بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

مرحبا بكم مع الشيخ خالدالمغربي - المسجد الأقصى

024

النور

آية رقم 040

أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ

صدق الله العظيم

 

النور البارد ـ التوهج الحيوي
 

دكتورة / شادية السيد عبد العزيز

أستاذ الحشرات في المركز القومي للبحوث ـ جمهورية مصر العربية
 

مقـدمــة

         تختلف معجزة القرآن عن معجزات الرسل السابقين في كثير من زوايا الإعجاز.. فالقرآن الكريم( لا تنقضي عجائبه ولا يخلق علي كثرة الرد ولا يشبع منه العلماء ولا يمله الأتقياء) كما جاء في الحديث النبوي الشريف، فإعجازه متواصل علي مر الدهور وكر العصور، شريطة إعمال العقل ومدارسة الفكر والتدبر والتفكير(أفلا يتدبرون القرآن)فأعجازه لا يتوقف ولا ينتهي مهما طال الزمن وتقدم العصر، فالقرآن الكريم مشكاة كل عصر وأوان وصالح لكل زمان ومكان.

       وعطاؤه يناسب كل جيل من الأجيال وكل أمه من الأمم، لأنه كتاب خاتم الرسل والرسالات (اليوم أكملت لكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) لذلك فإن القرآن الكريم قائم وموجود إلي أن تقوم الساعة اى للدنيا كلها.. لا يقتصر على أمة بعينها..و إنما هو الدين الكامل لكل البشر، ومن هنا فانه يجب ان يكون له عطاء لكل جيل.. وإلا لو أفرغ القرآن عطاءه الاعجازي في قرن من الزمان مثلا لاستقبل القرون الأخرى بلا عطاء. فمات وماتت الرسالة وضل الناس من جديد.

     لقد خلق الله النار (الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا انتم منه توقدون) فاستخدمها الإنسان في الإضاءة (....كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله....)كما استخدمها في توليد الطاقة من الماء والنار وولدهما البخار، ثم أختر الإنسان الكهرباء من الماء المنهمر.

      وعندما ندير مفتاح الإضاءة الكهربائية نحصل على قدر معلوم من الضوء، و لكن تطلق في الوقت نفسه طاقة ميكانيكية تتسبب في فقد وتبديد قدر كبير من الطاقة مابين 85% - 90 % من الطاقة الكهربائية بتحولها إلى طاقة حرارية. بينما يلزمنا نسبة صغيرة 10 – 15 % لتحقيق الإضاءة، ونخلص بذلك إلي أن إنتاج الضوء الصناعي ينتج عنه فقد وتبديد كمية كبيرة في الطاقة التي لا تستغل.

     لذلك يمكننا – توفيرا لهذه الطاقة - إنتاج الضوء البارد أو بمعنى آخر إنتاج الضوء من مصدر تستغل كل طاقته الكهربية لكي تتحول إلى ضوء دون وجود عادم يتحول إلى حرارة مفقودة وغير مستغلة وضائعة.

من أجل ذلك يحاول العلماء و خبراء التكنولوجيا العثور على حل لهذه المشكلة المعقدة عن طريق استغلال بعض الكائنات الحية التي تنتج ضوءا بطريقة عجيبة و مثيرة من عند الله، لمواجهة هذه المشكلة عن طريق إنتاج الضوء البارد، وتلك هي مشكلة البحث التي نريد إثباتها

      و لاشك أن هذه الكائنات الحية لم تمتلك الأجهزة الجسمية التي تولد الضوء متعدد الأغراض من تلقاء نفسها، ومن المستحيل أن تكون ذلك مصادفة، لأنها من خلق الله – سبحانه وتعالي - (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير)واستكمالا للمعجزة الإلهية أن هذا الضوء وتلك الطاقة لا تتسبب في أي أضرار لتلك المخلوقات(وكل شيء خلقناه بقدر)فهذه الكائنات الحية دليل على قدرة الله تعالى في الخلق، فهو الله الخالق البارئ المصور الذي خلق الخلق وأودع فيها آيات تخاطب العقول وتسحر الألباب وتملك القلوب.   

نبذه تاريخية

    الكائنات المنتجة للضوء تم ملاحظاتها منذ قرون بعيدة أيام الحضارة اليونانية. وقد لاحظه كريستوفر كولمبس اثناء رحلته الشهيرة حول المحيط الاطلنطى عام (897 هـ= 1492م) حيث لاحظ هو والبحارة أنوار ( توهج حيوي) في المياه حول سفينتهم Floyd , 1997)) لم يتم معرفة سبب هذا الضوء البارد إلي أن تم اكتشاف الميكروسكوب وفي عصر العلم الحديث، فقد كان البحارة – قديما - يلاحظون توهج المياه و كانوا يفسرون ذلك بخرافة وجود وحش في الأعماق يضيء.

      و كانت أول محاولة علمية جادة لفهم أو تفسير سبب الضوء البارد في الكائنات في منتصف عام 1600م, و لم يعرف السبب الحقيقي و لكن كان تفسيرهم أن الضوء البارد الصادر من الأسماك و الفطريات يعتمد على الهواء (1952 Harvey ). و كان Dubois أول من عزل الضوء المنتج كيماويا بواسطة أم الخلول(Clams). (Harvey 1920) مما مهد الطريق لتحديد الطاقة الميكانيكية الكيماوية و الفسيولوجية التي تسبب هذا الضوء البارد النظيف

    وقد لوحظ وجود التوهج الضوئي في كثير من الكائنات الحية و التي تشمل: البكتريا, الفطريات، الحشرات و الحيوانات البحرية، فقد خلق الله - عز و جل - بعض الكائنات على سطح الأرض و في أعماق البحار تتميز بقدرتها على إنتاج الضوء الذي يساعدها في حياتها، و لكن لوحظ أن الضوء الذي تقوم هذه الكائنات الحية بإنتاجه هو ضوء بارد ينتج عن تفاعل كيمائي داخلها أثناء عملية التنفس.

     ومن أهم المواد التي تدخل في هذا التفاعل الكيماوي مادة اللوسيفيرين Luciferin و هي ذات تركيب خاص، لكل نوع من أنواع الكائنات الحية. بمعنى أن جزيئات اللوسيفرين في حالة كلا من Fireflies, Dinoflagellates & Bacteria تختلف اختلافا كليا في كل نوع على حده (شكل3) ولكنهم جميعا يؤدوا نفس التفاعل و التأثير وهو إنتاج الضوء البارد.

( يفرز الوسيفرين بواسطة الخلايا المولدة للضوء ( photocytes) وهو عبارة عن مركب ذو وزن جزيئى منخفض من الممكن ان يكون الدهيد أو بوليببتيد أو بروتين( وتختلف الكائنات الحية في تركيب جزيء اللوسيفيرين فبعضها يتكون من سلسلة طويلة من الذرات، و بعضها له سلسلة منحنية، و البعض الأخر له شكل جزيئات ذات شكل كروي مثل الكلوروفيل و لكنهم جميعا يؤدون نفس التفاعل و التأثير مع وجود الأكسجين و هو إنتاج الضوء البارد وتلك معجزة تدل على وحدانية الله.

  *  أنواع الكائنات التي تقوم بإنتاج الضوء البارد هي:   

      1- البكتريا Bacteria ، و من الأسماك الحبار Squid ، الفطريات Fungi ، السمك الهلامى Gelly Fish ، القشريات Crustaceans ، البروتوزوا Protozoa ، و الإسفنج Spongs ،   أم أربع و أربعين Centipedes ، الدودة ألفية الأرجل Millipedes ، الطحالب      Alga    و الحلزونSnail. تقع الغالبية العظمى منها للضوء البارد في أعماق البحار والمحيطات.

  2   - أما على سطح الأرض يوجد بعض أنواع من الطحالب alga  والفطريات fungi  والبكترياbacteria  و النيماتودا   nematodes والحشرات insects  و الحشرات التي تنتج الضوء البارد في الرتب الحشرية التالية :  

1  كولومبولا Collembola.   

2   ثنائية الأجنحة Diptera.

3   متشابهة الأجنحة Homoptera. 

4  غمدية الأجنحة Coleoptera و تضم رتبة غمدية الأجنحة أكبر عدد من الحشرات المتوهجة بالضوء البارد حيث تضم مئات من الأنواع التي توجد بها أعضاء نامية نموا جيدا، و من أشهر العائلات بهذه الرتبة: Elateridae, Lampyride, Phengodidae.

       وبعض الفطريات تستطيع إنتاج الضوء، حيث نجد أن الفطر المضيء مثل Armillaria mellea   و Mycena spp. ينتجان ضوءا مستمرا ( أزرق مخضر) في أجسامهم الثمرية و الميسليوم،  والفطر المضيء يستخدم ضوءه في جذب الذباب الصغير و أنواع أخرى من الحشرات التى سوف تقوم بنشر جراثيم الفطر و تسهم في عملية تكاثر هذه الأنواع من الفطريات، كما تتغذى الحشرات على هذه الفطريات.

     كذلك بعض النيماتودا تضيء نتيجة لوجود البكتريا المتواجدة معها  ( معيشة تكافلية ) (Symbiotic bacteria )  فنجد نيماتودا من التى تتبع الأجناس التالية Neoaplactana, Steinernema , and Hetrorhabditis   تتعايش معيشة تكافلية مع البكتريا المنتجة للضوء مثل النوع Xenorhadus luminescens . 

شكل( 3): الحبار المضيء

شكل (4): سمكة جمبري مضيء

شكل (5): جيلي فيش مضيء

شكل(6): بكتريا مضيئة

شكل(7): فطريات مضيئة

       كما توجد مجموعة أخرى بالإضافة إلى البكتريا و الحيوانات في البحر تنتمي إلى Protista و هي مملكة تقع بين البكتريا و النباتات الأرضية الحقيقية True Land Plants و هي تضم:

1-       Dinoflagellates

 

صورة لظاهرة المد الأحمر حدثت في عام 2005 في أحد شواطئ كاليفورنيا قامت الكائنات (Dinoflagellates ) بالتوهج الحيوي

2-    Radiotarians وكلها تنتج الضوء البارد.  

