إذا نظرنا في سورة الكهف وفي قصة موسى مع الخضر
– عليهـما السلام - فسوف نقف على ( تاء ) محذوفة للتخفيف وهي تشير إلى لطيفة لغوية
جميلة في القرآن .
فعندما قابل موسى الخضر عليهما السلام وعرض عليه أن يتبعه ليتعلم منه , أخبره الخضر
أنه لا يستطيع أن يصبر معه لأنــه سيفاجأ بأشياء وأحداث لن يصبر عليها
ووعده موسى أن يصبر ولا يعصى له أمرا وطلب منه الخضر أن لا يعترض على أي شيء يراه
وأن لا يسأله عن شيء …. واتفقا وانطلقا . . فحدث في الرحلة:
أن خرق الخضر السفينة وقتل الغلام وأقام الجدار
وكان موسى -عليه السلام - يعترض في كل مرة على فعـل الخضر, والخضر يذكّره بوعده ,
وفي نهاية الرحلة افترق موسى والخضر وقبل افتراقهما قال له الخضر :
( هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا ) وبيّن له حقيقة
الأحداث الثلاثة :
خرق السفينة و قتل الغلام وبناء الجدار
وختم بقوله:( ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا )
فنلاحظ أن " التاء " موجودة في الفعل ( تستطع )
في الآية الأولى بينما التاء محذوفة في المرة الثانية
( ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا )
والسؤال هنا : لماذا أثبتت التاء في الآية الأولى
وحذفت من الآية الثانية ؟
لقد شاهد موسى عليه السلام من الخضر ثلاثة أفعال
وهي غريبة وغير مقبولة في الظاهر وتدعو إلى الإنكار
فوقع موسى في حيرة في تأويل هذه الأحداث وكأنه صار
في هم وشعور نفسي ثقيل فأثبتت التاء مع الفعل في الآية الأولى لتناسب هذا الثقل
النفسي ..
ولكن وبعـدما علّل الخضر لموسى عليهما السلام حقيقة الأحداث عرف موسى وجه الصواب في
تَصَرُّف الخضر
فزال هذا الثقل النفسي فحذفت التاء من الفعل ( تسطع )
لتشارك التخفيف النفسي