الدكتور محمد نزار الدقر
قال تعالى: (وَهُوَ
الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا
وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ
مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ
تَشْكُرُونَ)
النحل: الآية: 14.
وقال تعالى: (وَمَا
يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ
وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا
وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ
لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ
تَشْكُرُونَ)
فاطر ـ الآية: 12.
وقال تعالى: (أُحِلَّ
لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَّكُمْ
وَلِلسَّيَّارَةِ
) المائدة الآية: 96
.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي
eقال:
(أخلت لنا ميتتان ودمان. فأما الميتتان
فالحوت الجراد (وفي رواية: السمك والجراد) وأما الدمان فالكبد
والطحال) صحيح الجامع الصغير.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي
eحين
سئل عن البحر قال: (هو الطهور ماؤه الحل
ميتته) رواه الترمذي وقال حديث صحيح.
وفي جواب النبي
eعن
أسئلة لأحد أحبار اليهود، فيما يرويه أنس رضي الله عنه عن النبي
eقوله:
(وأما أول طعامك يأكله أهل الجنة فزيادة كبد
الحوت) أي القطعة الزائدة منه رواه البخاري. وفي رواية مسلم عن
ثوبان أن اليهودي سأل النبيe :
فما تحفتهم حين يدخلون الجنة؟ قال: (زيادة
كبد النون، والنون الحوت)
وقد ثبت عن رسول الله
eفيما
رواه جابر، حينما أخبره جماعة من الصحابة عن أكلهم حوتاً قذفه البحر
يدعى العنبر، أنه قال: (هو رزق أخرجه الله
لكم، فهل معكم من لحمه شيئاً فتطعمونه؟ قال جابر: فأرسلنا إلى رسول
الله
eمنه
فأكله)رواه البخاري ومسلم.
قال ابن القيم: (أصناف السمك كثيرة، وأجوده ما لذ طعمه وطاب ريحه وتوسط
مقداره وكان رقيق القشر، ولم يكن صلب اللحم ولا يابسه وكان في ماء عذب
ويغتذي بالنبات لات بالأقذار وأصلح أماكنه ما كان فينهر جيد بالماء
والسمك البحري فاضل محمود لطيف، وهو يخصب البدن ويزيد في المني ويصلح
الأمزجة الحارة).
وأما داود الأنطاكي فيقول: (وأجود السمك الأبيض بالصفار وفوق ظهره بقع
خضر وألطف أنواعه الشبوط المعروف بالبوري ثم البني ثم الأليرك (القشر)
ثم القشوة (القرموط) ثم الأنكليس وينفع السمك من الاستسقاء والسل
والقرحة وضعف الكلى وأوجاع الظهر والمفاصل وكله يهيج الباه، وأولى ما
أكل من السمك مشوياً بالخل والثوم والخردل).
ويعتبر السمك واحداً من الأغذية التي تشكل الطعام الرئيسي للملايين من
البشر كاليابانيين وسكان أندونيسيا
والأسكيمو، وحيث تقدم لهم مردوداً بروتينياً ممتازاً يفوق اللحم
بمقاديره.
وبروتين السمك ذو قيمة غذائية عالية، سهل الهضم ولا يخلف بعد امتصاصه
إلا القليل من الفضلات والأبيض منه أسهل هضماً من اللحم ولذا فهو يعتب
غذاء مفيداً للمرضى المصابين باضطرابات في جهازهم الهضمي، كما يحتوي
على جميع البروتيدات الكبريتية الرئيسية.
ويتميز الدهن الموجود في السمك بغناه بالحموض الدسمة غير المشبعة، وهي
حموض مفيدة وغير ضارة وتتصف بقدرتها على خفض مستوى الدهون في الدم مما
يجعلها مفيدة في الوقاية من تصلب الشرايين وخاصة من أمراض الشرايين
الإكليلية القلبية. ودهن السمك أسهل هضماًَ من دهن اللحم وإن نسبة
اليود الموجودة فيه تسهل على العصارة المعثكلية مهمة امتصاصه.
وتحتوي الأسماك على كمية من الدهن تختلف حسب نوعها وحسب الفصول. فالسمك
الأبيض كسمك القد والكولي يحتوي فقط على % من وزنه دهناً أما الأسماك
الدهنية كالسلمون والمرقط
Troutوالسردين
والطون فإنها تحتوي على 5-25% من وزنها دهناً.