و على الجانب الآخر نجد أن هناك كائنات حية لا تقوم بإنتاج هذا الضوء البارد وهى:

الثدييات Mammals، الزواحف Reptiles، والطيور Birds، البرمائيات Amphibians، و العناكب Spiders، العقارب Scorpions و النباتات المزهرة.

يكمن فيما سبق عدة معجزات هي:

1 - الإعجاز الأول:

     ففي أعماق البحار و المحيطات يوجد ظلام كامل عند عمق 200 متر فأكثر ، أما على مسافة ألف متر فلا يوجد ضوء البتة .

 قال الله تعالى في كتابه العظيم " أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ " سورة النور (40).

      و قد تسنى للبشرية اليوم أن تعرف الكثير عن البيئة العامة للبحار و خصائص الكائنات الحية فيها و نسبة ملوحة مياهها و كميات المياه الموجودة فيها ، فالغواصات التي تطورت بفضل التقنيات الحديثة خولت للعلماء الحصول على مثل هذه المعلومات . و من المعروف إن اى إنسان لا يستطيع أن يغوص في عمق البحر أكثر من أربعين مترا دون وجود معدات خاصة تساعد على ذلك ، ولا يمكن للإنسان أن يبقى على قيد الحياة فى المناطق العميقة والمظلمة التي تصل إلى 200 مترا و ما دونها دون هذه المعدات.

 

شكل(8): يوضح مياه المحيط ودرجات ألوان الضوء

     وغياب المعدات التقنية في السابق كان السبب في تأخر العلماء في اكتشاف هذه التفاصيل عن البحار، و هذا ما يثبت أن الآية 40" ظلمات في بحر لجى " التي وردت في سورة النور منذ 1426 عاما – وكون القرآن يعطى معلومات صحيحة عن البحار في وقت لم تكن فيه معدات توفر أو تسهل للإنسان الغوص في الأعماق ليسا إلا وجهه من وجوه الإعجاز في القرآن الكريم.  

     أن الإنسان لم يعرف تلك المعلومات عن الكائنات البحرية التي تعطى ضوءا باردا تكونه بنفسها لتضيء لنفسها الأعماق المظلمة ومن وجود ظلام في أعماق البحار والمحيطات يصعب أن يرى الإنسان يده إلا من أعطاه الله نورا. إلا بهذه المعدات ذات التقنيات الحديثة، ويعد ذلك تأكيدا وتصديقا لما ورد في سورة النور ( الآية 40) من 1425 عام                                                                                                         

وهذا الضوء يعتبر وسيلة من وسائل الاتصالات بين أفراد النوع الواحد للتجمع أو التزاوج أو عند القتال أو تستخدم كمصيدة لصيد الفريسة أو لشل حركتها.

   توزيع الكائنات البحرية في البحار والمحيطات :

       يتميز النظام البيئي للمحيط بأنه عموديا مما أدى لتقسيم بيئة المحيط إلى ثلاث مناطق متميزة كما في شكل (9) وهى:

 

شكل(9): يبين توزيع الكائنات البحرية في البحار والمحيطات تبعا لكثافة الضوء

  ا - المنطقة السطحية الأوقيانوسية Epipelagic Zone : وهى من سطح المحيط حتى 200 متر إن الكائنات في هذه المنطقة تحدد بحدود Photic Zone  ( المنطقة التي يخترقها ضوء الشمس) حيث يكون ضوء النهار كاف لإتمام عملية التمثيل الضوئي Photosynthesis  .  

 2 – المنطقة الوسطية الأوقيانوسية Mesopelagic Zone: وحدودها من ( 200 – 1000 متر ) نجد انه في هذه المنطقة أن الضوء الآتي من السطح يكون باهت جدا ( ضعيف) أي مازال من الممكن الرؤية ولكن بصعوبة بالغة وذلك حينما يكون ماء المحيط صافى جدا.

3 – المنطقة العميقة الأوقيانوسية Bathypelagic Zone: وحدودها من ( 1000 – 6000 متر ) ضوء النهار لا يصل إلى هذه المنطقة.

    والحدود بين العوالم الحية في كل منطقة من المناطق الثلاثة السابقة مرتبط بدرجة كبيرة بالمستويات البيئية المختلفة لكثافة الضوء فى ماء المحيط الصافي.

- وتحت حدود 6000 متر من المنطقة الثالثة ( المنطقة العميقة الأوقيانوسية ) تحتوى هذه المنطقة على تواجد كبير لأعماق المحيط المنبسطة ولكن يستثنى الخنادق العميقة التي توجد على عمق من 6000 متر إلى أعمق الأعماق، وتوزيع هذه الخنادق قليل نسبيا حيث تمثل أقل من 2 % من البيئة للمحيط المفتوح ويعطى تعبير البحر العميق ( deep sea ) للكائنات التي تعيش تحت المنطقة السطحية الأوقيانوسية.

      ويتم تقسيم المجاميع البيولوجية لهذه الممالك المائية إلى: -

      1 – Plankton:: وتضم النباتات و الحيوانات التي تنجرف في وسط الماء أو التي لا تستطيع السباحة ضد التيار

      2 - Nekton: وتضم الحيوانات البحرية الكبيرة التي تعيش في وسط الماء مثل السمك، الجبار، الجمبري والتي تستطيع السباحة بقوة.

      3 - و بجانب القسمين السابقين، يوجد كل الأحياء من الحيوانات و النباتات التي تعيش في أو على قاع البحار.

     2 - الإعجاز الثاني:  

      يوجد أنواع من الأسماك تنتج النور الأحمر وهى تعيش على عمق 600 متر، بينما الضوء الأحمر يتم امتصاصه على عمق من 10 – 15 متر ( ولهذا السبب اذا جرح الغطاس تحت الماء، فلن يتمكن من رؤية نزف الدم من جرحه).

    ما هي ألوان النور الحيوي المنتج بواسطة الكائنات البحرية ؟

   تنتج كل الكائنات البحرية نورا لونه أزرق لسببين أساسيين:

      1- إن النور الأزرق المخضر( طول الموجة له حوالي 470nm) ينفذ في الماء.

      2- إن معظم الكائنات تكون حساسة فقط للنور الأزرق حيث تفتقر

    هذه الكائنات إلى الصبغات الخاصة بالرؤية ( والتي تمكن الكائن أن يستطيع امتصاص أطول للونين ( الأصفر، الأحمر ) أو أقصر للنور فوق البنفسجي المزرق( indigo ultraviolet).

     و لكن هناك حالة منفردة تخرج عن القاعدة السابقة، توجد في عائلة ‘Malacosteidae” للأسماك – وهي نوع من الأسماك يسمى( Loose jaws) وهى التي تنتج نورا أحمر، وهى الوحيدة القادرة على رؤية هذا النور الأحمر، بينما الكائنات الأخرى غير قادرة على رؤية هذا النور، وتعيش على عمق 600 متر.

        وهذا النور الأحمر ينتج بواسطة أنواع مثل Malacosteus, Aristostomias & Pachystomias    ولها طول موجة طويل، يقرب من الأشعة تحت الحمراء inferared، ونادرا ما يمكن رؤية هذا النور بواسطة عين الإنسان . بالإضافة إلى أنهم يستطيعوا إنتاج نور أزرق مخضر من أعضاء منفصلة.

  لماذا يتم إنتاج النور الأحمر ؟

  إن إنتاج النور الأحمر يعطى لهذه العائلة Malacosteidae   ميزة إضافية في البحر العميق، على الرغم من ان النور لا يسافر لمسافة بعيدة ولكنه يمكن هذه الأسماك من رؤية الفريسة دون أن تشعر أو تحس الفرائس بهذا النور، ولذلك فان هذه السمكة تنتج ضوءا أحمر ( إشارات لونها أحمر) معناها خاص بهذه السمكة فقط دون غيرها. بينما الإشارات الأزرق المخضر فإنها غالبا تستخدم لتنبيه الأسماك الأخرى من نفس النوع بوجود أعداء، فهذه السمكة تنتج نورا أحمر هي الوحيدة التي تراه.

        معروف أن ضوء الشمس يتكون من سبعة ألوان هي: البنفسجي، النيلي، الأزرق، الأخضر، الأصفر، البرتقالي، والأحمر، علما بأن ماء البحر الصافي يملك خاصية امتصاص الألوان بشكل إنتقائي.

 فيمتص اللون الأحمر في مسافة تبلغ من(10 -15) متر لذلك لا يري الغطاس جرحه في هذه المسافة تحت الماء ولا يتمكن من رؤية نزف الدم من جرحه – ومع ذلك نرى إعجاز اللـه في وجود كائنات بحرية تتبع عائلة Malacosteidae تعيش على عمق 600 متر تنتج الضوء الأحمر، وهى الوحيدة القادرة على رؤيته، فسبحان الله الخالق المبدع

      يليه اللون البرتقالي يمتص عند مسافة 30 – 50 متر، ثم يليه الأصفر يمتص عند مسافة 50 – 100 متر، ثم يليه الأخضر يمتص من 100 – 200 متر، و يليه الأزرق يمتص حتى 200 متر.

       (نرى إعجاز الله في كائنات تعيش في البحار و المحيطات العميقة على عمق أكثر من 200 متر تقوم بإنتاج الضوء الأزرق المخضر و أكثر من 200 متر يمتص اللونين البنفسجي و النيلي) Elder et al. 1991. إن الله عز و جل في خلق الشيء و نقيضه.

  والماء يعمل على تشتيت الضوء بشكل كبير وفي جميع الاتجاهات، مما يؤدي إلى خفض مستوى التباين الضوئي واللوني إلى حد كبير مما يزيد من صعوبة التعرف على المواضع تحت الماء.

الإعجاز الثالث: إنتاج النور البارد

   و كمثال لإنتاج الضوء البارد من الحشرات حشرة الدودة المضيئة   (شكل10).

