أنزله بعلمه علي خاتم أنبيائه ورسله صلي الله عليه وسلم‏,‏ وحفظه بعده في نفس لغة وحيه اللغة العربية وحفظه حفظا كاملا كلمة كلمة وحرفا حرفا‏.‏

المصدر : مقالة للدكتور زغـلول النجـار

جريدة الأهرام : العدد 42826 مارس   2004

 

 

نجاسة الكلب
 

 عن أبي هريرة قال: قال رسول الله –صلى الله عليه و سلم-: "طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرّات أولاهنّ بالتراب".

عن أبي هريرة قال : قال رسول الله –صلى الله عليه و سلم- : "إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه ثم ليغسله سبع مرارٍ.( مسلم في صحيحه (1/234) كتاب : الطهارة، باب : حكم ولوغ الكلب)

وعن أبي هريرة رَضيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: "من أمسك كلباً فإنه ينقص كل يوم من عمله قيراط إلا كلب حرث أو ماشية" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

معنى الأحاديث :

يشير الحديثان الواردان عن النبي صلى الله عليه وسلم إلى أمرين :

1.    ضرورة إراقة الإناء الذي ولغ فيه الكلب .

2.    تطهير الإناء الذي ولغ فيه الكلب بغسله سبع مرات أولها بالتراب .

 

رأي  العلم :

رأي العلم في الحديث الأول :  

أكّد الأطباء على ضرورة استعمال التراب في عمليّة غسل الإناء الذي ولغ فيه الكلب وبينوا سبب ذلك، حسب التفصيل الآتي :

- بين الأطباء السر في استعمال التراب دون غيره في مقال (للصحة العامة) جاء فيه: " الحكمة في الغسل سبع مرات أولاهن بالتراب: أن فيروس الكلب دقيق متناه في الصغر، و من المعروف أنه كلما صغر حجم الميكروب كلما زادت فعالية سطحه للتعلق بجدار الإناء و التصاقه به، و لعاب الكلب المحتوي على الفيروس يكون على هيئة شريط لعابي سائل، و دور التراب هنا هو امتصاص الميكروب – بالالتصاق السطحي – من الإناء على سطح دقائقه "[1].

- و قد ثبت علميا أن التراب يحتوي على مادتين قاتلتين للجراثيم حيث:" أثبت العلم الحديث أن التراب يحتوي على مادتين (تتراكسلين) و (التتاراليت) و تستعملان في عمليات التعقيم ضد بعض الجراثيم"[2].

- توقع بعض الأطباء الباحثين أن يجدوا في تراب المقابر جراثيم معينة بسبب جثث الموتى، لكن التجارب و التحاليل أظهرت أن التراب عنصر فعال في قتل الجراثيم... و هذا ما أعلنه مجموعة من الأطباء بقولهم : " قام العلماء في العصر الحديث بتحليل تراب المقابر ليعرفوا ما فيه من الجراثيم،  و كانوا يتوقعون أن يجدوا فيه كثيرا من الجراثيم الضارة، و ذلك لأن كثيرا من البشر يموتون بالأمراض الإنتانية الجرثومية، و لكنهم لم يجدوا في التراب أثرا لتلك الجراثيم الضارة المؤذية ... فاستنتجوا من ذلك أنّ للتراب خاصية قتل الجراثيم الضارة، و لولا ذلك لانتشر خطرها و استفحل أمرها، و قد سبقهم النبي – صلى الله  عليه و سلم- إلى تقرير هذه الحقيقة بهذه الأحاديث النبوية الشريفة"[3].