ويعتبر الحنكليس من الأسماك كثيرة الدهن المتوفرة في أسواقنا أما
المعجنات فيعتبر السردين والطون من الأسماك الدهنية الجيدة والمغذية
جداً. وهي أفضل بكثير من اللحوم المعلبة وليعلم أنه كلما ارتفعت نسبة
الدهون في السمك كلما كانت أكثر فائدة للجسم.
ولحم السمك الدهني غني بالفيتامينات الذوابة في الدسم وخاصة(
أ و د) أما الأسماك البيضاء فإن هذه الفيتامينات موجودة في زيت
كبدها وليس في لجمها. وإن غنى السمك بهذه الفيتامينات تجعل منه علاجاً
ناجعاً للخرع عند الأطفال (أو يعطوا زيت السمك) إلا أن السمك فقير
عموماً بالفيتامينات ب، كما أنه لا يحتوي مطلقاً على الفيتامين (ج ـ
C).
وبيوض السمك [Caviar]ذات
قيمة غذائية عالية لكنها باهظة الثمن.
وتعتبر الأسماك مصدراً جيداً للأملاح المعدنية وخاصة اليود والصوديوم
والبوتاسيوم والكالسيوم والفسفور والكلور والكبريت، لكنها فقيرة
بالحديد. أما الكلس فمعظمه موجود في العظام. وتؤمن عظام الأسماك
المطهية في المعلبات مصدراً جيداً للكلس.
وهناك أهمية كبرى لغنى السمك باليود الذي يفيد في عمل الغدة الدرقية إذ
يدخل في تركيب هرمونها (التيروكسين)
وإن المناطق النائية عن البحار والتي يفتقر سكانها إلى اليود في غذائهم
بصابون بضخامة وبائية في الغدة الدرقية، واليود يعالج هذه الحالة
تماماً.
ونظراً لما يحتويه لحم السمك من الفسفور والحموض الدهنية الأساسية فإن
لتناوله ضرورة بالغة لنمو وتغذية الدماغ كما أنه يفيد المصابين باضطراب
الذاكرة.
وإن تناول السمك للنباتات المغمورة في أعماق الماء والحاوية على
البلادونا يؤدي إلى اختزانها في لحمه، وهذا السبب بشعور الإنسان بجفاف
في اللسان والحلق بعد تناوله وجبة سمك دسمة وهذه المادة مع البروتين
الممتاز الذي يحتويه السمك تنفع في آفات الجهاز الهضمي، فهو يضاد المغص
المعدي ويهدئ ثوران المعدة وحموضتها ويقلل من القلق مما يجعله نافعاً
للمصابين بالقرحة الهضمية.
أما زيت السمك فهو الزيت الناجم عن عصر لحم السمك الدهني، أما زيت كبد
الحوت فينتج عن عصر كبد الحوت في محتواه من الزيت وهو أغنى
بالفيتامينات أ و د من زيت السمك
لكنه أقل منه وفرة بالأحماض الدهنية الأساسية.
ويطلق اسم زيت السمك الصافي على الزيت الذي لم يتعرض لعمليات كيميائية
وفيزيائية وهذا ما يميزه عن زيت السمك المصنع، وحتى اليوم فلا ينصح إلا
باستعمال زيت السمك أو زيت الحوت الصافي والذي يحتوي على عوامل علاجية
نفقد بالتصنيع.
السمك كعلاج:
قام الدكتور سينور وزميله
بدراسة على 135 مريضاً مصابين بارتفاع دهون الدم مع اختلاطات قلبية عند
البعض وبعد المعالجة بزيت السمك لمدة شهرين انخفضت الغليسيريدات
الثلاثية إلى مستواها السوي، وتبقى منخفضة طالما استمر المريض على
تناوله وتشير الدراسات الحديثة أيضاً على أن تناول زيت السمك، أو وجبات
من السمك الدهني يؤدي إلى الإقلال من تشكل الخثرات (الجلطات) في شرايين
الجسم لأن ذلك يؤدي إلى إطالة زمن النزف ونقص لزوجة الدم.
وقد أثبت هيراري ندرة حدوث أمراض
شرايين القلب والدماغ عند سكان قرية يابانية
يعتمد سكانها على السمك كغذاء رئيسي.
وقد أظهرت دراسة كرومهوت 1985 أن
معدل الوفيات بأمراض شرايين القلب كانت منخفضة جداً عند الذين يعتادون
أكل السمك بالمقارنة مع أولئك الذين لا يتناولوه وتبين لهم أن تناول
وجبة أو وجبتين من السمك أسبوعياً تلعب دوراً هاماً في الوقاية من
احتشاء العضلة القلبية. كما أن تناول السمك من قبل المصابين بالإحتشاء
أدى إلى انخفاض نسبة الوفيات عندهم في السنين التي تلت الإصابة.