 

شكل(10): الدودة المضيئة

     تبدو عظمة الله الخالق حيث نجد إن الدودة المضيئة تنتج الضوء نتيجة للتنفس، علما بأن الحشرات تتنفس عن طريق قنوات هوائية دقيقة تعرف بالقصيبات tracheae توجد لها فتحات خارجية على الصدر والبطن، ويجب أن نتذكر إن الدم الحشري يختلف عنه في الفقاريات التي يحمل الدم فيها الأكسجين الى جميع أجزاء الجسم.  

      في الحشرات تحمل القصيبات الدم مباشرة إلى الأنسجة، حيث تتفرع القصبات إلى قصيبات بين العضلات و الأعضاء الداخلية،  و تفتح القصيبات في الدودة المضيئة و الحشرات الأخرى للخارج بواسطة الثغور التنفسية spiracles   حيث يتم التحكم في انبعاث الضوء عن طريق تنظيم دخول الأكسجين إلى الخلايا المولدة للضوءphotocytes    و هذه الميكانيكية تعمل بواسطة جدول تنظيمي  علي عدة مستويات لاندفاع تيار الأكسجين بواسطة القصيبات الهوائية لإمداد الخلايا المولدة للضوء بالأكسجين .

و صدق الله تعالى في كتابه العظيم “ قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50) " سورة طـه.

ان الله سبحانه و تعالى قد خلق هذه الحشرة بتركيب خاص، فنجد أن الجدار الخارجي للجزء الخلفي من البطن يتكون من عدد من الخلايا تغذيها شبكة كثيفة من القصبات الهوائية، تؤمن أمدادا غزيرا من الأكسجين للخلايا المولدة للضوء    PHOTOCYTES، أنظر الشكل(11).

  وهذه الخلايا مشبعة بمادة دهنية تعرف بالليوسيفرين luciferin عندما يصل الأكسجين الى الخلايا المولدة للضوء من خلال القصيبات الهوائية يتحد مع الليوسيفرين و يساعد في هذا التفاعل مادة عضوية أخرى(إنزيم ) يسمى ليوسيفراز LUCIFERASE، و هو عامل مساعد catalyst والعامل المساعد مادة لها القدرة على التعجيل بانهاء تفاعل كيمائي حيث يتم إنتاج الضوء بواسطة عملية أكسدة اليوسيفرين في وجود إنزيم اليوسيفريز و يقوم  ATP بتنشيط اليوسيفرين مع وجود الماغنسيوم لتكون adenylluciferin الذي يتم أكسدته لإعطاء اوكسى ليوسيفرين وخلال إتمام عملية الأكسدة الإنزيمية يتم انبعاث كمية كبيرة من الطاقة توازى 40-80 Kcal.per mole يتم اطلاقها بخطوة واحدة ، ولايحدث اى تأثير ضار للحشرة نتيجة لانبعاث هذه الطاقة.

     و يتحول الليوسيفرين المؤكسد إلى أوكسى ليوسيفرين( Timmins et al.(  2001  أنظر (شكل12).

  

يتحول بعد ذلك أوكسى ليوسيفرين oxyluciferin إلى transformed back الى ليوسيفرين و بالتالى نجد ان هذا التفاعل من الممكن ان يتكرر. ومن الخطاء ان نطلق على ضوء الحشرات المتوهجة " الفسفرة “ لأنها عملية فيزيائية مختلفة.

       و الأوكسى ليوسيفرين مادة متوهجة luminescent أى أنها تولد ضوءا ويتم انبعاث كمية كبيرة من الطاقة توازى 40-80Kcal per mole يتم إطلاقها بخطوة واحدة و نتيجة لانعكاس كل هذه الطاقة بواسطة الخلايا العاكسة لذلك فان الحشرة لا تحترق.

 

شكل(11):  القصبات الهوائية للدودة المضيئة يوضح الخلايا المولدة للضوء

     إلا أن هذا ليس الموضوع بأكمله فنحن نجد أن المصباح الأمامي للسيارة يعطى الضوء للأمام بواسطة عاكس معدني مركب خلف المصباح و في الدودة المضيئة توجد آلية مشابهة تقوم بهذه العملية نفسها. حيث نجد أنه عند عمل قطاع في عقل البطن الخلفية نجد أن خلف الطبقة المولدة للضوء توجد طبقة أخرى عاكسة – مكونة من خلايا مشبعة بالبولينا UREA ومواد كيماوية أخرى ذات لون أصفر ( Xanthein) وتقوم هذه الطبقة مقام المرآة فتقوم بعكس بعض الضوء الناتج من الخلايا المولدة للضوء و كما نرى فمصباح الدودة المضيئة ذو اللون الأخضر المصفر الجميل، لا تميزه فقط الكفاءة العالية التي يعمل بها، و أنما أيضا طريقة التركيب.  

     وتلك عظمة الله الخالق المبدع – حيث قال تعالى "انا كل ّ شيء خلقناه بقدر "(49) سورة القمر، بمعنى إن كل الأشياء في الدنيا من (سماء و أرض) خلقه الله بقدر مقدور اقتضته حكمة الله، حيث أن هذه الحشرة تنجز ميكانيكية متكاملة. فسبحان الخلاق العليم.

اختلاف ألوان الضوء البارد في الحشرات

       في معظم الحشرات المنتجة للضوء يكون الضوء أصفر مخضر مثل حشرة Photinus  وحشرة Lampyris من رتبة غمدية الأجنحة، بينما نجد في اليرقة و الحشرة الكاملة لـ railroad أن أعضاء الضوء التى توجد على الصدر و البطن تنتج درجات من اللون الأخضر إلى البرتقالي، بينما أعضاء اللون في الرأس تنتج لون أحمر. وفى حشرات أخرى تنتج ضوءا أخضر مزرق، وبعضها ينتج ضوءا أبيض، إن لون الضوء المنبعث يختلف بين الأنواع الحشرية وذلك راجع إلى العوامل البيئية أو نتيجة لاختلاف تركيب اللوسيفرين.

 

شكل (12): التفاعل الكيميائي لإنتاج النور البارد

ويؤدى فحصنا للدودة المضيئة إلى الحقائق الآتية  

     إن عملية النور الحيوي في الدودة المضيئة والكائنات البحرية الشبيهة عبارة عن عملية تحول بطيء في الطاقة الكيميائية بواسطة الأكسدة تنتج منها الطاقة المضيئة و الضوء الناتج " بارد " بصفة قاطعة

لأنه لا يستخدم أي جزء من الطاقة لإنتاج الحرارة، أو أي مادة آخري.

     ويحدث الضوء بهذه الطريقة 100 %، حيث إن الحشرة تنجز عملية ميكانيكية متكاملة التي تكرس كل ما لديها من طاقة في عمل نافع ( و يعنى العمل هنا، الحركة، الضوء، الحرارة )

   ويقف الإنسان في هذا المجال بعيدا إلى الوراء، فان أكثر الطرق تقدما في الإضاءة الصناعية، هي مصابيح الفلوريسنت ذات الضغط المنخفض التي تعطى ناتجا حراريا بين 30-50 %.

       و في تفسير قوله تعالى “ إنا كل شيء خلقناه بقدر "( القمر: 49)

ذكر ابن كثير يرحمه الله في تفسير قوله تعالى( إنا كل شيء خلقناه بقدر ) كقوله ( وخلق كل شىء فقدره تقديرا" ( الفرقان:2) و هدى الخلائق إليه، و لهذا يستدل بهذه الآية الكريمة أئمة السنة على إثبات قدر الله السابق لخلقه، وهو علمه الأشياء قبل كونها، وكتابته لها قبل برئها.

     ففي تفسير الطبري "فقدره تقديرا " يقول فسوى كل ما خلق و هيأه لما يصلح له فلا خلل فيه و لا تفاوت، و جاء في الجلالين..( إنا كل شيء ) منصوب بفعل يفسره ( خلقناه بقدر ) بتقدير حال من ( كل) أي مقدرا و قرىء ( كل ) بالرفع مبتدأ خبره ( خلقناه ).

      أما صاحب الظلال فبعد أن استعرض عددا من جوانب الاتزان في بناء السماء وفي الأرض، وفى كل ما يحيط بنا و في أجساد كل من الإنسان و الحيوان و النبات خلص إلى أن حركة هذا الكون كلها بجميع أحداثها، ووقائعها و تياراتها مقدرة و مدبرة تقديرا دقيقا، و تدبيرا محكما صغيرها و كبيرها، و أضاف.....إن قدر الله وراء طرف الخيط البعيد لكل حادث، ولكل نشأة و لكل مصير، ووراء كل نقطة، وكل خطوة، وكل تبديل أو تغيير. انه قدر الله النافذ الشامل الدقيق العميق.

    والله يعلم الإنسان في هذا القرآن إن كل شيء بقدر ليسلموا الأمر، لله سبحانه وتعال، وتطمئن قلوبهم و تستريح، ويسيروا مع قدر الله فى توافق و فى تناسق.

 الاستخدامات المختلفة بواسطة الكائنات الحية للضوء البارد الذي تنتجه تتمثل في الآتي:

    1 – إشارات للتزاوج

         معروف أن الضوء يعمل كإشارات للتزاوج في حالة firefly ففي بعض الأنواع نجد ان الضوء البارد ( التوهج الحيوي bioluminescence ) يجذب الأفراد من نفس النوع بغرض التجمع و كطريقة غير مباشرة لتحسين فرص التزاوج، ففي بعض الأنواع من عائلة Lampyridae) نجد إن الأنثى غير مجنحة و لذلك كان إنتاج الأنثى للضوء عامل هام لجذب الذكور المجنحة، وتختلف أشكال الضوء فى هذه الحشرات بين الأنواع و بين الجنسين.

