بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

مرحبا بكم مع الشيخ خالدالمغربي - المسجد الأقصى

016

النحل

آية رقم 068

وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ

صدق الله العظيم

 

أسرار العكبر تتجلى في الطب الحديث
 

 

 

صورة لمادة العكبر التي ينتجها النحل المصدر chinabee.en.alibaba.com

 

الدكتور حسان شمسي باشا

استشاري أمراض القلب

في مستشفى الملك فهد للقوات المسلحة بجدة

زميل الكلية الملكية للأطباء الداخليين في لندن

زميل الكلية الملكية للأطباء الداخليين في غلاسجو

زميل الكلية الملكية للأطباء الداخليين في أيرلندا

زميل الكلية الأمريكية لأطباء القلب

 استخدم العكبر لعدة قرون في الطب الشعبي واكتشف حديثا أن أكثر آلات الكمان النفيسة في العقدين الماضيين (بما فيها الآلات التي صنعها الإيطالي الشهير ستواديفاري) كانت قد عوملت بالعكبر . ويقال أن  هذا الطلاء هو المسؤول أيضا عن تميز صوت هذه الآلات فما هي!!!

قصته في الطب الحديث ؟
يعرف  العكبر بعدة اسماء منها صمغ النحل وغراء النحل
..ويقال أن  أرسطو هو من سمى هذه المادة باسمها اللاتيني (propolis)والمكون من كلمتين (pro) وتعني  "قبل أو أمام" ، وكلمة (polis) تعني "المدينة أو الحصن "...
والعكبر مادة غروية صمغية
 تسيح من بعض أنواع الأشجار ، وذات لون بني أو بني مخضر و له رائحة ذكية تشبه رائحة الفانيلا وإذا حرق اصدر رائحة عطرية ممتعة جداً.
ويجمع النحل هذا العكبر من لحاء (القشور) والبراعم الزهرية لعدة نباتات منها اشجار البلوط والحور والصنوبر وغيرها.

وفي الخلية تقوم النحل بإضافة مفرزات لعابية مختلفة إلى هذا الصمغ ، كما تضيف إليه شرائح من الشمع الذي تصنعه النحل أيضا ، فيخرج مزيج  خاص من صنع النحل تستخدمه  في طريقتين : الأولى في تثبيت خلية النحل ودعمها وإغلاق الثقوب والفوهات التي فيها ، وثانيها كمادة حامية لخلية النحل تقف سدا منيعا ضد دخول تلك الجراثيم والفطور إلى الخلية !! .

كما يستعمل النحل هذا العكبر لتضييق مداخل خلاياه في فصل الشتاء ، وكذلك في لصق الاطارات الخشبية الخاصة بخلية النحل ، وفي تثبيت الاقراص الشمعية في سقوف جحوره التي يسكنها في الجبال أو في الاشجار. و يستخدمه  النحل  ايضاً في تحنيط الحشرات والكائنات التي تغزو خلاياه مثل الفئران والوزغ والدبابير وغيرها ، بعد ان يقتلها بوخزها  بآلة اللسع ، فيغطيها بطبقة من العكبر ليمنعها من التحلل ، ثم بطبقة من الشمع الذي يفرزه حتى لا تفسد هذه الكائنات جو الخلية !!.
ويقول الخبراء أن العكبر موجود منذ أكثر من 45 مليون عام ، وأنه استخدم من قبل الإنسان لآلاف السنين .

واستعمل أبوقراط العكبر كمرهم في علاج الجروح والقروح.وبعد اربعة قرون كتب الطبيب الروماني الشهير " ليني" عن فوائد العكبر في شفاء القروح وتخفيف التورمات وتطرية المناطق القاسية.واستعمل العكبر في القرون الوسطى كمادة مضادة لالتهابات جوف الفم ومضاد لقلح الأسنان. كما استعمل في علاج الزكام وآلام المفاصل ، ومن إحدى العادات المتبعة في ذلك الحين أن توضع كمية قليلة منه على سرة الوليد !!.
ولكنه استهوى فؤاد الباحثين في السنوات الأخيرة بسبب اكتشاف خواصه الفعالة المضادة للجراثيم، والمضادة للأكسدة ، والمضادة للقروح ، إضافة إلى فعاليته كمضاد للأورام السرطانية

تركيب العكبر :

 ويتركب العكبر من مركبات صمغية وبلسم بنسبة 55 % ، ومن شمع النحل بنسبة 30 % ومن زيوت عطرية بنسبة 10 % ، ومن حبوب الطلع بنسبة 5 % . أما تركيبه الكيميائي فهو معقد جدا ، إذ يحتوي على أكثر من 300 مركب اكتشف حتى الآن ، ومنها البولي فينول ، والفينول ألدهايد ، والكينين ، والكومارين ، والأحماض الأمينية وغيرها .

والحقيقة أن ما يحتويه العكبر من هذه المواد يختلف باختلاف المصدر المأخوذ منه ( باختلاف  نوع الأشجار ) وباختلاف الفصول .والعديد من هذه المركبات له خواص فعالة ، فهو غني بأحماض البنزويك والكافييك ، والسناميك ، والفينوليك . كما أنه غني جدا بالفلافينويدات ، ولهذه المركبات الأخيرة تأثيرات مفيدة لصحة الإنسان ومؤكدة بالدراسات العلمية. ومن هذه الفلافينويدات التي يحتويها العكبر ما يسمى بـ أبيجينين Apigenin و غالانجين galangin و كامفرول kaempferol و  لتولين  leutolin و بنوسمبرين pinocembrin .

وقد قام باحثون من كرواتيا بتحليل كمية الفلافينويدات الموجودة في العكبر ، ثم درسوا تأثير خلاصة العكبر في عشر مستحضرات تجارية ، فوجدوا اختلافا كبير في كمية الفلافينويدات التي تحتوي عليها مستحضرات العكبر . وجدوا أن معظم أنواع العكبر المتوفرة لديهم كانت تحتوي على مركبات الفلافينويدات بنسبة تترواح بين 0.78 % و 18.9 %  . وكان معظمها يحتوي على نسبة تقل عن 9 % . وبعدها تمت دراسة تأثير محاليل العكبر على ستة أنواع من الجراثيم الشهيرة التي كثيرا ما تصيب الإنسان وتجعله أسير الفراش . وهي " المكورات العنقودية " ، والإيشيريشا القولونية ، والمكورات العقدية

والمكورات المعوية Entercoccus Faecalis ،وعصية القيح الزرقاء Pseudomonas  ، والـ Bacillus subtilis ، فتبين أن كل محاليل العكبر التي كانت تحتوي على نسبة من الفلافينويدات تزيد عن 1 % فقط كانت قادرة على محاربة الجراثيم ولها خواص مضادة للجراثيم الستة التي تم دراستها . وقد نشر هذا البحث في مجلة Acta Parm في شهر ديسمبر 2005 .

ومن دبي ، خرجت دراسة من كلية الصيدلة ، ونشرت في مجلة Pak J Pharma Sci عام 2006 . اكتشف فيها الدارسون وجود 24 مركبا  في العكبر المصري والعكبر الإماراتي . وأن بعض هذه المركبات لم يكن قد اكتشف من قبل .

إذ يحتوي العكبر المصري على كميات عالية من الأحماض الأليفاتية Aliphatic والأحماض العطرية ( بنسبة 13.7 % ) كما يحتوي على الفينولات والكحولات والاسترات بنسبة تصل إلى 17 % إضافة إلى الفلافون والأنثراكيون وغيرهما . أما العكبر الإماراتي فهو غني بالأحماض الأليفاتية ، في حين يحتوي على نسبة قليلة من الأحماض العطرية .

واكتشف العلماء الباحثون في البرازيل أنه يوجد في العكبر البرازيلي الأحمر 14 مركبا تمكن العلماء هناك من التعرف عليها . وقال هؤلاء إن ثلاثة من تلك المركبات على الأقل له خواص مضادة للجراثيم ، ومركبان لهما تأثيرات مضادة للأكسدة . هذا ما أوردته دراسة نشرت في شهر يونيو 2006 في مجلة  Evid Based Complement Alternat Med

خواص دوائية :

ويجمع الباحثون على أن للعكبر خواص دوائية عديدة ، ومنها فعاليته كمضاد للجراثيم ، وكمضاد للفطور. يقول الدكتور Broad burst في مقال بعنوان : " منتجات النحل : دواء من خلية النحل " نشر في مجلة Nut Sci Neuro " إن العكبر غني بالفلافينويدات ، وكثير منها يمتلك تأثيرا مضادا للالتهاب ، ومرخيا لتقلص الأمعاء ، ومضادا للتحسس ، ومضادا للأكسدة وللسرطان ، وهو غني أيضا بحمض الكافيك Caffeic Acid ، والذي أثبتت الدراسات العلمية أنه يثبط نمو الخلايا السرطانية ويقلل من العملية الالتهابية ، أما الأحماض العضوية Organic Acid الموجودة في العكبر فيعزى لها تأثيراته المضادة للجراثيم والفيروسات . فقد أظهرت الدراسات المخبرية أن العكبر يثبط نمو عدد من الجراثيم  . ومن هنا تأتي أهمية العكبر في علاج الجروح حيث يقلل من الالتهاب ، ويزيد من نمو الخلايا الجديدة في الجروح" .

العكبر مضاد للجراثيم

فمن البرازيل ظهرت دراسة أوضحت بجلاء خواص العكبر الفعالة المثبطة لجرثوم المكورات العنقودية وهي من الجراثيم الشائعة التي تصيب الإنسان . كما أكدت أن استعماله مع المضادات الحيوية الأخرى يزيد من نشاط وفعالية تلك المضادات الحيوية .

وقد قام فريق من الباحثين في إيطاليا بالتأكد من فعالية استخدام العكبر في الوقاية من حدوث التهابات المجاري التنفسية الجرثومية التي كثيرا ما ترافق حدوث الأمراض الفيروسية كالزكام والإنفلونزا . ونشروا هذا البحث في مجلة Chemother في شهر أبريل 2006 ،حيث أجرى الباحثون دراسة تأثير العكبر على تلك الجراثيم التي يمكن أن تسبب التهاب المجاري التنفسية ، وكانت النتائج مشجعة جدا بحيث دعا الباحثون إلى إمكانية استخدام العكبر ( بسبب خواصه المضادة للجراثيم وللالتهاب ) كمساعد للمضادات الحيوية التي تستخدم في تلك الحالات .

 وكشف باحثون آخرون من إيطاليا النقاب عن أن خلاصة العكبر لا تقوم بفعل مضاد للجراثيم فحسب ، بل إنها تزيد بشكل كبير من فعالية المضادات الحيوية الشهيرة مثل أمبيسيللين ، وجنتاميسين ، وغيرهما ، في حين تزيد بشكل معتدل فعالية مضادات حيوية أخرى مثل  ceftriaxone , vancomycin  ، غير أنها لا تزيد من تأثير الإيريثرومايسين . وقد نشرت هذه الدراسة في مجلة Microbiol Res  في شهر يناير 2006 .

وأكدت ذلك دراسة  اخرى نشرت في مجلة Mem Inst Oswaldo Cruz في شهر أغسطس 2005 ، حيث وجد القائمون على تلك التجربة أن هناك تعاضدا Synergism في الفعل المضاد للجراثيم بين خلاصة العكبر وكل من خمس مضادات حيوية من أصل 9 مضادات حيوية تمت دراستها في مختبرات التجربة ، وهذه المضادات الحيوية الشهيرة هي Gentamycin ، Tetracycline ، Vancomycin .

كما أن إضافة العكبر إلى مضاد حيوي شهير هو ciprofloxacin قد أعطي تأثيرا أكبر وأكثر فعالية . وقد نشرت هذا البحث مجلة Mol Cell Biochem في شهر يناير 2006

العكبر .. مضاد للفطور:

يحتوي العكبر على مواد لا يقل تأثيرها الفعال في مقاومة الفطور عن أحدث الأدوية المتوفرة لدى الأطباء حاليا . فقد قارن الباحثون من الأرجنتين في دراسة نشرت في مجلة J Appl Microbiol  في شهر تموز ( يوليو ) 2006 بين تأثير المكونات الفعالة للعكبر وهي بنوسمبرين Pinocembrin  وغالنجين Galangin ، وتأثير دوائين شهيرين فعالين في معالجة الأمراض الناجمة عن الفطور وهما : Ketoconazole و Clotrimazole .

وجد الباحثون أن لخلاصة العكبر ومركباتها المذكورة تأثيرا فعالا كمضاد للفطور . وقال الباحثون بإمكانية استخدام خلاصة العكبر في هذا المجال لما تتميز به من رخص الكلفة بالمقارنة مع الأدوية التركيبية.

العكبر .. والسرطان :

وفي دراسة مخبرية نشرت في مجلة Phytomedicine في شهر نوفمبر 2005 ، ذكر الباحثون أن لخلاصة العكبر تأثيرا مضادا للسرطان ، وذلك بتركيزات عالية من العكبر ، إذ يحتوي على الفلافينويدات والأحماض الدهنية والأحماض العطرية ، واسترات هذه الأحماض . ويعزى لهذه الفلافينويدات التأثير المثبط للخلايا السرطانية .

ومن اليابان ظهرت دراسة أجريت على الفئران حيث أحدث الباحثون عندها تخربا في خلايا الكبد، فتبين أن إعطاء خلاصة العكبر البرازيلي كان له تأثير واق  من حدوث التخرب في الخلايا الكبدية . كما اكتشف الباحثون أيضا أن لبعض مكونات خلاصة العكبر تأثيرا واقيا عند الفئران من الإصابة بجرثوم الـ Helicobacter Pylori  ويتهم االأطباء هذا الجرثوم بأنه المسؤول عن حدوث سرطان المعدة .

العكبر .. والوقاية من العقم :

لا شك أن هناك الكثير من العوامل البيئية والفيزيولوجية والجينية التي تلعب دورا في إحداث خلل في وظيفة النطاف عند الذكور .. وهذا الخلل الوظيفي هو أكثر أسباب العقم شيوعا عند الإنسان . كما أن هذا الخلل يمكن أن يحدث في الحمض النووي DNA في النطاف أثناء تحضيرها لعملية التلقيح الصناعي . ولهذا يفتش العلماء عن وسيلة تقوم بحماية هذه النطاف أثناء تلك العملية . ففي دراسة نشرت في مجلة Life Sci في شهر فبراير 2006 وجد الباحثون أن إضافة خلاصة العكبر لتلك النطاف يمكن أن  يمنحها الوقاية من تخرب الحمض النووي عند إضافة مواد مثل البنزربرين وبيركسيد الهيدروجين .

وخلص الباحثون إلى أن للعكبر خواص واقية لغشاء النطاف من التأثيرات المؤذية الخارجية . وعزا الباحثون ذلك إلى قدرات العكبر المضادة للأكسدة . وقال هؤلاء بأن العكبر يمكن أن يلعب دورا في الوقاية من العقم عند الذكور .

العكبر .. وأمراض  العيون :

وأظهرت دراسة أخرى من اليابان ، ونشرت في مجلة Evidence Based Complement Alternative Med في شهر مارس 2006 أن للعكبر البرازيلي الأخضر تأثيرات واقية من تخرب شبكية العين ، وذلك بإجراء الدراسة في المختبرات ثم على حيوانات التجارب . ويعزو الباحثون تلك الفوائد إلى خواص العكبر المضادة للأكسدة ، والمعروف  أن مضادات الأكسدة تقوم بفعل يمكن أن يقي الجسم من تصلب الشرايين ، والسرطان والهرم والساد ( cataract ) وغيرها.

وقام باحثون آخرون بإجراء دراسة على تأثيرات العكبر على التهاب قرنية العين Keratitis ، عند الأرانب ، والناجمة عن جرثوم المكورات العنقودية ، فوجدوا استجابة واضحة جدا .

العكبر .. وتموت خلايا القلب :

أظهرت دراسة أجريت على الفئران أن استخدام أحد مركبات العكبر وهو استر حمض الكافييك قد أدى إلى وقاية خلايا القلب من التموت بعد سد الشريان التاجي الأيسر الأمامي ( وهو أحد الشرايين الأساسية المغذية لعضلة القلب ) لمدة نصف ساعة ثم فتحه من جديد . ومن المعروف أن الخلايا القلبية تتأثر بشدة بنقص التروية القلبية ، ولكن لا بد من إجراء المزيد من الدراسات  . وكانت هذه الدراسة قد نشرت في مجلة Ann Clinic Lab Sci في عام 2005 .

فوائد أخرى :

كما أثبتت دراسة أخرى نشرت في مجلة Radiat Prot Dosimetry عام 2005 م أن للعكبر تأثيرا واقيا يقي من تخرب الـحمض النووي الناجم عن أشعة جاما . وعزا الباحثون ذلك إلى قدرة العكبر على التخلص من الجذور الحرة المؤذية للجسم .

كما أشار عدد من الدارسين في بحث أجري على الفئران نشر في مجلة Evidence Based Complement Alternative Med في شهر يونيو 2005 إلى أن للعكبر خواص واقية للجهاز العصبي من التأثيرات الناجمة عن نقص التروية الدماغية .

هل استخدام العكبر مأمون ؟

رغم أن خلاصة العكبر تستخدم حاليا في معالجة قروح الفم والالتهابات الجلدية الجرثومية والفطرية وغيرها إلا أن العكبر لم يسجل  -حتى الآن -  كدواء في الموسوعات الدوائية . وذكر الباحثون في جامعة مينسوتا الأمريكية أن العكبر يدخل الآن في كثير من المستحضرات الجلدية مثل مستحضرات التجميل والدهونات والمراهم والشامبو ، ومعاجين الأسنان ، وغيرها .  

وفي مقال طويل بلغ ستة عشر صفحة ونشرت في مجلة Food Chem Toxicol عام 1998 ذكر الدكتور Burdock من فلوريدا في الولايات المتحدة أن لاستعمال العكبر تاريخا طويلا في حياة البشرية يعود إلى تاريخ اكتشاف العسل . ويقول : " لا شك أن استخدام المستحضرات الحاوية على العكبر في ازدياد كبير ، وعلى العكس من العديد من الأدوية ( الطبيعية ) فإن هناك قاعدة معلوماتية كبيرة للعكبر تشير إلى العديد من قدراته الفعالة كمضاد للجراثيم للفطور ، ومضاد للفيروسات و للسرطان.

ورغم أن هناك تقارير تشير إلى حدوث ارتكاسات تحسسية غير شائعة عند استخدام العكبر، إلا أن العكبر يعتبر مادة غير سامة وذات تاريخ مأمون" .

 وقد نبه الباحثون في مقال نشر في مجلة Dermatitis في شهر ديسمبر 2005 إلى إمكانية حدوث التهاب الجلد التحسسي عند عدد قليل من الذين يستخدمون العكبر حيث وجدوا  أن ما بين 1.2 – 6.6 % من الذين أجريت عليهم اختبارات الحساسية حدث  لديهم تحسس جلدي للعكبر.

وبعد ، أليس عجيبا أن يخرج من بطون النحل خمسة مواد مختلفة فيها شفاء للإنسان؟ يخرج العسل والغذاء الملكي والعكبر والشمع بل حتى سم النحل !! .وصدق الله تعالى حيث يقول : وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنْ اتَّخِذِي مِنْ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنْ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ(68)ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآية لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ(69)" سورة النحل .

يمكن التواصل مع الدكتور حسان شمسي باشا على الإيميل التالي:

drhcpasha@hotmail.com

المراجع:

http://en.wikipedia.org/wiki/Propolis

http://www.draperbee.com/info/propolis.htm

www.beevitalpropolis.com

www.pureroyaljelly.com/propolis.html

http://altmedicine.about.com/cs/herbsvitaminsa1/a/Bee_propolis.htm

 

 

 

الهندسة المدنية والقرآن الكريم
 

د. زيد غزّاوي

يبين هذا الموضوع كيفية تعلم الهندسة المدنية من كتاب الله عز و جل عن طريق التفكر في آيات الكتاب و في خلق المولى عز و جل. حيث يقول الحق في الكلمات الأواخر من آية 282 في سورة البقرة (وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)، أي كونوا مؤمنين والله يعلمكم من لدنه علماً ولن يجعلكم متلقيين أذلاء للغريب عن الدين.

كيفية تعلم الهندسة المدنية من كتاب الله سبحانه و تعالى

من أهم ما تعنى به الهندسة المدنية هو إيجاد المواصفات المثالية للمنشآت، حيث يمكن إن نلخص المواصفات المثالية لمنشأ يحمل وزنا بأنه يجب أن يكون خفيف الوزن، متزنا، قويا، و قاسيا. و نلاحظ أن الإنسان المسلم يلجأ لاجتهادات و نظريات مختلفة في هذا المجال و يدخل في دائرة من التجربة و الخطأ و التي من الممكن أن تأخذ سنوات و نتيجتها جهد ضائع بدون نتيجة.

يريد الله عز و جل للإنسان المؤمن أن يكون المعلم للآخرين و ليس المتلقي الذليل و لتحقيق ذلك فإن المولى أعطى المؤمنين كتاب ما إن تمسكوا فيه و فهموه فلن يحتاجوا إلى أي كتاب آخر. فالله عز و جل يعلمنا منهاج متكامل في الهندسة المدنية عن طريق التدبر في آية 68 من سورة النحل (وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ). حيث أن المولى يلفت نظرنا إلى مخلوقات من صنعه عن طريق ذكرها بالاسم في القرآن الكريم و من ضمنها هنا النحل.

حيث أن الله عز وجل يعظنا أن نتفكر في هذه المخلوقات بحيث أن كل مخلوق من هذه المخلوقات عبارة عن مدرسة في التصميم الهندسي، حيث نجد مدرسة متكاملة في الهندسة المدنية من التفكر في تصميم بيوت النحل، حيث أن بيوت النحل تتميز بأنها خفيفة بدليل أنها تتعلق بأغصان الشجر، متزنة بدليل أن آلاف النحل تقطن البيت و لا ينهار، قاسي حيث أنه لا توجد إزاحات كبيرة في البيت من وزن النحل عليه، وقوي بحيث أنه لا ينكسر من وزن آلاف النحل.

فإذا تفكر الإنسان في كيف أن الله عز و جل صمم بيوت النحل بتلك الموصفات المثالية فإنه بذلك يكون قد تعلم من الله كيفية تصميم منشأ يحمل وزنا بمواصفات مثالية كما هو مبين فيما يلي:

•       خفة الوزن للمنشأ: نجد أن الله عز وجل جعل بيوت النحل خفيفة الوزن عن طريق ترتيب الجدران التي تحمل وزن النحل بترتيب سداسي، والترتيب السداسي يضمن تغطية أكبر حجم بأقل كمية من المادة و بالتالي هذا يضمن خفة الوزن للمنشأ أي إنشائه بأقل كمية من المادة. فيعلمنا الله عز و جل أن نصمم المنشآت والأساسات بترتيب سداسي للجدران التي تحمل وزنا فيها وليس الترتيب المسمط المتبع حاليا في الهندسة المدنية. ومن فوائد خفة الوزن للمنشأ تقليل التحميل الذاتي له حيث أن المادة المكونة للمنشأ لا تضع جهد على جدران المنشأ نفسه وهذا يزيل خطر انهيار المنشأ من أثر وزنه. 

 صورة لجزء من خلية نحل طبيعية لاحظ البيوت السداسية (1)

•       اتزان المنشأ:ضمن الله عز وجل اتزان بيوت النحل عن طريق الترتيب السداسي لجدران البيت، وهذا الترتيب يضمن اتزان المنشأ عن طريق أنه كل ثلاثة جدران في الترتيب السداسي يشد بعضها البعض، بحيث أنه إذا أصبحت هناك إزاحات كبيرة في أحد هذه الجدران فإن الجدارين الآخرين يدعموا هذا الجدار ويقللوا من إزاحته وبالتالي يكون المنشأ متزنا.

•       قوة و قساوة المنشأ:استخدام الله عز وجل مادة قاسية وهي الشمع لبناء الجدران السداسية لبيوت النحل بالإضافة إلى الترتيب السداسي للجدران والذي يضمن أن كل جدار يشد الآخر، و كل هذا يضمن قوة و قساوة المنشأ و قدرته على تحمل وزن النحل.

يعلمنا الله عز وجل من التفكر في بيوت النحل ليس فقط أفكار تصميم هذه المنشآت المثالية ولكن أيضا الأبعاد التي يجب على المؤمن أن يستخدمها في التصميم من ارتفاع، عرض، وزوايا الجدران المستخدمة في التصميم عن طريق دراسة المؤمن لبيوت النحل وحساب النسب التي استخدمها المولى من نسبة سماكة الجدار إلى ارتفاعه على سبيل المثال وتكبير هذه الأبعاد على تصميم بحجم أكبر مثل بيت أو مصنع مع إبقاء النسب الموجودة في بيوت النحل.

تصميم منشأ يتحمل الزلازل

هناك في الوقت الحالي دراسات كثيرة في كيفية تصميم منشأ يتحمل الزلازل وهناك حاجة لذلك أيضا في الدول الإسلامية، والأولى بالمسلمين أن يلجئوا إلى الله عز وجل في المقام الأول ونجد بأن المولى يعلم المسلمين كيفية تصميم منشأ يتحمل الزلازل من التفكر في بيوت النحل.

حيث نجد بأن اهتزاز أجنحة آلاف النحل الذين يقطنوا بيتهم يولد اهتزازات كبيرة جدا أكبر بكثير من أعلى مقياس للزلازل يعرفه البشر وبالرغم من ذلك نجد بأن بيت النحل يبقى متزناً و معلقاً على غصن شجرة. فإذا صمم الإنسان المؤمن المنشآت بنفس تصميم بيوت النحل فأنه بذلك يضمن منشأ يتحمل أي زلزال على أعلى مقياس يعرفه البشر.     

كلمة إلى المسلمين

ارجعوا إلى القرآن الكريم و تفكروا في آياته و ستجدون فيه عزتكم، رفعتكم، و تقدمكم. وهذه المعارف العلمية والهندسية التي يتعلمها الإنسان المؤمن من القرآن الكريم تقربه إلى الله أكثر و أكثر وتقرب الإنسان الغريب عن الدين إذا ما بين المؤمن له هذه البحور من المعرفة إلى كتاب الله لأن لغة العلم عالمية و غير مرتبطة بحدود لغة معينة (أي استخدام هذا الإعجاز المعرفي في القرآن الكريم لهداية الناس جميعا إلى صراط الله المستقيم لأن المولى عز و جل يريد الهداية و الرحمة للناس و ليس عذابهم). 

أستاذ الهندسة الطبية في الجامعة الهاشمية

www.quran-miracle.com

مصدر الصورة (1)

Copyright (C) 2000,2001,2002  Free Software Foundation, Inc.

51 Franklin St, Fifth Floor, Boston, MA  02110-1301  USA

Everyone is permitted to copy and distribute verbatim copies

of this license document, but changing it is not allowed

 

 

وحي الله إلى النحل آية قرآنية وحقيقة علمية
 

بقلم محمد ترياقي

مهندس  في الإحصاء

قال تعالى في سورة النحل :﴿ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ سورة النحل : آية رقم 68 

بعض الاكتشافات الحديثة في عالم النحل

أكّد فريق فرنسي من علماء البيئة، لدى مركز دراسات السلوك الفطري عند الحيوانات، في خبر نشرته جريدة " الطبيعة" بتاريخ 18/06/ 2004...(1)،  أنّهعلىالرغم من أنّ النحل يملك جهازاً عصبياً بسيط للغاية إلاّ أنّه بإمكانه أن يستوعب ويدرك الأشكال المرئية تماماً كما يفعله البشر وغيرهم من الحيوانات الذكية.

و لقد لاحظ هذا الفريق من العلماء، بعد سنوات من التجارب، أن النحل يدرك الصور والأشكال الطبيعية المعقدة بطريقة غريبة أكثر ممّا يوحي لنا حجم دماغها الصغير. فالجهاز العصبي لنحلة واحدة يحتوي على ما لا يزيد عن 950000خلية عصبية، يمكنه أن يفرّق ببراعة بين أشكال وخطوط هندسية موّجهة بصفة متفرقة، فهذه الحشرة التي متوسط عمرها هو أربعون يوماً (2) بإمكانها أن تفرّق بين  هذه الخطوط الهندسية  حتى ولو كانت هذه الخطوط محصورة داخل أشكال هندسية معقدّة التكوين ! الإنسان العاقل بإمكانه أن يفعل ذلك أيضا لكن بدماغ يحوي 100مليار خلية  عصبية ! و بعبارة أخرى : بدل أن تحدد النحلة شجرة أو جذع  أو كهف ثم تخزن  أشكال هذه الصور في ذاكرتها لاستعمالها لاحقا كما تفعل باقي الحيوانات أو الحشرات الأخرى، فإنها تدرك هذه الأشياء بإشكالها التي تحددها ! و هذه الطريقة في إدراك الأشياء الطبيعية لا توجد إلاّ عند البشر ! كما لو أنّ النحل لا يسير وفقاً لغريزة ولكن وفقاً لإلهام، كل هذا أدى بالباحثين الفرنسيين إلى تساؤلات عديدة من بينها :

من الذي قاد النحل إلى التصرف وفقاً لهذا السلوك الغير اعتيادي لدى    الحشرات؟!

و من أوجد في عقولهم الصغيرة هذا التوجيه البديع في رؤية الأشكال الطبيعية ؟ توجيه يتعدى عتبة الفطرة و السلوك التعودي؟

قام الفريق العلمي الذي يترأسه الباحث  مارتن جيورفا بتدريب مجموعة من النحل  في الفضاء على إستعاب أربع مضلّعات: واحدة  أفقية وواحدة عمودية و اثنان قطرية موجهة نحو اتجاهات عديدة ومختلفة. وعبر هذه التجارب تمكنت مجموعة النحل هذه من التعرّف على كل الأشكال الهندسية بصفة محيرة للعلماء، أدى بهم لطرح سؤال مفاده: من أين لهم هذه القدرات الهائلة لتحليل الصور الهندسية المعقدة؟

وجه الإعجاز في الآية الكريمة.

في الآية رقم 68من سورة النحل نجد كلمة "أوحى" و هي كلمة جاء ذكرها  في القرآن الكريم أكثر من أربعين، و لهذه الكلمة معنيين:الوحي بمفهومه المعهود لدينا و هو وحي كلام الله إلى رسله و أنبيائه كما قال عز و جل في سورة النساء ﴿  إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإْسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا سورة  النساء : آية 163 ، و المعنى الثاني هو الوحي بمفهوم " الإلهام"  كما جاء في قوله تعالى من سورة طه  ﴿ إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى  سورة  طه : آية رقم 38، والوحي في هذه الآية جاء بمعنى  الإلهام و كذا بالنسبة للآية أعلاه من سورة النحل. وقال إبن كثير في تفسير هذه الآية ( الْمُرَاد بِالْوَحْيِ هُنَا الْإِلْهَام وَالْهِدَايَة وَالْإِرْشَاد لِلنَّحْلِ أَنْ تَتَّخِذ مِنْ الْجِبَال بُيُوتًا تَأْوِي إِلَيْهَا وَمِنْ الشَّجَر وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ثُمَّ هِيَ مُحْكَمَة فِي غَايَة الْإِتْقَان فِي تَسْدِيسهَا وَرَصّهَا بِحَيْثُ لَا يَكُون فِي بَيْتهَا خَلَل) وقال الطبري أيضا : (وَأَلْهَمَ رَبّك يَا مُحَمَّد النَّحْل إِيحَاء إِلَيْهَا)  وذهب القرطبي إلى نفس ما ذهب إليه ابن كثبر والطبري، فقال في تفسيره: ( قَدْ مَضَى الْقَوْل فِي الْوَحْي وَأَنَّهُ قَدْ يَكُون بِمَعْنَى الْإِلْهَام, وَهُوَ مَا يَخْلُقهُ اللَّه تَعَالَى فِي الْقَلْب اِبْتِدَاء مِنْ غَيْر سَبَب ظَاهِر)

إن الله يخبرنا في كتابه المنزه أنّ النحل تدرك أشكال بيوتها من أشجار وجبال وفقاً لإلهام قذفه بحكمته تعالى في قلوبها وليس وفقاً لسلوك تعودي أو عادات مكتسبة، فراحت هذه المخلوقات الصغيرة تصنع العجب العجاب، وراحت تعجز الإنسان و علومه، وتصنع له أطيب وأنفع وأشفى شراب على وجه الأرض ! أليس هذا ما توصل إليه الباحثون الفرنسيون بعد أربعة عشر قرناً من بعد وحي الله لرسوله الكريم؟! كيف يمكن لبشر عاش في بيئة صحراوية بدائية أن يظهر حقيقة علمية كهذه إن لم يكن نبياً رسولا؟! حقيقة علمية كلّفت إنسان القرن الواحد والعشرين سنوات عديدة و تجارب كبيرة لإثباته ا؟! و لو اقتفى هذا الفريق من العلماء آثار هذه الحشرة الصغيرة لوجد أنّ إلهامها  يقودها إلى أن تتبع سبل من ألهمها وصدق سبحانه  إذ  قال : ﴿ ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ  لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ سورة النحل: آية رقم 69 .             

المهندس محمد ترياقي    تورونتو - كندّ

المؤهل العلمي : بكالوريوس رياضيات دقيقة ، مهندس دولة في التخطيط و الإحصاء، ماجيستير علوم تسيير المؤسسات الاقتصادية

البريد الإلكتروني :mtriaki@yahoo.com

المراجع :

 1)) http://www.nature.com/nature/links/040617/040617-8.html

 (2)   http://www.insectes.org/question/reponse.md?cle_faq=231&type=text.html

 

http://home.nordnet.fr/~jdreumont

http://www.chez.com/nosabeilles/interest.htm

http://membres.lycos.fr/ecrausaz/

 

 

مملكة النحل
 

بقلم فراس نور الحق 

  قال تعالى :{ وَأَوْحَى رَبُّكَ إلى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ {68} ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {69} [سورة النحل ] .

تمهيد :

لقد ذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز النحل كما سما الله سورة كاملة باسم سورة النحل فالله سبحانه وتعالى يريد أن يلفت انتباهنا إلى عظمة هذا المخلوق الصغير والذي تتجلى فيه قدرة الله تعالى .

الإعجاز العلمي:

تدل الآيات إلى عدة نواحي علمية منها :   

1.  أن هناك فصائل برية من النحل تسكن الجبال وتتخذ من مغاراتها مأوى لها، وأن منه سلالات تتخذ من الأشجار سكناً بأن تلجأ إلى الثقوب الموجودة في جذوع الأشجار وتتخذ منها بيوتاُ تأوي إليها، ولما سخر الله النحل لمنفعة الإنسان أمكن استئناسه في حاويات من الطين أو الخشب و لقد تبين لعلماء الحشرات أن النحل يقوم بهذا السلوك بشكل فطري أي لا نتيجة معارف مكتسبة و هذا مصداق لقوله تعالىوَأَوْحَى رَبُّكَ إلى النَّحْلِ  فالإيحاء هو الإعلام بخفاء و هذا لا يتم إلا من خلال خالقها الله سبحانه و تعالى .     كذلك تبين أن النحل تطير لارتشاف رحيق الأزهار، فتبتعد عن خليتها آلاف الأمتار، ثم ترجع إليها ثانية دون أن تخطئها وتدخل خلية أخرى غيرها، علما بأن الخلايا في المناحل تكون متشابهة ومرصوصة بعضها إلى جوار بعض، و ذلك من خلال ما  حباها الله من حواس متطورة من بصر و شم و هذا ما سوف نعرج عليه لاحقاً و هذا مصداق  لقوله تعالى فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً  أي سيري في السبل التي ذللها الله لك من خلال ما و هبك الله من الحواس المعقدة و علمك من المهارات والغرائز.

حواس النحل :

قال تعالى : (فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً ) لقد زود الله سبحانه وتعالى النحلة بحواس تساعدها في رحلة الاستكشاف لجمع الغذاء فهي مزودة بـ :

1.    بحاسة شم قوية عن طريق قرني الاستشعار في مقدمتها.

2.  وبعيون متطورة يمكنها أن تحس بالأشعة فوق البنفسجية، لذلك فهي ترى ما لا تراه عيوننا، مثل بعض المسالك والنقوش التي ترشد وتقود إلى مختزن الرحيق ولا يمكننا الكشف عنها إلا بتصويرها بالأشعة فوق البنفسجية.

عيون النحل

وللنحل نوعان من العيون :

1. العيون المركبة :

وهما اثنتان تقعان على جانبي رأس النحلة، وتتألف من بضعة آلاف من الوحدات البصرية . وهي سداسية الأضلاع، وتستخدم العيون المركبة في الرؤية لمسافات بعيدة عندما تكون النحلة خارج الخلية . ولها القدرة على تمييز ذات الألوان التي تميزها عين الإنسان باستثناء اللون الأحمر . إضافة إلى كونها حساسة للأشعة فوق البنفسجية . وتضم العين المركبة في الذكر ضعف عدد الوحدات البصرية التي تؤلف عين الشغالة . ولذلك يلاحظ أن عيني الذكر ضخمتان جدا، وهذا ما يتيح للذكر إمكانية متابعة الملكة خلال رحلة طيران الزفاف الملكي .

2. العيون البسيطة :

وعددها ثلاث تحتل أعلى الرأس، وتستخدمها النحلة في الرؤية القريبة والإضاءة الخافتة داخل الخلية . فليس لدى النحل نظارات كما يستخدمها الإنسان للبعيد والقريب، ولكن الله خلق فيها نوعين من العيون التي تستخدمها حسب الحاجة .

(هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (لقمان:11).

حاسة الذوق

و بحاسة ذوق متطورةيمكنها أن إذا حطت على رحيق أحد الأزهار أن تتزوقه وتحدد نسبة الحلاوة أو السكريات في هذا الرحيق مقابل الماء .

الجدوى الاقتصادية؟؟؟؟

و في رحلة العودة تهتدي النحلة إلى مسكنها بحاستي النظر والشم معاً . أما حاسة الشم فتتعرف على الرائحة الخاصة المميزة للخلية . وأما حاسة الإبصار فتساعد على تذكر معالم رحلة الاستكشاف، إذ يلاحظ أن النحل عندما تغادر البيت تستدير إليه وتقف أو تحلق أمامه فترة وكأنها تتفحصه وتتمعنه حتى ينطبع في ذاكرتها، ثم هي بعد ذلك تطير من حوله في دوائر تأخذ في الاتساع شيئاً فشيئاً فتقوم بذلك بحفظ مكان البيت حتى يتسنى لها العودة إليه بسهولة وهذا مصداق قوله تعالى ( فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً )(النحل: من الآية69) أي سيري في الأرض بين الأزهار باحثة عن الرحيق بما سخر لك الله سبحانه من الحواس والأعضاء التي تعينك على خلقت من أجله .

لغة النحل:

و لعل اغرب ما اكتشفه العلم الحديث في عالم الحشرات هو أن للنحل لغة خاصة يتفاهم بها وذلك عن طريق الرقص وعن طريق استعمال الفورمون كرسالة كيمائية .

لغة التفاهم :

كما أن للإنسان لغة تفاهم وهي النطق فقد وهب الله سبحانه وتعالى للنحل لغات خاصة يتم من خلالها التفاهم ومن هذه اللغات:

لغة الرقص

يرى فون فريش، ومساعدوه بعد بحوث اتصلت أكثر من نصف قرن من الزمان، أن النحل يقوم بالتفاهم مع النحلات وإخبارها بمكان تواجد مكان الرحيق من خلال الرقص [1].

 

 

 لقد أيده في ذلك باحثون آخرون، حتى أن أحدهم أتقـن فهم أسرار تلك اللغة الغريبة، فكان يفك ألغاز رقص النحلة المستكشفة ويترجمها إلى اتجاه محدد ومسافة محسوبة، ومن ثم يستطيع أن يبلغ الغـذاء الذي كانت تنبأ بموضعه !

فعلى سبيل المثال: إن كان الرقص على خط مستقيم فوق الخلية فمعنى ذلك أن مكان الأزهار في اتجاه الشمس تماما

أما إن كانت الأزهار في الاتجاه المعاكس لجهة الشمس، تخط النحلة المخبرة خطا مستقيما في الاتجاه المعاكس تماماً.

انظروا ! فالنحلة الآن ترقص إلى جهة اليمين تماماً، وهذا يظهر أن منبت الأزهار يوجد على زاوية 90 درجة مئوية من الجهة اليمنى.

أما هذه النحلة فتعرّف لزميلاتها بزاوية 45 درجة من الجهة اليسرى للشمس. 

ثمة سؤال : النحلة تعرّف الجهة وفقاً للشمس، غير أن حركة الشمس دائبة، في كل أربع دقائق تميل إلى جهة الغرب بمقدار درجة واحدة، ويتوقع أن تقع النحلة في الخطأ، لكن يتبين أن النحل تحسب حركة الشمس هذه أيضا فعند تعريف النحلة المخبرة الجهة لزميلاتها لا تنسى أن تضع فرق حركة الشمس في حسابها فكلما مر أربعُدقائقَتميل درجة إلى جهة الغرب في الزاوية التي حددتها بفضل هذا الحساب الدقيق تهتدي النحلة إلى جهتها دون أي خطأ.

النحل المخبرة لا تخبر عن جهة الأزهار فحسب، بل تخبر عن المسافة أيضاً، فمدة الرقص وعدد الاهتزازات تُعلم النحلات الأخرى المسافة بدقة، وهي بعد حساب المسافة تخرج وقد تزودت الغذاء الكافي.

أقيمت في كاليفورنيا بأمريكا اختبارات عن خصائص النحل المدهشة: في الاختبار وُضعت ثلاثةُأواني مملوءة بالماء المحلى، وتركت في ثلاث أماكن متفرقة، بعد مدة كشفت النحلات المخبرة مكان هذه المصادر.

النحلة التي وصلت إلى الإناء الأول عُلّمت بنقطة(0)، والتي وصلت إلى الثاني عُلّمت بمستقيم(-)، وأما التي وصلت إلى الإناء الثالث فعُلّمت بإشارة الجمع(+)

لوحظ بعد دقائق أن النحلات في الخلية تابعت النحلات المخبرة واتنبهت إليها بدقة، فوضع العلماء إشارة النقطة على النحل التي كانت تتابع النحلة المعلَّمة بالنقطة، وعلّموا النحل المتابعة للنحلة المخبرة بعلاماتها، وبعد دقائق وصلت إلى الإناء الأول المعلمات بالنقطة، وللإناء الثاني المعلمات بمستقيم، وللإناء الثالث المعلمات بإشارة الجمع، وهكذا ثبت أن النحلات في الخلية اهتدت إلى جهتها اعتمادا على النحلات المخبرة.

كل هذا الكلام حقائق تتطلب التفكر فيها بدقة، ترى كيف ظهر التنظيم بين النحل بشكل لا يصدق؟ لماذا تقوم بمهمة المخبر حشرة صغيرة ليس لها عقل واعي ولا إدراك؟ كيف تفكر بالبحث عن مصدر الغذاء وتخبره لزميلاتها؟ ولو فكرت بهذا ؟ كيف استطاعت تطوير تقنية الرقص الذي تخبر به عن مصدر الغذاء ومسافته أيضاً؟

كيف استطاعت النحلات في الخلية أن تفهم معنى حركات جسم النحلة المخبر وارتعاشاته؟

 ليـس هذا وحسب، بل إن فون فريش قد اهتـدى إلى أن لأنواع النحـل وسلالاته "لهجات " من تلك اللغة الفريدة، فنحلة العسل القـزمة، مثلاً ( وهي نوع غير النحل المستأنس ) ترقص علـى سطح أفقـي، ومن ثم يكون خط اتجاه الشمس موازياً لخط الشرق والغرب، لا مطابقاً لخط الجاذبية العمودي كما ذكرنا .

كذلك السلالة النمسوية من النحل المستأنس، لا تؤدي رقص الاهتزاز إلا بعد أن يتجاوز موضع الغذاء نحو ثلاثمائة متر بعيداً عن الخلية، أما السلالة الإيطالية فإنها تؤدي رقصة خاصة، تسمى الرقصة المنجلية، للدلالة على الأبعاد المتوسطة بين رقصتي الدوران والاهتزاز ![2].

لغة الفورمون :

لقد أكتشف علماء الحشرات أن النحل يستخدم بعض المواد الكيميائية كرسائل يتم إرسالها من خلال إفراز مواد تدعى الفورمون تنتج من غدد في جسم النحل يتم إستقبالها بوساطة حاسة الشم الحساسة لدى النحل ومن أبرز من أيد هذه النظرية هو عالم الحشرات فنر وبعض معاونيه _ وعلى الأخص جونسون [3]_يعتبرون أن النحلة تعتمد أساساً على الروائح كلغة للتفاهم فيما بينها، وقاموا بإجراء سلسلة من التجارب استنتجوا منها، أن النحل عندما يتجمع حول النحلة الراقصة يلتقط منها مجموعتين من الروائح : رائحة الغذاء وروائح الموضع المحيط بالغذاء .

وهـذه الروائح تعلق بجسم النحـلة عند ارتيادها للمكان الـذي اهتدت إليه، وعلى الأخص على الشعيرات المنتشرة على جسمها، ويلتقـط النحل المتجمع حولـها هذه الروائح عندما يتحسسها بقرني الإستشعار (وهمـا عضوا الشم، كما ذكرنا).

هذا فضلاً عن أن النحلة الراقصة تتوقف بين الفينة، والفينة لتمج من فيها عينات من الرحيق تتذوقها العاملات المحيطات بها، ومن ثم يعرفن رائحة الغذاء وطعمه أيضاً .

ويضاف إلى هذا وذاك، أن النحلة المستكشفة تترك رائحة جماعاتها في المكان الذي ترتاده وتجد فيه منتجعاً طيباً لها ولأهلها، كما أنها تبرز غدة خاصة للرائحة في جسمها كي تنتشر الرائحة في المكان، وعلى الأخص إذا لم يكن للغذاء رائحة مميزة بارزة ( وسبحان الذي خلق فسوى وقدر فهدى !  .

وعلى هذا كان فير وجونسون [4]يعتقدان أن النحل بعد أن يعرف ما يعرف من النحلة المستكشفة ينطلق مع الريح " متشمماً " طريقه إلى موضع الغذاء … وتجمع النحل هناك يعتبر إشارة إضافية إلى أفراد أخرى تنضم ،إلى جماعة العاملات المجتنيات .

 ولكن فنر [5]رجح عام 1971 أن يكون لروائح المكان ( لا روائح الغذاء ) الأهمية الأولى، وهذا ما يشار إليه باسم " نظرية العشيرة " أو الجماعة يرجع فيها أهمية خاصة، إلى طيران النحل في أسراب فهذا يساعد على اشتراك النحل الطائر مع بعض الأفراد المستكشفة في الاهتداء إلى المنتجع مسترشداً، بروائح مختلفة من الغذاء والموقع !

2.  ثم يقول سبحانه وتعالى : ( يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ) وقد أثبت العلم أن اختلاف كل من تركيب التربة والمراعي التي يسلكها النحل يؤثر تأثيراً كبيراً في لون العسل، فالعسل الناتج من رحيق أزهار القطن ـ مثلاًـ يكون قاتماً، بخلاف عسل أزهار البرسيم الذي يكون فاتح اللون، وعسل شجر التفاح ذي اللون الأصفر الباهت، وعسل التوت الأسود ذي اللون الأبيض كالماء، وعسل أزهار النعناع العطري ذي اللون العنبري، وغير ذلك .

يقول د. محمد على البنبي –أستاذ علم النحل بكلية الزراعة جامعة عين شمس- في كتابه "نحل العسل في القرآن والطب": إن هذه الآية بترتيب كلماتها التي وردت فيها، وبما توصل إليه العلم الحديث، لا تدل على أن المقصود منها هو العسل فقط؛ بل إن المقصود هو كل ما يخرج من جسم النحل من: عسل، وشمع، وسم، وغذاء ملكي، وقد ثبت لكل منها فوائد علاجية من أمراض مختلفة، ويرجع الفضل في اكتشاف العديد من الحقائق عن النحل إلى القسيس الأمريكي "لنجستروث" الذي درس حياة النحل وسلوكه من عام (1851م)، ثم صار العلاج بأشربة النحلApitherapy أحد العلوم المعتمدَة حديثًا، وفي السطور التالية نتكلم عن الأشربة التي ينتجها النحل، والخصائص الشفائية لكل منها.

أ. العسل :

العسل والتئام الجروح:

كان قدماء المصريين ينصحون بتغطية الجروح بقماش قطني مغموس بالعسل لمدة أربعة أيام، وقد جربها حديثًا الجراح البريطاني د: "ميخائيل بولمان" بمستشفي نورفولكنورويتش بإنجلترا؛ حيث أتى العسل بنتائج مذهلة في تضميد جرح ناتج عن استئصال ثدي بسبب تسرطنه مما أدى إلى تشكل جرح متكهف وعميق ومتقرح؛ فتحسن الجرح بسرعة فائقة بعد استعمال العسل؛ حيث إن احتواء العسل على عناصر غذائية يلعب دورًا واضحًا في التشكل السريع للأنسجة النامية، كما إنه يعمل على تهدئة الجروح الملتهبة والمتقيحة بطيئة الالتئام، كما يستعمل العسل كذلك في حالات الإصابة بالرصاص؛ حيث إن العسل يزيد كمية إفراز"الجلوتاثيون" في الجرح مما يساعد في عمليات التأكسد والاختزال وينشط نمو الخلايا وانقسامها؛ فيسرع بالشفاء، ويسرع العسل من التئام الجروح خاصة إذا أُخِذَ عن طريق الفم.

كما يستعمل العسل كمهدئ للأعصاب وضد السعال والأرق والتهاب الشعب الهوائية والمغص وتقلص العضلات.

العسل والأطفال:

ينصح كثير من الأطباء الطفل الذي لا يستطيع التحكم في عضلات المثانة البولية بعد سن 3 سنوات بتناول ملعقة عسل قبل النوم حيث يجذب العسل سوائل الجسم؛ فيريح الكلى في أثناء الليل؛ حتى يتعود الطفل على عدم التبول ليلاً، بل إن كبار السن ينصحون بتناول العسل قبل النوم لوقايتهم من النهوض في الساعات المبكرة للتبول.

وفي إحدى مستشفيات أسبانيا أُجريت تجربة على (30) طفلاً لمدة (6) شهور وقُورِنوا بعدد مماثل من الأطفال يأخذون الغذاء العادي؛ فظهرت زيادة في الوزن، وزيادة في عدد الكرات الدموية الحمراء، وزيادة في الهيموجلوبين، وزيادة في الكائنات النافعة بالأمعاء، علاوة على قدرة تحمل غير عادية بالنسبة للأطفال الذي يأخذون العسل، وينصح الأطفال في حالة إصابتهم بالأنيميا بإضافة ملعقة عسل صغيرة أو اثنتين إلى وجبة الطفل، كما وُجِدَ أن العسل يساعد على تحسن نمو العظام والأسنان.

وعند إصابة الجهاز الهضمي بالقرحة ينصح بتناول العسل مذابًا في الماء الدافئ وقد نشر د. "سالم نجم" في مؤتمر الطب الإسلامي عام (1982) أن العسل أفاد في علاج الإسهال المزمن غير المعروف السبب.

كما نصح "داود الإنطاكي" في القرن السادس عشر باستعمال عسل النحل لعلاج مرضى الصفراء وتسمم الكبد، وثبت في مستش في جامعة بولونيا بإيطاليا أن للعسل تأثيرًا مقويًّا لمرضى الكبد، كما أن خليط العسل والليمون وزيت الزيتون يفيد في حالات أمراض الكبد والحوصلة المرارية.

العسل والحساسية والجهاز التنفسي والروماتيزم:

أعلن دكتور "وليام بيترسون" إخصائي أمراض الحساسية بجامعة "أيوا الأمريكية" أنه قام بمعالجة (22) ألفَ مريضٍ بالحساسية بمقدار ملعقة يوميًّا من عسل النحل الخام، وأكد العسل فاعليته في (90%) من الحالات وفي حالات الشعور بثقل الصدر والسعال وخشونة الصوت يفيد منقوع البصل مع العسل في جلي الصدر، وكذلك في علاج السعال الديكي.

وكما أثبتت التجارب الطبية أن مزج العسل بالمواد الغذائية الخالية من فيتامين ك يظهر فعالية مؤكدة ضد النزيف.

كما أثبت العسل فاعلية في حالة التهاب الأعصاب والروماتيزم، والتهاب المفاصل، وفي حالة التهاب الشعب الهوائية، وفي حالة شلل الأطفال تؤخذ ملعقتان من العسل مع كل وجبة حيث يرفع نسبة الكالسيوم في الدم.

العسل وتسمم الحمل:

تظهر على كثير من السيدات الحوامل في الثلث الأخير من الحمل الأول بعض الأعراض المرضية مثل: انتفاخ الجسم، وارتفاع ضغط الدم، وزيادة الزلال في البول وازدياد نسبة اليوريا في الدم، وترجع هذه الأعراض إلى نقص مادة "بروستاجلاندين" في الدم، ومع تناول السيدة الحامل للعسل صباحًا ومساءً يؤدي إلى تأثيره المهدئ وإدراره للبول بالإضافة إلى احتوائه على الدهنيات الفوسفورية الأساسية لمادة "البروستاجلاندين".

العسل والجلد:

وفي بعض الدول الأوروبية يقوم الريفيون بربط أماكن الحروق والجروح والتسلخات بأشرطة من القماش المدهون بالعسل.

وأثبتت حادثة واقعية لطفل انسكب عليه كوب من الشاي المغلي أدى إلى التهاب جلد الصدر والبطن، ومع دهانه سريعًا بالعسل المتجمِّد؛ في الصباح بعد الكشف عن أماكن الحرق تبين أن السطح البطني للجسم أبيض عاديّ، كأن لم يصبه شيء مع ظهور فقاعة بحجم حبة العنب في أعلى الصدر ممتلئة سائلاً يبدو أنها كانت قليلة الالتهاب؛ فلم تُرَ، ولم تُدهَن بالعسل، ومع المقارنة بين السطحين تبين المفعول الأكيد للعسل.

وفي الطب الروسي الشعبي كانت تُستعمَل لبخة العسل المخلوط بالدقيق لعلاج الخراريج السميكة التي تصيب الأكف والأقدام وكذلك سل الجلد.

والعسل يُعتبَر من مصادر الجمال؛ فكان يُستخدَم كمحلول للوجه مع اللبن؛ حيث يغذي العسل الجلد ويزيده بياضًا ونعومةً، ويقيه من الميكروبات، كما يعمل العسل على شدِّ الجلد المرتخي والمتشقق، والشفتين فينصح بخلط (30) جرامًا من العسل + (30) جرامًا من عصير الليمون + (15) جرامًا من ماء الكولونيا. ويعتبر العسل وعصير الليمون أحسن المواد لعلاج ضربة الشمس وتهيج وتبقع الجلد.

العسل والعيون:

وبالنسبة لأهمية العسل للعين، ففي عام (1981) أشار د. "محمد عمارة" - رئيس قسم طب العيون بجامعة المنصورة-إلى نجاح العسل في علاج التهاب القرنية، وعتمات القرنية المترتبة عن الإصابة بفيروس الهربس، والتهاب وجفاف الملتحمة، وينصح بوضع العسل في جيب الملتحمة الأسفل (2 – 3) مرات يوميًّا مثل وضع المراهم تمامًا، وإن كان ذلك ربما يؤدي إلى حدوث حرقان وقتي بالعين وانهمار الدموع؛ فإنه سرعان ما يتلاشى وتتحسن الحالة بنسبة(85%)[6]
ب- الغذاء الملكي
[Royal Jelly]

الغذاء الملكي هو سائل أبيض اللون يُسمَّى لبن النحل يشبه اللبن الكثيف أو القشدة، تفرزه الشغالات لتطعم به الملكة واليرقات. والغذاء الملكي هو الذي يحدد مستقبل اليرقات المؤنثة؛ فإذا غذيت عليه طيلة الطور اليرقي خمسة أيام؛ فستصبح الملكة طويلة ورشيقة ومبايضها كاملة خصبة، وإن غذيت عليه لمدة ثلاثة أيام فقط، واستكمل غذاؤها بحبوب اللقاح المعجون بالعسل (خبز النحل) أصبحت شغالة عقيمة، مبايضها ضامرة.

ولا يقتصر أهمية الغذاء الملكي على أنه أكثر قيمة غذائية من لبن الثدييات، بل يزيد أنه ذو تركيب خاص يجعله يتمثل بأكمله في الجسم، ويمر في الدم بدون حاجة إلى عمليات الهضم، بالإضافة إلى احتوائه على كثير من المواد السكرية والبروتينية والدهنية والعناصر المعدنية والفيتامينات، ومواد أخرى لم يُقَّدر بعضها حتى الآن.

وثبت أن الغذاء الملكي يعمل على تنشيط أعضاء الجسم ويزيد سرعة التحول الغذائي، ويشفي حالات الإرهاق والهبوط، وينشط الغدد، ويؤدي إلى زيادة النشاط الجنسي، سواء كان الضعف ناجمًا بسبب السن أو بمسببات أخرى.

  

أما فوائد الغذاء الملكي الطبية للإنسان :

1. يفيد الأطفال في تحسين الشهية وزيادة الوزن وتنظيم ضربات القلب وزيادة مقاومتهم للأمراض المعدية.

2. أعطى نتائج مذهلة في علاج حالات القرح . 

3. النساء اللواتي يتناولن غذاء الملكات في سن اليأس تختفي لديهم أعراض اليأس ويصبحن قادرات على الانجاب مرة أخرى. 

4. ينشط الغدد الصماء التي بدورها تنشط القوة الجنسية. 

5. يحتوي غذاء الملكات على أسيتيل كولين الذي يوسع الأوعية الدموية ولهذا يستعمل في علاج حالات ارتفاع ضغط الدم. 

6. يفيد في علاج أمراض القلب حيث أنه يخفض الكوليسترول في الدم. 

7. ينظم عملية التغيرات الكيميائية بالخلايا التي بها تؤمن الطاقة الضرورية للعمليات والنشاطات الحيوية والتي بها تمثل المواد الجديدة للتعويض عن المندثر منها. 

8. له تأثير مدر للبول. 

9. يستخدم أيضاً لمنع السمنة والتعب. 

10. ينظم وظيفة الغدد الصماء. 

جـ . ســم النحل:

 مستحضر بيولوجي معقد يؤثر على الجسم بأكمله ويزيد قدرته على المقاومة إذ يتركب من حمض اللأيدروكلوريك والفورميك والأرثوفوسفوريك والكولسين والهستامين والتبوفان وفوسفات المغنسيوم والكبريت. كما يحتوى رماده على آثار النحاس والكالسيوم وعلى نسبة كبيرة من البروتينات والزيوت الطيارة وهى التي تحدث الألم عند اللسع الذي تحدث تأثيره السام كأي مادة بروتينية تحقن في الجسم .

فسمّ نحلةِ هو تركيبُ معقّدُ من الإنزيماتِ والبروتيننانت وأحماض أمينية. وهو سائل عديم اللون، قابل للذوبان في الماءِ. وهو في الحقيقة صنف من أصناف العقاقير، ويَوجد أكثر من أربعة وعشرون منتج يحتوي على سّمِّ النحلةِ.

وقد ثبت بالتجارب أن معظم الذين يصابون بلدغ النحل " بسم النحل" فإنه بمنجاة من الحمى الروماتيزمية ، وكذلك يشفي من حالات التهاب الأعصاب وعرق النسا، وكذلك يفيد في بعض الأمراض الجلدية مثل الطفح الدملي، ومرض الذئبة، وكذلك علاج الملاريا.

و هناك خير ورد في صحيفة الجزيرة العدد:10498 تاريخ الثلاثاء 5 ,ربيع الثاني 1422 أفاد أن لأطباء الكوبيون يستخدمون لدغة النحل لعلاج التهاب المفاصل  .

المصادر:

"نحل العسل في القرآن والطب" د. محمد على البنبي –أستاذ علم النحل بكلية الزراعة جامعة عين شمس.

موقع إسلام أون لاين .

موقع مملكة النحل على شبكة الإنترنت .


[1]  - Frisch, K . von _1962 .Dialects in the Iange of the bees .In : ,, Animal Behavior ,, _ Readings From Scientific American (1975 ) , pp . : 303 _305 . Freeman ; San Francisco

[2]  - Frisch, K . von _1962 .Dialects in the Iange of the bees .In : ,, Animal Behavior ,, _ Readings From Scientific American (1975 ) , pp . : 303 _305 . Freeman ; San Francisco

[3]  - Johnson, W .h., Delanney,L.S.,Cole,T.A. and Brooks, A.C 1972. “Bilogy ",4th ed.

Holt,Rinehart and Winston,N .York.

[4]  - Johnson, W .h., Delanney,L.S.,Cole,T.A. and Brooks, A.C 1972. “Bilogy ",4th ed.

Holt,Rinehart and Winston,N .York.

[5]  - 1971 . ,,Bees : Their vision, chemical senses, and Ianguage,, ,2nd . ed . Cor – nell Univ . Press; N . York .

[6] موقع إسلام أون لاين  رضوة حسن 9/1/2001

 

 

الحقيقة الباهرة إعجاز علمي ورقمي جديد في القرآن
 

 بقلم الطبيب الاستشاري محمد جميل الحبال   

 

المقدمة 

إن لله عز وجل كتابين وكونين, الأول القرآن كتاب وكون الله المسطور. والثاني الكون كتاب وقرآن الله المنظور! فهما متطابقان ومتناسقان ويفسر احدهما الآخر, حيث أن القرآن يقود إلى الكون والكون يقود إلى القرآن.

وهذه الحقيقة اكتشفها العلماء وتكلموا عنها ومنهم (الحارث المحاسبي) المتوفى سنة عام 243هـ. وفي هذا السياق عقد شيخ الإسلام (ابن تيمية) المتوفى عام 728 هـ, كتابا قيما بعنوان (موافقة صريح المعقول مع صحيح المنقول). وصحيح المنقول هو القرآن الكريم وما صح من حديث رسولنا الأمين سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم), وصريح المعقول هو ما عرف من الثوابت والحقائق العلمية في الكون والإنسان. 

  )أن الفرق بين هذين الكتابين أو هاتين القراءتين (قراءة الوحي وقراءة الكون) هو أن القرآن الكريم (الوحي) هو الأصل والسابق, أما الكون والإنسان فهم الفرع واللاحق, لان القرآن الكريم هو كلام الله عز وجل الذي يتصف بالكمال والحق المطلقين لذلك فان كلامه يتصف يهما أيضا لأن الكلام صفة المتكلم. أما العلم وحائقة فهو تابع للقرآن الكريم ودال عليه. وكلما تقدمت العلوم والمعارف اتضحت لنا العلوم القرآنية والشرعية, فأصبحت هذه العلوم التجريبية في خدمة فهم وتفسيرالاسلام وعقائده وأركانه وأوامره ونواهيه.قال تعالى: 

(وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها وما الله بغافل عما تعملون) (النمل: 93)   [1]    . 

ومن هذا المنطلق فأننا سنذكر مثالا واحدا في بحثنا أدناه عن معجزة خلق سيدنا (عيسى ابن مريم) من أم دون أب في قوله عز وجل: (إن مثل عيسى كمثل ادم خلقه من تراب خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون)أل عمران: 59. أي أن خلقهما من (عالم الأمر بقوله سبحانه وتعالى: كن فيكون) كما يقول علماؤنا الأفاضل. وكذلك كيف انه عليه السلام سينزل وهو حي قبل أن تقوم الساعة وكعلامة من علاماتها الكبرى, كما ثبت هذا في كثير من أحاديث المصطفى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الصحيحة, رحمة للأمة وانتصارا للإسلام وهداية للبشرية كما أرسل الباري عز وجل سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) رحمة للعالمين, قال تعالى: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) الأنبياء: 107. 

إن الله عز وجل ضرب لنا من خلال العلم وحقائقه مثالا توضيحيا يقرب لنا الموضوعات الغيبية المذكورة أعلاه عن طريق خلق النحل وسورتها في القرآن الكريم وعلاقة ذكرهما (عيسى ابن مريم والنحل) بما يتعلق بالمعجزة الرقمية القرآنية والعدد (16) في العلم والقرآن الكريم, كمحور ربط وضبط بينهما, إثباتا وتوضيحا لما ذكره وكذلك تثبيتا للمؤمنين وإقامة الحجة على غيرهم, قال تعالى: 

(قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين امنوا وهدى وبشرى للمسلمين) (النحل: 102). 

وسنتناول ذكر النحل في القرآن والعلم أولا, ثم ذكر سيدنا عيسى ابن مريم في القرآن الكريم  ثانيا, وسنوضح الثوابت العلمية للربط بينهما, وكذلك من خلال الرقم (16) ومضاعفاته, كمؤشر وبرهان على صحة هذه الأمور الغيبية. قال تعالى: 

(يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا) (النساء: 174). 

 

(النحل) في القرآن:   

1.     إن ترتيب سورة النحل في القرآن الكريم هو(16). 

2.     إن عدد آيات سورة النحل هو(128) وهذا العدد هو من مضاعفاته حيث إن: 16X  8=128 

3.     إن عدد أحرف الكلمات الأربع الأولى من الآيتين (68 و 69) اللتين ذكرتا النحل وبعض طبائعه وفوائده في سورتها هو 16 حرفا في قوله تعالى:  (وأوحى ربك إلى النحل), وهذه الحروف والكلمات هي التي خاطب وأمر بها (النحل) هذه الحشرة العجيبة ذات الفائدة الكبيرة للإنسان من خلال ما تخرجه من بطونها من منتجات مفيدة جدا كالعسل وغيره فيه شفاء للناس, اكتشف العلماء حديثا قسما منها وبعضها من أسرار حياتها الدقيقة والنظامية جدا التي أذهلت المتخصصين في دراسة (امة النحل) والتي وافقت ما جاء في القرآن الكريم.

 

(النحل) في العلم: 

1.     إن عدد الكر وموسومات في النحل هو (16) زوجا. 