وتبين الدراسات قلة إصابة سكان الأسكيمو
بتصلب الشرايين، علماً بأنهم يتناولون السمك أضعاف ما يتناوله غيرهم،
كما أن نسبة حدوث احتشاء العضلة القلبية عندهم وعند اليابانيين اقل
بكثير من المجتمعات الغربية. وقد ثبت أن تناول 30غ من السمك في الأسبوع
يؤدي إلى الوقاية من مرض شرايين القلب إلا أنه يجب تجنب السمك المقلي
أو المملح
.
وقارن ليف ودبير بين الأسبرين وزيت
السمك فيبين أن للأسبرين تأثيراً واحداص في الوقاية من احتشاء القلب
وهو تأثيره على الصفيحات الدموية، أما زيت السمك فيمارس دوره في
الوقاية من (الجلطة) على عدة مستويات وبآليات مختلفة مماغ يظهر أن له
منافع تفوق السبرين()
. كما أكد كريمو فائدة زيت السمك في تخفيف الآلام المفصلية، وعدد
المفاصل المؤلمة وتيبس المفاصل عند المصابين بالتهاب المفاصل عند
المصابين بالتهاب المفاصل الرثواني، وذلك بسبب تأثيره على
البروستاغلاندينات المسؤولة عن الألم والإلتهابات، كما تفيد في زيادة
نشاط المريض وقدرته على الحركة.
وتبين للباحثين تحسن أعراض داء الصدف عند العديد من المرضى خلال شهرين
من تناول 10 كبسولات من زيت السمك يومياً أو ما يعادل تناول وجبة من
السمك الدهني
.
وباحثون من النرويج أكدوا فائدة زيت السمك في معالجة التهاب الجلد
التأتبي
Atopic dermatitisحيث
ظهر تحسن واضح في الأعراض بعد تناوله لمدة شهرين -3 شهور
.
وأظهرت دراسة أمريكية جديدة فائدة زيت السمك للمرضى المصابين بداء
رينو حيث ظهر تحسن واضح في تحمل
هؤلاء للبرد وخفت شدة الأعراض عندهم وذلك بسبب تأثيره الموسع للشرايين.
كما تبين أنه علاج فعال للمصابين بالشقيقة ويكفي لذلك 2-4 كبسولة
يومياً ولمدة 6 أسابيع.
وفي عدد تشرين الأول من مجلة
Cgestالأمريكية
نشرت توصيات مؤتمر علمي لباحثين في أمراض والقلب والأوعية كان منها:
1ـ أوصى بتناول 30-40غ من السمك يومياً، أو تناول وجبتين من السمك
أسبوعياً على الأقل، للوقاية من احتشاء القلب.
2ـ يخفض زيت السمك مستوى الغليسيريدات الثلاثية في الدم.
3ـ الجرعات العالية أو المتوسطة من زيت السمك تؤدي إلى نقص الدم عند
المصابين بارتفاع الضغط الشرياني أما آلية ذلك فما تزال مجهولة.
ويؤكد الدكتور
Goodright أن
تناول كميات متوسطة من السمك الدهني (وجبتان في الأسبوع) يؤدي إلى
انخفاض نسبة الوفيات عند المصابين باحتشاء العضلة القلبية. وأخيراً تدل
أبحاث حديثة على أن زيت السمك قد يخفف من حدوث الانسمام الحملي
.
أهم مراجع البحث
1ـ د. حسان شمسي باشا: عن كتابه (الأسرار الطبية الحديثة في السمك
والحوت) ـ جدة: 1993.
2ـ د. صبري القباني: عن كتابه (الغذاء لا الدواء) ـ بيروت: 19925.
3ـ د. السيد العجيلي: عن كتابه (الإعجاز الطبي في القرآن) دمشق.: 1989.
4ـ ابن قيم الجوزية: عن كتابه (الطب النبوي).
5ـ د. تول أ (Tull A)
عن كتابه (Food and Nutration)
ـ أكسفورد ـ 1989.
6ـ د. محمد شفيق البابا: عن كتابه (التغذية الصحيحة) ـ دمشق 1985.
7ـ ابن ألأثير الجزري: عن كتابه (جامع ألصول في أحاديث الرسول
e).