     بعض الأنواع في الليالي الباردة تنتظر حوالي 5.5 ثانية ثم تبدأ في إرسال ومضة قصيرة، وأنواع أخرى ربما تنتظر دقيقة ثم ترسل وميض يظل ثانية كاملة، وبعض الأنواع الاستوائية تتجمع بأعداد كبيرة و تومض معا في انسجام تام

    2 – أمثلة للافتراس          

               المثال المتفرد للضوء الذي يعمل كمصيدة للفريسة يوجد فى نيوزيلندا للدودة المضيئة Arachnocampa luminosa  حيث تطير الأنثى لوضع البيض على سقف الكهف المظلم و بمجرد فقس البيض فان اليرقات الفاقسة تتعلق لأسفل بواسطة خيط لاصق ينتج ضوءا و في الظلام نجد مدخل الكهف يضيء بهذا الضوء و يجذب حشرات من أنواع أخرى، وهذه الحشرات المنجذبة تدخل إلى داخل الخيط اللاصق و يتم افتراسها بواسطة يرقات الدودة المضيئة، وهذه الكهوف تشتهر باسم الكهوف المضيئة Luminous caves ) ( وهى مشهورة في نيوزيلندا ويتوافد السياح من جميع أنحاء العالم لمشاهدة هذه الحشرات المضيئة فى الكهوف المظلمة.

    3 - أمثلة للدفاع       

           في ديدان railroad يكون الوميض مستمرا لمنطقة الرأس   وعندما تمشى اليرقات اى تقوم بوظيفة ضوئية دفاعية حيث تصدر ومضات فجائية تعمل على طرد المفترسات، ومن الممكن أن يستخدم الضوء بواسطة الأنثى عند وضع البيض ليسهل عليها اختيار مكان وضع البيض البعيد عن الازدحام أو الذى يوجد عليه تنافس لمصادر الأطعمة.

استخدامات فكرة الضوء البارد

     قام العلماء باقتباس فكرة الضوء البارد في كثير من التجارب البيولوجية مثل:

1- أبحاث الفضاء Space research :         

         نجد أن نظام Luciferin  &    Luciferase  من الممكن أن يستعمل في مركبات الفضاء التي يتم إرسالها إلى كوكب المريخ و الكواكب الأخرى ، واكتشاف وجود أشكال للحياة على هذه الكواكب أم لا ، الفكرة تتلخص فيما يلي : -

  يتم بواسطة جهاز الكتروني خاص Special electronic device    أخذ عينات من التربة الموجودة على سطح الكوكب ثم يقوم بخلطها بالماء و الأكسجين، و اللوسيفيرين و اللوسيفيريز بعد ذلك إذا عاد وميض ضوئي إلى الأجهزة على الأرض، يستنتج العلماء من ذلك أن ATP ( و هو العامل الخامس اللازم لإنتاج الضوء البارد ) يوجد على هذا الكوكب مما يدل على وجود نوع من الحياة يشبه إلى حد ما أشكال الحياة على كوكب الأرض.

2- استخدامه في الأبحاث الطبية Medical Research   

   وجود ATP   في كل الكائنات الحية يتم استغلاله في الأبحاث الطبية أيضا،  حيث يتم حقن اللوسيفيرين و اللوسيفيريز فتظهر تفاعلات مختلفة فى الخلايا الطبيعية و الخلايا المسرطنة مما يمكننا و يساعد في تحديد المشاكل داخل خلايا الإنسان وهذا التكنيك يستخدم حاليا لدراسة الأمراض القلبية المزمنة و muscular dystiophy    &  urological problems   وغيرها.

3- مكافحة الآفات Pest Management  

إن التوهج الحيوي يستخدم كأداة في تحديد خرائط توزيع الكائنات الحية، ففي عام 2001 قام العلماء في أمريكا بعمل تعديلات في المادة الوراثية لدودة اللوز القرنفلية ( وهى آفة من آفات القطن حيث تصيب اللوز و تؤدى إلى خسائر اقتصادية فادحة في المحصول ) بواسطة مادة متوهجة وهى ( protein GFP  Green fluorescent ) مستخلصة من السمك الهلامى Jelly fish    فأصبحت يرقات الدودة القرنفلية المعدلة وراثيا لونها أخضر قوى.

4- كذلك نجد أن الكثير من الناس حاولت ان تستفيد من هذه الميزة التي تتميز بها هذه الكائنات و التي خلقها الله عز وجل في إتقان كامل. وعلى سبيل المثال نجد أن السكان الأصليون في أمريكا الوسطى و غرب الأنديز يصطادون عمالقة الدودة المضيئة، و يحتفظون بها فى الأقفاص، وتستخدم كمصابيح رائعة واقتصادية في نفس الوقت.  

أوجه الإعجاز

1 - الإعجاز الأول:

      إنتاج النور البارد بواسطة بعض الكائنات البحرية، وبعض الكائنات على سطح الأرض، وعمل التحورات اللازمة في الخلايا لإنتاج هذا النور الحيوي، و كذلك طريقة تنظيم اندفاع الأكسجين للخلايا المولدة للضوء للتحكم فى كمية الضوء المنبعثة من الكائن الحي على حسب الوظيفة التي سوف يقوم بها ( اى لا يحدث فقد في الطاقة الضوئية المنبعثة والمنعكسة في شكل نور) قال تعالى" انا كل شىء خلقناه بقدر " ( القمر: 49 ) و صدق الله تعالى في كتابه العظيم “ قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50) " سورة طـه.

2 - الإعجاز الثاني:

  في أعماق البحار و المحيطات يوجد ظلام كامل عند عمق 200 متر فأكثر، أما على مسافة ألف متر فلا يوجد ضوء البتة.

 قال الله تعالى في كتابه العظيم " أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ " سورة النور (40).

3 - الإعجاز الثالث:

 وجود أنواع من الأسماك تنتج النور الأحمر وهى تعيش على عمق 600 متر، بينما الضوء الأحمر يتم امتصاصه على عمق من 10 – 15 متر. إن الله عز و جل يخلق الشيء و نقيضه

1 - إن عملية الإنارة الحيوية في الدودة المضيئة و الكائنات البحرية الشبيهة عبارة عن تحول بطيء في الطاقة الكيميائية بواسطة الأكسدة إلى طاقة مضيئة ( منيرة ) و الضوء الناتج بارد، حيث إن الحشرة أو الكائنات المختلفة تنجز ميكانيكية متكاملة، و الاعجاز المتكامل لله الخالق المبدع في تركيب جسم الكائنات المنتجة للنور.

     حيث يتم التحكم فى انبعاث الضوء عن طريق تنظيم دخول الأكسجين بواسطة القصيبات الهوائية أثناء عملية التنفس إلى الخلايا المولدة للضوء photocytes، وهذه الميكانيكية تعمل بواسطة القصيبات الهوائية لإمداد الخلايا المولدة للضوء بالأكسجين الذي يدخل في التفاعل الكيميائي باتحاده مع اللوسيفرين و اللوسيفيريز و ATP و الماغنسيوم فينتج الضوء الذي يتم عكسه بواسطة طبقة الخلايا المشبعة باليوريا و مواد كيماوية أخرى ذات لون اصفر ( اى تعمل كمرآة ) و تعكس النور للخارج.

     إن أكثر الطرق تقدما فى الاضاءة الصناعية هي مصابيح الفلورسنت ذات الضغط المنخفض تعطى حرارة تصل الى 30-50 %  .

 قال الله تعالى في كتابه العظيم" هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ “ يونس ( 5).

الدلالة العلمية للآية الكريمة

أولا: فى التفريق بين كل من الضياء و النور:

       الضوء ( الضياء ) هو الجزء المرئي من الطاقة الكهرومغناطيسية ( الكهربية / المغناطيسية ) والتى تتكون من سلسلة متصلة من موجات الفوتونات التي لا تختلف عن بعضها البعض إلا في طول موجة كل منها   ومعدل ترددها.

 وتتفاوت موجات الطيف الكهرومغناطيسي في أطوالها بين جزء من مليون مليون جزء من المتر بالنسبة الى أقصرها و هى أشعة " جاما “ وبين عدة كيلومترات بالنسبة إلى أطوالها وهى موجات الراديو ( المذياع أو الموجات اللاسلكية ) و يأتي بين هذين الحدين عدد من الموجات التى تترتب حسب تزايد طول الموجة من أقصرها إلى أطولها: الأشعة السينية، و الأشعة فوق البنفسجية، والضوء المرئى، والأشعة تحت الحمراء

  و الضوء الأبيض هو عبارة عن خليط من موجات ذات أطوال محددة عديدة ومتراكبة على بعضها البعض،  ويمكن تحليلها بإمرارها في منشور زجاجي أو غير ذلك من أجهزة التحليل الطيفي، وقد أمكن التعرف على سبع من تلك الموجات أقصرها هو الطيف البنفسجي ( ويقترب طول موجته من 4000 انجستروم ) و أطولها هو الطيف الأحمر ( ويقترب طول موجته من 7000 أنجستروم ) وبينهما البرتقالي، والأصفر، والأخضر، والأزرق وغير ذلك من الألوان المتدرجة في التغير فيما بين تلك الألوان السبع، وان كانت عين الإنسان لا تستطيع أن تميز منها سوى هذه الألوان السبعة.

     والطيف المرئي من مجموعة أطياف الطاقة الكهرومغناطيسية المنطلقة من الشمس هو المعروف باسم ضوء الشمس، وعلى ذلك فالضوء عبارة عن تيار من الفوتونات المنطلقة من جسم مشتعل، ملتهب، متوقد بذاته سواء كان ذلك بفعل عملية الاندماج النووي كما هو حادث في داخل الشمس، وفى داخل غيرها من نجوم السماء، أو من جسم مادي يستثار فيه الاليكترونات بعملية التسخين الكهربائي أو الحراري، فيقفز الاليكترون من مستوى عال في الطاقة إلى مستوى أقل، والفارق بين المستويين هو كمية الطاقة المنبعثة ( Quantum Energy ) على هيئة ضوء و حرارة، وتكون سرعة تردد موجات الضوء الناشئ مساوية لسرعة تحرك الشحنات المتذبذبة بين مستويات الذرة المختلفة من مثل الالكترونات.