2.     إن الكر وموسومات في ذكر النحل وخلافا لبقية المخلوقات هو (16) فردا (أي نصف العدد أعلاه), والسبب في ذلك إن ذكر النحل ينتج من بيوض غير ملقحة بعملية تسمى التكاثر العذري (Parthenogenesis  )وذلك بإحدى هاتين الطريقتين:  

أولا:إن الملكة الواحدة (في كل خلية نحل توجد ملكة واحدة فقط كما هو معلوم) تضع حوالي 200 – 250 ألف بويضة في الموسم الواحد أو ما يقارب 1500 بويضة في اليوم معظمها ملقح, تنتج النحلات الشغالات المنتجة للعسل وغيره وعدد قليل منها غير ملقح, والتي من المفروض كما في بقية المخلوقات إن لا تنتج شيئا, ولكن في حالتها الخاصة فإنها بقدرة الله تعالى عز وجل تعطي ذكور النحل!! ويلاحظ انه بعد أربع سنوات من حياة الملكة تميل إلى وضع بيوض غير ملقحة, وذلك لقرب مخزونها من النطف المنوية بالنفاد وهذا الأمر يضعف خلية النحل علما أنها تلقح مرة واحدة وغالبا من قبل ذكر واحد وفي الجو (الهواء الطلق تحديدا) في رحلة التلقيح (التزاوج) والتي تستغرق عادة عشرين دقيقة.

ثانيا: عن طريق الملكة الكاذبة أو(الأم الكاذبة), حيث انه في حالة موت أو فقدان الملكة لأي سبب كان, تقوم الشغالات الفتية بتغذية إحداهن بالغذاء الملكي فتنمو مبايضها (التي هي ضامرة ومتوقفة عن العمل أصلا وغير قابلة للتلقيح ولا تنتج بيوضا), وتبدأ بوضع بيوضا غير ملقحة تعطي ذكورا فقط تحمل بالطبع 16 كروموسوما فرديا في تكاثر عذري غير جنسي فريد من نوعه بقدرته وأمره سبحانه وتعالى! 

إن إنتاج ذكور النحل من بيوض غير ملقحة (سواء من الملكة الحقيقية أو الكاذبة) وذلك من أنثى دون تلقيح من ذكر, دلالة عظيمة على قدرته عز وجل كما ذكرنا, وهو ايضا مثال علمي واقعي جعله الله لنا نموذجا واضحا مقربا لمعجزة خلق سيدنا عيسى ابن مريم عليه السلام من أم عذراء دون أب (أي من بيضة غير ملقحة), قال تعالى على لسان السيدة مريم العذراء: 

(قالت رب انى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر قال كذلك الله يخلق ما يشاء إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون) ال عمران: 47.

3.     إن المدة التي تستغرقها مبايض النحلة الشغالة (الأم أو الملكة الكاذبة) لوضع البيوض غير الملقحة المذكورة في الفقرة أعلاه هي ما بين 6 – 26 يوما, أي بمعدل (16) يوم بالضبط فتأمل! وكما ذكرنا سابقا فأن هذه البيوض غير الملقحة تنتج ذكورا فقط والتي تنحصر وظيفتها بالتزاوج مع الملكة وتلقيحها في رحلة التزاوج التي ذكرناها.

4.     إن البيضة التي ستصبح ملكة تحتاج إلى (16) يوما بالضبط لتبلغ مرحلة الحشرة الناضجة مرورا بمراحل اليرقة والعذراء, بينما البيوض التي ستنتج الشغالات والذكور تحتاج لبلوغ هذه المرحلة إلى 21 و 24 يوما على التوالي, علما إن خلية النحل الواحدة تتألف من ملكة واحدة فقط كما هو مبين أعلاه وعشرات الألوف من الشغالات والمئات من الذكور. فتأمل خصوصية الملكة وأهميتها في (امة النحل) لذلك اختصها الله عز وجل (والله اعلم) بهذه الأيام المتناسقة مع معطيات كتابه بخصوص هذا الرقم وهو 16 يوما بالضبط لبلوغها دور الحشرة الكاملة. 

     (عيسى ابن مريم) في القرآن:

1.     جاء ذكر سيدنا عيسى ابن مريم في القرآن الكريم 33 مرة, ولكن بصيغ مختلفة منها: ابن مريم, المسيح, عيسى, المسيح ابن مريم. وذلك بعدد سني عمره في الأرض والتي بلغت 33 عاما عليه السلام. وقد ذكر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ذلك في الحديث الشريف قائلا: (رفع عيسى ابن مريم إلى السماء وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة)   [2]    .أما اسمه الكامل (عيسى ابن مريم) فقد ورد بهذه الصيغة في القرآن الكريم (16) مرة بالضبط   [3]      .فتأمل هذه الإشارة المباشرة والربط الدقيق بين هذا التكرار في ذكر اسمه عليه السلام مع عدد الكر وموسومات الفردية (16) في ذكر النحل وغيرها من المؤشرات التي لها علاقة بهذا العدد (16) الوارد أعلاه بخصوص النحل في القرآن والعلم كمثال تقريبي, على معجزة خلق سيدنا عيسى ابن مريم عليه السلام, قال تعالى: (وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون) العنكبوت: 43. 

2.     إن سورة مريم في القرآن الكريم تقع في الجزء (16) منه وقصة سيدنا عيسى مع والدته مريم العذراء تبدأ في الآية (16) من هذه السورة, وذلك بقوله تعالى:   (واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا) مريم: 16.  

فتأمل في هذا الربط الدقيق والرائع بينهما!

 

 

(مريم) في القرآن: 

ومن بديع التناسق العددي والموضوعي بين سيدنا عيسى ووالدته العذراء مريم (أي بين الأم وولدها) أنهما حالة واحدة في هذه المعجزة فهما آية واحدة كذلك كما قال سبحانه وتعالى:  

(وجعلنا ابن مريم وأمه آية وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين) (المؤمنون: 50)

يقول الفخر الرازي في تفسير هذه الآية الكريمة:(فاشتركا جميعا في هذه الأمر العجيب الخارق للعادة انه جعلهما آية بنفس الولادة لأنه ولد من غير ذكر وولادتها من غير زوج... وذلك لأن الولادة فيه وفيها آية واحدة فيهما وقال تعالى (آية) ولم يقل (آيتين))!    [4]   

لذلك نجد من الإعجاز العددي القرآني في هذا الموضوع إن أسماء مريم قد تكررت في كتاب الله (16) مرة بالضبط موافقا لعدد عبارة (عيسى ابن مريم), التي جاءت (16) مرة أيضا. 

وكما يلي في السور والآيات حسب ترتيب ورودها في القرآن الكريم    [5]    : 

سورة آل عمران – الآيات :36 , 37 , 42 , 43 , 44 , 45 

سورة النساء – الآيتان : 156 , 171 

سورة المائدة – الآيات : 17 , 75 , 110 , 116 

سورة مريم – الآيتان:16, 27 

سورة المؤمنون – الآية: 50 (موضوعة البحث أعلاه)

سورة التحريم – الآية: 12 

(الرحمن) في القرآن:  

لقد تكررت كلمة (الرحمن) في سورة مريم (16) مرة بالضبط, ابتداءاً من الآية رقم (18) وانتهاءاً بالآية (96) والتي هي من مضاعفات الرقم (16) حيث أن: (96=16X  6), علما أن عدد آيات هذه السورة المباركة هو 98 آية. وإذا ما دققنا في الحكمة من تكرار اسم (الرحمن) الذي هو من أسماء الله الحسنى الفريدة في صفاته (لكونه من أسماء الذات), وبعدد أكثر من أي سورة أخرى في القرآن الكريم (وردت كلمة الرحمن 57 مرة فيه وفي هذه السورة لوحدها فقط (16) مرة أي بنسبة 30% من المجموع الكلي), لعرفنا السبب بأنه (والله اعلم) في هذه السورة تتجلى الرحمة الإلهية للبشرية بهدايتهم إلى العقيدة الصحيحة والمنهاج القويم في هذه الحياة وصولا إلى رضوان الله وسعادتهم في الدنيا والآخرة, وذلك عن طريق إرسال الأنبياء والمرسلين وإنزال الكتب السماوية كما ورد في هذا السياق في الآيات الآتية في هذه السورة المباركة: 

·        (ذكر رحمت ربك عبده زكريا) (مريم: 2). 

·        (قال كذلك قال ربك هو علي هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمرا مقضيا) (مريم: 21). والكلام هنا عن سيدنا عيسى عليه السلام 

·        (ووهبنا لهم من رحمتنا وجعلنا لهم لسان صدق عليا) (مريم: 50). والكلام هنا عن سيدنا إبراهيم واسحق ويعقوب عليهم الصلاة والسلام. 

·        (ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا) مريم: 54. والكلام هنا عن سيدنا موسى عليه السلام. فالجو العام في هذه السور هو جو الرحمة, ومن رحمته عز وجل للبشرية انه أرسل إليهم خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى

·        (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) (الأنبياء: 107). 

وفي شرح اسم (الرحمن) يقول الإمام أبو حامد الغزالي (المتوفى عام 606هـ) في كتابه (المقصد الاسنى في شرح أسماء الله الحسنى) ما نصه (الرحمن أسم مشتق من الرحمة والرحمة تستدعي مرحوما ولا مرحوما إلا وهو محتاج ....والرحمن أخص من الرحيم ولذلك لا يسمى به غير الله والرحيم قد يطلق على غيره فهو من هذا الوجه قريب من اسم الله الجاري مجرى العلم (لأنه دال على الذات الجامعة للصفات الإلهية كلها ولا يطلق على غيره لا حقيقة ولا مجازا) وأن كان هذا مشتقا من الرحمة قطعا, ولذلك جمع الله بينهما فقال: (قل أدعو الله أو أدعو الرحمن أيا ما تدعو فله الأسماء الحسنى ) (الإسراء: 11).فالرحمن هو العطوف على العباد بالإيجاد أولا, وبالهداية إلى الإيمان وأسباب السعادة ثانيا, والإسعاد في الآخرة ثالثا, والإنعام بالنظر إلى وجهه الكريم رابعا)   [6]    . 

لذلك, فأن الله عز وجل من رحمته ومن صفاته وكما رحم البشرية بأرسال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فانه سيرحمها ثانية بنزول سيدنا عيسى ابن مريم رحمة وهداية للناس جميعا قبل قيام الساعة, وكعلامة من علاماتها الكبرى, كما سبق وأن أرسله إلى بني إسرائيل رحمة وهداية وكذبوا به وأرادو قتله ورفعه الله حيا كما نص على ذلك في كثير من الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة والتي منها:

أولا: قوله سبحانه و تعالى:

(إذ قال الله يا عيسى أني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ثم إلي مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون) ال عمران: 55.

ثانيا: قوله صلى الله عليه وسلم: (لا تقوم الساعة حتى ينزل عيسى ابن مريم حكما مقسطا وإماما عدلا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله احد)    [7]    .

ويقول عليه الصلاة والسلام أيضا: (الأنبياء اخوة لعلات (أي أبوهم واحد),ودينهم واحد وأمهاتهم شتى وانا أولى الناس بعيسى ابن مريم لأنه لم يكن بيني وبينه نبي وانه نازل فإذا رأيتموه فاعرفوه ... فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويعطل الملل حتى يهلك الله في زمانه الملل كلها غير الإسلام ويهلك الله في زمانه المسيح الدجال الكذاب وتقع الامنة في الأرض حتى ترتع الإبل مع الأسد والذئاب مع الغنم فيمكث ما شاء الله أن يمكث, ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون ويدفنوه)    [8]    .

من اجل ذلك ولغيره – والله اعلم- تكررت كلمة (الرحمن) في هذه السورة أكثر من غيرها لتضفي عليها جو من الرحمة التي تتمثل بها هذه الصفة المتميزة للبارئ عز وجل (الرحمن الرحيم), والتي جاءت متناسقة معنىً وعددا مع تكرار اسم سيدنا (عيسى ابن مريم) والعدد (16) أيضا في سورة مريم , في إعجاز علمي ورقمي جديد وفريد للقرآن الكريم, يقرب لنا مفهوم عودته ونزوله حيا رحمة للأمة وانتصارا للحق والإسلام, كما قرب لنا معجزة خلقه في حالة خلق ذكر النحل من بيضة غير ملقحة, ناتجة عن الملكة الحقيقية أو الملكة الكاذبة العذراء من دون تلقيح من ذكر كما بيناه أنفا. 

هذه هي الحقيقة الباهرة وهذا هو عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون عبد مخلوق ابن العذراء مريم القديسة, لا أب له, انه نبي ورسول وهو معجزة في بدايته ولديه معجزات كثيرة في حياته وغيابه معجزة وعودته مرة أخرى معجزة انه عيسى ابن مريم, الحقيقة الباهرة.

 

 

  والله يقول الحق وهو يهدي السبيل والحمد لله رب العالمين 

 

      الطبيب الاستشاري  

محمد جميل عبد الستار الحبال – الموصل – العراق

باحث في الإعجاز الطبي والعلمي في القران الكريم والسنة النبوية المطهرة 

  25-12-2004 

Email: alhabbal45@yahoo.com 

 المصادر: 

1.     المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم ط4 – محمد فؤاد عبد الباقي – دار المعرفة – بيروت(1994م) 

2.     التفسير الكبير – الإمام الفخر الرازي – مجلد 8 – الطبعة الأولى – مؤسسة المطبوعات الإسلامية بالقاهرة (بدون سنة) 

3.     المقصد الاسنى في شرح أسماء الله الحسنى – الإمام أبو حامد الغزالي – من منشورات محمد علي بيضون – دار الكتب العلمية, بيروت (2001م) 

4.     النحل – هاني عرموش – دار النفائس, بيروت (2002م) 

5.     مملكة النحل والعدد (16) -  لقمان إبراهيم القزاز – مجلة آيات – العدد 8, ص 34-36 (2004م)

6.     البداية والنهاية – الحافظ ابن كثير الدمشقي – مجلد 1-2 مكتبة المعارف – بيروت (بدون سنة) 

7.     التصريح بما تواتر في نزول المسيح – محمد أنور شاه الكشميري – مراجعة وتحقيق عبد الفتاح أبو غدة – ط5 , دار القلم – بيروت (1992م). 

8.     العلوم المعاصرة في خدمة الداعية الإسلامي – مطابقة الحقائق العلمية للآيات القرآنية – دار المنهاج القويم – دمشق(2005م). 


   [1]       محمد جميل الحبال – العلوم المعاصرة في خدمة الداعية الإسلامي – مطابقة الحقائق العلمية للآيات القرآنية, ص 30 (بتصرف) 

   [2]    الحافظ ابن كثير – البداية والنهاية. 1-278. 

   [3]    محمد فؤاد عبد الباقي المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم, ص 840. 

   [4]    الفخر الرازي – التفسير الكبير - 23103. 

   [5]    محمد فؤاد عبد الباقي – المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم- ص 840. 

   [6]      أبو حامد الغزالي – المقصد الاسنى في شرح أسماء الله الحسنى - 214  

   [7]      رواه الإمام أحمد في مسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه  2494. 

   [8]      رواه الإمام احمد في مسنده 2437 , وابن حجر في فتح البارئ 6357 عن أبي هريرة أيضا.

 

 

النحل والإنسان
 

بقلم الدكتور محمد نزار الدقر

النحلات –تلك المخلوقات العجيبة- أصدقاء حقيقيون لبني البشر، ومساعدون رائعون لهم في تقديم كل ما يجلب لهم الخير والسعادة والعافية. وهي الوحيدة من عائلة الحشرات التي تستطيع تخزين الرحيق من أجل الغذاء.

فهذه الحشرات الصغيرة تقوم بمهام جسام في حياة الإنسان. فهي علاوة على بنائها خلاياها بتلك الدرجة الرائعة من الدقة والتنظيم وتصنيعها للشمع والعسل وغيرها من المنتجات الهامة في تغذية الإنسان وشفائه من الأمراض وفي تمتعه بصحة جيدة وعمر مديد فإنها تقوم بتلقيح الأزهار في نفس الوقت الذي تقدم فيه بحركتها التي لا تفتر وعملها المستمر والدؤوب من غير كلل، أمثولة طيبة من صفات الإنسانية الراقية في التعاون بين أفراد المجتمع والذي يبرز إنكار الذات من أجل خدمة المجموع وتقاسم العمل بينها لخدمة المجتمع وحمايته واستمرار حياته. نعم! إنها الأمثولة الطيبة "كأن تكون مشغولاً شغل النحلة مقتصداً ومدبراً مثلها.. وكلما رنوت إليها متفحصاًَ إزداد إعجابك بها" [1]

فالنحلات تحول رحيق الأزهار إلى عسل، المنتج المعروف بقيمته الغذائية والعالية، وفوائده العلاجية والوقائية لكثير من الأمراض، والذي يكفيه من الفخر أن وصفه رب العزة في قرآنه العظيم بأن {فيه شفاءٌ للناس} وقد صنفنا فيه كتابنا "العسل فيه شفاء للناس" جمعنا فيه خبرات الأقدمين وتجارب جهابذة العلماء المحدثين، مضيفين إلى ذلك أبحاثنا السريرية حول هذه المادة القيمة. وقدمنا في كتابنا هذا خلاصة تكفي القارئ العادي ما يستفيد منه لتطبيقه في حياته العملية لمعالجة الكثير الكثير من الحالات المرضية الطارئة، فضلاً عن كونه منبع المواد السكرية الأكثر أهمية على مدى آلاف السنين. يقول المثل الفرنسي: "لكل سيّد مكانته.. والعسل سيد المحليات".

والنحل ومن أجل بنائه لبيته يفرز الشمع الذي يبني منه أقراص الشمع ذات العيون السداسية والتي يستخدمها مهداً لفراخه ثم يخزن بها ما صنعه من عسل وما جناه من غبار الطلع. وشمع العسل مادة ذات أهمية اقتصادية وطبية بالغة، فهو ويعتبر الأساس في أربعين صناعة هامة من كهربائيات والكترونيات وفي صناعة الجلديات والعطور، ويدخل أساساً لمواد التجميل الرائعة من رهيمات وأقنعة وحمرة شفاه وغيرها، ولصنع المراهم الجلدية واللصوقات الجلدية أيضاً.

والغذاء الملكي الذي تنتجه صبايا النحل غذاء مركز من الحموض الأمينية والفيتامينات والهرمونات يفيد الناقهين والضعفاء والشيوخ وله دور هام كمادة حيوية منشطة للجهاز العصبي والقدرة الجنسية وهو  ناظم للضغط الدموي والذي يمكن أن ندعوه بحق "العقار الحيوي الطبيعي".

وفي الوقت الحاضر تعتبر النحلات الجانيات الماهرات لغبار الطلع، المنتج الغذائي المركز من البروتينات والفيتامينات، يكون منه النحل خبزه علاوة على كونه مادة دوائية تبدي العديد من الخصائص العلاجية الممتازة، ففيه مواد مضادة للحيوية وأخرى منشطة للنمو، وهو وناظم للوظيفة المعوية ومنشط لتكوين عناصر الدم، كما ثبت أنه علاج ممتاز لأورام البروستات السليمة والتهاباتها عند الشيوخ.

وسم النحل ذاك الذي فيه مظنة الضرر للإنسان أثبت الطب الحديث أنه العلاج النوعي للرثية الروماتيزم كما ثبت فائدته الجمة في التهابات الأعصاب بشتى أنواعها وله استطباباته النوعية في معالجة العديد من أمراض العين والأوعية الدموية. ثم إن النحل لا يلسع إلا دفاعاً عن النفس ولحماية مملكته، أوَليس في هذا فهماً لقول النبي صلى الله عليه وسلم  المعجز: المؤمن مثل النحلة، لا تأكل إلا طيباً ولا تضع إلا طيب.

والنحلات صيادلة هذا العصر وكل عصر تنتج غراء النحل "العكبر" والذي يفترض الدوائيون اليوم أنه سيدخل خزانة الأدوية المستقبلة من بابها العريض، إذ أن له استطبابات بدت جازمة في معالجة العديد من الأمراض سواء موضعياً لمعالجة الجروح والقروح، وفي الأمراض النسائية وآفات الطرق التنفسية، علاوة على كونه "القمة" بين أدوية الطب البيطري هذا فضلاً عن استعمالاته الصناعية إذ يحضر منه "الأنواع الممتازة من الغراء" والذي يستعمل في صناعة الأدوات الدقيقة كالآلات الموسيقية وغيرها.

وهكذا نرى كيف تحضر النحلات الصيدلانيات الملهمة من خالق الكون تلك العقاقير الممتازة التي ملأت بها خزانة الطب، والتي شغل بها الباحثون وأقيمت لدراستها المؤتمرات العالمية واستحدثوا لها فرعاً جديداً من فروع الطب أطلق عليه "طب النحالة" لكن هذا يشكل في الواقع جانباً واحداً من نشاط هذه الكائنات العجيبة في دنيا البشر. وفي الحقيقة فإن الدور الهائل الذي يلعبه "النحل" في إكثار المحاصيل الزراعية يصعب تقييمه، ذلك لأن مئات الأنواع النباتية تحتاج من أجل إنضاج ثمارها إلى ما يسمى بالإلقاح المتصالب الخلطي بنقل غبار الطلع من أكياسه إلى مياسم المدقات. هذا العمل الهام تقوم به الحشرات المختلفة، لكن النحل هو الأهم في هذا العمل الحيوي. وتدل الإحصائيات  [2]  على أن الدخل الذي يقدمه النحل لمالك الأرض الذي ترعى زهرها يفوق 7-8 مرات الدخل الذي يستفيده النحال مما ينتجه النحل من عسل وشمع وغذاء ملكي وسواها.

لقد كان العقل المفكر للإنسان  [3] وعلى مدى قرون يحاول أن يفك اللغز وأن يتعرف على مهمة النحل الحقيقية فوق الأزهار وفي الظلام الدامس ضمن الخلية، ولقد أضحى معلوماً اليوم أن الأزهار والنحل لا يمكن أن يستمر وجود أحدهما دون الآخر، فبقاؤهما في هذا الكون مرتبط ومتلازم، ولم يعد النحل مجرد صانع للعسل، بل لقد عرفت اليوم مهمته الأزلية كملقحات مجنحات لأزهار البساتين والمروج ذلك الدور الزراعي الهام، والمنة الإلهية العظيمة التي نأكل نتاجها من الفواكه والخضار فبدون مشاركة النحلة فإن عدداً كبيراً من النباتات قد لا تثمر... رغم أن نتاجها هو  مصدر الصحة ومنبع السرور للجميع.

فالنحل يقوم بمهمة التلقيح التصالبي الخلطي لأشجار الفاكهة  [4]  والزينة والخضار والمحاصيل الحلقية والعلنية والأزهار البرية فيضاعف من إنتاجها مما جعل العديد من المزارعين يقبلون على طلب النحل مما زاد في أرباح مربي النحل علاوة على زيادة وتحسين نوعية الإنتاج الزراعي.

فبالنسبة لمحصول القطن يعتبر النحل عاملاً مهماً  في الإلقاح التصالبي للقطن يزيد في إنتاجه بنسبة تصل إلى 30-35% ويحددها بعض المؤلفين بأكثر من 50%.

أما أشجار التفاح فيؤلف النحل 82% من الحشرات التي تزورها لهذه المهمة. وليعلم أن 17% من أزهارها تبقى غير ملقحة ولن تثمر إذا لم يزرها النحل. ويكفي لحقل من أشجار التفاح مساحته 2 هكتار خلية واحدة لإتمام تلقيحها بشكل كامل.

وأشجار الأجاص يزيد إنتاجها بنسبة 5% عند وجود خلية نحل في جوارها، وتكفي خمس خلايا من النحل لتلقيح هكتارين من حقل أشجار اللوز بشكل جيد.

والبصل تلقيحه خلطي أيضاً ويزيد النحل من إنتاجها بنسبة 35% إلا أن العسل الناتج يحمل رائحة البصل والتي تزول خلال شهرين من تخزينه وتشميسه.

وللنحل أهمية في تلقيح أزهار الحمضيات وزيادة إنتاجها بفارق كبير علماً بأن عسل الحمضيات وخاصة البرتقال ذو رائحة وطعم لذيذين.

وبالنسبة للقثائيات "البطيخ بأنواعه" والقرع والكوسا والخيار فإن إنتاجها يتضاعف مرات ومرات "أوصلها بعض المؤلفين إلى 9 مرات" عند وجود خلايا النحل وسط حقوله. ففي إحدى التجارب على مزارع الخيار لم تثمر من أصل 977 زهرة سوى 3 لعدم وجود مناحل قريبة، وعندما وضع النحل أثمرت 784 زهرة من 831 زهرة. وكذلك فإن نتاج حقول اللفت والفجل والملفوف من البذور يتضاعف إذا كانت موجودة ضمن دائرة طيران النحل.

أما البرسيم فإن إنتاجه من البذور يتضاعف 2.5 مرة عند وجود النحل. وبذور عباد الشمس تتضاعف أيضاً كميتها قرب المناحل.

أما حقول القمح والشعير والذرة فأهمية النحل قليلة بالنسبة لها، إذ أن نسبة 95% من إلقاحها إلقاح ذاتي، ويبقى 5% فقط إلقاح تصالبي يمكن للنحل أن يساهم فيه. ونفس الأمر بالنسبة للعنب والشوندر السكري والسلق.

وينظر كثير من العلماء والباحثين إلى النحل اليوم ليس كمجرد مصنع حي ينتج ما ينتج من أغذية وعقاقير وليس لمجرد دورها الهام في إلقاح الأزهار وزيادة الإنتاج الزراعي وإنما من زاوية أخرى مهمة وهي عمل النحالة نفسه إذ من الصعب أن نقيم بإنصاف العمل الممتع والفتان مع النحل، في الهواء الطلق بين روائح الزهور العطرة، وتناوله المستمر لمنتجاته من عسل وغذاء ملكي وغيرهما، وحتى تعرضه للسع النحل كلها تشكل عوامل منشطة للعضوية تزيد في مناعتها ضد الأمراض، مما حدا بالكثير من العلماء اعتبار المنحل كمشفى أو مصح طبيعي رائع وخاصة لنوعية من الناس ممن يشكو الإرهاق العصبي والمقعدين والعجزة من معاقي الحروب وغيرها والمتقاعدين والمسنين، فالعمل في المنحل في نظرهم نوع من المعالجة التعويضية بالعمل المناسب.

وبعبارة أخرى فإن تربية النحل عمل ممتع وفيه نفع كبير لأولئك الأشخاص الذين لا يصلحون للأعمال الجسمانية الصعبة ويزيد نفعه للأشخاص المتوتري الأعصاب، فهو عمل خفيف يستفيد صاحبه من الهواء الطلق والمهدئ للجهاز العصبي.

 

النحل في القرآن

قال تعالى: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ * ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} النحل:68-69.

قوله تعالى: {وأوحى ربك إلى النحل}: قال القرطبي: "قد مضى القول في الوحي وأنه قد يكون بمعنى الإلهام، وهو  ما يخلقه الله تعالى في القلب ابتداء من غير سبب ظاهر، وهو من قوله تعالى: {ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها}. ومن ذلك البهائم وما يخلق الله سبحانه فيها من إدراك منافعها واجتناب مضارها وتدبير معاشها".

وقال الفخر الرازي: "والمراد من الإلهام أنه تعالى قرر في نفسها هذه الأعمال العجيبة التي يعجز عنها العقلاء من البشر، وبيانه من وجود أنها تبني البيوت السداسية من أضلاع متساوية لا يزيد بعضها على بعض بمجرد طباعها، والعقلاء من البشر لا يمكنهم بناء مثل تلك البيوت إلا بآلات وأدوات مثل المسطرة والفرجار. ثم إنه ثبت في الهندسة أن تلك البيوت لو كانت مشكلة بأشكال سوى المسدسات فإنه يبقى بالضرورة فيما بين تلك البيوت فرج خالية ضائعة. أما تلك البيوت المسدسة فإنه لا يبقى بينها فرج خالية ضائعة. فإهداء ذلك الحيوان الضعيف إلى هذه الحكمة الخفية والدقيقة اللطيفة من الأعاجيب".

قوله تعالى: {أن اتخذي من الجبال بيوتاً ومن الشجر} هذا إذا لم يكن لها مالك {ومما يعرشون}: قال القرطبي: "جعل الله بيوت النحل في هذه الأنواع الثلاثة إما في الجبال وكواها، وإما في متجوف الأشجار، وإما فيما يعرش لها ابن آدم من الخلايا والحيطان، وعرش هنا: هيأ وأكثر ما يستعمل من إتقان الأغصان والخشب وترتيب ظلالها ومنه العريش الذي صنع لرسول الله صلى الله عليه وسلم  يوم بدر"... وقال الرازي: "ظاهر قوله تعالى" أن اتخذي من الجبال بيوتاً" أمرٌ وقد اختلفوا فيه، فمن الناس من يقول: لا يبق أن يكون لهذه الحيوانات عقول، ولا يبق أن يتوجب عليها من الله أمر ونهي، وقال آخرون: المراد منه أن الله تعالى خلق فيها غرائز وطبائع توجب هذه الأحوال. ونلاحظ في خطاب الله تعالى لها استعمال صيغة التأنيث {أن اتخذي} وهذا يتوافق مع ما هو عليه عالم النحل، فغالبية النحل من الإناث، وترأسهم ملكة كما هو معلوم..".

قوله تعالى: {ثم كلي من الثمرات} قال القرطبي: "أن تأكل النوار من الأشجار "فاسلكي سبل ربك ذللاً" أي: طرق ربك، والسبيل: الطريق. وأضافها إليه لأنه خالقها، أي ادخلي طرق ربك لطلب الرزق. {ذللاً} جمع ذلول، وهو المنقاد، أي مطيعة مسخرة".

قال ابن كثير: "المراد بالوحي هنا الإلهام والهداية، والإرشاد للنحل أن تتخذ من الجبال بيوتاً تأوي إليها، ثم هي محكمة في غاية الإتقان في تسديها ورصفها بحيث لا يكون في بيتها خلل ثم أذن لها تعالى إذناً تقديرياً تسخيرياً أن تأكل من كل الثمر،وأن تسلك الطرق التي جعلها الله تعالى مذللة لها، أي سهلة عليها حيث شاءت من الجو العظيم والبراري الشاسعة والجبال الشاهقة، ثم تعود كل واحدة منها إلى بيتها، لا تحيد عنه يمنة ولا يسرة، بل إلى بيتها وما لها فيه من فراخ وعسل فتقيئ العسل من فيها وتبيض الفراخ من دبرها ثم تصبح إلى مراعيها".

وفي قوله تعالى: {يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس} قال القرطبي: فيه تسع مسائل:

الأولى: قوله {يخرج من بطنها شراب} يعني العسل، فقد ورد عن علي عليه السلامأنه قال في تحقيره للدنيا: أشرف لباس ابن آدم فيها لعاب دودة "يعني الحرير" وأشرف شرابه رجيع نحلة "يعني العسل".

الثانية: قوله : {مختلف ألوانه} يريد أنواعه من الأحمر والأبيض والأصفر، والجامد والسائل دليل على أن القدرة نوعته بحسب تنويع الغذاء كما يختلف باختلاف المراعي.

الثالثة: قوله: {فيه شفاء للناس} الضمير للعسل، قاله الجمهور. أي في العسل شفاء للناس. وقيل الضمير للقرآن. قال القاضي أبو بكر بن العربي: من قال إنه القرآن بعيد ما أراه يصح عنهم، ولو صح نقلاً لم يصح عقلاً، فإن مساق الكلام كله للعسل.

الرابعة: اختلف العلماء في قوله تعالى {فيه شفاء للناس} هل هو على عمومه أم لا، فقالت طائفة هو  على العموم في كل حال ولكل إنسان، فقد روي عن ابن عمر عليه السلامأنه كان لا يشكو قرحة ولا شيئاً إلا جعل عليه عسلاً، حتى الدمل إذا خرج عليه طلى عليه عسلاً.

وروي أن عوف بن مالك الأشجعي مرض فقيل له ألا نعالجك؟ فقال: إيتوني بماء فإن الله تعالى قال: {ونزلنا من السماء ماء مباركاً} ثم قال: إيتوني بعسل فإن الله تعالى يقول: {فيه شفاء للناس} ثم قال: إيتوني بزيت فإن الله تعالى يقول: {من شجرة مباكة زيتونة} فجاؤوه بذلك كله فخلطه جميعاً ثم شربه فبرئ.

وقالت طائفة: إن ذلك على الخصوص ولا يقتضي في كل علة وفي كل إنسان بل إنه خبر على أنه يشفى ففائدة الآية إخبار عنه أنه دواء لما كثر الشفاء به، وليس بأول لفظ خصص، فالقرآن مملوء منه، ولغة العرب يأتي فيها العام كثيراً بمعنى الخاص، والخاص بمعنى العام.

الخامسة: الماء حياة كل شيء، وقد رأينا من يقتله الماء إذا أخذه على ما يضاره. وقد رأينا شفاء العسل على أن النبي صلى الله عليه وسلم  قد حسم الإشكال وأزاح عنه وجه الاحتمال حين أمر الذي يشتكي بطنه بشرب العسل فلما أخبره أخوه بأنه لم يزده إلا استطلاقاً أمره بعود الشراب فبرئ، وقال: صدق الله وكذب بطن أخيك.

السادسة: لسنا نستظهر على قول بيننا بأن يصدقه الأطباء بل لو وكذبوه لكذبناهم وصدقناه صلى الله عليه وسلم  .

السابعة: قوله {فيه شفاء للناس} دليل على جواز التعالج بشرب الدواء خلافاً لمن كره ذلك من العلماء.

الثامنة: ذهب مالك وجماعة من أصحابه إلى أن لا زكاة على العسل.

التاسعة: قوله تعالى: {إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون} أي يعتبرون، ومن العبرة في النحل بإنصاف النظر وألطاف الفكر في عجيب أمرها، فيشهد اليقين بأن ملهمها الصنعة اللطيفة وحزمها في تفاوت أحوالها هو الله سبحانه وتعالى، يقول العلامة الزجاج  [5]  في قوله تعالى: {يخرج من بطونها}: "...إلا أنها تلقيه من أفواهها، وإنما قال من بطونها: لأن استحالة الأطعمة لا تكون إلا في البطن فيخرج كالريق الدائم الذي يخرج من فم ابن آدم".

وفي تعليقه على آيتي النحل يقول الفخر الرازي: "اعلم أنه تعالى لما بين إخراج الألبان من النعم وإخراج السكر والرزق من ثمرات النخيل والأعناب دلائل قاهرة وبينات باهرة على أن لهذا العالم إلهاً قادراً مختاراً حكيماً فكذلك إخراج العسل من النحل دليل قاطع وبرهان ساطع على إثبات هذا المقصود".

ولقد دافع عن عمومية شفاء العسل العلامة الشنقيطي [6] في شرحه لحديث "صدق الله وكذب بطن أخيك" فقال: ووجه قوله صلى الله عليه وسلم  "صدق الله" هو كون النكرة في قوله {فيه شفاء للناس} للعموم لأنها سيقت للإمتنان، فهي إحدى النكرات الأربع التي تعم، كما نص عليه السيوطي وغيره كالعطار على جمع الجوامع وغير واحد من المحققين مثالها قوله تعالى: {وأنزلنا من السماء ماءً طهوراً} وقوله: {فيه شفاء للناس}.

ويرى الدكتور النسيمي أن الآية تفيد أن العسل شفاء لبعض الأمراض... إلا أنه يمكن لفئة خاصة من أهل اليقين والصدق والصفاء أن يستشفوا به لكل علة، ويمكن أن يحدث الشفاء بذلك كرامة أو معونة من الله تعالى لهم، وذلك خصوصية لبعض المتقين لا تعطي حكماً عاماً. ويرى أن لفظ شفاء في الآية الكريمة نكرة، والنكرة في سيقان الثبوت لا تعم كما قال القرطبي، ومع ذلك فإن تنكير شفاء وعدم تعيين الفوائد العلاجية للعسل يحرك همة المؤمنين المختصين أن يجروا التجارب ليكتشفوا المزيد من الفوائد الدالة على عظيم منفعة العسل العلاجية كما يرى النسيمي أن فعل النبي صلى الله عليه وسلم  وتداويه بالحجامة ووصفه لأدوية أخرى كالحبة السوداء وغيرها يدل على أن العسل ليس شفاء من كل داء كما يرى أن الواقع الطبي العملي لا يشير إلى إمكانية كون العسل أو غيره يمكن أن يكون شفاء لكل داء. كما يؤكد أن التصور العقلي لا يبيح ذلك لوجود أمراض متناقضة كفرط الدرق وقصوره وانخفاض الضغط وارتفاعه وغيرها، فلا يعقل "كما يرى النسيمي" أن يكون العسل سبباً مادياً للشفاء من حالتين متضادتين وبالتالي لا يتصور أن يكون داوء لكل داء.

ويرى الدكتور ظافر العطار أن آية النحل {فيه شفاء للناس} صريحة في عمومها، ولا يرى أي مبرر لتأويلات بعض المفسرين كالسدي وغيره، وهو إن صح عنه يجعل الطب في المقدمة لا الشرع، ويفهم منه أن ما أقرته التجربة يصبح عنده شفاء. ويرد على الدكتور النسيمي بأن تعدد العلاجات النبوية إنما هو رحمة بأمته صلى الله عليه وسلم  فعدد لها الدواء، فقد لا يتيسر العسل لبعض الناس فأفسح لهم المجال بتعدد الدواء، لكن هذا لا يعني بحال أن العسل لا يفيد الشقيقة وغيرها، وحول رأي الدكتور النسيمي بعدم تصوره دواء يصلح لحالتين متضادتين يجيب أن العسل منظم للجسم البشري يعيد إليه توازنه الطبيعي وانسجامه كما لا يرضى الدكتور العطار بجعل العسل علاجاً روحياً لأهل الخصوص، فقوله تعالى: {فيه شفاء للناس} وكلمة {ناس} يستوي فيها المسلم والكافر، فكيف بالمؤمن؟!.
ويقف الدكتور حسان شمسي باشا
 [7] هنا ليتساءل: لماذا قال الله تعالى: {يخرج من بطونها شراب} ولم يذكر صراحة أن العسل هو الذي يخرج من بطون النحل، ويجيب على تساؤله بنقل قول الدكتور البنبي: "فالنحل لا ينتج العسل وحده فحسب، بل إنه ينتج الغذاء الملكي والسم والشمع والعكبر ... وحبوب اللقاح. ولم يذكر القرآن صراحة أن العسل هو الذي يخرج من بطون النحل، أو  أنه هو الذي فيه شفاء للناس، لأن الله يخرج من بطون النحل مواد متعددة شافية، لكنها لم تكن معروفة حين نزول القرآن على سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم  ... فكأن هذه الآية الموجزة تتضمن المعنى الذي كان معروفاً في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم  عن القيمة العلاجية والمعنى الذي لم يعرف إلا في القرن العشرين عن القيمة العلاجية لسم النحل والغذاء الملكي وغيرهما من منتجات النحل.

ونحن نرى أن الشراب الذي وصفه المولى سبحانه وتعالى في الآية {يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس} هو العسل حصراً.

فليس لمفسر أن يدلي برأيه بعد أن ثبت في الحديث الصحيح:  صدق الله وكذب بطن ابن أخيك، اسقه عسل أن النبي صلى الله عليه وسلم  فسر الشراب بالعسل، ثم إن الوصف اللغوي الذي جاءت به الآية أتى بصيغة المفرد ليدل أن الشراب نوع واحد، وإن اختلفت ألوانه، وهذا ينطبق على العسل، ثم إن الشمع ليس بشراب، والغذاء الملكي والعكبر يفرز في فم النحلة ولا يخرج من البطن من الناحية التشريحية وأخيراً فإن سم النحل لو تناوله امرؤ على شكل شراب لفسد في معدته، فهو لا يفيد مطلقاً إذا ما أخذ على شكل شراب.

وهكذا فإن المادة العلاجية القرآنية الوحيدة هي العسل، وهذا لا يعني المواد الأخرى التي تصنعها النحلة ليس فيها شفاء، فقد أشبعنا في كتابنا هذا الخواص العلاجية لهذه المواد دراسة وبحثاً ولكننا لا يمكن أن نضعها ضمن الأدوية القرآنية التي نص القرآن على الاستشفاء بها.

 

 

النحل في السنة النبوية

عن أبي رزين العقيلي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  قال: مثل المؤمن مثل النحلة، لا تأكل إلا طيباً، ولا تضع إلا طيب. [8] 

وعن عبد الله بن عمرو أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم  يقول: والذي نفسي بيده إن مثل المؤمن كمثل النحلة، أكلت طيباً، ووضعت طيباً، ووقعت فلم تكسر ولم تفسد. [9] 

وعن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم  قال: مثل المؤمن مثل النحلة، إن أكلت أكلت طيباً، وإن وضعت وضعت طيباً، وإن وقعت على عود نخر لم تكسره. [10]  

قال المناوي في فيض القدير: "المراد بالمؤمن الذي تكاملت به خصال الخير باطنا، وأخلاق الإسلام ظاهراً، فشبه المؤمن بذبابة العسل النحلة لقلة مؤنتها وكثرة نفعها كما قيل، إن قعدت على عش لم تكسره، وإن وردت على ماء لم تكدره.

وقال علي بن أبي طالب: كونوا في الدنيا كالنحلة، كل الطير يستضعفها، وما علموا ما ببطنها من النفع والشفاء.

ومعنى إن أكلت أي أنها لا تأكل بمرادها وما يلذ لها، بل تأكل بأمر مسخرها في قوله تعالى: {كلي من كل الثمرات} حلوها ومرها لا تتعداه إلى غيره من غير تخليط، فلذلك طاب وضعها لذة وحلاوة وشفاء، فكذا المؤمن لا يأكل إلا طيباً، وهو الذي حلي بإذن ربه، لذلك لا يصر من باطنه وظاهره إلا طيب الأفعال، وذكي الأخلاق، وصالح الأعمال...".

والمؤمن بإجماع العلماء أكرم الخلق عند الله عز وجل، وتشبيه المؤمن بالنحلة رفع لمكانة هذه الحشرة النافعة، وتقدير من نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم  لجليل ما تقوم به من أعمال وما تضعه وتصنعه من أدوية ومواد هي في غاية النفع لهذا الإنسان.

 

 

العسل عبر القرون [11] 

عرف الإنسان العسل منذ أن كان يعيش في المغاور. وعبّر الإنسان القديم عن أهمية العسل بالأقاصيص والغناء قبل أن يعرف الكتابة. وظل العسل آلافاً من السنين الحلو الصافي الوحيد بالنسبة للبشر، وكان له مكانة مرموقة عند معظم شعوب العالم القديم، حيث استخدم كنوع من القرابين المفضلة في الطقوس الدينية. كما تدل الوثائق التاريخية على أن العسل قد استخدمته معظم هذه الشعوب لغايات علاجية بحته.

لقد كانت جميع شعوب الشرق الأوسط تعمل على تخزين العسل بكميات كبيرة لاعتقادهم بالخلود حين استعمالهم له ، وكانوا يعتبرونه رمزاً لطهارة الروح. وقد كشفت الحفريات في قبور الفراعنة خبايا العسل، وكانت مغطاة ومحتفظة بطعمها، وذات رائحة عطرة كاليوم الذي وضعت فيه مع الملك الميت آنذاك. وكانت العادة عند قدماء المصريين أن يقدّم العريس لعروسه أثناء الزفاف ما يعادل "رطلاً إنكليزيا" من العسل كعربون على حبه ووفائه لها.

وفي أقدم وثيقة وجدت على أوراق البردي تعود إلى 3500 سنة خلت وجد كتاب تحضير الأدوية لكل أمراض الجسم وفيه كثير من الوصفات كان فيها العسل المادة الرئيسية وذكروا أن العسل يساعد على شفاء الجروح ومعالجة أمراض المعدة والأمعاء والكلى، وطبقوه على شكل مراهم في علاج أمراض العين. وفي عسر التبول وصفت حبوب باسم "خا" يدخل فيها العسل أيضاً، وفي وثيقة فرعونية أخرى قرأها إيدفين سميث وجدت معلومات عن تطبيق الضمادات العسلية بعد العمليات الجراحية.

وفي الشرق الأقصى وعند براهمة البنغال كانت العروس تدهن بالعسل ولا سيما ثدييها وفرجها لاعتقادهم بأنها ستصبح أكثر إخصاباً. وقد جاءت وثائق من الصين تشير إلى أن أطباءهم كان يعالجون المصابين بالجدري بطلي أجسامهم بالعسل لما رأوه من سرعة شفائهم به، وأنه يمنع حصول الندب المعيبة التي يخلفها هذا الداء الوبيل، كما نقل عنهم معرفتهم بخواص العسل الحافظة  والمغذية للبشرة والمبيضة لها أيضاً حيث كانوا يمزجونه مع شمع العسل.

والهنود القدامى نسبوا للعسل من المزايا الشفائية والمقوية وكانوا يكتحلون بالعسل لمعالجة أمراض العين وخاصة الساد، وفي كتاب الحياة Ayur vedaوقوانين مانو شرح عن أكسير الحياة لإطالة العمر، وأنه مكوّن من اللبن والعسل.

 واعتقد الإغريق من أتباع المذهب الروحي بأن العسل يطيل العمر، وإن فيثاغورس وديموقراطوس فكرا بإطالة عمريهما بجعل العسل جزءاً من غذائهما اليومي. وقد اعتاد مصارعوا الإغريق تناول العسل وخصوصاً قبل تمارينهم الرياضية وأشارت أساطير اليونان بالعسل المحضّر من قبل صيادلة ذلك العصر –النحلات- ووصفته بأنه الندى الذي تقطره نجوم السماء وأقواس قزح، والذي ينحدر إلينا بواسطة الأزهار. وكان شاعرهم هوميروس يتغنى بالعسل وبخصائصه الممتازة في ملحمته الخالدة الإلياذة والأوديسة.

كما أن بيفاغور أبرز في أشعاره خواص العسل الدوائية المعروفة حينذاك.

 وكان الفيلسوف اليوناني أرسطاطاليس خبيراً بالطب وقد مدح بإطناب رجل النحل المسمر، وبيّن أن العسل يملك خواص ذاتية فريدة من نوعها وأنه يقوي الصحة ويطيل العمر. كما أن أبو قراط يعتمد على العسل في غذائه الخاص ويعالج به كثيراً من الأمراض كالجروح والإلتهابات البلعومية، وله شراب محضر من العسل يصفه كمهدئ للسعال وماص للرطوبة.

أما المؤرخ بليني صاحب كتاب "التاريخ الطبيعي" فقد أشار إلى الخواص الشفائية الممتازة للعسل في معالجة الجروح وتقرحات الفم، وذكره العالم الإغريقي "ديوسكوريدوس" كعلاج ناجح في أمراض الجهاز الهضمي ولمعالجة الجروح المتقيحة والبواسير، كما أشار الطبيب كلافدي غالن بشكل خاص في قروح الفم وكان يعالج الجروح بعجينة مكونة من العسل والطحين. كما كان يصف العسل لمعالجة حالات التسمم ولآفات جهاز الهضم.

وفي عهد الإمبراطورية الرومانية كان العسل الغذاء الاعتيادي لكل روماني وكان رمزاً في أعيادهم واحتفالاتهم الدينية.

ونظراً لارتفاع قيمته في نظرهم فقد قبلوا أخذه كبديل ممتاز عن الضرائب المتوجب دفعها. وكان نبلاء الرومان يفاخرون بامتلاكهم خلايا النحل، ويعتبرون تقديم العسل للضيف من كوارة المضيف الخاصة نوعاً من إكرامه والاحتفاء به. كما كانوا يصطحبون مناحلهم في معاركهم ضد أعدائهم إذ كانوا يطلقونها في ساحات الحرب لتصبح سلاحاً قاتلاً للأعداء.

أما الشاعر الروماني أوفيد فقد أيد آراء بيفاغور واضعاً العسل في رأس قائمة المواد الضرورية لتغذية الإنسان.

وفي فلندا مازالت معروفة تلك العادة وهي دهن شفاه العروس بالعسل ليلة زفافها حفظاً على مودتها، وعند الطليان مثل شعبي يقول: "سيدتي! عاجلي زوجك بالعسل فإنك ستحكمين قلبه وتحافظين على مودته، سيدي! عامل زوجتك وكأنكما في شهر العسل واعلم أن السعادة ستخيم دائماً على منزلك..".

ولقد كان العبرانيون يعتقدون بأن العسل يجعل الناس مهرة وأذكياء.

وما زال اليهود حتى أيامنا هذه يصنعون الأطعمة الخاصة بالأعياد من العسل، وفي سفر التكوين من التكوين من التوراة جاء ذكر العسل عندما أرسل يعقوب ابنه بنيامين إلى مصر مع أعطية فيها أحسن فواكه الأرض مع العسل، وجاء فيه وصية لنبي الله سليمان عليه السلام  [12]  عن أبيه داود قوله: تناول العسل يا بني فإنه جيد، وإن أقراص العسل لذيذة المذاق.

وفي القرن السادس استخدم الكسندر ترايسكي العسل بكثرة لمعالجة أمراض الكبد والكليتين والجهاز التنفسي. وفي الطب الشعبي الروسي عولج بالعسل الكثير من الحالات المرضية. وقد ورد في المخطوطات الروسية القديمة وصف مسهب لخواص العسل العلاجية وعلى الخصوص لمعالجة الالتهابات الصدرية والسل الرئوي وأمراض الهضم. كما وردت وصفات لمراهم يدخل فيه العسل لمعالجة الجروح المتعفنة وعدد من الآفات الجلدية.

وللعسل عند المسلمين نظرة خاصة ومكانة جلّى كطعام له نوع من القدسية في نفوسهم، ولقد بلغ من ترغيب القرآن الكريم فيه أن جعله شراب أهل الجنة. وهذا مصداق قوله تعالى في وصف ما أعده سبحانه وتعالى لعباده المتقين: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفّىً }محمد: من الآية15 وحينما ترد ذكر الأطعمة والأشربة في السنة النبوية المطهرة فإنه لمما يلفت النظر حقاً إعجاب النبي صلى الله عليه وسلم  بهذا النوع من الغذاء الممتاز، ودعوته مراراً للاستشفاء به. فقد روى مسلم في صحيحه أن عائشة عليه السلامقالت: أنه صلى الله عليه وسلم  كان يعجبه الحلواء والعسل.

إلا أن أول وآكد نص تاريخي يثبت الخواص الشفائية للعسل هي الآية المنزلة في سورة النحل، وهي قوله تعالى: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ... يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}النحل: من الآية:68-69.

وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم  إيماناً به وتصديقاً لما أنزل الله في كتابه أصرّ على كثير ممن راجعه من الصحابة يسألونه الدواء أن يتداووا بالعسل، وحذا حذوه العديد من الصاحبة ثم الكثير من أطباء المسلمين حيث طبقوا العسل على نطاق واسع.

 وفي كتاب القانون في الطب لابن سينا عشرات الوصفات التي يدخل فيها العسل. فقد كان يصف مزيجه مع شراب الورد لمعالجة السل الرئوي، ويصف محاليله الدافئة لمعالجة الأرق،كأوضح فعله المشغف للقرنية لمعالجة كثافاتها المختلفة المنشأ، وكان يصف العسل فيقول: "العسل يقوي الروح، ويزيد النشاط، ويحرك الشهية، ويحفظ الشباب، ويؤدي إلى انطلاق اللسان" ويصف الموفق البغدادي العسل بأنه" يدفع الفضلات من الأمعاء، ويشد المعدة،وينقي الكبد، ويدر البول، وينقي الصدر، وينفع أصحاب البلغم، والأمزجة الباردة والسعال الكائن من البلغم".


[1]  : مثل إيطالي.[2]  : عن إيوريش النحلات والطب.[3]  : عن كتاب: "Bees and People".[4]  : راجع كتاب الحديث في تربية النحل د. سلامة شقير. وكتاب النحل والإنسان لإيوريش.[5]  : عن كتاب "زاد المسير في علم التفسير" لابن الجوزي.[6]   : العلامة محمد حبيب الله الشنقيطي عن كتابه زاد المسلم فيما اتفق عليه البخاري ومسلم.[7]  : عن كتابه "معجزة الاستشفاء بالعسل والغذاء الملكي".[8]  : رواه الطبراني في الأوسط، وقال الهيثمي: فيه مسجاح بن نصير وقد وثق على ضعفه، وبقية رجاله ثقات، وأورده الألباني في صحيح الجامع الصغير وقال: حديث صحيح.[9]  : رواه الإمام أحمد، وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح غير أبي سبرة وقد وثقه ابن حبان.[10]  : رواه البيهقي في شعب الإيمان، وضعفه السيوطي، وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح، غير أبي سبرة وقد وثق.[11]  : هذا البحث مختصر عن كتابنا العسل فيه شفاء للناس ومصدره كتابين: الأول: Honey for Health   لتونزلي. والثاني: النحلات صيدلانيات مجنحة لإيوريش.[12]  : علماً بأن اليهود لا يعترفون لسليمان عليه السلام بالنبوّ وإنما يلقبونه بالملك ويتهمونه بالسحر والعياذ بالله.

 

 

العسل في القرآن والسنة
 

 بقلم الدكتور محمد نزار الدقر

ما من شك في أن النصوص القرآنية التي وردت في العسل ومن بعدها الأحاديث النبوية الصحيحة هي أوضح وأرسخ النصوص القديمة على الإطلاق، كما أنها تعتبر من أوائل النصوص التي جزمت بالفوائد العلاجية الثابتة لهذه المادة القيمة. قال تعالى: {وأوحى ربك إلى النحل... يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس} النحل.

وقد شرحنا هذه الآية بإسهاب في فصل "النحل في القرآن".

وقال تعالى واصفاً ما أعده لعباده المتقين في جنة الخلد: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفّىً وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} محمد: من الآية15.

عن جابر بن عبد الله عليه السلامقال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم  يقول: إن كان في شيء من أدويتكم من خير ففي شرطة محجم أو شربة عسل أو  لذعة بنار توافق الداء، وما أحب أن أكتوي [1] .

وعن ابن عباس عليه السلامأن النبي صلى الله عليه وسلم  قال: الشفاء في ثلاثة: شرطة محجم أو شربة عسل أو  كية بنار وأنهي أمتي عن الكي. [2] 

قال الحافظ ابن حجر: ولم يرد النبي صلى الله عليه وسلم  الحصر في ثلاثة فإن الشفاء قد يكون في غيرها.

وعن ابن مسعود عليه السلامقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  : عليكم بالشفاءين: العسل والقرآن. [3] 

وعن أبي سعيد الخدري عليه السلامقال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم  فقال: إن أخي استطلق بطنه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم  : اسقه عسل فسقاه ثم جاءه فقال: إني سقيته عسلاً فلم يزده إلا استطلاقاً، فقال: ثلاث مرات، ثم جاء الرابعة. فقال: اسقه عسلاً. فقال: لقد سقيته عسلاً فلم يزده إلا استطلاقاً. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم  : صدق الله وكذب بطن أخيك اسقه عسل فسقاه فبرئ [4]  وفي رواية: أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم  فقال: إن أخي عرب بطنه فقال: اسقه عسلاً... ثم ذكر نحوه ومعناه. [5] 

وفي قوله صلى الله عليه وسلم : صدق الله وكذب بطن أخيك  يقول العلامة الزرقاني:  [6]  "معناه أخطأ بطن أخيك حيث لم يصلح لقبول الشفاء بسرعة لكثرة المادة الفاسدة فيه،  ولذا أمره صلى الله عليه وسلم  بمعاودة شرب العسل لاستفراغها، فلما كرر ذلك برئ".

وقال الفخر الرازي: "لعله صلى الله عليه وسلم  علم بنور الوحي أن ذلك العسل سيظهر نفعه بعد ذلك، فلما لم يظهر نفعه في الحال كان هذا جارياً مجرى الكذب، فلهذا أطلق عليه هذا اللفظ".

وقد علق الطبيب الكحال  [7]  على الحديث فقال: "إن إسهال ذلك الرجل كان من تخمة أصابته، وقد جاء في بعض طرق الحديث  إن أخي عرب بطنه ومعناه فسد هضمه، واعتلت معدته، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم  بشرب العسل لدفع الفضول المجتمعة. وهذا العلاج من أحسن ما عولج به هذا المرض، لا سيما إذا مزج العسل بالماء الحار، لأن الأطباء مجمعون في مثل هذا على أن علاجه بأن تترك الطبيعة وفعلها، وإن احتاجت إلى معين على الإسهال أعينت مادامت القوة باقية".

ويرى الدكتور النسيمي:" [8]  أن الإسهال الحاد الذي وصف له النبي صلى الله عليه وسلم  العسل كما يحتمل أن يكون ناتجاً عن تخمة، فإنه يحتمل أن يكون ناتجاً عن عفونة معوية، وأن للوصفة النبوية هذه ميزات ثلاثة:

الأولى: المعالجة المثلية بمعالجة الإسهال بمسل، وذلك لدفع الفضلات ومحتوى الأمعاء الفاسدة والإنسمام الغذائي من التخمة أو طرد المحتوى المتعفن بتكاثر الجراثيم.

الثانية: اختيار العسل وهو ملين على المسهلات الشديدة التي تخرّش الأمعاء، وأكثر الدوائيين اليوم إذا رغبوا بإعطاء مسهل في حوادث الإسهال غير الطفيلية المنشأ، فإنهم يفضلون المليّن.

الثالثة: اختيار العسل من بين الملينات لأن في العسل مواد مطهرة تثبط نمو الجراثيم وتقتل بعض أنواعها./ هـ

وعن أبي سعيد الخدري "أن ملاعب الأسنة بعث إلى النبي صلى الله عليه وسلم  يسأله الدواء من وجع بطن أخ له، فبعث إليه النبي صلى الله عليه وسلم  عكة عسل فسقاه فبرئ". [9] 

وعن عامر بن مالك قال: "بعثت إلى النبي صلى الله عليه وسلم  من وعك ألمّ بي ألتمس منه دواء أو شفاءً، فبعث إلى بعكة من عسل". [10] 

وعن عائشة عليه السلامقالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم  يعجبه الحلواء والعسل". [11] 

 

صنع النحلة للعسل

النحلة هي الوحيدة تقريباً من عائلة الحشرات التي تستطيع تخزين رحيق الأزهار من أجل الغذاء. والرحيق ذلك السائل المائي الرقيق جداً، وهو وتلك المادة الحلوة السكرية التي يقدمها النبات للنحل، مقابل الخدمات التي تقدمها هذه الحشرات للنبات، والتي تتلخص عادة بتلقيح الأزهار. فهي إذاً مسألة إطعام مقابل خدمات.

ويوجد الرحيق  [12]  عادة في الجزء من الزهرة الموجود في قعرها والمسمى بالكؤيس، وقد يوجد في أماكن أخرى من النبات ففي شجر الغار تفرز في مؤخرة الجزء السفلي من أوراقها مادة تشبه الرحيق. وتختلف نسبة السكر في ماء الرحيق من نبات إلى آخر، فبينما يحتوي رحيق زهرة الهندباء البرية على 60 % سكر ومواد أخرى، و40 % ماء، فإن رحيق زهرة الأجاص يحتوي على 70% ماء، والنحل –سبحان من علمه- يعرف هذا جيداً  ولهذا فهو يذهب إلى الأزهار التي يكون التركيز السكري فيها أعلى حيثما كان ذلك ممكناً.

ففي صحوة الأيام المشرقة ترى النحل يطوف بالأزهار يجني منها قطرات الرحيق الحلوة. والنحلة كي تحصل على حمولة قطرة صغيرة من الرحيق عليها أن تزور ما ينوف عن 500-1100 زهرة. أما لكي تحصل على 100 غ من العسل فعليها أن تزور ما يزيد عن مليون من الأزهار.

والنحلة تمتص الرحيق بخرطومها، حتى إذا ما امتلأت به معدتها الخاصة بالعسل أو  ما يسمى بكيس العسل عادت أدراجها إلى الخلية وتستطيع النحلة أن تطير بسرعة تقارب الـ 65 كم في الساعة، لكنها في طريق العودة وهي تنوء بحمل يعادل ثلاثة أرباع وزنها، فإن سرعتها يمكن أن تصل إلى 30 كم/سا. [13] 

إن كل كيلو غرام من العسل يكلف النحلات ما بين 130- 150ألف حمل من الرحيق. فلو فرضنا أن الأزهار التي يجنى منها الرحيق تقع على بعد 1.5 كم من الخلية فعلى النحلة الواحدة أن تطير 3كم في كل نقلة، أي بمجموع يبلغ 360-400 ألفاً من الكيلومترات، وهو يعادل عشر مرات محيط الكرة الأرضية حول خط الاستواء.

تختزن النحلة الجانية الرحيق في كيس العسل الذي هو القسم الأعلى من معدتها وهو عبارة عن كيس يشبه إلى حد ما كيساً من البلاستيك له صمام باتجاه واحد. وتعود النحلة إلى خليتها وتدخلها من باب النحل بعد أن تمر على الحراس الذين يحرسونها من النحل الغريب والحشرات الأخرى. وفي الخلية هناك نحلات البيت المختصات بطهو العسل وإنضاجه، يتلقين حمولة الرحيق من النحلة الجانية فماً بفم، وليستقر ذلك الرحيق إلى حين في كيس العسل للنحلة المستقبلة. وفي زحمة العمل تكون نحلات البيت مشغولات بما عندهن من رحيق، وهذا يحصل عندما يكون هناك تدفق كبير بالرحيق، والزهور تعطي بسخاء، مما يضطر النحلة الجانية إلى طرح حمولتها من الرحيق على الحائط العلوي للخلية وهذه نقطة مهمة؛ لأن القطرات المعلقة بالحائط يتسع سطحها المعرض للتبخر فيساعد ذلك على تكثيف الرحيق بتخليصه بجزء من مائه.

وحتى يتم نضج العسل لا بد من أن تجري على الرحيق مجموعة عمليات معقدة جداً، منها عمليات كيميائية وأخرى ميكانيكية، يرى بعض الباحثين أن تقليدها من قبل البشر ممكن، لكن إعادة نفس العمليات التي تجري في خلية نحل واحدة يحتاج إلى مصنع كبير مساحته تعادل مساحة مدينة طوكيو على أقل تقدير!..

إن كيس العسل الذي تختزن به النحلة الرحيق قد أبدعه الخالق سبحانه ليكون معملاً كيماوياً تجري فيه أعقد التفاعلات الكيماوية.  [14] ففيه مجموعة من الخمائر الأنزيمات والعصارات التي تحول سكر القصب وهو سكر ثنائي إلى سكر العنب غلوكوز وسكر الفواكه فركتوز وهما سكران أحاديان، وهي خميرة القلابين. وهناك خميرة الدياستاز التي تحول النشاء إلى ديكسترين، وخميرة الكاتالاز التي تفكك الماء الأوكسجيني والفوسفاتاز التي تفكك الغليسروفوسفات، وهناك خميرة الليباز التي تفكك الدسم الموجودة في غبار الطلع المبتلع وخمائر أخرى وتفكك البروتينات إلى الحموض الأمينية المكونة لها. وفي كيس العسل بعض الحموض العضوية كحمض النمل والتي تساعد على عملية التحويل.

إن هذه العمليات تبدو  معقدة وهي كذلك بالفعل، ولكن بالنسبة للنحلة العاملة فإن هذه الأطوار جميعها واقع طبيعي، يبدأ في معدة النحلة الجانية خلال طيرانها أيام الربيع  والصيف الدافئة وحينما تمر عبر الحقول والغابات عائدة أدراجها إلى خليتها فهي ما إن تصل إلى بيتها وإلا ويكون قد تم جزء كبير من هذه العمليات لتستكمل بتمامها في معدة النحلة المستقبلة.

عند ذلك يكون الرحيق وما ابتلع معه من غبار طلع قد تحول إلى عسل غير ناضج، وعليه أن يمر بطريق طويل قبل أن يصبح ناضجاً، وهنا تبدأ عمليات الإنضاج الميكانيكي التي تقوم بها نحلة البيت فالعسل غير الناضج يحتوي على نسبة كبيرة  من الماء، ولا بد لإنضاجه من تكثيفه تفتح وتبخير قسم من مائه لهذا الغرض تقوم النحلة بعملية دقيقة ورائعة [15]  فهي تفتح فكيها على مصراعيها، وتبرز خرطومها إلى الأمام والأسفل حتى تتدلى منه قطرة صغيرة جداً من الرحيق، وما إن تظهر قطرة الرحيق حتى ترفع خرطومها وتعيدها إلى معدة العسل، هذه العملية طرد الرحيق  ثم ابتلاعه تكررها النحلة 120 –240 مرة لكل قطرة، وحتى تشعر النحلة بأن قوام الرحيق قد أصبح مناسباً، فتبحث عندئذ عن نخروب سداسي خال، تطرح فيه تلك القطرة من الرحيق أو العسل غير الناضج بالطبع.

وبالإضافة إلى هذه العملية لتركيز الرحيق بالتبخر فإنه يتركز أيضاً في معدة العسل، إذ يعتقد العلامة الروسي أ. كابلوكوف  [16]  أن الخلايا الحية في معدة العسل تمتص هي أيضاً جزءاً من الماء والذي يذهب إلى دورتها الدموية ثم تخرجه من أجهزة إطراحها.

إن نسبة الماء ما تزال كبيرة في العسل غير الناضج الذي سكبته النحلات في النخاريب، وحتى يتم تركيزه وتبخير جزء من مائه تقوم نحلة البيت بحمل قطيرات منه ونقلها من نخروب إلى آخر حتى يتبخر جزء من مائه. كما أنها تقوم بعملية أخرى بديعة إذ تقف النحلات فوق النخاريب التي تحتوي على العسل غير الناضج وتحرك بأجنحتها بعملية الترويح والتي تصل إلى ذبذبة مقدارها 26 ألف مرة في الدقيقة الواحدة. وسبحان من ألهمها ذلك ، فبهذه الطريقة يخسر العسل غير الناضج بسرعة ما يحويه من ماء زائد وعندما أكثر من 18-20% فإن العسل يكون قد نضج عندئذ تغلق عليه نحلة من فرقة البناء بغطاء شمعي محكم الإغلاق يمكن أن يحفظ العسل داخله عشرات السنين أو حتى يأتي صاحب المنحلة الإنسان ليقطفها ويجني عسلها، وعليه بالطبع أن يترك قسماً من العسل ليأكله النحل في فصل الشتاء وليصنع منه خبزه وغذاءه.

أنواع العسل:  [17] 

 عدا عن العسل الذي يجمعه النحل رحيق الأزهار هناك نوع خاص من العسل يجمعه النحل من مواد حلوة نباتية أو حيوانية كندى العسل الذي يظهر على بعض النباتات، والإفرازات السكرية العالية التي تفرزها بعض الحشرات –كالمن وخلافه- حيث أن النحل يجمع هذه المفرزات بسرعة ليصنع منها مثلاً عسل المن والذي يستعمل في صناعة الحلوى والبيرة.