          - قال محمد كامل عبد الصّمد : "و قد تبيّن الإعجاز العلمي في الحثّ على استعمال التراب في إحدى المرّات السّبع[4]؛ فقد ثبت أنّ التراب عامل كبير على إزالة البويضات والجراثيم، و ذلك لأنّ ذرّات التراب تندمج معها فتسهّل إزالتها جميعا.. كما قد يحتوي التراب على مواد قاتلة لهذه البويضات..".[5]

          - لقد بين الأطباء في أبحاثهم سبب استعمال التراب و أن الماء وحده لا يغني عنه فقالوا:

" ... أما لماذا الغسل بالتراب ؟ ... إن الحُمة المسببة للمرض متناهية في الصغر، و كلما قل حجم الحمة إزداد خطرها، لازدياد إمكانية تعلقها بجدار الإناء، و التصاقها به، و الغسل بالتراب أقوى من الغسل بالماء، لأن التراب يسحب اللعاب و الفيرويسات الموجودة فيه بقوة أكثر من إمرار الماء، أو اليد  على جدار الإناء ، و ذلك بسبب الفرق في الضغط الحلولي بين السائل (لعاب الكلب)، و بين التراب، و كمثال على هذه الحقيقة الفزيائية إمرار الطباشير على نقطة حبر"[6].

 

رأي العلم في الحديث الثاني والثالث:

 وهما يشيران إلى إراقة الإناء الذي ولغ فيه الكلب ويحرم تربية الكلب لغير ضرورة.

لقد توصل العلم إلى حقائق مذهلة فيما يتعلق بنجاسة الكلاب وإليك بعض أقوال بعض أهل الاختصاص :

قال الدكتور الإسمعلاوي المهاجر: " أكد كشف طبي جديد حقيقة ما أوصى به نبي الإسلام محمد- صلى الله عليه و سلم- عندما حذر الأطباء من أن لمس الكلاب و مداعبتها  و التعرض لفضلاتها أو لعابها يزيد خطر الإصابة بالعمى، فقد وجد الأطباء بيطريون مختصون أن تربية الكلاب و التعرض لفضلاتها من براز و بول و غيرها، ينقل ديدان طفيلية تعرف باسم" توكسوكارا كانيس" التي تسبب فقدان  البصر و العمى لأي إنسان، و لاحظ الدكتور إيان رايت- أخصائي الطب البيطري في سومر سيت- بعد فحص 60 كلباً، أن ربع الحيوانات تحمل بيوض تلك الدودة في فرائسها، حيث اكتشف وجود 180 بويضة في الغرام الواحد من شعرها، و هي كمية أعلى بكثير مما هو موجود في عينات التربة، كما حمل ربعها الأخر 71 بويضة تحتوي على أجنة نامية، و كانت ثلاثة منها ناضجة تكفي لأصابة البشر، و أوضح الخبراء في تقريرهم الذي نشرته صحيفة " ديلي ميرور" البريطانية، أن بويضات هذه الدودة لزجة جدا و يبلغ طولها ملليمترا واحدا، و يمكن أن تنتقل

بسهولة عند ملامسة الكلاب أو مداعبتها، لتنموا و تترعرع في المنطقة الواقعة خلف العين، و للوقاية من ذلك ، ينصح الأطباء بغسل اليدين جيدا قبل تناول الطعام و بعد مداعبة الكلاب، خصوصا بعد أن قدرت الاحصاءات ظهور 10 آلاف اصابة بتلك الديدان في الولايات المتحدة سنويا، يقع معظمها بين الأطفال، و قد أوصى نبي الإسلام محمد- صلى الله عليه و سلم- منذ أكثر من 1400 سنة، بعدم ملامسة الكلاب و لعابها، لأن الكلب يلحس فروه أو جلده عدة مرات في اليوم ، الأمر الذي ينقل الجراثيم إلى الجلد و الفم و اللعاب فيصبح مؤذيا للصحة "[7]

- و قال الدكتور عبد الحميد محمود طهماز :" ثبت علميا أن الكلب ناقل لبعض الأمراض الخطرة، إذ تعيش في أمعائه دودة تدعى المكورة تخرج بيوضها مع برازه ، و عندما يلحس دبره بلسانه تنتقل هذه البيوض إليه، ثم تنتقل منه إلى الآواني  و الصحون و أيدي أصحابه، و منها تدخل إلى معدتهم فأمعائهم، فتنحل قشرة البيوض و تخرج منها الأجنة التي تتسرب إلى الدم و البلغم، و تنتقل بهما إلى جميع أنحاء الجسم، وبخاصة إلى الكبد لأنه المصفاة الرئيسية في الجسم... ثم تنمو في العضو الذي تدخل إليه و تشكل كيسا مملوء بالأجنة الأبناء، و بسائل صاف كماء الينبوع، و قد يكبر الكيس حتى يصبح بحجم رأس الجنين، و يسمى المرض: داء الكيس المائية و تكون أعراضه على حسب العضو الذي تتبعض فيه، و أخطرها ماكان في الدماغ أو في عضلة القلب، و لم يكن له علاج ... سوى العملية الجراحية".[8]