   وعلى ذلك فان مصادر الضوء هي أجسام مادية لها حشد هائل من الجسيمات الأولية المستثارة بواسطة رفع درجة الحرارة من مثل الالكترونات و غيرها من اللبنات الأولية للمادة، و أهم مصادر الضوء بالنسبة لنا ( أهل الأرض ) هي الشمس ووقودها هو عملية الاندماج النووي

   كذلك يتعرض ضوء الشمس للعديد من عمليات التشتت والانعكاس عندما يسقط على سطح القمر المكسو بالعديد من الطبقات الزجاجية الرقيقة و الناتجة عن ارتطام النيازك بهذا السطح، والانصهار الجزئي للصخور على سطح القمر بفعل ذلك الارتطام. فالقمر ( و غيره من أجرام مجموعتنا الشمسية ) هي أجسام معتمة باردة لا ضوء لها و لكنها يمكن أن ترى لقدرتها على عكس أشعة الشمس فيبدو منيرا، و هذا هو الفرق بين ضوء الشمس ونور القمر، فنور القمر ناتج عن تشتييت ضوء الشمس على سطحه بواسطة القوى التي يبذلها الحقل الكهرومغناطيسي على الشحنات الكهربية التي تحتويها كل صور المادة.

القرآن الكريم يفرق بين الضياء و النور

     انطلاقا من هذه الحقائق العلمية التي تمايز بين الضوء الصادر من جسم مشتعل، ملتهب، مضيء بذاته في درجات حرارة عالية ( قد تصل إلى ملايين الدرجات المئوية كما هو الحال في قلب الشمس ) وبين الشعاع المنعكس من جسم بارد يتلقى شعاع الضوء فيعكسه نورا، ركز القرآن الكريم على التمييز الدقيق بين ضياء الشمس و نور القمر، وبين كون الشمس سراجا و كون القمر نورا فقال تعالى:

*" هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ "  ( يونس: 5 ).

  * " وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا “ ( نوح: 16 ).

   * ووصف الشمس بأنها سراج و بأنها سراج وهاج – فقال تعالى " وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا “ ( النبأ: 13).                                                                                

     تبدو عظمة الله الخالق حيث نجد أن الدودة المضيئة تنتج الضوء نتيجة للتنفس و الحشرات تتنفس عن طريق قنوات هوائية دقيقة تعرف بالقصيبات الهوائية التي تنظم دخول الأكسجين إلى الخلايا المولدة للضوء عن طريق جدول تنظيمي لعدة مستويات لاندفاع تيار الأكسجين الذي يدخل في التفاعل الكيماوي لإنتاج الضوء. قال الله تعالى في كتابه العظيم “ قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50) " سورة طـه.

تفسير المفسرين

  1- تفسير الجلالين (قال ربنا الذي أعطى كل شيء) من الخلق (خلقه) الذي هو عليه متميز به عن غيره (ثم هدى) الحيوان منه.

2- تفسير ابن كثير

     وقال ليث بن أبي سليم عن مجاهد أعطى كل شيء صورته وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد: سوى خلق كل دابة، وقال بعض المفسرين أعطى كل شيء خلقه ثم هدى كقوله تعالى ( الذي قدر فهدى ) أي قدر قدرا وهدى الخلائق إليه أي كتب الأعمال والآجال والأرزاق ثم الخلائق ماشون على ذلك لا يحيدون عنه ولا يقدر أحد على الخروج منه يقول ربنا الذي خلق الخلق وقدر القدر وجبل الخليقة على ما أراد ( لا يضل ربي ولا ينسى ) أي لا يشذ عنه شيء ولا يفوته صغير ولا كبير ولا ينسى شيئا يصف علمه تعالى بأنه بكل شيء محيط وأنه لا ينسى شيئا تبارك وتعالى وتقدس وتنزه فإن علم المخلوق يعتريه نقصانان أحدهما عدم الإحاطة بالشيء والآخر نسيانه بعد علمه فنزه نفسه عن ذلك.

  كذلك الآية رقم 40 من سورة النور قال سبحانه وتعالي فيها:

"أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ "  صد الله العظيم

 قال ابن كثير في تفسيره هذه الآية:

     قال تعالى ( أو كظلمات في بحر لجي ) قال قتادة ( لجي ) هو العميق   ( يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ) أي لم يقارب رؤيتها من شدة الظلام فهذا مثل قلب الكافر الجاهل البسيط المقلد الذي لا يعرف حال من يقوده ولا يدري أين يذهب بل كما يقال في المثل للجاهل أين تذهب قال معهم قيل فإلى أين يذهبون قال لا أدري وقال العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما ( يغشاه موج ) الآية تعني بذلك الغشاوة التي على القلب والسمع والبصر وهي كقوله ( ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ) الآية وكقوله ( أفرأيت من إتخذ هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة ) الآية وقال أبي بن كعب في قوله تعالى ( ظلمات بعضها فوق بعض ) فهو يتقلب في خمسة من الظلم فكلامه ظلمة وعمله ظلمة ومدخله ظلمة ومخرجه ظلمة ومصيره يوم القيامة إلى الظلمات إلى النار وقال السدي والربيع بن أنس نحو ذلك أيضا وقوله تعالى ( ومن لم يجعل الله له نورا فماله من نور ) أي من لم يهده الله فهو هالك

جاهل حائر بائر كافر كقوله تعالى ( من يضلل الله فلا هادي له ) وهذا في مقابلة ما قال في مثل المؤمنين ( يهدي الله لنوره من يشاء ) فنسأل الله العظيم أن يجعل في قلوبنا نورا وعن أيماننا نورا وعن شمائلنا نورا وأن يعظم لنا نورا.

قال القرطبي في تفسيره الآية(40) من سورة النور التي تقول:

(أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور) صدق الله العظيم

     (السحاب المراد بهذه الظلمات ظلمة السحاب وظلمة الموج وظلمة الليل وظلمة البحر؛ فلا يبصر من كان في هذه الظلمات شيئا ولا كوكبا. وقيل: المراد بالظلمات الشدائد؛ أي شدائد بعضها فوق بعض. وقيل: أراد بالظلمات أعمال الكافر، وبالبحر اللجي قلبه، وبالموج فوق الموج ما يغشى قلبه من الجهل والشك والحيرة، وبالسحاب الرين والختم والطبع على قلبه. روي معناه عن ابن عباس وغيره؛ أي لا يبصر بقلبه نور الإيمان، كما أن صاحب الظلمات في البحر إذا أخرج يده لم يكد يراها. وقال أبيّ ابن كعب: الكافر يتقلب في خمس من الظلمات: كلامه ظلمة، وعمله ظلمة، ومدخله ظلمة، ومخرجه ظلمة، ومصيره يوم القيامة إلى الظلمات في النار وبئس المصير.)

 إن عملية الإنارة الحيوية في الدودة المضيئة و الكائنات البحرية الشبيهة عبارة عن تحول بطيء في الطاقة الكيميائية بواسطة الأكسدة أثناء عملية التنفس، فتتحول إلى طاقة مضيئة يتم عكسها إلى نور بواسطة الطبقة العاكسة التي تقع خلف الطبقة المولدة للضوء ( تقوم مقام المرآة) هذه الدقة البالغة في التفريق بين الضوء المنبعث من جسم ملتهب مشتعل، مضيء بذاته، وبين سقوط هذا الضوء على جسم مظلم بارد وانعكاسه نورا من سطحه لا يمكن أن يكون لها مصدر من قبل ألف و أربعمائة وثمانية وعشرون سنة، إلا الله الخالق، فهذا الفرق الدقيق لم يدركه العلماء الا فى القرنين الماضيين.

يمكن التواصل مع المؤلفة على الإيميل التالي:

  shadia_abdelaziz2001@hotmail.com

المراجع العلمية

1 - Abd El-Aziz,Shadia,E. ( 2003 ) : Electron Microscopy shows the   -   Holly Phrase Of Allah in living cells .

  Pak.. J. Biol.Sci.,6 ( 23 ), 1976 - 1978 .

2-    Biron , K ( 2003 )

Fireflies , dead fish and a glowing bunny : a primer on       bioluminescence.  BioTeach J. ,Vol(1), 19-25

 3- Campbell , AK ; P.J. Herring ( 1987 ) :

     A noval red fluorescent protein from the deep sea luminous fish    Malacosteus niger , 86, 411 -417 .

4-  Chalfie ,M.; Tu,Y.; Euskirchen ,G.; Ward,W.W.and    Presher,D.C.    (1994)

    Green flurescent protein as a marker for gene expression. Science,   263 , 802-805 .

5- Chapman ,R.F.( 1998)

The insects: structure and function. Cambridge Univ. Press.

6- Douglas ,R.H. and J.C. Partridge ( 1997) :

    On the visual pigments of deep-sea fish . J.Fish Biology ,50, 68-85.

7- Elder, Danny; and John Pernetta, 1991                        Oceans, London, Mitchell Beazley   , Publishers, p. 27 

8- Floyd, E R. Bermuda Triangle continues to mystify. The Augusta Chronicle Online . 1997. <http://www.augustachronicle.com/stories/030297/fea_floyd.html>

9- Harvey,E.N.(1920)

The nature of animal light. Philadelphia : J.P.Lippircott    Company .

10- Harvy, E.N.( 1952)

   Bioluminescence. New York ; Academic Press .

11- Lioyd , J.E.( 1971)

   Bioluminescent communication in insects.

     Ann. Rev. Entomol.vol,16, pp.97-122.   

12- O Day ,W.T. and H.R. Fernandez ( 1974)

    Aristostomias scintillans ( Malacosteidae ) : a deep- sea fish with  visual pigments apparently adapted to its own bioluminescence .

    Vision Res. , 14, 545 - 550  .

13-Timmins, S.G.; Robb,J.F.; Wilmot,M.C.; Jackson,K.S. and Swartz,         M.H. (2001) .

  The Journal of Experimental Biology 204, 2795–2801 (2001)    

   * - " معجزة القرآن للشيخ محمد متولى الشعراوى   ( 1981 ) – مؤسسة الأخبار (كتاب   اليوم  ) . 