ويمكن اكتشاف وجود عسل المن في العسل بأخذ مقدار من العسل المختبر مع مقدار من الماء ويضاف إليها 6 مقادير من غول بتركيز 96% فإذا تعكر المحلول دلّ على وجود عسل المن.

.العسل السام:

إن النحل حينما يمتص رحيق الأزهار فهو ينقل بصدق وأمانه خواص النبات الذي يمتص رحيقه إلى العسل الذي يصنعه منه.

وهكذا فإن العسل يتصف بنفس الخواص الدوائية للنبات الذي جنى النحل منها الرحيق. وهناك نباتات يحتوي رحيقها على غليكوزيدات سامة مثل الرودودندن والأزاليا الصحراوية وقلنسوة الراهب والأندروميدا تحتوي على غليكوزيد سام هو الأندروسيدوتوكسين. فإذا ما وجدت مثل هذه النباتات وغطت مساحات واسعة بحيث يكون الغالبي العظمى للرحيق الذي يجنيه النحل من هذه النباتات فإن العسل يكون ساماً، علماً بأن النحل الذي يتناول ذلك الرحيق لا يتأذى به مطلقاً.

 

 

مقطع عرضي لجسم النحلة يبدوا في الصورة وجود أكثر من معدة (معدة العسل) و(المعدة الحقيقية الأمامية )والمعدة وربما هناك إشارة علمية في قوله تعالى (يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ) فالله سبحانه وتعالى لم يقل بطنها بل بطونها لوجود عدة معدات في جوفها والله أعلم .

  وأول ما ذكر في التاريخ عن العسل السام ما وصفه القائد اليوناني زينوفون حيث تقهقر معه أكثر من عشرة آلاف جندي من الإغريق حيث كانوا في منطقة في آسيا الوسطى، وكان عدد خلايا النحل هائلاً وأكلوا من العسل بشراهة، فأصابهم قيئ وإسهال ودوخة وآلام حادة في البطن والذين أفرطوا أصبحوا كالمجانين وأغمي عليهم وصاروا يرقدون على الأرض كما لو أن هزيمة ماحقة حلت بهم. لكنهم جميعاً أفاقوا واستعادوا وعيهم خلال يوم إلى ثلاثة أيام ولم يمت منهم أحد.

وفي عام 1877 اكتشف العسل السام في وادي باطوم القفقاس كما وجد العالم أ.مولوكني في منطقة خباروفسك نحلاً يعطي عسلاً ساماً من نبات الليدو ليدم بالدسترول أو شاي المستنقعات. وقد اقترح مولوكني طريقة للتخلص من سميّة هذا العسل بتسخينه لدرجة 80-90 مع تقليبه حتى لا يغلي لمدة 3 ساعات. لكن بتسخين العسل يفقده خواصه الحيوية والعلاجية، لذا فإن ك.شاراشيدز يوصي بتسخينه إلى درجة 46 وتحت ضغط 67 ملم، وبهذه الطريقة تزول سميّة العسل دون أن يفقد خواصه العلاجية. وأكد شاراشيدز "1954" بتجاربه السريرية أن العسل السام يودي بتناوله إلى نفس الأعراض السمية التي تظهر حين تناول الإنسان لمنقوع أو خلاصة الزهر لنبات الأزالية الصحراوية أو والرودودندن أو غيرها من النباتات السامة.

وليعلم أن بعض النباتات السامة كنبات السكران البنج والكشاتين وورد الحمير الدفكي والشكوكران لا يكون العسل الخارج منها ساماً، ويبدو أن الأمر يتعلق بتركيز الغلوكوزيدات السامة في رحيقها.

. وعسل الزهرله عشرات الأنواع تختلف في عدة خواص. والأصل الزهري يعيننا على تمييز العسل الوحيد الزهر أي الخارج من رحيق نبات واحد كعسل القطن وعسل الزيزفون، والعسل المتعدد الأصل والذي ينتج عن جمع النحل لرحيق نباتات عدة. ومما لا شك فيه أن العسل الوحيد الزهر في الطبيعة نادر الوجود. فلو فرضنا مساحات شاسعة من الأرض زرعت قطناً فلا بد من أن ينمو فيها وبشكل طبيعي أعشاب متطفلة متنوعة ولا يمكن للنحل أن يجني رحيق القطن وحده إلا إذا درب على ذلك. ويعتبر العسل الوحيد الزهر إذا غلب رحيقه نبات خاص، كأن يكون نبات القطن هو الغالب فيقال: عسل القطن، ولو حوى كميات ضئيلة من رحيق نباتات أخرى بحيث لا تؤثر على رائحته ومذاقه، أما العسل المتعدد الأصول فيتخذ اسمه من المرعى الذي جمعته منه النحل كعسل البساتين وعسل المروج وغيرها.

وأما من حيث طريقة الحصول على العسل فنقسمه إلى عسل مصفى وعسل الأقراص أو عسل الشمع بشهده، حيث يقدم إلى المستهلك ضمن عبوته الطبيعية أقراص الشمع تام النضج والنقاء، وقد أثبتت التحاليل أن عسل الشمع عقيم. أما العسل المصفى فيمكن الحصول عليه باستعمال آلة لافظة مركزية، حيث يعبأ في أوان زجاجية أو بلاستيكية أو براميل.

ومن حيث اللون فهناك العسل الفاتح والداكن والمتوسط اللون. وبعض أنواعه عديمة اللون شفافة كالماء، والأقراص المليئة بهذا العسل تبدو كأنها فارغة، كما أن الوعاء الزجاجي الحاوي له يبدو شفافاً وهو أغلى أنواع العسل.

يقول روت: إن أحسن أنواع العسل ما وصف بأنه أبيض كالماء. وبعض العلماء يؤكد أن العسل الداكن يحتوي على كمية أكبر من الأملاح المعدنية كالحديد والنحاس والمنغنيز ويعتبرها أعلى قيمة من الناحية الغذائية من العسل الفاتح.

كما يميز العسل برائحته حيث أن لبعض الأعسال رائحة رقيقة متميزة، ومن الأعسال ذات الرائحة عسل الحمضيات والزيزفون خلافاً للأعسال ذات الرائحة الكريهة كعسل التبغ وعسل البصل ومن هذا المعنى قول زينب أم المؤمنين للنبي صلى الله عليه وسلم  حرست نحلة العرفط [18] وحرست أي أكلت نحلة هذا العسل من شجر له صمغ كريه الرائحة، وانتقلت الرائحة الكريهة إلى العسل.

والعسل الطبيعي ذو مذاق حلو لذيذ الطعم، مما جعل الشعراء منذ أقدم العصور على تشبيه كل ما هو حلو وممتع ولذيذ بالشهد والرضاب، فقد وصف الشاعر هوميروس نسطور "بأن كلماته تسيل كالشهد". كما شبه نبيّ الله سليمان عليه السلام الحب بحلاوة العسل.

كما شبه شكسبير حلاوة الموسيقى بحلاوة العسل. وشبه النبي صلى الله عليه وسلم  لذة الجماع بالعسل فقال: حتى تذوق عسيلته ويذوق عسيلته.

 

وفيما يلي أوصاف الأنواع الغالبة من العسل:

عسل البرسيم الحجازي:والطازج منه له ألوان مختلفة من عديمة اللون إلى اللون العنبري. وهو يتبلور بسرعة فيتحول إلى كتلة بيضاء كالقشدة وله رائحة طيبة وطعم خاص، ويحتوي على سكر الفواكه بنسبة 40% وسكر العنب 37% والهكتار من البرسيم الحجازي المزهر يعطي 380 كغ من العسل.

عسل التفاح:لونه أصفر باهت ورائحته ممتعة وفي حلاوته رقه، ويحتوي على سكر فواكه بنسبة 42% وسكر عنب 32% ويعطي هكتار أشجار التفاح 20 كغ فقط من العسل.

عسل البرباريس:لونه أصفر ذهبي ورائحته ممتعة وطعمه حلو لطيف. والنحل يزور أزهار البرباريس بإقبال وهي من النباتات الطبية التي تنقي الدم.

عسل العليق:وهو أبيض كالماء وطعمه شهي ويعطي هكتار من العليق 20 كغ من العسل.

عسل الخرنوب الأسود:من أحسن أنواع العسل وهو عسل شفاف لكن إذا تبلور تحول إلى كتلة بيضاء كالثلج. يحتوي 40% سكر فواكه و36% سكر عنب.

عسل العشب الأزرق:  من أحسن أنواع العسل عنبري خفيف اللون له رائحة لطيفة وطعم ممتاز، شديد اللزوجة ويتجمد ببطء. وأزهار هذا العشب يحبها النحل لذا فإن له قيمة في إنتاج العسل، ويعطي الهكتار 350 كغ.

عسل الحنطة السوداء:ولونه يختلف من أصفر داكن تشوبه حمرة إلى بني غامق له رائحة ومذاق مميز فهو حريف في الحلق، يحتوي 37% سكر عنب 40% سكر فواكه وفيه من الحديد والبروتينات نسبة عالية وينصح به في فقر الدم. ويعطي الهكتار 60 كغ عسلاً.

عسل الأرقطيون:ولونه غامق زيتوني له رائحة حادة تشبه التوابل، ولزوجته مرتفعه. ويعطي الهكتار من النبات 600 كغ عسلاً.

عسل الجزر:ولونه أصفر غامق وله رائحة لطيفة.

عسل الكستنا:لونه غامق له رائحة خفيفة وطعم غير مستساغ كما يجني النحل من الأزهار الوردية لنبات فروة الحصان من نباتات الزينة يخالف عسل الكستنا بأنه عديم اللون ويتجمد بسرعة وفيه مرارة وكلاهما من الأعسال الرديئة.

عسل الحمضيات:وهو ومن أحسن أنواع العسل له رائحة ممتازة كرائحة زهر البرتقال والليمون وله طعم ممتاز ويدهن به الوجه لإزالة الكلف.

عسل اللفت:أو كرنب السلجم: ولونه أصفر مخضر ورائحته خفيفة وله طعم ممتاز لكنه لا يصلح للتخزين الطويل، ويعطي هكتار النبات 40 كغ من عسل.

عسل الكزبرة:له رائحة لاذعة وطعم خاص، والكزبرة نبات عطرة يعطي الهكتار 50كغ عسلاً.

عسل القطن:خفيف ورائحته مميزة وطعمه دقيق، يتجمد بسرعة ويتحول إلى لون أبيض كالثلج. وقد يكون مصفراً، يحتوي على سكر عنب 36% وسكر فواكه 39%، وأوراق القطن تعطي رحيقاًَ لا يختلف عن رحيق الأزهار والهكتار من القطن يعطي من 100-300كغ عسلاً.

عسل الهندباء:أصفر ذهبي ثخين جداً يتبلور بسرعة وله رائحة عطرية قوية وطعم قوي ويحتوي على 36% سكر عنب و41% سكر فواكه.

عسل القمح: لونه أصفر مخضر وله رائحة تذكر باللوز وطعم خاص فيه مرارة خفيفة.

عسل رأس التنين:عسل خفيف له رائحة وطعم لطيف وأزهار النبتة زرقاء تجذب النحل وتحتوي على كمية كبيرة من الرحيق الحلو ولذا فهو نبات ثمين في إنتاج العسل.

عسل الأوكاليبتوس:طعمه غير لطيف ولكن فائدته كبيرة إذ يوصف شعبياً للمصابين بسل الرئة.

 ويخرج العسل من الأزهار عديدة السداة لهذا الشجرة دائمة الخضرة ويقول عنه مصطفى مراد: "في الوقت الذي تصبح فيه الأرض جرداء ويكون تزهير القطن قد انتهى، يلتفت النحالون حولهم فلا يجدون إلا تلك الشجرة الشامخة التي تغطيها الأزهار بوفرة إنها شجرة الأوكاليبتوس التي تظلل شوارع كثير من المدن والأرياف".

عسل الخلنج:

لونه أصفر داكن أو أحمر بني رائحته خفيفة وطعمه لاذع لطيف، وهو كثيف القوام جداً ولا يتجمد بسهولة، ويعطي هكتار النبتة 299 كغ عسلاً.

عسل الخبيزة:الطازج منه أصفر باهت عكر وطعمه غير مستساغ.

عسل الخزامى:لونه ذهبي ورائحته رقيقة وهو عالي القيمة يجمعه النحل من نبات الخزامى العطري المعمر.

عسل الزيزفون:من الأعسال الممتازة جداً، وطعمه لذيذ، وله رائحة عطرية قوية عندما يكون طازجاً، يحوي سكر العنب 36% وسكر الفواكه 39 % وهو كثير الاستعمال في الطب لعلاج نزلات البرد وهو معرق شديد، والزيزفون شجرة تدعى بحق "ملكة النباتات المنتجة للعسل" إذ يعطي الهكتار منها ما يقارب 1000 كغ من العسل.

عسل التمرحنة:عسل ممتاز ذو طعم ورائحة لطيفة، يمكن أن ينافس عسل التيلو. وهو شفاف، ويعطي هكتار النبتة 600 كغ من العسل.

عسل النعناع:النعناع مصدر جيد للعسل، وهو نبات عطري، وعسله له رائحة النعناع، ولونه عنبري.

عسل الفاسيليا:لونه أخضر خفيف، أو أبيض، وطعمه شهي، ويتبلور إلى ما يشبه العجينة، وهو عسل ممتاز، ونبتة الفاسيليا من أهم أنواع النبات المنتجة للعسل، يعطي الهكتار من 500-1000 كغ عسلاً.

عسل القرع اليقطين: لونه أصفر ذهبي، ورائحته مقبولة ويتجمد بسرعة.

عسل الفريز الفراولة: لونه أبيض ورائحته منعشة، وطعمه شهي. وأزهار الفريز يحبها النحل ويفضلها عن غيرها، وهو عسل ممتاز يحوي نسبة عالية من سكر الفواكه 41.5%.

عسل المريمية:لونه عنبري خفيف أو ذهبي غامق ورائحته زكية وطعمه شهي. ويعطي الهكتار من النبتة 650 كغ من العسل.

عسل عباد الشمس: أصفر ذهبي ويتحول إلى عنبري فاتح تشوبه خضرة، إذا تبلور، ورائحته خفيفة وطعمه لاذع لذيذ ويعطي الهكتار من النبتة 50 كغ عسلاً.

عسل البرسيم الحلو:شهي الطعم، وهو من أحسن أنواع العسل، لونه عنبري باهت، ورائحته منعشة كالفانيليا، ويحتوي على 36% سكر عنب، و39.5% سكر فواكه، ويعطي الهكتار الواحد من البرسيم المروي 600 كغ عسلاً.

عسل التبغ:لونه يختلف من الفاتح إلى الداكن، رائحته لا تسر، وطعمه مر، وهو من الأعسال الرديئة. تستعمله معامل التبغ لإنتاج أنواع من السجائر المعطرة.

عسل البرسيم الأبيض:عسل شفاف لا لون له، وطعمه ممتاز، وإذا تبلور صار كتلة بيضاء صلبة، وهو من أحسن أنواع العسل، نسبة سكر الفواكه فيه 40% ، ويعطي الهكتار من النبات 100 كغ عسلاً.

عسل الصفصاف:أصفر ذهبي وطعمه جيد، ويتبلور إلى كتلة ناعمة كالقشدة، والنحل يفضل أزهار الصفصاف ويزورها بكثرة ويعطي الهكتار حوالي 150 كغ من العسل.

العسل الصخري:وهو عسل نادر يصنعه النحل البري في أعشاشه الطبيعية بين الصخور، لونه أصفر باهت، رائحته زكية، وطعمه لذيذ. وأقراصه تأتي على شكل كتلة صلبة متبلورة لا بد من كسرها إلى قطع. ويمكن أن يحتفظ بقوامه لأعوام طويلة.

العسل المشع: استطاع ألن كيلاس A.Caillas1908 أن يثبت أن بعض أنواع العسل تحوي الراديوم. وهو اكتشاف عظيم الأهمية، لأن احتياطي الراديوم في القشرة الأرضية ضعيف للغاية. وللعسل المشمع أهمية علاجية كبيرة إذ يستخدم في علاج الأورام الخبيثة السرطانية والساركوما.


[1]  : رواه البخاري ومسلم.[2]  : رواه البخاري.[3]  : رواه ابن ماجة والحاكم في صحيحه، وقال الهيثمي في الزوائد: إسناده صحيح ورجاله ثقات. وقال الحاكم في المستدرك: إسناده صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.[4]  : رواه البخاري ومسلم.[5]  : رواه مسلم.[6]  : في شرحه على المواهب اللدنية.[7]  : عن كتابه الأحكام النبوية في الصناعة الطبية.

[8]  : عن مجلة حضارة الإسلام، المجلد 13 لعام 1972 العدد 7/8.[9]  : رواه البغوي بإسناد صحيح.[10]  : رواه البيهقي.[11]  : رواه البخاري.[12]  : عن كتاب honey for health.[13]  : عن كتاب" العلاج بعسل النحل وكتاب النحلات صيدلانيات مجنحة.[14]  : عن كتاب hony of healthلتونزلي.[15]  : عن كتاب النحلات والطب.[16]  : عن كتاب العلاج بعسل النحل ترجمة الحلوجي.[17]  : هذا  البحث بتصرف عن كتاب العلاج بعسل النحل ترجمة الحلوجي. [18]  : رواه مسلم.

 

 

خواص العسل الرائعة الكيماوية والحيوية
 

 بقلم الدكتور محمد نزار الدقر

ما هي مكونات العسل؟

العسل مخزن كامل لمواد غذائية قيمة ولعقاقير في غاية النفع. وهي مادة معقدة التركيب فقطرة من العسل تحتوي أكثر من 100 مادة مختلفة وذات أهمية كبرى للعضوية. ويختلف تركيب العسل  [1] اختلافاً يتناسب واختلاف الزهور والمناطق والأرض. والسبب الرئيسي هو اختلاف تركيب الأرض التي يتغذى منها النبات.

وتكوّن السكاكر النسبة الأكبر لمكونات العسل فهي تبلغ 71-72 % من وزنه. فلقد كان العسل منبع المواد السكرية الأكثر أهمية منذ آلاف السنين. ولقد اكتشف حتى الآن حوالي 15 نوعاً من مختلف السكاكر، لعلّ أهمها سكر العنب 30% وسكر الفواكه 40% وسكر القصب 2-4% ثم من مقادير زهيدة من سكر الشعير والميلستيوز والدكسترين النشاء المحمص والأرلوز وغيرها. وأكثر هذه السكاكر لم تكن موجودة في الرحيق، لكنها تواجدت في معدة العسل عند النحلة خلال عملية الإنضاج  والتخمير التي ذكرناها.

وفي العسل مجموعة من الخمائر التي تلعب دوراً هاماً في حياة الكائن الحي. وخمائر العسل يأتي بعضها من الرحيق، وبعضها من النحلة. وأهمها خميرة الشعير التي تحول النشاء إلى سكر والقلابين التي تقلب السكر العادي إلى سكر عنب وسكر فواكه. والكاتالاز التي تحلل الماء الأوكسجيني والفوسفاتاز والخميرة المنتجة للحموض الخلية، وآثار من خميرة البروكسيداز والليبا. وباحتواء العسل على هذه الخمائر تجعله في مقدمة المواد ذات الأهمية بين جميع المنتجات الغذائية  [2] يقول البروفيسور ف.بوكين: "بدون الخمائر فإن العضوية تموت من الهزال، مهما قدم لها من الطعام المغذي، فالعضوية لا يمكن أن تستفيد من أي غذاء بدون خمائر".

ويؤكد الأكاديمي أ.باخ أن الخمائر تفعل في الخلايا والأنسجة وتنشط جميع أفعالها الحيوية ولو  كانتبتمديد 1/200 مليون.

أما تساندر فيؤكد أن الخواص الرائعة للعسل إنما تكمن في احتوائه على الخمائر، وأنها هي التي تحوّل ما يجنيه النحل من مواد عضوية ميتة إلى مادة حيّة.

ويحتوي العسل على العديد من الحموض العضوية كحمض النمل والليمون والتفاح والطرطير وعلى آثار من حمض العنبر واللبن وحمض غلوكونيك وبيروغلوتاميك. وللحموض العضوية أثر في حفظ العسل وفي قوته الحافظة والمضادة للعفونة. [3] 

والعسل يحتوي على مجموعة من الفيتامينات  [4] أهمها ب 1 التيامين، ب 2 أو والريبوفلافين و ب3، و ب5 أو  الحمض النيكوتيني وب6 أو البيريدوكسين وفيتامين جvit c، كما يوجد آثار من البيوتين والفيتامين ك، والكاورتين والفيتامين و=E.

ويؤكد ف.نيكراسوف  [5] أن العسل يمكن أن يفيد كمادة مضادة لداء الحفر. ورغم أن الفيتامينات في العسل موجودة بمقادير ضئيلة غير أن تواجدها بشكل مركبات عضوية مع مواد أخرى هامة تتم عملها كالأملاح المعدنية والخمائر والحموض العضوية يجعلها سهلة التمثل كثيرة النفع وهي تأتي إلى العسل من غبار الطلع الذي يختلط به سواء في معدة العسل أو في خلية النحل. وتؤكد أبحاث عدد من الأمريكيين  [6] أمثال هايداك وكيتز وغيرهم أن العسل يعتبر وسطاً ممتازاً لحفظ الفيتامينات، فهي تبقى فيه مهما تقادم عليه الزمن، في حين تفقد الفواكه والخضار فيتاميناتها بالحفظ والتخزين لفترة طويلة إلا أن التسخين يفقد العسل القسم الأكبر من هذه الفيتامينات.

 ونتيجة هضم غبار الطلع الداخل معدة العسل عند النحلة فإن العسل يحتوي على أنواع من الحموض الأمينية والبروتين ومشتقات الكلورفيل، وعلى أصبغة وروائح عطرية مشتقة من التربينات وأغوال سكرية كالمانيتول. كما يؤكد فيلاتوف احتواء العسل على منشطات حيوية تزيد الأفعال الحيوية في العضوية  Biostemulators.

والأملاح المعدنية توجد ضمن مكونات العسل وأهمها الكلسيوم والصوديوم البوتاسيوم والمنغنيز والحديد والكلور والفوسفور والكبريت واليود، ويعادل وزنها 0.02% من وزن العسل، وأثبتت تحريات مخابر جامعة موسكو إيوريش [7] وجود عناصر معدنية مجهرية microeletemntمن المنغنـزيوم والسيلسيوم والألمنيوم والبور والكروم والنحاس والليتيوم والنيكل والرصاص والقصدير والزنك والتيتانيوم والأوسيموم وبعض أنواع العسل تحوي الراديوم. والعسل الغامق أعنى بالعناصر المعدنية في الفاتح. وهي بكميتها الضئيلة جداً تقوم بدور هام في العضوية فهي تؤثر على قابلية الإثارة في الجهاز العصبي ونقصها يؤدي إلى فتور نشاط الإنسان في تفكيره وحركته، كما تلعب دوراً في تنفس الأنسجة وفي أعمال الدورة الدموية وتكوين الدم، وهي تنقص في عضوية الشيوخ، ولذا فإن إعطاءها لهم مع العسل هو أمر ضروري جداً.

وهناك مركبات مجهولة في العسل قد يكون لها دور أكثر أهمية مما ذكرنا من المواد، بعضها من خواصه: مثل خاصة تنشيط الكولين الذي يحول دون تكدس الدهن في الكبد، وأشار Marquardetإلى أن العسل يحتوي على 2.5 بالمليون من هذه المادة [8] . وأكد كوخ وجود هذا العامل وأنه ينشط تحول سكاكر العنب إلى غليكوجين في الكبد وأسماه عامل الغليكوتيل وله فائدة في استقلاب السكاكر عند السكريين. وأكد أوليفر  [9] وجود هرمون نباتي في العسل، أما دينغمان فقد وجد هرموناً جنسياً من نوع الأستروجين وأكد آخرون وجود هرمونات ابتنائية Anabolicتفيد في عمليات التصنيع البروتيني.

وعلى هذا نجد أن العسل ليس مجرد غذاء حلو لذيذ فقط، لكنه مخزن كامل لمجموعة من العقاقير العلاجية والوقائية الفعالة وهو وإذا كان قد أخذ دوره فعلاً في جداول الحمية وفي معالجة بعض الأمراض وعند الناقهين، فإن معظم المؤسسات الصحية الحديثة لم تنصف العسل بعد، ولم تتح له المجال اللائق في التداول كعلاج فعال وشاف في كثير من الحالات المرضية المستعصية.

خواص العسل الحافظة والمضادة للحيوية:

تدل الوثائق التاريخية أن الشعوب القديمة عرفت الخواص الحافظة للعسل، ولقد استعمل المصريون اليونان القدامى العسل لحفظ موتاهم. ومن المشهور أن جثمان الإسكندر المقدوني الذي توفي أثناء فتوحاته في المشرق قد نقل إلى عاصمته مكدونيا بعد غمره بالعسل. وفي بورما درجت العائلات الفقيرة على حفظ جثث موتاهم بالعسل ريثما يتدبرون أمر دفنها، ومما يدهش له أنهم يأكلون العسل بعد انتشال الجثث منه لاعتقادهم ببقائه صالحاً للأكل.

ومنذ أكثر من قرن كتب سوماركوف [10] يقول: "يملك العسل خواص مدهشة فهو يحفظ الفواكه والخضر واللحم من الفساد. لذا فإن سكان جزيرة سيلان يقطعون اللحم إلى قطع صغيرة ويطلونها بالعسل ثم يضعونها في جوف جذع شجرة مرتفعاً عن الأرض، ويتناولونها على مدى سنة، حيث أن اللحم يبقى وكأنه طازج بل إن مذاقه يصبح أفضل".

لقد قام طبيب الجراثيم ساكيت [11] بزرع جراثيم مختلف الأمراض في مزارع من العسل الصافي، لقد أذهلته النتيجة المدهشة، فقد ماتت جميع الجراثيم وقضي عليها خلال أيام: لقد ماتت جراثيم التيفوس بعد 48 ساعة، وجراثيم الحمى التيفية بعد 24 ساعة، والمكورات الرئوية: بعد 4 أيام، وكذا المكورات العقدية والعنقودية، أما جراثيم الزحار والعصوي فقد ماتت خلال 10 ساعات، وأعاد الدكتور لوكهيد تجارب ساكيت وتأكد من نتائجه من أن الجراثيم الممرضة للإنسان تموت بالعسل، لكنه أضاف بأن بعض الخمائر المقاومة للسكريات وغير الممرضة للإنسان يمكن أن تعيش في العسل ولا تؤثر في طعمه.

 ويعلل المؤلفون خواص العسل القاتلة للجراثيم بنظريات مختلفة، وقد يكون الأصح بآليات متعددة، فالطبيب الإيطالي أنجيلو دوبيني يعتقد [12] أن خاصية العسل الحافظة تعود إلى احتوائه على كمية من حمض النمل Formic Acidعلاوة على أنه يحجب الهواء عن المادة العضوية ويمنع وصول العوامل المختلفة المؤدية إلى فسادها.

ويرى آخرون أن خاصية العسل الحافظة تعود لارتفاع نسبة السكاكر فيه، وهكذا فإن هوشتستر  [13] يؤكد أن الجراثيم الضارة بالإنسان لا تعيش في بيئة سكرية عالية التركيز كالعسل، وعلى العكس فإن هذه الجراثيم تنشط في بيئة سكرية، ذات تركيز سكري ضعيف 15 -20 %. فيستوي بناء على هذه الوظيفة المربى والدبس مع العسل. وينقض هذه الفرضية الدراسة التي قام بها ستويمير ملادينوف  [14] حيث درس الخواص الحافظة لأنواع من العسل الطبيعي فوضعها في أوانٍ معقمة ووضع في كل منها 100 حبة من كل من الفاصولياء والشعير والقمح والذرة، وقطعاً طازجة حيوانية من الكلى والعضلات والسمك والأفاعي. أغلقت الأواني بإحكام وتركت لمدة سنة في درجة حرارة الغرفة، وللمقارنة أعيدت نفس التجارب ولكن بعسل صناعي. وقد تبين أن الحبوب والقطع الحيوانية التي حفظت مع العسل الطبيعي بقيت على حالها دون تغيير مدة أربع سنوات، حتى أن الحبوب بقيت قابلة للإنتاش، في حين لوحظ تعفن جميع هذه المواد التي حفظت في العسل الاصطناعي منذ اليوم الخامس لحفظها.

وكثيرون يرجعون خاصية العسل المضادة للحيوية إلى التأثير المشترك للخمائر مع السكاكر الموجودة فيه. وهكذا فإن موهريغ وميسنر  [15] يؤكدان أن الخمائر الحالة الموجودة في كل من العسل هي المسؤولة عن إبادتها للجراثيم وهي موجودة أيضاً في معي النحل ومعدته.

ومن المجمع عليه اليوم وجود مواد مثبطة لنمو الجراثيم ضمن تركيب العسل، وهي مواد يظن أنها من صنع النحلة. وقد قام البرفسور إبوريش [16]ومساعدوه معهد كييف الطبي بدراسة الخاصة المضادة للحيوية للعسل، وقارنوا تأثيراها مع عسل صناعي مكون من 40% غلوكوز، و30% فركتوز، و0.02% حمض النمل في مصل غريزي. وأخذ للزرع جراثيم مقيّحة من مكورات عقدية وعنقودية وجراثيم التيفية وشميتز. فتبين له أن نمو الجراثيم كان كبيراً في الوسط السكري الصنعي العسل الاصطناعي بينما أثبطت نماذج العسل الطبيعي نمو هذه الجراثيم.

وقد قامت كاغونوفا -إيوريش بزرع الأبواغ الفطرية المولدة للعفن  [17] على 20 نموذجاً من العسل فتبين لها أن تلك الفطور المزروعة ماتت كلها مما يؤكد أن العسل يحتوي بالإضافة إلى المواد المضادة للجراثيم على مواد مضادة للفطور العفنة.

وقد أجرى الدكتور أويابسكي -إيهور [18] وزملاؤه دراسة مخبرية لمعرفة تأثير العسل على فطر المبيضات candida  الذي يؤدي إلى تخريش وحكة في الثنيات وخاصة عند البدينات وبين الأصابع وتكثر عند المصابين بالسكري والإيدز. وقارن تأثير العسل عليها مع العديد من المضادات الفطرية على 72 عينة. وتبين له أن المضادات الفطرية التي كانت فعالة بشكل عام، قد عندت عليها بعض السلالات الفطرية بشكل كامل، ولم تستجب لها في حين استطاع العسل القضاء تماماً على كل هذه السلالات الفطرية المعندة على الأدوية المعتادة. واستنتج الباحثون وجود مادة في العسل لها خاصية القضاء على فطر المبيضات.

أما ريمي شوفان [19] R. Chauvinفيؤكد وجود مادة مانعة لنمو الجراثيم في العسل ويعزو إليها فقط خلوّه من الجراثيم، وأن عسل الزيزفون والأشجار المثمرة تحوي على نسبة عالية من هذه المادة. وأثبت العالم دولد  [20] وزملاؤه وجود مادة مضادة للجراثيم في العسل دعوها Inhibineوأنها توقف نمو العصيات التيفية ونظيراتها والمكورات العنقودية المذهبة البيضاء وعصيات شيغا الزحارية وعصيات القيح الأزرق وضمات الكوليرا توغيرها كما تقضي على عصيات الخناق الدفتريا.

ويصفون الأنهبين بأنها مادة غير ثابتة إذا تعرضت للحرارة، وهي قابلة للإنحلال بالنور، وتنطرح من المصافي فائقة الدقة، لذا لم يتمكنوا من عزلها.

 وأكدت أبحاث متشينكو وفيريو  [21] وجود المادة المانعة Inhibineفي العسل، وبينوا أن محلولاً عسلياً بنسبة 17 % يمنع النمو الجرثومي. أما العالم فرانكو فقد أكد أن مزيجاً من العسل 20 % مع الآغار 2% يمنع نمو العصيات التيفية وعصيات القيح الأزرق والزحار.

وأثبت أوسان [22] أن الجروح المحدثة عند الفئران والملوثة بالمكورات العنقودية تنظف بسرعة وتخلو من الجراثيم بفعل العسل. ويرى بوشيزر أن للعسل تأثيراً جاذباً للكريات البيضاء من الدم، والذي ينبه فعل البلعمة، كما يذكر بوثمان التأثير المانع في عسل الأزهار على العصيات السلية. وأن العسل إذا حقن للسمور المصاب بالسل يساعده ضد المرض بالنسبة لنظيره غير المحقون عسلاً.

أما الدكتور جوناتان وايت [23]  J . Whiteفقد اكتشف وجود الماء الأوكسجيني في العسل، وأن نسبته في العسل تفوق التركيز اللازم منه ليتوقف النمو الجرثومي 2 بالمليون لذا فهو يرجع التأثير المثبط لنمو الجراثيم في العسل إلى ما يحويه من الماء الأكسجيني. وقبل ذلك وفي عام 1941 كان جوهه [24] قد اكتشف فيب مرئ النحل عدداً  لها خاصية إفراز خميرة غلوكوز أو كسيداز التي تكون حين تفككها الماء الأوكسجيني. والجدير بالذكر أن المادة المؤثرة في البنسلين الذي استخدمه الإنكليز أثناء الحرب العالمية الثانية هي نفس هذه الخميرة.

وأخيراً فهناك فرضية ترد تثبيط العسل للجراثيم بسبب غناه بعنصر البوتاسيوم [25] فهو أي البوتاسيوم يسحب من الجراثيم رطوبتها الضرورية لحياتها نظراً لشراهته للماء فتموت الجراثيم بسبب جفافها.

ونحن نرى ألا تناقض بين هذه النظريات فالعسل في مكافحته للجراثيم وقضائه عليها بوسائط وأسلحة متنوعة يملكها كلها. وهذه حقيقة أكدتها الأبحاث التي ذكرناها، وسنشاهد تطبيقاتها العملية في الفصول القادمة.

حفظ الأنسجة في العسل:

لقد ازدادت في الآونة الأخيرة احتياجات الطب الحديث إلى الأنسجة الحية المحفوظة كالعظام والعيون والغضاريف والأوعية الدموية وغيرها لإجراء عمليات التطعيم. وقد كانت تحفظ خارج العضوية إما بالتبريد أو ضمن محاليل مختلفة كالمصورة أو محلول رينجر لوك وتايرود وغيرها. وهي محاليل لا يمكن أن نحافظ فيها على هذه الأنسجة عقيمة لمدة طويلة.

كما أن الأنسجة المحفوظة في البرودة كما يقول فيلاتوف  [26] تولد فيها البرودة مواد تؤدي بعد إدخالها في جسم الإنسان إلى تفاعلات غير مرغوب فيها، كما أن استعمال المحاليل الغولية تؤدي إلى تموت النسج وعدم صلاحيتها للتطعيم.

وقد بدأ الدكتور  [27] أكوبيا منذ عام 1945 باستعمال محاليل العسل لحفظ الأنسجة. وأثبت أن محاليل العسل الطازجة 25% و50% تبقى عقيمة خلال سنوات. وبالنسبة للعظام فالمحلول العسلي هو أفضل وسط للحفظ، وخاصة العظام الطويلة فقط بقيت محتفظة بخواصها الحيوية لأكثر من ست سنوات، وكانت نتائج تطعيم العظام بها ممتازة في 250 عملية جراحية أجريت تحت إشرافه.

وقد أثبت ل. ليفيا وب. تسيرلين [28] أن النسج الحية المحفوظة بالعسل والمأخوذة بالأصل من الجثث تتعايش مع جسم الآخذ بشكل أفضل من النسج المأخوذة مباشرة من إنسان حي، إلا أن تجاربهما في مشفى العيون التابع لمعهد الطب الثاني موسكو أثبتت أن أفضل تركيز للمحاليل العسلية من أجل حفظ العيون هي 16% وكذا بالنسبة للجلد. أما العظام والغضاريف فإن المحاليل بتركيز 33% هي الافضل.

كشف الغش في العسل:

على الطبيب أن يتعلم بعض الاختبارات البسيطة لكشف غش العسل.

فمن الاختبارات الموجهة  [29] البسيطة: نصب قليلاً من الغول المطلق على قليل من العسل، فالعسل النقي لا ينحل في الغول. وإذا وضعنا قطرات من العسل على ورق جريدة أو ورق جاف، نلاحظ أنه تحصل بقعة ناتجة عن وجود الماء المضاف إلى العسل. وإذا غمسنا عود كبريت في العسل ثم أشعلناه فإن ظهور شرارات أثناء احتراق العسل دلت على أنه مخلوط بالسكر، أما العسل النقي فيصبح فيه غليان وتكون شعلته مستمرة.

ويرى لوتينفز [30] أنه إذا انحلت كمية من العسل بضعف وزنها ماء فإن السائل الرائق الناتج يكون ذو تفاعل حامضي بوجود ورق عباد الشمس.

وإذا أذيب 5 غ من العسل في 20 غ ماء مقطراً وأضيف إليه بضع قطرات من نترات الفضة أو كلوريدات الباريوم يظهر لون صدفي بسيط يدل على عدم وجود الكلوريدات أو الكبريتات على التوالي.

وعندما نصب 1سم3 من الغول المطلق على جدران أنبوب اختبار يحتوي على محلول عسلي2-4 سم3  نجد أن حدود التماس للسائلين تظهر لوناً صدفياً لكنه سرعان ما يزول، وملاحظة منطقة ذات لون بني تشير إلى غشه بسكر نشوي. وإذا صببنا 0.5 سم3 من المحلول العسلي فوق 2 سم3 من حمض الكبريت النقي فإن خط التماس الملون يجب ألا يظهر مباشرة، وفي غضون ساعة ينقلب إلى أصفر أو بني فاتح، أما إذا ظهر كخط بني منذ البداية وانقلب إلى أسود خلال 30دقيقة دلّ إلى وجود سكر قصب.

وإذا مزجنا 1غ عسل مع 5غ مـاء وغلينا المزيج وأضفنا إليه بعد أن يبرد قليلاً من اليود فاللون الحاصل إذا كان أزرق أو أخضر دلّ على وجود النشاء.

وهناك [31]فحصان بسيطان:

يذاب 1غ عسل في 5غ ماء مقطر ويترك إلى اليوم التالي فإذا كانت فيه مواد غريبة رسبت في القاع، أما إذا كان المحلول رائقاً فهذا يعني أن العسل نقيا.

وإذا أذيب العسل في غول درجته 55 وترك يوماً واحداً فإن وجود رواسب صمغية في قاع الإناء تدل على غشه.

 

العسل غذاء قيّم

يعتبر العسل بحق مادة غذائية قيمة، يقف في المكان الأول كمصدر للسكريات بين كافة الأغذية. وهي وإن كان بعضها المصنوع من السكر العادي يقدم من الطاقة أكثر مما يقدم العسل1كغ سكر تعطي 3900 حريرة، بينما يعطي 1 كغ من العسل 3150  حريرة إلا أن غناه بالعناصر الأخرى وبنوعية سكاكره تجعل له أفضلية مطلقة لا تقبل الجدل. هذا ويجب أن ينتبه إلى عدم تسخينه فوق درجة 60ْ حتى لا يفقد خواصه.

وتمتاز سكاكر العسل بسرعة امتصاصها من الأمعاء وسرعة وصولها إلى الأنسجة وتمثلها في الكبد. كما أنه أفضل من السكر العادي من حيث أنه يجدد ويحفظ القوة العضلية، ولهذا نجد أن المصارعين الأمريكين [32]يرفعون نسبة تناولهم للعسل أثناء تدريباتهم الرياضية.

ويصفه البرفسور[33]تاونسند بأنه الطعام الحيوي للرياضيين فهو مصدر سريع للطاقة لا تؤدي كثرته إلى رد فعل مؤذ كالآلام المعدية التي تحصل عند تناول كمية كبيرة من السكر العادي، وقد لاحظ أن الرياضيين الذين يتنافسون لدرجة الإرهاق يستطيعون استعادة نشاطهم بسرعة كبيرة عندما يتناولون شاياً أو قهوة أو عصيراً محلاة بالعسل.

كما أن العسل عندما يؤخذ بعد التمارين الرياضية فإنه يعوض النقص في الطاقة المبذولة أثناء الأنشطة العنيفة. لقد تبين في تجارب  دوام القدرة أن الذين كانوا يعطون العسل قبل التجربة وأثناءها قد تحملوا مستوى أعلى من الجهد من الذين لم يتناولوه. أما الدكتور وودارد Woorard [34]المستشار الفخري للفرق الأولمبية، أكد أنه في المباريات العنيفة يحتاج المتنافس إلى كمية كبيرة من السكر ويحدث لديه رجفان يمكن تلافيه بإعطاء العسل.

ويساعد العسل على نمو العضوية وخاصة الفتية منها، ويلعب وجود الزيوت العطرية فيه دوراً منشطاً للجهاز العصبي والقلب، لذا يؤكد البرفسور كوستوغلوبوف [35]فائدة العسل للأشخاص المنهكين أو المجهدين فيزيائياً أو فكرياً وللناقهين من الأمراض الشديدة.

 

وتزداد أهمية العسل الغذائية باحتوائه على الفيتامينات الضرورية للعضوية، فالفيتامين ب2 يلعب دوراً هاماً في استقلاب المواد الغذائية  ويزيد في مناعة البدن تجاه الأمراض الإنتانية. أما الفيتامين ب6 فيلعب دوراً مماثلاً في الإستقلاب البروتيني ويؤدي فقده من الغذاء إلى أن تصبح البروتينات وحاصلات هضمها سموماً للعضوية، ويحدث اختلاجات عند الرضع عند نقصه من غذائهم. وحمض الغوليك يساعد في عملية توليد الدم ويشارك في عمل الغدد الصماء. فالهرمون الجنسي ستلبسترول يصبح أكثر فعالية بوجود حمض الغوليك.

ويؤكد البروفسور شوفان[36]أن العضوية الإنسانية يمكنها أن تمتص كميات كبيرة من العسل دون أي أذى، وقد جرب العالم Noeckerعلى نفسه إذ تناول 300 غ من العسل يومياً مع الزيت والطحين دون أن يشعر بأي اضطراب. كما تابع س. ملادينوف [37]تغيرات مستوى السكر في الدم والبول عند 500 مريض كانوا خاضعين للمعالجة بالعسل من 100-500غ طيلة عشرين يوماً، فلم يلحظ أي ارتفاع في مستوى سكر الدم كما لم يلاحظ أي أثر للسكر في البول عندهم.

ووفقاً لرأي زايس [38] Zaiss  وفيليبس PHllipsوكيلاس Caillasفإن العسل يساعد على هضم الأغذية الأخرى وتمثلها. أما إيوريش Ioyrishفيقول [39] بأن التجارب أثبتت الخواص المقوية العامة للعسل: فقد زاد وزن المرضى وارتفع الخضاب في دمائهم ونقصت نسبة التنبه في الجهاز العصبي مما جعلهم يشعرون بالراحة والنشاط. وقد ورد ذكر العسل في بعض دساتير الأدوية العالمية مثل Oxymel Simplexiوهو مزيج من العسل والخل بنسبة 3/1.

وهذا المزيج اهتم له الأطباء المسلمون وكانوا يسمونه السنكجبين لقوله صلى الله عليه وسلم  : خير الأدم الخل.

وهناك أيضاً Mel Calchiciوهو مزيج من العسل واللحلاح يوصف للمصابين بالنقرس. Mel Rosatumوهو مزيج متساوٍ من العسل ومنقوع الورد 50غ من الورد لـ 300 غ ماء ويستعمل كمقبض.

 

العسل وداء السكري:

يحدث الداء السكري نتيجة قصور في غدة المعثكلة حيث أنها لا تنتج كفاية البدن من الأنسولين -الهرمون الضروري لحرق السكريات وتخزينها- مما يؤدي إلى عدم استفادة البدن من السكاكر بشكل كامل ويطرح الفائض منها مع البول، لذا فبول السكريين حلوٌ غالباً. ويرى كل من بيك Beekوسمدلي Smedley [40] أن الداء ينجم عن تصلب المعثكلة والتهاباها نتيجة الإفراط في تناول السكر العادي وملح الطعام.

ويعتبر نقص الغلوكوجين من أهم مظاهر الاضطراب في الداء السكري. ويختزن الغلوكوجين في الكبد عادة ثم يستعمله البدن كأهم مصدر للطاقة على شكل سكر عنب. لكن المصاب بالسكري يعجز عن حرق السكريات، كما يضطرب عنده استقلاب الدهن ويؤدي إلى عدم احتراقها الكامل وإلى تشكل  الحموض الأمينية غير المؤكسدة الخلون Aceton.

واستعمال الأنسولين وهو هرمون المعثكلة يصلح الوضع المرضي ويحول السكاكر إلى غلوكوجين كما يعمل على حرق سكر العنب في الأنسجة. فالأنسولين ملحق في معالجة الداء السكري وليس وسيطاً للشفاء.

واستعماله عملية شاقة. إذ يتحتم حقنه في أوقات معينة وبمقادير يجب أن تتناسب ونوعية الطعام ومقدار سكر العنب في الدم. ولذا فإن أي مادة يمكن أن تستعمل عن طريق الفم بدلاً عن حقن الأنسولين لا تقدر بثمن. كما أن الحمية التي تمنع المصابين بالسكري عن تناول السكريات طيلة عمرهم أمر لا يحتمل أيضاً.

فإذا كان المريض المصاب بالسكري يستطيع استعمال العسل لتحويله إلى غلوكوجين لتمويل الجسم بمورد للطاقة يحتاجه كثيراً  فإن ذلك يكون ذا قيمة كبرى، وهناك أدلة ثابتة تشير إلى إمكانية ذلك. فالعسل والسكر العادي يختلفان كثيراً في تركيبهما الكيماوي وفي تأثيرهما الغريزي وخاصة بالنسبة للمصاب بالسكري. إن السكر العادي يستقلب في البدن إلى سكر عنب، أما العسل فيتكون من سكر عنب وسكر فواكه، وهناك اختلاف كبير بين سكر العنب وسكر الفواكه، والذي يشكل كما رأينا السكر الرئيسي في العسل يشكل أكثر من 40 % من تركيب العسل.

ولقد تمكن منكوفسكي [41]بتجاربه على الكلاب بعد استئصال معثكلتها أن يبرهن أن كبد هذه الحيوانات تستطيع تكوين الغلوكوجين من سكر الفواكه، بالرغم من عدم تمكنها من بنائه من سكر العنب، وبرهن كريج [42]أن حقن سكر الفواكه في وريد السكريين لا يرفع سكر الدم عندهم إلا قليلاً إذ أنهم تمكنوا من تغييبه في الكبد. كما تمكن سايجي [43]أن يبرهن أن تمثل سكر الفواكه حرقه + تكوين الغلوكوجين سهل في العضوية ولو كانت مصابة بالسكري.

كما أن تجارب كثيرة أجراها أموس Amossوروت Ruteوبفزنر وغيرهم [44]أثبتت أن تحمل سكر الفواكه واستقلابه في عضوية السكريين أفضل من تحمل غيره من السكاكر وخاصة سكر العنب. ومن أجل هذا ينصح ريزغا السكريين أن يتناولوا العسل عوضاً عن كافة ما ورد في حميتهم من ماءات فحم.

وأكد كل من كوخ [45]وبوم غارتن أن حقن سكر الفواكه في الوريد لا يرفع سكر الدم إلا بمقدار ضئيل أقل بكثير من ارتفاعه بعد إعطـاء سك العنب، وعند إعطاء محاليل العسل وريدياً فإن مستوى سكر الدم يهبط أيضاً. وقد قام العالمان كيليان وتوبياش من جامعة فرانكفورت بتجارب هدفها إثبات إمكانية استعمال العسل كمادة للتحلية لدى السكريين فأعطيا كمية متعادلة من العسل وسكر العنب لأشخاص أصحاء وآخرين مصابين بالسكري. فتبين أن ارتفاع سكر الدم بعد إعطاء سكر العنب يكون أكثر وأطول أمداً من ارتفاعه بعد إعطاء العسل، وأن اختلاف تغير سكر الدم هو اختلاف واضح جلي وبعيد عن خطأ التجربة بما لا يقبل الجدل.

وعند المصابين بالسكري الذي يطرحون في أبوالهم كميات متعادلة من السكر يومياً فإن هذه الكميات لا تزيد مطلقاً بعد إعطاء العسل لهم. وهناك حالات هبطت كمية السكر المطروحة في البول بعد إعطاء العسل. كما أثبتت المؤلفان أن إعطاء السكريين 20 غ من العسل صباحاً و20غ بعد الظهر دون أن تغيير في كمية الأنسولين أو نوعية الحمية لا تؤثر على مستوى سكر الدم عندهم.

ويؤكد هذان العالمان أن العسل الصيفي حيث لا تطعم النحلة غير رحيق الأزهار، هو عسل ممتاز للسكريين، أما العسل الشتوي حيث تطعم النحلة السكر العادي فهو  عسل لا يناسب السكريين.

ويؤكد ستراوس وروزنفلد [46]أن سكر الفواكه وكل السكاكرالتي تعطي بعد تحللها سكر الفواكه كالدكسترين والملزيتوز يعطي ذرتين سكر فواكه + ذرة سكر عنب يتحملها السكريون أكثر من سكر العنب ولها نفس التأثير الحسن عندهم، ولقد توصل منكوفسكي [47]بتجاربه على الكلاب بأن للعسل فائدة كبرى كمداواة داعمة لإحمضاض الدم الذي يصادف كاختلاط خطير للداء السكري. وكان العالم فون نوردن قد أوحى في كتابه منذ عام 1898 بإعطاء سكر الفواكه لمعالجة تخلون الدم وما يرافقه من سبات أحياناً.

ولعل أقدم مشاهدة عن معالجة الداء السكري بالعسل تعود إلى الطبيب الروسي أ.دافيدوف 15 عام 1915 حيث يقول: "إن العسل يمكن أن يكون ضرورياً للمصابين بداء السكري في كثير من الأحوال، فهو  كمادة حلوة لذيذة يمكنه إذا ما أضيف إلى جدول الحمية الخاص بالسكريين أن يفي برغباتهم نحو المادة السكرية دون أن يحيجهم إلى تناولها بأشكالها الضارة لهم، كما ثبت أن العسل يمنع تخلون الدم وينقص إفراغ سكر العنب في بول المصابين".

وقد درس البرفسور [48]فاتيف تأثير العسل على الأطفال المصابين بالداء السكري وبين له بشكل لا يقبل الجدل حسن تأثير العسل على سير الداء عندهم. فقد عالج 36 طفلاً مصابين بالسكري بإعطاء الطفل ملعقة شاي من العسل قبل كل طعام 3 ملاعق يومي.

ومن أمريكيا[49]اشتهر كل من الدكتور مريك من أوهايو وغوس من Middel Perryبمعالجة الداء السكري بالعسل بنجاح. أما البرفسور جيورجي مكتشف الفيتامين ج فقد نشر بحثاً عن استعمال حمض العنبر Succinic acidلمعالجة السكريين. وهذه الملاحظة تبين دور الحموض العضوية الموجودة في العسل إلى جانب حمض العنبر كحمض اللبن والتفاح وغيرها في الداء السكري، ويبدو أنها تعدل من تشكل مادة الخلون  عند المصابين.

واعتماداً على ما اكتشف حديثاً من أن العسل يحتوي على مواد تعادل بتأثيرها الأنسولين وأن سكره هو سكر الفواكه فإن إيوريش[50] ينصح السكريين بتناول العسل وخصوصاً العسل الفيتاميني الذي حضر في معهد الفيتامينات للأبحاث في موسكو. وهو عسل طبيعي مضاف إليه الفيتامين ب1 و ب و ج، التي ثبت أن لها تأثيراً حسناً على استقلاب السكريات في عضوية المصابين بالسكري.

ونحن نرى أن المصابين بالسكري يمكنهم أن يجربوا ما ورد على لسان مشاهير الأطباء من تناول العسل بشرط أن يتحروا العسل الصافي الخالي من الغش وأن يتأكدوا من أن النحل نفسه لم يطعم السكر العادي، وأن تجرى المعالجة تحت إشراف طبيب اختصاصي.


[1] : عن كتاب Hony for healthلتونزلي. [2] : عن كتاب النحلات والطب.[3] : عن مقالة ما هو العسل؟ للدكتور مروان عمري وسعيد قربي.[4] : عن كتاب  Bees And People. 

[5] : عن كتاب النحلات والطب.[6] : عن مقالة ما هو العسل؟ للدكتور مروان عمري وسعيد قربي.[7] : عن كتابه النحلات صيدلانيات مجنحة.[8] :  مقالة تركيب العسل لريمي شوفان عربها د. قدسي وطالو.

[9] : مقالة تركيب العسل لريمي شوفان عربها د. قدسي وطالو.[10] :  عن كتاب النحلات والطب.[11] : البحث من كلية الزراعة بفورت كولنز كولورادو عن كتاب الطب الشعبي لجارفيس.

[12] :  عن كتاب النحلات والطب.[13] : عن مقالة الدكتور عطار وقربي العسل ينقد الإنسان من جراثيمه الممرضة.[14] : عن كتاب العسل والمعالجة بالعسل.[15] : عن مجلة 1968.21. Acta Biol. Med. Germany B[16] : عن كتابه النحلات صيدلانيات مجنحة.[17] : وهي الفطور التي تثبت بسرعة في الأوساط الرطبة والسكرية وخاصة على سطح المربيات وعصير الفواكه وتؤدي إلى فسادها.[18] : عن مجلة 1984.36. J. Pharm. Pharmacol .[19] : عن مجلة Produits Pharmaceutique.[20]:  عن مقالة له في مجلة z.hyg. Infekt. Krankhs.[21] : عن مقالة بديع الحسني.[22] : مقالة الاستشفاء بالعسل قدسي وعطفة، مجلة العلوم 1971.[23] : عن مجلة American Bee Journal  العدد 6 لعام 1960.[24]: عن مقالة وايت عن مجلة American Bee Journal العدد 6 لعام 1960.  [25]: عن مقالة العسل ينقذ الإنسان لعطاء وقربي.

[26]: مقالة Akobiaعربها د. فاروق هواش، ونشرتها مجلة طب الأسنان بدمشق- حزيران 1975.[27]: عن كتاب النحلات والطب إيوريش.[28]: المرجع السابق.[29]: عن مقالة د. مصطفى رشيد التركي. مجلة العلم والإيمان.

[30]: عن مقالة له نشرت في مجلة نيويورك الطبية: عربها ظافر العطار بالاشتراك مع المؤلف.[31]: عن كتاب معجزة الاستشفاء بالعسل والغذاء الملكي د.شمسي باشا.[32]: عن Chauvinفي كتابه علم حياة النحل.

[33]: عن مقالته في مجلة النحل الأمريكية. ترجمها د. ظافر عطار.[34]: عن تاوتسند: من مقالته في مجلة النحل الأمريكية، ترجمها د. ظافر عطار.[35]: عن كتاب النحل وصحة الإنسان.[36]: عن Chauvinفي كتابه علم حياة النحل.[37]: عن كتابه العسل والمعالجة بالعسل.[38]: عن Chauvinوكتابه علم حياة المنحل.[39]: عن كتابه مفكرة النحال.[40]: عن كتابهما Honey and your Health.[41]: عن مقالة Killian  و Tobiash.[42]: عن مقالة Killian  و Tobiash.[43]: عن مقالة Killian  و Tobiash.[44]: عن كتاب النحلات والطب.[45]: عن مقالة H. Lempp. [46]: عن Chauvinوكتابه علم حياة المنحل. [47]: عن كيليان وتوبياش.[48]: عن كتاب العسل والمعالجة بالعسل: ملادينوف.[49]: عن كتاب: Honey and Your Healthلبيك وسمدلي.[50]: عن كتابه النحلات صيدلانيات مجنحة.

 

 

العسل وتسوس الأسنان
 

 بقلم الدكتور محمد نزار الدقر

العسل للوقاية من نخر الأسنان[1]

تؤيد أبحاث الفيزيولوجي الكندي  ف.بانتنغ [2]التأثير السيئ للسكر العادي على الأسنان، وأن تزايد النخور السنية في العالم بشكل مريع يتبع زيادة مقدار السكاكر في القوام الغذائي، ويشير ماكليدون [3]إلى أن الشاي يحوي على الفلور بكمية كافية للوقاية من نخر الأسنان، غير أن اعتياد الناس شرب الشاي مع السكر وهي مادة تسرع في النخر يفقد الشاي تلك الخاصية الهامة، ولذا يوصي ماكليدون بشرب الشاي دون سكر، أو أن يحلى بالعسل؛ لاحتوائه على الفلور أيضاً.

وقد نشر كل من جيمس غاريس ولطفي السامري [4]نتيجة دراستهم لوثيقة فرعونية وجدت في أحد الأهرامات أن الفراعنة عرفوا تقنية عالية في المداواة السنية وكانوا يستعملون من أجل تقوية الأسنان خليطة تحتوي على العسل والكلس وخلاصة نبات الشيح. فالعسل يقي من النخر ويطهر جوف الفم.

وقد قام ل. فوج L. Waugh [5] ومساعدوه بدراسة على قبائل الأسكيمو الأكثر بدائية والتي لم تصل إلا نادراً بالرجل الأبيض ولم تعرف سكاكره المصنعة السكر الأبيض وقد أكدت هذه الدراسة إلى أن هؤلاء الأسكيمو الذين بقوا على طعامهم البدائي الذي لا يحوي على السكاكر القابلة للتخمر السكر الأبيض لم يكن للنخر بينهم أي وجود، ولكن لما توفر لهم طعام الرجل الأبيض، ظهر النخر بينهم بشكل يتناسب طرداً مع مقدار ما يتناوله سكاكر مصنعة.

 أما دراسة العلماء أوسبورن ونوريسكن[6]في قبائل البانتو في جنوب أفريقيا فقد أكدت أن السكاكر المنقاة أظهرت في الأسنان مقدارا ً كبيراً من انحلال الكلس، كما أكدت أن العامل الواقي من النخر الموجود في السكاكر الطبيعية يزول عند التصنيع والتنقية السكر الأبيض. وقد شملت الدراسة فئتين: فئة قدم لها سكاكر طبيعية عسل، دبس، تمر، تين وقدم للفئة الثانية أطعمة حاوية على سكاكر مصنعة شوكولا، سكاكر، مربى.

أما نتائج الدراسة بين فئتي السكاكر الطبيعية والمصنعة فكانت مختلفة بدرجة واسعة لذا نستطيع قبولاها بكل حزم وهي أن السكاكر الطبيعية ومنها العسل لا تحدث نخراً ولا تسبب نمو العصيات اللبنية.

ويظهر البحث الذي كتبه الدكتور فرانسيسكو بوكسي [7]أهمية العسل كمادة محلية تبعد عن الإنسان خطر النخر السني المبكر، وتشير الدراسة إلى أثر العسل الجيد في تثبيت الكلس في الأسنان والعظام عند حيوانات التجربة، كما أن له تأثيراً ممتازاً على العظام في طور نموها، كما يؤكد أن العسل أفاد كثيراً في نمو العظام وبزوغ الأسنان وحسن التكلس.

 

العسل وطب الشيخوخة:

 يحدث مع تقدم الإنسان في العمر تغيرات هامة في أنسجته، يرافقها شكاوي متعددة يراجع الشيوخ من أجلها أطباءهم، لعل أبرزها جفاف الجلد وتجعده والشيب، وثقل الحركة وضعف البصر والسمع وتصلب الشرايين والقبض المزمن، والضعف الجنسي وغيرها، وإن رغبة الإنسان في إطالة عمره جعلت شغله وتفكيره يهتم في محاولة معالجة هذه الشكاوي لإعادة الشباب والنشاط إليه. وفي القرون الوسطى أضاع حشد كبير من العلماء أوقاتهم في البحث عما دعوه بإكسير الحياة.

وعلى مدى قرون جرت محاولات متعددة منها محاولة براون سيكار [8]لإعادة شبابه بحقن خلاصة مائية لخصية من أرانب وكلاب، وادعاء البرفسور "بوغوموليتس" أن نقل دماء شابة من 25-100 مل على فترات تعتبر منشطاً غريزياً فعالاً ويقوي وظائف العضوية الكهلة، ومنها ما نشره البرفسور بارخون وآنا أصلان 1951 عن آثار إيجابية لبرنامج علاجي يقوم على حقن مقادير متزائدة من النوفوكائين والذي جرى تصنيفه مع العقاقير المجددة للشباب . وتشير أبحاث مورا ولينز وغيرهم إلى النتائج الجيدة لمعالجة ظواهر الشيخوخة المبكرة بالنونوكانين مشركاً مع الفيتامينات أو والهرمونات...[9]

أما عسل النحل فقد أعطاه الحكماء منذ غابر العصور أهمية خاصة "بيفاغور وأبو قراط" معتقدين أن تناوله بشكل مستمر يساعد على إطالة العمر، وقد ذكر العالم البولوني "فتفتسكي" منذ القرن الماضي عن علماء مشهورين أمثال تريمتبسكي ومولباخر عمروا طويلاً وكان يبدون حيوية ونشاطاً ونضارة في الوجه، كانوا يتناولون العسل بشكل يومي مع طعامهم. ويؤكد إيوريش أن معظم المعمرين في الإتحاد السوفياتي يعيشون في الجبال ويتعاطون تربية النحل ويتناولون العسل بكميات كبيرة.

وفي عام 1959 كتب ب.لوت[10] عن زيادة فعالية البروكائين في معالجة مظاهر الشيخوخة عند مزجه بالمحاليل العسلية.

لقد درست آلية تأثير البوكائين على بعض عوارض الشيخوخة، وأن ذلك يرجع إلى فعل محصوله الإستقلابي في البدن، وهو حمض أميني، يعتبر في الحقيقة طليعة تشكل الكولين والأستيل كولين في البدن، أي أن فعله هنا كمقو للخواص الكولينية، وكانت تحريات  Luthتنحصر في البحث عن مادة غير سامة، تمتلك زيادة فعالية البروكائين فلم يجد أمامه سوى العسل الذي هو  غذاء ودواء في نفس الوقت.

وبناء على هذه النتائج تنتج شركة Woelm   الألمانية مستحضراً هو Procopinيتكون من بروكائين 2% + روتين 0.5%+ غلوتامينات الصوديوم 1% +محلول عسلي مصفى من غروباته 10%. أعطي هذا المستحضر لـ24 مريضاً من الشيوخ وكانت النتائج بشكل عام مدعاة للغبطة، فقد أبدى تأثيراً حسناً على سير الثعلبة وعلى الشيب، وكانت تأثيراته ممتازة على مظاهر الجلد الشائخ المختلفة، وعلى سير كثير من شكاوى الشيوخ من انحطاط ووهن عام وآلام في الرأس ووهن عصبي ونفسي والتي تشكل بمجموعها ما يدعى بتناذر انخفاض القدرة على العمل، وفي إزالة هذه العوارض عند معظم المعالجين. كما تبين بالدليل القاطع أن للبروكائين مع العسل تأثيرات ضابطة ومنظمة لخوارج الانقباض وتسرع القلب الإشتدادي، وعلى الإعتلالات المفصلية المزمنة غير المشوهة، كما أبدت حالات من تصلب الدماغ تحسناً ملحوظاً.

 

أهمية العسل في تغذية الأطفال:

أكدت المشاهدات السريرية لعدد كبير من الباحثين القيمة الكبرى لعسل النحل كمادة غذائية ووقائية ممتازة لعضوية الطفل. ولقد تبين لجميع الباحثين أن العسل يزيد الخضاب وعدد الكريات الحمر في دماء الأطفال. وهناك تقارير كثيرة من بلدان العالم وحيث تكثر التجارب في حقل تغذية الأطفال وخصوصاً بالنسبة لأمراضهم التي تترافق باضطرابات هضمية أو سوء تغذية أو فاقة دموية تشير إلى أن العسل حين يدخل في جدول الحمية لهؤلاء الأطفال فهناك تحسن ملحوظ وسريع في حالة الطفل المريض وصحته العامة.

واثبت غولومب [11]من معهد دنيبرو بتروفسك الطبي أن إضافة العسل إلى جدول تغذية الأطفال المرضي  أدى إلى إسراع شفائهم بشكل علاوة على الزيادة البينة في وزنهم، وتوضح مقالة لابورد [12]كذلك ما للعسل من تأثير ممتاز على تحسن الخط البياني لوزن الطفل. والعسل بخاصيته المضادة للجراثيم يساعد صغار الأطفال على تجنب الإصابة بالتعفنات المعوية الجرثومية. ويبين إيوريش [13]أن الأطفال المصابين بالزحار العصوي والمعالجين يبالدي سولفون تغيب عصيات الزحار في برازهم بعد 5 أيام من المعالجة أما إذا أشركت المعالجة بالعسل فإن تلك العصيات تغيب نهائياً من البراز بعد 24 ساعة فقط على بدء المعالجة.

ونظراً لأن تغذية الطفل لم تعد خالصة من لبن الأم رغم فائدته للأم والرضيع معاً، فإن الأطباء في كل أنحاء العالم ينصحون بالعسل كمادة محلية سواء للحليب أو لصنع أغذية الأطفال من خبيصة أو سميد وغيرها، وذلك لأنه سكر بسيط يقدم طاقة وافرة وتغذية ممتازة في المرحلة الحرجة من نمو الطفل، وبسبب غناه بالمواد الحياتية المعدنية فإن تجارب ماغني وغيرها برهنت أن لمادة العسل قدرة على القيام بنشاط حاث    Stimulantعلى نمو الطفل مبعداً عنه أيضاً خطر الكساح لما فيه من الفيتامينات وبقية مقومات النمو. وأكد كومبي [14]أن إضافة العسل إلى الحليب المعقم بالغليان يعيد إليه خواصه، كما لاحظ خواص العسل الملينة عند الأطفال. فالأطفال الذين يعتمدون في تغذيتهم على العسل يمتازون بحالة جيدة لجهازهم الهضمي وبانعدام الغازات البطنية عندهم، يعود ذلك لفعل الأحماض العضوية والزيوت الطيارة الموجودة في العسل والتي تنبه بشكل مستمر شهية الطفل وحركة الأمعاء.