- و قد أكد الأطباء على خطورة هذه الدودة و سم اللعاب الذي تسبح فيه فقرروا أن: " المرض ينتقل في غالب الأحيان إلى الإنسان أو الحيوان عن طريق دخول اللعاب الحامل للفيروس ...إثر عضة أو تلوث جرح بلعابه"[9]

- و قد بيّن مجموعة من الأطباء مكان استقرار هذه الدودة من أجهزة الإنسان بعد وصولها إلى الجسم من طريق لعاب الكلب فذكروا أن : " ... الرئة تصاب بالدودة الأكينوكوكيّة Echinococcosis، فتؤدي الدودة الأكينوكوكيّة التي تستقر في الرئة ، و أحيانا في الكبد  و بعض الأعضاء الداخلية الأخرى إلى نشوء كيس مملوء بالسائل و محاط من الخارج بكبسولة من طبقتين ، و قد يصل حجم الكيس أحيانا إلى حجم رأس الوليد، و يتطور المرض بشكل بطيء و تحتفظ الدودة الأكينوكوكيّة بالنمو داخل الكيس لعدة سنوات، و يتم انتقال العدوى إلى الإنسان من الكلاب "[10]

المصدر : ملخص للمحاضرة التي ألقاها الأستاذ نجيب بوحنيك في المؤتمر السابع للإعجاز العلمي في القرآن والسنة في دبي 2004والتي كانت بعنوان : ولوغ الكلب بين استنباطات الفقهاء واكتشافات الأطبّاء

قام بتلخيصها والإضافة عليها وإعدادها فراس نور الحق .


[1] - الموسوعة العربية العالمية: مجموعة من العلماء الأطباء والأساتذة، مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع – الرياض- ط (2): (1419 هـ - 1999م).

[2] د/ هشام ابراهيم الخطيب: المضار الصحية لاقتناء الكلاب، الوعي الإسلامي –مارس1986م-

[3] عبد الحميد محمود طهماز: الكلب و الجراثيم و التراب، الأربعون العلمية – مجلة النهدي الثقافية- دار القلم (2003-2004).www.magazine.almahdi.ws .

[4] العثيمين : محمد بن صالح العثيمين : الشرح الممتع على زاد المستقنع، مطبعة الرّياض : (1407هـ-1997م).

[5] الإعجاز العلمي في الإسلام –السنة النبوية- (51).

[6] شبكة ياهووه الثقافية، سلسة الإعجاز –إذا شرب الكلب في إناء أحدكم – (2003).

و انظر: ابن سينا: الصحة و الطب: Maghrebmed: articlevétérinaire.htm.

[7] مقال بعنوان: كشف طبي يؤكد التحذير النبوبي من لمس الكلاب (Ismaily.Online.htm)

و انظر: القاموس الطبي لمجموعة من العلماء الأطباء ص(354).

[8] مقال : الكلب و الجراثيم و التراب، الأربعون العلمية- دار القلم-

و انظر : القاموس الطبي لمجموعة من الأطباء (858).

[9] ابن سنبا : الصحة و الطب (htm.Maghrebmd.article vétérinaire)

و انظر : الموسوعة العربية العالمية (20/12، 13).

[10] مجموعة من الأطباء و العلماء : الموسوعة الطبية (11/1961، 1962)

و انظر : السيد سلامة السقا: اللعاب القاتل، مجلة منار الإسلام (مارس 1986).

 

 

مواضيع ذات علاقة

اسم الموضوع

هجري

تاريخ الموضوع

الإعجاز في الكائنات الحية

23 شعبان 1429

2008/08/24

الإعجاز في جسم الإنسان في القرآن الكريم

06 شعبان 1429

2008/08/07