-           تفسير ابن كثير ، ط . دار الكتب العلمية

·        " من أسرار القرآن " للدكتور زغلول النجار - جريدة الأهرام ( 26/ 8/2002) .

·        " تيسير الكريم الرحمن فى تفسير كلام المنان " تأليف العلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدى – 1307 هـ - 1376 م .

 

 

أمواج البحر اللُّجي
 

إعداد:مجدي عبد الشافي عبدا لجواد  

يقول الحق عز وجل في  كتابة الكريم  " أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ  يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ  (النور :40)

 في هذه الآية الكريمة يصف الله البحر اللجي وصفاًدقيقا ينطبق تمام الانطباق مع الاكتشافات العلمية الحديثة التي ثبتت ونوقشت على جميع المستويات العلمية, فما هو البحر اللجي الذي تحدث عنه القران وكيف يتطابق وصفة  مع  أحدث الاكتشافات العلمية وذلك  ليزداد المؤمنون إيمانا ويقيم الحجة على الكفار فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر

الإعجاز العلمي في هذه الآية المباركة في إيجاز سريع  

يشَّبه المولى عز وجل الحالة التي يعيشها الكافر بظلمات تملئ  قلبه وشبه هذه الظلمات بظلمات البحر اللجي التي سيتبين لنا بعد قليلة كما هو غارق  في الظلمات ويعلوه أمواج أعلى من الجبال  واضطرابات بحرية شديدة  يا لها  من صورة قاتمة لقلب الكافر الذي ينغمس في في عالم الكفر  وربما ينتهي  به الحال إلى  الانتحار وأي  مصير ينتظره !!

    عندما تمر أشعة الشمس بالسحاب فان السحاب يمتص جزء منها فيكون فوق البحار ظلام نسبى حيث تقل الكمية النافذة وما أن تصدم الأشعة   بالأمواج  السطحية البحرية ينعكس منها جزء وتمتص المياه الجزء المتبقي حتى يصل الجزء  القليل إلى نوع من الأمواج تحت البحر العلوي يطلق علية العلماء الأمواج الداخلية فتقوم هذه الأمواج بامتصاص القدر اليسير المتبقي  فتتحول المياه أسفل هذهالأمواج إلى حالة من الظلمة المخيفة  وكما رأيت عزيزي القارئ  فنحن عددنا ثلاث أنواع من الظلمات وهنا يكمن  أيضا إعجاز آخر في استخدام كلمة ( ظلمات) في الآية في صيغة الجمع بدلا من المفرد وفى الآية.

 

شكل(1)  يبين الأمواج السطحية والأمواج العلوية

والآن إلى التفاصيل

مقدمة تاريخية

كما هو معلوم كان العلم البشرى محدوداًقديماًوكانت تسيطر عليهالخرافات والحكايات الخيالية المرعبة خاصة فيما يتعلق بالبحار والمحيطات حيث كانت لا تتوفر معلومات عن البحار والمحيطات  ومن هذه الخرافات ما كان ما يحيط بالمياه الراكدة التي لا تستطيع السفن عبورها   حيث كان الرومان في ذلك الوقت يعتقدون  بوجود أسماك مصاصة لها تأثيرات سحرية على إيقاف حركة السفن، ورغم أن القدماء كانوا على علم بأن الرياح تؤثر على الأمواج والتيارات السطحية إلا أنه كان من الصعوبة بمكان معرفة شيء عن الحركات الداخلية في البحار. 

ويبين تاريخ العلوم أن الدراسات المتصلة بعلوم البحار وأعماقها لم تبدأ إلا في بداية القرن الثامن عشر عندما اخترعت الأجهزة المناسبة لمثل هذه الدراسات الدقيقة، ومن هذه الأجهزة التي استعملت لقياس عمق نفاذ الضوء في مياه المحيط هو "قرص سيتشي" (The Secchi disk)وهو عبارة عن قرص أبيض يتم إنزاله في الماء ليسجل العمق الذي تتعذر رؤيته كنقطة قياسية. ومع نهاية القرن التاسع عشر تم استخدام الوسائل التصويرية التي تم تطويرها خلال الثلاثينات من القرن العشرين، حيث استعملت الخلايا الكهروضوئية.

 

شكل (2) يشرح طريقة أنزال القرص

  

 

 شكل(3)  يبن طريقة استخدام القرص لبيان أعماق

الإعجاز العلمي في هذه الآية

من الفيوضات العلمية في هذه الآية أن البحر اللجي يعلوه موج من فوقه موج أي هناك في ظاهر الآية  القرآنية  موجين يعلوا أحدهما الآخر.  

كل البشرية كانت تعلم إلى وقت قريب أنهلا يوجد في البحار إلا موج واحد  ففي هذه الآية الكريمة حقيقة علمية عالية في الدقة لم تكن تخطر ببال الأولين حيث لم يكن لديهم من المعارف والمعدات وآلات التصوير ما يتيح لهم الوصول إليها,  إن الله تعالى يصف بحرا لجياًعميقاًويقول إن هذا البحر اللجي يغشاه أييعلوه موج وهذا ما أثبته التقدم العلمي حديثاً, ولكن لماذا  قال الله تعالى من فوقه موج اى من فوق الموج الأول موج ثاني (وظلمات)؟

علم البحار وتطابق حقائقه العلمية مع الآية

 يقول العلماء بأنة يوجد في كل بحر مكاناًعميقاًولجياًأي مياهه تزيد في ارتفاعها عن القاع 1000م  وقد تصل إلى 2000م  وهذه المنطقة هي التي وصفها القرآن بهذه الآية وكل منطقة أخرى لا علاقة بينها وبين الآية.

 كما يقول العلماء انه في هذا البحر العميق وعلى عمق 200م إلى خمسمائة متر يوجد موج داخلي وكأنك على سطح البحر تماماً, وهذا كان  الاكتشاف الأول وقد وجد هذا الموج واكتشفه البحارة القدامى الاسكندينافيون وتتابعت الاكتشافات العلمية والدراسات البرية والبحرية والكونية وطبعاًكان من  إحدى هذه الدارسات العلمية هي دراسة البحار على جميع المستويات. وإحدى هذه المستويات في الدراسة كانت دراسة تلك المنطقة البحرية العميقة التي وصفها القرآنبالبحر اللُّجي أي العميق.

 

شكل (4) صورة لغواصات الأعماق تبين مدى التقدم  الذي أحرزه الإنسان في هذا المجال

في الحقيقة لم يكن بالإمكان الغوص إلى تلك المناطق حيث يصل الضغط في بعض الأماكن  إلى 600كيلو جرام على السنتيمتر الواحد  إلا باستخدام غواصات متقدمة ومتينة وعلى درجة عالية جدا من التكنولوجيا الراقية الحديثة ومزوده بكاميرات التصوير التلفزيونية علاوة على استخدام الروبوت أيضا في هذا المجال .

وبعد دراسة البحار وأعماقها  دراسة مستفيضة, أتضح لهم أن البحر العميق والذي ذكره القرآنبلفظ " اللُّجي" ( أو كظلمات في بحرلجي) موجود في أسفل الموج الثاني (الذي سنتناوله بالتفصيل ) عن البحر الأول .

بمعنى أن البحر العميق قسم قسمين إلى  سطحي وسفلى ويفصل البحر الأول السفلى عن البحر العلوي " السطحي " موج كمثل هذا الموج السطحي  الذي نراه بأعيننا ووجدوا أن البحر اللجي العميق السفلى المفصول عن البحر السطحي بموج يختلف عن البحر السطحي أو العلوي في كل شيء في الحرارة وفى الكثافة وفى نسبة الأملاح وفى الحياة المائية

بحران منفصلان فما يعيش في البحر العلوي الذي له سطح نراه بأعيننا المجردة  يختلف تماماًعما يعيش في البحر العميق اللجي, فحيوانات هذا غير حيوانات ذاك ومن فصائل مختلفة تماما عنها , فأي إنسان عاديأو حتى مجموعة من الناس لا يمكن أن يخطر ببالهم مجرد خاطر أن  هناك بحران منفصلان في بحر واحد ولا يمكن أن نصدق أن هذا السطح من البحر الذي نراه تحته وعلى عمق (200:500) متر يوجد بحر ليس له علاقة ببحر السطح المرئي للعين.

كيف تحدث الظلمات في البحر اللجي؟

يجتاز ضوء الشمس ثلاثة موانع حتى ينعدم تماما في المنطقة التي تحت الموج اللجي وسوف نتناول كل مرحلة على حده:

الظلمة الأولى أو العائق الأول لضوء الشمس والتي يتسبب فيها  (السحاب ):

إن الناظر للكرة الأرضية من طائرة تطير فوق السحاب سوف يرى أن السحاب سيغطى الكرة الأرضية سواء في الشتاء أو الصيف ولا توجد منطقة يمكن أن تنظر فيها إلى الكرة الأرضية.

