بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

مرحبا بكم مع الشيخ خالدالمغربي - المسجد الأقصى

012

يوسف

آية رقم 047

قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ

صدق الله العظيم

 

فذروه في سنبله.. إعجاز علمي جديد
 

الأستاذ الدكتور. عبد المجيد بلعابد

يقول الله تعالى سبحانه وتعالى:{يوسف أيها الصديق أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف و سبع سنبلات خضر و أخر يابسات لعلي أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون. قال تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلا مما تأكلون  ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون. ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس و فيه يعصرون} 45/49 . صدق الله العظيم.

عندما نشئت المجتمعات البدائية كانت هناك تحولات جذرية قادتهم من اقتصاد البدو الرحل إلى اقتصاد يعتمد على الزراعة البدائية من جني لثمار و مزروعات. وكانت هناك بعض المشاكل منذ القدم حول التخزين بعد الجني و ما يلاحقها من إتلاف. أصبحت مشكلة النقص الغذائي التي تعاني منها الدول النامية من المشاكل التي تستأثر باهتمام الدارسين و الباحثين في مجال التنمية القروية أو الريفية باعتبار هذه الدول مستوردة للغذاء و تجد صعوبة في ضمان أمنها الغذائي، و مما يزيد مشكلة التغذية حدة ذلكم التزايد غير المتوازن مع الإنتاج الزراعي تبعا لتخلف هذه الدول ولعجزها عن توظيف التقنيات الحديثة في تطوير الإنتاج.

إن النمو الزراعي يستلزم بالأساس الزيادة في الإنتاج و الاستغلال الأمثل و الأنجع للمنتجات الزراعية.

في عالمنا الحالي ان الخسارة بعد الجني تقدر ب %5 إلى   %  10 من المنتوج العالمي من الحبوب. وهذه الخسارة قد تتعدى % 30 في المجتمعات المتأخرة تكنلوجيا ( المنظمة العالمية للزراعة و التغذية). في المغرب و الدول النامية الأخرى تشكل زراعة الحبوب إحدى الركائز للاقتصاد الوطني و تساهم  ب 3/1 الناتج الداخلي الزراعي الخام. إن المنتوج الوطني من الحبوب يتأثر مباشرة بالمتقلبات المناخية  و كذلك بالتقانات الحية المستعملة للانتقاء الأنواع الجيدة و ذات المردودية العالية و يعد مفهوم تخزين البذور في السنابل حسب ما ورد في الآية الكريمة (سورة يوسف 45/49) نظاما أساسيا للحفاظ على الإنتاج في ظروف بيئية قاسية، و هذا ما يجمع بين الزراعة و تقنيات التخزين و الحفاظ على المنتوج، كما يعد هذا التخزين نظاما ثقافيا تخوض بواسطته الجماعات البشرية معركة حقيقية لضمان إعادة الإنتاج باتباع استراتيجية متنوعة (تقنية و سلوكية و اجتماعية) من أجل البقاء، و هو ما يسمى بتدبير الإنتاج.

و من أوجه الإعجاز في قوله تعالى و ما حصدتم فذروه في سنبله إفادة أن التخزين بإبقاء الحبوب في سنابلها هو أحسن التقنيات و الأساليب للحفاظ على الحبوب المحفوظة داخل السنابل من غير أن ينال منها الزمن.

إن الذي يوقفنا في الآية ملحوظتان علميتان:

أولهما، تحديد مدة صلاحية حبة الزرع في خمس عشرة سنة هي حصيلة سبع سنوات يزرع الناس و يحصدون خلالها دأبا و تتابعا و هي سنوات الخصب و العطاء، يليها سبع سنواة شداد عجاف هي سنوات الجفاف يليها سنة واحدة هي السنة الخامسة عشرة  و فيها يغاث الناس و فيها يعصرون من الفواكه. و قد أفاد البحث العلمي أن مدة 15 سنة هي المدة القصوى لاستمرار الحبوب محافظة على طاقة النمو و التطور فيها.

و الثاني، طريقة التخزين وهو قوله تعالى فذروه في سنبله. و هي الطريقة العلمية الأهم في بحثنا.

في البداية الرسم رقم 1 يبين لنا مراحل نمو القمح و تطوره.

في هذه المراحل نستوحي قوله تعالى { ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض ثم يخرج منه زرعا مختلفا ألوانه ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يجعله حطاما إن في ذلك لذكرى لأولي الألباب} فهذه المراحل المذكورة في كتاب الله هي الأدق في تطور الزرع وفي إطار ترك البذور أو الحبوب في السنابل حسب ما ورد في سورة يوسف "فذروه في سنبله  قمنا ببحث تجريبي مدقق حول بذور قمح تركناها في سنبلها لمدة تصل إلى سنتين مقارنة مع بذور مجردة من سنابلها. و أظهرت النتائج الأولية  أن السنابل لم يطرأ عليها أي تغيير صحي و بقيت على حالها % 100 (الصورة رقم 2).

العوامل المختلفة و التي تلعب دورا في تغيير أو فساد البذور.

إن عامل الزمن يدخل في سرعة تفاعلات التدهور و التمزق الذي يمكن من معرفة المدة القصوى للتخزين.