وفي مركز رعاية الأطفال التابع لكلية طب باريز أجرى الطبيبان [15] أليسون وناربونون تجارب على الخدج [16]فأضافا كمية زهيدة من العسل إلى غذائهم، ثم تزداد تباعاً كمية العسل لتصل إلى 10 غ يومياً لكل كغ من وزن الطفل، وقد تبين أن الخدج يقبلون جيداً على الرضاعة من الحليب المحلى بالعسل، ويصبح المص أكثر قوة مما لو حلي الحليب العسكر العادي. كما ظهرت خواص العسل الملينة. وقد تبين أنه حين إصابة الخدج ببعض الاضطرابات الهضمية فإن إعطاء الشاي المحلى بالعسل بنسبة 5% هو الحل المثالي. هذا ويمكن أن يشار للأطفال بعمر فوق 3 شهور بقليل من العسل الصافي ملعقة شاي كل يوم وهو إجراء رائع عند تهيئة الطفل للفطام.

ويرى ب.لوتينغر[17] أن العسل مفيد جداً للأطفال بعكس السكر العادي الذي يجلب الكثير من الأذى -على حد قوله، كما ينصح بإعطاء ملعقة شاي واحدة من العسل مع 200 غ من مغلي الشعير لوقف أي إسهال صيفي عند الطفل. كما يرى أن للأعسال ذات الرائحة الشديدة خواص مسكنة وتؤدي إلى نوم الطفل ذي المزاج العصبي.

أما جارفيس[18]فيؤكد فائدة العسل 20غ يومياً مع العشاء لمعالجة الأطفال المصابين بالتبول الليلي. ويصر فيليبس [19]على تحلية المصاصات Beberons  بالعسل عوضاً عن السكر، بإضافة ملعقة شاي من العسل للمصاصة في الشهرين الأولين من عمر الطفل، وملعقتين في الشهرين 3-4 ثم 3 ملاعق. ويعلل ذلك بأن هضم السكر العادي قد يعسر عند بعض الأطفال، بينما سكاكر العسل مهضومة وسهلة الامتصاص، كما يرى أن الاستمرار على هذا البرنامج يسهل ظهور أسنان الطفل ويجعله أقل عرضة لأعراض التسنن.

ويستعمل ميخائيليس [20]العسل في إصابات الفم والأمعاء حيث لا يخلو تناول السكر العادي من خطر بالنسبة للطفل الصغير. أما زايس[21] فيجزم بحسن تأثير العسل على نمو الأطفال ويرى ريزغا [22]أن إدخال العسل في حمية الأطفال يقوي عضوية الضعفاء منهم والقليلي النمو. وقد أجرى الأستاذان [23]هافيجي وموزا 1985 دراسة في قسم الأطفال في جامعة ناتال استخدموا فيها محاليل العسل للرضع والأطفال المصابين بالتهابات معدية ومعوية وأظهرت النتائج أن العسل يقصّر مدة الإسهال عند الأطفال المصابين بالتهابات هضمية ناجمة عن جراثيم ممرضة كالسلمونيلا والشيغيلا وغيرهما، كما أنه لا يطيل أمد الإسهالات غير الجرثومية، ويمكن استعماله بأمان كبديل عن سكر العنب محلولاً في سائل يحتوي على الشوارد بالتركيز الموصى به علمياً لإزالة التجفاف. وقد أجرى العالمان [24]فيجنيك وجوليا دراسة على 387 طفلاً قسموا إلى 3 مجموعات وأعطوا نفس الراتب المغذي، غير أن المادة المحلية للمجموعة الأولى كانت السكر العادي، وللثانية: دكسترين سكر الشعر. والثالثة: العسل . فتبين تفوق الأطفال الذين أطعموا العسل من حيث الوزن والنمو ونسبة خضاب الدم.

ويؤكد إيوريش[25]أن إضافة ملعقة شاي واحدة من العسل إلى قوام الطفل الغذائي يعطيه من الفائدة أكثر مما يعطي 25غ من السكر.

فالسكر هو ماء فحمي كثير الحريرات فقط، أما العسل فهو مركب حيوي فيه العديد من الخمائر والفيتامينات والهرمونات، وخاصة الدور الذي يعلبه حمض الغوليك في النمو وتكوين عناصر الدم، ودور البريدوكسينVit.b 6في استقلاب البروتينات ومنعه ظهور الاختلاجات عند الأطفال الناجمة عن نقصه غالباً.

وللعسل تأثير حسن على تمثل الكالسيوم والمغنزيوم في العضوية ويزداد احتباسهما فيها عندما يدخل العسل في قوام الطفل الغذائي مما يمنع إصابته بالخرع والكساح[26].

وهكذا نرى أهمية العسل الكبرى في قوام الطفل الغذائي على اختلاف مراحل نموه، سواه من أجل النمو الطبيعي السوي أو من أجل وقايتهم من أمراض الطفولة المختلفة.

 

الاستشفاء بالعسل

معالجة الجروح والقروح وآفات الجلد بالعسل:

إن معالجة تقيحات الجلد وتقرحاته والجروح العفنة بالعسل معروفة منذ القدم. فعلى أوراق البردي عند الفراعنة وجدت وصفة لمعالجة الجروح، أن تضمد بصوف مغمّس بمزيج من العسل والبخور. وفي تفسير ابن كثير رواية عن ابن عمر عليه السلام أنه ما خرج له دمل إلا لطخه بالعسل وقرأ عليه شيئاً من القرآن لينال الأجر ضعفين.

وفي القانون في الطب لابن سينا وصفات لمراهم جلدية يدخل العسل فيها وخاصة لمعالجة قرحات الجلد العميقة والمتعفنة. وفي كتاب البروفسور جاروكوفسكي[27]نصائح عن كيفية معالجة أمراض الجلد بالعسل. وفي الطب الشعبي يعالجون الجروح والسحجات الرضية بمزيج متساوٍ من العسل والخل.

وقد نشر لوكه[28] 1933 نتائج معالجته للجروح المتقيحة بمرهم يدخل فيه العسل وزيت السمك. ويعتبر منطلقاً  له تأثير في التئام الجروح ونظافتها وتأثير زيت السمك على التبرعم.

والجراح الشهير كرينتسكي [29]1938 عالج بنجاح مصابين بالتهاب الغدد العرقية، التهاب عظم ونقي وحروق متنوعة بمرهم دهني -عسلي.

ويرى أنه بتأثير العسل يزداد بكثرة محتوى مفرزات الجروح من مادة الغلوتاتيون التي تلعب دوراً هاماً في الأكسدة والترميمRegeneration  

وفي مشفى فرونزة العسكري عالج كل من بلينك وكيريك 45 جريحاً مصابين بجروح مزمنة معندة بعضها مختلط بذات عظم ونقي بتطبيق العسل صرفاً في الجروح، استمرت المعالجة من 20-45 يوماً، وكانت النتائج باهرة، فقد شفي منهم 40 مريضاً بشكل تام وأوقف العلاج عند ثلاثة مرضى لحدوث تخريش شديد موضعي، ولم يظهر تأثير العسل في حالتين فقط.

وفي عام 1944 أجرى سمرنوف [30]أستاذ الجراحة في معهد مولونوف الطبي في مدينة أومسك تجارب بمداواة الجروح بالعسل. وأكد أن الجرح ينظف من القيح بضعة أيام ويتحسن الدوران الدموي في المنطقة ويظهر نسيج حبيبي وردي.

 فالعسل يحرض نمو النسيج الحبيبي إذ يصبح أشد كثافة وحيوية وتتحسن عميلة التغطية الجلدية. أما ملء الفجوات العظمية بالعسل بعد تشظيها فلم يعط النتائج المرجوة.

الطبيب الصيني [31]ك.ل.يونغ أكد 1944 أن العسل علاج ممتاز لتقرحات الساق المزمنة. وفي معالجة الجروح والقشب وقد طبق مرهماً مكوناً من العسل 4/5 والغازلين 1/5 Petrolatum.

أما بوادي[32]من أوكرانيا فقد طبق ضماداً من العسل الصرف لمعالجة القروح الواهنة التي طال الأمد دون شفائها، وحصل على التئام سريع لها.

وقد أكد كل من خاتشاتوريان وبابوفا [33]من معهد الطب الثاني في موسكو نجاح المعالجة بالعسل لمصابين بآفات جلدية متنوعة دمامل، جمرة حميدة، تينة عنقودية.

 أما أ.جلفمان[34]فقد كتب 1946 عن معالجته لجروح واهنة،  بعضها مختلط بذات عظم ونقي وكسور عظمية مفتوحة بتطبيق محاليل العسل بالتشريد الكهربائي.

أدت المعالجة إلى نشاط فعّال للتحبحب الخلوي Granulationكما نظفت الجروح من القيح بسرعة ثم التأمت بشكل جيد.

أما الدكتور ميخائيل بولمان [35]المولّد والجراح النسائي فقد كتب مقالة 1955 شرح فيها معاناته من المطهرات الكيماوية التي كان يستعملها أثناء عملياته الجراحية وكيف أن لكل منها آثاراً سميّة عامة، وتفاعلات موضعية تخريشية، وكانت خبرته مقتصرة على عمليات قطع الفرج، التي يصعب فيها إجراء تطهير جيد، والتي تجري في منطقة تعرف سلفاً بنتائجها غير المرضية، والتي كثيراً ما كان سطحها الخارجي يسير أشهراً ليتم التئامه. لقد تغير سير العمليات جذرياً عندما استبدل العسل بما كان يطبقه من مطهرات كضماد يغير كل 24 ساعة. حتى الاقتراب من الشفاء، حيث يطبق ضماداً جافاً. ويورد بولمان حالة مصابة بسرطان الثدي عولجت بالأشعة وخلفت الآفة تقرحاً كهفياً عفناً صعب التئامه فعالجه بصب العسل داخله، مما أدى إلى نظافة سريعة غير متوقعة وإلى التئام سريع بعد ذلك.

ويختم بولمان مقالته عن الضمادات العسلية بقوله "عندي كل المعطيات الإيجابية كي أفكر  بهذه المادة البسيطة التي تجيب على كل الأسئلة حول مشاكل القروح المتقيحة: فهي مادة غير مخرشة غير سامّة، عقيمة بذاتها، مضادة للجراثيم، مغذية للجلد، سهلة التحضير والاستعمال، وفوق كل ذلك فهي مادة جد فعالة".

البروفيسور [36]ديموفيتش من معهد الطب الثاني موسكو نشر 1957 بحثاً ضمنه النتائج الباهرة لمعالجته لـ330 مريضاً بمرهم كونكوف  العسلي [37].

شملت الحالات المعالجة حروقاً وجروحاً بطيئة الالتئام، وتقرحات جلدية وخراجات والتهاب حول الأظافر وفلغمونات ودمامل وجمرة حميدة والتهاب ما حول الشرج وغيرها.

ويؤكد أن العسل يملك خواص مضادة للجراثيم ومسكنة للآلام علاوة على خاصته المرممة وتنشيطه لنمو البراعم الحبيبية.

أما أد.راف [38]فكان يعالج الخراجات والدمامل بتطبيق لصوق مكون من عجينة من العسل والطحين. وينصح ب.ريزغا المحروقين بالماء الساخن بتطبيق  العسل الصرف موضعياً. أما غ.إيفاخننكو فيطبق مزيج العسل والزيت لمعالجة حروق الحرارية.

ويفسر بر غمان A. Bergman 1983تأثير العسل في التئام الجروح بآليات ثلاث : أولاهما احتواؤه على خميرة الكاتالاز , والثانية وجود المادة المانعة لنمو الجراثيم الإنهبين والثالثة أن العسل يوفر مصدراً ممتازاً للطاقة فهو يغذي الأنسجة والتي تكون غالباً في حالة الهدم Catabolic State.

 وقد أشار الدكتور ويبر  من كلية ستراسبورغ  إلى تأثير العسل المسكن للحكة و المندب في حالات الحكة الشرجية أو الفرجية بحيث يطبق على المنطقة مع مسّاج خفيف جداً بحيث نحصل على تحسن مجد بصورة آنية و تتوقف الحكة غير المحتملة خلال عدة أيام .  

و في عام 1974 نشر دانيلوف نتائج معالجته لمرضى مصابين بأكسيمة منتشرة، و التهاب الجلد العصبي و التأتب العصبي و التأتب الجلدي بتطبيق العسل بالتشريد الكهربائي، وأتبعه بنفس الوقت بمرهم عسلي يدخل فيه القطران الخشبي بنسبة 2% مما أدى إلى تراحع عناصر الاندفاع وتوقف الحكة وتناقص الارتشاح في منطقة الإصابة عند معظم المعالجين. كما عالج الدكتور ع.الخطيب حالات حروق شديدة و حالات من العد الشائع  حب الشباب  والتأتب الجلدي بمرهم عسلي .

وفي عام 1978 أجرى الدكتور بيرلاندو  من جامعة جنوا بإيطاليا  دراسة ممتعة مقارناً تأثير العسل على حروق صنعية أحدثت على جلد الجرذان بالنسبة إلى مجموعات أخرى لم تعالج بالعسل . فالحروق التي عولجت بالعسل كانت النتائج أكثر من ناجحة وتم الشفاء بسرعة مدهشة حيث أبدى الجلد المحروق حيوية مدهشة عند تطبيق العسل وظهرت فيه علائم توليد بعض الأربطة وقلّ الإفراز النتحي وحدث تشكل شبكي وغرائي جديد وظهر النسيج الحبيبي بوفرة في الأدمة واتجهت البشرة الظاهرة نحو التغطية الجلدية المبكرة وهي غنية بمولدات الليف . مما يؤكد أن العسل يحتوي على مواد مضادة للجراثيم والإلتهاب إلى جانب منشطات النمو والتكاثر الخلوي .

 ومن بريستول كتبت هلتون Hultonعن النتائج الحسنة لتضميد القرحات التوسدية يومياً بالعسل الصافي مع تغطية الآفة فوق الشاش بساتر كتيم يمنع نفوذ الماء .

وفي الحقيقة فبالرغم من تقدم الطب وظهور المزيد من العقاقير فإننا لا نزال نشاهد في ممارستنا اليومية حوادث من تقيحات جلدية وتقرحات وهنية لاتعنو للعلاجات التي بين أيدينا ولو استعملنا أوسع المضادات الحيوية طيفاً وأشدها فتكاً ولذا فقد قررنا 1971 تجربة العسل في تلك الحادثا ت المختارة التي عندت على المعالجة وطال الأمد دون شفائها .

والحالة الأولى  المريض د.ك 43 سنة  راجعنا بتقرح واسع في صيوان الأذن اليمنى من خزب ونز قيحي وألم شديد في الناحية. بدأت الآفة قبل 2.5 شهر على شكل دمل ، تقرح بعد أسبوعين وامتد التقرح واتسع ، عولج بالمضادات الحيوية والمطهرات الموضعية بدون فائدة ، تفاعل السلين سلبي والليشمانيا غير موجودة. طبقنا ضماداً عسل + زيت سمك يغير يومياً مع معالجة مناعية استدماء ذاتي . شاهدنا نظافة التقرح بعد ثلاثة أيام ثم ظهر نسيج حبيبي شامل وتراجعت الوذمة والألم تدريجياً ثم بدأ الجلد في محيط الآفة يمتد نحو المركز . وقد تم الشفاء خلال 14 يوماً .

الحالة الثانية  المريض ع.س 42 سنة راجعنا بتقرح وهني في أخمص القدم 4×6سم حوافه غير منتظمة ، قعره متسخ يظهر النسيج العضلي في منتصفه . بدأت القصة منذ 4 شهور حيث استؤصل للمريض ثفن عرطل تقيح الجلد بعدها وأدى الضياع المادي مع التقيح الثانوي إلى تشكل التقرح الذي عالجه المريض طيلة هذه الفترة بالمضادات الحيوية والمطهرات دون جدوى . طبقنا للمريض ضماداً يومياً بمزج العسل مع زيت السمك فنظفت القرحة خلال 4 أيام وتم التئام التقرح كاملاً خلال 20 يوماً .

الحالة الثالثة المريض أ.ع 46 سنة راجعنا من أجل تقرح رضّي على ركبته اليمنى 5×7سم حوافه غير منتظمة ويشمل طبقات الجلد كلها . بدأت الآفة منذ 7 شهور عقب رض في حادث سيارة أدى إلى ضياع مادي وتقيح ثانوي ، عولج طيلة هذه المدة دون تحسن . طبقنا للمريض ضماداً عسلياً مع زيت السمك لمدة 10 أيام ، ثم انتقلنا إلى ضماد عسلي صرف . لاحظنا أنّسير الالتئام كان بطيئاً لاتساع سطح الآفة وشمولها وطبقات الجلد، ولتعرض الآفة منطقة الركبة للحركة المستمرة . وقد تم الالتئام خلال 6 أسابيع .

 الحالة الرابعة  المريض ت.ع 65سنة  ألزمته آفته القلبية الفراش فحدثت تقرحات واضحة في الإليتين والقطن, عولجت دون جدوى , وكان عيار سكر الدم 1.45 غ ل . طبقنا للمريض ضماداً عسلياً صرفاً يغيّر يومياً مع التوصية بتحريك المريض وتغيير وضعيته . سار الالتئام بشكل سريع وجيد بحيث اكتمل خلال 12 يوماً .

وفي بعض الحالات طبقنا مرهماً عسلياً يدخل فيه زيت الزيتون والكالامينا . وكانت مجموع الحالات المدروسة من قبلنا 21 , منهم 2- قروح دوالية , 3- قروح , 4- خشكريشات اضطجاعية  تقرحات توسدية  , 1- جرح وهني عقب استئصال ورم خبيث جراحياً , 2- جمرة حميدة , 4- تقرحات أو تقيحات اكتيمائية عميقة , 7- تقرحات وهنية عقب رضوض أو عمليات جراحية رافقها ضياع مادي كبير .

ونستطيع القول أنه من خلال مشاهدتنا ومن النتائج الممتازة التي توصلنا إليها بواسطة الضمادات أو المراهم العسلية , أن العسل تأثيراً ممتازاً على سير الالتئام والترميم في كافة القروح الجلدية وعلى دحر الإنتان المرافق أو المسبب للآفة . ونحن نرى ضرورة تجربته على نطاق واسع سواء كعلاج وحيد أو كسواغ في المراهم التي تستعمل في آفات الجلد الالتهابية وتقرحاته المزمنة وكضماد ممتاز عقب العمليات الجراحية وخاصة الملوّثة منها .

وما زالت الأبحاث تتوالى من مختلف أنحاء العالم تؤكد النتائج التي توصلنا إليها . فهذا محاسن وادي وزملاؤه من السودان نشروا بحثاً عن نتائج معالجتهم بالعسل لـ12 مريضاً مصابين بتقرحات مزمنة لم تعن لأي من المعالجات المعهودة . حيث لاحظوا التأثير المبيد للجراثيم للعسل وتحسّن الدورة الدموية في المنطقة ونشاط البراعم الحبيبية وسرعة عملية التغطية الجلدية حتى الشفاء الكامل .

وهذا الجراح البريطاني 20 سبنسر إفم Spenser Efem 1988يعلن نجاح معالجته بالعسل لـ59 مريضاً مصابين بجروح وتقرحات مختلفة منها : 3- موات فورنير   10- حروق  6- قرحات استوائية  6- تقرحات رضيّة  4- تقرحات عند سكريين  4- تقرحات توسدية وغيرها , شفيت كلها عدا حالة واحدة شخّصت على أنها بورولية لم تستجب للمعالجة .  فالتقرحات أصبحت عقيمة خلال أسبوع , كما أن العسل يعجل في التئام القرحات مستبدلاً بالنسيج المتموت نسيجاً حبيبياً كما أنه يحضّ على التغطية الجلدية Epithelizationوعلى امتصاص الوذمات من محيط الآفات .  ويذكر أن المرضى السركيين الأربعة الذين ثبت أن داءهم السكري يصعب ضبطه ،أصبح مسيطراً عليه بعد التعقيم الناجح لآفتهم بالعسل . وقد تم تجنب البتر بعد معالجة تقرحاتهم والتئامها بالعسل .

 

 حقن العسل في مداواة الأمراض الجلدية :

أورد البروفيسور أميش نتائج مذهلة لمعالجته بمحلول M2  WOELMالعسلي لـ71 مريضاً مصابين بآفات جلدية حاكة مزمنة ومعندة على المعالجة لأكثر من 10 سنوات كان منها آفات أكزيمية وأكالات و التهاب جلد عصبي ، تم شفاؤهم خلال أيام بعد عدة حقن وريدية من هذا المستحضر .

ويرى أميش أن المحلول العسلي يبدي تأثيراً مضاداً للحكة ، ومهدئاً سريعاً أفضل بكثير مما يبديه محلول غلوكونات الكلس أو اللومينال . فهو علاج فريد في هذا المضمار و إن الداء السكري لايشكل مضاد استطباب لاستعماله. وأيد العالم شيرم هذه النتائج في مقدرة المحلول العسلي على إيقاف الحكة على اختلاف منشئها . وأثبت بنغولد Bingold  حسن تأثير هذا المستحضر العسلي في مداواة الحكات المختلفة وخاصة عند مرضى الكبد الذين يشكون من حكة غير محتملة مع اليرقان . وأكّد ديللر Dellerأن حقن مزيج معادل من السكاكر لا يحدث التأثير نفسه , وبرهن على وجود مادة " مجهولة  " في العسل مسؤولة عن هذا التأثير المضاد للحكة تختلف تماماً عن تأثير السكاكر .

-------------------

[1] : راجع مقالة د. ظافر العطار مجلة عالم الطب والصيدلة آذار 1988.[2] : عن كتاب النحلات والطب.[3] : المرجع السابق.[4] : المرجع السابق[5] : عن مجلة American J dis of child ، 4، 1939.[6] : عن مجلةResearch  Den +  3wa. فوج ر ويطهر جوف الفم. سل والكلس وخلاصة نبات الشيح. راعنة عرفوا تقنية عالية في المداواة السنية وكانوا يستعملون من أجل تقوي حزيران 1937.[7] : عن مجلة مونتوفيديو السنية الأورغواي ترجمة د. غنوم غنوم، ونشرته مجلة طب الأسنان السورية.[8] : عن كتاب النحلات صيدلانيات مجنحة.[9] : المرجع السابق.[10] : عن مجلة Arztlicheالألمانية وعربه د. عبد الرحمن القادري.[11] : عن إيوريش النحلات صيدلانيات مجنحة.[12] : عن كتاب The'se Bordeaux.

[13] : عن كتابة النحلات والطب.[14] : عن مجلة Arch. Am .med. Inf.j 1926.[15] : عن مجلة Revue de Die'te'tiqueوعربها د.سروجي ود.مصري.[16] : الخدج جمع خديج: الطفل المولود قبل الأوان.[17] : عن كتاب Honey and Your Healthلبيك وسمدلي.[18] : عن كتابه الطب الشعبي ت. رويحة.[19] : عن كتاب Trahte De Boil.del' Abielle..[20] : عن مقالة الوقاية بالعسل تعريب قدسي وعطلفة في مجلة العلوم اللبنانية.[21] : المرجع السابق.[22] : عن كتاب النحلات والطب.[23] : عن مقالتهما في مجلة الأمراض الأطفال الأمريكية. عربها د نبيه الغبرة.[24] : المرجع السابق.[25] : عن كتابه مفكرة النحال عربها د. الدقر، ونشرتها مجلة جيش الشعب.[26] : عن مقالة: Knott and Schultz.

[27] : عن كتاب النحلات صيدلانيات مجنحة.[28] : عن كتاب Bees and People.[29] : المرجع السابق.[30] : عن مجلة البيولوجيا الأوزبكية عربها د. محمد وليد حمودة ونشرت في المجلة الطبية العربية.[31] : عن كتاب النحلات والطب.[32] : المرجع السابق.[33] :  مجلة أمراض الجلد موسكو 1945.[34] : عن كتاب  Bees And People. [35] : عن مجلة النحل البريطانية، وقد عربها د. نبيه الغبرة.[36]  عن كتاب النحلات والطب.[37] مرهم كونكوف يتكون من العسل62 غ، زيت سمك 33.5 غ، قطران خشبي 3 غ، ريفانول أو أكرينولين0.3 غ، ماء معقم 1.2 غ.[38] : عن كتاب النحلات والطب.

 

 

العسل والشيخوخة
 

 بقلم الدكتور محمد نزار الدقر

قناع من عسل ونتّّقي مظاهر الشيخوخة المبكرة *

يعاني الجلد بعد سن الأربعين من تغيّرات ضمورية واستحالية تشمل كافة النسج المكونة له, يفقد معها الجلد خاصيّته للاحتفاظ بالقدر اللازم من الرطوبة ويضعف إفرازه الدهني فيصبح جافاً وتبدأ التجعدات بالظهور فيه .

وإن إطالة فترة شباب الجلد ورونقه وإبعاد شبح الشيخوخة عنه ممكن إلى حدّ ما باستعمال تمرينات متنوعة لعضلات الوجه ومسّاجات فاعلة , وأخيراً تطبيق معاجين لتغذية البشرة ولإغنائها بالغلوكوجين والفيتامينات مما يزيد في مقوّيته وحيويته , وفي مقدمة هذه المواد يحتل العسل المكان الأول .

وقد عرفت حضارات العالم القديم من فرعونية ويونانية وغيرها من خاصية العسل في المحافظة على نضارة الجلد وحيويته. وقد عرف أن أشهر ملكات العالم بجمالهن: كليوبترا وبلقيس وملكة إنكلترا السابقة ( آن ) كنّ يدلكن أجسادهنّ ووجوههنّ بمراهم العسل .

وفي الوقت الحاضر فإن كميات هائلة من العسل وشمع العسل تستهلك لتحضير العديد من مستحضرات التجميل الرائعة حقاً , فالبشرة تتعرض دوماً للتقلبات المناخية وفعل الرياح , مما يجعلها تجف وتخشن وقد تتوسف ويقوم العسل بفعل مطهر ووقائي لها . وينصح البروفيسور أ. كارتاميشف[1] بتطبيق قناع عسلي ( 50- عسل , 30- طحين , 20- ماء ) للبشرة الجافة ولمعالجة تجعداتها المبكرة . ينظف الوجه بالماء ويهيّأ بوضع كمادات ساخنة لمدة 3 دقائق, ثم يطبق المزيج السابق على الوجه بين طبقتين من الشاش مجهّزة بفتحات مكان الأنف والفم والعيون , ويبقى لمدة 20 دقيقة , ثم تطبّق بعد إزالة كمادات ساخنة لدقيقتين ويغسل الوجه بعدها بالماء .

أما البروفيسور أستفاتساتورف والدكتورة كولغونينكا[2]( من معهد موسكو المركزي للعلاج التجميلي ) فينصحون ذوي البشرة الجافة والمجعدة بوضع قناع العسل مع صفار البيض ( ملعقة شاي مع العسل + صفار بيضة واحدة , وقد يضاف إليه زيت نباتي ) تمزج تطبق على الوجه مباشرة بعد تنظيفه لمدة 15 – 20 دقيقة ثم يغسل الوجه بماء عادي .

ويرى إيوريش[3]أن أقنعة العسل من أفضل الوسائل في العلاج التجميلي , فالعسل يطرّي الجلد ويغذيه , إذ يغذي أليافه بالغلوكوجين الضروري لحركة ومرونة عضلاته الملس , كما يساعد على ارتشاف الفضلات السائلة من الجلد علاوةً على تأثيره المطهّر من الجراثيم , مما يعني أنّ العسل ونضارة الوجه صنوان .

يؤكّد س. تونزلي[4]فضل العسل للوقاية من اضطرابات البشرة والتهاباتها نتيجة الإكثار من استعمال مواد الزينة المتنوعة ( المكياج ) .   ويورد العديد من الوصفات العسلية .  فمن أجل الحفاظ على الشعر قوياً لامعاً , يدعك مقدارين من العسل مع مقدار واحد من زيت الزيتون وتحفظ في مكان دافئ , ثم يدعك بها الشعر لعدة دقائق , ثم يرض على حرارة مصفف الشعر ( السيشوار ) لمدة نصف ساعة ثم يغسل . وتضمن هذه المعالجة رونق الشعر ونظافة الفروة وتطبق 1-2 مرة كل شهر .

وينصح ربات البيوت وكل من يشكو من خشونة وجفاف اليدين أو تشققهما بتطبيق مرهم يتكون من ( ملعقة كبيرة من العسل + ملعقة شاي من الغليسيرين + بياض بيضة + كمية من الطحين تضاف للمزيج حتى يصبح بشكل عجينة مناسبة ).

وتورد ماريا لوبنتو[5] عدداً من الوصفات التجميلية منها قناع العسل ( 3 ملاعق عسل صغيرة + ملعقة واحدة من ماء الورد أو ماء زهر البرتقال + طحين مقدار كاف لصنع عجينة مناسبة ).  وتنقل عن الصينيين وصفة لمرهم مطرّ للوجه واليدين ( ملعقة شاي من زيت اللوز + ملعقتين من العسل الفاتح + صفار بيضة واحد + بضع نقاط من عطرك المفضل ) , ويفيد هذا الرهيم جيداً لمعالجة القشب .

ولمعالجة فرط التصبغ في الوجه من كلف أو نمش ( زهرة ) يحضر المزيج التالي : 6 ملاعق من العسل ( ويفضل عسل الحمضيات ) تمزج مع ملعقة شاي من الغليسيرين في إناء فوق بخار ماء ساخن .  تطفئ النار ثم يضاف ملعقة من الغول Alcoholمع بضع قطرات من عطر العنبر وملعقة من عصير الليمون .  يدهن الوجه بهذا المزيج بعد تنظيفه ثم يزال بعد ساعة بماء فاتر .

ولتطرية الوجه تصف المرهم التالي : يذاب ( مقدار) من شمع العسل على حمام  بخاري ثم يضاف إليه مقدار من عصير الليمون , 1/2 مقدار من زيت الزيتون ، ( مقداران ) من ماء الورد أو زهر النارنج + 3 مقادير من العسل . وتصف لتشقق الشفتين والقشب مزيجاً من العسل  وعصير الليمون والكولونيا بنسبة الثلث من كل منها حيث تعطي نتائج ممتازة .

وينصح أيوريش باستعمال مغاطس العسل لكامل البدن ( 200-250غ  عسل لكامل المغطس ) و التي تملك خواص وقائية وعلاجية للجلد وللعضوية كافة . أما درجة حرارة تلك المغاطس فيقررها الطبيب المعالج حسب الوضع الصحي العام للمريض .

ومن هنا نرى ما لأقنعة العسل ومراهمه من تأثير ممتاز على الجلد فهي تنشطه وتعطيه النضارة والنعومة وتخفف من تجعداته فتعيد إليه رونقه وشبابه .

 

    معالجة أمراض العين بالعسل

لقد عرف العسل كعلاج ناجح في أمراض العيون منذ عهد الفراعنة الذين استعملوه في كثافات القرنية , كما عرف الهنود الاكتحال بعسل السدر لمعالجة الساد .  وذكر المقريزي[6]أنّ الصّحابي الجليل عوف بن مالك الأشجعي كان يكتحل بالعسل ويداوي به كل سقم .

وفي أيامنا الحاضرة فإن العسل لم يفقد مكانته لمعالجة آفات العين , وحتى في كثير من الآفات المعندة , فإن مشاهير الاختصاصيين في العالم ما زالوا يشيرون باستعماله ويشيدون بنتائجه الطيّبة .  ففي سوخومي عالج ميخائيليوف[7] التهاب حواف الأجسام والتهابات وتقرحات القرنية بعسل الأوكاليبتوس وحصل على نتائج باهرة . وأكّدت بلوتنيفا ( معهد الطب الثاني في موسكو ) أن العسل علاج ممتاز في التهابات القرنية .

وفي مشفى أوديسا قام الدكتور أوسالكو[8] G.Osalkoبالتحقق من فائدة العسل كسواغ لمرهم السولفيدين 3% عوضاً عن السواغ الفازليني . ففي تقرحات القرنية البطيئة الالتئام جداً أدّى استعماله إلى إسراع عملية التندب كان فتحاً غير منتظر بالنسبة للسير المعروف للمرض . كماأدّى تطبيقه عند مصابين بالتهاب قرنية مترق إلى كسر طوق عناد الآفة وأبدت تحسناً ملحوظاً . ويذكر مشاهدة لمصابة بالتهاب قرنية وردي ناكس أدّى تطبيق المرهم العسلي إلى تراجع الآفة وعودة شفافية القرنية ورؤية كاملة ( بعد أن كانت 4/10) خلال 16 يوماً .

وفي التهابات القرنية السلية والافرنجية أدّى العسل إلى تراجع الارتشاح العكر وتحسّن الرؤية ، كما كان له نتائج جيدة في معالجة آفات القرنية من منشأ تراخومي . كما شملت مشاهدات أوسالكو حروق القرنية بالسلك ( الجير ) وقد شملت دراسته (135) مريضاً .ويلخص ما وصل إليه من أن العسل يبدي بدون شك تأثيرًا ممتازاً على سيرمختلف آفات القرنية الالتهابية ، وفي حروق العين سواءً بتطبيقه صرفاً أو باستعماله كسواغ للمراهم العينية . وينبه أنه لا يجوز غلي العسل أثناء تحضير المراهم حتى لا يفقد خمائره وفيتاميناته  والتي فيها سرٌ خفي من قوته العلاجية .

وينبه  أوسالكو أنه عند تطبيق العسل قد يبدي بعض المرضى تفاعلاً موضعياً من احمرار في الملتحمة ودماع وحكة ، لكنها عوارض تزول بسرعة وتمنع من إتمام العلاج .هو يدعو كافة مؤسسات طب العيون أن تفتح الباب على مصراعيه لتطبيق العسل في معالجة أمراض العين للتحقق من فعله الدوائي .

ويؤكد روزنتشتين[9] فائدة العسل لمعالجة جروح والتهابات القرنية . وأنه يطبق في الحالات الحادة مرهم السولفيدين أو الستروبتوسيد العسلي في حواف الأجفان ، أما بعد هدوء الحالة فيطبق العسل صرفاً 2-3 مرات يومياً . ويؤكد أن الندبات المتبقية بعد العلاج بالعسل أكثر نعومة وألطف مما تخلفه الآفات بعد العلاجات الأخرى .

ومن مهعد لفوف الطبي عالجت أ.ماكوخينا[10] حروق العين بالعسل حيث تستخدمه كسواغ لمرهم البوسيد الصوديوم أو قطراتها ( 15% ) حيث تطبق المرهم العسلي مساءً مرة واحدة وتطبق القطرة مرة كل ثلاثين دقيقة في اليوم الأول , ثم مرة واحدة كل ساعة في اليوم الثاني ثم كل ساعتين حتى الشفاء . وقد عالجت 66 مريضاً ( 88 عيناً ) مصابين بحروق مهنية . ومنذ اليوم الأول ظهر تحسن كبير عند 59 منهم فقد تناقص الشعور بالألم وأصبحت القرنية أكثر شفوفاً وبدأت الأماكن المنتخرة تتوعى بالدم وتتورد , ولقد تم شفوف القرنية التام عند 63 عيناً , وتحسنت الحالة عند 15 وبقيت 6 أعين في حالة كثافة شاملة للقرنية .

 أما ن. مالانوفا[11]فقد أكدت حسن تأثير العسل سواء في تطبيقه صرفاً أو كسواغ لمرهم الزئبق الأصفر لمعالجة التهابات القرنية والملتحمة والتهاب الصلبة وما فوق الصلبة .

أما أ. بيلتوكوفا[12]فقد عالجت بالعسل أربعين مريضاً مصابين بالتهاب القرنية منها حالات ترافقت اغتذائية في القرنية وأخرى مع تقرحات في القرنية .  وقد حصلت على نتائج باهرة بتطبيق قطرات العسل مع الديونين والعسل مع زيت السمك ( 4 مرات في اليوم ) , أو قطرة ومرهم العسل مع ألبوسيد الصوديوم ( 6 مرات في اليوم ) . كما طبق التشريد الكهربائي لمحلول العسل 5%  في حالات وجود التغيرات ندبية في القرنية  وأدى إلى الشفوف القرنية  وزياد الرؤية إلى درجة كبيرة . بيلوتو كوفا أن تطبيق المعالجة بالعسل ليست معالجة إمراضية سببية ,وإنما تعتبر كعامل منشط لعمليات الاستقلاب وإعادة التعمير الخلوي Regenerationفي نسج القرنية .

وفي معهد أومسك الطبي[13]طبق ف . ماكسيمنكو ومساعده أتلر العسل صرفاً في حروق العين مشركاً مع الاستدماء الذاتي والعلاجات العرضية ويرى ماكسيمنكو أن العسل يمنع حصول الإنتان الثنوي الذي كثيراً ما يضاعف من أذية الإصابة .  كما ينطلق من العسل مجموعة من السكاكر والخمائر والفيتامينات وعناصر مجهرية تعتبر عاملاً فعالاً في عودة الأفعال الاستقلابية إلى حالتها الطبيعية .

ونشر ماكسيمنكو وبالوتينا[14]بحثاً عن معالجة قصر البصر عند الأطفال Myopiaبالعسل بإعطائه داخلاً ( 40- 80 غ ) يومياً ليحّسن من مقوية الجسم عموماً مع تطبيقه موضعياً خلف الجفن السفلي 3 مرّات يومياً أو بتطبيق محاليل العسل ( 20 % ) بالتشريد الكهربائي ( 20- 40 جلسة ) حيث يزيد التروية الدموية . ويجزم المألفان بأن معظم الأطفال المعالجين شعروا بتحسن ملحوظ , فعبد 10 أيام من المعالجة خفت شكاوي الأطفال من تعب العينين عقب القراءة . ومع نهاية الدورة العلاجية ( 2-4 شهور ) تحسنت قوة الرؤية بنسبة 1-2/10 بنفس التصحيح .

وفي مستشفى المنصورة الجامعي عالج الدكتور ع . الخطيب[15]بالعسل الصرف حالات من التهاب الملتحمة والتهاب حفاف الجفون البثري وحالة من سحابة القرنية وكانت النتائج ممتازة

وأخيراً فقد عالج ف . ماكسيمنكو [16]وبالوتينا 76 مريضاً مصابين باضطراب الدوران الدموي في شبكية العين متشاركة عند بعضهم بعتامة الجسم البلوري , بتطبيق العسل صرفاً 3-4 مرات يومياً , كما طبّق محاليله بالتشريد الكهربي على العين المريضة بواسطة القطبين على التولي ( 20 - 40 جلسة , بواقع 7 دقائق للجلسة ) , كما أعطى بعضهم محاليل M2 Woelmالعسلية حقناً في الوريد , ويعترف المؤلفان بعدم حصول شفاء كامل , تحسناً ملحوظاً طرأ عند معظم المعالجين إذ تحسنت الدورة الدموية في قعر العين وتمّ ارتشاف الدّم النازف وازدادت القدرة البصرية إلى حد كبير .

        الاستشفاء بالعسل في أمراض الجهاز الهضمي [17]

عرفت معظم الشعوب القديمة العسل كعلاج في آفات الهضم . فقد ذكره ديوسكورد لمعالجة أمراض المعدة . ووصفه النبي (ص) لأحد صحابته يسأل الدواء لاستطلاق بطنه . والحكمة الشعبية الروسية تنادي ( العسل ....أفضل صديق للمعدة ) . وجاءت الأبحاث الحديثة لتؤكد حسن تأثير العسل على سير الهضم.

ويرى نوسباومر[18]أنّ العسل خير علاج لإراحة المريض بعد العمليات الجراحية على الأمعاء , كما أنه علاج جيد لمكافحة الإمساك. وينسب ذلك لتأثير سكر الفواكه الجيد على الحركات الحوية للأمعاء ولوجود الزيوت العطرية فيه والتي يفقدها العسل إذا ما سخن ويفقد بذلك تأثيره المضاد للقبض . ويرجع ( ماير ) تأثير العسل على الحركات الحيوية المعوية لوجود المواد العطرية الطيارة . أما ( بيريز ) فيضيف بأن الحموض العضوية وخاصة حمض النمل تؤثر على جراثيم الأمعاء وتكافح التخمر.

وحسب رأي نوفي[19]فإن للخمائر الموجودة في العسل أثراً لا ينكر على سير وانتظام عمليات الهضم . وخاصة الدياستاز وخميرة النشاء التي لا تتخرب في الوسط الحامضي . كما أن لغرويات العسل دوراً وقائياً هاماً .

ويعالج ( لوديانسكي )[20]المصابين بإمساك التشنجي بإعطاء 30غ عسل ( مرتين يومياً ) ولمدة 3 شهور . فلاحظ نقص المقوية العضلية وزوال التشنج عند معظم المعالجين , ويعزو

تأثيره للجهاز الخمائري فيه وخاصة الكولين – استراز .

ويشير معظم المؤلفين بأن العسل ينقص الحموضة الزائدة للعصارة المعدية . وقد أورد غريغوريف مشاهدة لمريض مصاب بالتهاب في المعدة وفرط حموضة فيها مترافق بآلام نوبية , لم يتحسن بأي علاج وكان شفاؤه بعسل النحل وحده . وتشير الأبحاث السريرية [21]أنه في نفس الوقت الذي يؤدي فيه العسل إلى نقص الحموضة عند ذوي الحموضة المرتفعة , فإن تناوله من قبل المصابين بانعدام هذه الحموضة أو نقصها , فإن العسل يستدعي عندهم زيادة في الحموضة العامة للعصارة ومن هنا نفهم الدور الحقيقي للعسل كعامل منظم للحموضة المعدية .

ويؤكد رايشار[22]الدور الناظم للعسل للحموضة المعدية , وأن القرح المعدية يلائمها العسل بفعل الحموض الأمينية الفعالة الموجودة فيه . ويرجع ( لاريزا ) تأثيرات العسل هنا لوجود هرمون جرابي أو مادة استروجينية فيه .

وفي معهد اركوتسك[23]الطبي عالجت البروفسورة م.خوتكينا بالعسل ( 600 ) مريض مصابين بقرحة هضمية ( معدية أو عفجية ) مع مجموعة مقارنة لم تعط العسل بل عولجت بالمعالجات العادية . كان لشفاء السريري عند مجموعة المقارنة 61% وبقي 18% من المرضى مع آلامهم . أما بالمعالجة العسلية فقد بلغ الشفاء السريري 84% وبقي 5.9% من المرضى دون أن يزول عندهم الألم نهائياً . وقد أثبتت الفحوص الشعاعية أنّ نسبة التئام القرحة شعاعياً لم تتجاوز بالمعالجات العادية 29% في حين رفعت المعالجة بالعسل نسبة الشفاء الشعاعي إلى 59.2% من المرضى المعالجين به , كما أن هذه المعالجات قصرت سير وأمد العلاج . كما لاحظت خوتيكنا خواص العسل المقوّية , وزيادة وزن المرضى المعالجين به وارتفاع الخضاب الدموي عندهم , واعتدلت الحموضة المعوية وتناقصت شدة التهيج في جهازهم العصبي وأصبحوا أكثر هدوءاً ورغبة في العمل .

وفي مستشفى أوسترو أومنوفا[24]( موسكو ) تبين للباحثين موللر Mullerوأرخيبوفا أن العسل يضبط إفراز عصارة المعدة ويعدّل حموضها ويكافح حسّ اللذع والفواع ويقضي على الألم القرحي . فالعسل في الداء القرحي له تأثير مضاعف . فهو يؤثر موضعياً بتماسه مع الغشاء المخاطي المتقرح إلى التئامه , وله تأثير عام بفعله المقوي للبدن وتهدئته للجهاز العصبي .

وينصح المقرحون بتناول العسل قبل الطعام بساعة ونصف إلى ساعتين أو بعد ب 3 ساعات . والأفضل تناوله قبل الفطور والغداء بساعتين والعشاء بثلاث ساعات ويفضل محاليل العسل الدافئة بعد الحليب أو الماء فهي تؤمن تخلخل المفرزات المخاطية إلى سرعة الامتصاص دون تخريش للأمعاء إلى نقص الحموضة المعدية . أما المقدار العلاجي من العسل     100 – 150غ يومياً ) تقسم إلى ثلاث وجبات . أما المصابون بنقص أو انعدام الحموضة المعدية فينصحون بتناول محاليل العسل الباردة قبل الطعام مباشرة فهي تزيد الحموضة .

وهكذا نرى أن العسل علاج رائع للمصابين بالقرحة الهضمية , المعدية والعفجية , وله تأثير ممتاز على كافة عسرات الهضم وخاصة ذات المنشأ العصبي , مليّن من الامساكات , معدل للحموضة , وعلاج جيد في الإنتانات المعوية والإسهالات عند الأطفال .

وفي دراسة تجريبية على الفئران قام بها الدكاترة أبو الطيب محمد علي وزملاؤه أثبتوا[25]فيها أن العسل إذا ما أعطى مع العلاجات المقرحة ( كأدوية الروماتيزم والأندوميتاسين مثلاً ) أو قبل تناولها ، فإنه يحمي من التقرح المحدث بالأندوميتاسين ويمنع حدوثه . وهذا يعني أن العسل قد يكون معادلاً لتصنيع البروستاغلاندين المانع لتخريش الأندوميتاسين . وهذا يؤكد وجود عامل مضاد للتقرح ضمن مكونات العسل . هذا العامل قد يكون بسبب تغيير نسبة الحموضة والقلوية في المحتوى المعدي :

 إما يمنع الإفراز الحامضي أو بتثبيط آلية إفراز الفحمات الثنائية في المعدة .

ولمعرفة تأثير العسل على وظائف الأمعاء قام إيوريش[26]وبيشيف بدراسة على الكلاب والأرانب وتبين له أنه كلما ازدادت كمية العسل وارتفع تركيزه كلما ازدادت العصارة المعوية ، أما إذا ازداد تركيزه إلى حدود عالية فإن العصارة تبدأ بالتناقص والعسل يؤهب لإفراز عصارة معوية أكثر قلوية ، كما أنه ينظم إفراز الأمعاء وحركتها ، وأفضل تركيز له هو محاليله بنسبة 12.5% .

وفي عام 1982 نشر الدكتور سالم نجم[27] وزملاؤه دراستهم عن 53 مريضاً مصابين بإسهال مزمن لشهور أو سنين ، ترافقت آفتهم بعسر هضم وآلام بطنية ، وقد استبعدت الفحوص المجراة أية آفة طفيلية أو جرثومية أو ورمية . أعطي المرض منهم 3 ملاعق كبيرة من العسل يومياً .وكانت النتائج جيدة ، فقد اختفى الإسهال أو خفت حدته تماماً عند 83% من المرضى وتلاشت الأعراض البطنية الأخرى حيث كانت سعادتهم كبيرة بعد أن أصبحوا في غنىً عن الأدوية المختلفة وما تكلفهم من مبالغ باهظة ، وقد نكس الإسهالعند 28% من هؤلاء بعد إيقاف العسل فأعيدت المعالجة لمدة أسبوع وكانت الاستجابة هذه المرة طيبة . هذه الدراسة تذكرنا طبعاً بالإعجاز النبوي في قول النبي صلى الله عليه وسلم : "صدق الله وكذب بطن أخيك" .

 

        العسل والكبد

كثيراً ما يوصف العسل بالطب الشعبي لمعالجة آفات الكبد المختلفة . فغناه بالسكاكر وخصوصاً الأحادية منها تزيد احتياطي الكبد من الغلوكوجين . و الغلوكوجين يرفع طاقة الكبد وقدرتها على تعديل السموم والذيفانات الجرثومية . ويؤكد ماسنيكوف ولوغينوف أنه بدئ[28]في السنوات الأخيرة باستعمال العسل لغايات علاجية بحتة في أمراض الكبد والطرق الصفراوية . أما فان فالترستامبوليو فقد أكد[29]ضرورة إدخال العسل في جداول الحمية الخاصة بالمصابين بالتهاب الكبد وأمراضه المختلفة . فالعسل بما فيه من أملاح معدنية وحموض عضوية وخمائر وغيرها ، يلعب دوراً رئيسياً في تنشيط وظائف الكبد ، وأنه يمكن اعتباره أكثر العلاجات فعالية في معالجة أمراض الكبد وخاصة بعد مزجه بقليل من غبار الطلع والغذاء الملكي .

أما العالم شيرم[30] فقد استخدم محاليل العسل بنجاح لمعالجة المصابين بالتهاب الكبد الانتاني والتهاب المرارة فقد تحسنت الحالة العامة بسرعة وتراجع اليرقان وزال الاحتقان بالكبد عندهم . ويؤكد العالم كوخ[31] حسن تأثير العسل ، وحقن محاليله المصفاة في الوريد ، على وظائف الكبد وتنشيط استقلاب السكاكر فيه . ويرجع كوخ ذلك لوجود عامل نوعي في العسل أسماه ( العامل الغليكوتيلي ) والذي يحسن  وظائف القلب والكبد والدورة الدموية .

وقد قام الدكتور عادل قنديل وأسماء منير[32] بدراسة على حيوانات التجربة لمعرفة تأثير العسل على التسمم الكبدي المحدث عند الفئران ، بعد إعطائها الغول الإيتيلي ورابع كلوريد الكربون ، والتي تؤدي إلى اختلال كبير في وظائف الكبد وحيث قسمت الفئران إلى3 مجموعات : المجموعة الأولى تركت دون علاج ، وأعطيت المجموعة الثانية العسل عن طريق الفم ، وعولجت المجموعة الثالثة : قسم منها بالهيبارين والآخر بالماء المقطر . وقد أظهرت نتائج التجربة ، أن جميع الحيوانات ماتت خلال أسبوعين فيما عدا المجموعة الثانية والتي عولجت بالعسل ، إذ بقي على قيد الحياة 90% من أفرادها ، مع عودة وظائف الكبد عندها إلى حالتها السوية . وكذلك فإن المجموعة المعالجة بالهيبارين بقي 60% من أفرادها حية ، مما تتضح الفائدة الكبرى للعسل في معالجة التسمم الكبدي . ويعلل تأثير العسل بتحسينه حالة هبوط الدم ، وإلى زيادة المخزون الكبدي من الغلوكوجين ، وإلى تنشيطه الخلايا الكبدية والتغلب على الترسب الدهني فيها .

 

        العسل والأمراض الحساسية

أكدت الأبحاث الحديثة أن للعسل دوراً هاماً في تدريب العضوية على الإزالة التدريجية للتحسس . ويرى الدكتور لوري كروفت[33]أن استعمال العسل في معالجة ما يسمى بحمى القش Hay Fever  أو التهاب الأنف والطرق التنفسية العليا التحسسية ، له ماض طويل يتسم بالنجاح .وخلافاً للأدوية الأخرى ، فالعسل علاج غير ضار ، وهو خال منأي من الأعراض الجانبية الأخرى . ومن النعلوم أن سبب حمى القش ، تفاعل تحسسي أرجي لغبار لطلع . وعلى الرغم منأن العسل يحضره النحل من رحيق الأزهار وغبار الطلع ،إلا أن عمليات التصنيع التي تقوم بها النحلة ــ وسبحان من ألهمها ذلك ــ تجعله شفاء لمن كان لديه تحسس من هذا الغبار .

وقد أكدت التجارب السريرية التي قام بها كروفت أن تناول العسل الصافي ، وخاصة الغني بغبار الطلع يمنع حدوث نوبات   " حمى القش " والزكام التحسسي ، وقد يكسبهم مناعة حينما يتعرضون لحبوب الطلع مرة أخرى . ويرى ــ أن مضادات الأجسام ــ التي تنتج عند المرضى الذين تناولوا العسل ، تقي عند غبار الطلع المسبب .

وأثبت ل.كروفت بتجاربه ، أن حبيبات الطلع حينما تدخل مع العسل إلى الأمعاء ، تمتص هناك وتصل إلى الدم الجائل . ومن ثم فإن مولدات الضد فيها ( المواد المحسسة ) تبدأ بالانتشار خارج المحفظة المحيطة بحبة الطلع ، وتحرض ــ من ثم ــ على تشكل الأضداد الخاصة بها ، والتي تقي الجسم من حدوث نوبة جديدة لحمى القش أو الزكام التحسسي حين يتعرض المريض لحبيبات الطلع نفسها في الربيع المقبل .

ويرى كروفت أن هذه الآلية التي يؤثر بها العسل في الأمراض التحسسية ليست الآلية الوحيدة الفاعلة فيه ، فعسل اللفت مثلاً يحتوي على مادة ستيروئيدية هي البراسينوليد ــ شبيهة بالكورتيزون ــ كما أن فلافينويدات الطلع والموجودة ضمن مكونات العسل تحتوي على مواد شبيهة بتركيب الكروموغليكيت cromoglycate  العقار الذي يعالج المصابين بالربو ولوقايتهم من حدوث نوباته المزعجة .

ويقول كروفت :‌" إن العسل لا يفيد مطلقاً في معالجة نوبة ربو حادة ، لكن تناوله بكميات صغيرة يومياً ولفترة طويلة تمتد بضعة شهور ، يمكن أن يقي المريض من حدوث تلك النوبات الشديدة .

وينقل كروفت رأياً يفترضه عدد من الباحثين ، مهم أن فعل العسل النافع في الربو إنما يعود لاحتوائه على كميات ضئيلة جداً من سم النحل يتضمنها العسل . وحسب هذا الرأي ، فإن العاملات من النحل ، وعندما تختم النخروب الشمعي بعد أن تملأه بالعسل ، تحقن تحت غطائه الشمعي كمية قليلة جداً من سمها ، تساهم في حفظ العسل . والسم يحتوي على مواد مضادة للالتهاب ، تتفاعل هذه المواد مع حبيبات الطلع بطريقة تمكنها من العبور عبر غشاء الأمعاء المخاطي والوصول إلى الدم حيث تمارس فعلها .

ويرى كرفت , أن العسل كي يكون فعالاً في معالجة الربو وحمى القش والزكام التحسسي وغيرها من الأمراض التحسسية , يجب أن يكون صافياً خالياً من الغش ، وأن يكون غنياً بحبيبات الطلع , أي ( غير مصفى = Non filtered) وأن لا يكون قد تعرض للتسخين أثناء الفرز ( أو أي تعرض كان لأقل ما يمكن من الحرارة ) وأن يتناول كميات ضئيلة ولفترة طويلة من الزمن .

      شفاء النزلات الشعبية بالعسل[34]

يمكن للمصاب بنزلة شعبية من كريب ورشح وانفلونزا أن يعتمد كلياً على العسل . ويصف كل من أوريش وأولدفيلد وكوستو غلوبوف , ملعقة كبيرة من العسل لكأس حليب أو شاي ساخن أو مع عصير الليمون أو شراب الخردل . ونظراً لكون العسل مادة معرقة فيستحين للمريض البقاء في فراشه.

ويعتبر شوفان العسل كمخفض للحرارة بسبب ما يحتويه من حموض عضوية . ويفضل لهذه الغاية محاليل العسل الدافئة . أما ستولت[35] فيعالج التهاب اللوزتين بطليها بالعسل مرتين في اليوم , وإن مدة أسبوعين كافية لزوال الجراثيم من مكان الإصابة . أما الطبيبين[36] ي .يوفا Yofa  ويا. غولد Gold  فيعالجان التهاب اللوزتين المزمن بالعسل ( 50غ  +  1/2 مليون وحدة بنسلين , تحفظ في مكان جاف ومظلم ) حيث تدهن اللوزتان 3 مرات يومياً , مع إجراء غرغرة بماء فاتر قبل الدهن , مع إعطاء المصاب العسل داخلاً ( 20 – 30 يومياً ) .

      معالجة آفات الأنف والأذن والحنجرة بالعسل

يعود استعمال المستنشقات (التبخرات Inhalation) العسلية إلى عصور غابرة[37] ، حيث تعطي نتائج ممتازة في معالجة آفات الطرق التنفسية العليا.

وقد عالج كيزل شتاين Kizelstienبالتبخرات العسلية مصابين بآفات ضمورية في الطرق التنفسية العليا حيث استعمل محاليل العسل المائية (10%) ضمن أجهزة الإنشاق العادية، حيث يصل تأثير الرذاذ العسلي إلى الحويصلات الرئوية متجاوزاً أغشية الأنف والبلعوم ومنها إلى الدم، حيث يبدي فعلاً مقوياً عاماً على تأثيره الموضعي المضاد للإنتان.

أمام. بوركشيان و ي. بايان [38] فيطبقان محاليل العسل (20-30%) إرذاذاً لمعالجة التهاب الأنف والبلعوم الضموري والتهاب الأنف النتن Ozeena(5-7 جلسات) حيث يصبح الغشاء المخاطي رطباً وتزول القشور.

كما عالجا بنجاح التهاب الجيوب المزمن والتهاب الأذن الوسطي القيحي بغسلها بمحاليل عسلية.

أما دوروشنكو[39] فقد عالج التهاب الأنف الحاد والمزمن بدكه بفتائل من القطن مغموسة بمحلول عسلي (40%) أو تطبيق قطرة لمحلوله الطازج 20% مع البتروكائين 2% والديمدورل 1% كما عالج التهاب الجيوب الحاد والمزمن بإرذاذ محلول العسل 30% أو تطبيقه بالتشريد الكهربي. كما طبق مرهماً مكوناً من (العسل 7.5 غراء النحل 7.5بنزوكائين 2فازلين 10 لانولين25)، وحصل على الشفاء بنسبة عالية. وعالج المصابين بالتهاب بلعوم حاد أو مزمن بالمستنشقات العسلية مع دهن الآفة بالعسل وإعطائه داخلاً عن طريق الفم. وبنفس الطريقة عالج التهاب الحنجرة الحاد والمزمن، إلا أنه أضاف في الحالات الشديدة معلق الهدروكورتيزون والشيموتربسين إلى محلول الارذاذ.

أما الدكتور جيرهارد ريدل[40] فقد عالج التهاب الأنف الضموري الجاف، والتهاب الأنف النتن والتهاب البلعوم الجاف بالحقن الموضعي لمستحضر بروكوبين العسلي[41] ، حيث يحقن (1سم) من المستحضر المذكور في كل من الطرف الأنسي للجذع البلعومي الجانبي،وتحت الغشاء المخاطي مباشرة. حيث لاحظ تحسن التروية الدموية بعد الحقنة الأولى، ولاحظ غشاء مخاطياً طبيعياً بعد الحقنة الثانية. ولم يحتج الحقنة الثالثة سوى عدد قليل من المعالجين. أما في التهابات الأنف فقد أجرى الحقن في مكانين تحت الطبقة المخاطية المبطنة لوتيرة الأنف، واحتاج الأمر إلى 3-4 حقن فقط. أما في التهاب الأنف النتن فلم يحصل شفاء كامل لكن التحسن كان واضحاً.

وينصح أوخوتسكي[42] المصابين بالتهاب الأنف النتن بإجراء غسولات أو غرغرة بمحلول عسلي ساخن (ملعقة كبيرة لكأس ماء). وينصح تونزلي[43] المصابين بالتهاب الجيوب الحاد بمضغ ما يملأ الفم من قرص عسلي بشمعه لمدة ربع ساعة، تكرر 4-6 مرات يومياً. حيث وجد تراجع الهجمة الحادة خلال يوم أو يومين حيث تزول الآلام ويبدأ المجرى الأنفي بالانفتاح تدريجياً، وتحتاج المعالجة لمدة أسبوع.

ويعالج أ. شانتورف[44] التهاب الجيوب الفكية المزمن بحقن محلول العسل داخل الجيب مرة كل 2-3 أيام، وذلك بعد نزوله وغسله بمصل فيزيزلوجي، أو بإدخال محاليله (10-20%)  بطريقة التشرد الكهربي عن طريق الشغاء المخاطي لباطن الأنف، يكرر التشريد يومياً ولمدة 20 دقيقة وبواقع 10 جلسات وقد حصل الشفاء بنسبة 76% من المعالجين، وكانت النتائج بعيدة طيبة للغاية. ويرى بأن للعسل تأثيراً معقداً تشترك فيه كل مكونات العسل من صادات للجراثيم وهرمونات وفيتامينات وعناصر مجهرية وغيرها. وينصح بإدخال المعالجة العسلية لالتهاب الجيوب المزمن في الممارسة اليومية على اعتبارها طريقة ناجحة وغير معقدة.

معالجة أمراض الفم بالعسل

منذ القديم، أشار كلافدي غالن إلى فائدة العسل في معالجة تقرحات الأغشية المخاطية ومنها الفم. وأورد أوسان[45] Osann  في موسوعته (1838) استعمال العسل لمعالجة التهاب وتقرحات الفم. وفي قاموس Stedmanالطبي (1961) وصفة لمعالجة التهاب الفم والقلاع تتكون من (العسل -8، بوراكس -1، غليسيرين -0.5). وينصح قاموس Dorlandبمعالجة القلاع بمسه بالعسل. أما الطبيب الهندي سينغ[46] فيؤكد أن دعك الأسنان بمزيج العسل مع مسحوق الفحم الطبي يجعلها بيضاء كالثلج.

وأكد ل. فيدجس[47]نجاح العسل في معالجة المصابين بالقرحات الفموية القلاعية بدهنه موضعياً لمكان الآفة 3-4 مرات يومياً ولمدة خمس دقائق.

وتوصي المؤسسة العالمية للنحالة [48] Apimondiaبمعالجة السرطان البدئي (قبل الجراحي) بمزيج من العسل وغبار الطلع (خبز النحل) مع شمع العسل.

كما تؤكد أن العسل يزيل من الفم والبلعوم الآثار السمية للمعالجة الشعاعية.

ويوصي د. ظافر العطار باستعمال العسل كمادة مطهرة فعالة في مداواة الأقنية السنية التي تحتاج إلى قاتل فعال، وفي نفس الوقت غير مؤذ لفوهة القناة السنية، وهي شروط لا تنطبق إلى على العسل.


*عن مقالة للمؤلف بهذا العنوان نشرتها مجلة العلوم البيروتية 1973

[1]عن كتاب (العناية التجميلية بالجلد) موسكو

[2]عن كتابهما (الجمال للجميع ) بالروسية

[3]عن كتابه (النحلات صيدلانيات مجنحة )

[4]عن كتابه (Honey for Health)

[5]عن كتابها " Eat Honey and live longer"

[6]عن كتابه (نحل عبر النحل)

[7]عن مقالته (استعمال العسل في أمراض العين) ـ مجلة المنتجات النحلية العدد (2) لعام 1950.

[8]عن مجلة Vest.Ophthalmd (موسكو) .

[9]بعد مراسلتنا لمشفى أوديسا وردتنا الرسالة من الدكتور روزنشتين بخط يده في تشرين الثاني 1969

[10]مقالة ماكوخينا في مجلة أمراض العين (أوديسا) نشرنا تعريبها في المجلة الطبية العربية

[11]مقالة مالانوفا نشرنا تعريبها في مجلة العلوم اللبنانية 1972

[12]مقالة بيلتوكوفا نشرنا تعريبها في المجلة الطبية العربية أيلول 1971

[13]مقالة (العسل في حروق العين ) عن كتاب (الحروق ومعالجتها ) موسكو1968

[14]المقالة عربها د. قصاص و د. الدقر ونشرتها مجلة الثقافة العربية (ليبيا) والثقافة الأسبوعية دمشق.

[15]عن كتابه (عسل النحل شفاء نزل به الوحي)

[16]عن كتاب (مجموعة أعمال أومسك) لعام 1976

[17]عن مقالة للمؤلف بهذا العنوان نشرتها مجلة جيش الشعب ومجلة حضارة الإسلام

[18]عن شوفان (  Produits pharm)

[19]عن شوفان (  Produits pharm)

[20]عن مجلة " النحالة " 12ـ 1976

[21]عن إيوريش (مفكرة النحال)

[22]عن شوفان (  Produits pharm)

[23]عن كتاب (النحلات صيدلانيات مجنحة ) لإيوريش

[24]عن (النحلات والطب) لإيوريش

[25]قام بالدراسة أستاذ قسم الصيدلة في جامعة الملك سعود في الرياض، ونشرته المجلة الطبية السعودية، تموز 1990.

[26]عن كتابه (منتجات النحالة واستعمالاتها) .

[27]عن مواد المؤتمر العالمي الثاني للطب الإسلامي ـ الكويت.

[28]عن مقالتهما (حافظ على كبدك) مجلة الصحة ـ موسكو

[29]عن إيوريش (النحلات والطب) .
[30]عن (
Chuvin)

[31]عن مقالة ليمب في مجلة Der Chirurg

[32]عن المؤتمر العالمي الرابع للطب الإسلامي ـ الكويت

[33]Groft L." Honey and Health " , Thorsons Pub .G 1987

[34]عن مقالة (العسل يشفيك من الرشح) للدكتور خيمي وعطار .

[35]عن ريمي شوفان (  Produits pharm)

[36]عن مجلة أمراض الأنف والأذن والحنجرة ـ موسكو 1965

 [37]  عن كتاب (Bees and People).

 [38]  عن كتاب (مباحث في الطب النظري والعلمي) روستوف 1969

 [48]  عن مجلة Medizin Klinik. وترجم مقالته د. عبد الرؤوف الريس.

[49]  مستحضر Prokopinمن إنتاج شركة I.C.N.Woelmالألمانية ويتتكون من محلول عسلي مصفى من غروياته 20% مع البروكائين 2%.

[50]  عن مجلة النحلة (7) 1977[6]  عن كتابه "Honey for Health"

 [51]  عن مواد (المؤتمر الطبي الموسع لجمهورية روسيا) موسكو 1965.

 [52]  عن مقالة محمد البيروتي في مجلة حضارة الإسلام.

 [53]  عن رسالة د. عبد المجيد منصور الجامعية (العسل غذاء ودواء)

.[54]  عن كتاب (أبحاث في الوقاية والمعالجة المبكرة لأمراض الفم) عربها د. فاروق هواش.

[55] عن مقالة د. العطار (العسل كعلاج في طب الأسنان).

 

 

أمراض الجهاز التنفسي والعسل
 

 بقلم الدكتور محمد نزار الدقر

يرى (أبو قراط) أن الشراب المحضر من العسل يمتص الرطوبة ويهدئ السعال. وكان ابن سينا يصف مزيج العسل والجوز لمعالجة السعال المزمن وشراب الورد مع العسل للسل الرئوي.

وفي دراسة قام بها إيوريش[1]مع أدوينتسف لمجموعة من مرضى السل الرئوي أعطي كل منهم 100-150غ من العسل يومياً، فوجد، بالمقارنة مع مجموعة أخرى لم تتناول العسل، زيادة في الوزن والخضاب وتناقص في السعال وسرعة التثفل. ويؤكد ملادينوف النتائج المشجعة لمعالجة التهاب 

الحنجرة والقصبات بالعسل. ويؤكد كل من فيهيه[2] Fieheوزايس وفيليبس أثر العسل الممتاز على السعال الديكي والالتهابات الحنجرية البلعومية.