ماذا يعنى هذا؟ يعنيذلك أنك لو كنت تطير فوق السحاب فسوف ترى شمساً ساطعة ونوراًواضحاًولنفرض أن هذه الطائرة أرادت الطيران من تحت السحاب بين السحاب وسطح البحر فماذا ترى؟ ترى نفسك فجأة وقد أصبحت في منطقة مظلمة ظلاماًخفيفاًوقد ضاع النور الذي كنت تراه وأنت تطير فوق السحاب . يعنى هذا أن للمنطقة التي تقع تحت السحاب والموج السطحي للبحر ظلمة قليلا  لعدم استطاعة الشمس الدخول بحرية إلى هذه المنطقة لوجود السحاب الذي يعتبر حاجزا قوياًلدخول أشعة الشمس الكاملة

 فكيف يكون السحاب السبب في الظلمة الأولى ؟

ترسل الشمس أشعتها المكونة من  موجات كهرومغناطيسية وأشعة الراديو والأشعة السينية, إلا أن الغالب عليها هو الضوء المرئي وكل من الأشعة تحت الحمراء والأشعة فوق البنفسجية‏,‏ بالإضافة إلى بعض الجسيمات الأولية المتسارعة مثل الإلكترونات‏,‏ وأغلب الأشعة فوق البنفسجية يردها إلى الخارج نطاق الأوزون‏.‏ وعند وصول بقية أشعة الشمس إلي الجزء السفلي من الغلاف الغازي للأرض فإن السحب تعكس وتشتت نحو‏30‏ % منها‏.‏ وتمتص السحب وما بها من بخار الماء وجزيئات الهواء وهباءات الغبار وغيرها من نوى التكثيف الأخرى حوالي‏19%‏ من تلك الأشعة الشمسية المارة من خلالها‏,‏ تحجب السحب بالانعكاس والتشتيت والامتصاص حوالي‏49‏ % من أشعة الشمس‏,‏ فتحدث قدراً من الظلمة النسبية‏.‏
إذا نحن في طبقة الظلمات الأولى التي هي فوق الموج الثاني السطحي وأما ما تبقى من أشعة الشمس القليلة  النافذة عبر السحاب فانه تحاول الدخول في البحر السطحي ولكنها تدخل بمستوى ضعيف يعكسها أيضا الموج المتحرك على سطح البحر.

 

في هذا الشكل(5) السحب الكثيفة وقد أحدث الظلمة الأولى

ماذا يحدث للضوء عندما يقابل سطح البحر والأمواج السطحية؟

إن حوالي‏35‏ % من الأشعة تحت الحمراء تستهلك في تبخير الماء‏,‏ وتكوين السحب‏,‏ وفي عمليات التمثيل الضوئي‏.‏ التي تقوم بها النباتات البحرية‏.‏أما ما يصل إلي سطح البحار والمحيطات مما تبقى من الأشعة المرئية‏(‏ أو الضوء الأبيض‏).‏ فان الأمواج السطحية للبحار تعكس ‏5‏ % أخرى منها –وهذا هو السبب في لمعة سطع البحر,‏ فتحدث قدراً آخر من الظلمة النسبية في البحار والمحيطات‏.‏
 الجزء المرئي من أشعة الشمس الذي ينفذ إلي كتل الماء في البحار والمحيطات يتعرض لعمليات كثيرة من الانكسار‏,‏ والتحلل إلي الأطياف المختلفة والامتصاص بواسطة كل من جزيئات الماء‏,‏ وجزيئات الأملاح المذابة فيه‏,‏ وبواسطة المواد الصلبة العالقة به‏,‏ وبما يحيا فيه من مختلف صور الأحياء‏,‏ وبما تفرزه تلك الأحياء من مواد عضوية‏,‏ ولذلك يضعف الضوء المار في الماء بالتدريج مع العمق‏.‏

 

في الشكل رقم (6) صورة مكونات الطيف المرئي(قوس قزح)

ولكن كيف يحدث ذلك ( عملية امتصاص الضوء):

 على عمق لا يكاد يتجاوز عشرة أمتار يكون الطيف الأحمر هو أول ما يمتص من أطياف الضوء الأبيض ويتم امتصاصه بالكامل ولذلك إذا جرحت يد  إنسان على هذا العمق فأنة لا يرى الدم  

‏ثم  على عمق لا يتجاوز الخمسين مترا يمتص الطيف البرتقالي ثم الطيف الأصفر والذي يتم امتصاصه بالكامل

ثم على عمق مائة متر في المتوسط  يمتص الطيف الأخضر والذي يتم امتصاصه بالكامل

ثم على عمق يزيد قليلا على (200) متر يمتص الطيف الأزرق‏,‏ ولذلك يبدو ماء البحار والمحيطات باللون الأزرق لتشتت هذا الطيف من أطياف الضوء الأبيض في ألمائتي متر العليا من تلك الكتل المائية‏.‏

   فلو انك أتيت بكوب من الماء وسلطت علية الأشعة فانك ترى قاع الكوب منير, فإذا قمت بتحريك الكوب حتى يصير موجا متحركاً فانك ترى إن قاع الكوب أصبح اقل إنارة عندما كان السطح ثابتا غير متحرك, ويفهم من هذا إن البحر السطحي أيضا عكست عنة أشعة الشمس المتبقية من أشعة الشمس النافذة من خلال السحب لوجود الموج فأصبح البحر السطحي العلوي مظلما على اثر انعكاس الأشعة ودخولها بكمية قليليةجدا .

 

في   الشكل(7) يتبين الاختفاء التدريجي لألوان  الطيف المرئي

 
 

في هذا الشكل(8)  ترى الضوء يحاول دخول الأمواج الداخلية وتحته البحر المظلم

 
 

شكل (9) يبين توهن الضوء بشك كبير على  أعماق فى الماء

وبذلك فإن معظم موجات الضوء المرئي تمتص على عمق مئة متر تقريباً من مستوى سطح الماء في البحار والمحيطات‏,‏ ويستمر‏1%‏ منها إلي عمق‏150‏ مترا‏,‏ و‏0,01‏ % إلي عمق‏200‏ متر في الماء الصافي الخالي من العوالق‏.‏
وعلى الرغم من السرعة الفائقة للضوء‏(‏ حوالي‏300,000‏ كيلومتر في الثانية في الفراغ‏,‏ وحوالي‏225,000‏ كيلومتر في الثانية في الأوساط المائية‏),‏ فإنه لا يستطيع أن يستمر في ماء البحار والمحيطات لعمق يزيد علي الألف متر‏,‏ فبعد مائتي متر من أسطح تلك الأوساط المائية يبدأ الإظلام شبه الكامل حيث لا ينفذ بعد هذا العمق سوى أقل من‏0,01‏ % من ضوء الشمس‏,‏ ويظل هذا القدر الضئيل من الضوء المرئي يتعرض للانكسار والتشتت والامتصاص حتى يتلاشي تماماً على عمق لا يكاد يصل إلي كيلومتر واحد تحت مستوى سطح البحر‏.‏ حيث لا يبقى من أشعة الشمس الساقطة على ذلك السطح سوى واحد من عشرة تريليون جزء منها‏,‏ ولما كان متوسط أعماق المحيطات يقدر بنحو‏3795‏ مترا‏ً,‏ وأن أقصاها عمقاً يتجاوز الأحد عشر كيلومترا بقليل‏(11,034‏ متر‏)‏ وبين هذين الحدين تتراوح أعماق البحار والمحيطات بين أربعة وخمسة كيلومترات في المتوسط‏,‏ وبين ثمانية وعشرة كيلومترات في أكثرها عمقا‏.‏ فإن معني ذلك أن أعماق تلك المحيطات تغرق في ظلام دامس‏.‏
  إذا البحر السطحي الذي يعلوه الموج   الذي هو على السطح ونراه بأعيننا والذي يصل عمقه من (200-500م) أصبح مظلما ولكن ليس بالظلام الحالك, وذلك لدخول بعض الأشعة النافذة من سطحه. وهذه الأشعة القليلة النافذة والموجودة في البحر السطحي لابد لها من الانتشار على قلتها فتعمل على الدخول عبر الموج الذي يعلو سطح البحر اللجي ولكنها تصدم بحاجزين يمنعاها من الدخول تماما.

الحاجز الثالث ( ألأمواج الداخلية ) حيث يمتص  ما تبقى من القدر اليسير من الضوء

كيف تتكون الأمواج الداخلية

تلعب الكثافة دوراً هاماً في تكوين هذا النوع من الأمواج حيث تختلف كثافة الماء في البحار العميقة والمحيطات باختلاف كل من درجة حرارته‏,‏ ونسبة الأملاح المذابة فيه‏,‏ حيث تلعب درجة الحرارة وكمية الأملاح المذابة (معظمها كلوريد الصوديوم) دوراً هاماً في  وجود هذه الأمواج الداخلية علاوة على  تأثير قوى المد والجزر وفي تأثير الرياح و تقلبات الضغط ,ويلعب المناخ دوراًهاماً في تمييز هذه الأمواج أفقياً بينما تلعب الكثافة بتمييزها أفقيا فعندما تسافر الأمواج أو تتحرك في مساحات شاسعة بين خطوط عرض مختلفة فإنها تكتسب صفات طبيعية جديدة نظراً لتغير المناخ في تلك المساحة, فتكتسب درجات حرارة جديدة وملوحة نتيجة اختلاف معدلات ارتفاع درجات حرارتها أو انخفاضها ومعدلات البخر وكذلك معدلات سقوط الأمطار وهذا يؤدي بها إلى التحرك رأسيا  وتمايز الماء في البحار العميقة والمحيطات إلى كتل سطحية‏,‏ وكتل متوسطة‏,‏ وكتل شبه قطبية‏,‏ وكتل حول قطبية ولا يتمايز الماء إلى تلك الكتل إلا في البحار شديدة العمق‏,‏ ومن هنا فإن الأمواج الداخلية لا تتكون إلا في مثل تلك البحار العميقة‏,‏ ومن هنا أيضا كان التحديد القرآني بالوصف بحر لجي إعجازا غير مسبوق‏.‏وتتكون الأمواج الداخلية عند الحدود الفاصلة بين كل كتلتين مائيتين مختلفتين في الكثافة‏,‏ وهي أمواج ذات أطوال وارتفاعات تفوق أطوال وارتفاعات الأمواج السطحية بمعدلات كبيرة‏,‏ حيث تتراوح أطوالها بين عشرات ومئات الكيلومترات‏,‏ وتصل سعتها‏(‏ أي ارتفاع الموجة‏)‏ إلي مائتي متر‏,‏ وتتحرك بسرعات تتراوح بين‏ 5 ـ 100‏ سنتيمتر في الثانية لمدد تتراوح بين أربع دقائق وخمس وعشرين ساعة كذلك يبدأ تكون الأمواج الداخلية علي عمق‏40‏ متراً تقريبا من مستوى سطح الماء في المحيطات حيث تبدأ صفات الماء فجأة في التغير من حيث كثافتها ودرجة حرارتها‏,‏ وقد تتكرر علي أعماق أخري كلما تكرر التباين بين كتل الماء في الكثافة‏,‏ وعجز الإنسان في زمن الوحي ولقرون متطاولة من بعده عن الغوص إلي هذا العمق الذي يحتاج إلي أجهزة مساعدة خاصة مما يقطع بإعجاز علمي في هذه الآية الكريمة بإشارتها إلي تلك الأمواج الداخلية‏,‏ وهي أمواج لم يدركها الإنسان إلا في مطلع القرن العشرين‏(‏ سنة‏1904‏ م‏).‏