*الحرارة لها تأثير مباشر مهم في رفع الإرتجاجات الجزئية. إن ارتفاع الحرارة يؤدي إلى ارتفاع تصادم الجزيئات مما يسهل تفاعلات التدهور و التمزق.

* مقدار الأكسجين و ثاني أكسيد الكربون يدخل في طريقة الإستقلاب الحيهوائي و لاحي هوائي للمتعضيات المجهرية و الخلايا الحية للحبوب. هذا المقدار يلعب دورا كذلك في التفاعلات الأنزيمية و الكيميائية على مستوى الأكسدة.

* التمييه هو العامل الأكثر أهمية في تقنية التخزين و يعد القاعدة الأساسية لفساد الحبوب.

حفظ الجودة و النوعية للمواد الغذائية.

إن هدف استعمال التكنلوجيا في تخزين هي وقاية من جميع الوسائل التي قد تؤدي إلى ضرر خاصة في نوعية وجودة الحبوب. هذه الوسائل التكنلوجية يمكن أن تبقي القيمة الصحية والغذائية إلى درجة عالية. في هذا المصطلح للنوعية هناك مظاهر مختلفة يمكن استخلاصها

1.    القيمة الغذائية.

في هذا الصدد غياب أو عدم وجود مواد سامة يشكل المعيار الأول و المهم عند الاستعمال للتغذية البشرية أو الحيوانية. و يحبذ التحقق من غياب التعفنات من بكتيريا و فطريات و بقايا المواد السامة المستعملة في الزراعة. إن معيار الجودة للتغذية من رائحة و ذوق و لون و تركيبة و نسجة الخ. للحبوب و بالخصوص للمواد الناتجة عن استعمال هذه الحبوب مثل عجينة الخبز.

2.    القيمة التكنلوجية.

هذا النوع من القيمة يشكل القدرة على الاستعمال في الصناعات الأولية.

المواد و التقنيات المستعملة في البحث.

3.    المواد الحية.

إن البحث الذي قمنا به كان على عينات من الحبوب بعد جني لسنة 1419ه لحبوب قمح صلب. 3 عينات استعملت هي بذور في سنابلها و بذور معزولة من سنابلها لمدة سنة و سنتات على التوالي. النباتات المنحدرة من هذه البذور استعملت في التجارب أيضا.

4.    التقنيات

2.2)  إنبات البذور

تبدأ العملية الأولى بإبادة الجراثيم بواسطة ماء جافيل لمدة  5 دقائق بعد ذلك تشللت 5 مرات بماء مقطر.ثم خضعت البذور إلى تبليل تحت ورقة مرشح جد مبللة بماء مقطر الكل في علبة بتري. الإنبات حصل تحت حرارة  °C 25.

2.2)   زرع النبيتات

النبيتات التي حصلنا عليها بعد إنبات البذور المذكورة سلفا نقلت إلى أصيص مملوء برمل معقم (يومين تحت حرارة 100 ). الإنبات قيد تحت حرارة °C  22 وِ16 ساعة من الضوء الاصطناعي. الوسط الزراعي متكون من العناصر المغذية الكاملة.

النبيتات المحصول عليها استعملت في دراسة النمو الجذعي و الجذري للنبات و كذلك لاستخلاص و معايرة صبغة اليخضور.

2.3)  تفريق انفصال صبغة اليخضور.

في هذا الانفصال استعملنا التحليل الكروماتوغرافي على طبقة رقيقة من السليكا. التفريق حصل بواسطة محلول مكون من أثير البترول/ اسيتون/ البنزين بمقاديرأحجام 34/12/6.

النتائج

اهتممنا في هذه الدراسة إلى:

تأثير طريقة التخزين على نزاهة البذرة.

1.    الحالة الصحية

بعد مضي سنتين من التخزين يمكننا أن نلاحظ بالعين المجردة حالة الحبوب في سنابلها و حالتها كذلك معزولة عن سنابلها. إن الصورة رقم 2 تبين لنا عدم التعفن من أي نوع كان لسنابل اختزنت في مكان لم تراعى فيه الشروط الصحية للتخزين و السنابل بقيت على حالها بنسبة % 100. مع العلم أن مكان التخزين كان عاديا و لم يراع فيه أي شرط من شروط الحرارة أو الرطوبة أو ما إلى ذلك

2.    الوزن الطري

في  هذا الإطار تبين أن البذور التي تركناها في سنابلها فقدت كمية  مهمة من الماء و أصبحت جافة مع مرور الوقت بالمقارنة مع البذور المعزولة من سنابلها، و هذا يعني أن نسبة 20.3% من وزن القمح المجرد من سنبله مكون من الماء مما يؤثر سلبا على مقدرة هذه البذور من ناحية زرعها و نموها و من ناحية قدرتها الغذائية لأن وجود الماء يسهل من تعفن القمح و ترديه صحيا.

3.    مقارنة القدرة الإنباتية

إن دراسة القدرة الإنباتية أاثبتت القدرة الفائقة و السرعة المتفوقة للإنبات بالنسبة للحبوب المخزنة في السنابل (الصورة رقم 2).