ويرى فرانكه أن وجود الزيوت الطيارة أو التربينات في العسل يعتبر عاملاً منبهاً للقصبات علاوة على أثر العسل المضاد للجراثيم.

ولمعالجة آفات الرئتين بطبق محلول العسل على شكل إرذاذ أو مستنشقات كيزل شتاين حيث يؤدي تماس الرذاذ إلى تميع المفرزات القصبية وتحسين الوظيفة الرئوية. وقد عالجت بتروسوف[3] برذاذ العسل 5سم3 محلول عسلي 10-20% + محلول كلور الكلس 10% بمقدار 2سم + محلول ديمدرول 1% -0.2سم أطفالاً مصابين بذات رئة مزمنة وكانت النتائج جيدة.

الاستشفاء بالعسل في أمراض الدم

تجمع الأبحاث الطبية على اعتبار العسل من أهم العقاقير فعالية لمعالجة الأشكال المختلفة من فقر الدم. فالأطباء الذين عالجوا مرضاهم بالعسل، لاحظوا أثره الممتاز على زيادة الكريات الحمر وارتفاع الخضاب في دمائهم. ففي أحد المصحات السويسرية[4]ألزم Fraun Feldyالأطفال على تناول العسل بمقادر 1-2 ملعقة شاي يومياً فلاحظ زيادة الخضاب في الدم بعد أسبوع من بدء المعالجة كما لاحظ زيادة في وزن الأطفال وقوتهم العضلية. وأعطت تجارب العلماء الأمريكيين Vigneeو Juliaنفس النتائج.

وحصل بيريز على نتائج ممتازة عند تحلية المصاصات بالعسل عوضاً عن السكر في تغذية الطفل الخديج. وجرب بالمر[5] معالجة فقر الدم المحدث عند الفئران بالعسل وحصل على نتائج ممتازة ويرى أن العسل الغامق كان ذو تأثير أكبر. ويؤكد زايس بأن الأعسال الغامقة تحتوي على نسبة أكبر من الحديد والمنغيز والنحاس نسبة للأعسال الفاتحة أو الشقراء. ويرجع إيوريش أهمية العسل لمعالجة فقر الدم لإحتوائه على نسبة عالية من حمض الفوليك الذي يلعب دوراً كبيراً في التصنيع البروتيني وتكوين الدم.

وقد لاحظ العلماء أن درجة التخثر الدموي عند الفئران المعالجة بالعسل تكون عالية[6] 

 كما أثبت كل من ورانر Warnerوفلاين أن العسل يحتوي على مواد لها خاصية مضادة للنزف. وأكد فيغينو وزملاؤه أن العسل عند مزجه بالأغذية الخالية من الفيتامين ك قد رفع زمن طليعة البروتروبين بشكل واضح، وهذا يؤكد التذاكير الفعال للعسل كمادة معوضة عن الفيتامين ك.

العسل في أمراض القلب

إن عضلة القلب التي تعمل باستمرار طيلة الحياة وتفقد أثناء عملها طاقة كبيرة، تتطلب لتعويضها كمية كبيرة من السكاكر. ويلعب سكر العنب دوراً كبيراً في تغذية عضلة القلب. فقد تبين أن عزل قلب حيوان في محلول سكر العنب 1% يمكن أن يتابع عمله، وخارج جسم الحيوان فترة طويلة من الزمن.

ومعلوم أن السكر العادي الذي نتناوله هو سكر ةالقصب وهو سكر مركب يحتاج البدن إلى جهد ووقت وعمليات معقدة لتحويله إلى سكر العنب. والعسل في قسمه الأكبر هو سكاكر أحادية لا تحتاج إلى هضم، تمتص بسرعة لتصل إلى الدم ولتقدم للكبد وللعضلات والقلب حاجتها من الطاقة، ومن هنا تتضح أهمية العسل لعمل عضلة القلب وفي سرعة شفائه من أمراضه المختلفة[7] 

ويؤكد تيو بالد [8] Theobaldأن العسل يقدم في آفات القلب خدمة ثمينة لعضلة القلب الواهنة. فوظيفة القلب تتحسن بصورة أكيدة عند تناول العسل.

وعندما يتوقف الشفاء على زيادة مردود القلب فعلينا مشاركة العسل بالديجيتال ، حتى لا نحث عضلة القلب على الفعل فحسب بل ونقدم الغذاء اللازم لذلك.

ويؤكد غولمب[9] أن العسل يوسع الأوعية الاكليلية ويزيد من تروية العضلة القلبية . وإن أعطاءه لفترة طويلة للمصابين بآفات قلبية شديدة، وبمقدار 50-140غ/يومياً، يحسن الحالة العامة للمريض ويؤدي إلى اعتدال النبض وانتظام عمل القلب.

ويقبل العالم كوخ [10] Kochبوجود عامل نوعي خاص في العسل دعاه بالعامل الغليكوتيلي، يقوم بتأمين استخدام أفضل السكاكر من قبل عض1لة القلب، يؤدي بها إلى تحسن الدوران الاكليلي وتعدل الضغط الدموي، كما أن له فعلاً منظماً لخوارج الانقباض غير المنتظمة.

ويرى لوت [11] Luthأن تأثيرات هذا العامل الضابطة لخوارج الانقباض فعالة جداً في معالجة تسرع القلب الاشتدادي.

ويرى شيرم Schirmمشاركة العسل مع الستروفانتين والفيتامين ج كمقو للقلب.

 أما عن طريق الفم فيشاركنة تأثيرات العسل مع الديجيتالين والعنصل.

ويؤكد إريخ بوهم [12] E. Bohmأن مشاركة العسل مع الستروفانتين أمر ضروري عند معالجة المصابين بالآفات القلبية، إذ أن للستروفانتين إذا استخدم وحدة تأثيرات سمية فهو يؤدي إلى اضطرابات النظم القلبي العميقة.

والعسل إذا مزج مع الستروفانتين يدعم تأثيره الدوائي للقلب وتجنب الجسم شر تأثيراته الجانبية، كما تجعل بالإمكان استخدام جرعات أكبر منه.

ويشارك ميتز Metzالستروفانتين مع المحلول العسلي الوريدي لمعالجة التهاب العضلة القلبية التسممية، كما يعالج بنجاح هجمات الربو القلبي بحقن محلول العسل في الوريد.

ويلخص شيمرت الحالات القلبية التي ينجح العسل في معالجتها بما يلي:

1ـ جميع حالات القصور التاجي الخفيفة، ويشاركه مع الديجيتال أو الستروفانتين في الحالات الشديدة.

2ـ التهاب عضلة القلب مع تغير النظم أو التالي للدفتريا، كما يعطى كعلاج مساعد عند إعطاء الهتروزيدات المقوية للقلب.

3ـ عقب العمليات الجراحية كمنعش قلبي.

أما لوراند فينصح المصابين بآفة قلبية مزمنة مترافقة بأرق شديد بشرب كأس ماء فاتر محلى بالعسل قبل النوم. ويعالج أخوتسكي[13] فرط التوتر الشرياني بمزيج العسل مع التوت البري ملعقة كبيرة بعد كل طعام. أما في الذبحة الصدرية فيعطي مقدار ملعقة كبيرة قبل الطعام بـ 10 دقائق من المزيج التالي عسل 300غ، عصير الصبر 100غ، مسحوق الجزر 500غ + عير ليمونتين.

أما ملادينوف فيصف للمصابين بفرط التوتر الشرياني مقدار ملعقة شاي من المزيج التالي: مقدار عسل + مقدار عصير فجل + عصير ليمونة واحدة.

 

العسل وأمراض الكليتين:

دلت الأبحاث الحديثة أن للعسل قيمة دوائية كبيرة في أمراض الكليتين، واقتراحه الكثيرون في جدول الحمية للمكلوبين، يعود ذلك لانخفاض ثروته من البروتينات والأملاح المعدنية التي تضر بأمثالهم. ويعطي العسل نتائج حسنة عند مشاركته مع بعض الأدوية النباتية كالورد الجبلي سويت برير وعصير الفجل. كما يشاركه البعض بنسب متساوية مع زيت الزيتون وعصير الليمون مقدار ملعقة كبيرة من المزيج 3 مرات/اليوم لطرح الرمال الكلوية[14] .

وتؤثر آفات الكليتين على وظائف الجسم كله إذ يضطرب فيها استقلاب الماء والملح، والعسل يكون بالنسبة للعضوية وسطاً مفرط التوتر، فهو ينظم انتقال الشوارد عبر الأغشية الحيوية ويساعد على ضبط التوازن الحلولي بين الدم والأنسجة وله بذلك فعل مدر للبول في حالات قصور القلب والكلوة وانحباس السوائل في البدن,. ويفيد حقنه كما يرى زايس للمصابين بوذمات في الطرفين السفليين المرافقة لأزمة قلبية أو كلوية.

 

العسل في أمراض الجهاز العصبي

اعتبر الرومان واليونان القدامى العسل كمادة مهدئة ووصفة ابن سينا بكميات قليلة في حالات الأرق بينما اعتبره بكمياته الكبيرة منشطاً ومنبهاً للجملة العصبية. وفي الطب الحديث، تعطى المحاليل السكرية المفرطة التوتر نتائج ممتازة في العديد من الآفات العصبية، وما العسل إلا محلول سكري مفرط التوتر!.. وقد بين بوغوليبوف وكسيليف[15]  التأثير الرائع للعسل على مريضين مثابين بداء الرقص Chorea، حيث عادا لنومهما الطبيعي وزال الصداع ونقصت سرعة التهيج وأبدياً نشاطاً ممتازاً.

وفي عام 1976 اشترك لوديانسكي مع بليانين[16]  في تطبيق محاليل العسل 10% بالتشريد الكهربي على كلا القطبين لمعالجة العديد من التناذرات العصبية. ففي الوهن العصبي طبقت أقطاب التشريد على منطقة الرقبة. وفي التهاب العظم والغضروف في المنطقة قرب الفقارية، وعند المصابين بعنانة من منشأ عصبي بوضع قطب على شكل بنطال غلفاني.

وكانت المعالجة فعالة جداً يطبق من 10-15 جلسة وفي بعض التناذرات الألمية التهاب عظم وغضروف، التهاب مفاصل... طبق كمادات مغمسة بمحلول العسل، أو طبق العسل صرفاً وغطي بقماش كتيم في المساء، حيث لوحظ امتصاصه الكامل في الصباح.

وينصح إيوريس[17] المهتاجين والعصبيين بتناول كأس من الماء الساخن محلى بملعقة كبيرة من العسل. أما تساندر فيقول "ليس هناك مادة مهدئة، ومحضرة لنوم طبيعي أفضل من محلول عسلي مائي ساخن" ويؤيد أولدفيل[18] هذا المعنى ويقول "إننا هنا في مستشفى الليدي مرغريت نستعمل العسل بالأطنان كمادة مرممة ومهدئة للجهاز العصبي ومقوية له".

 

معالجة اللمباجو[19] بالعسل

ينسب أ. نوفوسلسكي[20] اللمباجو إلى الرثية واستعمل لمعالجته زرقات من محلول يحوي البروكائين مع العسل والمسمى Myo. Melcan [21] .

يقول نوفروسلسكي: "وكنت لا أستهدف في معالجتي هذه تسكين الألم فحسب، بل إني أعتقد بأن العسل فائدة في إحداث تبدلات هامة في الجسم، وهو في اعتقادي مضاد للحساسية المفرطة للألم". وكان يحقن القعار موضعياً، ثم يتبع ذلك لتدفئة المنطقة بالقوس الكهربائية لاستعجال امتصاص الدواء. وقد أعطت الطرقة نتائج باهرة وسريعة وهي تحتاج إلى 3-6 حقن حتى يتم الشفاء حقنهة كل يومين أو كل يوم حسب شدة الإصابة.

ويؤكد الدكتور أمين رويحة[22] فعالية الميوملكائين في معالجة اللمباجو والتهاب العصب الوركي عرق الأنسر نتيجة اختباراته في معالجة 6 حالات مرضية معندة، حيث زالت الآلام بسرعة وعاد للمرضى قدرتهم على المشي دون أية معاناة.

 

فوائد العسل في الأمراض العقلية

تظهر المعطيات السريرية والمخبرية[23] أن الأنسجة تستعمل العسل بشكل يفوق استعمالها لسكر العنب ولو تساوت الكثافة بينهما. وهذا مهم جداً للمعنيين بالأمراض العقلية الذين يدركون كثرة استخدام محاليل سكر العنب لمعالجة مرضاهم. وتؤكد تجارب كولومباتي أن الاستيقاظ من السبات بواسطة حقن محلول عسلي 40% المنقى من غروياته [24] في الوريد، يكون أسرع من حقن مقدار مساو له من محول سكر العنب. وهكذا فإن التمثل الأفضل للعسل من قبل المراكز العصبية يجعل الاستيقاظ والتنبه من الاستغراق بشكل سريع عند حقن محلول العسل.

وقد أجرى برونو بتوي اختبارات بشأن محول العسل وتأثيره على كافة الأعراض التي يشكو منها المصابون بالأمراض العقلية منها حالات من خناق الصدر Angina Pectorisحيث نجحت مشاركة المعالجة بالكوكابوسيلاسي مع الحقن العسلية الوريدية في تحسين مردود العمل العقلي والرقاد، وفي تراجع الآلام الصدرية. وفي حالة من الصرع البطني Abdominal Epi.Lesyمعندة تماماً، أدت مشاركة حقن العسل مع خلاصات فوق الكلية إلى تحسنها.

وفي تناذر الوهن العصبي Neurostheniaأدى حقن العسل إلى نقص في الوهن وتحسن في لنوم وتحسن في المزاج، كما تحسنت حالات من الهوس النفسي الهمودي الكآبة وحالات فصامية من ازدواج الشخصية Schizophreniaبتلك الحقن.

ويلخص برونوبتزي نتيجة أبحاثه في القول" "إن المصابين بالأمراض العقلية يعانون من أوضاع معقدة للغاية، وإن المعالجة بالصدمات والمنومات وغيرها من المعالجات لا تزيل نهائياً كل الأعراض،وتتطلب في كل مريض على حدة معالجات إضافية تناسبه. ومن المؤكد أن إعطاء سكر العنب مشركاً مع الفيتامينات، قد أدى في عدد كبير من الاضطرابات إلى نتائج جيدة منذ سنين، أما اليوم فإن محلول العسل المحقون وريدياً يشكل تتويجاً إتقاناً لهذه الصيغة الطبية. ونحن نؤكد ملاحظات كولومباتي حول المفعول السريع للحقن العسلية للحصول على اليقظة من السبات وبنتائج هذه المعالجة القيمة"...

شفاء الانسمام الغولي بالعسل

في عام 1953 أشار الدكتور وردورث[25] Wirdworthإلى فعل الفيتامين ب6 في تصحية المخمورين وخاصة في حالات التهيج، لكن مفعوله يزول خلال ساعة. أما بيرج وكاين وغيرهم فقد لاحظوا أثر استخدام سكر الفواكه في تسريع استقلاب الغول Alcohol  بنسبة كبيرة، وهذا مهم، ذلك لأن لتفاعل سكر الفواكه مفعول مصح ومهدئ للمخمور، لمن فعله أبطأ من فعل الفيتامين ب6 بحوالي نصف ساعة، كما أنه يدوم لفترة أطول، ويتبعه رغبة بالنوم تجعل المخمور غير راغب بالمزيد من الشراب.

وهكذا فإن إعطاء سكر الفواكه مع الفيتامين ب6 يدعم كل منهما الآخر بطريقة تبدو أكثر فائدة، وقد طور مارتنسن لارسن[26]  إلى الطريقة السهلة بإعطاء العسل. وما على المريض إلا أن يبتلع ما مقداره 125 غ من العسل يكرر بعد نصف ساعة، علماً بأن 40% من تركيب العسل هو سكر الفواكه.

وأنه ليس للعسل أي محذور، في حين أن إعطاء معادله من سكر الفواكه قد يسبب غيثاناً وأقياء وخفقاناً من العوارض المزعجة.

وأشار برونوبتزي[27] إلى النتائج الرائعة لحقن محاليل العسل 40% لمعالجة حالات الاعتياد الغولي والمورفيني المزمنين. ونوهت مجلة الجمعية الطبية للنساء الأمريكيات[28] أن تأثير العسل على المصابين بالانسمام الغولي الكحولي واضح وأكيد، وهذا تابع لعدة عوامل، منها الهدم السريع للغول بتأثير سكر الفواكه ومجموعة الفيتامينات ب التي تؤكسد الفضلات الغولية وتمنع احتراقها.

 

الاستشفاء بالعسل في الأمراض النسائية

العسل في إقياء الحمل المعندة: إن معظم الحوامل يشتكين في أشهر الحمل الأولى من بعض الإقياء وهي تشكل جزءاً من مجموعة أعراض معتادة عند الحامل الوحام إلا أن هذه الأقياء قد تكون شديدة ومعنجة وتؤثر تأثيراً سيئاً على الحالة العامة للحامل، وهي حالات تستوجب معالجة طبية وعناية فائقة[29]وفي هذه الحالات الشديدة هناك اضطراب في استقلاب السكاكر، وعلى الخصوص في محتوى السكاكر منها، ومن الثابت علمياً أن حقن الحوامل بمصل سكري يحتوي مزيجاً من سكر العنب وسكر الفواكه يعطي نتائج ممتازة في معالجة إقياء الحامل المعندة.

ونزراً لأن العسل هو محلول سكري اساسه هذا السكران، مما شجع الدكتور هيرمن غينسل[30] أن يجرب محلول الملكائين[31]  Melcanالعسلي في معالجة هذا لالمرض يجري الحقن في الوريد والمريضة مضطجعة، وقد حصل الشفاء بنسبة جيدة بعد 2-3 حقن فقط وإذا لم يحصل تحسن بعد 3 حقن فلا فائدة من متابعة العلاج. أما الدكتور منك[32] Min;فقد استخدم لهذه الغاية مستحضر الأمبليتول[33] Implitolالعسلي بحقنه موضعياً في جانبي الرباطين العريضين على جانبي عنق الرحم وحول الرباطين الرحميين العجزيين وفي الغدة الدرقية أيضاً، ولاقى نجاحاً كبيراً. 

 

العسل والإنسمام الحملي:

عالج عبد الفتاح علي[34] عشرين مريضة مصابة بالإنسمام الحملي Eclampsiaيشكين من ارتفاع ضغط ووذمة في الساقين مع زيادة الزلال في البول بإعطاء المريضة 3 ملاعق صغيرة من العسل قبل الفطور بساعة وبعد الغذاء والعشاء. وقد تم شفاء 75% من المعالجات خلال 7-19 يوماً. أما المريضات الخمسة المتبقيات فلم يستجبن للعسل وحده، حيث أضيف إلى العلاج مقدار قليل من غبار الطلع فتم الشفاء خلال أسبوع واحد.

 

الولادة بلا ألم:

 أعلن برونوبتزي[35] على حصوله على ولادة بلا ألم بواسطة الحقن الوريدية العسلية 40%، ويعلل بأن العسل يساعد الألياف الرحمية على قيامها بالتقلصات اللازمة بسهولة.

العسل والتهاب المهبل بالتريكوموناز:

 أول من درس خاصية العسل المضادة للحيوانات الأوالي ومن جملتها التريكوموناز [36] كل من تومينغ ـ رينتام[37] وجورافليوفا 1960 عند 50 امرأة وجد الطفيلي في غسالة مهبلهن. ترافقت الآفة عند 7 منهن بتقرحات في عنق الرحم. طبق العسل دهناً على جدران المهبل وعنق الرحم والفرج لمدة 6 أيام. وفي الحالات الحادة يغسل جوف المهبل قبل الدهن بمحلول الماء الأوكسجيني 3% في اليوم التالي لبدء المعالجة زالت الحكة وحس الحرقة، وبعد يومين تناقصت الضائعات على حد كبير وزال الاحتقان، وانعدم وجود الطفيلي وكل الجراثيم المرافقة بعد اليوم الثالث. وتحقق الشفاء الكامل عند 45 مريضة في اليوم 4-5 من المعالجة. أما المريضات الخمس المتبقيات اللواتي لم تتحسن حالتهن فقد كانت إصابتهن حادة. فطبق لهن غسولات بمغلي البابونج لبضة أيام وأعيدت المعالجة العسلية فكانت النتائج جيدة. ومن هنا يخلص المؤلفان إلى أن المادة المضادة للجراثيم والتي افترض دولد وجودها في العسل تفعل أيضاً كمادة للتريكوموناز، كما لا يمكن أن ننفي هنا الأثر الخمائري للعسل.

معالجة الحكة الفرجية بالعسل:

 ونقصد هنا الحكة الفرجية المضنية والمجهولة السبب والتي تدعى "الحكة الفرجية بالخاصة" وقد تترافق بطلاوة أو تقرن ضموري وتشاهد  عند المسنات. وهي حكة معندة نادراً ما تعنو إلى المعالجة المعروفة من مغاطس مطهرة ساخنة، وحقن النوفوكائين موضعياً وإعطاء هرمونات المبيض كما قد يلجأ البعض إلى الأشعة المجهولة رفم مخاطرها.

وكون الآفة "لغزاً طبياً" محيراً فقد سمح شولتز رونهوف[38] لنفسه بتجربة العسل حيث طبقه بكمية وافرة على منطقة الفرج، وكان يأمر المريضات بلبس سروال داخلي قصير محكم الحواف لتلافي لزوجة العسل المزعجة. لقد توقف حس الحكة خلال أيام من تطبيق العلاج، إلا أنه نصح مرضاه استمرار الدهن مساء فقط لبضعة أسابيع وانتهت بالشفاء ولم يشاهد حدوث نكس.

لقد كانت النتائج ممتازة رغم أن نجاحها لم يكن مطلقاً في كل الحالات إلا أنها أثبتت بدون شك الأثر المهدئ للعسل على الحكات الفرجية. أما سبب تأثيره، هل هو تركيزه السكري العالي؟ أم لوجود الفيتامينات، أو الهرمونات؟

يقول رنهوف: إننا لا نعر، لكني أنصح بتطبيقه على الأساس التجريبي فقط.

 

ضمادات العسل عقب العمليات النسائية

رأينا كيف طبق بولمان[39]العسل بنجاح كضماد يغير يومياً عقب عمليات استئصال الفرج وكيف أن العسل، كما يرى، قد غير من إنذار وسير تلك الجروح. كما أن البروفيسور سكوت روسل 1968 طبق العسل كغيار يومي على جروح البطن  المتقوبئة في مشافي شفيلد وسانت لويس وكانت النتائج باهرة[40] ...

وفي مشافي القديس لويس في لندن قام دينيس كافانا Cavangh D.وجون بيزلي[41] J.Beazleyبتطبيق العسل الصافي على 12 مرضة أصبن بتهتك في جرح العملية عقب استئصال الفرج. وكان العسل يصب مرتين كل يوم على الجرح ثم يغطى بالشاش دون ضغط. لقد أصبحت الجروح عقيمة بعد اليومين 3-6 من بدء المعالجة، ثم ظهر تحبحب نظيف في كل الجروح، مما جعلها لا تحتاج إلى أي نطهر آخر، كما أنها لم تعد بحاجة إلى تطعيم جلدي. استمرت المعالجة من 3-8 أسابيع. ويرى المؤلفان نتيجة البحث أن العسل يفضل كل المراهم المعروفة، للسرعة التي يتم بها ترميم الجروح وسهولة تطبيقه.

 

معالجة التهاب الاحليل والمثانة بحقن العسل:

 لأول مرة عام 1959 كتب كل من خوبلاروف ولوره[42] عن معالجة التهاب الاحليل بالتريكوموناز بحقن محلول العسل المائي 50% ضمن الإحليل ولمدة 3 دقائق يومياُ، 6-10 حقن. وفي عام 1966 نشر شكليار N.Shliarمقالاً عن نجاح معالجته 501مريضاًَ مصابين بالتهاب الاحليل بالتريكوموناز بحقن محلول عسلي 50% ممدد في محلول النوفوكائين 0.5% ضمن الاحليل، يمنع المريض بعدها من التبول لمدة ثلاث ساعات.

تكرر المعالجة يومياً 4-5 أيام ويمكن تحضير المريض قبل حقن العسل بحقن محلول النوفوكائين 1% في الاحليل لمدة 10 دقائق ثم يحقن المحلول العسلي.

في الحالات الحادة يعطى المريض المضادات الحيوية واسعة الطيف لبضعة أيام قبل المعالجة بحقن العسل. أما في الحالات المزمنة فيمكن أن تشرك المعالجة بمعالجة عامة مناعية ومضادات حيوية تناسب الجراثيم المرافقة.

أما الدكتور كابلون[43] M.Kaplun  فقد عالج بنجاح رائع 50 مريضاً مصابين بالتهاب المثانة الحاد بحقن محلول العسل المائي 33% ممددة في محلول النوفاكائين 0.5% فقد خفت الآلام وتراجع البول بعيد الحقنة الأولى وبعد 2-3 حقن لم يتبق عند غالبية المرضى أية شكوى، مدة المعالجة من 3-8 أيام وكانت الشفاء الكامل 94% ومما يجدر ذكره أنه ليس هناك أي مدلول لاختبار تحسس الجراثيم في الزجاج نحو العسل من أجل المعالجة بحقن محاليله.

وتحت إشراف د. فاهم عبد الرحيم[44] تمت معالجة 40 مصاباً بتقرحات مزمنة في المثانة ناجمة عن الإصابة بالبلهارسيا، بإعطاء المريض ملعقة كبيرة من العسل يومياً حيث زالت الحرقة بعد أسبوعين في 44% من المرضى وتراجعت البيلة الدموية واختفت التقرحات بنسبة 56% ونحن نرى أن الفائدة أعظم لو تم حقن المحلول العسلي ضمن المثانة مع إعطاء العسل داخلاً.

 

العسل وأمراض الأوردة

أكد الدكتور ب. أوخوتسكي 1977 نجاح معالجته لدوالي الساقين[45] والتهابات الوريد الخثرية بواسطة الضمادات العسلية، حيث طبق كمادات، وهي عبارة عن قطع من الشاش مغموسة في محلول عسلي 10-20% توضع فوق الإصابة مباشرة وتغطى بقماش كتيم دون قطن لمدة ساعتين أول الأمر، ثم تزداد تدريجياً وحتى 12 ساعة طيلة الليل. مدة المعالجة 15-20 يوماً ونتائجها جيدة. ويمكن في المراكز الصحية المجهزة تطبيق المعالجة السابقة مع التشريد الكهربي لمحلول لمدة 15-20 دقيقة، ثم تبقى الكمادة العسلية إلى صباح اليوم التالي.

أما المعالجة البواسير فإن أوخوتسكي يوصي بدهنها بالعسل صرفاً أو بعد مزجه مع عصير الشوندر أو بلسم شوستوكوفا الفينيلين Viniliumبمقادير متساوية، كما يعطى العسل داخلاً عن طريق الفم كملين.

حقن محاليل العسل عقب العمليات الجراحية

كثيراً ما يحدث اضطرابات في العضوية بعد العمليات الجراحية الكبيرة وخاصة في استقلاب الماء والشوارد ومن المتفق عليه أن اضطراب امتصاص السوائل يجب أن يعوض بحذر ودقة وأن نقص الماء الفجائي هو أهم من نقص الأملاح. ولقد جرت عادة معظم الجراحين على إعطاء المصول الملحية بشكل روتيني عقب العمليات الجراحية، إلا أن تجارب شفايغلاز أثبتت حدوث وذمة في جدران المعدة بعد حقن المصول الملحية، وهذا يشير، بشكل الجدل، مساؤئ إعطاء المصول الملحية بشكل روتيني بعد كل عمل جراحي.

وفي الواقع فغن الاضطرابات التي تحدث بعد العلميات الجراحية الكبيرة يرافقها غالباً توذم في الأنسجة الداخلية للكبد والكلية والرئة وغيرها، وإن الانحراف في استقلاب البروتينات يجعلها على استعداد للتوذم بشكل أكبر عند نقل المصول الملحية وهذا ما دعى العلماء أن يلجؤوا لتعويض السوائل بعد العمليات ةالجراحية إلى المصول السكرية عوضاً عن المصول الملحية.

وهذا لا يهدف إلى تعويض السوائل المفقودة فحسب بل يهدف إلى تأمين حاجة البدن من سكر العنب لتكوين الغلوكوجين، تلك المادة التي ثبت أن مقدارها يقل في الكبد عقب أي عمل جراحي كبير. وهذا دور يبدو واضحاً أكثر حين حدوث ما يسمى "عوز الكبد للغلوكوجين".

ويؤكد البروفيسور ليمب[46] أم تمثل الغلوكوجين في الكبد عند تقديم سكر الفواكه يزيد 18% عم هو عليه عند إعطاء سكر العنب وبالتالي فإن إعطاء سكاكر سهلة التمثل كسكر الفواكه يشكل أحسن حماية للكبد عقب العمليات الجراحية. وقد استطاع كوخ أن يبرهن أن العسل يتمثل في الكبد إلى غلوكوجين بصورة أحسن مما عليه باقي السكاكر. وهذه ميزة لا توجد في العسل الصناعي رغم أنه يتركب من نفس الأنواع من السكاكر. ويرد كوخ هذا إلى وجود عامل خاص في العسل، يشبه فعالية المولين أسماه العامل الغليوتيلي، يعمل على زيادة استقلاب السكريات.

وبما أن الأمراض الجراحية المتعلقة  بالجهاز الصفراوي كثيراً ما تؤدي إلى اضطراب في وظائف القلب والدوران فللعسل فعالية جيدة على القلب والدورة القلبية بفضل فعالية العامل الكوليني، ولذلك فمن المنتظر أن يظهر تأثير حقن العسل بعد تلك العمليات الجراحية بشكل ممتاز كالتي تجري للحويصل الصفراوي  والأقنية الصفراوية وخاصة إذا كانت مترافقة بيرقان.

ويؤكد ليمب أن حقن العسل بعد العلميات الجراحية تفوق ميزاتها أي علاج آخر بدرجة كبيرة وخاصة عقب عمليات المجاري الصفراوية. وأن حالة المرضى تتحسن دائماً بعد حقن العسل بشكل سريع ومدهش إذ أنها تساعد على عودة الاستقلاب والدوران الدموي إلى حالته الطبيعية بسرعة.

أماالبروفيسور إيوريش[47] قيؤكد النتائج الحسنة لحقن العسل عقب العلميات الجراحية، كما ينصح كافة المرضى المبضوعين، والقادرين على تناول الطعام، لإكثار من تناول العسل على شكل محاليل دافئة سواء مع الحليب أو الشاي، كما يعتبر المحاليل العسلية العلاج الأمثل عقب العمليات الجراحية المجراة على الفكين حيث لا يستطيع المرضى مضغ طعامهم لفترة طويلة فهو علاوة على كونه غذاء ممتاز فهو مطهر جيد لجوف الفم يساعد أيضاً على سرعة التئام جروحه.

 

أهمية العسل للوقاية من الأذيات الشعاعية

يتعرض المرضى المعالجون بالأشعة المجهولة والعاملون فيها إلى عوارض مزعجة من فقر دم ونقص في الكريات البيض وصداع وإقياء والتهاب جلد وغيرها تشكل بمجموعها ما يسمى الداء الشعاعي. وقد عالج فرانكة[48] Frankeهذه الحالات بحقن محلول العسل الوريدي 20-40% M2 Woelmويؤكد أن هذه الأعراض كانت تزول بسرعة مدهشة بهذه المعالجة. كما أكد فرانكة أن حقن المريض ب، 10سم3 من المحلول العسلي قبل الجلسة العلاجية بالأشعة يمنع ظهور هذه الأعراض الانسامية بينما تسوء حالة المريض عند عدم حقنها مما يؤكد فعالية محاليل العسل في معالجة الأعراض الانسمامية الناجمة عن كثرة التعرض للأشعة وللوقاية الفعالة من ظهورها أنا إيوريش[49] فيؤكد أن تناول العسل على شكل محاليل دافئة وخصوصاً مع الحليب له نتائج طيبة في الوقاية والمعالجة من الأذيات الشعاعية.


 

[1]   عن النحلات صيدلانيات مجنحة.[2]   عن شوفان حياة النحل. [3]   عن مقالة لها في مجلة الصحة لروسيا البيضاء 1966. [4]   عن شوفان [5]   عن مجلة الأطفال الأمريكية 1954.[6]   عن مقالة د. عبد الإله طليمات في مجلة طب الفم السورية. [7]   عن مقالة د. وليد القوتلي. [8]   عن النحلات صيدلانيات مجنحة[9]   عن كتاب العسل وصحة الإنسان[10]   عن المجلة الألمانية Arztliche Praxis.[11]   عن مقالة Lempp  في مجلة Der Chirug .

[12] عن مقالته في مجلة Therapie Der Gegenwart.[13] عن مقالة له في مجلة النحالة، موسكو 1977.[14]   عن مقالة د. وليد القوتلي.[15]   معالجة داء الرقص بالعسل: مجلة الطب السوفياتية 2-1949 [16]   عن مجلة النحالة 12-1976 [17]   عن مفكرة النحال1970 [18]   عن كتابه Honey for Health.[19]   Lumbagoأو ما تسميه العامة برقة الظهر ألم شديد يحدث أسفل الظهر غالباً ويجعل أي حركة في الجذع مؤلمة جداً.

[20]   عن مجلة Therapie Der Gegenwartالألمانية. [21]   مستحضر يحتوي 0.1 بروكائين + 10سم3 محلول عسلي مصفى 20% من إنتاج I.C.N. Woelmالألمانية. [22]   رسالة شخصية من د. رويحة بخط يده في 2/11/1973 حمانا.[23]   عن مقالة B.Bizziعربها د. عبد الرحمن المهايني وزميله. [24]   استخدم مستحضر Ergosioمن تحضير شركة Alfaالإيطالية.[25]   مقالة د. غيرة و د. مصري معالجة التسمم الغولي بالعسل.

[26]   عن Bee med. Journalـ 1954[27]   عن مقالة معالجة الأمراض العقلية بالعسل. د. مهايني. [28]   عن كتاب Les3 Elements Meraclesكيلاس.[29]   مقالة د.صادق فرعون طبيبك

[30]   عن مجلة Der Landarziالألمانية 1952[31]   مستحضر لمعمل ICN. Woelmالألماني يتكون من محلول عسلي 40% مصفى من غروياته + نوفوكائين 1%.

[32]   عن مجلة Neuria Midizineالألمانية. [33]   وهو مزيج من النوفوكائين مع محضر البروكزبين الحاوي بدوره على العسل 40% مع النوفوكائين 1%. [34]  1985 ' XXXth . InteraTIONAL Apic. Congress.'  Japan Ali A.F[35]   عن كيلاس Les3 Elments Mir.[36]  التريكوموناز حيوان طفيلي وحيد الخلية يشبه الكمثرى له سياط يتحرك بها يتطفل على مهبل المرأة مؤدياً إلى بعض المفرزات وقد ينتقل إلى

 الإحليل عند المرأة نفسها أو إلى الزوج أثناء الجماع إلى التهاب الأحليل.[37]   عن مجلة التوليد وأمراض النساء ـ موسكو 1961.

[38]   مقالة S.Rhonhofعن مجلة Zent. Fur Gynekoilogie.[39]   راجع التفصيلات في مبحث معالجة الجروح والقروح بالعسل في مكان آخر من هذا الكتاب.

[40]   عن مجلة Obst. And Gynacolgyالبريطانية، د. زكية الأعوج. [41]   عن مجلة Obst. And Gynacolgyالبريطانية، د. زكية الأعوج.[42]   عن مقالة Shkliar  في مجلة العمل الطبي موسكو 1966.

[43]   عن محاضرة له في الطب الحديث أوفا ـ جمهورية بشكيري. [44]   عن كتاب الطب النبوي في ضوء العلم الحديث.[45]   عن مجلة النحالة موسكو 1977 [46]   مقالة Lempp   عن مجلة Der Chirurg [47]   عن كتاب النحلات والطب.[48]   عن المجلة الألمانية Zentral. Fur Gynekologie [49]   عن كتاب النحلات والطب

 

 

العسل ومرض السرطان
 

 بقلم محمد نزار الدقر

هل يقي العسل من السرطان[1] ؟

تشير معظم الإحصائيات إلى ندرة إصابة النحالين بالسرطان، وليس هناك أية إجابة علمية تبجث عن السبب. وقد حاول فورستر حل هذا اللغز بالتسجيل الإحصائي فأرسل استمارات إلى عدد من منظمات النحل في العالم. وقد شملت الأسئلة عدد النحالين الذين يعانون من السرطان وعمرهم وعدد السنين التي قضوها في المحالة وقد ورد 254 جواب من نحالة معظمهم قطعوا سن الثلاثين. وقد كانت نسبة إصابة النحالين بالسرطان حسب دراسة فورستو هي 0.36 لكل 100 ألف نحال[2] وقد قارنها فورستر مع إحصائية العالم وايس Weissعند مهن أخرى فكانت كما في الجدول المرافق9 ويتضح من الجدول أن ممتهني النحالة أقل إصابة بالسرطان نسبة للمهن الأخرى وهذا يعود إلى تعرضهم للسع النحل، أو وهو الأرجح تمتعهم بتناول العسل أكثر من غيرهم.

وفي مستشفى إيسلز للأورام السرطانية ألمانية الغربية يعتمد العسل في جدول الحمية الخاص لجميع المرضى كما استطاع ألن كيلاس[3] ، كيماوي الفرنس المشهور، أن يبرهن على أن بعض أنواع العسل يحتوي على الراديوم المشع. وهذا الاكتشاف له أهميته الخاصة لأن احتياطي الراديوم في القشرة الأرضية ضعيف للغاية. وفائدة العسل المشع له أهمية كبرى وخصوصاً بالنسبة لاستعمال الراديوم في علاج الأورام الخبيثة كالساركوما وغيرها.

جدول مقارن لنسبة الإصابة بالسرطان بين المهن المختلفة

المهنة

النسبة لكل 100 ألف

المهنة

النسبة لكل 100 ألف

العاملات في المغازل

0.4

العملات في البيوت

0.6

عمال زراعيون

1.1

عمال البناء

1.9

المزارعون

2.1

عمال المعجنات والخبز

3.6

الميكانيكيون

1.0

صانعو السيجار

1.3

المتقاعدون

2.8

الأطباء

2.0

العمال الصناعيون

0.6

عمال تصنيع الخمور

4.6

ممتهني النحالة

0.36

 

 

 

سم النحل bee venom 

من أين يفرز السم؟

إلى جانب العسل، فإن الطب الشعبي يستعمل سم النحل في حالات كثيرة، والنحلة العاملة تملك جهازاً معقداً تلسع به دفاعاً عن نفسها يقع تحت الحلقة الأخيرة من بطنها ويتكون من غمد يحتوي على رمحين مسننين، ويتصل الغمد جانبياً بثلاثة أزواج من صفائح كيتينية تقوم على دعم الرمحين ودفعهما في الجرح بقوة العضلات المحيطة بها. والصفيحة المستطيلة منها، بها جزء حساس يسمى "الملمس" هو الذي يحدد مكان اللسع0 ويتصل الغمد بغدتي السم الشكل 2-1

ويتكون كل رمح من عصية دقيقة إبرية لها مسننات في نهايتها، فعند عملية اللسع يتقدم الرمحان خارجين من الغمد وينغرسان في الجلد، وهناك غدتان مفرزتان للسم، فغدة السم الكبيرة ذات مفرز حامضي شديد وتتكون من قنيات طويلة خيطية الشكل تبدأ بخيط ملتو وتنتهي بمجل واسع المستودع أو حويصل السم يفرز اليم في القسم الخيطي ويتجمع في المستودع إلى حين اللسع. أما غدة السم الصغيرة فذات مفرز قلوي خفيف وتتكون من قناة أنبوبية قصيرة وتنفتح في قاعدة الغمد حيث يمتزج مفرزها مع مفرز الغدة الكبيرة حين اللسع. وعند اللسع فإن الرمحين وحولهما الصفائح الكيتينية تشكل ميزانة يجري عليها السم من الغمد المنفتح إلى الجرح الذي أحدثه اللسع، وتتقلص العضلات في جهاز اللسع لتدفع بالحمة وينغرس الرمحان أعمق في جلد الملسوع. إن النحلة التي تلسع الإنسان تفقد حمتها وتموت، ذلك لأن النحلة في محاولتها لانتزاع حمتها من جلد الإنسان تمزق، لأن المسننات التي تقع في نهاية الرمح تنغرس بشكل عكسي في الجلد مثبتة الرمح فيه، أما حين تلسع النحلة حشرة أخرى فإن حمتها تنسحب بسهولة من الجلد الكيتيني للحشرة ولا يحلق النحلة اللاسعة أي أذى. وليعلم أن النحلة التي تدفع حياتها ثمناً للسعها للإنسان، فغنما تفعل ذلك دفاعاً عن نفسها وعن ممتلكاتها من عسل وبيت، فليس من طبعها التعدي مطلقاً. كيف لا وقد شبه بها رسول الله ص المؤمن حين قال: "المؤمن مثل النحلة".

 

لمحة تاريخية

لا شك بأن الجميع يعرف بأن سم النحل سلاح رهيب يخشاه أعداؤها، وقد يتأذى به الإنسان إذا لم يتصرف بحكمة مع أصدقائه "النحل" لقد اقر الطب الحديث بأن سم النحل: ترياق جيد وعلاج ممتاز. ولقد وافق المجلس الطبي الأعلى لوزارة الصحة في الاتحاد السوفياتي على البيان التنظيمي للمعالجة بسم النحل واستطباباتها في الحالات المرضية العديدة، إلا أن هذا لم يكن بداية المطاف. فمنذ عام 1858 نشر الطبيب الفرنسي دي مارتيه[4]ملاحظاته حول الفوائد العلاجية لسم النحل. وفي عام 1864 حيث لوكومسكي، البروفسور بجامعة بطرسبرغ الروسية[5]، المجتمع الطبي على دراسة هذه المادة القيمة. ثم إن تيرش النمسا: 1886 نشر عدداً من بحوثه حول معالجة الرثية بسم النحل. الطبيب الروسي لوبارسكي 1897 نشر نتائج تجاربه على مدى 20عاماً في معالجة الآفات المفصلية بلسع النحل ويعتبر لا نجير 1915 الأستاذ في جامعة باريز، هو الذي وضع أسس المعالجة بسن النحل في أوربا. وفي المؤتمر العالمي الثالث لمكافحة الرئية، حاضر موريس بيرن عن فوائد لسع النحل لمعالجة الرثية، حاضر موريس بيرن عن فوائد لسع النحل لمعالجة الرثية وكان البروفسور كرول أول من أثبت عام 1937 نجاح المعالجة بلسع النحل في عدد من الآفات العصبية.

خواص سم النحل الفيزيائية والكيميائية

على الرغم من أن سم النحل علاج شعبي قديم جداً إلا أن تركيبه الكيميائي لم يعرف إلا منذ زمن قريب. وهو سائل رائق اللون، ذو رائحة عطرية تذكرنا برائحة العسل. وطعم مر لاذع، وذو تفاعل حامضي. وزنه النوعي يعادل 01.1313 يحتوي على بعض الحموض العضوية كحامض النمكل وحمض أورتوفوسفوريك. ولعل أهم مكوناته، من وجهة النظر الدوائية، احتواؤه على الهستامين بنسبة 1% فوسفورات المغنزيوم الحامضة 0.4% من ززنه الجاف. كما يحتوي على نسبة عالية من الأستيل كولين. وللخمائر في السم أهمية كبيرة، غذ يحتوي على الهيالورزنيداز والفوسفوليباز  كما يحتوي على عدد من العناصر المعدنية كالنحاس والكلسيوم والكبريت والفوسفور، وعلى زيوت طيارة، ومواد بروتينية أهمها الميلتين melitinوقد أكد كل من هابرمان وريز 1956 احتواء سم النحل على الأبامين appaminالذي يبدي فعلاً مهيجاً قوياً للجهاز العصبي مؤدياً لظهور اختلاجات. ولعل أبحاث هابرمان وزملائه هي الأهم في دراسة تركيب السم والذين تمكنوا من عزل مكونات هامة معظمها من الحموض الأمينية:

1ـ الميلتين الذي يشكل 50% من زن السم الجاف ويتكون من 26 حمضاًَ أمينياً.

2ـ الأبامين ويشكل 3% من وزن السم الجاف ويتكون من 18 حمضاً أمينياً.

3و4ـ مكونان من البولي ببتيد لم يهر لهما أهمية دوائية.

5ـ خميرة الفوسفوليباز  وتكون 14% من زمن السم الجاف وهي تثبط فعل الترومبوكيناز، وتقوي الفعل المضاد للتخثر الذي يملكه السم.

6ـ الهيالورونيداز، خميرة تكون 20% من وزن السم الجاف.

7ـ الهيستامين ويشكل 1% من وزن السم الجاف ويعتبر أهم مكوناته.

ومن وجهة نظر العديد من الاختصاصيين الذين درسوا سم المحل، واعتماداً على الطيف الواسع الدوائي لمكوناته، فإنه لا يوجد "عنصر في البدن" ولا تفاعل بيولوجي إلا ويتدخل فيه سم المنحل. وهو باعتباره موسعاً للأوعية الدموية، يحسن ورود الدم إلى النسج، فيزيد من تغذيتها وينشط عملها.

والزيوت الطيارة الموجودة في السم هي التي تستدعي حس الألم والحرقة التي تنتج عن اللسع. وإن سمك النحل يجف بسرعة في جو الغرفة العادي فاقداً ثلثي وزنه. والسم الجاف عبارة عن كتلة شفافة، تشبه منظر الصمغ العربي تذوب بسرعة في الماء، وفي الحموض. كما أن المحاليل النظامية للبوتاس الكاوي وحمض الكبريت، لا تستطيع خلال 24 ساعة أو تؤثر في سم النحل. إلا أن تسخينه لفترة طويلة مع محلول حمض كلور الماء أو البوتاس يضعف من فعاليته، كما أن فعاليته تتناقض بتأثير فوق منغنات البوتاس وغيرها من المؤكسدات. وسم النحل مقاوم جداً للحرارة، وهكذا فغن تسخين مجففه لدرجة 100 ولمدة 10 أيام لا تبدي تأثيراً ملحوظاً على خواصه. وفي نفس الوقت فهو مقاوم للبرودة، حتى أن تجميده لا ينقص شيئاًَ من فعاليته. وإن سم النحل بشكل الجاف، وعند حفظه بعيداً عن الرطوبة، يمكن أن يحتفظ بتأثيره السمي لعدة سنوات.

خواص سم النحل المضادة للحيوية

لقد تبين بشكل لا يقبل الجدل أن سم النحل يبدي تأثيرات قوية صادة للجراثيم. ويعتبر[6]فيزيكاليس 1922 وشميدت 1941 وأوتل 1955 من الرواد الأوائل الذين عرفوا الصفات المضادة للجراثيم والتي يبديها سم النحل. ويرى البرفسور غاوزه[7]أن سم النحل من الصادات الفعالة جداً لاحتوائه على الآزوت والكبريت، وأن تركيبه شبيه بالغليوتوكسين gliotoxin، وهي المادة المضادة للجراثيم التي يفرزها فطر الغليوكلاديوم.

وقد تبين للعلماء الروس[8]ب. كوماروف وأ. إيرستين، وأ. بالاندين وإ.كوب وغيرهم أن المحلول المائي لسم النحل وحتى بعد تمديده بنسبة 1/50.000 هو عقيم. كما أن بالاندين أثبت أن البرامسيوم، من وحيدات الخلية، يموت مباشرة في محلول مائي لسم النحل بتركيز 1/1000، ويموت خلال 30دقيقة في محلول تركيزه 1/50.000، وأما المحاليل الأكثر تمديداً 1/500.000 فأكثر فإنها تنشط تكاثر البرامسيوم. وقد أثبت هذه التجارب أن محاليل سم النحل تبدي، وباختلاف تراكيزها، أنشطة بيولوجية متباينة.

وقد أثبت ملادينوف[9] الخواص المضادة للجراثيم التي يبديها سم النحل على مزارع للمكورات العقدية الحالة للدم والعنقودية والأسشرشيا الكولونية، وأنه قاتل للطفيليات من زمرة وحيدات الخلية كالبرامسيوم والمتحول الأميني. وأن هذه الخواص يبديها سم النحل العائد من الحقول والذي يرعى الأزهار. أما النحل الذي يطعم السكر ضمن خليته، فإن محاليل سمها لا يبدي هذه الخاصية إلا في تراكيزه العلية. كما تبين له أن الاسم المستحصل عليه في أشهر الصيف يكون أشد فعالية، علاوة على أن التفاعلات العامة والموضعية الناجمة عنه تكون أشد وأقوى.

الباحثان وليم شيبمان وليونارد كول[10] أجريا بحثاً طريفاً، حيث زرقت فئران التجربة سم النحل تحت جلدها، محاولاًَ في محلول كلور الصوديوم وبعد 24 ساعة من الحقن عرضت لأشعة رونتجن بواقع 825 وحدة لكل فأر فتبين أن 80% من هذه الفئران بقيت حية، وهذا ما أكد للباحثين أن سم النحل يحوي مواد، تبتلع العناصر المشعة الحرة، وتقي جسم الحيوان من تأثيراتها القاتلة. وهكذا فغن إ. كوب[11] ، يرى بحق، أن سم النحل، مع سهولة الحصول عليه، ليس أقل أهمية في نظر القطاع الطبي والصيدلاني من المضادات ذات المنشأ الفطري أو الجرثومي.

الاستشفاء بسم النحل

إن مشاهدات الطب الشعبي الوفيرة، والأبحاث السريرية في الطب الحديث، تؤكد أن لسم النحل خواص علاجية ثابتة محددة وواضحة جداً، يفسر هذا مكوناته الكيمياوية التي ذكرناها، والخواص البيولوجية التي يبديها.

معالجة الرثية الروماتيزم

إن آلية تأثير سم النحل في شفاء المصابين بالرثية ليست مدروسة بشكل كاف، إلا أنه من المفترض أن لسم النحل تأثيراً على الجهاز العصبي المركزي في كل حالات أللم. وفي الرثية، فإن نشاط الجهاز العصبي يضطرب، والذي ينجم عنه تغيرات في التفاعلات الألليرجيائية في عضوية المصابين[12]  .

وهناك أبحاث كثيرة عن النتائج الجيدة لمعالجة الرثية بسم المحل. فمنذ عام 1879 فإن الطبيب الروسي لوبارسكي[13] نشر مقالة بعنوان سم النحل كمادة شافية أكد فيها، اعتماداً على مشاهداته السريرية، أن سم النحل علاج قيم للمصابين بالرثية. أما الطبيب النمساوي قبليب تيرتش[14]  tertchوالذي عانى زمن الرثية طويلاً، يشفى منها بعد لسعات نحل صدفية، واعتماداً على حادثة شفائه فقد اهتم تيرتش بالنحل وبالخواص العلاجية لسمه وأخذ يجرب لسه النحل على نطاق اسع لمعالجة المصابين بالرثية المفصلية، ونشر نتائج بحثه عام 1988،والذي أكد فيه شفاء 173 مريضاً مصابين بالرثية بعد معالجتهم بلسع النحل، وفي عام 1912 قام رودلف تيرش ابن فيليب بنشر مقالة عن نتائج معالجة أبيه لـ 660 مريضاًَ مصابين بالرثية وعن مراقبته لهم، فأكد أن الشفاء الكامل لوحظ عند 544، وكان التحسن واضحاًَ عند 99 آخرين، ولن تتحسن الحالة المرضية عند السبعة الباقين، إما لأن حالتهم كانت متفاقمة جداً، أو لأنهم انقطعوا عن العلاج.

وقد أكدت المشاهدات السريرية لكل من إيوريش وملادينوف أن سم النحل علاج نوعي للمصابين بالرثية الحقيقة. وأن مرضى الرثية يتحملون لسع النحل بشكل جيد. أما التهابات المفاصل الإنتانية، كالتي تشاهد عند المصابين بالسيلان البني والإفرنجي والسل، فإن إدخال سم النحل في عضويتهم يستدعي تفاعلاً عاماً شديداً عندهم مع آلام موضعية غير محتملة، لهذا نجد أن عدداً من السريرين يعتمدون هذه الظاهرة للاستفادة من لسع النحل لهدف تشخيصي، أي للبت في تشخيص جازم للرثية المفصلية الحقيقية والتفريق بينها وبين آلام المفصلية بأسباب التهابية أخرى. ويقول إيوريش: "لقد شاهدنا مئات من المصابين بالرثية، كان شفاؤهم مرتبط بسم النحل، وبعد أنم فشلت فيها كل العلاجات المعروفة الأخرى المضادة للرثية، وهي شواهد على فعالية المعالجة الرثوية بسم النحل، وهذا لا ينعني بالطبع ألا نطبق سم النحل إلا في حالات العناد وفشل الأدوية الأخرى، بل العكس تماماً، فإننا ننصح بتطبيق المعالجة بسم النحل فور وضع التشخيص، أي في الفترة الحادة للمرض، وفي هذه الحالات يكفي في الغالب سلسلة علاجية واحدة حوالي 200 لسعة نحل للشفاء الكامل، وقد نكتفي ليتم الشفاء بالمعالجة بسم النحل، هناك حالات كما ذكر تعند على المعالجة ولا تنهي محنة المريض، وأن الوقاية من الهجمات، هي دائماًَ خير من أي علاج.

معالجة التهاب الأعصاب Neuritisوالآلام العصبية Neuralgia 

لقد عرف الطب الشعبي معالجة العديد من الأمراض العصبية، ومنذ القديم، بواسطة لسع النحل وفي بحثنا هذا مواد علمية مثبتة ومشاهدات سريرية تؤكد فائدة سم النحل في هذا المجال. فمنذ عام 1938 فغن الدكتورة إبروسالمتشك[15] Erusalimchikعالجت العديد من المرضى المصابين بالتهاب العصب الوركي أو الفخذي وغيرهما من الأعصاب بسم النحل، وكان في سوابق بعض المرضى شكاوى رثوية أيضاً، وكانوا قد عولجوا لفترة طويلة بمعالجة دوائية وفيزيائية أخرى من غير تحسن. وكانت نتائج المعالجة بسم النحل جيدة. ولقد كان التحسن واضحاً بعد الحقنة الأولى أو الثانية حيث تناقصت الآلام العصبية بشكل ملحوظ، وكان الشفاء كاملاً عند معظم المرضى بعد 7-8 حقن من السم.

وفي عام 1960 نشر ف. بتروف[16] بحثاً عن معالجته لـ 50 مريضاً مصابين بالتهاب العصب مثلث التوائم بسم النحل، حيث سجل الشفاء الكامل عند 30 منهم وتحسنت الحالة بوضوح عند 13 آخرين وكذلك فإن إ. أليسكر[17] عالج بسم النحل /50مريضاً/ مصابين بالتهاب أعصاب مختلفة أو متعددة، والتهابات جذور أعصاب Radiculitis، والتهاب ضفائر عصبية، أو بآفات عصبية غير التهابية Neuralgias، كآلام العصب الوركي أو القفوي والآلام الوربية، وقد تناقصت الآلام أو زالت خلال المعالجة لمدة 2-3 أسابيع، إلا أنه لاحظ النكس بعد توقف المعالجة عند نصف المعالجين. ويؤكد ن. إيوريش في مشاهداته نجاح معالجة الآفات العصبية بسم النحل غير أنه يرى إمكانية عنادها على المعالجة حتى بمقادير كبيرة من سم النحل. ويؤكد[18] أغافونوف 1983 أن سم النحل يبدي تأثيراً مسكناً للجملة العصبية المركزية ومنشاً للمقاومة اللانوعية العامة للجسم بسبب احتوائه على حموض أمينية خاصة مع مواد فعالة مثل الميليتين والأبامين والهيالورنيداز وغيرها. كما أكد كرونتك فوائد سم النحل لمعالجة المصابين بتجوف النخاع Syrinagamlia.

 

سم النحل والأمراض الجلدية

يستعمل سم النحل على نطاق واسع في معالجة العديد من الأمراض الجلدية وخاصة في داء الدمامل. وهناك تقارير[19] حول فائدة سم النحل في حوادث من سل الجلد الذئبة الدرنية والأكزيمة والتهابات الجلد العصبية والصداف الشائع وغيرها، إلا أن عدد الحوادث المعالجة لا تكفي لتقييم نهائي بالنسبة لهذه الآفات، ويحتاج الأمر إلى دراسات وافية واسعة للتثبت من نتائجها.

 

الاستشفاء بسم النحل في أمراض العين

استعمل سم النحل منذ القديم لمعالجة عدد من أمراض العين في الطب الشعبي. أما الطب الحديث فيطبق سم النحل على نطاق وساع، وبنجاح لمعالجة بعض آفات العين وخاصة التهاب القزحية Iritisوالتهاب القزحية والهدابي[20] Iritoeyelitis 

ففي مشفى العيون في نوفوسيبير طبقت البروفسورة شرشفسكاي[21] سم النحل على شكل لسعات عادية لمعالجة عدد من أمراض العيون وحصلت على نتائج ممتازة. ففي حالات القزحية مع تراجع الرؤية حتى 1/100 أعطى سم النحل نتائج رائعة، حيث هدأت الأعراض الالتهابية إلى أن تراجعت خلال 3-4 أيام، وتم الشفاء وعادت الرؤية إلى حالتها الطبيعية.

ويحذر إيوريش من تطبيق لسه النحل على الأجفان وهي مغلقة للخطر الكبير الذي يمكن أن يلحق الهين كلها، فليس من النادر  أن يتطلب نزع حمة النحلة اللاسعة من كرة العين إجراء أكثر من عمل جراحي. وحتى في الحالات التي تنغرس فيها الإبرة في الجفن فقط، فإن نهايتها العميقة قد تخرش القرنية مؤدية إلى التهابها.

ولتجنب محاذير اللدغ المباشر فقد اجتهدت البرفسورة ن. مالانوف[22]لإيجاد طريقة مبسطة وسليمة للمعالجة بسم النحل وقد استفادت من خاصية الجلد في امتصاصه للأدوية حيث طبقت مرهم virapinالحاوي على السم على مناطق مختارة من جلد المريض: في اليوم الأول يدهن جلد المنكب الأيسر بعد تنظيفه بالماء والصابون، وفي اليوم الثاني يدهن صباحاً المكنب الأيمن ومساءاً على الورك الأيمن. في اليوم الثالث يطبق مقدار دوائي مضاعف حيث يدهن على التوالي المنكب الأيسر، فالمكنب الأيمن ثم الورك الأيسر. اليوم الرابع استراحة، وفي اليومين الخامس والسادس يعاد كما في اليوم الثالث. وقد عالجت مالانوفا بهذه الطريقة 36 مريضاً مصابين بالتهاب قرنية عقبولي، والتهاب قزحية رثوي المنشأ، التهاب الصلبة وفوق الصلبة الرثوي. وقد أشركت هذه المعالجة مع المعالجة الموضعية العادية في العين المصابة وكانت جيدة فقد تراجع الألم بسرعة واستقام الإحساس في القرنة، وسارت عملية التعويض والبناء بفعالية أكبر. وهذا ولم تشاهد أي اختلاطات جانبية لهذه الطريقة العلاجية.

وفي مشفى العيون معهد أومسك الطبي طبق البرفسور ف. ماكسيمنكو[23] سم النحل على نطاق واسع نطاق واسع لمعالجة أمراض العين وخاصة في التهاب القرنية والعقبولي الشكل، وكمادة ماصة للإرتشاح في تعكر القرنية والجسم الزجاجي وفي بدء تشكل الساد قبل نضجه Cataractوفي حرق العين، وكانت النتائج جيدة.

 

معالجة أمراض الأوعية والضغط الدموي بسم النحل

إن تراكم الكولسترول في البطانة للشرايين هي أحد الأسباب الرئيسية لتصلب الشرايين Ateroslerosisوقد تبين للدكتورة إيروسالمشك[24] أثناء معالجتها للعديد من المرضى بسم النحل انخفاض مستوى كولسترول الدم عندهم. وتشير أبحاث عدد من المؤلفين[25] أن المصابين بالرثية والخاضعين للمعالجة بسم النحل ينخفض في دمائهم مستوى الكولسترول. أما المصابون بالتهاب الأعصاب، وعلى اختلاف أشكالها، فإن معالجتهم بسم النحل لا تغير مستوى الكولسترول في دمائهم. هذا ويجب تحديد خصوصيات كل مريض من هذه قبل البدء بمعالجته بسم النحل. وقد بين كل من زايسف وبوريادين[26] التأثير الحسن لسم النحل على تصلب الشرايين المحيطية وفي معالجة التهاب بطانة الشرايين Endartertisوذلك بسبب تأثيره الموسع للأوعية والمسكن للألم. وقد حصل زيبولد[27] على نتائج جيدة في 85% من الحالات عند معالجته لـ 126 مريضاً مصابين بالتهاب بطانة الشرايين بتطبيق سم النحل. وبسبب التأثير الموسع للأوعية والمضاد للوذمة الذي يمتلكه سم النحل فقد طبقه كل من فورستر وزايسف وغورشكوف[28] لمعالجة قرحات الساق الركودية والتهابات الوريد الخثرية.

وقد أكدت ن. كورنيغا وزملاؤه[29] أن سم النحل ولو بمقادير قليلة له تأثير جوهري وفعال على الحالة الوظيفية للأوعية الشعرية، فهو يملك تأثيرات حركية وعائبة وأخرى حالة للدم. كما أكد ش. أوماروف[30] فعالية سم النحل في تنشيط الوظيفة الحالة للغيبرين الدموي لاحتوائه على الميليتين، وعن تطبيقات لهذه الخاصية للسم لمكافحة الاستعداد للتخثر الدموي ولمعالجة المصابين بالتهاب الوريد الخثري والتصلب الشرياني.

واعتماداً على ما عرف عن الطب الشعبي من أن سم النحل يخفض الضغط الدموي. أجريت أبحاث على الكلاب بحقن الحيوان بما يعادل سم نحلة واحدة في الوريد، فأدى ذلك إلى انخفاض طفيف في ضغط الدم. غير أن لسع عشرات من النحل دفعة واحدة لحيوان التجربة أدى إلى انخفاض حاد في ضغط الدم عنده. وقد تبين[31] أن انخفاض الضغط الدموي ينجم عن تأثير السم الموسع للأوعية المحيطية بسبب احتوائه على الهستامين. ويؤكد تجارب الدوائيين أن الهسامين حتى بعد تمديده بنسبة 1/250 مليون يبدي تأثيراً موسعاً للأوعية. أما الطبيب الصيني فإن شو[32] فقد عالج 12 مريضاً مصابين بارتفاع الضغط بسم النحل. وسجل الشفاء الكامل عند مريض واحد، وكان التحسن كبيراً عند 4 وتحسنت الحالة عند 3 آخرين ولم تتغير الحالة مطلقاً عند 3 أما المريض المتبقي فلم يتابع العلاج.

ولقد أكد إيوريش[33] مشاهدته لعشرات المصابين بارتفاع الضغط الدموي عولجوا بلسع النحل، أو أنهم بدؤوا يعملون في النحالة وتعرضوا بشكل طبيعي للسع النحل، تحسنت عندهم الحالة العامة بسرعة وانخفض الضغط الدموي المرتفع إلى طبيعته وزالت الآلام في الرأس والتهيج التي تصاحب ارتفاع الضغط في العادة، كما تحسنت قدرتهم على العمل. ويرى إيوريش، أن الظروف البيئية للنحالة والهواء النقي المحيط بظروف العمل تبدي تأثيراً عظيماً على النحال في هذه الحالات.

استطبابات أخرى لسم النحل[34] 

في عام 1864 نشر م. لوكسلي معهد بطرسبرغ لدراسة الغابات مقالاً عن فعالية سم النحل في علاج الملاريا. وفي عام 1861 أعلن شولز استعماله لسم النحل لمعالجة الملاريا الاستوائية والمثلثة والرباعية. وقد أورد إيوريش مشاهدته لأربع حالات من الملاريا شفيت بلسع النحل، لكنه يقول أن علاج الملاريا بسم النحل مشكلة لها أهميتها وتحتاج من ثم إلى دراسة كاملة. وقد ذكر إيوريش حادثتين لمريضتين كانتا تعانيان من ضخامة في الغدة الدرقية مع جحوظ في العينين. وبعد لسعات قليلة من النحل شعرت المريضة الأولى بتحسن كبير، ثم تضاءل الورم واحتفى بسرعة مع متابعة المعالجة بلسع النحل. أما المريضة الثانية فقد بدأت بالتحسن الملحوظ عندما عملت في المنجل وتعرضت مراراً للسع النحل. ويضيف إيوريش أن هذا المرض نادر بين النحالة.

معالجة الأطفال بسم النحل

إن عضوية الطفل حساسة جداً لسم النحل، وتبدي في معظم الحالات تفاعلاً عاماً وموضعياً شديدين. وإن الأطفال المصابين بالتأتب أو السل الرئوي وسل العظام وآفات القلب من منشأ غير رثوي وفي آفات الكلية النفروز، التهاب النفروزي والداء السكري وفي حالة وجود اضطرابات نفسية عند الطفل، في كل هذه الآفات لا تجوز المعالجة بسم النحل. كما لا تجوز تطبيق لسع النحل على الأجفان المغلقة وعلى جلد واضحاً جداً على الطفل، مثل إصابته برثية مفصلية حادة لم تعن للمعالجات العادية، يمكننا أن نجري المعالجة بسم النحل بحذر وتحت إشراف طبيب أطفال محتص. وأن يجري اللسع عند الطفل إما على الفخذ أو على الكتف بشكل خاص وحسب البرنامج التالي[35] :

خلال سلسلة علاجية لمدة شهرين يجري للطفل من 30-90 لسعة نحل، وذلك حسب سنه: فالأطفال من 3-5 سنوات يطبق لهم لسعة واحدة كل يومين وبمجموع 30 لسعة وبعمر من 6-8 سنوات لسعة كل يومين في الشهر الأول ثم لسعة كل يوم في الشهر الثاني وبمجموع 45 لسعة ومن 9-12 سنة لسعة يومياً لمدة 6 أيام ثم لسعلتين كل يومين وبمجموع 90 لسعة أما الأطفال دون الثالثة من العمر فيطبق لهم مرهم يحتوي على سم النحل. وقبل المعالجة لا بد للطبيب من محادثة ودية مع الطفل محدثاً إياه عن صديقتنا النحلة التي تهب حياتها من أجل شفائه حين لسعه وأن إبرتها هي محقن طبيعي يمتاز عن المحقن الصنعي بحسن وسرعة أدائه، كل هذا للحصول على موافقة ضمنية من الطفل قبل البدء بمعالجته. كما يجب الاحتياط أثناء المعالجة بإحضار المواد الإسعافية اللازمة التي يمكن أن نحتاج إليها، وأن يتناول الطفل حمية غنية بالفيتامينات جوب1 ذات قيمة حرورية عالية، قليلة الملح وأن تشمل على العسل بمقدار ملعقة شاي مرتين يومي وأن يكثر من تناول الحليب واللبن والتفاح الحامض.

