بقلم الشيخ عبد المجيد الزنداني
إن الله خلق الخلق وقدر المقادير وأجرى السنن لانتظام
سير الكون ، وضبط تعامل المخلوقات مع تلك السنن ولتكيف حياتها وفقاً
لها، ولكن الذي قدر تلك
السنن يستطيع أن يوجد آثارها عن طريقها أو عن طريق سنن أخرى غيرها أو
بأي كيفية يريدها في أي وقت يشاء. قال تعالى:
﴿ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا
أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ (يس:82). ومن ذلك ما
نعرفه من إجابة الله لدعاء المسلمين الذين يخرجون لصلاة الاستسقاء
عندما يشتد الجفاف في بلادهم فيفرج الله عنهم كربهم ويجيب دعوتهم ويسوق
الغيث إليهم في غضون ساعة أو ساعات ، وبعضهم لا يرجع من مكان صلاة
الاستسقاء إلا تحت وقع المطر في وقت يئس الناس فيه من سقوط المطر ، لأن
السنن المعتادة لنزوله غير متوفرة. لكن خالق السنن سمع استغاثة
الداعين ولجوء اللاجئين إليه ورأى مكانهم الذي هم فيه فساق إليهم المطر
بسنن أخرى إلى مكانهم المحدد على وجه الأرض، وهو القائل سبحانه:
﴿ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا
أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ (يس:82). والقائل
سبحانه ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي
عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ
فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾
(البقرة:186)سل أباك وأمك أو أحد أقربائك وسل شيوخك
العارفين برحمة ربك سميع الدعاء، سلهم عن إجابته دعوة المضطرين، وإغاثة
الملهوفين، سلهم كم أصيبت أراض بالجفاف، وانعدم المطر، فخرج المسلمون
كما علمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعون ربهم مستغيثين فيجيبهم
وينشر رحمته عليهم. ذلك هو التطبيق العملي الذي نعرف به أن الخالق
سبحانه هو سميع مجيب الدعاء وهو القائل:
﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي
فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ
فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾
(البقرة:186).
من غيث الاستسقاء- وإليك بعض الأمثلة:
أ- في منطقة حرف سفيان(14)عام 1973م
كان الصينيون يشقون طريق صنعاء -صعده وكانت لهم محطة أشغال في تلك
المنطقة وحفروا للناس آباراً ارتوازية، إذ اشتد الجفاف في تلك المنطقة،
فقال الشيخ عبدالله عشيش:" تعالوا
نخرج لصلاة الاستسقاء"، فلم يستجب الناس وخرج معه شخص واحد اسمه يحيى
الأقطل وصليا صلاة الاستسقاء في مزرعة يحيى الأقطل ودعوا الله تعالى
فأنزل الله المطر على تلك المزرعة دون غيرها من الأراضي الزراعية. وبعد
بضعة أشهر نبت الزرع في تلك المزرعة فكان المسافر إذا مر يرى منطقة
فيها زرع وباقي الأراضي ميتة ليس فيها زرع فيسألون فيقال لهم هذا زرع
يحيى الأقطل الذي صلى صلاة الاستسقاء !
ب-
وفي عهد الحكم
الشيوعي بالحبشة
اشتد القحط والجفاف وضاق الناس به حتى هلكت كثير من المواشي ومات بعض
الناس جوعاً. فاضطرت الحكومة الشيوعية للسماح للمسلمين والنصارى بإظهار
شعائر العبادة والدعاء لإنزال المطر. فقام النصارى في كنائسهم بالدعاء
والصلاة من أجل إنزال المطر، ولكن لم يستجب الله لهم.ودعا إمام الجامع
الكبير بأديس أبابا الذي يعتبر إماماً للمسلمين هناك إلى صلاة
الاستسقاء في يوم معين وندب المسلمين للصيام ثلاثة أيام قبل ذلك فخرجوا
لصلاة الاستسقاء، ففرح الشيوعيون بذلك ظناً منهم أنهم سيسخرون منهم كما
سخروا من النصارى قبلهم.ولقد ذكر إمام المسلمين في الحبشة لفضيلة الشيخ
الزنداني عن هذه الحادثة:" أصبحنا في مشكلة، فلم يعد همنا نزول المطر
بل أصبح همنا الخوف من الفضيحة بين النصارى والشيوعيين! فأخذنا ندعو
الله ونلح في الدعاء إلى أن جاء موعد صلاة الاستسقاء فخرجنا وصلينا
صلاة الاستسقاء فلم يأت وقت العصر حتى أنزل الله المطر مدراراً بعد
سنوات من الجفاف. فكان غيثاً للأرض وغيثاً لقلوب الشباب ، وقال النصارى
هذا مطر المسلمين وأقبل كثير من الشباب على الإسلام بعد أن كانوا قد
اعرضوا عنه .
جـ- ولقد ذكر للشيخ عبد المجيد الزنداني شيخ الأزهر جاد
الحق على جاد الحق رحمه الله :
اشتد على أهل سيناء الجفاف فأخبروني بذلك فقلت لهم: "صلوا صلاة
الاستسقاء". فجمع المحافظ الناس والعلماء. وخرجوا لصلاة الاستسقاء
فأنزل الله المطر سيولاً غزيرة فاتصل بي المحافظ قائلاً: "يا شيخ
المطرُ زادَ علينا فماذا نفعل ؟" فقلت له أدعو الله أن اجعله حوالينا
لا علينا.
د- فاز الطيب أوردغان أحد قيادات حزب الرفاه الإسلامي
في تركيا
في أواسط التسعينيات برئاسة بلدية اسطنبول في تركيا فقدم خدمات هائلة
للناس، وبقي عليه مشكلة الماء حيث كان نصيب الفرد من الماء مرة كل شهر
، فقال: "لقد تعلمنا في معاهد الدعاة والأئمة أنه إذا اشتد الجفاف يخرج
الناس لصلاة الاستسقاء". فدعا الناس إلى ذلك فاشتدت سخرية العلمانيين
من دعوته واشتد حرج المؤمنين من تلك السخرية. وقال لي الشيخ أمين سراج
إمام جامع الفاتح باسطنبول: "لقد خرجنا لصلاة الاستسقاء وهّمنا شماتة
العلمانيين ، فكنا نستغيث بالله ألا يفضحنا ونزلت الأمطار في اليوم
الثاني لصلاة الاستسقاء ، واستمر نزول المطر حتى امتلأت سدود اسطنبول
واكتفى الناس."
هـ- وحدث في عام 1417هـ أن قام فضيلة الشيخ عبد المجيد
الزنداني بزيارة لمنطقة يهر بيافع
من بلاد اليمن، وكانت المنطقة تعانى من الجفاف وشحة المياه، فقال الناس
له أثناء محاضرة للشيخ معهم كانت في الهواء الطلق:
"انظر يا شيخ إلى الزرع كاد أن يذبل وإلى
البُنّ كاد أن ييبس فاستسق الله لنا" فطلب منهم أن يؤمنوا على
دعاءه وأن يُخلصوا الدعاء، فدعوا الله وحينها قال أحد الحاضرين:
"إذا نزل المطر فسأصلي وأتوب من اليوم!"
وما هي إلا ساعة وثلث الساعة تقريباً حتى نزل المطر منهمراً على
تلك المنطقة والوادي بعد أن كان الجو جافاً لا تلوح فيه قزعة سحابٍ
فسبحان مجيب الدعاء .