الصورة رقم 2. نمو بذور القمح أ: بقيت في سنابلها- ب: معزولة عن سنابلها لمدة سنة - ج : معزولة عن سنابلها لمدة سنتين

دراسة تأثير نوع التخزين على الحبوب و النباتات المنحدرة منها. في هذا الجزء من البحث اهتممنا بدراسة بعض مقاييس الشكل الخارجي و الفيزيولوجي للنبيتات المنحدرة من حبات قمح في سنابلها و حبات معزولة لمدة 1 سنة و 2 سنتين من سنابلها. وهذه المقاييس تتلخص في :

* نمو الجذوع

*نمو الجذور

*مقدار اليخضور

* القدرة التنفسية

هذه المقاييس تعطي بشكل دقيق مدى صحة النباتات. الصورة رقم 3 مكنت من مقارنة  نمو نبتة منحدرة من حبة تركت في سنابلها لمدة سنتين و أخرى عزلت من سنابلها لنفس المدة. النتيجة توضح أن التخزين في السنابل مكن من إعطاء نمو جيد مقارنة مع أخرى معزولة عن سنابلها.

ب أ

الصورة رقم 3. نبيتات منحذرة من بذور أ : في سنابلها لمدة سنتين

ب: معزولة عن سنابلها لمدة سنتين

و الرسم رقم 2 يثبت كذلك هذه النتيجة و يأكدها عند الجذور و الجذوع. إن سرعة النمو عند الجذوع و الجذور لنبات منحدر من حبات قمح تركت في سنابلها لمدة سنتين أهم و أكبر من النباتات المنحدرة من حبات قمح عزلت عن سنابلها لمدة سنتين مما يؤكد طريقة التخزين في السنبل و يبين أوجه الإعجاز العلمي في كتاب الله.

الرسم رقم 2. رسم بياني لنمو الجذور و الجذوع عند النوعين من البذور المستعملة أ : في سنابلها لمدة سنتين   -   ب: معزولة عن سنابلها لمدة سنتين

و موازاتا مع هذه النتائج قمنا بتقدير البروتينات و السكريات العامة التي توجد في البذور السنبلية. و الجدول رقم 1 يبين لنا أن البذور التي تبقى محفوظة في السنابل كميتها من البروتينات و السكريات العامة تبقى بدون تغيير أو نقصان أما البذور التي تعزل من السنابل فتتقلص كميتها بنسبة %  32 من البروتينات مع مرور الوقت بعد سنتين و بنسبة %  20 بعد سنة واحدة.

الجدول التبياني رقم 1. كميات البروتينات و السكريات العامة في بذور القمح التي بقيت في سنابلها و البذور التي جردت منها.

نوع البذور

 كمية البروتينات

mg / g MS

  كمية السكريات

mg/ g MS

سنبلية

2.25

29.24

معزولة عن سنبلها لمدة سنتين

1.7

29.75

أما في ما يخص تركبة اليخضور النباتي عند الأوراق فقد أكدت نتائج استخلاص اليخضور النباتي عند العينات الثلاث  و نباتات منحدرة منها أن اليخضور أ و ب يوجد عند الثلاث عينات مع مقادير متشابهة و المقدار المهم يوجد عند حبات قمح تركت في سنابلها ( أنظر الصورة رقم 4). إن مقارنة تركيبة امتصاص الصبغة الكلية (اليخضور أ و ب) (الرسم رقم 3) يبين تشابه في قمة الإمتصاص  الضوئي مجال اللون الأحمر عند اليخضور أ و ب فقط.

إن التحليل الأولي للمظهر الكروماتوغرافي في الصورة رقم 5 المحصل عليه في خلاصة الصبغة عند العينات الثلاثة السالفة الذكر يؤكد وجود ثلاثة مجالات على الأقل

مجال 1 : اليخضور ب                   لون أخضر مصفر   Rf=0.44

مجال 2 : اليخضور أ                      لون أخضر مزرق Rf= 0.48

.مجال 3 : الجزريات                      لون أصفر          Rf=0.96

مجالات أخرى تمت معرفتها و لكن غير مهمة.

النزاهة الغشائية

إن النزاهة الغشائية عند الحبوب قد قدرت بتتابع الموصلية الكهربائية في وسط حضانة مكون من ماء مقطر. هذه الدراسة تتمركز على العوامل التالية:

وضع  النبات في وسط ناقص التوتر أو وسط إعادة تمييه يعطي انتفاخ مختلف عند الخلية مصحوبا بخروج غير عادي للإليكتروليت. إن كمية هذا الخروج يكون مقيد سلبيا بالقدرة على مراقبة أغشية الخلية و نفاذية الأيونات. إن قياس موصلية محلول الحضانة (في وسط إعادة تمييه) يمكن من إعطاء مقدار الأيونات في هذا المحلول. النتائج الأولية المحصل عليها اظهرت (الرسم رقم 4 ) ارتفاع موصلية وسط إعادة التمييه لجميع الحبات سواء في سنابلها او معزولة عن سنابلها لمدة سنة و لمدة سنتين. الرسم يبين منحنى هذلولي مع كفة حصلت بعد 5 ساعات من الحضانة.