حساسية العضوية لسم النحل

إن سم النحل، وقد تكلمنا عنه كعلاج ممتاز، يجب أن لا ننسى أنه سم قوي، وأن الأمر يتعلق بمقدار السم الذي يدخل إلى العضوية[36] . وفي الواقع فهناك فروق واسعة بين المقدار فروق واسعة بين المقدار العلاجي، والمقدار السمي، والمقدار المميت من سم النحل. وإذا كانت المقادير السمية تبلغ عشرات أضعاف المقدار العلاجي، فإن المقدار المميت يفوق بمئات المرات المقدار العلاجي، إن حساسية العضوية تجاه سم النحل مختلف: فالنساء هم أكثر حساسية تجاهه، وأكثر منهن الأطفال ثم المتقدمين في السن. وفي العادة فإن لسع 1-5 نحلات وحتى العشرة دفعة واحدة يتحمله الشخص السليم بشكل جيد، ويستدعي عنده مجرد تفاعل موضعي على شكل احمرار وتورم وحس بالحرق .. إلا أن 200-300 لسعة دفعة واحدة تؤدي إلى انسمام في العضوية مع علامات تشوش وصفي في الجهاز الوعائي الفلبي والجهاز العصبي زلة تنفسية، ازرقاق، تسرع نبض، اختلاجات، خذل ...، وأما التعرض ةغعلى 400-500 لسعة فإنه يؤدي على الموت بسبب شلل Paralysisالمركز العصبي التنفسي.

وهناك اشخاص يبدون فرط حساسية تجاه سم النحل، حيث أنه يكفي عند أحدهم لسع نحلة واحدة كافية لظهور دعث عام، وترفع حروري، صداع شديد، اندفاعات شروية، إقياء وإسهال، وبالعكس، فإن المشاهدات المتواترة[37] تؤكد أن النحالة، والذين يعملون مع النحل فترة طويلة من الزمن يتحملون جيداً لسع النحل دون أي أذى كبير يلحق عضويتهم، وقد ذكرت حوادث لنحالة، أصيبوا بلسع أكثر من ألف نحلة دفعة واحدة دون أن يظهر عليهم أعراض انسمامية. فالعضوية غالباً ما تعتاد لسع النحل حتى أنها لتصبح في بعض الأحيان، دون أن تبدي أي تفاعل تجاه ذلك السم.

وأمام مقولة بعض النحالين من أن سم النحل علاج لكل الأمراض، نذكر حقيقة طبية هامة وهي أن هناك مضادات استطباب كثيرة لتطبيق سم النحل وأنه لا يحوز لغير الأطباء أن يحددوا الوصفة الطبية مهما كان نوع خواص علاجية محددة، ويبدي نتائج علاجية ممتازة في حالات معينة ذكرناها فيما تقدم من هذا البحث. ومع هذا فهناك أشخاص يجب التعامل معهم بحذر عند استعمال سم النحل وخاصة الأطفال والشيوخ وغيرهم من ذوي الحساسية المفرطة تجاه هذا العقار[38] وتعتبر الإصابة بالسل، وقصورات القلب من الدرجة الثانية والثالثة والأمراض الإنتانية الحادة والتقيحات الشديدة والتهابات الكبد والكلى، وعند الإصابة بتنشؤات ورمية خبيثة وأمراض الجهاز العصبي العضوية والنزوف وفقر الدم وأثناء الحمل والطمث والداء السكري والأمراض الزهرية، تعتبر كلها مضادات استطبابات جدية للمعالجة بسم النحل[39] كما أن الإصابة بآفات مترقية أو شديدة، أو بآفات جلدية تحسسية وخاصة الأكزيمة والأشخاص ذوي الحساسية المفرطة لسم النحل، كل هذه الحالات تمنع صاحبها من العمل مطلقاً من ممارسة النحالة.

 

[1]   مقالة السبب في ندرة إصابة النحالين بالسرطان قربي وعطار. [2]   رسالة خاصة من الدكتور فورستو 29/8/1974 [3]   عن كتاب العلاج بعسل النحل ت. الحلوجي.[4]   عن ملادينوف العسل والمعالجة بالعسل

[5]   عن كتاب النحلات والطب[6]   عن ملادينوف العسل والمعالجة بالعسل[7]   عن كتاب Bees and people[8]   عن كتاب العلاج بعسل النحل ت. الحلوجي.[9]   عن ملادينوف العسل والمعالجة بالعسل

[10]   أجري البحث في مخابر الأشعة للبحرية الأمريكية في سان فارنسيسكو، عن كتاب النحلات والطب لإيوريش[11]   عن كتاب النحلات والطب[12]   عن كتاب النحلات صيدلانيات مجنحة[13]   عن كتاب النحلات والطب

[14]   عن كتاب Bess and People[15]   عن مقالة لها بعنوان "معالجة التهاب العصب الوركي والفخذي بسم النحل" مجلة الأمراض العصبية والنفسية ـ موسكو ـ العدد 5 لعام 1939. [16]   عن كتاب النحلات والطب لإيوريش.[17]    عن كتاب النحلات والطب لإيوريش. [18]   عن مقالة له في مجلة الأمراض العصبية والنفسية موسكو[19]   منها ما ذكره إيوريش عن إصابة الطفل س بذئبة درنية، استمرت 5 سنوات دون تسحن، وفي يوم من الأيام تلدغه نحلة في الجلد المصاب. فوجد أن الجلد أصبح باهتاً مكان اللسع، ثم تابع العلاج باللسع سم النحل وتم الشفاء خلال 6 أسابيع. عن كتاب العلاج بعسل النحل، ت. الحلوجي [20]   عن إيوريش النحلات صيدلانيات مجنحة[21]   عن مجلة أمراض العيون vestnik ophtalmموسكو 1949 ـ 3.[22]   عن مقالة لها بعنوان "العسل وسم النحل في معالجة أمراض العيون" ترجمها د. محمد نزار الدقر ونشرتها مجلة العلوم ـ العدد 4 مايس 1972. [23]   عن إيوريش النحلات والطب [24]   مجلة الأمراض العصبية والنفسية، موسكو العدد 5 لعام 1939 [25]     عن أيوريش (النحلات والطب) . [26]   عن ملادينوف العسل والمعالجة بالعسل[27]   عن ملادينوف العسل والمعالجة بالعسل

[28]   عن مواد المؤتمر العالمي الثانيلطب النحالة المنعقد في بخارست روماني 1976. [29]   عن كتاب النحلات والطب[30]    عن كتاب (النحلات والطب).[31]   عن كتاب Bess and People[32]   عن كتاب Bess and People[33]   عن كتاب النحلات والطب[34]   عن كتاب العلاج بعسل النحل ت. الحلوجي.[35]   عن كتاب النحلات والطب [36]   عن كتاب Bess and People[37]   عن كتاب النحلات والطب

[38]   عن ملادينوف العسل والمعالجة بالعسل[39]   عن كتاب النحلات والطب

 

 

التأثير السمي لسم النحل
 

 بقلم الدكتور محمد نزار الدقر

تدل الأبحاث الحديثة أن سم النحل يفعل انتقائياً في الجهاز العصبي خاصة. فلقد اشتهر عن كليوباترة اهتمامها بخواص السموم، وجمعت ما أمكنها جمعه منها، محاولة الحصول على سم قاتل دون ألم، وقامت بتجربتها على سجناء محكوم عليهم بالإعدام فوجدت أن سم الزنابير يستدعي الموت الأقل إيلاما، وذلك لأن حقنه للإنسان يؤدي به فوراً إلى فقده وعيه وموته بسرعة جون معاناة. هذا مع العلم بأنها لم تجرب سم النحل، لأن النحل كان عندهم من الحشرات المقدسة.

إن التأثير السمي لسم الزنابير وسم النحل على الجهاز العصبي هو واحد تقريباً. ولقد أكد كل من نيمان وهابرمان[1] أن الميلتين، العامل الفعال المستخرج منهما، يستدعي هبوطاً في الضغط الدموي وانحلالاً في الكريات الحمر وتقلصاً في العضلات المخططة والملساء، كما تؤدي إلى حصار في النقل بين نقاط الاتصال العضلية ـ العصبية وبين العقد العصبية، كما أن أنظيم الهيالورونيداز الموجود في سم النحل يزيد من نفوذية الشعيرات الدموية.

إن حالة نفوذية الأوعية هامة جداً في آلية تأثير سم النحل[2] ويه تنقص نتيجة اضطرابات وظيفية في الجهاز الوعائي ناجمة عن الشيخوخة أو مرض ما في العضوية وهذا يؤدي إلى تراجع أفعال الاستقلاب بين الخلوي في الأنسجة، وقد تبين حديثاً ـ أن نفوذية المادة الأساسية للنسيج الضام والشعيرات الدموية مرتتبطة إلى حد كبير بحالة الجهاز الأنظيمي للحمض الهيالورزنيدي اذلي يدخل في تكوين المادة الأساسية تلك. وإن كل المستحضرات الحاوية على أنظيم الهيالورنيذار بما فيها سم النحل وحتى بمقاديره القليلة جداً تستدعي زيادة نفوذية النسيج الضام والشعيرات الدموية.

مناعة العضوية وسم النحل

في عام 1958 أكد الباحث الفرنسي Gourtفي تجاربهم على الفئران أن لسم النحل تأثيراً مضاداً لذيفان العقديات ألفا وذيفان الكزاز، وأن هذا التأثير يعود لاحتواء السم على أنظيم الهيالورونيداز ـ أ. وقد أكدت أبحاث إيوريش[3] أن سم النحل الداخل إلى العضوية سواء بلسع النحل، أو بحقنه فيها يعمل على أن تصنع العضوية مناعة، ليس تجاهه فحسب، بل وضد العديد من الذيفانات الجرثومية. وعلى هذا فإن التناول الصحيح لسم النحل يعتبر مادة علاجية ووقائية هامة للعضوية كلها وتجاه معظم الأمراض الإنتانية. فهو عند دخوله إلى العضوية، يستنفر قواها الدفاعية إلى درجة، تفسر كيف أن النحالين، العاملين في الهواء الطلق في مناحلهم، يبدون بصحة جيدة وشيخوخة قوية وعمر مديد وحيث أن مناعة واضحة متأصلة في عضويتهم نجدها تجاه الأمراض المختلفة.

وفي المؤتمر العالمي العشرين للنحالة بخارست 1965 بينت أ. ديريفتش[4] أن مناعة النحالة تجاه السم لا تعتمد على وجود أضداد وإنما تعتمد آلية أخرى مغايرة ومعقدة. ففي تجاربها على الخنازير البحرية توصلت أن تحتفظ هذه الحيوانات بضعف المقدار المميت من سم النحل دون أن يظهر في مصلها أية أضداد.

معالجة الأعراض الإنسمامية والتحسسية لسم النحل

إن حوادث الإنسمام الشديدة أو المميتة نادرة في الأدب الطبي. وتعتبر منطقة الرقبة والرأس من أخطر المناطق التي يمكن أن تعرض صاحبها للموت بلسع النحل، وفي مقدمتها خطورة الطرق التنفسية العليا، سقف الحنك، البلعوم وكرة العين. إن الحالات الإنسمامية الشديدة والمترافقة بوهط دوراني وسوء الحالة العامة يمكن إسعافها بإعطاء الرميض الأدرينالين حقناً تحت الجلد، ومعقويات القلب كالكافئين والكورازول كما تعطى المهدئات العصبية مثل اللومينال والكلورازين وبروموي الصوديوم وغيرها. وفي حال غلبة المظاهر التحسسية تعطى مضادات الهستامين والكورتيزون حقناً عضلياً أو وريدياً، كما يفيد بشكل خاص حقن الفيتامين ج = cمع كلور الكالسيوم حقناً في الوريد ويرى إيوريش ضرورة كبيرة في إعطاء الفيتامين ج، لأن محتوى قشر الكظر من هذا الفيتامين ينخفض كثيراً في حوادث الإنسمام بسم النحل، كما أن له وظيفة تنشيط الهستاميناز. علاوة على أنه يزيد من مقاومة العضوية و لمشاركته في تكوين الترياق Antitoxinأو مضاد السم.

كما ينصح إيوريش بإعطاء العسل بكميات كبيرة، لأن العسل، وفي كل حوادث التسمم، مهما كان منشؤه، ينشط أفعال الكبد للتخلص من السموم، ويقوي القلب. أما موضع اللسع فيدهن بأحد الزيوت العطرية النباتية و خاصة زيت الحبة السوداءحبة البركة، ويجب نزع حمة اللسع من الجلد بأسرع وقت ممكن، لأنها تكون موجودة مع مستودع السم، وإن تقبض العضلات في جهاز اللسع يزيد من إفراز السم في المكان كلما تقدم الوقت. ولا تنزع الحمة بالأصبع لأنها تضغط مستودع السم مسهلة إفراغه ضمن الجلد، وإنما تنزع الحمة بآلة حادة، ثم يدهن الموضع بالعسل أو الغول النشادري أو بعصير الثوم.

النحلات.........صانعات السم

إن النحلة العاملة الفتية و عقب خروجها مباشرة من المهد الشمعي تكاد تكون خالية من السم، و يبدأ مخزون السم عندها بالتزايد يوماً بعد يوم حتى يصل إلى مقداره الأعظمي بعد أسبوعين تقريباً. وإن المعالجة بلسع النحل الحي أمر شائع، وهو متيسر في فصل النشاط الحيوي للنحل، غير أنه في فصل الشتاء، وعندما يكون النحل في فترة الهجوع فهو أمر أكثر تعقيداً. و بعد تطور البيوت الزراعية الزجاجية المدفأة، تيسر الأمر بوضع مناحل صغيرة ضمن تلك البيوت وللأستفادة من النحل لتطبيق المعالجة باللسع. هذا ويجب نقل النحل ضمن علب خاصة ملفوفة بالصوف وذلك لحساسية النحل الشديدة تجاه البرد، ويمكن أن يعود النحل إلى نشاطه ضمن المباني المدفأة أو بعد تعرضه إلى مصباح كهربائي.

طرق الحصول على السم

اقترح ف.فلوري[5]طريقة بدائية للحصول على السم. حيث يوضع عدد كبير من النحل الحي ضمن وعاء زجاجي ذو عنق واسع، يغطى الوعاء بورق ترشيح مبلل بالإيتر. يؤدي بخار الإيتر إلى تهيج النحل وإطلاقه السم من مخازنه، و الذي يتساقط على جدران الوعاء و قاعه وعلى أجسام النحل أيضاً، ألا أن استمرار تأثير الإيتر يؤدي بالنحل إلى استغراقه في سبات عميق. يغسل النحل والوعاء بالماء، يرشح الماء لتنقيته إلى وعاء آخر، يسخن بهدوء حتى يجف الماء تماماً ويترسب السم جافاً في قعر الإناء حيث يمكن أن يحفظ إلى حين استعماله لعدة أشهر. هذا ويطلق النحل إلى خلاياه بعد أن يستيقظ. و مساوئ هذه الطريقة أن النحل لا يقذف بكل ما يخزنه من سم، كما أن التخدير و غسل النحل و تجفيفه يؤدي إلى موت قسم كبير منه،كما أن السم الذي نحصل عليه بهذه الطريقة يصعب تنقيته الشكل2-2.

و هناك طرق أخرى للحصول على السم لا تخلو كل منها من مثلبة تتعلق إما بإيذاء النحل أو عدم نقاوة السم المستحصل. وقد استطاع إيوريش[6]اكشاف طريقة بسيطة للحصول على السم نقياً الشكل2-3، ودون أن يلحق بالنحل أي أذى، و دون أن يشغل النحل عن مهمته الأساسية في جمع الرحيق وصنع العسل و الشمع و غيرها من المنتجات القيمة. و الطريقة التي اقترحها إيو ريش تتخلص بأن تمسك النحلة بملقط خاص و يوضع في مواجهة بطنها صفيحة زجاجية نظيفة وتضغط النحلة بلطف على الصفيحة، عند ذلك تحاول النحلة لسع الصفيحة مطلقة السم من حمتها على الصفيحة الزجاجية، و دون أن تتأذى حمتها من هذه العملية، ويمكن أن نجمع بهذه الطريقة على صفيحة زجاجية واحدة ما يعادل سم 300نحلة. ثم نطبق كل صفيحتان على بعضهما بوجهيهما الحاويان على السم وتلف بورق خاص حيث يمكن حفظ السم لفترة طويلة تبلغ السنتين دون أن تنقص فعاليته، كما يمكن استعمال صفائح بلاستيكية لهذه الغاية. ويكفي حين الرغبة في استعماله غطس تلك الصفائح بماء معقم،حيث يمكن استعمال المحلول السمي الناتج بحقنه تحت الجلد أو تناوله على شكل مستنشقات أو بالتشريد الكهربائي، ولصنع المراهم أيضاً. وفي الطب الشعبي يستخدم النحالون بنجاح مغلي النحلات الميتة بعد تصفيته.

وينقل إيوريش[7]عن هوفمان أن سكان مناطق ألطالي الروسية يستخدمون هذه الطريقة في معالجاتهم وحتى أيامنا الحاضرة. فمن المعلوم أن النحالة في الربيع يتجمع لديهم فيض كبير من النحل الميت و الحاوي على كميات كبيرة من السم ضمن حويصلات السمية. ومن المعلوم أن تعقيم ذلك المحلول بالغلي لا ينقص الفعالية العلاجية للسم.

 

 طرق استخدام سم النحل في المعالجة

المعالجة بلسع النحل الحي

تمسك النحلة من ظهرهالشكل2-4 بملقط خاص، وتوضع، بحيث يواجه بطنها المنطقة من الجلد التي يراد تطبيق اللسع عليها، على أن تكون محضرة بغسلها بالماء و الصابونو لا يستحسن مسحها بالغول مطلق. ولا يجوز إعادة اللسع في نفس المكان قبل مضي خمسة أيام، وذلك حتى يتم تراجع الورم و الألم و غيرها من الأعراض الناجمة عن اللسع الأول. و ينتخب للسع النحل، الأجزاء من البدن التي يجري فيها عادة حقن الأدوية تحت الجلد كسطح الكتف و الناحية الوحشية من الفخذ أو العضد. وسم النحل المحقون يمتص سريعاً واصلاً في الدم و مبدياً تأثيره على جميع العضوية. وبعد اللدغ تطير النحلة تاركة وراءها رمحها مع كامل جهاز اللسع و الذي يستمر في التقلص لعدة دقائق حتى يتم إفراغ حويصل السم وعندئذ يجب إزالة الحمة بعد أن يكون السم قد وصل إلى الجرح ويمكن رؤية تقلص جهاز اللسع و نهاية ذلك التقلص بالعين المجردة.

ويقترح أيوريش[8]تطبيق سم النحل بالطريقة التالية:

في اليوم الأول: يتلقى المريض لسع نحلة واحدة. في اليوم الثاني: لسع نحلتين وفي اليوم الثالث: 3 نحلات وبعد استراحة 3-4 أيام يتابع العلاج بلسع 3نحلات يومياً ولمدة شهر و نصف.  وبذا يكون المريض قد تلقى حوالي 200نحلة، وإذا لم يشف المريض أو يتحسن بشكل ملحوظ بهذه المعالجة فلا يستحسن إعادتها وفي ظروف المعالجة ضمن المصحات وحيث يستمتع المريض بالراحة الكاملة و الحمية العالية الحريرات يمكن إنقاص مدة المعالجة إلى النصف دون أن ننقص عدد اللسعات. ومن الضروري الإشارة إلى أن المرضى النوعيين الذين تستطب لديهم المعالجة بالسم، لا يحصل لديهم أي تفاعل شديد من تورم أو ألم غير محتمل نتيجة لسع النحل، حتى أن لسع 20-30نحلة في آن واحد يتحمله أحدهم غالباً بسهولة و يسر.

ويستحسن أن تتم المعالجة ضمن المنحل، لأن إخراج النحل من خلاياه ووضعه في علبة من أجل نقله إلى مكان المعالجة، لا يمكن أن يعيش فيها لأكثر من يوم واحد. وبعض المرضى يصنعون لأنفسهم خلايا صغيرة يمكن أن توضع في الشرفة أو على سطوح منازلهم.

وقد صمم البرفسور إيوريش[9]خلية نحل مصغرة تحتوي على إطار شمعي واحد، وقد عدل تصميمها بحيث يتمكن المعالج من إخراج النحل منها لاستعماله وقت المعالجة، وهي مصنوعة على شكل محفظة صغيرة يمكن حملها و نقلها إلى أي مكان، و هي مزودة بمخزن للطعام يملأ بكمية من العسل لإطعام النحل، مغطى بشبك يمنع سقوطه فيه، و يمكن في وقت الإزهار، وضع تلك الخلية في مكان قريب من الحقول أو الغابات ليخرج النحل نهاراً ليتغذى غذاؤه الطبيعي "الرحيق" إلا أنه في هذه الحالة، لا يجوز إجراء عملية النقل إلا في الليل حتى لا يضيع النحل عن خليته و يموت.  وإذا لم يكن بالإمكان احتواء مثل تلك الخلية في مكان المعالجة فقد ابتكر إيوريش[10]أيضاً صندوقاً متحركالشكل2-6 مغطى بشبك من سلك معدني يستطيع النحل أن يعيش فيه حتى 10أيام و يتسع إلى مائة نحلة وهو مجهز بملقط لإمساك النحل، ومزود بمخزن للطعام يملأ بمحلول سكري أو بالعسل دون الحاجة إلى فتح الصندوق، وله فتحة جانبية صغيرة لإخراج لنحل وقت الحاجة حيث يمكن إمساكه بالملقط. فهذا الصندوق مريح جداً لنقل النحل و استعماله للمعالجة أو للمختبرات. أما الملقط الخاص لإمساك النحل، و الذي اقترحه إيوريش فهو ملقط تشريحي معدل، نهاياته الحرة عريضة3ملم وهذا يسمح بإمساك النحلة من صدرها لتوضع في مواجهة الجلد حتى تلسعه و تفرغ السم من حويصله قبل أن تصل إلى هدفها. كما أن الملقط الخاص مزود بصفيحتين معدنيتين تسمحان بضغط حويصل السم أثناء اللسع مباشرة، و تساعدان من ثم لاستخراج جهاز السم من الجلد الملسوع.

المعالجة بحقن السم داخل الجلد  وهي طريقة تستخدم محاليل السم الذي استخرج من النحل بحقنها ضمن جلد المريض. وميزة هذه الطريقة سهولة أجرائها و التحكم بشكل جيد بمقدار السم المحقون و إمكانية إعطاء مقادير أعلى من اللسع المباشر، وبما يتناسب مع حالة المريض، كما أنها طريقة يمكن إجراؤها في ظروف المشافي و المستوصفات، و التي يمكن أن تحتفظ بالكميات اللازمة لها من سم النحل وتقديمه للمرضى وقت الحاجة إليه.

و يعتبر حقن محلول السم ضمن الجلدبين الأدمة و البشرة هو الأكثر فعالية. ففي الجلد وحده يقع خمس الدم الجائل في البدن ولذا فإن السم يمتزج بسرعة مع الدم الجائل ليصل إلى جميع أنحاء العضوية. ويتم الحقن بإبرة خاصة صغيرة أطول قليلاً من رمح النحلة، ويتم الحقن بجرعات صغيرة جد0.1-0.3مل ويمكن أن تتم المعالجة بالحقن تحت الجلد، وذلك لإعطاء جرعات كبيرة تصل إلى حد مل واحد ولكن الأثر العلاجي أقل مما لو حقن محلول السم       ضمن الجلد.

 المعالجة بالتشريد الكهربائي Electrophoraisis 

تطبق المعالجة بإدخال المواد الدوائية إلى جسم المريض بالتشريد الكهربائي عموماً في كثير من مشافي العالم اليوم وخاصة في عيادات الأمراض العصبية و النسائية و الجلدية و غيرها. و يعتبر إدخال المادة الدوائية عبر الجلد بالتشريد الكهربائي من أفضل طرق الستشفاء في الطب الحديث، فهي طريقة سهلة لا تؤذي الجلد ولا تستدعي أي تخريش أو ألم، باستثناء بعض الإحمرار مكان التطبيق. وهي تبدل من تفاعل العضوية العام بسبب التيار الكهربائي المستمر الذي يخترقها ومن ثم بدخول السم إليها.

و نظراً لأن السم يحتوي على جواهر فعالة يمكن أن تعبر الجلد إلى الجسم عبر القطب الموجب Catodو على جواهر أخرى تدخل عبر القطب السالب Anod، فإن محلول سم النحل يجب أن يطبق على القطبين بالتناوب و حتى تتمكن جميع جواهره الفعالة من الدخول إلى العضوية، و ذلك بعد وصل قطبي التشريد بجهاز التيار الغلفاني. أما جلسات المعالجة فيمكن أن تجرى يومياً في المشافي، أما في العيادات الخارجية فيكتفي بإجراء مرة واحدة كل يومين. ويطبق عادة في اليوم الأول سم 6نحلات محلولة في 3مل من الماء المعقم ، وفي اليون الثاني:سم 8نحلات ثم بواقع 10نحلات لكل جلسة تشريد و بمجموع 15-20جلسة للبرنامج العلاجي.

وفي المؤتمر العالمي العشرين للنحالة 1965 قدم ملادينوف[11]و زملاؤه نتائج معالجتهم، بتطبيق سم النحل بالتشريد الكهربائي ل203مريضاً مصابين بآفات في الجهاز العصبي المحيطي، وآفات مفصلية رثوية و رثوانية و التهاب مفاصل مشوه وآفات شريانية انتهائية. لقد كانت النتائج مشجعة: فمن أصل 108مريضاً بالتهابات عصبية، استقر الشفاء الكامل عند 32منهم، و تناقصت الآلام بشكل صريح عند64، و تحسنت حالتهم العامة، و لم يشاهد أي نكس خلال سنتين من المراقبة. أما في التهاب المفاصل الرئوي فقد تجاوزت نسبة الشفاء 52%. كما أبدى جميع المعالجين تحسناً في الحالة العامة و الشهية للطعام و سمحت النتائج المسجلة بالقول بأن سم النحل يحدث حصاراً في السيالة العصبية الحسية يؤدي تناقص الآلام أو زوالها تماماً، إلى توسع في الأوعية الدموية يؤدي إلى تحسن التروية الدموية، وكما يخفض من كولسترول الدم. 

 تطبيق مراهم سم النحل

يمكن إدخال سم النحل إلى جسم المريض بدهن الجلد بالمراهم الحاوية عليه مشركا مع حمض الصفصاف و الفازلين. فحمض الصفصاف يطري بشرة الجلد و يزيد من نفوذيتها، كما يضاف إلى المرهم بللورات صغيرة جداً من السيليكات التي تحدث رضاً مجهرياً في البشرة، وذلك لأن السم لا يستطيع النفوذ عبر الجلد السليم. و يمتاز المرهم عن غيره من طرق المعالجة بسهولة تطبيقه، و إمكانية استعماله من قبل المريض بالذات. ومن مثالب هذه الطريقة رض مساحة واسعة من الجلد أثناء الدهن، كما أن نتائجها العلاجية أقل مما هو معروف عن فوائد لسع النحل أو إدخاله حقناً في الجلد أو بواسطة التشريد الكهربائي.

المعالجة بسم النحل عن طريق الاستنشاقlNHALATION

تتكون رئتي الإنسان من 700مليون من الفصيفصات الرئوية، بطانتها غزيرة بالأوعية الدموية، و التي إذا فرش سطحها الداخلي على سطح مستو لغطت مساحة تقارب 90م2، ولهذا ندرك كيف أن امتصاص المواد الدوائية عن طريق بطانة الحويصلات الرئوية، وهذه الطريقة تقوم على استنشاق الأبخرة أو الرذاذ  الحاوي على سم النحل حيث يصل إلى الحويصلات الرئوية وتمتص هناك لتدخل الدم مباشرة، وليصل إلى كافة أعضاء البدن حيث يبدي نتائج علاجية ممتازة. وهذه طريقة علاجية سهلة وبسيطة و يمكن تطبيقها في أي مؤسسة صحيةالشكل 2-7، وحتى في ظروف المنزل.

 

مضغوطات سم النحل

اقترح البرفسور الأمريكي جوزيف برودمان[12]تناول سم النحل بعد تصنيعه على شكل مضغوطات تمص تحت اللسان، مستفيدين من خاصة اللسان و الغشاء المخاطي للفم بامتصاص الأدوية و دخولها إلى الدم مباشرة،ذلك لأن تناول سم النحل داخلاً لايبدي النتائج العلاجية المطلوبة أن الخمائر المعدية_ المعوية تخربه بسهولة.

و المضغوطات التي تمص تحت اللسان طريقة علاجية وصفت لأول مرة لتناول سم النحل من قبل Broadmannلها أهمية علمية كبيرة[13]. وقد لونت المضغوطات بألوان مختلفة تناسب جرعة السم التي تحتوي عليها، و جرعتها العلاجية الكاملة28مضغوطة تحتوي على سم 215نحلة وقد تم اختبار فعالية هذه المضغوطات في عدد من المعاهد الصحية العالمية، منها معهد الأمراض الرثوية في براغ، و معهد بافلوب الطبي في بلغاريا، كما أقر استعمالها المجلس الصحي الأعلى في وزارة الصحة السوفياتية إلا أنه لا بد من القول، كما يرى إيوريش، أن النتائج العلاجية لمضغوطات سم النحل تبقى دون النتائج التي نحصل عليها بتأثير لسع النحل الحي أو حتى بالحقن الجلدي لهذه المادة القيمة. 

  إدخال سم النحل بواسطة الأمواج فوق الصوتية:

طبقت بوتشينكوف[14]بنجاح المعالجة بسم النحل بإدخاله إلى العضوية بواسطة الأمواج فوق الصوتية عبر الجلد. و يرى إيوريش أن هذه الطريقة يمكن أن يكون لها مستقبل زاهر إذا علمنا أنها تقوم على الإستفادة من وسيلتين علاجيتين مهمتين: سن النحل، والأمواج فوق الصوتية. و بالفعل فقد قام شيربان[15]رومانيا1976 بمعالجة 50مريضاً مصابون بآلام في مفصل الركبة Artrose، مفردة أو مزدوجة، بتطبيق سم النحل على شكل مرهم الفيرابين يليه فوراً تطبيق الأمواج فوق الصوتية على الركبتين. و قد حصل على نتائج ممتازة إذ حصل على الشفاء في 70% من الحالات، وتحسنت حالة 25% آخرين. في حين أن مجموعة المراقبة التي طبق لها مرهم كورتيزوني و أتبع بالأمواج فوق الصوتية لم تزد النتائج الجيدة عن 52%من الحالات. و يؤكد شيربان أن هذه الطريقة ممتازة لمعالجة آفات الركبتين الألمية الإلتهابية، ومن ثم في تحضير المفاصل المذكورة لتمارس عملها الطبيعي.

المشاركة بين الغذاء الملكي و سم النحل:

يقترح إيوريش لمعالجة الرثية المفصلية الحادة مشاركة الغذاء الملكي مع سم النحل مع حمية غذائية متوازنة عالية القدرة الحرورية[16].

لقد حاولنا أن نقدم باختصار الخواص العلاجية و الوقائية لسم النحل، ليس لمجرد أن تعطي فكرة عن هذه المواد العلاجية الطبيعية الرائعة،  بل ليستطيع القارئ أن يستفيد من تطبيق هذه المادة حين الحاجة إليها. وإن نجاح التجارب السريرية في تطبيق المعالجة بسم النحل ليوحي بالمستقبل  الواسع لها بين الوسائل العلاجية الأخرى، بتطبيقها كدواء، ثم كوسيلة واقية فعالة لحماية العضوية من العديد من الأمراض ومن مظاهر الشيخوخة المبكرة إلا أنه يجب أن نعلم أنه لا يجوز أن تطبق دون إشراف طبي، فهي على كل حال – سم قوي.

الحمية أثناء المعالجة بسم النحل

منذ عهد أبي قراط وإلى يومنا هذا فإن الأطباء و المعالجين ينظرون باهتمام بالغ إلى جداول الحمية التي تنظم لكل مريض، فالحمية عنصر هام عند وضع الخطة العلاجية للمريض، وبشكل خاص فإن لها دوراً بارزاً أثناء المعالجة بسم النحل، إذ يؤكد كل من عالج بسم النحل إيو ريش، ملادينوف وغيرهم أن هذه الحمية تزيد من الأثر الدوائي الفعال لسم النحل،وفي نفس الوقت، فأنها تخفف إلى حد كبير من أثره السمي وإمكانية تأذى العضوية به. والمهم هنا ليس فقط نوعية الطعام و إنما المهم توقيت تناوله مع توقيت العلاج و برنامج تناوله،و يجب أن تكون الحمية عالية القيمة الحرورية، غير متعبة للجهاز الهضمي، متوازنة في تنوعها و احتوائها على السكريات و الدسم و البروتينات و الفيتامينات و خاصة ج و ب 12. و من المهم احتوائها على العسل 50-100غ اليوم وأن يقسم الطعام على 4-5 وجبات صغيرة.

و يجب أن يمتنع المريض أثناء المعالجة بسن النحل عن تناول المشروبات الغولية و التوابل التي تنقص من فاعليته إلى حد كبير حتى أن الغول يعتبر مضاداً للسم. ويمتنع عن إجراء اللسع أو حقن السم بعد تناول وجبة كبيرة،ذلك لأن مثل تلك الوجبة تستدعي كمية كبيرة من الدم الجائل إلى السبيل الهضمي، وإن سم النحل يمكن هنا أن يقوي فقر الدم الدماغي المؤقت مؤدياً إلى حالة من الغشيانSyncopw

وعلى المريض أن يمتنع بعد المعالجة باللسع أو حقن السم أن يأخذ دوشاً أو حماماً،أو أن يتمشى في مشوار مجهد طويل، ويستحسن أن يبقى مضطجعاً لفترة 20-25 دقيقة، وهناك أهمية خاصة للحمية عند المصابين بالرثية و المعالجين بسم النحل، فالرثية لا تصيب المفاصل فحسب بل يمكن أن تصيب القلب و الجهاز الهضمي المعدة- المعثكلة- الكبد وينصح إيوريش هنا بحمية غنية بالحليب و مشتقاته و الخضر و الفواكه الطازجة و العسل.

تنبيه هام:

ذكرنا أن سم النحل يمكن أن يبدي ارتكاسات تحسسية ينتج عنها ترفع حروري و عرواء و غثيان و طفح جلدي شروي شديد. لذا فقد وضعت قيود على المعالجة بسم النحل تقضي بأن يجري اختباران للتحسس تجاه السم، وأن يتأكد من عدم حدوث أية أعراض تحسسية عامة، و عدم وجود السكر و البروتين في البول قبل البدء بالمعالجة.

 

الغذاء الملكي Royal Gely

يتساءل الباحثون منذ زمن ارسطاطاليس عن ملكة النحل وعن سبب نموها بالطول و الحجم الكبير نسبة للنحلة العاملة، رغم أنهما ينتجان عن نفس النوع من البيض، ثم عن قدرتها العجيبة على وضع البيض بتلك الأعداد الهائلة ، إذ تضع الملكة في موسم الربيع حوالي 2000بيضة في اليوم الواحد .ثم لماذا تعيش طويلاً لتصل إلى 6-7سنوات من العمر المديد نسبة للنحلة العاملة التي لا تعمر لأكثر من35يوما؟؟....نعم لقد استطاع علم الكيمياء الحيوية حل كل هذه الألغاز

فالعاملات تضع البيضة التي انتقيت لتكون ملكة في بيت شمعي خاص على هيئة تمرة الفستق السوداني، و الذي يدعى بالمهد الملكي .واليرقة التي تفقس عنها البيضة تغمر في مهدها ،ضمن مادة قشدية القوام، غروية، لؤلؤية أو حلبية اللون هي الغذاء الملكي أو الهلام الملكي،أو ما يسميها المؤلفون الروس "حليب الملكات" ذات طعم حامضي و رائحة نوعية خاصة تفرزها العاملات"الصبايا" بواسطة غددها اللعابية الفكية العلوية و تسكبها ضمن المهد الملكي.

لقد كان عالم الطبيعة سيفاميردام[17]أول من لفت النظر إلى أهمية الغذاء الملكي في نمو و تطور الملكات منذ أكثر من أربعة قرون. ثم إن فرانسوا هيبر1 وفي القرن الثامن عشر هو الذي سمى هذه المادة "الهلام الملكي" . أما كابلاس Kaplassفهو الذي نوه عام 1953إلى إمكانية الاستخدام الطبي للمعالجة بهذه المادة العجيبة.

ما هي مكونات الغذاء الملكي:

الغذاء الملكي مادة معقدة جداً تتكون بشكل رئيسي من البروتينات 18% وسكريات 10ـ17% ودهنيات 5.5% ومن أملاح معدنية 1% وإذا قارنا هذه النسب في مكونات الغذاء الملكي مع نظائرها في حليب البقر، والذي يحتوي على بروتينات 3.3% وسكريات 6.4% ودهنيات 4%، ندرك عندها القيمة الغذائية الكبرى لهذه المادة.

وفي الغذاء الملكي الطازج غير المجفف نجد العديد من الفيتامينات بنسبة وافرة وهي ب1، ب2، ب3، ب6، ب ب ، هـ H. أما الفتياميتات آ و د و ج فنسبتها ضئلية في الغذاء الملكي.

وتتكون من البروتينات الغذاء الملكي من أكثر من 22 حمضاً أمينياً يأتي في طليعتها الأرجنين والأسباراجين والغالين والغليكول والغلوتامين والليسين والميتيونين والتربتوفان والهستدين والسيستين والتيونين والليفسين وغيرها.

وهذه المكونات تجعل من الغذاء الملكي مادة حيوية فعالة جداً وذات قيمة غذائية كبيرة.

ونشير بشكل خاص إلى أهمية احتواء الغذاء الملكي على الفيتامين و= Eالذي ينشط الوظيفة الجنسية[18]، في حين أن الغذاء الذي تطعمه اليرقات التي تنتج ذكوراً وعاملات يبدو خال تماماً من هذا الفتيامين، وتبين للباحث غيلي[19]أن إطعام الفئران من غذاء العاملات يجعلها غير مخصبات فالغذاء الذي تطعمه يرقات الذكور والعاملات، وإن كان له نفس مكونات الغذاء الملكي لكنها هنا أقل كثافة بكثير مما هي عليه في الغذاء الملكي.

والغذاء الملكي غني جداً بالأستيل كولين حيث أن الغرام الواحد منه يحتوي على 1ملغ من الأستيل كولين الضروري لنقل التنبيهات العصبية عند الإنسان. كما يحتوي على مادة الإينوزيتول Inositol، وهي مادة على إزاحة الدسم من الكبد وخفض مستوى الكولسترول في الدم، كما يعمل على حفظ رونق الشعر.

أقرأ المزيد

 


[1]   عن كتاب النحلات والطب.[2]   عن كتاب النحلات والطب.[3]   عن كتاب Bees and People.[4]   عن كتاب النحلات والطب.[5]   عن كتاب العلاج بعسل النحل ت. الحلوجي.[6]   عن كتاب النحلات والطب.

[7]   عن كاب النحلات والطب.[8]   عن كتاب العلاج بعسل النحل ت . الحلوجي.[9]   عن كتابه Bess and people.[10]   عن كتابه Bess and people.[11]   عن ملادينوف في كتابه العسل والمعالجة بالعسل.

[12]   عن مقالة له في المجلة General practic[13]   عن إيوريش في كتابه النحلات والطب.[14]   عن إيوريش في كتابه النحلات والطب.[15]   عن مواد المؤتمر العالمي الثاني لطب النحل[16]   راجع البحث مفصلاً في بحثنا عن استطبابات المعالجة بالغذاء الملكي.[17]   عن ملادينوف العسل والمعالجة بالعسل.[18] عن إيوريش النحلات والطب. [19] عن كتاب Thorsons Editiorial Board .

 

 

الغذاء الملكي والهرمونات
 

 بقلم الدكتور محمد نزار الدقر

أكد هنري هيل[1] H.Haleمنذ عام 1939 أن الغذاء الملكي يحتوي على الهرمون الجنسي الموجه للقند الغونادوتروبين Gonadotropineـ وإن التجارب التي أجراها على حيوانات المخبر بينت أن حقن الفئران بخلاصة الغذاء الملكي تحت الجلد ولمدة خمسة أيام أدت إلى نشاط جريبي في مبايضها وإلى زيادة حجم تلك المبايض.

وفي مركز الأبحاث الوطني المبصري[2]قام الباحثون الدكتور سلامة وزملاؤه بإجراء دراسة لمعرفة تأثير الغذاء الملكي على إناث الفئران. كان وزن الفأرة في بداية التجربة 37غ، وقد قسمت الفئران إلى مجموعتين، أعطيت فئران المجموعة الأولى 40ملغ من الغذاء الملكي، ولم تعطها فئران المجموعة الثانية ، وبعد أربعة اسابيع، أصبح وزن الفئران في المجموعة الأولى 79غ وأصبحت  قابلات للحمل إذ نضجت جنسياً بعد 26يوماً فقط. أما أفراد المجموعة الثانية فقد وصل وزنها إلى 60غ فقط واستغرق نضجها الجنسي مدة 42يوماً.

هذه النتائج تؤكد فعالية الغذاء الملكي في سرعة النضج الجنسي وفي زيادة الوزن عند الفئران.

وأكد الباحث أحمد عبيد أن إعطاء الجرذان المستأصلة مبايضها الغذاء الملكي يزيد من وزن أرحامها وأن له بذلك خاصية الهرمون المؤنث الاستراديول، أما عند ذكور الجرذان فقد أثبتت أن له أثراً عليها شبيه بفعل التسترسترون.

خاصية الغذاء الملكي المضادة للحيوية:

أثبت س.ماكليسي و رم ميلامبي[3]أن للغذاء الملكي خاصة متفوقة في قتل الجراثيم تزيد على حمض الفينيك وهذا ما يفسر بقاءه بعد أن يجف فترة طويلة دون أن يفسد ويرى كثير من العلماء أن الغذاء الملكي يتمتع بخواص موقفة لنمو الجراثيم وأخرى مبيدة لها. ويفسرون ذلك بوسطها الباهاء = PHالحامضي، وقد قام ملادينوف[4]1961 بدراسة أثبت فيها أن الغذاء الملكي الطازج والمحفوظ جيداً يبدي خواص مضادة للجراثيم سواء منها الإيجابية أو السلبية الغرام، كما أنه قاتل لبعض الطفيليات من زمرة وحيدات الخلية كالمتحول العادي أو الزحاري، إلا أنه بعد تمديده يفقد تلك الخاصة.

ويرى كل من ميلامبي وغولبر[5]أن الغذاء الملكي يخرب العصيات السلية أيضاً. وقد كتبت الدكتورة ستسكالا فنزويل [6]أن الملكي قاتل لطفيلي اللايشمانيات المدارية Trypanosoma Cruceالمسبب لمرض مميت للإنسان، حيث ثبت أن الطفيلي يموت ضمن الغذاء الملكي خلال 4ـ8 دقائق، كما بينت المؤلفة أثراً مشابهاً ضد الأميب الزحاري.

وفي أكادمية العلوم الطبية روماني قام البروفيسور أ.ديريفتش[7] Derevichوزملاؤه بدراسة الخاصة المضادة للحمات الراشحة للغذاء الملكي. أجريت على ذراري حمات الكريب من زمرة آ وب وتبين له أن الغذاء الملكي الطازج فقط يملك هذه الخاصية. لقد تم حقن الجوف السقائي لجنين بيضة الدجاج بـ 2ملغ لمحلول مائي لخلاصة الغذاء الملكي مع مقدار من هذه الحمات الراشحة وبعد إمرارها passigesعلى 3زرعات لم يمكن في أي منها عزل الفيروسات الحمات المذكورة، كما لم يلاحظ أي أثر ضار للفيروس على أجنة البيض بعد النقل المذكور.

وقد أجرى البروفيسور أيوريش[8]تجارب سريرية لمعرفة الخواص العلاجية والوقائية لمستحلب غولي للغذاء الملكي[9]على الكريب والأنفلونزا وإن إضافة الغول إلى الغذاء الملكي علاوة على أنه ضروري لحفظه فهو يسهل امتصاصه عبر الأغشية المخاطية للفم واللسان والحلق والأنف، وقد تبين أنه من أجل الوقاية من الكريب، يكفي دهن الغشاء المخاطي للأنف بذلك المستحلب مع تناول 20 نقطة منه تحت اللسان، أو أن يتمضمض به في جوف الفم والحلق أما حالة الإصابة بالكريب فيعالج بنفس الطريقة المذكورة أن تكرر ثلاث مرات في اليوم ولمدة يوم واحد أو يومين.

الغذاء الملكي والشيوخ:

يرى البروفسور ريمي شوفان[10]وكوريوتي أن الغذاء الملكي ينشط العضوية كلها، ويحسن الشهية ويزيل الشعور بالتعب ويزيد من الطاقات الحيوية للبدن، وهذا حقاً ما يلزم الشيوخ. ففي عام 1966 كتب الطبيب الفرنسي ديسترم[11]نتيجة تجاربه عن معالجته لشكاوي الشيوخ بإعطائهم الغذاء الملكي حقن 20ملغ يومياً تحت الجلد لـ 134 شيخاً معظمهم في عمر بين 60ـ80سنة وكانت النتائج إيجابية في 60% من الحالات، فقد ازداد نشاط المعالجين ومحبتهم للعمل والحياة وتحسنت شهيتهم للطعام.

أما البروفسور بيشيف[12] Piechevوزملاؤه بلغاريا 1967 فقط أجروا دراسة سريرية على 23 شيخاً مسناً بعمر فوق الـ 60عاماً. وتبين أن إعطاء الشيوخ علاجاً مركباً من العسل والغذاء الملكي وغبار الطلع له تأثير منشط جداً حيث تحسنت صحتهم العامة ومزاجهم، وشهيتهم للطعام، كما تحسن نومهم وتراجعت الآلام القلبية واعتدل إدرار البول عندهم، كما تناقص كولسترول وضغط الدم عندهم، تحسنت لديهم الوظيفة الجنسية والتنفسية.

 

الاستشفاء بالغذاء الملكي

الغذاء الملكي والعقم

توصل الدكتور حسن عبد العال[13]  إلى معالجة العقم عند الرجال بنجاح بإعطائهم الغذاء الملكي، حيث عالج حالات معندة من العقم فشلت فيها العلاجات التقليدية خلال فترة من 3ـ15 سنة ومنطلق بحثه ما يلفت الأنظار من قدرة الملكة على وضع البيض بأعداد هائلة بسبب تغذيتها بهذه المادة، وأن النحلات العاملات يمكن أن تبيض أيضاً إذا ما أطعمت الغذاء الملكي أما المقدار العلاجي للمصابين فهو 30ملغ على الريق قبل الإفطار يومي وينبه إلى أنه لا يجوز استعمال مواد معدنية أثناء تناوله أو خزنه لإمكانية تفاعله مع معدنها.

الغذاء الملكي في أمراض العين:

أكد الدكتور موزهرنكوف[14]أن تطبيق الغذاء الملكي موضعياً على شكل مرهم بنسبة 1% اعتباراً من اليوم العاشر لحدوث حرق في العين له نتائج جيدة على حيوية القرنية كما بين أن مشاركته في مرهم عيني مع الليثومايستين له تأثير ممتاز لمعالجة التهاب الملتحمة الحاد، والتهاب الملتحمة والأجفان المزمن، وفي حالات الإصابة بالشعيرة أيضاً الجنجل.

 

الغذاء الملكي في أمراض القلب والأوعية:

أكد إيوريش[15]أن الغذاء الملكي باحتوائه على مواد، تعمل عمل الأستيل كولين، فهو موسع للأوعية الدموية، وهذا ما يفسر أثره الجيد عند المصابين بارتفاع الضغط الدموي، كما تشير مشاهداته السريرية أن للغذاء الملكي تأثيراً ممتازاً عند المصابين بهبوط الضغط الدموي. وهذا ما يؤكد أن الغذاء الملكي ناظم للضغط الدموي فهو يخفضه ويعدله عند المصابين بارتفاع الضغط في نفس الوقت الذي يؤدي فيه إعطاؤه إلى المصابين بالوهط الدوراني وانخفاض الضغط الشرياني إلى ارتفاعه عندهم إلى المستوى الطبيعي.

أما ملادينوف[16]فإنه يؤكد الفعل الناظم للضغط الذي يملكه الغذاء الملكي وينقل عن ميشينكو معالجته للمصابين باضطرابات وعائية قلبية مترافقة بارتفاع الضغط الدموي أو انخفاضه، وحالات من التشنجات في الأوعية التاجية أو الدماغية، حيث يعطي مضغوطات تحوي الغذاء الملكي 10ـ20ملغ، 3مرات/اليوم بوضعها تحت اللسان ومصها. ويرى أن هذه المعالجة تمنع حصول التصلب الشرياني وتخفض مستوى الكولسترول في الدم. ويعالج كل من زايسف[17]وبورديان المصابين بالتهاب بطانة الشرايين وتصلب الشرايين المزمن بالغذاء الملكي ويرون أن له تأثيراً حسناً على سير المرض إذا كان في مراحله الأولى.

وينقل إيوريش[18]عن طبيب أرجنتيني روبيرتوهيلين شفاء مصابة عمرها 80سنة، مصابة بالتهاب بطانة شرايين متعمم بإعطائها الغذاء الملكي لكن إيوريش يرى أن حادثة واحدة لا يمكن أن تتخذ قاعدة لتقرير حقيقة ثابتة وأنه كان قد عالج عدداً من الحالات المترقية من التهاب بطانة الشرايين بالغذاء الملكي لم يشاهد شفاء أي حادثة منها.

 

الغذاء الملكي والحثل الغذائي عند الأطفال:

الحثل الغذائي Hypotrophiaمرض يتصف بخلل في تغذية الطفل واضطراب في نموه، مع ضعف ونحول شديدين، ومنظر الوجه الشيخي واضطراب في النوم. وينقل ملادينوف[19]عن عدد من المؤلفين نجاحهم في معالجة وإنقاذ الأطفال المصابين به بالغذاء الملكي. فمن معهد الطب الثاني موسكو عالجت ز. ليبديفا عدداً من الرضع المصابين بإعطائهم تحاميل عيار،5ملغ غذاء ملكياً ثلاث مرات في اليوم وقد تحسنت الحالة عند الجميع بعد أسبوغ كذلك فإن ي فايتيغا و ن روشال عالجا 40طفلاً مصابين باضطراب النمو، فأعطى الرضع منهم تحاميل الغذاء الملكي، أما الأكبر سناً فقد أعطوا مضغوطاته الحاوية على 10ملغ، مرتين يومياً، تمص تحت اللسان. وكانت النتائج ممتازة خلال فترة من 10ـ15يوماً.

أما أ.زيبولد[20]فقد وجد نتائج جيدة بإعطاء الأطفال المصابين بالحثل، الغذاء الملكي مشركاً مع العسل داخلاً، أو لوحده حقناً تحت الجلد 0.25ـ0.5ملغ/اليوم وأكد أن المعالجة أدت إلى عودة التوازن البروتيني الشاردي إلى طبيعته، وارتفع الخضاب وعدد الكريات الحمر في دمائهم، كما تنشطت كافة الأفعال الحياتية في عضويتهم المنهكة.

 

استطبابات أخرى للمعالجة بالغذاء الملكي

يعتبر الغذاء الملكي في الوقت الحاضر المكون الأساسي الهام للعديد من مستحضرات التجميل[21]وذلك لما شوهد من تأثيراته الحسنة على الجلد والتي تنتج بسبب غناه بالهرمونات والفيتامينات وخاصة حمض البانتوتينيك ويرى ج. ماتوشيفسكي[22]أن الغذاء الملكي يمكن اعتباره عاملاً ناظماً لأفعال الاستقلاب الأساسي، له فعل مدر للبول وإذا كان له فعل على مكافحة البدانة فهو في نفس الوقت يستفيد منه المصابون بالهزال والنحول ينشط الدورة الدموية ويزيد من مقاومة العضوية للانتان، كما يفيد في تنظيم عمل الغدد الصماوية.

ويوضح ويلسون[23] P.Wilsonخلاصة أبحاث أجريت في فرنسا وإيطاليا عن فوائد الغذاء الملكي فأكد فائدته الجمة في معالجة النفاس العصبي كما أوضح تأثيراته البيولوجية على الكظر، كما بين أن المكونات الفعالة فيه يمكن أن تصنف مع الهرمونات.

وهناك جدل كبير حول بعض المعالجات والاستطبابات للغذاء الملكي ففي المؤتمر العالمي الثالث والعشرين للنحالة موسكو 1971 حاضر بيشف وزملاؤه[24]عن النتائج الجيدة لمعالجة عدد من الأمراض كالتهاب الحويضة والكلية وعقب العمليات الجراحية بإعطاء الغذاء الملكي، إما حقنا في العضل، أو على شكل مضغوطات تحت اللسان، ويصفون نتائجه بأنه يحسن النشاط الحيوي للعضوية وينشط العمل الفكري والعضلي وينظم الاستقلاب الأساسي، علاوة على أنه يحسن التفاعلات المناعية الحيوية للعضوية ويزيد من قواها الدفاعية.

هذا في حين حاضر الطبيب البولوني ماتوشفسكي[25]فأكد أن الغذاء الملكي يثبط من تكاثر اللمفاويات وينقص من قدرة العضوية على تشكيل الأجسام الضدية فبعد إعطائه مضغوطات الغذاء الملكي تحت اللسان لـ 30مريضا، لاحظ نقص اللمفاويات في دمائهم، مع مؤشرات تدل على تثبيط تشكل الأضداد. وعلى ما يبدو فإن السؤال حول تأثير الغذاء الملكي على التفاعلات المناعية للعضوية ووظائف الكريات البيض ما يزال موضع نقاش ويحتاج إلى متابعة البحث.

 

المشاركة بين الغذاء الملكي وسم النحل:

يقترح إيوريش[26]لمعالجة الرثية المفصلية الحادة هذه المشاركة مع حمية غذائية متوازنة عالية القيمة الحرورية ويرى أن تطبيقها بشكل صحيح يعطي نتائج ممتازة حيث يقوي كل من الدواءين ويدعم شريكه الآخر. وأن الجمع بين هذين العقارين يحسن من وظائف العضوية وقدراتها الدفاعية وفي معهد بلوفدفسكي الطبي أثبتت تجارب أجريت على الحيوانات أن الغذاء الملكي يستدعي عندها استثارة للنشاط العصبي العلوي، في حين أن سم النحل، وعلى العكس تماماً، يؤدي إلى تثبيط نشاط القشر الدماغي. وعلى هذا يجب انتقاء الحالات بحذر عند قرار المشاركة بين العقارين، فلكل مريض خصوصياته، آخذين بعين الاعتبار الخواص الدوائية المتعددة لكل من هذين العقارين الطبيعيين.

الغذاء الملكي: قطافه، حفظه، وطرق استعماله

إن الحصول على كميات كبيرة من الغذاء الملكي مرتبط بصعوبات كثيرة وذلك لأن النحل لا يصنع هذه المادة بغزارة إلا في ظروف خاصة، كأن تفقد الخلية ملكتها، أو في أسرة شاخت ملكتها أو مرضت ولذا فإن النحالين يعمدون في الغالب على إبعاد الملكة عن الخلية إلى حين من أجل الحصول على الغذاء الملكي، فحينئذ تبدأ العاملات باختيار عدد من البيوض، وتضعها في مهود ملكية تملؤ سريعاً بالغذاء الملكي وفي تلك الشروط، تتنج الخلية من 10ـ100 ملكة. وبما أن الخلية لا تحتاج إلى ملكة واحدة، فعلى النحال حينئذ أن يقطف ويقتطع ما تبقى من مهود ملكية، جانياً ما فيها من الغذاء الملكي وحين القطاف تغسل اليدان بالماء والصابون مع الفرشاة، ويلبس العاملون ألبسة بيضاء وقبعات لحفظ الشعر، ثم ترفع الإطارات الشمعية الحاوية على المهود الملكية، وبواسطة سكين خاص منحن حاد تقتطع المهود الحاوية على الغذاء الملكي وتحفظ في أوعية معتمة.

ويمكن أن يستخدم ممص خاص زجاجي، يشفط الغذاء الملكي من داخل المهد دون أن يمس ويجب أن تراعى قواعد صحية دقيقة أثناء القطاف لأن تلوث يمكن أن يؤدي إلى تخربه وينصح ملادينوف[27]من أجل الحصول على غذاء ملكي ذي مواصفات ممتازة، اختيار خلايا كبيرة ذات أسر نحل نشطة وفي مرعى جيد غزير الأزهار وغبار الطلع، ويؤكد ألين كيلاس[28]أن  إضافة الفيتامين ج = Cوبروتينات الحليب إلى خلية النحل يضاعف إفرازها من الغذاء الملكي إلى 2.5 ضعف.

ولينتبه إلى أن ترك الغذاء الملكي مكشوفاً ومعرضاً للهواء في الجو العادي أو تعرضه للضوء يؤدي خلال ساعات إلى تخربه وفساده. وإن المنظر الرغوي الذي يأخذه مع الزمن دليل فساده وعدم صلاحيته للمعالجة أو التغذية.

ومعظم المؤلفين ينصحون بحفظ الغذاء الملكي ضمن العسل بنسبة 1: 100 باعتقادهم أن العسل حافظ له من الفساد إلا أن إيوريش ومؤلفين آخرين يرون أن كلا المادتين غنية بالخمائر وأن مزجهما يؤدي مع مرور عدة أسابيع إلى تفاعلات تؤدي إلى تغير في تركيبه وتناقص في فعاليته الدوائية وعلى كل فيجب وضعه ضمن آنية زجاجية معتمة زجاجها غامق اللون وأن تكون محكمو السد، وأم يحفظ في الثلاجة بدرجة الصفر.

ويرى البعض[29]أن أفضل طريقة لحفظ الغذاء الملكي وضعه ضمن غول بدرجة 40ـ45 إلا أن بيشف وتوزيغا يرون أن الغول يخثر بروتيناته ويضعف خواصه المضادة للحيوية، ويرى ايوريش[30]أن أفضل طريقة لحفظه لفترة طويلة هي ما يسمى بالتجفيد  Lyophilisationأو التجفيف بالتجميد وهي طريقة تستعمل لحفظ المضادات الحيوية ويضاف الماء إلى الغذاء الملكي المحفوظ عند استعماله.

ولا ينصح ايوريش[31]بتناول الغذاء الملكي داخلاً عن طريق الفم لغاية علاجية لاعتقاده بأن فعاليته تنقص بتأثير العصارات الهاضمة ويرى أن إعطاؤه على شكل مضغوطات توضع تحت اللسان هي الطريقة المثلى فالأغشية المخاطية للفم واللسان تمتص الغذاء الملكي بشكل جيد حيث يصل بسرعة إلى الدورة الدموية وإن المقادير العالية منه 100ـ200ملغ/اليوم.

تؤدي إلى تدفق النشاط والحيوية أما المقادير الصغيرة 10ـ20ملغ/اليوم فيبدو أن فعلها هو من قبيل العلاج النفسي.

وإذا أردنا إعطاء الغذاء الملكي عن طريق الفم داخلاً مع المحافظة على فعاليته فهذا ممكن إذا تناول المريض محلولاً قلوياً خفيفاً مقدار ملعقة شاي من ثاني فحمات الصوديوم محلولة في نصف كأس ماء ساخن وذلك قبل 10ـ15 دقيقة من تناول الغذاء الملكي.

وينصح إيوريش المرضى بتمضية فترة شهر في مصحات ريفية في الهواء الطلق حيث تكثر المناحل ويتمكن من الحصول على الغذاء الملكي ظازجاً.

ولا بد لنا هنا من التنويه إلى ملاحظة هامة، فلقد نشرت في العقود الثلاثة الأخيرة مقالات لا تعد  ولا تحصى حول هذه المادة العجيبة، والتي جعلت من الغذاء الملكي علاجاً لكل الأمراض و"أكسيرا للحياة" وما تزال تظهر مقالات تصفه كعلاج غير عادي وتجعل له استطبابات لا أساس لها من الناحية العلمية ونحن إذ ننبه إلى هذه الناحية نأسف لأساليب بعض الكتاب الذين لا يفرقون بين البحث العلمي التجريبي والمشاهدات السريرية الدؤوبة وبين ما يكتب من قبيل الإعلان التجاري ودعايات المنتخبين.

ورغم تقدم "الكيمياء" فإننا نجزم بأن التركيب الكيمياوي المعقد للغذاء الملكي لم يكشف النقاب عنه بشكل كامل وما تزال فيه جوانب غامضة إلا أنه يمكننا القول بأن الأبحاث الطبية الحديثة التجريبية والسريرية ساعدت على كشف الكثير من خفايا هذه المادة العجيبة وكشفت عن عدد من خواصها العلاجية والوقائية الهامة بحيث أمكن وضعها في خدمة الصحة العامة كمادة حيوية منشطة للجهاز العصبي، والوظيفة الجنسية، وقد أدخل كمادة دوائية معتبرة في عدد من المؤسسات الصحية في أوربا وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية.

هذا وإن الأبحاث ما تزال جارية لوضع الاستطابات الجازمة للغذاء الملكي ولتطوير الطرق اللازمة لقطافه وجمعه وحفظه، كما أن معامل الأدوية جادة في تحضيره ضمن مستحضرات دوائية معايرة يسهل بواسطتها تناوله.

 

غراء النحل Propolis

العكبر

إذا فتحت منحلتك في يوم صيفي صاح لتستمتع بمنظر النحل الدؤوب رأيت مادة راتنجية لها قوام الطباشير وبلون بني ـ مخضر، التصقت في باطن غطاء الخلية وحول إطارات الشمع إلى جدران الخلية، هذه المادة يسميها النحالة بالعكبر أو غراء المحل. وهي مادة، تقوم ورشة التصليحات والصيانة من النحل العامل، بإصلاح الشقوق بواسطتها في جدران المنحلة، كما تلمع بها وتصقل النخاريب العيون السداسية قبل وضع البيض بها أو قبل إملائها بالعسل وإذا دخل إلى الخلية حيوان غريب مثل فأر أو سحلية أو غيرها قتلها النحل، لكنه لا يتمكن من إخراجها من الخلية، وتأتي العاملات المختصات فتفرز هذه المادة حول جثة الحيوان الميت محيطة به تماماً، والواقع أنها عملية تحنيط حقيقة، فالغراء هذا يحفظ الجثة من التخرب والفساد عشرات السنين وهذا ما يفسر بقاء الهواء ضمن الخلية نقياً بشكل دائم وخالياً من أي رائحة تدل على  التفضن والفساد.

الخواص الكيميائية والفيزيائية لغراء النحل:

لقد اهتم الباحثون منذ عهد أرسطو طاليس بالعكبر وتساءلوا عن المصدر الذي يستخدمه النحل لصنع هذه المادة القيمة، ومنذ القديم، كان يظن أن النحل يجمع غراءه من براعم أشجار الحور والصفصاف والصنوبر والكستناء وغيرها من الأشجار الراتنيجة، غير أن الرأي الغالب اليوم أنه يصنعها من غبار الطلع ويرى العالم الأمريكي ميكول هايداك[32]أن العكبر غراء النحل يجمعه النحل من براعم مختلف أنواع النباتات كما يستخدم الراتنج الذي تفرزه الأشجار الصنوبرية، فالعاملات المختصات بهذه المهمة تتجه منذ العاشرة صباحاً لتجمع هذه المادة البنائية الهامة، مثابرة في عملها حتى الرابعة بعد الظهر، وفي كل مرة تعود إلى خليتها، تسلم حملها إلى نحلة البيت التي تعمل على تجهيز هذه المادة وتصنيعها، علماً بأن أعداداً قليلة من النحل العامل يختص في مهمة جني وتصنيع غراء النحل: البرويوليس [33].

ويميز بعض الباحثين[34]بين الغراء الكاذب الذي يجلبه النحل من الراتنج النباتي وبين الغراء الحقيقي الذي يصنعه من غبار الطلع، وذلك أن الأغشية التي تغلف حبيبات الطلع تحتوي على كمية لا بأس بها من مواد راتنجية بلاسم، تتحرر أثناء عملية الهضم في معدة النحلة ثم تطرحه تقيئه من فمها. وقد دافع لافي من فرنس [35]عن النظرية القديمة لمنشأ غراء النحل من براعم الراتنجيات مؤكداً أن خمسة من المواد المكونة له توجد في براعم أشجار الحور والصفصاف.

 

مكونات غراء النحل

إن الغراء العكبر المجني من مناطق مختلفة يتباين في لونه ورائحته، وحتى في تركيبه الكيميائي. وهذا يتعلق بالمرعى الموجود حول المنحل. وحتى في المنحلة الواحدة، فإن مواصفات العكبر تختلف من وقت لآخر.

وهو مادة ذات رائحة عطرية جذابة وطعم مر وقوام غروي وملمس صمغي. لونه وهو طازج، أخضر مصفراً، أو ذو حمرة خفيفة، يغمق لونه كلما تقادم عليه العهد ليصبح بني اللون.

وهو مادة معقدة التركيب جداً تحتوي على البروتينات والفيتامينات وعدد من الأملاح المعدنية في طليعتها الحديد والمغنزيوم والكالسيوم والألمنيوم والكرومنيوم والفناديوم والسترونسيوم. وهي تدخل ضمن زمر عضوية خاصة. ففي الغراء ما يقرب من 55% من وزنه الجاف على راتنجيات وبلاسم وعلى 30% من شمع النحل و10% زيوت عطرية إيترية وعلى 5% غبار الطلع وهذا ويطحن الشمع والرتنج ضمن الخلية بين فكوك النحل العامل بشكل عنيف مؤدياً إلى تشكل غراء النحل. ومن بين المكونات المعقدة للعكبر، فأن الفيتونسيدات الموجودة في زيوته الإيترية هي الجواهر الفعالة بنشاط. وهي تتطاير، ويفقد الغراء فعاليته، إذا لم كن محفوظاً في إناء محكم السد.