الأرقام العليا تمكن من تقدير خروج الإلكتروليت  الذي هو مهم عند الحبوب المعزولة من سنابلها مما يؤكد أن الأغشية الخلوية جد حساسة. أما الحبوب في سنابلها فلها موصلية كهربائية عادية.

الرسم رقم 3. مقارنة تركيبة امتصاص الصبغة الكلية

 

الصورة رقم 4. التحليل الأولي للمظهر الكروماتوغرافي

 

االرسم رقم 4. النزاهة الغشائية عند الحبوب قد بتتابع الموصلية الكهربائية

 

االرسم رقم 5. القدرة التنفسية عند حبوب معزولة من سنابلها لمدة سنتين و مخزونة في سنابلها .

أما بالنسبة للحامض النووي الريبوزي  ARNm الرسول المشفرلانزيم ا لأميلاز  α-amylase المستخلص من حبوب معزولة عن سنابلها مقارنة مع حبوب في سنابلها هو جد مهم في حبوب تحت إنبات في ظروف مناسبة وهي تركت من قبل في سنابلها مقارنة مع مثيلاتها معزولة من قبل عن سنابلها (الصورة أسفل).

الخلاصة

منذ العصور القديمة و المجتمعات البدائية تتخبط في بعض المشاكل التي تعيق تخزين المواد الغذائية. و القمح من الحبوب التي تم تخزينها على عدة طرق و منها ما ورد في كتاب الله فذروه في سنبله إلا قليلا مما تأكلون. و هذا مما علم الله يوسف من تأويل الأحاديث و النتائج المحصل عليها تؤكد الإعجاز العلمي في هذه الآية . و هذه الدراسة المتواضعة مكنت من معرفة المزايا الفيزيولوجية و سرعة النمو و ضعف الشدة التنفسية (الرسم رقم 5) عند الحبوب المخزونة في سنابلها بمقدار (182 µl/h/g ) يمكنها من المحافظة على طاقتها كليا بدون نقصان خاصة لما نعرف أن الشدة التنفسية مصحوبة دائما باستعمال السكريات و البروتينات مما يؤثر سلبا على طاقة النمو عند حبة القمح و سهولة التعفن و قياس الشدة التنفسية للحبوب بعد التمييه قد اقترحت لمعرفة مدى القدرة الصحية للحبوب و قابليتها للحياة.

إن تخزين الحبوب في السنابل كما ورد في القرآن الكريم أظهر نزاهة الأغشية عند الخلايا بعد دراسة خروج الإلكتروليت مع العلم أن وجود الجزريات بكمية مهمة عند النباتات المنحدرة من حبات القمح المعزولة من سنابلها يؤكد مقدرتها على النمو بواسطة مردود التركيب الضوئي مما يؤثر سلبا على قدرة النمو و المردودية. و أخيرا القيمة الغذائية عندما نتفحص كمية البروتينات و السكريات تؤكد أن الحبوب المخزونة في سنابلها لا تتأثر في كميتها مقارنة بانخفاض قد يصل ألى 30% من البروتينات عند الحبوب المعزولة من سنابلها. و هذا يتاكد في قول الله إلا قليلا مما تأكلون فكلمة قليلا تعني المدة الزمنية للتخزين بحيث عليهم أن ينزعوا من السنبل حاجاتهم الآنية فقط و هنا يكمن الإعجاز كذلك.

إعداد الأستاذ الدكتور. عبد المجيد بلعابد

جــــامــــعــــة محـــمــــد الأول

كـلــــيـة الـــعــلـوم

وجـــدة ص.ب 724

الـــمـغرب

الهاتف 1921256500606

الفاكس 1921256500603

belabed_abdelmajid@yahoo.fr

 

 

فذروه في سنبله –  معجزة علمية
 

بقلم الدكتور نظمي خليل أبو العطا

أستاذ علم النبات في جامعة عين شمس سابقا

ومدير مركز ابن النفيس في البحرين للاستشارات الفنية

نعيش اليوم مع جانب من جوانب التفسير العلمي النباتي في قوله تعالى : ( قال تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلاً مما تأكلون * ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدتم لهن إلا قليلاً مما تحصنون * ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون ) يوسف (47-48) .

وسوف يكون تركيزنا في التفسير العلمي على قوله تعالى : ( فذروه في سنبله )، وقوله تعالى :( إلا قليلاً مما تحصنون ).

قال الدكتور وهبة الزحيلي حفظه الله في التفسير المنير :

دأبًا: أي متتابعة على عادتكم المستمرة.

فذروه: أي فاتركوه وادخروه .

إلا قليلاً مما تأكلون: في تلك السنين فادرسوه , ( والدراس كما نعلم زراعيًا هو العملية التي يقوم بها الفلاح بفصل الحبوب من الأغلفة المحيطة بها، ثم بعد ذلك يقوم الفلاح بعملية التذرية لفصل الأغلفة تمامًا عن الحبوب.

قال الشيخ محمد الطاهر بن عاشور رحمه الله في تفسير التحرير والتنوير :

الإحصان: الإحراز، والادخار، أي الوضع في الحصن وهو المطمور .

وقال أبو بكر الرازي – رحمه الله – في مختار الصحاح .

المطمورة : حفرة يطمر فيها الطعام، أي يخبأ، وقد طمرها أي مَلأها.

قال الشيخ عبد الرحمن بن السعدي – رحمه الله – في تفسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان : ( تزرعون سبع سنين دأبًا ) أي متتابعات .

( فما حصدتم ) من تلك الزروع.

( فذروه ): أي اتركوه .

( في سنبله )لأنه أبقى له وأبعد من الالتفات إليه .

( إلا قليلاً مما تأكلون ) : أي دبروا أكلكم في هذه السنين الخصبة ، وليكن قليلاً ، ليكثر ما تدخرونه ويعظم نفعه ووقعه .

( إلا قليلاً مما تحصنون ) : أي تمنعونه من التقديم لهم .

قال الدكتور وهبه الزحيلي أيضًا:

أرشدهم إلى ما يفعلونه في سني الخصب . فقال : مما جنيتم في هذه السبع السنين الخصب من الغلال والزروع، فادخروه في سنبله، لئلا يأكله السوس، إلاَّ المقدار القليل الذي تأكلونه . فادرسوه ، ولا تسرفوا فيه لتنتفعوا بالباقي في السبع الشداد ، وهن السبع السنين الجدب التي تعقب هذه السنوات السبع المتتاليات .. لأن سني الجدب ، يؤكل فيها ما جمعوه في سني الخصب ، وهن السنبلات اليابسات.

ففي سني القحط لا تنبت الأرض شيئًا ، وما بذوره (فيها) لا يرجع منه شيئًا ، لهذا قال سبحانه ( يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا ) ، أي أن أهلها يأكلون كل ما ادخرتم في تلك السنين السابقة لأجل السنين الجدباء ، إلا قليلاً مما تخزنون ، وتحرزون ، وتدخرون لبذور الزراعة ويلاحظ أنه نسب الأكل للسنين والمراد به أهلها .

قال القرطبي - رحمه الله – في الجامع لأحكام القرآن (1).

آية ( تزرعون سبع سنين .. )، أصل في القول بالمصالح الشرعية ، التي هي حفظ (الدين) (2)والنفوس والعقول والأنساب والأموال ، فكل ما تضمن تحصيل شيء من هذه الأمور فهو مصلحة ، وكل ما يفوت شيئًا منها فهو مفسدة ، ودفعه مصلحة ، ولا خلاف في أن مقصود الشرائع إرشاد الناس إلى مصالحهم الدنيوية ، ليحصل لهم التمكين من معرفة الله تعالى وعبادته الموصلتين إلى السعادة الأخروية، ومراعاة ذلك فضل من الله عز وجل، ورحمة رحم بها عباده من غير وجوب عليه ولا استحقاق .

نصيحة العالم المخلص :

هذه نصيحة سيدنا يوسف عليه السلام مما علمه الله من تفسير الأحلام وتدبير الشؤون الاقتصادية، وما تعلمه في بيت العزيز من كيفية تدبير شؤون الدولة ، إنها نصيحة للملك، والوزراء، والمسؤولين عن الشؤون الزراعية، والمتنفذين لتفادي المجاعة، نصحهم بأن يزرعوا باجتهاد في سنوات المطر والماء الوارد من نهر النيل، ثم علمهم كيف يدخرون أهم المحاصيل المنتجة في السنين الممطرة، بأسلوب علمي تقني اقتصادي .

أرشدهم إلى طريقة تخزين إبداعية علمية متميزة فقال لهم: اتركوا الحبوب في سنابلها، واطمروها وحصنوها للأيام القادمة، وقد تولى بعد ذلك توزيعها بنفسه على الناس كما جاء في باقي آيات سورة يوسف .

والإحصان كما قال الشيخ محمد الطاهر بن عاشور - رحمه الله - هو الوضع في الحصن، وهو المطمور .

وعلمنا أن المطمور كما قال الرازي : المطمور حفرة يحفظ بها الطعام ، أي يخبأ ، وقد طمرها أي ملأها .

الرؤية العلمية للآية القرآنية :

قال لهم : ( فذروه في سنبله ) أي فاتركوه في سنبله .

والسنبلة (  Spike): عبارة عن مجموعة من الأزهار تجمعت بطريقة معينة ، وبترتيب معين على محور يسمى محورالسنبلة، ويسمى هذا التجمع بالنورة Inflorecence.

والسنبلة نوع من النورات غير محددة النمو لأن طرف المحور لا ينتهي بزهرة توقف نموه, ولذلك يزداد المحور في الطول، وتزداد عدد الأزهار التي يحملها بزيادة طوله.

وينتمي القمح Triticum vugariوالشعير Hordum vulgari والذرة الشامية Zea maysوالذرة العويجة Sorghum vulgari والأرز Oryza sativaإلى العائلة النجيلية Family : Gramineaeوهي أصل الغذاء في الأرض وتتركب سنبلة القمح ( أو نورة القمح ) من عدد من السنيبلات spikelet، تتكون كل سنبلة من عدد الأزهار الجالسة (بدون عنق) على محور (Rachilla) قصير مفصلي.