 

الخواص البيولوجية لغراء النحل

خاصيته المضادة للجراثيم والحمات الراشحة:

منذ عام 1948 اكتشفت ف. كيفالكين[36]أن لغراء النحل خاصية قتل الجراثيم من زمرة العقديات والعنقوديات وجراثيم التيفوس وغيرها. وفي قسم الجراثيم من معهد قازان الطبي[37]اختبر التأثير المضاد للجراثيم لخلاصة مائية للغراء وأثبت فعاليته بشدة ضد 100 زمرة جرثومية بما فيها عصيات السل وبريميات الإفرنجي والدفتريا، وضد عدد من العوامل الفطرية الممرصة للإنسان، ويتناسب شدة هذا التأثير مع تركيز الغراء في تلك المحاليل.

وقد أكدت مشاهدات أدلين ديريفتش[38]وزملاءها الخواص المضادة للجراثيم التي يتمتع بها الغراء وأنه مثبط لنمو الجراثيم من زمرة الأنتروكوكس. الباحث اليوغسلافي ب. فيليبش[39]أكد أن الغذاء الملكي وغراء النحل بيديان تأثيرات مضادة للحمات الراشحة في تركيزاتهما العالية فقط وإن المشاركة الصحيحة للغذاء الملكي مع الغراء والعسل تبدي تأثيراً واضحاً كمضاد للحمة a2للكريب وفي محاليلهما الممدة حتى 1/10. وأن مزيجاً من العسل مع الغراء الغراء 1% والغذاء الملكي 2% يبدي تأثيراً جيداً ضد حمة اللقاح وإن رفع نسبة الغذاء الملكي في المزيج السابق إلى 10% يجعل طيفه ضد الحمات الراشحة أوسع ليشمل التهاب الفم الحويصلي الحموي، كما أن يوليانا كريشان[40]من رومانيا أثبتت في تجاربها المخبرية أن البروبولس قاتل لحمة الحلأ البسيط في الزجاج.

وأكدت أبحاث بالاليكن Balalykin  وأوركن Orkinأن العكبر يحرض البالعات Phagocytesالتي تقاوم الجراثيم وتبتلعها وهكذا فإنه بعد حقن الفئران بمحلول العكبر، ثم تعريضها لإنتان جرثومي، لاحظ عندها تضاعف عدد البالعات نسبة للحيوانات التي لم تحقن بالعكبر. كما أن البروفسور Havsteenيؤكد أن العكبر يوقف دخول الحمات الراشحة إلى الخلايا واثناء جانحة شديدة للإنفلونزا اجتاحت مدينة سيراجيغو، أعطى البرفسور أوسماناجيك[41] Osmamagicملعقة صغيرة من العكبر ممزوجة بالعسل يومياً لمجموعة من طالبات مدرسة التمريض  وكانت النتيجة أن انخفضت نسبة الإصابة بالانفلونزا عند اللواتي تناولن العكبر إن العشر نسبة لمجموعة المقارنة من الطالبات اللواتي لم يتناولن العكبر.

وأكدت الدكتوره كاريموف[42]  Karimova  من معهد قازان الطبي أن العكبر يقي الخنازير المحقونة به من التأثيرات السامة لذيفان الدفتريا في حين أن الحيوانات التي لم تحقن بالعكبر لاقت حتفها بالكمية نفسها من الذيفان التي حقنت للمجموعتين.

خاصية غراء النحل المسكنة والمخدرة والمضادة للحكة

أظهرت التحريات التي أجراها بروكوبوفيتش[43]التأثير المخدر الموضعي للعكبر وأن محلوله بتركيز 0.25% يعادل تأثير محاليل النوفوكائين أو الكوكائين وينجم هذا التأثير المخدر لاحتواء العكبر على الزيوت الإيترية وأن محلول العكبر يستدعي تخديراً موضعياً كاملاً لمدة 12.5دقيقة، في حين يفقد تأثيره هذا إذا فصلت عنه زيوته هذه، أما البرفسور هافستين[44]  Havesteenفيعتقد أن للعكبر تأثيراً مسكناً يعادل تأثير الأسبرين وفي الندوة العالمية الأولى لطب النحالة موسكو قدم غ. مخميدياروف[45]بحثاً أكد فيه أن غراء النحل يتمتع بخاصية مهدئة ضد الحكة. ويؤكد أيوريش في تعليقه على البحث، أن مشاهداته أثبتت أن خاصية البروبوليس المضادة للحكة نتائجها مؤقتة ويدعو أطباء الجلد للقيام بدراسة سريرية لاختبارها على مرضاهم.

التأثيرات السمية لغراء النحل

وهي من المواضيع التي يثار حولها جدل بين المؤلفين فقد أظهرت تجارب أ.ديريفتش[46]أن لغراء النحل سمية محدودة فلو أعطي النحل عسلاً مع محلول الغراء 20% فإنها تموت بسرعة بالشلل وعلى هذا فإن إيوريش يرى أن تناول غراء النحل العكبر داخلاً قد يكون له تأثيرات جانبية سواء على الغشاء المخاطي للسبيل الهضمي أو على الكبد وغيرها  من الأعضاء خاصة وأن فيها نسبة عالية من الراتنجات في حين يرى ملادينوف أن البروبوليس مادة ليس لها أي أذى وينقل[47]بحثاً عن ف. كيفالكينا نتائج أعطائها لحيوانات التجربة خلاصة غولية للغراء داخلاً وأنها لم تجد له أي تأثير سمي كما تبين لها أنه يزيد القوى الدفاعية للعضوية ومن تشكل الأضداد النوعية يقوي فعل البلغمة ومن مقاومة هذه الحيوانات للإنتان وأكدت أن التطبيق الموضعي لهذه المادة ينشط تنمي النسيج الحبيبي وينظف الجروح والقروح من المفرزات القيحية.

أقرأ المزيد


[1] عن ايوريش النحلات والطب.[2] عن كتاب Thorsons Editiorial Board .[3] عن كتاب العلاج بعسل النحل للحلوجي. [4] عن ملادينوف العسل والمعالجة بالعسل. [5] المرجع السابق.

[6] المرجع السابق. [7] عن كتاب Bees and People.[8] عن كتاب Bees and People.[9] يحضر بحل 2غ غذاء ملكي طازج في 18غ غول بدرجة 40 والذي يمكن حفظه فعالاً لمدة طويلة بهذا الشكل.

[10] عن كتابه traite' de Biol. De L'Abiele.

[11] عن أيوريش النحلات والطب. [12] عن ايوريش النحلات والطب. [13] وهو أستاذ الأمراض الجلدية والتناسلية في جامعة الأزهر، نشر البحث في مجلة أخبار اليوم في 29/8/1970.[14] عن مقالة له في مجلة أمراض العين Vest. Opht موسكو ـ 1986ـ5.[15] عن كتابه النحلات والطب. [16] عن ملادينوف العسل والمعالجة بالعسل. [17] عن ملادينوف العسل والمعالجة بالعسل.[18] عن كتاب Bess and People.

[19]عن ملادينوف العسل والمعالجة بالعسل.[20] عن ملادينوف العسل والمعالجة بالعسل.[21] عن كتاب النحلات صيدلانيات مجنحة. [22] عن كتاب  Bess and People.[23] عن كتاب النحلات والطب ـ أيوريش.

[24] عن كتاب النحلات صيدلانيات مجنحة.[25] عن إيوريش النحلات والطب.[26] عن إيوريش النحلات والطب.[27] عن كتابه العسل والمعالجة بالعسل.[28] عن كتابه Les 3 ALlement miracles.

[29] عن ملادينوف العسل والمعالجة بالعسل. [30] عن كتابه النحلات والطب.[31] المرجع السابق. [32] عن ايوريش النحلات والطب.

[33] البرولوليس تتكون من كلمتين يونانيتين Por- وتعني أمام وPolis وتعني المدينة، وذلك لأن النحل يقوم بإحاطة مدخل الخلية بهذه المادة ولمنع أعداء النحل من دخول الخلية. [34] عن إيوريش النحلات والطب.

[35] من محاضرة ألقاها في المؤتمر العالمي للنحالة عام 1969 عن كتاب Bess and People.[36] عن كتاب المعالجة بعسل النحل ترجمة الحلوجي. [37] عن ملادينوف العسل والمعالجة بالعسل.

[38] عن إيوريش Bess and People.[39] عن محاضرة له في المؤتمر العالمي الثاني لطب النحالة بخارست 1976. [40] عن كتاب Thorsons Editiorial Board 1989.

[41] عن كتاب Thorsons Editiorial Board 1989.

[42] عن ملادينوف العسل والمعالجة بالعسل. [43] عن إيوريش النحلات والطب.

[44] عن كتاب Thorsons Editiorial Board 1989.[45] عن إيوريش النحلات والطب.[46] عن كتاب Bees and Peoples.[47] عن ملادينوف العسل والمعالجة بالعسل.

 

 

الاستشفاء بغراء النحل
 

 بقلم الدكتور محمد نزار الدقر

معالجة القروح والجروح والحروق والآفات الجلدية

في أثناء الحرب العالمية الثانية عالج ل. خاندروس[1]جرحى الحرب بغراء النحل ولقد كان شائعاً استعماله لمعالجة الأثفان حيث تؤخذ قطعة من العكبر تسخن حتى تصبح لينة عجينية القوام حيث تطبق على شكل طبقة رقيقة فوق الثفن ثم تحاط برباط من الشاش حيث يمكن للثفن أن يسقط من جذوره خلال بضعة أيام ويؤكد إيوريش أن غراء النحل طبق بنجاح كبير في معالجة الجروح خلال الحرب الأهلية الروسية إلا أنه لم يمكن حينئذ تعميم استعماله لصعوبة الحصول على كمية كافية من نوعية جيدة لهذه المادة القيمة.

م.مولنارتوغ[2]عام 1965 حاضر عن التأثير العلاجي لغراء النحل في معالجة عدد من الأمراض الجلدية وحصل على نتائج جيدة عند المصابين بالصدا والتهاب الجلد الشعاعي وقد طبق المحلول الغولي للغراء في غول 85 درجة أو في مرهم على أساس لانوليني. أما غ مخميدياروف[3]فقد عالج بنجاح بمرهم غراء النحل مصابين بأكزيمة مزمنة أو بالتهاب الجلد العصبي والتهابات الجلد المزمنة ب. اتياسوف وزملاؤه[4]طبقوا مرهماً يتكون من الغراء 15% مع زيت نباتي أو أي أساس دهني لمعالجة الحروق وحصلوا على نتائج جيدة وخلاصة رأيهم أن الغراء  بتركيبه العجيب يبدي خواص مطهرة ومخدرة لموضع الحرق، وخواص مضادة للجراثيم كما أنه منشط للتكاثر الخلوي البشروي ويسرع تنمي النسيج الحبيبي.

س. باخوموف[5]أضاف إلى المرهم السابق 0.1% من مادة ستيل بيريديني كلوريد والتي تنشط فعل فراء النحل المضاد للجراثيم ومن فعله المنشط للتنمي الخلوي وأكد أن تطبيق مرهمه الجديد كان رائعاً في معالجة  الحروق وهو غير مخرش وتغيير الضماد غير مؤلم وهو يسرع من الشفاء السريري بالالتئام المناسب والقضاء على الانتان المرافق إذ شاهد تراجع النز القيحي بسرعة عند تطبيقه ولم يرله أي اختلاط ثانوي وفي المؤتمر العالمي الذي عقد في يوغسلافيا عن المعالجة بمنتجات النحالة[6]أكد الدكتور فيكس Feiksمن النمس أن استعمال محلول صبغة Tinctureالعكبر يومياً عند المصابين بداء المنطقة Zosterقد أدى إلى اختفاء الآلام عند 80% من المعالجين به.

غراء النحل في طب الأسنان وأمراض الفم

من معهد كييف لطب الأسنان أكد ف.رومانوف[7]وزملاؤه أن محلول غراء النحل 2ـ4% يمكن تطبيقه في الممارسة اليومية لطب الأسنان كمادة مخدرة ومسكنة للألم في معالجة المصابين بالتقرحات القلاعية في جوف الفم أما إيوريش[8]يؤكد فائدة المضمضة بمحلول غراء النحل 20نقطة من الخلاصة الغولية 15ـ20% من عكبر عالي الجودة في كأس ماء مغلي ثم يبرد إلى درجة حرارة الغرفة لمدة 1ـ2 شهر لمعالجة التهاب حول السن paradenititisوالتسوس Curies.

ومن رومانيا حاضر م. غفار[9]الذي عالج 80مريضاً مصابين بقلاع مزمن ناكس بمس الآفة بخلاصة غولية لغراء النحل مرة في كل يوم ويمتنع المريض بعدها عن الطعام لمدة ساعتين فالآلام تزول بسرعة والتئام التقرحات القلاعية يتم خلال 2ـ3 أيام وتشرك هذه المعالجة بالمعالجات العامة وخاصة إعطاء الفيتامينات ب المركبة وحمض الفوليك ويرى المؤلف أن آلية  تأثيره متعددة الجوانب فالغراء يشكل طبقة رقيقة على سطح القروح تقي من التاثير المخرش للعوامل الخارجية علاوة على تأثيره المخدر والمضاد للألم ولتشنج الأوعية وعلى ما ثبت حديثاً من تأثير مضاد للفيروس ولآخر موضعي مرهم للنسج.

وأكد ترويانسكي[10]التأثير المخدر العجيب للعكبر على الأغشية المخاطية والجلد وأن يسرع عملية التجديد الخلوي وقد طبق مزيج محلول العكبر مع عصارة نبات الصبر Alove veraلمعالجة التهاب الفم القلاعية والتقرحية والتحسسية وحصل على نتائج جيدة كما أن هذا المزيج مفيد جداً في تقرحات الأغشية المخاطية الفموية وغيرها التالية للمعالجة الشعاعية.

أما الدكتور أجارد[11]من الدانيمرك فقد قام بدراسة على 16.000 مريضاً مصابين بالتهاب الحلق فوجد أن العكبر كان فعالاً في 97% من الحالات حيث كان يوصي المرضى بالغرغرة بمحلول العكبر المائي بعد تصفيته 2ـ3 مرات في اليوم كما يسف شرب قليل منه قبل النوم إلا أنه ينبه إلى أن 3 مرضى من أصل 1700 يتحسسون للعكبر.

 

غراء النحل في الآفات النسائية

وإن معهد القرم الطبي طبق إ. بروسيلوفسكي[12]مرهم غراء النحل عند 120 مريضة مصابات بآفات نسائية مختلفة التهاب باطن عنق الرحم، تقرحات عنق الرحم، التهاب المهبل، التهاب عنق الرحم وغيره، وحصل على نتائج جيدة فبعد تنظيف المهبل من مفرزاته بمحلول مطهر تدك فتائل من الشاش مغمسة بمرهم الغراء تنزع بعد 12ساعة وقد شاهد المؤلف تراجع الأعراض الإلتهابية خلال أيام وكان التئام التقرحات كاملاً بعد 10ـ 12يوماً.

تطبيق غراء النحل بالاستنشاق Lnhalation 

إن تسخين الغراء الهادئ يقوي خواصه المضادة للجراثيم لأن زيوته الإيترية المتحدة عضوياً مع الشمس والراتنج والبلاسم وغبار الطلع تتحرر لتمتلك تأثيراتها الحرة ولهذا السبب يرى ايوريش[13]أن أفضل طريقة للاستفادة من غراء النحل هي استنشاق أبخرته عند ذلك فإن الجواهر الفعالة ـ الفيتونسيدات ـ الموجودة فيه تمتزج مع بخار الماء وتصل بالاستنشاق إلى الحويصلات الرئوية والتي تمتلك خاصية امتصاص عظمى مما يؤدي بتلك الجواهر الفعالة أن تصل إلى الدورة الدموية بسرعة كبيرة، وقد عالج إيوريش المصابين بآفات في الطرق التنفسية والرئتين التهاب الأنف المزمن Rhinitis، الزكام المزمن، التهاب الرغامى Trachetis، التاب القصبات باستنشاق أبخرة الغراء وحصل على نتائج جيدة وطريقة المعالجة بسيطة ويمن تطبيقها في ظروف العيادات الخارجية أو المنزل وتتم بوضع 60غ من غراء النحل مع 40غ من شمع عسل في وعاء من الألمنيوم أو الشينكو بسعة 300ـ400ـمل ويوضع هذا الوعاء في وعاء معدني أكبر حجماً فيه ماء يغلي ففي هذه الشروط تتحرر الجواهر الفعالة الفيتونسيدات الموجودة في الغراء وتتبخر منطلقة مع بخار الماء لتدخل مع هواء الشهيق إلى المجرى التنفسي تكرر العملية مرتين في اليوم وحتى الشفاء هذا ويمكن استعمال جهاز الإرذاذ المتوفر في المشافي.

إن التأثير الدوائي لغراء النحل بالاستنشاق إنما يعود لتحرر الفيتونسيدات التي يحتوي عليها وعلى المريض عندما يشعر بزوال الرائحة الراتنجية أي يضع خليطاً جديداً من الشمع والغراء ليتابع معالجته به وفي معظم الحالات فإن هذه المعالجة تعتبر ملطفة لا شافية وقد قام الدكتور بونيسكو[14] Paunescuفي وحدة المعالجة الطبية في معهد تربية النحل في موسكو بدراسة على 2437 مريضاً مصابين بالتهابات في الأنف والبلعوم والحنجرة أو في الجيوب وقد أعطى هؤلاء المرضى معالجة موضعية شملت الاستنشاق الأنفي بواسطة جهاز ارذاذ عادي لحبوب Proporhinalالمحضرة من العكبر مع الغرغرة بمحلول زهري خاص وأعطوا داخلاً مزيجاً من العسل والغذاء الملكي وحبوب الطلع والعكبر. وكانت النتائج باهرة في 72% من الحالات ومرضية في 25% ولم تتحسن الحالة عند 3% من المرضى فقط.

في أمراض العيون

في عام 1981 قام الدكتور موزهرنكوف[15]بدراسة على تأثير غراء النحل العكبر في أمراض العين وتأكد من أن العكبر يساعد على ترميم النسج وخاصة عند وجود حروق أو أذيات رضية في القرنية وينقل عن أثانوف معالجته لالتهابات القرنية وتقرحاتها وحروق العين الكيميائية والحرارية وذلك بالحقن الموضعي لمحلول العكبر 0.3ـ1% في كيس الملتحمة وأنه يؤدي إلى تخفيف الآلام بسرعة وينقص الدماغ وإلى تماثل المرضى بسرعة إلى الشفاء أو بتقطير محلول العكبر المائي لمعالجة الآفات المذكورة حيث يعطي نتائج جيدة.

إصابات المفاصل الالتهابية والرضية[16]:

قام كل من الطبيبيين إيكل Eeklودوراك  Doworakبتطبيق مرهم يحتوي على العكبر لمعالجة التهابات المفاصل وحصل على نتائج حسنة في 50% من الحالات أما الدكتور بركيك Berkikوأرلانجيك Arlongicفقد طبقا مرهم العكبر على الإصابات الرضية للمفاصل عند الرياضيين وقد زالت الآلام تماماً خلال ثلاثة أيام عند 75% من الرياضيين وقد زالت الآلام تماماً خلال ثلاثة أيام عند 75% من الرياضيين العالجين وتمكنوا في يومهم الخامس من العودة إلى ممارسة عملهم وتدريباتهم.

العكبر في معالجة القرحة الهضمية

أجرى الدكتور غورباتينو[17] Gorbateno1989 دراسة على 126 مريضاً مصابين بقرحة معدية أو اثنى عشرية حيث أعطى المريض ربع كأس من الحليب مضافاً إليه 50ـ60نقطة من محلول العكبر قبل الطعام بساعة ونصف ثلاث مرات يومياً أما مدة المعالجة فهي 21ـ28 يوماً حيث تم الشفاء في 75% من الحالات وقد عاودت الآلام بعد فترة من إيقاف العلاج عند 16% منهم فقط.

الآفات السلية والعكبر

اعتماداً على ما ذكر من تأثير غراء النحل على العصيات السلية فقد أجرت  كريموفا وزملاؤها دراسة سريرية[18]على 105 مرضى مصابين بالسل الرئوي بإعطائهم غراء النحل وكانت النتائج جيدة بشكل خاص عند إشراك هذه المعالجة مع المعالجات النوعية ويعطي إما ما يسمى زيت البروبوليس الذي يحضر بتسخين 1كغ سمن بقري مع 150غ غراء نحل، ويحرك جيداً أثناء التسخين حتى محصل على كتلة متجانسة ويعطى منها 5ـ10غ قبل الطعام بساعة 3 مرات يومياً أو تعطى خلاصته المائية الغولية بمقدار 20ـ40نقطة مع كأس الحليب يشرب قبل الطعام 3 مرات في اليوم ولم تجد كريموفا أي أذى سمي للعضوية من تناوله علاوة عن أن هذه المعالجة تعدل السموم الناجمة عن الجراثيم كما عالج كل من ب. تيخونوف وف. بالشيكوف[19]:16مريضاً مصابين بالسل الجلدي Lupus vulgarisبمرهم يحتوي على الغراء النحلي وكان التحسن واضحاً عند 10منهم.

أهمية غراء النحل في الطب البيطري

إذا كان الطب الشعبي يستعمل غراء النحل في معالجة العديد من أمراض الحيوانات الآهلة، فإن الدراسات الحديثة أثبتت أنه علاج نوعي في كثير من الأمراض وهكذا فإن غابت راحيمانوف[20]عالجت بنجاح بالغ، حيوانات مصابة بداء العصيات النخري Necrobacillusis  بمرهم يتكون من بارافين 10غ، زيت عباد الشمس 10غ، زيت البنج 15غ، وفراء النحل 10غ وإلى نفس النتائج توصلت كل من ن. توبوروفا وك. وبورين[21]وأكدتا أن هذا الداء الوبائي يشفى بهذا المرهم حتى بدون إزالة مسبقة للنسج المتنخرة في جلود المواشي المصابة، أو بعد إزالة جزئية بهذه النسج. وأن هذا المرهم يؤهب إلى تنم سوي للجلد.

وفي المؤتمر العالمي العشرين للنحالة 1965 قدمت أ.ديريفتش وزملاؤه[22]نتائج تجاربهم على الخنازير البحرية وتبين لهم أن مراهم غراء النحل، وخلاصته الغولية، لها أثر جيد في الحروق، فهي تسرع من التئام الجلد وترميمه، ويرون أن زمرة الغلافونوئيدات الموجودة في الغراء والجوهر الفعال فيها الغلانجين Galnginله تأثير حافظ ومجدد للنسيج الضام. ويمكن اعتبارها مادة علاجية ممتازة للحروق.

وفي معهد قازان البيطري قام ك. أبدولين وزملاؤه[23]بمعالجة الحيوانات الأهلة. والمصابة بداء العصيات النخري، والجروح والقروح الرضية والمتقحية، والأكزيمية والتهابات المهبل والدهليز عند الأبقار، بإعطائها غراء النحل على شكل مرهم، كما أعطوا خلاصاته داخلاً، وحصلوا على نتائج جيدة. حيث ينقى الغراء من شوائبه ويذاب على نار هادئة ضمن وعاء خزفي، وفي وعاء آخر يذاب كمية معادلة من الفازلين أو اللانولين حتى درجة 45درجة، ثم يخلط مع الغراء ويمزجا  حتى نحصل على كتلة متجانسة تصفى من خلال شاش نظيف واستعملوا داخلاً مزيجه مع الحليب، حيث يسخن ليتر من الحليب بعد أن يضاف إليه 50ـ400غ غراء على نار هادئه ويحرك بعصا خشبية أو زجاجية لمدة 10 دقائق، ثم يصغي ويعطي للبهيمة المصابة لتشربه.

وخلاصة القول:

إن غراء النحل ـ كما رأينا من خلال أبحاث العلماء وتجاربهم ـ منتج قيم للنحل، وإذا كان ما يزال  حوله بعض الجدل، فلأنه لم يدرس بشكل كامل وخاصة من ناحية تركيبه الكيمياوي المعقد. ويفترض كل من إبوريش وملادينوف، أن مستحضر الفيتونسيدات هذا سيكون له استطبابات أوسع وسيدخل الخزانة الدوائية المستقبلية من بابها الواسع، وإن دراسات كثيرة تجرى هنا وهناك لمعرفة دقيقة لآلية تأثيره وتحديد مقداره الدوائي والطريقة المثلى لتطبيقه، وحقا ما يقوله عنه البرفسور ف. توكين "إن غراء النحل بدون شك، مركب عجيب لمواد بيولوجية فعالة".

 

غبار الطلع pollen

وخبز النحل Beebread

غبار الطلع ليس منتجاً نحلياً في حقيقة الأمر وإنما يجمعه النحل لغذائه وليكون منه ما يسمى "بخبز النحل" ويذكر عادة هنا لأهميته الكبرى في حياة النحل وللدور الهام الذي يلعبه في صحة الإنسان كمادة غذائية وعلاجية قيمة.

وما حبات الطلع سوى الخلايا المذكرة التي تتكاثر بواسطتها النباتات المزهرة وهي تنشأ في الأكياس الطلعية في أزهار النباتات، وعند تمزق الأكياس الطلعية يتناثر منها غبار الطلع حيث ينقلها الهواء وأجسام الحشرات إلى مياسم المدقات لتقوم بعملية الإلقاح وحتى يتم تشكل الثمر. ويقوم النحل بدور كبير في عملية نقل حبيبات الطلع ولإجراء عملية الإلقاح المتصالب وحبيبات الطلع ما هي إلى هيولى بروتينية مكثفة، يحملها النحل إما بالتصاقها بجسمه المشعر أو في أكياس الطلع التي توجد في ساقيه، ويصل بها إلى خلاياه ليصنع منها :خبزه: وليربي عليها يرقاته.

ولا شك أن مشهد طريق، مشهد النحلات العاملات في الأيام الصاحية الربيعية وهي عائدة من المرعى إلى الخلية مع حملها الكبير من غبار الطلع والذي يتراوح وزنه من8ـ15ملغ والذي يعادل عشر وزن النحلة العاملة، وهي تطير بمهارة محتفظة بتوازنها رغم ذلك الحمل الثقيل.

وقد جاء في قاموس اكسفورد عن مادة الطلع Pollenأنها حبيبات دقيقة تنتجها مآبر الأزهار وتشكل العنصر المذكر الذي يقوم بتلقيح مبايض الأزهار وقد استخدمت كلمة الطلع Pollenلأول مرة عام 1751م.

ويقول الدكتور حسان شمسي باش[24]"وإذا كانت كلمة" غبار الطلع ـ Pollen" لم تستخدم في اللغة اللاتينية حتى عام 1751 حينما وضعها كارل لينيه، عالم النبات السويدي، لأول مرة، فإن كلمة "الطلع" قد وردت في القرآن الكريم قبل ذلك بأكثر من 1400 سنة حين قال تعالى "وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيء فأخرجنا منه خضراً نخرج منه حباً متراكباً ومن النخل من طلعها قنوات دانية ـ الأنعام ـ 99.

قال الرازي: "أطلعت النخل إذا أخرجت طلعها، وطلعها كيزانها قبل أن تنشق عن الإغريض عنقود النخل فقال: والطلع أول ما يرى من عنق النخل، وأما القنوان فهو جمع قنو، والقنو عنقود النخل"…

مكونات غبار الطلع وخواصه الحيوية:

إن خبرة قرون طويلة لفيض من الباحثين أكدت أن خلايا النحل لا يمكن أن تقوم بوظائفها ونشاطاتها الحيوية إلا إذا مونت بكفايتها من غبار الطلع وغبار الطلع قبل كل شيء ـ منبع الغذاء البروتيني للخلية، وليس له بديل على الإطلاق فاختصاصي النحل أ. بوتليروف[25]أكد أن البروتين، الضروري لحياة كل عضوية حية، يأخذه النحل من غبار الطلع، وكل حبة منه ـ والتي لا ترى إلا بالمجهر ـ هي تركيز معقد لكثير من مواد غذائية وعلاجية قيمة. فهي تحتوي على مواد آزوتية: الببتونات والغلوبولينات والحموض الأمينية ومواد سكرية، وأخرى دهنية وخمائر ومراد معدنية وفيتامينات ب1، ب2، ب6، ب12، آ، د، و، ك

فكل حبة من غبار الطلع ـ مخزن صغير ـ لمواد على غاية الأهمية للعضوية وإن "الحمولة: الواحدة للنحلة تعد مئات الألوف من هذه الحبات، بل قد عد بعضهم حتى أربعة ملايين حبة في كل حمولة للنحلة الواحدة تعود بها من المرعى إلى الخلية.

أما غريغوريان[26]فقد درس المركبات المعدنية لحمولات النحل من غبار طلع الغابات في الولايات المتحدة وأكد احتواءها على الكبريت والألمنيوم والمنغنيز والمغنزيوم والنحاس والموليبديوم والكلس والفضة والزرنيخ والرصاص والسترمنيوم وغيرها. وعندما تعود النحلات بحملها من غبار الطلع، تكدس هذه الأحمال في النخاريب الشمعية، وتقوم نحلات البيت، وبضربات من رأسها، بصفها، وتجميعها، وتقوم بصب كمية من العسل على شكل طبقة تغطي النخاريب بشكل كامل، بحيث تمنع الهواء تماماً عن غبار الطلع المكدس تحتها مما يحفظه ويمنع فساده، وبسبب غنى كل من العسل وغبار الطلع بالخمائر ومع مضي فترة من الزمن على تخزينها بتماس بعضها تجري فيها تغيرات كيميائية هامة وتفاعلات خمائرية عضوية: حيث يتحول جزء من السكر إلى حمض اللبن والذي يعمل بدوره على حفظ بعض مكونات غبار الطلع، والتي يمكن أن تفسد بسرعة بدونه، هذه التحولات تجعل من مزيج العسل وغبار الطلع مكوناً جديداً هو "خبز النحل" الذي يختلف في مكوناته العضوية عن كل من العسل وغبار الطلع.

ويؤكد البروفسور ن. كولاغين[27]أن غياب غبار الطلع من الخلية يؤدي إلى توقف الملكة عن وضع البيض، كما تتوقف العاملات عن صنع الشمع، وبذا يتوقف بناء الأقراص الشمعية والتي لا بد منها لعمل الخلية: لتربية اليرقات وتخزين العسل وغبار الطلع ولإثبات ذلك قام م. كراسنوبييف[28]بالتجربة التالية: في الخريف، نزع من 10 خلايا نحل، الإطارات الشمعية الحاوية على خبز النحل، ووزعها على 10 خلايا أخرى بواقع إطارين لكل خلية، وفي نيسان من الربيع التالي، تبين أن الخلايا التي تملك خبز النحل كان فيها ما معدله 18480يرقة، وكان إنتاجها من العسل حوالي 68كغ، في حين أن الخلايا التي انتزع منها خبز النحل، لم يعد فيها أكثر من 245 يرقة، وكان مجمل إنتاجها من العسل 26كغ.

وكل الباحثين مجمعون[29]أن خبز النحل يعتبر بالنسبة للنحل، الطعام البروتيني ـ الفيتاميني الذي لا يعدله أي طعام آخر أ. بوتليروف، ل. بيريبلوفا، خ. أبريكرسف يثبت هذا التجارب التي أجراها مركز النحالة التجريبي في أوكرانيا، فقد تم إعطاء المناحل كمية إضافية من خبز  النحل فأدى إلى ارتفاع إنتاجها من اليرقات إلى ما ينوف عن 42 ألف يرقة، ومن الشمع إلى 1239غ، في حين أن نظائرها من الخلايا القريبة أنتجت بحدود 19 ألف يرقة وأنتجت 355غ فقط من الشمع.

هذا ويختلف غبار الطلع من نبات لآخر من حيث لون حباته وشكلها وحجمها الشكل 3ـ1 حتى أن لطاخة مأخوذة من أي عسل، فإن فحصها تحت المجهر، وتبين ميزات حبات الطلع فيه لتدلنا على المصدر الذي صنع منه النحل ـ العسل. وهكذا فإن حجم حبة الطلع لمختلف أشجار الصفاف والبتولا 7 ميكرون، في حين يبلغ حجمها في أزهار فصيلة القرعيات 150ميكرون كما أن دراسة دقيقة للتركيب الكيمياوي لغبار الطلع تبين أن نسبة محتوياته من البروتينات والدهون والسكريات والفيتامينات والأملاح المعدنية تختلف تماماً من نبات لآخر.

وحسب معطيات س.ليبديف[30]فإن  غبار طلع معظم النباتات يصلح لأن يكون مصدراً للحصول على كميات كبيرة من الكاروتين أكثر بـ 20مرة مما يحتويه الجزر الأحمر، الذي يعتبر المصدر الأول لصناعة هذا الفيتامين ومن المفيد الحصول على الكاروتين من طلع الزنبق الأبيض أو الأكاسيا أو غيرها من الأزهار ـ بسبب عدم الحاجة لإجراء أي طرق معقدة لاستخراجه. ولقد تبين أنه يمكن الحصول على 10غ غبار طلع من كل نبتة زنبق أبيض، تعطي 25ملغ كاروتين، أي أن هكتاراً واحداً من الزنبيق الأبيض يعطي حتى30 كغ غبار الطلع، والتي تحتوي على 100غ كاروتين.

وفي معهد أبحاث الفيتامينات روسي أثبت ف. دفياتينين[31]أن  غبار الطلع غني بالبروتين بشكل خاص وهكذا فإن غبار طلع الحنظة السوداء يحتوي على البروتين بما يعادل 17ملغ في كل 100غ منه كل هذه المعطيات توجب لفت أنظار الباحثين إليه ودراسة تركيبه الحيوي ـ الكيماوي بشكل دقيق لإمكانية الاستفادة منه في صناعة الفيتامينات والغذاء البروتيني.

 

الخصائص العلاجية لغبار الطلع وخبز النحل

إن وجود نسبة عالية من الفيتامينات ـ اللازمة لعضوية الإنسان ـ ضمن مكونات غبار الطلع يجعله في عداد المواد العلاجية الهامة إن الطب الحديث اليوم لم يستعمل غبار الطلع أو خبز النحل، لغاية علاجية على نطاق واسع بعد، إلا أنه دخل، ومنذ سنوات عديدة في الطب الشعبي كمادة دوائية رائجة وتبدي العديد من الخواص العلاجية النافعة، وهذا ما دفع العلماء والباحثين من إجراء دراساتهم حول هذا العقار الطبيعي.

وهكذا فإن العالم الفرنسي ريمي شوفان[32]أجرى تجارب على الفئران، فأدخل في غذائها مقداراً بسيطاً من غبار الطلع، مما أدى إلى زيادة وزنها وسرعة نموها، كما أصبت أن لغبار الطلع تأثيراً جيداً على عضويتها حتى ولو خلص من فيتاميناته. وأكد أن براز الفئران المطعمة غبار الطلع خال من أي جراثيم مما يوضح وجود مواد مضادة للحيوية ضمن مكونات غبار الطلع، ومواد أخرى تسرع النمو وتحدث فرط سكر الدم عند الفئران، وفي أبحاثه على الإنسان، أكد شوفان أن غبار الطلع ينظم وظيفة الأمعاء عند المصابين بالإمساك المزمن أو الإسهال المزمن والذي لا يعنو للمعالجة بالمضادات الحيوية كما وجد نتائج طيبة لمعالجة المصابين بالتهاب القولون وعند الأطفال يؤدي إضافة غبار الطلع إلى وجباتهم، زيادة عدد الكريات الحمر بسرعة في دمائهم، وإلى زيادة في الوزن وفي القوى عند الناقهين، وإلى تحسن نشاطهم ومزاجهم أيضاً.

أما ألين كيلاس[33] Caillas.Aفقد أوضح في معلمته الطبية كثيراً من غوامض هذه المادة العجيبة وبين أن غبار الطلع يملك خواص منشطة للعضوية وأكد أنه يحتوي على مواد مضادة للحيوية، أما البحث ليرن[34]فقد عالج بنجاح، حالات مرضية مختلفة عند الأطفال، منها إسهالات مزمنة، والتهاب قولون عصوي، وحالات من فقر الدم، حيث أضاف إلى طعام الفطور مقدار ملعقة شاي من حبيبات الطلع لمدة شهر كامل، حيث أدت إلى ارتفاع عدد الكريات الحمر وخضاب الدم. وقد أكد ر.ليونافيشوس[35]وجود عامل مضاد لفقر الدم في خبز النحل كما أثبت الدكتور[36]داغي روماني أن إطعام الفئران البيض لغبار الطلع يؤدي إلى زيادة واضحة في الهيماتوكريت في دمائها. وتكون الزيادة أوضح عند إطعام الفئران لخبز النحل. كما يزداد عدد الكريات الحمر والبيضاء أما زيادة سكر الدم فلم تلحظ إلا عند إطعامها لخبز النحل، كما أمد التأثير المنشط الحيوي لكلتا المادتين.

غبار الطلع وأمراض الشيخوخة وسن اليأٍس:

تؤكد الأبحاث الطبيبة الحديثة[37]أن غبار الطلع منشط حيوي جيد له فائدة كبيرة في معالجة الوهن الشيخي المبكر، ويفترض  الأكاديمي ستسين أن الخواص المجددة للحيوية والنشاط التي يمتلكها العسل إنما ترجع إلى ما يحتوي عليه من غبار الطلع وقد أجرى جاك دوبريساي[38] Du Brisay  دراسة على مجموعة من الشيوخ بعمر متوسط 70سنة مصابين بالإجهاد الجسدي والعقلي وفقدان الشهية أعطيت مستحضراً لغبار الطلع هو الأنبلاميل Anplamil، وقارن تأثيراته مع مجموعة أخرى أعطيت علاجاً وهمياً Placebo، فكان التحسن واضحاً عند 80% من أفراد المجموعة الأولى، وفي حين لم يجد أي تحسن في مجموعة المقارنة.

وأكد الدكتور تيكانيك[39] Tekaveic  فائدة المستحضر PLD Melbrosiaالمحضر من حبيبات الطلع لمعالجة العوارض المزعجة التي تصاحب سن اليأس انقطاع الدورة الطمثية عند النساء بين الـ 45ـ 55 من عمرهم كما أكد البروفسور أوسماناجيك من جامعة سيراجيفو هذه النتائج في دراسة مماثلة حيث سجل تحسناً ملحوظاً عند 90% من المعالجات بغبار الطلع.

وفي المؤتمر العالمي العشرين للمحالة أعلن ألين كيلاس[40]عن نجاح معالجته لالتهاب الموثة المزمن بغبار الطلع حيث استخدم مستحضراً سويسرياً من غبار الطلع هو السيرنيلتون، والذي يوصف لمعالجة التهابات الموثة وللوقاية من أورامها عدا الخبيثة منه عند الشيوخ، وينصح كيلاس جميع الرجال ممن تجاوزوا الخامسة والأربعين من عمرهم بتناول 15غ من حبوب الطلع يومياً للوقاية من أورام الموثة Adenomasوالتهاباتها Prostatitisويصف أ.بانكوفيتش يوغسلافي [41]غبار الطلع لغاية علاجية وتغذوية ويؤكد فائدته للمصابين بالوهن العام والتهابات الموثة البروستات ويعالج فاقات الدم. وفي المشفى الجامعي في السويد فإن أوبمارك[42] E.Upmarkوجونسون G.Jonsonأثبتا فائدة غبار الطلع الجمة في معالجة التهاب الموثة المزمن.

غبار الطلع والجنس:

عالج البرفسور أوسماناجيك[43]  أربعين رجلاً مصابين بالعنانة وذلك بإعطائهم مستحضر Melbrosia Executiveوهو مزيج من حبوب الطلع والغذاء الملكي وبعد شهر واحد بدأ تحسن القدرة الجنسية عند 57.5% منهم وتبين له فائدة هذا المستحضر في تحسن الحالة العامة للجسم وإلى زيادة النشاط الجنسي وتحسن إنتاج الحيوانات المنوية.

غبار الطلع والتهاب الأنف التحسسي وأمراض الأشعة

وجد كل من ليمسكن Limskenوجورد Jord[44]أن كثيراً من حبوب الطلع المتناولة عن طريق الفم تصل إلى الدم، ويعتقد البعض أن إعطاء غبار الطلع عن طريق الفم لعدة أشهر قبل حدوث فصل "حمى القش" قد يؤدي إلى تخفيف أعراض المرض. ويعزو ذلك إلى  فاعلية الطلع في الإزالة التدريجية للتحسس. أما الدكتور وان[45]فقد أجرى دراسة عن 70طفلاً مصابين بالتهاب الأنف التحسسي حمى القش في جامعة هيدلبرغ، بإعطائهم محلولاً يحتوي على غبار الطلع يومياً خلال الصيف و3مرات في الأسبوع خلال الشتاء وأكد أن الأعراض التحسسية قد انخفضت عند 83% من المعالجين إذا تناقصت نسبة الالتهاب في الملتحمة والدماغ ونوبات سيلان الأنف إلى درجة ملحوظة وأكد أن حبيبات الطلع لا تتأثر بعصارة الأمعاء وإنما تمتص إلى الدم لنقوم بعملها في إزالة التحسس.

كما عالج أوسماناجيك[46]بنجاح العوارض الناجمة عن المعالجات الشعاعية بإعطاء غبار الطلع حيث كان التحسن واضحاً في إزالة هذه العوارض وتحسين وظيفة الكبد. وحصل على نتائج ممتازة بإشراك غبار الطلع مع الغذاء الملكي.

استخدام حبوب الطلع في الأمراض الجلدية:

أعلنت ت.فينوغرادوف[47]عن نجاح تطبيقها لرهيمات غبار الطلع في الأمراض الجلدية. إذ حضرت خلاصة من غبار الطلع تحتفظ بفيتاميناته ودهونه ومواده الملونة وعناصر مجهرية، صنعت منها رهيمات Creams  أبدت تأثيراً مغذياً للبشرة ومنشطاً لعملية التجدد الخلوي Regeneratinوأكدت دراسة من معهد الطب الثاني موسكو [48]نجاح معالجة الأمراض الجلدية والقروح المختلفة برهيمات غبار الطلع كما أن العلماء الفرنسيين شوفان، كيلاس أدخلوا غبار الطلع في العلاجات التجميلية.

استطبابات أخرى لغبار الطلع

ولقد أجرى إيوريش[49]تحريات تحريات سريرية لدراسة الخواص العلاجية لغبار الطلع فتأكد من نجاحه في معالجة فرط التوتر الشرياني ويمكن أن يكون مفيداً في معالجة العديد من الأمراض العصبية والغذية وأن النتائج المثلى تكون بمشاركته مع العسل بنسبة 1: 1 أو 2: 1 وإن تناول 5غ من غبار الطلع ممزوجة مع 5ـ10غ عسل ويحل المزيج في كأس ماء معدني وتشرب 1ـ 2 مرة في اليوم هو مقدار كاف ونتائجه تفوق ما نحصل عليه من تناول غبار الطلع لوحده.

وفي سويسر[50]يحضرون من غبار الطلع عقاراً هو Karniginيوصف في معالجة أمراض مختلفة منها التهاب الدماغ والتهاب القصبات والتصلب الشرياني ويرى العالم س.تونزلي[51]أن غبار الطلع سيحتل مكاناً مرموقاً في تغذية كل من الإنسان والحيوان، حيث أكدت التجارب أن إضافة غبار الطلع إلى طعام الحيوانات الآهلة يزيد في نموها ووزنها بالمقارنة مع مجموعة الشاهد وفي بريطانيا اليوم عدداً من المستحضرات الدوائية يدخل في تركيبها غبار الطلع تستعمل في معالجة النقرس. إلا أن "مورو" يحذر من استعماله المديد لإمكانية إحداثه نزوف متنوعة.

ومن رومانيا أكد م.جالومسيانو[52]وزملاؤه 1965 أن إعطاء 25ملغ من غبار الطلع يومياً ممزوجة مع مثيلها من العسل لا تؤدي إلى ظهور أي تفاعل تحسسي وهي فعالة جداً لمعالجة آفات الكبد.

وخلاصة القول فإن الدراسات الطبية الحديثة أثبتت أن لغبار الطلع خواص علاجية مؤكدة وناجعة لمعالجة فقر الدم الخبيث فهي تزيد محتوى الدم من الخضاب وتزيد عدد كريات الدم الحمراء ولها فعل ناظم للوظيفة المعوية وخاصة عند المصابين بالإمساك المزمن، والتهاب القولون، تحسن الشهية والقابلية للعمل وتخفض الضغط الدموي كما أثبتت فاعليتها في معالجة التهاب الموثة وللوقاية من أورامها عند الشيوخ ولها فائدتها في معالجة العصابات المختلفة واضطرابات مختلفة واضطرابات الغدد الصماوية والتهاب الدماغ كما دخلت في تركيب الرهيمات في العلاج التجميلي ولمعالجة العديد من الآفات الجلدية.

أقرأ المزيد


[1] عن ملادينوف العسل والمعالجة بالعسل[2] عن إيوريش النحلات والطب[3] المرجع السابق. [4] عن محاضرة لباخوموف في المؤتمر العالمي الثاني لطب النحالة بخارست 1976[5] عن محاضرة لباخوموف في المؤتمر العالمي الثاني لطب النحالة بخارست 1976 [6] عن كتاب الاستشفاء بالعسل والغذاء الملكي حسان شمسي باشا. [7] عن ملادينوف العسل والمعالجة بالعسل[8] عن كتابه النحلات والطب [9] عن مواد المؤتمر العالمي الثاني لطب النحالة وهي بعنوان العكبر في معالجة القلاع الناكس المزمن [10] عن مجلة Stomatologia ـ موسكو ـ 1983. [11] عن Thorsons Editiorial Board[12] عن ملادينوف العسل والمعالجة بالعسل [13] عن كتابه النحلات والطب [14] عن معالجة Rev. Chir Oto rhino Laryngol المجلد 27 لعام 1982.[15] عن مجلة أمراض العيون ـ موسكو 1981.[16] عن كتاب Thorsons Editiorial Board 1989. [17] المرجع السابق. [18] عن ملادينوف العسل والمعالجة بالعسل

[19] المرجع السابق. [20] عن إيوريش النحلات والطب [21] المرجع السابق. [22] عن كتاب Bees and People[23] عن ملادينوف العسل والمعالجة بالعسل [24] عن كتابه معجزة الاستشفاء بالعسل والغذاء الملكي

[25] عن إيوريش النحلات صيدلانيات مجنحة [26] عن إيوريش النحلات والطب[27] المرجع السابق.[28] المرجع السابق. [29] عن كتاب Bees and People[30] المرجع السابق.[31] المرجع السابق. [32] عن كتابه Traite' de Biologie de L' Abiele[33] عن كتابه Les3 Alements Miracels[34] عن إيوريش النحلات والطب[35] عن مواد المؤتمر العالمي الثاني لطب النحالة. [36] المرجع السابق. [37] المرجع السابق. [38] عن كتاب معجزة الاستشفاء بالعسل والغذاء الملكي د. شمسي باشا. [39] عن كتاب Thorsons Editiorial Board [40] عن إيوريش النحلات والطب[41] عن ملادينوف العسل والمعالجة بالعسل [42] عن كتاب Bees and People[43] عن كتاب Thorsons Editiorial Board

[44] المرجع السابق. [45] عن كتاب The Food Fharmacy[46] عن كتاب Thorsons Editiorial Board[47] عن كتاب النحل وصحة الإنسان[48] عن ملادينوف العسل والمعالجة بالعسل

[49] عن كتاب النحلات والطب[50] عن ملادينوف العسل والمعالجة بالعسل*.

[51] المرجع السابق.[52] عن كتاب Bees and People

 

 

غبار الطلع: وسائل جمعه، حفظه وطرق تناوله
 

 بقلم الدكتور محمد نزار الدقر

كيفية الحصول على غبار الطلع وطرق جمعه

لا شك أن المستقبل القريب يبشر بتوسع كبير في استعمالات غبار الطلع العلاجية والغذائية والوقائية وسيتمكن العلماء ومعامل الأدوية من صنع العديد من المستحضرات الدوائية العالية الفعالية من هذه المادة القيمة، علاوة على إمكانية تحضير منتجات فيتامينية غذائية ممتازة. كل هذا يتطلب قبل كل شيء تطوير طريقة تسمح بالحصول على كميات وافرة من هذه المادة تكفي متطلبات البحث العلمي والتصنيع الدوائي والغذائي.

إن كميتات غبار الطلع التي يصنعها النبات هائلة جداً إ.جيرمن [1]. إن زهرة تفاح واحدة تنتج 100ألف من حبيبات الطلع، أما زهرة عود الصليب فتنتج 3.5مليون من هذه الحبيبات أزهار الجوز أو البندق ـ4ملايين، البتولا ـ6ملايين البلوط والدردار ـ وغيرها من الأشجار دائمة الخضرة كالشوح والصنوبر، تنتج بشكل خاص كميات هائلة من غبار الطلع ومعظم هذه الكيمات تتساقط على التربة وتفنى هناك، أو أنه يتناثر صعداً في أجواء الأرض ممتداً إلى علو 4500 من الأمتار.

نعم! إن عنقود من أزهار الذرة يقذف بأكثر من 20 مليون طلع، في حين أنه يكفي منها لإلقاحه حوالي 800ـ1000حبة طلع كحد أقصى وهذا يعني أن حبوب الطلع في الطبيعة أكبر بحوالي مليون مرة مما يحتاجه النبات لإلقاح ثمره وفي دراسة إحصائية في الاتحاد السوفياتي سابق تبين أن النحل ولموسم واحد يستهلك وضمن أراضيه الشاسعة حينذاك ما يقرب من 200ألف طن من غبار الطلع وهذا يعني أن مئات الألوف من الأطنان من هذا المنتج القيم، تتلف في أجواء الغابات والحقول دون أن يتمكن البشر من الحصول على أي فائدة منها.

ومنذ عام 1940 صمم ف. زوبريتسكي[2]جهازاً صغيراً يوضع في مدخل الخلية، ويجبر النحل على المرور من ثقبة في مركزه، بحيث يستطيع الجهاز امتصاص معظم غبار الطلع من النحلة الحاملة له أثناء مرورها فيه وقد تمكن بعض النحالة من الحصول بهذه الطريقة عند وضع الجهاز في مدخل خلية نحل نشطة على 100ـ200غ من حبيبات الطلع في اليوم أي ما يقرب من 10ـ20كغ  في الموسم الجيد المرعى. إلا أن هذا الجهاز لم ينتشر استعماله على نطاق واسع، لأن تخليص النحل من معظم أحماله من غبار الطلع الذي يجمعه لغذائه يخفض إلى حد كبير من إنتاج العسل علاوة على ذلك فإن جني كميات كبيرة من غبار الطلع تكفي حاجة مصانع الفيتامينات والأدوية والمؤسسات الطبية، بهذه الطريقة غير ممكن، وأخيراً فإن النحل يجمع غبار الطع من مصادر متنوعة، وعلى هذه فغبار الطع الذي يجمعه هذا الجهاز من النحل هو أيضاً غير متجانس، وليس غبار طلع لنوع نباتي محدد. ومن المعلوم أنه من أجل أعمال البحث العلمي، ولتحضير أدوية للمارسة الطبية، تحتاج إلى غبار طلع متجانس، ذو مصدر نباتي محدد. ذلك أن التركيب الكيمياوي لحبيبات الطلع المستحصل عليه من مصادر متنوعة ليس واحداً، وبالتالي تختلف خواصه العلاجية أيضاً.

ويقترح البروفسور ن.إيوريش[3]جهازاً صممه لجمع غبار الطلع من أزهار النباتات يتكون من عدد من العصي الخشبية بطول عدة أمتار في نهايتها العلوية ما يشبه المقص، يمكن أن يحرك ويستعمله حامل الجهاز بحركة مقود خاص في الطرف السفلي للجهاز, وهكذا يمكن أن تستر الأرض تحت الشجرة بقماش عريض ثم تقص الأزهار بذلك الجهاز وتجمع وتجفف خلال 3أيام حيث يتساقط غبار الطلع منها، ثم يجمع. وجهاز أيوريش يسمح ـ يدوياً ـ بجمع كميات كبيرة من غبار الطلع وحيد النبات. وهناك أجهزة أخرى صممت لهذه الغاية سلوسار، مانجوس، وغيرهم لكل منها حسناته وسيئاته، وكلها لا تخلوا من أذى يلحق الأشجار. والأمل معقود في السنوات القريبة القادمة تصميم أجهزة متطورة لإمكانية جمع كميات  أعظم من هذه المادة القيمة يكون في أسها، وأول أهدافها الحفاظ على سلامة النباتات والأشجار.

طرائق حفظ غبار الطلع[4]:

إن المواد العضوية بما فيها غبار الطلع، مواد غير ثابتة. وإن ما فيها من رطوبة تعطي الظروف المناسبة لنمو العفن والخمائر، والتي تخرب العناصر المكونة لها، مما يجعلها غير صالحة للاستعمال… وإن الفاعلية البيولوجية لغبار الطلع تتراجع بنسبة 65% بعد خمس ساعات من قطافه إذا لم يحفظ ضمن الخلية أو خارجها ويرى هيغل، أنه مهما كانت طريقة حفظ غبار الطلع، فإنه يفقد فاعليته تماماً سواء من الناحية الدوائية أو الغذائية بعد مرور سنتين من قطافه، وهناك طريقتان لحفظ غبار الطلع:

آـ تجفيفه ثم حفظه بدرجة الصفر: ويتم تجفيفه بنشره بشكل طبقة رقيقة على ورق نظيف، حيث يترك حتى يجف في غرفة مهواة مظلمة، ثم يوضع في آنية زجاجية غامقة اللون، ويغلق جيداً ويوضع في الثلاجة بدرجة دون الصفر.

ب ـ مزجه مع العسل: وهي الطريقة الأفضل لحفظه، فغبار الطلع المجني يمزج مع العسل بنسبة 1: 1 أو 2: 1 يوضع في آنية زجاجية، يغلق جيداً ويغطى بورق غامق، وينصح هنا بمزجه بعسل متجمد مبللر، أما المائع فلا يناسب هذه الغاية لأن غبار لطلع أقل كثافة من العسل فيطفو على سطحه.

طرق تناول غبار الطلع:

إن غبار الطلع يبدي تأثيراً علاجياً جيداً عند تناوله داخلاً عن طريق الفم على شكل مضغوطات أو خلاصات أو يؤخذ بشكله الطبيعي كما يمكن تطبيقه خارجياً على شكل مراهم أو رهيمات Creams.

وينصح ألين كيلاس[5]بالوصفة التالية: 180غ عسل، يحل في 800غ ماء ثم يضاف إليه أثناء التحريك وبالتدريج 50غ غبار طلع طازج تحفظ في الثلاجة ويؤخذ منها مقدار نصف كأس قبل تناول الطعام ويجب أن تخض الزجاجة قبل كل استعمال أما ملادينوف[6] فينصح بالوصفات التالية:

50غ عسل + 10غ غبار الطلع + 100غ حليب طازج تمزج جيداً بتحريكها فترة من الزمن حتى تحصل على مزيج متجانس تحفظ في إناء زجاجي معتم وتوضع في مكان بارد، ويؤخذ منها مقدار ملعقة شاي قبل كل الطعام 3مرات يومياً.

50غ غبار طلع + 250غ عسلاً وإذا كان مبللراً يذاب بتعريضه لحمام بخاري هذا المزيج يبقى فعالاً رغم إمكانية حدوث تفاعلات خمائرية فيه ويؤخذ منها مقدار ملعقة شاي قبل الطعام بنصف ساعة 3مرات يومياً.

10غ غبار طلع + 1غ غذاء ملكي + 250غ عسل مبللر تمزج جيداً وتحفظ في إناء زجاجي عاتم، يغلق جيداً ويحفظ في مكان بادر، ويؤخذ منها مقدار ملعقة شاي قبل الطعام 2ـ3 مرات اليوم كما يمكن تناول غبار الطلع بشكله الطبيعي لوحده بمقدار 1ـ2 ملعقة شاي قبل الطعام 3مرات في اليوم.

 

شمع العسل Beewax

إن الرائحة الرائعة لشمع العسل لفتت الأنظار إليه منذ القرون الغابرة ففي مصر القديمة استخدمه الفراعنة في القرابين وفي روما القديمة كانوا يحرقون شموع العسل في الاحتفالات لإضاءة الكنائس أثناء الاحتفالات الدينية ومن الناحية الاقتصادية يعتبر الشمع المنتج الثاني لخلايا النحل[7]والذي يلي العسل في أهميته فهو يدر أرباحاً كبيرة على النحالة إذ يعاد صنعه  ويعاد إلى الخلايا كأقراص شمعية صنعية لتوفر الجهد الذي تبذله العاملات والعسل الذي تتناوله حتى تنتج أقراصاً شمعية جديدة، عدا عما يقدمه من منافع في صناعات كثيرة طبية ومنزلية.

يفرز الشمع من قبل النحلات العاملات بواسطة ثماني غدد شمعية تصطف إلى جانب الخط المتوسط للحلقات البطنية الأربعة ما قبل الأخيرة، إذ نشاهد فتحتين في كل حلقة تتصل كل منها بغدد مفرزة للشمع والتي تفرز مادة سائلة تتجمد فور خروجها من مجل الغدة بتماسها مع الهواء الخارجي، ثم تجذبه النحلة بفكوكها لتبدأ ببناء الأقراص الشمعية وقد ذكرنا ذلك مفصلاً في مبحث "أسراء مملكة النحل".

 

خواص شمع العسل ومكوناته

بعد أن يتم استخلاص العسل من الإطارات الشمعية، نوضع أقراص الشمع الفارغة في ماء مغلي حيث يذوب الشمع، ويطفو على السطح، ويجمد حين يبرد. وهو مادة صلبة. فيها ليونة، ذات قوام حبيبي ولون أصفر فاتح إلى اصفر غامق حسب نوع غبار الطلع والراتنجات التي يجلبها النحل من مراعيه وما تحمله من أصباغ وملونات طبيعية هذا ويجب أن يحفظ بشكله الجاف بعيداً عن المواد ذات الرائحة كالبنزين وغيرها.

وشمع العسل[8]مزيج لمواد متباينة تختلف كميتها تبعاً لمرعى النحل وكلها مواد كيماوية معقدة التركيب ونجهل حتى اليوم حقائق كثيرة عن بنيتها الكيماوية ويمكن أن تصنف مكوناته ضمن 15 مادة ذات وحدة كيماوية مستقلة منها إيترات معقدة لحموض دهنية 70.47 ـ 74.9% وحموض حرة 13.5 ـ 15% منها حمض السيروتين، ونبوسيروتين، والميلسين والمونتاتين، وماءات فحم أي سكريات مركبة 12.5 ـ 15.5% منها البنتاكوزان والهبتاكوزان وهنتر ياكونتات وغيرها، كما يحتوي على مواد ملونة وعطرية تأتيه من النباتات المختلفة وتعطيه لونه ورائحته وفيه مواد معدنية مختلفة كما أن الشمع غني جداً بالفيتامين آ 4000وحدة في كل 100غ.

ومن وجهة  النظر الكيماوية[9]فهو قريب من الشحوم الحيوانية والنباتية وكلاهما يعتبر مركبات لتفاعل على الأغوال مع الحموض العضوية حيث نشكل ما يسمى بـ "الأسترات" والفرق بينهما أن الشحوم الحيوانية والنباتية استرات لغول الغليسيرين الثلاثي أما الشمع فهو استر لحموض وحيدة الغول وشمع العسل غير ذواب في الماء لكنه ينحل في الغول بصعوبة بدرجة حرارة الغرفة ويذوب بشكل كامل مع الغزل إذا سخن بهدوء كما ينحل في الإيتر والكلوروفورم والبنزين والبنزول. 

 

الفوائد الطبية لشمع العسل

يملك شمع العسل خواص حافظة، لذا فقد استعمل قديماً لحفظ جثث الموتى يؤكد هذا القطع التشريحية المحفوظة في متحف الشمع التابع لأكاديمية العلوم الروسية[10]والتي استحضرها بطرس الأكبر من عالم التشريح الهولندي رويش حيث أن الأوعية الدموية والأنسجة في هذه القطع التشريحية قد ملئت بشمع العسل الملون لتتم دراستها بوضوح، ومن ثم ليتم حفظها من التفسخ والبلى.

ولقد عرفت لشمع العسل، ومنذ القديم، خواص طبية علاجية مهمة، وكان ابو قراط ينصح المصابين بالتهاب اللوزتين بوضع طبقة من شمع العسل على الرقبة أو الرأس كما كان يصف لصوقات Plastersشمع العسل على نطاق واسع وفي قانون الطب لابن سينا عدد غير قليل من الوصفات الطريفة التي يدخل شمع العسل في أس تركيبها وبصرف النظر عن كون هذه الوصفات قد كتبت منذ أكثر من ألف عام لكنها لم تفقد أهميتها العلاجية وحتى يومنا هذا وتشير المخطوطات الروسية القديمة أيضاً إلى فائدة شمع العسل في معالجة القروح الجلدية.

وفي الطب الشعبي يطبق شمع العسل لمعالجة العديد من الأمراض الجلدية وخاصة في معالجة الذأب الدرني سل الجلد ويلفت النظر هنا ما نشره الدكتور د.ر. رابوبورت[11]من معهد بيلاروسيا للأمراض الجلدية فهو يرى أن المعالجات الموضعية المعروفة للذأب لها مساوئها فهو مؤلمة ونتائجها التجميلية غير مرضية في حين أن المرهم المحضر من شمع العسل والزبدة يعطي نتائج جيدة في معالجة هذا المرض من غير أن تكون له أي عوارض مؤذية.

وشمع العسل يحتل مكاناً مرموقاً في المعالجات الطبية المعاصرة ففي الدستور الرسمي للأدوية الذي أصدره المجلس الصحي الأعلى في الاتحاد السوفياتي وصفات من لصوقات ومراهم ورهميات  Creams  تحضر من شمع العسل[12]… كما أنه يستعمل على نطاق واسع في الوصفات والمستحضرات التجميلية، وهكذا فإن أطنان الشمع تستهلك في تحضير العديد من المراهم التجميلية وأحمر الشفاء وسواها، وقد أكد البروفسور كارتاميشف[13]أن  شمع العسل يمتص بشكل جيد من الجلد حيث يعطيه رونقاً ونعومة والمنظر النضر الجميل. يعود هذا على الأغلب لغنى شمع العسل بالفيتامين أ.

ونجد أن شمع العسل يدخل في تركيب الرهيمات والمراهم والأقنعة التجميلية المرطبة والمغذية والمنظفة للبشرة، ويعتبر أساساً ممتازاً لتحضير العديد من الرهيمات الجلدية، ونورد فيما يلي تراكيب عدد من تلك المستحضرات[14]:

1ـ الرهيم الملطف والمغذي للجلد:

شمع العسل: 6غ                        حمض البوريك: 0.5غ

زيت اللوز المر: 27.5غ               ماء معقم: 16غ

2ـ وهذه وصفة لرهيم ممتاز مغذ للبشرة:

شمع العسل: 3غ                        سبرماسيد عنبر: 6غ

زيت اللوز المر: 24غ          غليسرين: 4غ

3ـ وهذه وصفة لمحلول مجفف للبشرة الدهنية:

شمع العسل5غ، غول نشادري 5مل، وماء 7.5مل

4ـ وإليكم تركيب قناع مجفف للبشرة يحفظ الجلد ويمتص رطوبته الزائدة:

شمع العسل 10غ، زيت اللوز المر10غ، لانولين 10غ، فازلين 50غ، كبريتات الزنك الحامضة 0.5، أزوتات البزموت الحامضة: 1غ، أوكسيد الزنك 8غ.

5ـ ويتركب القناع المغذي للبشرة من: شمع العسل 5غ، عسل 70غ، مع عصير بصلة زنبق أبيض واحدة، وينصح ل. أبينيس بالوصفة التالية لرهيم ضد التجاعيد: شمع العسل 30غ، عسل 30غ، عصير البصل العادي 30غ عصير أزهار الزنبق الأبيض 30غ. تمزج كل هذه المكونات ضمن إناء من الغضار المشوي أو الصيني أو الخزف ويسخن على نار هادئة حتى يتم ذوبان الشمع ويتم تحريكه أثناء ذلك بعصا خشبية أو زجاجية لتمتزج مكوناته بشكل متجانس ثم يترك حتى يبرد يغسل الوجه بماء ساخن وتطبق كمية وافرة من الرهيم على الوجه تبقى لمدة 25ـ30دقيقة ثم يزال بقطعة من القطن، ويرش على الوجه قليل من بودرة الطلق Talc.

وينصح جارفيس[15]بمضغ شمع العسل مع العسل كمادة مطهرة للبلعوم الأنفي وكعلاج أمثل في التهاب الجيوب واحتفانات البلعوم النزلية، حيث يوصى المريض بمضغ لقمة كبيرة من العسل مع شمعه عسل بشهده على مدة 15دقيقة وذلك كل ساعتين طيلة النهار وفي الولايات المتحدة الأمريكية[16]تستعمل "العلكة" على نطاق واسع في الأوساط الشعبية حيث يوصف لها منافع عدة: فهي تنشط إفراز اللعاب والعصارة المعدية، وتنظف الأسنان آلياً من القلح ومن طلاوة التدخين، ويرى إيوريش أن: "العلكة" المحضرة من شمع العسل أكثر فائدة من "العلكة العادية" فشمع العسل له رائحة عطرية مشهية وله فوائد عدة، علاوة إلى أنه ليس لاستعماله أي ضرر.

وينصح إيوريش[17]معامل الأغذية بتحضير "سكاكر أو كاراميلا" بحيث تصنع من كتلة مجوفة من شمع العسل يملآ التجويف بكمية من العسل مضافاً إليه بعض الفيتامينات ج، روتين، ب1، ب2 والتي يمكن أن يستفيد منها عامة الناس للغايات نفسها التي ينصح بها جارفيس، علاوة على كونها مغذية ومفيدة: فهي تحض على إفراز اللعاب، وتحسن العمل الوظيفي للمعدة، الحركي والإفرازي، تحسن الاستقلاب ولها تأثير حسن على الدورة الدموية والقدرة العضلية، علاوة على دور الشمع في تنظيف الأسنان والفم والوقاية من القلح، كما يمكن أن نساعد المدخنين، إذا رغبوا، في الإقلاع عن هذه العادة السيئة.