وتنظم الأزهار في صفين وتغلفها جميعًا قنابتان يطلق على السفلية منها اسم القنبعة الأولى (Firist Glume) وعلى الثانية العلوية القنبعة الثانية (Second Glume) وهي تنتمي إلى رتبة القنبعيات Order: Glumiflora.

 

 الشكل التالي يبين أقسام سنبلة القمح

وتحيط بكل زهرة قنايتان، أحدهما سفلية خارجية تقع في الجانب الآمامي من الزهرة وتسمى العصيفة السفلى (Lemma)، والأخرى علوية داخلية تقع في الجانب الخلفي من الزهرة تسمى العصيفة العليا (Palea) .

إذًا الحبوب تحاط من خارجها بالاغلفة التالية :

القنابع Glumes.

العصيفة العليا Palea.

العصيفة السفلى Lemma.

علاوة على أغلفة الحبة نفسها الملتصقة بالحبة , كل هذه الأغلفة لها دور رئيس في حفظ الحبوب بعيدًا عن التأثيرات البيئية الخارجية وعوامل التلف والأنبات.

وفي الذرة الشامية Zea maysتنشأ النورة المؤنثة (كوز الذرة) في جانبي ساق النبات ووسطه .

والنورة المؤنثة (كوز الذرة ) سنبلة مُحوَّره، تتركب من محور وسطي (القولحة التي ينتظم عليها الحبوب التي نأكلها) تحمل السنبلات المؤنثة مرتبة في أزواج في صفوف طولية، يتركب كل زوج من سنبلتين جالستين، وتتكون الزهرة من عصيفة قصيرة وإتْب، وهناك الذرة المغلفة (Pod Corn)، وفيها يغلف كل حبة غلاف من القنايات كما يغلف الكوز بأغماد الورق.

ولأغلفة الحبوب، وكوزالذرةأهمية في حفظ الحبوب عند التخزين بشرط الجفاف التام لجميع الأغلفة .

وفي الأرز تغطى الحبوب بأغلفة من القنابع والعصيفة والأتب.

والحبوب عبارة عن ثمار جافة ذات بذرة يخزن فيها الغذاء النشوي في نسيج الأندوسبرم .

الأغلفة ودورها في حماية الحبوب :

نخلص من الوصف السابق أن حبوب القمح، والشعير، والأرز، والذرة، مغطاة بأغلفة خاصة من الأوراق هي : القنابع, والعصيفات، وأغماد الأوراق، علاوة على أغلفة ( جُدُر ) الحبة الملتصقة بتركيب الحبة تمامًا بطريقة يصعب إزالتها باليد، وهي الأغلفة التي تميز الحبوب عن البذور، وتجعلها من الثمار، فالحبوب ليست من البذور، وهي من الثمار الجافة من النوع بُرَّه (Coryopsis) وهي كربلة واحدة تحتوي على بذرة واحدة – غلاف الثمرة يلتصق تمامًا بالقصرة .

 

صورة للأغلفة التي تحيط بحبة القمح

وهذه الأغلفة تحمي الثمرة وقت وجودها على النبات وبعد حصاده، وتمنع إنباتها على النبات الأم أو في وقت الدراس والتخزين .

أهمية ترك الحبوب في سنابلها :

    -       ترك الحبوب في أغلفتها وعلى محورها ( السنبلة ) يحفظ الحبوب من التلف لمدة طويلة للأسباب التالية :

-       الأغلفة بها مواد ( مثبطة للنمو ) تمنع إنبات الحبوب وهو على النبات الأم وبأغلفة الحبة مواد مثبطة للإنباتأيضاًتمنع إنبات الحبوب وقت الدراس والتذرية والتخزين السليم .

-       الأغلفة تحمي الحبوب من الجفاف أيام الصيف وحمايتها من الرطوبة الخارجية أمام الشتاء.

-       تحفظ الأغلفة درجة حرارة الحبوب من الارتفاع في الصيف ، والانخفاض في الشتاء , لأن هذه الأغلفة عازلة للحرارة ، وهذا يحفظ البذور بعيدًا عن التأثيرات الخارجية,ويساعد على حيوية الجنين ، وصلاحية الغذاء المدخر فيها لمدة أطول .

-       الأغلفة المحيطة بالحبوب تمنع وصول الرطوبة إلى الحبوب أو إلى فقدانها لرطوبتها الذاتية ، خاصة أن تلك الأغلفة المحيطة بالحبوب ملجننه الجدر ولا تتشرب الرطوبة بسهولة، وبذلك لا تنمو الفطريات وخاصة الجنس اسبرجيللاس Aspergillus وعفن الخبزRhizopus   والبنسليوم Penicillus، وهذا يحمي البذور من التحلل والتعفن أو احتوائها على السموم خاصة الأفاتوكسين التي ينتجها الفطر اسبرجيللاس فلافس Aspergillus flavus، وهذه المادة السامة تؤدي إلى سرطان الكبد ، وهي من أخطر آفات البذور والحبوب المحتوية على الزيوت والمخزنة بطريقة سيئة .

-       وجود الأغلفة بين الحبوب يؤدي إلى تهويتها وعدم تكدسها ، وعدم التهوية فالتكديس يؤدي إلى سرعة تعفن الحبوب وعزلهاعن البيئة الخارجية تساعد على حيوية الجنين وعدم موته ، وبذلك يمكن زراعته وإنباته بسهولة .

-       الأغلفة المغطاة للحبوب تمنع عملية الأكسدة الضوئية  للمحتويات الغذائية المدخرة من الحبوب ، وتمنع تزنخ Rancidityالمواد الدهية فيها، وتحافظ على البروتين من التغيير، فالضوء يؤدي إلى الأكسدة الضوئية، والإسراع في تزنخ الدهونوتغيير تركيب المواد الغذائية في الحبوب وغيرها.

-       الأغلفة تحمي الحبوب من سقوط جراثيم الفطريات، والخلايا البكتيرية على الحبوب مباشرة أو وصولها إليها فلا تنمو عليها وتتلفها بسهولة .

وكما قال الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور الإحصان في قوله تعالى : ( إلا قليلاً مما تحصنون )، هو الوضع في الحصن وهو المطمور .

وكما قال الرازي المطمورة: حفرة يطمر فيها الطعام أي يخبأ، وقد طمرها أي ملأها .

 

صورة لسنبلة قمح

وهذا معناه أن السنابل موضوعة في مخازن محصنة، وليست متروكة في الحقول أو الأجران أو في أماكن غير محصنة .

أو أنها مطمورة في حجرات تحت الأرض كما يفعل المصريون هذه الأيام في الفول المكمورة أو المطمورة حيث يخزنون القول في مخازن تحت الأرض مغطاة بتراب الأفران منعًا لتسويتها وأكسدتها ضوئيًا وتلفها .

منع البييضات الداخلية التي وضعتها الحشرات بحقنها داخل الحبوب قبل نضجها من إتمام دورة حياتها داخل الحبة وإفسادها وتسويسها .

حماية السنابل من التغييرات البيئية الخارجية ( الحرارة ، الرطوبة ، الضوء ) .

حماية الحبوب في المخازن المحصنة من الفئران ، والحشرات الخارجية ، والعصافير ، والحيوانات ، واللصوص ، والعبث ، والأمطار ، والسيول .

أثبتت بعض التجارب العلمية أن ترك الحبوب في السنابل لمدة عامين لم يطرأ عليها أي تغيير صحي وبقيت على حالتها100% بخلاف الحبوب المنزوعة الأغلفة.

أن البذور التي تركت في سنابلها فقدت كمية مهمة من الماء وأصبحت جافة مع مرور الوقت بالمقارنة مع الحبوب المفصولة من سنابلها ، وهذا يعني أن نسبة 20.3% من وزن الحبوب المجردة من سنابلها مكون من الماء مما يزيد تعفنها .

تفوقت بادرات الحبوب المتروكة في سنابلها في إنباتها وطول جذورها بنسة (20%) وكذلك طول الرويشات والسيقان بنسبة (32%) على بادرات الحبوب منزوعة الأغلفة .

نقصت كمية البروتين في الحبوب المفصولة عن سنابلها بنسبة (20%) بعد سنة واحدة ، (32%) بعد سنتين .

استخدام الصوامع والمخازن المحصنة :

 

صورة لصومعة حديثة يخزن فيها القمح

كلمة مما تحصنون تظهر أنهم استخدموا الصوامع والمخازن المحصنة في التخزين .

وهذا لا يمنعنا من استخدام التقنيات الحديثة في تخزين الحبوب ، ولكن سيدنا يوسف دلهم على طريقة علمية وتقنية تصلح لما هو متاح من علم وتقنية يومها .

لذلك نحن نحتاج إلى دراسات علمية بحثية في تخزين الحبوب والبذور والثمار تتلائم مع دعوة القرآن الكريم للعلم واستغلال نواميس الله في الكون .

وهذا غيض من فيض ما تحمله الآية من معاني علمية يمكن للمختصين غيرنا القيام بها ونشرها, فالقرآن لا تنقضي عجائبه لا تشبع منه العلماء ولا يخلق عن كثرة الرد . 

راسل المؤلف:

موبايل 0097339622238

هـ 0097317334685


(1)  نقلاً عن التفسير المنير.

(2)  في الأصل الأديان وهذا لا يجوز.

 

 

فذروه في سنبلة
 

د. عبد المجيد بلعابد

يقول الله تبارك وتعالى: (يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِيقُ أَفْتِنَا فِى سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ * قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِى سُنْبُلِهِ إلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ) (يوسف 45-49)

أصبحت مشكلة النقص الغذائي التي تعاني منها الدول النامية من المشكلات التي تستأثر باهتمام الدارسين والباحثين في مجال التنمية القروية أو الريفية باعتبار هذه الدول مستوردة للغذاء وتجد صعوبة في ضمان أمنها الغذائي، ومما يزيد مشكلة التغذية حدية ذلكم التزايد غير المتوازن مع الإنتاج الزراعي تبعاً لتخلف هذه الدول ولعجزها عن توظيف التقنيات الحديثة في تطوير الإنتاج.