المجالات الواسعة لاستعمال شمع العسل

 

شمع العسل وبناء الحضارة الإنسانية:

منذ العصور الغابرة وامتداداً إلى القرون الوسطى، استخدمت لكتابة الرسائل ألواح خشبية مسطحة، مغطاة بطبقة رقيقة في أحد وجوهها بشمع العسل، ويكتب عليها باداة هي عبارة عن عصارة حديدية، أحد أطرافها حاد من أجل الكتابة به والطرف الأخر مدبب لتسوية الشمع ومحو الحروف عند رغبة الكاتب بإزالتها ويتحدث "بليني" الكبير عن صحائف من القماش، غطيت بالشمع، واستعملت كالورق للكتابة عليها كما ذكر ذلك هو ميروس وغيره[18]. ومنذ أربعة قرون أعطى "أرسطوفان" وصفاً دقيقاً لهذه المادة القيمة والنافعة فقد كتب أن شمع العسل يصلح لغايات عدة: فهو يقي سطح المواد المعدنية ويحفظها من التآكل إذا طليت به، ويصنع منه المجسمات النماذج والألعاب الشمعية وغيرها.

وعلى مسيرة قرون طويلة استخدم الرسامون بنجاح، الدهانات أو الألوان الشمعية في رسومهم[19]، وقد  كان ملاحظاً رواؤها ومتانتها، فقد كشفت الحفريات القديمة التي أجريت في مدينة بومباي عام 1707م رسوماً في الحائط استخدمت فيها "دهانات شمع العسل" في منازل الطبقة الراقية في الهند ومع أن هذه الرسوم غطيت بالرماد منذ عام 79 بعد الميلاد وظلت مطمورة تحت التراب ما يقرب من 18 قرناً ـ إلا أن جمال ألوانها وبريقها لم يخب.

وفي عصرنا هذا، وحين حلت الطرق الحديثة مكان الطلاء بالألوان، فما زال شمع العسل عنصراً أساسياً في ألوان الزيت الرسوم الزيتية ويستعمل شمع العسل أيضاً في أعمال النحت ففي روسيا القيصرية صنعت التماثيل من الشمع منذ القرن الثامن عشر[20]إذ  من المعروف أن القيصر بطرس الأكبر كان قد استدعى إلى عاصمته "بطرسبرغ" النحات الشهير "ف.راستريلي" وطلب منه إعداد عدد من الأعمال الفنية كان معظمها من شمع العسل وقد صنع عام 1719 مجسماً لرأس بطرس الأول نفسه والذي ما يزال محفوظاً برونقه وجماله حتى يومنا هذا ضمن معروضات المتحف الفني لأكاديمية العلوم الروسية وفي عام 1729 صنع تمثالاً نصفياً لـ: منشيكوف من شمع العسل أيضاً.

ولشمع العسل: أهمية كبيرة أيضاً في صنع المجسمات الطبية[21]والتي تلعب دوراً هاماً  في العملية التعليمية في معاهد الطب فهي تعطي الطالب إمكانية مشاهدة أمراض منقولة إليه في المجسمات يندر مشاهدتها في حياته أثناء الدراسة وخاصة، منظور بعض الأمراض الجلدية النادرة وقد برع في هذا  المنحى فنانون كبار منهم: فيفيسكي، وإساكافوا، وبورودرونسكايا، ولعل أعظمهم فنا ف.سوكولوف.

شمع العسل والصناعات الحديثة[22] 

لشمع العسل أهمية كبيرة في العديد من الصناعات المنزلية والإلكترونية فهناك أكثر من 40 صناعة متطورة تحتاج إلى شمع العسل فقوالب الشمع تستخدم في أعمال السباكة على نطاق واسع وله مجاله الهام في التقنيات الكهربائية والهاتف واللاسليكي وفي صناعة النسيج والجلديات وصناعة العطور والأدوية والأغذية ومستحضرات التجميل، وفي صناعة الورق والصناعات الكيماوية وغيرها.

وحديثاً استطاع ن. ياكوباشفيلي اكتشاف طريقة للحصول على خلاصة من شمع العسل بمعاملته مع إيتربترولي وما هذا الخلاصة سوى مادة عطرية تعتبر محصولاً قيماً وهاماً جداً في صناعة العطورات ويمكن استخدامها في تحضير روائح ذات نوعية عالية الجودة، والعطور المستخرجة من شمع العسل من نوعية، وإن كانت لا تقل جودة عهن الزيوت العطرية للورد والياسمين إلا أنها أقل كلفة بكثير منها وإن الطن الواحد من شمع العسل يمكن ان يعطينا أكثر من 5كغ من الزيت العطري العالي الجودة في جين لا يفقد ما تبقى من الشمع بعد تخليصه من الزيت العطري ذاك، إمكانية استخداماته في صناعات أخرى كثيرة.


 

[1] عن كتاب النحلات والطب.[2] عن كتاب Bees and People.[3] عن كتاب النحلات والطب. [4] عن ملادينوف العسل والمعالجة بالعسل.[5] عن كتابه Les3 Alements Miraceles.[6] عن كتابه العسل والمعالجة بالعسل. [7] عن الدكتور سلامة شقير.[8] عن إيوريش النحلات والطب. [9] عن ملادينوف العسل والمعالجة بالعسل.[10] المرجع السابق.[11] عن كتاب العلاج بعسل النحل ترجمة محمد الحلوجي. [12] عن كتابه العناية التجميلية بالجلد. [13] عن إيوريش النحلات والطب. [14] [15] عن كتابه وصفات من الطب الشعبي ترجمة أمين رويحة.[16] عن كتاب Bees and People.[17] عن كتابه النحلات والطب. [18] عن كتاب العلاج بعسل النحل ترجمة محمد الحلوجي. [19] المرجع السابق.[20] عن كتاب النحلات والطب. [21] المرجع السابق. [22] عن كتاب Bess and People.

المصادر والمراجع

المراجع العربية

1ـ الحافظ ابن حجر العسقلاني: فتح الباري على صحيح البخاري.

2ـ الحافظ ابن كثير الدمشقي: تفسير القرآن العظيم، المجلد 2.

3ـ ابن الأثير الجزري: جامع الأصول في أحاديث الرسول ص تحقيق عبد القادر أرناؤوط ـ دمشق 1969.

4ـ أبو الفرج ابن الجوزي "زاد المسير في علم التفسير" دمشق 1965.

5ـ أجود الحراكي مقالة "العسل" مجلة الشرطة دمشق العدد 79 لعام 1972.

6ـ أبو الطيب محمد مبارك علي وزملاؤه: مقالة "العسل يعالج الآفات الهضمية المسببة عن الخمور وأدوية الروماتيزم" بالإنكليزية المجلة الطبية السعودية ـ تموز 1990.

7ـ أحمد راتب أيوب وظافر عطار "ملاحظات سريرية حول التئام الجروح بالعسل" مجلة المهندس الزراعي العربي، العدد 30لعام 1991، دمشق.

8ـ أمين رويحة "حقن محاليل العسل في المعالجة السريعة للروماتيزم "دنيا العلم بيروت شباط 1974.

9ـ أمين رويحة كتاب "وصفات من الطب الشعبي" لجارفيس، بيروت 1969.

10ـ بشير قصاص ومحمد نزار الدقر "العسل الطبيعي في معالجة قصر البصر عند الأطفال" الثقافة الأسبوعية دمشق عدد 21/6/1975 والثقافة العربية، ليبيا رمضان 1395هـ.

11ـ بديع الحسيني: تأثير العسل المضاد للجراثيم مجلة العلم والإيمان تشرين 2ـ 1979 تونس.

12ـ حسان شمسي باشا: "معجزة الاستشفاء بالعسل والغذاء الملكي ط3 لعام 1992 جدة.

13ـ سعيد القربي وظافر عطار: عسل من أجل الصحة الفلاح ـ ليبيا ـ نيسان 1974.

14ـ سعيد القربي وظافر عطار: السبب في ندرة إصابة النحالين بالسرطان "حضارة الإسلام شوال ومجلة العلم والإيمان تونس 25 لعان 1394هـ.

15ـ سالم نجم وزملاؤه: العسل في معالجة الإسهال المزمن مواد المؤتمر العالمي الثاني للطب الإسلامي ـ الكويت 1983.

16ـ سلامية شقير: الحديث في تربية النحل "الشركة المتحدة دمشق1992.

17ـ صادق فرعون: المعالجة بالعسل في الأمراض النسائية ، مجلة طبيبك ـ تشرين أول 1971.

18ـ ظافر العطار وسعيد القربي: العسل ينقذ الإنسان من جراثيمه الممرضة طبيبك تشرين الثاني 1970.

19ـ ظافر العطار: العسل كعلاج في طب الأسنان طبيبك تشرين الأول 1982.

20ـ ظافر العطار ومحمد نزار الدقر: العسل كعلاج وكشف غشه مجلة العلم والإيمان ـ 31 لعام 1975 ومجلة الأنباء بيروت تشرين الثاني 1974.

21ـ ظافر العطار: الفرق بين أثر السكاكر الطبيعية والسكر الأبيض على نخر الأسنان مجلة عالم الطب والصيدلة شباط 1988 ومجلة أطباء الأسنان السورية حزيران 1975.

22ـ عادل قنديل وأسماء منير: مقالة تأثير العسل على الانسمام الكبدي عند الفئران أعمال المؤتمر العالمي الرابع للطب الإسلامي الكويت 1986.

23ـ عبد الإله طليمات مقالة الفيتامين المضاد للنزف والعسل الثقافة الاسبوعية 29 مايس 1976.

24ـ عبد الباقي قدسي وفؤاد عطفة: مقالة الاستشفاء بالعسل عددي شباط و آب 1971.

25ـ عبد الباقي قدسي وفؤاد عطفة: مقالة الوقاية بالعسل مجلة العلوم بيروت تموز 1973.

26ـ عبد الباقي قدسي وتيسير طالو: مقالة تركيب العسل طبيبك نيسان 1974.

27ـ عبد الرحمن المهايني مقالة الاستشفاء بالعسل في الأمراض النساية المجلة الطبية العربية آذار 1974.

28ـ عبد الرحمن المهايني ومحمد جيركن المرعندي مقالة معالجة الأمراض العقلية بالعسل طبيبك حزيران 1976.

29ـ عبد الغني سروجي وعدنان المصري مقالة العسل في تغذية الأطفال الثقافة الاسبوعية دمشق عدد ذي القعدة لعام 1393هـ ومجلة العلم بتونس العدد 25 لعام 1394هـ.

30ـ عبد الكريم نجيب الخطيب: عسل المحل شفاء نزل به الوحي جدة 1974.

31ـ عبد المجيد منصور: العسل غذاء ودواء رسالة جامعية جامعة دمشق 1972.

32ـ علاء الدين علي الكحال بن طرفان الأحكام النبوية في الصناعة الطبية القاهرة ـ 1955.

33ـ غنون غنوم مقالة تأثير السكر في تثبيت الكلس في العظام والأسنان مجلة طب الأسنان السورية كانون الأول 1974.

34ـ غياث الأحمد: الطب النبوي في ضوء العلم الحديث دمشق 1993.

35ـ فاروق هواش ومحمد نزار الدقر نتائج مشجعة عن معالجة حروق العين بالعسل المجلة الطبية العربية بدمشق حزيران 1973.

36ـ فاروق هواش: حفظ الأنسجة في العسل كمبيد جرثوني مجلة طب الأسنان السورية حزيران 1975.

37ـ فاروق هواش: استعمال العسل لمعالجة أمراض الغشاء الفموي مجلة الديار بيروت آذار 1975.

38ـ الفخر الراوي: تفسير الرازي بيروت 1985.

39ـ القرطبي: في تفسيره الجامع لأحكام القرآن بيروت 1988.

40ـ محاسن وادي وزملائه: فوائد عسل النحل في علاج الجروح المتقيحة عالم الطب والصيدلة حزيران 1987.

41ـ محمد أحمد الحلوجي: العلاج بعسل النحل للبروفسور إيوريش ـ القاهرة ـ الطبعة الثانية 1977.

42ـ محمد أسامة قوتلي وظافر عطار: عسل النحل وأثره الشافي في الحروق عالم الطب والصيدلة شباط 1986.

43ـ محمد أسامة قوتلي وظافر عطار: معالجة التقرحات التوسيدية بالعسل عالك الطب والصيدلة شباط 1986.

44ـ محمد البيروتي: "العسل كمضاد للعفونة" حضارة الإسلام بدمشق أيلول 1973.

45ـ محمد حبيب الله الشنقيطي: زاد المسلم فيما اتفق عليه البخاري ومسلم ج1 القاهرة 1954.

46ـ محمد نزار الدقر: العسل علاج لا يقدر بثمن مجلة جيش الشعب أيار 1971 وحضارة الإسلام حزيران 1972.

47ـ محمد نزار الدقر وفاروق دوخي: العسل وسم النحل في معالجة أمراض العيون العلوم اللبنانية حزيران 1972 ومجلة العلم تونس 7ـ 1974.

48ـ محمد نزار الدقر قناع من عسل وتتقي مظاهر الشيخوخة المبكرة العلوم اللبنانية ع1 لعام 1973.

49ـ محمد نزار الدقر العسل في آفات الأنف والأذن والحنجرة مجلة أمراض الفم آذار 1976 ومجلة العلم والإيمان تونس ع4 1976.

50ـ محمد نزار الدقر: الاستشفاء بالعسل في أمراض الهضم مجلة جيش الشعب 2 تشرين الثاني 1971 وحضارة الإسلام م12 ع3/4 1971.

51ـ محمد نزار الدقر: العسل في حروق العين حضارة الإسلام م12 ع3/4 1971.

52ـ محمد نزار الدقر: الاستشفاء بالعسل في الأمراض الجلدية مجلة العلم تونس 6/1972 ومجلة الثقافة العربية ليبا ع3 1974.

53ـ محمد نزار الدقر: استطبابات العسل في التهابات القرنية المجلة الطبية العربية ايلول 1971.

54ـ محمد نزار الدقر: استطباات العسل في أمراض العين حضارة الاسلام حزيران 1971.

55ـ محمد نزار الدقر: العسل وداء السكري مجلة العلم تونس 25 لعام 1394هـ.

56ـ محمود ناظم النسيمي: الاستشفاء بالعسل في هدي النبوة حضارة الإسلام ع7/8 1972.

57ـ مروان العمري وسعيد القربي: ما هو العسل حضارة الإسلام حزيران 1973.

58ـ مروان الصباغ ومحمد نزار الدقر: العسل والداء السكري المجلة الطبية العربية كانون الأول 1973.

59ـ مصطفة رشيد التركي: العسل احذر من الغش مجلة العلم والإيمان ع2 ، 1392هـ.

60ـ المنادي: فيض القدير شرح الجامع الصغير بيروت 1972.

61ـ موفق الدين البغدادي: الطب من الكتاب والسنة بيروت 1986.

62ـ ناصر الدين الألباني: صحيح الجامع الصغير وزيادته دمشق 1986.

63ـ نصوح الخيمي وظافر عطار: العسل يشفيك من الرشح طبيبك تموز 1972.

64ـ نبيه الغبرة وعدنان المصري: معالجة التسمم الغولي بالعسل مجلة العلم تونس ع25، 1394هـ ومجلة المرأة العربية دمشق آذار 1974.

65ـ نبيه الغبرة: الأطفال والتغذية بالعسل مجلة الفيصل شوال 1398هـ.

66ـ نبيه الغبرة: العسل في التضميد الجراحي العلم والإيمان تونس ع4، 1976.

67ـ الهيثمي: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد بيروت 1986.

68ـ وليد حمودة: معالجة جروح الحرب بالعسل المجلة الطبيبة العربية ايلول 1973 ومجلة طب الأسنان السورية ع1، 1974.

69ـ وليد القوتلي: العسل غذاء وعلاج لأمراض القلب والكليتين حضارة الإسلام تشرين1، 1971.

المراجع الروسية

70ـ استفاتساتورف K.Astfatsaturovوكولغونينكو Kolguunenkoالجمال للجميع الدار الطبية للنشر موسكو 1982، م83.

71ـ أكوبيا Akobiaعن مجموعة دراسات معهد البحث العلمي للرضوض جورجيا م16، 1964.

72ـ آغاغونوف Agafonovاستعمال منتجات النحل في الأمراض العصبية مجلة الأمراض العصبية والنفسية موسكو 1983، م83.

73ـ أوخوتسكي: العسل ينبوع الصحة مجلة النحالة ع7، موسكو 1977.

74ـ ايروسالمتشك Erosalimshikمجلة الأمراض العصبية والنفسية ع5 موسكو 1939.

75ـ أوماروف Omarovمواد المؤتمر العالمي الثاني لطب النحالة بخارست 1976.

76ـ ايوريش N.Ioyrishالنحلات والطب طشقند 1974.

77ـ ايوريش: النحل والإنسان موسكو 1976.

78ـ ايوريش: منتجات النحل وطرق الاستفادة منها موسكو 1976.

79ـ ايوريش: النحلات صيدلانيات مجنحة دار العلم للنشر موسكو 1966.

80ـ ايوريش: مفكرة النحال موسكو 1971.

81ـ أوساولكو G.Osaulkoعن مجلة Vest Ophtalموسكو 2، 1953.

82ـ بتروسوفا Petrosovaمجلة صحة روسيا البيضاء Zdorov Bellarnss2، منسك 1ـ 1966.

83ـ بوركشيان Porkeshianوبايان Baianمباحث في الطب النظري والعلمي روستوف 1969.

84ـ بيلتوكوفا A.Beltukovaأبحاث علمية في أمراض العين موسكو 1962.

85ـ باخوموف S.Bakhomovأعمال المؤتمر الثاني لطب النحالة بخارست 1976.

86ـ بوغوليبوف N.Bogolipovوكيسيليفا مجلة Soviet Medicineالعدد 2ـ 1949.

87ـ تومينع ـ رينتام Toming – Reintamوجورافليفا مجلة التوليد والأمراض النسائية مقالة تأثير العسل على التريكوموناز موسكو العدد 5ـ 1961.

88ـ ترويانسكي Troianskiاستعمال غراء النحل في أمراض الفم والأسنان مجلة Stomatologiaموسكو م62 لعام 1983.

89ـ خاتشاتوريان وبابوفا: العسل وأمراض الجلد مجلة Vest- Dermatolموسكو 2ـ 1945.

90ـ دافيدوف A.Davidovمجلة الطبيب الروسي موسكو العدد 26ـ 1945.

91ـ دانيلوف L.Danilovمجلة النحالة موسكو العدد 5ـ 1974.

92ـ دوروشينكو Doroshenkoالعسل في أمراض الأنف والأذن والحنجرة مجلة النحالة موسكو العدد 7ـ 1977.

93ـ سمير نوف Smernov: مجلة البيولوجيا الأوزبكية الحديثة طشقند م17ـ 1 ـ لعام 1944.

94ـ شانتوروف Shanturov: مقالة معالجة التهاب الجيوب الفكية بالعسل مواد المؤتمر الطبي الموسع لجمهورية روسيا السوفياتية ـ موسكو 1965.

95ـ شكليار N.Shkaliar: مجلة العمل الطبي موسكو العدد 3 ـ 1966.

96ـ شيربان Sherbanمواد المؤتمر العالمي الثاني لطب النحالة بخارست 1976.

97ـ م. غفار غراء النحل في معالجة القلاع الناكس مواد المؤتمر العالمي الثاني لطب النحالة.

98ـ ن. كورنيفا N.Kornivaعن مواد المؤتمر العالمي الثاني لطب النحالة.

99ـ فنسنت مارتيكا عن كتابها Bionicaموسكو 1967.

100ـ فيليش phillipishعن مواد المؤتمر العالمي الثاني لطب النحالة.

101ـ فيدجس Fidjesأبحاث في الوقاية والمعالجة المبكرة لأمراض الفم ريغا 1972.

102ـ كريشان يوليانا Kreshanعن مواد المؤتمر العالمي الثاني لطب النحالة.

103ـ كوستوغلوبوف: عن كتاب النحل وصحة الإنسان لمجموعة من المؤلفين بإشراف البروفيسور فينوغرادوف.

104ـ كارتاميشف A.kartamishivالعناية التجميلية بالجلد موسكو 1956.

105ـ كابلون M.Kaplunمحاضرات في الطب الحديث المؤتمر العلمي الأول لأطباء السكك الحديدية أوفا جمهورية بشكيري 1970.

106ـ لوديانسكي U.Ludianskiالعسل في مداواة الأمراض العصبية مجلة النحالة ـ موسكو ـ العدد 12ـ 1976.

107ـ محمد نزار الدقر M.N.Aldakerالتأثيرات الموضعية للعسل مجلة Vest. Dermatolالعدد 9ـ1976.

108ـ مالانوفا Malanovaأبحاث في الأعمال السريرية للمشافي العينية موسكو 1960.

109ـ ماكوخينا Makukhinaمجلة أمراض العيون أوديشا العدد 6 ـ 1960.

110ـ ماكسيمنكو F.Maximenkoواتلر Atlerالحروق علاجها والوقاية منها موسكو 1968.

111ـ ماكسيمنكو وبالوتينا Balutinaكتاب تأثيرات العمر على الجهاز البصري في حالتي الصحة والمرض، الطبعة5، موسكو 1973.

112ـ ملادينوف St. Mladinovالعسل والمعالجة بالعسل صوفيا ـ الطبعة 2 ـ 1971.

113ـ موزخرنكوف: استعمالات منتجات النحل في أمراض العين عن مجلة Vest. Ophtalmالعدد 5 موسكو 1986.

114ـ مياسنيكوف A.miasnikovولوغينوف A.loginovعن مجلة Zdoroviaموسكو العدد 1ـ 1963.

115ـ ميخائلوف Mikhailovمجلة المنتجات النحلية العدد 2 1950.

116ـ يوفا Yofaوغولد Goldمجلة أمراض الأنف والأذن والحنجرة موسكو العدد 3 ـ 1965.


 

المصادر الفرنسية والإسبانية

117- pucci F:Resisya Dentel, August. 1932 la odontologia j. Fep 1933.

118- Chauvin R.: Produits pharmaceutigues Mai 1959.

119- Chauvin R. Traite d Biolohie de l. Abeille Masson Paris 1968.

120- Caillas A. les3 Aliments Mirasles le mien le pollen le gel royle Orleans 1957.

121- labored the'se pordaux 1946.

122- Schweitzer A.la Gazzette Apicol 1965.

المصادر الإنكليزية

123- ALI A.F XXXth international Apitherapy Congress Japan 1985.

124- Beck and smedley honey nad your health New Your 1971.

125- Bergman A. Accelaration of wound healing by honey Amer. J.Surgery 1983, V 145.

126- Broadman J. General practice N8, 1958.

127- Bulman M. British Bee J.Dec 1955.

128- Cavanagh D. Beazley J.J of obst and Gynaecology of the Brit Commonwealth Nov 1970.

129- Crane Eva Honey Acomperhensive servey Bee Research Association London 1975.

130- Carper J. the food pharmacology 1989.

131- Croft L. Honey and Helth thorsons pub G. 1987.

132- Donald and L. Waugh Amer J.dis of child mar t.59.

133- haffejee and moosa british med journal 22 june 1985.

134- Loyrish N.bees and people mir pub Moscow 1974.

135- knott & Schultz journal of p pediat U.S.A. Oct 1938.

136- larnsen M. British medical journal Aug 1954.

137- Maria le pento eat honey and live longer twayne I.N.C New – York 1957.

138- Obaseiki Ehor e al j. pharm pharmacol 36, 1984.

139- oldfield j. honey for health brit fruition society.

140- spenser efem british journal of surgery t. 75- july 1988.

141- Thorsone editiorial board, thorsons pub. Welling, 1989

142- Tonsley C.;''honey for health'' Tanden, London 1969

143- Townsend;''Amer bee july, 1954

144- V ignee&Julia ''j.of dis of chi ld ''T.88Oct 1954

145- Vivino, haydak & palmer: ''proc of the dociety f.exper biology & med ''9/11,1943

146- White j.:''Amer bee j.''n6,1960

المصادر الإيطالية

147- Bizzi b.:''rassegna di studi pdich iatrici''n.6,1955

148- Berlando: Giornale Italiano:D:Dermatologia – Minerva dermatologi-ca,oct 1978

المصادر الألمانية

149- Ammich o.:''Zsch fuer haut.u Gesch''no.7.1947

150- Bohm e.:''Therapie der geganwart''94-9,dep1955

151- Dold:''Z.hyg.infektion krankh''berlin141,1955

152- Franke:''Zentralblatt fur gyneklogie''-1946

153-Kilian tobiash :''deut.z.f.verd.-u.vol-13 stoffwech-selk-leipzig,no 1953

154-Lempp.l.:''der chirurg'', berlin, sept.9,1952

155- Lucke h .:''deut. Med. Wochensch. Germany, no.11.1933

156- Luth p. ;'Arztliche praxis', vom. 28, November, 1959, munchen.

157- marqurbt; 'arzneimitt forsch' germany, no. 3 1953

158- mink; 'neural medizine' mar 1965

159- mohring und messner; 'acta boil – med' germany band 21. 1968

160- novoselsky a. 'therapie der geganwart' tom. 93.no 2.

161- obal, szentkiraly; 'kinderuezick praxis' germany 1956

162- pothman; 'z.hyg. infections krankh' 1950.

163- rhonhof s. 'zentralbatt fuer gynekologie; vom. 61. 1937.

164- riedel; 'medizinische klinik; 14/11. oktober 1957, berlin.

165- rolleder; 'arch kindeheilk' germany 1934.

 

 

النحلات صيدلانيات ملهمة
 

 بقلم الدكتور محمد نزار الدقر

النّحالة عبر التاريخ

لقد صنّف علماء الحشرات أكثر من مليون صنف ونوع من هذه الكائنات، ووجدوا في دراسة حياتها تنوعاً وطرافة، وفي سلوكها ما يحيّر العقول. لكن معظم الحشرات ضار ببني البشر، إذ منها ما ينقل إليه الأمراض المختلفة؛ كداء النوم واللابشمانيات والملاريا وغيرها، أو يؤذيه بسمِّه أو  لسعه، أو يتخريبها البساط الأخضر من حوله، الذي فيه حياته وغذاؤه، وقليلة جداً هي الحشرات النافعة التي في مقدمتها "نحل العسل" ودودة القز.

والنحل أصدقاء حقيقيون للإنسان، ليس فقط بما يُقدمه من نتاج مفيد له في غذائه ومعالجة أمراضه وتمكين صحته وعافيته، بل وبما تقدمه من خدمات زراعية، تساعد في تحسين وزيادة المحاصيل الزراعية الضرورية له.

ويعتقد علماء المستحاثات أن النحل وجد على هذه الأرض قبل الإنسان بأكثر من 50 مليوناً من السنين، ويقدم علم الآثار أدلة على أن الإنسان القديم شغف بتصيد أوكار النحل البري وقطف ما فيها من عسل، عارفاً فوائده العظيمة وطعمه اللذيذ.

ولعل أقدم أثر تذكاري يثبت ما ذكرنا صورة محفورة على الصخر وملوّنة بالأحمر وجد في cuevas de la arana  تمثل رجلاً متسلقاً شجرة ليقطف العسل البريّ.

والشعوب القديمة كلها كانت تبدي نوعاً من الاحترام للنحلة وتميزها عن باقي الحشرات والحيوانات ولقد كتبت كثير من الأساطير والحكايات الشعبية والأشعار حول النحل. وفي مصر القديمة، ومنذ حوالي ستة آلاف سنة بنى نصب "فلاميش" التذكاري  [1] الذي كان يعتبر شعار الدولة في مصر السفلى، ويتمثل بصورة نحلة خافضة رأسها وناصبة أجنحتها، وكان تقديس النحلة واحترامها لدى المصريين يعتبر نوعاً من التقرب والزلفى إلى "فرعون".

لقد كان الفراعنة يعتبرون النحلة العون المخلص لهم في عالم الأرواح ضد إله الظلام "هوه:Huh" الذي يجلب الأذى والشر  [2]، فكانت النحلة رمزاً للسلامة والأمان ودرءاً للخطر، ومثالاً يحتذى في النظافة، ولذا كانت النحلة هي الصورة التي اختارها ملوكهم ليزينوا بها أضرحتهم. ومن المعلوم أن المصريين القدامى، أول الشعوب التي عرفت بنجاح "النحالة المتنقلة" حيث كانوا يحملون خلايا النحل على قوارب يجوبونها نهر النيل من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال حيث كانت النباتات تزهر قبل الجنوب بأكثر من ستة أسابيع.

وفي أساطير الهند القديمة  [3] شغل النحل مكاناً متميزاً، واعتبرت النحلة حشرة مقدسة. وكانوا يعتقدون أن إلههم الأكبر "فيشنو" الذي خلق الشمس وأوجد الحياة في الكون تمثل في نحلة لتستريح فوق زهرة اللوتس.

كما صور إله الحب عندهم "كاما" مرفوع على رأسه التاج وحوله إكليل مكوّن من سلسلة من النحل، وفيها رمز إلى أن سهام الحب يمكن أن تجلب الألم كما تجلب السعادة.

والعبريون عرفوا النحالة ومنذ أكثر من 4000 عام، وفي التوراة وصف لأرض الميعاد على أنها أرض تجري فيها أنهار البن والعسل. ومنذ ألفي عام عرفت بلاد الآشوريين  بأنها أرض العسل والزيت. وكانت أجساد الموتى تغطى بالشمع وتغمر بالعسل.

وهناك وثائق تدل على أن الآشوريين تعاملوا بمهارة مع النحل، وعرفوا صوتاً سريّاً سيطروا به على النحل، وتمكنوا من إخراج النحل من الخلايا أو إعادته إليها بتلك الأصوات.

وعند الإغريق بني معبد للإله أرتيمس وكان تمثال الإله مزيناً بإكليل من أغصان الفاكهة تحط عليه نحلات مسترخيات، وكان شعار عاصمتهم Ephesus(النحلة).

وقبل ألفي عام  [4] وكانت قبائل الأورارتو أصل الأرمن تمارس النحالة وتميزوا بصنع خلايا للنحل، متميزة من أغصان الأشجار مغطاة بالطين، وشعب كاراباخ يقيم عالياً منتجات النحل، وكانوا يتهادون قطعاً من العسل بشهده عند ولادة المولود عندهم.

وفي القرن العاشر الميلادي الكاتب الرحالة العربي أبو علي أحمد بن عمر كتب واصفاً بعض الشعوب التي مر بها في رحلاته كالبلغار والكازاخ والسلاف والمغول وكيف كانوا يعيشون في الغابات ويصنعون نوعاً من الجرار الخشبية يستخدمونها لتربية النحل وخزن العسل. والمؤرخ الشهير نسطور  [5]  كتب كيف كانت النحالة نامية في بلاد القيصر الروسي، وكيف كان العسل والشمع بضاعة رائجة يصدرونها إلى اليونان حيث يبادلون بها لأثمن البضائع.

لقد كان الشمع والعسل في ذلك الوقت "القرن العاشر" بضاعة عزيزة في نظر التجار، تقبل كثمن رائج في التبادل التجاري.

وفي عام 1016 صدر في روسيا أول قانون ينظم مهنة النحالة.

وحتى في عام 1500 لم تكن النحالة معروفة سوى في العالم القديم  [6]  "آسيا، إفريقية، أوربا" أما في أمريكا وأستراليا ونيوزيلندة فلم تكن معروفة عندهم. وقد كتبت إيفاكرين  [7]  كيف كان المسافرون يصطحبون النحل معهم كالكلب، وأن الرحالة الأول إلى البلاد الجديدة اصطحبوا معهم مناحله، وهناك ما يدل على أن النحل نقل إلى البرازيل من البرتغال عام 1822 كما نقل من إنكلتره إلى نيوزلندة عام 1842.

وقد كانت النحالة  [8]  مزدهرة في القرنين السادس عشر والسابع عشر، إلا أن التقدم الصناعي في مطلع القرن الثامن عشر والمساحات التي حصدها من غابات العالم وانشغال المزارعين بزراعة مساحات كبيرة للشوندر السكري وتطور صناعة السكر في العالم أدى إلى تراجع النحالة إلى حد كبير، وانخفضت أهميتها إلى الحضيض، بسبب فقد النحل لقاعدة تغذيته في الغابات، ولمنافسة السكر الصناعي للعسل. وقد لعب دوراً كبيراً في تطور النحالة من جديد اختراع المناحل الخشبية ذات الإطارات المتحركة والذي صممه لأول مرة النحّال الأوكراييني الشهير ب "بروكوبوفيتش" عام 1814. فلقد كان لهذا الحدث أهميته الكبيرة. ذلك أن تطور المناحل أدى إلى تحسين أسلوب النحالة وإلى زيادة مردودها. وكان إدخال خلايا بروكوفيتش في النحالة إيذاناً بعصر جديد في النحالة وجعل إمكانية لتربية أقوى الخلايا وعائلات النحل ، ومن ثم الحصول على أكبر كمية ممكنة من العسل.

لمحة عن تطور المناحل: [9] 

منذ أن وجد النحل على الأرض وهو يبني خلاياه الطبيعية ضمن تجاويف الأشجار وفي الجروف بين الصخور، وفي الشقوق في المغاور. وكان هم الإنسان البحث عن العسل وقطفه. وقد دلّت الآثار المادية على أنه منذ ستة آلاف سنة استطاع الإنسان القديم أن يؤهل النحل وأن يصنع له "خلاياه" ليربيه فيها ويستفيد من منتجاته.

ففي ذلك الوقت في مصر ثم في غيرها من بلدان العالم القديم وجدت خلايا بسيطة مكونة من قطعة واحدة غير قابلة للتفكيك على شكل آنية مصنوعة من الغضار أو الطين مختلفة الأشكال.

وفي بلاد القفقاس وجدت خلايا متميزة مصنوعة من أغصان رفيعة مطلية من الداخل والخارج بالطين، وقد يضاف إليه بعض المواد الماصّة للرطوبة، ومنذ ألفي عام صنع الرومان لأول مرة الخلايا الخشبية وأحسنوا استخدامها.

وظل الإنسان بمهارته يطور خلايا النحل " المناحل" وكان عله أن يحقق هدفين اثنين: أولهما إيجاد خلية متطورة ليعيش فيها النحل ضمن ظروف أنسب لحياته وتكاثره، ولنحصل بذلك على خلية أقوى وأنشط وأكثر إنتاجاً، والثاني إيجاد الظروف الأنسب لعمل النحّال في التربية والقطاف.

ويجب أن نذكر هنا النحال السويسري فرانسوا غوبر الذي صمم أول خلية خشبية ذات إطارات ثابتة تشبه الكتاب 1789 إلا أن اختراع ب. بروكوبوفيتش وتصميمه للمناحل ذات الإطارات المتحركة عام 1814 هو الذي أدخل النحالة في عصر جديد تماماً، وهو الذي حقق الأهداف الذي يسعى إليها النحالة في ذلك العصر.

وقد انتشرت منحال بروكوبوفيتش في كل أنحاء روسيا ومنها إلى أوروبا وأمريكا حيث كتب عنها النحّال الأمريكي الشهير "أموس روت" قائلاً: لقد كان بروكوبوفيتش نحالاً ذو موهبة غير عادية، إذ استخدم وسائل سبق بها زمانه. وإذا كان بعض المؤلفين يريد أن ينسب اختراع المناحل ذات الإطارات المتحركة إلى النحال الألماني دسيرجون فالحقيقة التي لا مراء فيها أن تصميم دسيرجون لمنحلته كان متأخراً إذ كان ذلك عام 1845 وبذا فإن دسيرجون لا يملك أي حق في هذا الاختراع.

ولقد صممت بعد ذلك أنواع وأشكال مختلفة للمناحل لا تخرج في أسسها عن منحله بروكوبوفيتش لعل أهمها المنحلة التي لها إطارات يمكن سحبها ولها عطاء متحرك والتي صممها النحال الأمريكي لا نغستروت 1851 وقد وجدت هذه المنحلة قبولاً لدى النحالين لما تملحه من تسهيلات لعمل النحّال.

ثم إن خلايا لا نغستروت عدّلها بعد ذلك النحال الأمريكي روت Amos Rutوأصبحت تسمى بمناحل: لا نغستروت- روت.

وفي السجلات التاريخية التي دونت عام 1950 عن حياة المعمرين في الإتحاد السوفياتي السابق ورد فيها تفصيلات عن نوعية طعامهم ونمط عملهم، ومن المدهش فعلاً أن معظم هؤلاء المعمرين كانوا نحالة، أو من الذين يقطنون الجبال التي تكثر فيها مستعمرات النحل. ومن الغريب أن هؤلاء لا يقتاتون العسل فحسب، بل إنهم لا يتركون أي أثر من بقاياه الحاوية على قدر من المواد الحيوية الهامة كغبار الطلع والغذاء الملكي إلى جانب آثار من شمع العسل. وبهذه المناسبة وتخليداً لذكرى النحالين فقد صدر طابع تذكاري في الإتحاد السوفياتي عليه صورة أحدهم وهو أياروف محمد باكير أوغلي وكان عمره آنذاك 148 عاماً.

أسرار مملكة النحل

إذا كان العسل من العقاقير الممتازة لبني الإنسان فإنه مما لا شك فيه أن النحلة التي تصنعه وتجهزه في خلاياها، قد هيأها الله سبحانه وتعالى لتكون صيدلانية في القمة العليا من البراعة والفن. وهذا الفصل سيعرف القارئ بحياة النحلة والنظام البديع في مملكتها، كيف لها وقد ألهمها خالق الكون ومصوره لتبني بيتها بهذه الدقة وبهذا الجمال،ولتصنع ما تصنع من عسل وغذاء ملكي وغراء وشمع.. {وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتاً ومن الشجر ومما يعرشون} صدق الله العظيم.

والنحل من الحشرات الاجتماعية التي لا يمكنها العيش إلا ضمن عائلات أو  مستعمرات في خلايا خاصة بها، سواء كانت من صنعها هي، من أعشاش طبيعية تبنيها في تجاويف الشجر وفي الشقوق بين الصخور في الجروف والمغاور، أو كانت في الخلايا التي يقدمها ويعرش لها ابن آدم من خلايا صنعية. وكل خلية تسكنها عشيرة من النحل في حياة قائمة على أعلى درجات التنسيق والتعاون بين أفرادها. ولكل خلية ملكة (اليعسوب)، وهي واحدة دوماً في الخلية، وهناك بضع مئات من الذكور وعشرات الألوف من النحل الشغالة(العاملات).

وقد وصف الكاتب اليوناني "كسينوفونت"  [10]  دور الملكة في عائلة النحل بقوله: الملكة موجودة في الخلية، ولا تسمح بأي إهمال في عمل العاملات، إنها ترسلهن إلى جني الرحيق، والطلق، تفتش وتراقب، بِمَ عُدْنَ؟ تشرف على إفراغ الحمولات وتخزينها وتصنيعها، ومع مضي الوقت توزع بحق ما تجمع في الخلية –بين أفراد الخلية- وهي تعمل جاهدة لتكون أقراص الشمع قد جهزت بدقة وجمال، وأن اليرقات يُعتنى بها كما يجب.... [11] 

وتمتاز الملكة بكبر حجمها  [12]  إذ يبلغ طولها ضعف طول النحلة العاملة ووزنها 2.8 ضعف، ومهمتها الحيوية هي التناسل، ففي كل يوم تضع الملكة "في فصل الربيع" ضمن العيون السداسية ما بين 1000-2000 بيضة ملقحة، تفقس إما عن نحل عامل، أو عن ملكة، إذا أريد لها ذلك، حسب نوعية الغذاء الذي يقدم لها، وحجم النخروب الذي تتواجد فيه، كما أن الملكة تضع بيضاً غير ملقح يفقس عن ذكور.

 وبهذه المناسبة فإن النحلة العاملة يمكنها في بعض الظروف الخاصة كأن تفقد الخلية ملكتها، أو عندما يكون عدد العاملات كبيراً أن تضع بيوضاً غير ملقحة تفقس عن ذكور فقط، غير أن الخلية بلا ملحة محكوم عليها بالفناء إن لم تستطع أن تكوّن ملكة على عجل، لأنه في غياب الملكة الطويل يزداد عدد أفراد الخلية من الذكور فقط، وهذه لا تستطيع أداء أي عمل. [13] 

فالمهمة الرئيسية للملكة هي وضع البيض، وتقوم العاملات بإطعام الملكة من الغداء الملكي الخاص، وهو مفرز خاص تنتجه العاملات من غددها الفلكية، وهو غذاء مركز جداً من البروتين والدهون والسكر والفيتامينات، وفيه هرمونات تساعد على النضج المناسب لأعضاء الملكة التناسلية وعلى وضع البيض الوفير، فغذاء الملكات يلعب دوراً هاماً في زيادة قدرتها على وضع البيض.

والملكة أهم عضو في مملكة النحل، وبمجرد أن تفقد الخلية ملكتها فإنها تتصرف بشكل لا بد وأن يستدعي انتباه النحّال، القائم على تربيتها، فالعاملات تجري في الخلية وهي تصدر طنيناً خاصاً. إذ لا يمكن لخلية النحل أن تعيش طويلاً بدون ملكة، فالعاملات تقوم باختيار بيضة جيدة أو عدة بيوض يتراوح عمرها بين 3 و 4 أيام لتبدأ في إنتاج ملكة جديدة، فتؤخذ تلك البيضة وتوضع في مهد واسع بين النخاريب الشمعية حيث تتلقى هناك الغذاء الملكي ومع عناية فائقة تؤدي بها إلى إنتاج ملكة في غضون 19 يوماً.

وللملكة حمة في نهاية جسمها "أداة اللسع" التي هي سلاح دفاعها، وهي أيضاً أداة وضع البيض، والغريب أنها لا تستعملها مطلقاً ضد الإنسان – حتى ولو أساء إليها- كما يحدث حيث يقص النحال أجنحتها، ولكن حينما تلتقي بملكة أخرى منافسة فإنها تهجم عليها فوراً وتلسعها بحمتها.

ومتوسط عمر الملكة بين( 5-6 ) وحتى 8 سنوات، ولكنها حين تهرم يقل إنتاجها من البيض، وتعجز عن إدارة شؤون مملكتها، ولذا ينصح عادة بتغيير الملكة كل فصلين من وضع البيض.

وينحصر عمل الذكور في تلقيح الملكة، وهو مثلها لا يستطيع إطعام نفسه، إذا يعتمد في هذه الناحية كلياً على العاملات، وتقضي الذكور فصلي الربيع والصيف في أكل العسل الذي جمعته العاملات بكدّها، وفي الخريف تطرد الذكور من الخلية لتموت في العراء من البرد والجوع، ويؤكد العلامة بوتليروف  [14]  أن الذكور لا تؤدي أي عمل، لكنها عند الظهيرة وحينما يكون الطقس جميلاً تخرج في رحلات المداعبة وتطارد الملكات العذراوات من أجل تلقيحهن. وهناك أبحاث حديثة  [15]  تريد أن لا تظلم الذكور وتشير إلى أن لها عملاً في حضن البيض، إذ تحوم فوق النخاريب الحاوية على البيض، لتبعث فيها الدفء.

ومتوسط الوقت الذي تستغرقه الذكور في فقسها 24 يوماً، وأعضاء التناسل عندها نامية جداً، وتنضج حيواناتها المنوية في اليوم 8-14 من عمره، ويقع عضو السفاد عنده مكان حمة اللسع عند العاملات. وللذكر قدرة كبيرة على الإبصار، ولهذا أهميته في طيران الزفاف الملكي، إذ عليه أن يقتفي أثر الملكة في تلك الرحلة بسرعة كبيرة لكنه يموت بعد الإلقاح مباشرة، لأن عضوه يبقى عند الملكة، وتعود به إلى الخلية، وبه تتعرف العاملات على أن إلقاح الملكة قد تم. والذكور لا تعيش أكثر من 3 شهور.

ومرحلة تطور اليرقات لتكوين النحلة العاملة هي 24يوماً، وعاملات النحل إناث غير مكتملات الأنوثة، وذات مبايض وجهاز تناسلي صغير غير قادر في الأحوال العادية على وضع البيض. وقد أثبتت  [16]  مساعدة شوفان ج.بين أن وجود الملكة في الخلية يمنع أي تطور لمبايض العاملات، ثم إن باتلر، وبين، وباربي تمكنوا من عزل مادة هرمونية أسموها "فرمون الملكة" تنتقل إلى الوصيفات باحتكاكهن بالملكة، ومنهن إلى باقي العاملات، هذه المادة هي التي تمنع تطور المبايض عندهن، وهذا سبب تمكن العاملات من وضع البيوض عند فقدان الملكة.

وتعيش العاملات 45 يوماً، وتقضي عمرها القصير في عمل دائب  [17].

فمن لحظة انتهاء تطورها من أول يوم من عمرها كنحلة عاملة تقوم بأعمال الخدمة العامة بتنظيف جدران النخاريب الشمعية بعد خروج النحلات الصبايا منها، وقبل وضع البيض وخزن العسل، وفي اليوم الثالث من عمرها تقوم بإطعام أخوتها اليرقات الكبيرات بالعسل وغبار الطلع. وحتى نقدر عملها يكفي أن نعلم أنه خلال الستة أيام التي تطعم فيها إخوتها المقبلات تزورها ما ينوف على 7850 مرة.

وفي اليوم 7-8 تبدأ بالنضج عندها الغدد الفكية التي تفرز الغذاء الملكي والذي تقدمه للملكة  أو لليرقات اللواتي سيصبحن ملكات. وفي عمر من 12-18 يوماً تنضج الغدد الشمعية حيث تبدأ بإفراز الشمع وبناء الأقراص الشمعية. وفي الحقيقة ففي هذه المرحلة من العمر يمكن أن تتوزع العاملات العمل، فمنهن من يتخصص في بناء الأقراص (فرقة البناء أو النحل المهندس) ومنها من يقوم بأعمال الحراسة، ومنها من يجني الرحيق وغبار الطلع، ومنها من يجني ويصنع الغراء، ومنها ما يقوم برعاية البيض والحضن.

والعاملات تبدي احتراماً خاصاً للملكة وهي التي لا تترك أبداً ظلام الخلية بعد عودتها من رحلة الزفاف، وهناك من العاملات ما يدعى بوصيفات الملكة، تنظف جسمها، وتمشط شعرها، وتحمل برازها إلى خارج الخلية، وتطعمها بالغذاء الملكي، إلا أنه في حالات نادرة نرى أن نحلات من الحاشية  [18] يكنَّ ولسبب ما غير راضيات عن الملكة، تحيط فجأة بها، منقضين عليها بالعض واللسع، يقلعن أجنحتها وأرجلها، ثم يتركنها لتموت.

وقد شاهد أ.روت حوادث عديدة أثناء فحصه تكتلات النحل حيث وجد إبر اللسع في جسم الملكة الميتة، ذلك أنه بمجرد فتح المنحلة وفجأة دون سابق إنذار يتجمع النحل على شكل (كبكوبة الخيطان) حول ملكته على الرغم من أنها تنفذ مهماتها وحتى تلك اللحظة على أتم وجه، ولم يعرف حتى اليوم أسباب تغير سلوك النحل هذا نحو وملكته المحترمة.

وفي أرجل العاملات الخلفية رتوج غشائية تحمل بها غبار الطلع إلى الخلايا، لذا فهي تسمى سلال الطلع وهي في نفس الوقت تمتص رحيق الأزهار وتخزنه في معدتها، وعندما تعود إلى الخلية تسلمها إلى نحلة البيت التي تقوم بصنع العسل، ومن العاملات من تطير بحثاً عن الماء وجلبه إلى الخلية.

وأشد الأشياء سحراً وإثارة للعجب في حياة النحل هو بناء الأقراص الشمعية من تلك النخاريب أو العيون السداسية والتي يقول عنها داروين في كتابه "أصل الأنواع" [19]  : لا بد أن يكون الرجل غبياً إذا فحص التركيب المعقد لقرص النحل، والذي يتواءم بشكل جميل مع الغرض الذي أنشئ من أجله، ثم لا يتحمس إعجاباً. وإنا لنسمع من علماء الرياضيات أن النحل قد حلَّ بطريقة علمية مشكلة عويصة بأن جعل خلاياه بالشكل الذي يسمع له باحتواء أكبر قدر من العسل وبأقل قدر من الشمع الغالي اللازم لبناء جدرانه.

وفي القرن الثامن عشر اهتم الفيزيائي  [20]  الفرنسي ديومور بمقالة عالم الرياضيات كينغ حين قال: كم هي عظيمة ورائعة ومناسبة تلك الزوايا الكليلة في الشكل المسدس الذي بنيت فيها النخاريب في الأقراص الشمعية لتتسع لأكبر كمية من العسل بأقل استهلاك من الشمع.

ولقد سبق أبو بكر بن العربي  [21] العلماء المحدثين في التوصل إلى هذه النتيجة حين قال: ومن عجيب ما خلق الله في النحل أن ألهمها لاتخاذ بيوتها مسدسة، إن الأشكال من المثلث إلى المعشر إذا جمع كل واحد منها إلى أمثاله لم يتصل، وحصل بينها فرج، إلا الشكل المسدس، فإنه إذا جمع إلى أمثاله اتصل كأنه قطعة واحدة.

والعاملات تفرز الشمع من أربعة أزواج من الغدد الشمعية تتوضع على جانبي الخط المتوسط للحلقات الأربعة البطنية قبل الأخيرة حيث نشاهد فتحتين لكل حلقة.ويعتبر  [22]  جون مارتن "1684" أول من استخرج صفيحة شمعية من إحدى تلك الفتحات من بطن نحلة عاملة من فرقة البناء، فهو يعتبر بحق الأول الذي لاحظ أن الشمع منتج حيوي للنحل، وبعده بمائة عام قام جون هانتر فأثبت ذلك وبرهن أن النحلة تصنع الشمع.

إن كل 100 صفيحة تزن 25 ملغ، ويتكون كل 1كغ من الشمع من أربع ملايين صفيحة ويستهلك النخروب المخصص كمهد لتربية النحلة العاملة 13 ملغ من الشمع أما مهد الذكر فيستهلك 30 ملغ، وكل قرص شمعي يتكون من صفين من النخاريب أو  المهود بينهما حاجز يشكل قاعاً لها، ويزن القرص الشمعي 150غ، ويتكون من 9100 عين أو نخروب، ويتسع لكمية قصوى من العسل هي 4كغ.

وإن النحلات المهندسات صانعات الشمع تبدأ عملها وهي في عمر 3-5 أيام حيث يبدأ انطراح الصفائح الشمعية الرقيقة من مجل "فتحة" الغدد الشمعية، ويبلغ قمة الإفراز الشمعي عندها في اليوم 15-18 من عمرها، ويتناسب الإفراز مع غنى المنحلة بالعسل وغبار الطلع.

والروعة هي في طريقة البناء، كيف لا وقد ألهمها إياها مبدع الكون سبحانه وتعال، وهكذا نجد أن الشمع عندما يبدأ بالإنطراح يتجمد فور خروجه من فتحة الغدة الشمعية وتبدأ النحلة ببناء أول قرص شمعي، إذ تضع على سقف الخلية قليلاً من غراء النحل، ثم تسحب بفكيها القويين صفيحة الشمع وتبلها بلعابها وتلصقها بالسقف في المكان الذي وضعت فيها الغراء وتأتي زميلة لها لتحذوا حذوها ويتابع العمل بلصق الصفيحات الجديدة بنهايات الصفيحات التي سبقتها، وهكذا وفي الظلام الدامس وبين الألوف من النحل العامل تتنامى الأقراص الشمعية متدلية من السقف نحو الأسفل، والإعجاز أنك لن ترى بين ألوف النخاريب التي بنيت أي اختلاف أو تباين، لا في الوزن ولا في الشكل ولا في عدد الصفيحات، كأدق ما ينتجه أي مصنع حديث إلكتروني، وذلك البناء الرائع المتألق في ذاته في قوة وبساطة وأناقة ونفع البناء الذي ظلت أسراره محط اهتمام الباحثين على مدى الدهور من فلاسفة وعلماء طبيعة ورياضيات ومهندسين وفنانين وغيرهم، فتبارك الله أحسن الخالقين، وسبحان من أعطى كل شيء خلقه ثم هدى...
والعاملات هي التي تنظف الخلية وبمهارة فائقة تسد الشقوق وتصقل الجدران بمادة تصنعها لذلك هي غراء النحل، وإذا ما تسرب فأر مثلاً إلى الخلية انقضت عليه بلسعاتها حتى يموت، ثم إنها كي تمنع تفسخه تغطيه براء محكم من الغراء لا يدخله الهواء. والهواء داخل الخلية نظيف يجدد باستمرار
 [23]  والعاملات لا تقوم فقط بعملية التهوية بل إنها تحافظ على درجة حرارتها عند مستوى معين، فهي تقوم بعملية تكييف الهواء داخل الخلية.

ففي أيام الصيف القائظة تقف طوابير من العاملات بباب الخلية متجهة إلى ناحية واحدة وتحرك أجنحتها بقوة فهي تبدو وكأنها مروحة تدخل تيارات قوية من الهواء البارد إلى الخلية. وهناك طوابير أخرى من العاملات تقوم بطرد الهواء الساخن من الخلية. وفي الشتاء يتجمع النحل حول بعضه فوق الأقراص وبذلك تقلل ما يتعرض من سطحها، كما تزيد حركة التمثيل الغذائي في بدنها وتكون النتيجة رفع درجة الحرارة داخل الخلية.

ومن العاملات ما يقول بوظيفة حراسة مدخل الخلية وتندفع إلى المعركة لأول استثارة. يقول د. بيساريف [24] : ليس عند النحل جيش دائم، فكل نحلة عاملة تملك سلاحها الخاص وتحسن استخدامه، وكل نحلة هي جندي مخلص في هذه المملكة مجبول بحسه الوطني للدفاع عنها ضد أعدائها من الزنابير والفراش، وحتى ضد النحلات من الخلايا الأخرى. فإذا ما اقترب عدو منهم إلى البيت فياويل له من العقاب، إن مئات النحل العامل سينقض عليه بإبره وفكوكه ولن يتركه أبداً حتى يصبح جثة هامدة.

ونظرة واحد إلى قرص العسل وهو  يعج بآلاف العاملات تعطي للإنسان فكرة أنها لا تهجع أبداً وأنها مشغولة باستمرار بواجباتها العديدة. لكن اختصاصي النحل  [25] أ.روت يؤكد أن النحل ينام في الليل إذ يبدو ناعساً وأشد تكاسلاً منه في ساعات الظهيرة.

وللنحل خمسة عيون، اثنتان منها مركبة وتوجد على جانبي الرأس، وثلاثة بسيطة توجد أعلى الرأس. ويعتقد أن الأعين البسيطة تعين النحلة على تمييز الأشياء القريبة على سافة 1-2 سم ولتجد طريقها داخل الخلية، على حين تستعمل العيون المركبة للمسافات البعيدة وقد برهنت التجارب على أن النحل يميز الألوان الأزرق والأصفر والأبيض، لكنها لا تحس مطلقاً باللون الأحمر.

وللنحلة قرنان للاستشعار يقومان بحاسة الشم، ويحتويان على شعيرات عصبية تقوم بمهمة حاسة اللمس، أما حاسة الذوق فتتركز في أوتاد صغيرة حول الفم متصلة بأعصاب الذوق وتتميز العاملات بحاسة ذوق قوية، فالمحلول السكري 4% مثلاً لا يبدو حلواً بالنسبة لها، وإنها لتفضل الموت على تناوله، كما أنها ترفض محلول السكارين قطعاً أما المحلول السكري المختلط بالكينا فإنها تحبه.

وعند العاملات إحساس قوي بالوقت فهي لا تطير إلى الزهر إلا في الوقت الذي يمكن أن تجني به رحيقاً أو  غبار الطلع. وتشير الأبحاث إلى أن إحساس النحلة بالوقت يجعلها تنظم أفعالها معه بصرف النظر عن حركة الشمس وظروف الطقس والمكان الجغرافي. فلو عزلت خلايا نحل عن نور الشمس الطبيعي فإنها تذهب لجني المحلول السكري في نفس الوقت دقيقة بدقيقة وكأنها في ضوء الشمس.

ولا يملك النحل بالمفهوم البيولوجي أعضاء للسمع [26] غير أن بعض الباحثين يرى أن مواضع في النحلة تحسُّ بالأصوات قيل أنها في قرني الإستشعار، وقيل أنها في مقدم ساقيها، كما أن نحالة مجربين أمثال أ. روت وغيره علاوة على مذكرات لبعض الباحثين أمثال: فرغلة ورابلي يؤكدون أن النحل يسمع الأصوات بشكل جيد، وخاصة رنين المعادن.

وقد حاول كثير من العلماء والباحثين اكتشاف طريقة التفاهم بين النحل. وقد اعتقد بعضهم أن النحل يتكلم  [27] . وفي عام 1788 لاحظ سبتزنر أن النحلة حينما تعود إلى الخلية ومعها رحيق أو غبار طلع فإنها تقوم بسلسلة من الحركات، وهي التي أطلق عليها بعد سنوات: رقص النحل. وقد خصص الدكتور كارل فون فريتش كثيراً من الجهد والوقت لدراسة سلوك النحل وأصدر عام 1946 كتابه عن رقص النحل أثبت فيه أن النحلة الكاشفة حينما تعود لتخبر العشيرة لا عمّا تحمله من الرحيق والطلق كما كان يظن بل عن بعد المصدر من مكان الخلية. وقد دللت المشاهدات الحديثة على أن الرقصة الدائرية تدل على مصدر للرحيق قريب لا يزيد عن 55 متراً من المنحلة، أما إذا عادت النحلة الكاشفة وبصبصت بالذنب فهذا يعني أن مصدر الرحيق بعيد وأن على أخوتها أن تستعد لرحلة طويلة متعبة.

وقد كتبت فنسنت مارتيكا أن البحاثة الأمريكيين غارالد إيش وأ.فينر كينغ أكدوا أنه بالإضافة إلى أسلوب رقص النحل في التفاهم فيما بينها فهي تستخدم الأصوات.

فلقد وضع إيش ميكروفوناً صغيراً جداً في خلية النحل، فسمع أصواتاً تر تر تـرر... متوافقة مع مشاهدة رقصة النحل، يتكرر هذا الصوت بعد وقت قصير وأنه شاهد العديد من النحلات في تلك اللحظة وكأنها تتلقى الأوامر للخروج من الخلية لجمع الرحيق.

ومن منطلق أن النحل يفهم تلك الأصوات فقد صنع إيش نحلات تتحرك أوتوماتيكياً وتصدر أصواتاً تشبه ما تفعله النحلة الكاشفة العائدة إلى الخلية، وقذف بتلك النحلة في الخلية إلا أنه فوجئ بأن النحل عوضاً أن يخرج مستجيباً لها لجلب الرحيق تجمع حول النحل التمثال محاولاً لسعها وقتلها.. لقد عرف إيش خطيئته، لقد نسي أن تلك الأصوات يوجد خلفها أصوات أخرى توجه إلى العاملات التي تحيط بالنحلة الكاشفة، تلك الأصوات كأنها تخطابهم أفهمتم؟. ويفترض العلماء أن النحلات تسمع تلك الأصوات بجهاز تلق موجود في قرون الإستشعار وتبلغ الواحدة الأخرى عن مصدر الرحيق أيضاً بواسطة الأصوات.

والنحل بالإضافة إلى حركات الرقص يتخاطب بعضه مع بعض بإرسال إشارات وروائح تخرج من غدة خاصة بالرائحة موجودة على الناحية الظهرية لبطن النحلة. ويعتقد عدد من الباحثين أن لكل خلية من النحل رائحتها الخاصة ولهذا السبب فإن القليل من النحل يغامر باقتحام خلية غريبة كما أن هذا ما يمنع مستودعات العسل في الخلية من النهب من قبل النحل المتلصص والنحل الحارس لمدخل الخلية على يقظة تامة فهو لا يسمح بدخول القادم إلا إذا تعرف عليه من رائحته وكأن رائحة الخلية هي كلمة السر للعبور.

ترويض النحل:

وهو  توجيه أفعال الطيران عند النحل بمنعكس شرطي نحو نباتات معسّلة خاصة بإطعامها شراباً معطراً برائحة أزهار تلك النبتة، فلقد أكدت التجارب أن إطعام النحل ليلاً شراباً حلواً معطراً برائحة الزيزفون أو إعطاءها عسل الزيزفون يجعل النحل يتوجه صباح اليوم التالي إلى أزهار الزيزفون!..

وهذه الطريقة البسيطة في أيدي النحالين لها أهميتها في الزراعة، إذ بتوجيه النحل نحو أزهار معينة يساعد على تلقيحها المتصالب وزيادة إنتاجها من الثمر، وليعلم أنه كلما كانت الرائحة التي تقدم للنحل أنقى كلما كان تدريبها أنجع، ويمكن عند انتهاء النحل المدرب من مهمته بالإلقاح تغيير مهمته بإطعامه شراباً آخر خلال بضع ليالٍ، ولا بد من إغلاق باب الخلية أثناء الترويض.

وقد أيدت تجارب أجريت في معهد النحالة الروسي أنه في نفس الوقت الذي يتمكن فيه الإنسان بترويض النحل أن يوجهه إلى أزهار نبت معين، يمكن أن يحول النحل بالترويض من أزهار أخرى. كما تبين أنه كلما كانت خلايا النحل أقرب إلى مصدر الرحيق كلما كان النحل أقدر على الإلقاح التصالبي لتلك الأزهار وعلى جمع كميات أكبر وأكبر من العسل.

إن ترويض النحل يفيدنا في الحصول على عسل ذو مصدر وحيد معروف علاوة على أنه يفيد في زيادة الإلقاح التصالبي لذلك النبات وزيادة إنتاجه من الثمر علاوة على أنه يزيد إلى حد ما من إنتاج الخلايا المدربة من العسل.

صحة النحَّال [28] :

إن أول الاحتياجات الصحية في النحال هي النظافة، فأيدي النحال يجب أن تكون نظيفة دائماً، إذ يجب عليه أن يغسل يديه قبل أن يبدأ أي عمل في المنحل، وبعد انتهائه من العمل. وفي حال الشك بوجود تلوث في عشائر النحل، يجب أن يكون التغسيل بالماء الساخن مع الصابون واستعمال الفرشاة لذلك. وأن يتخلص من ماء الغسيل فوراً حتى لا يتسبب في عدوى جديدة.

ولإبعاد النحل عن ماء الغسيل يضاف إليه بضع قطرات من الكيروسين.

والعناية بالصحة ضرورية لكل إنسان لكنها أوجب بالنسبة للنحال، فرائحة العرق الكريهة تهيج النحل وتستثيره للدغ، وأحسن الملابس للعمل في المنحل بذلة بيضاء من قطعة واحدة وقبعة بيضاء. ويجب مراعاة النظافة التامة في المنحل، وتنظيف المكان من كل ما يلزم للعمل، كما أن الأجهزة المستعملة يجب أن تكون بحالة جيدة ونظافة دائماً.

والمنحل الذي تهمل رعايته لا يغل إيراداً مطلقاً –فهناك دائماً العشائر المريضة من النحل والضعيفة، وأخرى مصابة بقمل النحل، ولا شك أن لهذا أثره على إنتاج العسل، والمنحل الذي تراعى فيه الشروط الصحية يخلو من عتّة الشمع والقوارض والفطور والعفن.

وإمداد النحل بالماء مهم جداً من الناحية الصحية، فمن الثابت أن النحل يقوم بـ 7-15 رحلة يومياً لجمع الرحيق، وأقل من ذلك لجمع حبوب اللقاح، لكنها تقوم بحوالي 100 رحلة لجمع الماء. وتزيد حاجة النحل للماء في الربيع والصيف، أي في الوقت الذي يزيد فيه عبء تغذية اليرقات. وقد لوحظت حالات قذف فيها باليرقات خارج الأقراص نظراً لحاجته إلى الماء.

والخلية الغنية باليرقات بحاجة إلى 200-400 غ من الماء يومياً، فإذا لم يزود النحال نحله به في مكان المنحل فإن النحلات تضطر للقيام بآلاف الرحلات للبحث عن الماء، فضلاً عن أنه قد يحصل على الماء من أماكن غير نظيفة أو ملوثة، ويستحسن وضع برميل خشبي يملؤ ماءً، وله صنبور يخرج منه الماء تنقيطاً على لوحة خشبية مائلة. ولكي يسيل الماء ببطء تسمر قطع خشبية معترضة أو تصنع حفر صغيرة في اللوحة الخشبية.

ومن المستحسن  إضافة قليل من الملح إلى الماء 5 غ لكل ليتر. ويجب ترك حرية الاختيار للنحل، لتختار بين الماء العذب والماء المالح. وقد اتضح أن 47% من النحل اختار الماء العذب، وعلى حين كان النحل يأخذ ماء ملوحته 0.5% فقد رفضت تماماً أن تأخذ ماء ملوحته 1%.


 

[1]  : عن كتاب "النحلات والطب".[2]  : عن كتاب: "Bees and People".  [3]  : عن كتاب: "Bees and People".[4]  : عن كتاب "النحلات صيدلانيات مجنحة".[5]  : عن كتاب "النحلات والطب".[6]  : عن كتاب "النحلات والطب".

[7]  : عن كتابها "H0ney".[8]  : المرجع السابق.[9]  : عن كتاب "مفكرة النحال" وكتاب "النحلات والطب".[10]  : عن كتاب "النحلات والطب".[11]  : المرجع السابق.[12]  : عن كتاب العلاج بعسل النحل. ت. الحلوجي.[13]  : المرجع السابع.

[14]  : عن كتاب "النحلات صيدلانيات مجنحة".[15]  :  عن كتاب: "Bees and People".[16]  : عن كتابه Traite de Biologie L Abiele.[17]  : عن العلاج بعسل النحل: ت. الحلوجي.[18]  : عن كتاب النحلات والطب.

[19]  : عن كتاب: "Bees and People".[20]  : عن كتاب: النحلات والطب.[21]  : عن تفسير القرطبي في آية النحل.[22]  : عن كتاب: "Bees and People".[23]  : عن كتاب العلاج بعسل النحل ترجمة الحلوجي.[24]  : عن كتاب النحلات والطب.[25]  : عن كتاب العلاج بعسل النحل ترجمة الحلوجي.[26]  : عن كتاب النحلات والطب.[27]  : عن كتاب العلاج بعسل النحل ترجمة الحلوجي.[28]  : عن كتاب العلاج بعسل النحل ترجمة الحلوجي.

 

 

مواضيع ذات علاقة

اسم الموضوع

هجري

تاريخ الموضوع

الإعجاز في الكائنات الحية

23 شعبان 1429

2008/08/24

الإعجاز الطبي والدوائي في القرآن الكريم

12 شعبان 1429

2008/08/13