إن النمو الزراعي يستلزم بالأساس الزيادة في الإنتاج والاستغلال الأمثل والأنجح للمنتجات الزراعية.ويعد مفهوم تخزين البذور في السنابل ( حسب ما ورد في الآية السابقة ) نظاما أساسيا للحفاظ على الإنتاج في ظروف بيئية قاسية. وهذا ما يجمع بين الزراعة وتقنيات التخزين والحفاظ على المنتوج ، كما يعد هذا التخزين نظاما ثقافيا تخوض بواسطته الجماعات البشرية معركة حقيقية لضمان إعادة باتباع استراتيجية متنوعة ( تقنية و سلوكية و اجتماعية ) من أجل البقاء ، وهو ما يسعى بتدبير الإنتاج.

ومن أوجه الإعجاز في قوله تعالى  ( فما حصدتم فذروه في سنبله ) إفادة أن التخزين بإبقاء الحبوب في سنابلها هو أحسن التقنيات والأساليب  للحفاط على الحبوب المحفوظة داخل السنابل من غير أن ينال منها الزمن.

إن الذي يوقفنا في الآية الكريمة ملحوظتان علميتان :

1 ـ تحديد مدة صلاحية  حبة الزرع في خمس عشرة سنة هي حصيلة سبع سنوات يزرع الناس و يحصدون خلالها دأبا وتتابعا وهي سنوات الخصب والعطاء ، يليها سبع سنوات شداد عجاف هي سنوات الجفاف يليها سنة واحدة هي السنة الخامسة عشرة وفيها يغاث الناس وفيها يعصرون من الفواكه ، وقد أفاد البحث العلمي أن مدة 15 سنة هي المدة القصوى لاستمرار الحبوب محافظة على طاقة النمو و التطور فيها .

2 ـ طريقة التخزين وهو قوله تعالى ( فذروه في سنبله ) وهي الطريقة العلمية الأهم في بحثنا:

في البداية مراحل نمو القمح وتطوره، في هذه المراحل نستوحي قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِى الأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إنَّ فِى ذَلِكَ لَذِكْرَى لأُوْلِي الأَلْبَابِ). فهذه المراحل في كتاب الله هي الأدق في تطور الزرع والحبوب.

يتبين أن أحسن وأفضل تخزين للبذور هي الطريقة التي أشار بها نبي الله يوسف ـ- عليه السلام - وهي من وحي الله له

وفي إطار ترك البذور أو الحبوب في السنابل ـ قمنا ببحث تجريبي مدقق  حول بذور قمح تركناها في سنبله لمدة تصل إلى سنتين مقارنة مع بذور مجردة من سنابلها ، وأظهرت النتائج الأولية أن السنابل لم يطرأ عليها  أي تغيير صحي وبقيت حالتها 100%.

مع العلم أن مكان التخزين كان عاديا ولم يراع فيه أي شروط الحرارة أو الرطوبة أو ما إلى ذلك . وفي هذا الإطار تبين أن  البذور التي تركناها في سنابلها فقدت كمية مهمة من الماء وأصبحت جافة مع مرور الوقت بالمقارنة مع البذور المعزولة من سنابلها ، وهذا يعني أن نسبة 20.3% من وزن القمح المجرد من سنبله مكون من الماء مما يؤثر سلباً على مقدرة هذه البذور من ناحية زرعها ونموها ومن ناحية قدرتها  الغذائية لأن وجود الماء يسهل من تعفنه وترديه صحي.

ثم قمنا بمقارنة مميزات النمو (طول الجذور وطول الجذوع) بين بذور بقيت في سنبلها وأخرى مجردة منها لمدة تصل إلى سنتين يبين أن البذور في السنابل هي أحسن نمواً بنسبة 20% بالنسبة لطول الجذور و 32% بالنسبة لطول الجذوع. وموازاة مع هذه النتائج قمنا بتقدير البروتينات والسكريات العامة التي تبقى بدون تغيير أو نقصان أما البذور التي تعزل من السنابل فتنخفض كميتها بنسبة 32% من البروتينات مع مرور الوقت بعد سنتين وبنسبة 20% بعد سنة واحدة.

وبهذا يتبين في هذا البحث أن أحسن وأفضل تخزين للبذور هي الطريقة التي أشار بها يوسف ـ عليه السلام ـ وهي من وحي الله.

ومن المعلوم أن هذه الطريقة لم تكن متبعة في القدم وخاصة عند المصريين القدامى الذين كانوا يختزنون الحبوب على شكل بذور معزولة عن سنابلها وهذا يعتبر وجهاً من وجوه الإعجاز العلمي في تخزين البذور والحبوب في السنابل حتى لا يطرأ عليها أي تغير أو فساد مما يؤكد عظمة الوحي ودقة ما فيه من علم.

المصدر:نقلاً عن موقع الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة www.nooran.og

 

 

مواضيع ذات علاقة

اسم الموضوع

هجري

تاريخ الموضوع

الإعجاز في النباتات

25 شعبان 1429

2008/08/26