كيف تعمل الأمواج الداخلية كحاجز أخير للضوء

نستنتج  إن سطح الماء إن كان ثابتا غير متحرك فهو يساعد على نفاذ الضوء الأشعة, ولكن إن كان له حركة كحركة الأمواج فإنهيعوق الأشعة في الدخول والنفاذ ولا يدخلها منها إلا القليل كما حدث في البحر السطحي فإن الموجة تأثر كثيراً فما نفذ منها إلا القليل من أشعة الشمس وهذه الأشعة القليلة جدا النافذة عبر البحر السطحي ليس لها من القدرة في النفاذ والدخول للبحر اللجي السفلى بسبب الأمواج الداخلية التي تعلوا البحر الثاني المضطرب اضطرابا شديداًأضف إلى ذلك الكميات  الهائلة من الأسماك  التي تعلوا هذا الموج لمحاولة النفاذ إلى البحر اللجي وبذلك فإن البحر اللجي تنعدم فيه أي أشعة أو ضوء ولو بمقدار  1 %  لوجود الحاجزين المانعين  وبذلك فإنالبحر اللُّجي غارق في ظلام كامل كما بين الحق سبحانه وتعالى.

يقول الحق سبحانه وتعالى ( ظلمات بعضها فوق بعض ) فهذه الظلمات جمع وليس مثنى أو ظلمة واحدة :

1-    ظلام البحر اللجي الكامل المطلق

2-    ظلام البحر السطحي شبة الكامل

3-    ظلام البحر الواقع بين السحاب وسطح البحر الثاني الذي هو على السطح

فأنت إذا أمام ثلاث ظلمات شديدة حالكة تختلف بالنسبة والدرجة ولكنها ثلاثة ظلمات بعضها فوق بعض , كما وصف القران الكريم لمنتهى الدقة  وربك يخلق ما يشاء.

الحياة داخل البحار العميقة

في الواقع إن من تابع هذا المقال من البداية يجد نفسه وقد استحال علية  التصديق بوجود أي نوع من الحياة في هذه الأعماق السحيقة ولكن الحقيقة غير ذلك   فإذا كان  البحر يموج بالأمواج فانه أيضا يموج أيضا  بالحياة وعند التفكر في الآية مرة أخرى نجد أن هناك إعجازاً علمياً آخر غير الظلمات الثلاثة التي يسببها السحاب والموج السطحي  والموج الداخلي  والبحر اللجي فيا ترى ما هو الإعجاز الآخر ؟

إن تتمة هذه الآية الكريمة تقول " ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور "  فما له من نور فإذا كانت الآية تتحدث عن  ظلمات البحر وخصوصا ظلمات البحر اللجي فان ما سوف يفهمه الإنسان هو الظلام الدامس إلا أن هناك ربط بين الآية وهذا الشطر بالذات   فطالما أن الآية تتحدث عن الظلمات فما العلاقة بين الظلمات ثم التحول   إلى ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور. إن ما تعنيه الآية هو إشارة لطيفة إلى  اسماك الأعماق السحيقة و حيث ينعدم  ضوء الشمس حيث زود الله هذه المخلوقات بالنور فلكل جعل الله له شمسا خاصة به حيث كشف العلم أن البحار والمحيطات العميقة تعج بالكائنات  المضيئة التي زودها الله بالنور وهذا إعجاز علمي آخر.

نعم, في هذا الخضم الهائل والخطورة المتناهية والاضطرابات الفائقة وانعدام الضوء الذي يعتبر أساس الحياة لا يمكن أن يتصور إنسان أن يكون هناك حياة بأي معنى ولكن قدرة الله وعظمة تدبيره تفوق الوصف فسبحانه لا تحده الكلمات ولا يصفه الواصفون ولا يعرفه العارفون خابت كل التصورات عن تحديد عظمتك بالكلمات.

 كيف تولد الأسماك الضوء

الأسماك التي تعيش في الأعماق السحيقة من المحيطات المظلمة زودها الخالق عز وجل  بمقدرتها على توليد الضوء البارد بطريقة لا يملك الإنسان إلا أن يسجد أمام عظمة خالقه، ويسمى هذا الضوء علميا بالضوء البارد أي الضوء الذي لا يصاحبه توليد أي حرارة، وذلك بواسطة أعضاء خاصة تدعى «حاملات الضوء»، وهذه الأعضاء عبارة عن مصابيح صغيرة بسيطة التركيب، لكنها على درجة عالية من الكفاءة، حيث تتركب من قرنية شفافة تتلوها عدسة، ثم عاكس مقعر عبارة عن نسيج خاص يقابل شبكية العين هو المسئول عن توليد الضوء، كما تقوم القرنية والعدسة بتجميع هذا الضوء قبل أن ينبثق خارج جسم السمكة.
وتختلف أعضاء الإضاءة في هذه الأسماك من حيث العدد والتوزيع والتعقيد. وغالبا ما توجد على جانبي الحيوان، أو على بطنه، أو رأسه، ونادراً على سطحه العلوي. وتعتبر قدرة هذه الأسماك على توليد الضوء إحدى عجائب خلق الله في الطبيعة. وقد يكون هذا الضوء باهتا يصدر بشكل متقطع من وقت لآخر، أو قد يكون مبهراً مستمراً. وتعيش هذه الأسماك على أعماق تتفاوت من 1000 إلى 4000 متر تحت سطح البحر، ولذلك يطلق عليها. أسماك الأعماق أو أسماك القاع. 

مئات المعامل الكيمائية على جسم السمكة

   ويطلق العلماء على ظاهرة الإضاءة التي تستخدمها الأسماك ظاهرة الإضاءة الحيوية  (Bioluminescence)  وهذه الظاهرة تحدث داخل أجسام بعض الكائنات الحية مثل الأسماك والتي تعيش داخل المياه المالحة ولا تحدث في المياه العذبة ونادرة الحدوث على الأرض فهي تحدث فقط في نوع من الخنافس وبعض أنواع البكتيريا والفطريات.
كيف تحدث هذه الظاهرة ؟؟؟:-

تحدث هذه الظاهرة نتيجة بعض التفاعلات الكيمائية في جسم الكائن  حيث تتحول الطاقة الناتجة من التفاعل  إلى نور ولكي تتم هذه العملية فان الخالق عز وجل قد أنعم على هذه الكائنات ب:

1-  نوع من الصبغيات يطلق علية علميا ( Luciferin)   

2-   إنزيم يسمى إنزيم   (Luciferase)والذي يعمل كمادة محفزة تساعد على إتمام التفاعل داخل أجسام الأسماك بالإضافة إلى وجود الأكسجين ومصدر للطاقة وهو مركب يسمى( ثالث فوسفات الادينوسين (ATB)مما يؤدى إلى إنتاج مادة تسمى   (Oxyluciferenوينبعث الضوء عند حدوث  هذه التفاعلات
حيثيمكن تمثيل هذا التفاعل بالمعادلة التالية :

[A] + [B] → [◊ عامل محفز ] → [Products] +light

  وتتواجد هذه المواد الكيمائية بصورة دائما داخل تراكيب تسمى الحوامل الضوئية (photophores)وتتوزع هذه الحوامل في أماكن معينة حسب إرادة الخالق لكل نوع من هذه الأسماك  حيث يحدث هذا النوع من التفاعل داخلها.

 

شكل (10) محاكاة هذه الظاهرة معملياً

 

 وما كان ربك نسياً

هناك أنواع أخرى من هذه الكائنات لا تملك هذه الحوامل فينعم الله عليها بان يجعل نوع من البكتريا المضيئة بذات الطريقة تتعايش معها على سطحها أو بين ثنايا الجلد فينبعث منها الضوء فترى السمكة نتيجة الضوء المنبعث من البكتريا والفطريات.

 ما لون الضوء المنبعث من ظاهرة الإضاءة الحيوية التي تستخدمها هذه الكائنات  ؟؟:-
إن اللون المنبعث يكون إما ازرق أو ازرق مخضر وذلك لسببين هما:-
ـ أن اللون الأزرق والأزرق المخضر يسافر لمسافات طويلة داخل مياه البحار المالحة والمحيطات.

 ـ أن الأسماك حساسة لهذه الألوان فتستطيع رؤيتها بسهولة في الماء.
ونجد في بعض أنواع السمك ينبعث منها ضوء احمر طوله الموجي طويل جدا فلا تراه باقي الأسماك وبهذا فهي ترى الأسماك الأخرى وهم لا يستطيعون رؤيتها فتستخدم هذه الخاصية في افتراس غيرها من الأسماك أو تستخدمها كلغة إشارة بين بعضها البعض.
ولكن هل هناك وظائف أخرى لهذا الضوء

1- تستخدم بعض الأسماك هذا الضوء في جذب فرائسها ثم تقوم بإمساكها بفكها وتلتهمها
2- تستخدم الضوء كوسيلة تخويف وتشويش لباقي الأسماك التي تخاف من هذا الضوء المتوهج وتبتعد عنها
3-  تستخدم هذا الضوء ككشافات ترى بها الطحالب والكائنات الدقيقة والتي تتغذى عليها العديد من اسماك المحيطات الصغيرة.
4-  تستخدم الضوء كلغة  إشارة بين أفراد النوع الواحد فهم يستخدموا إشارات ضوئية فيما بينهم لا يعرفها احد غيرهم
5-  البعض الأخر يستخدم الضوء كشفرات بين الذكور والإناث أثناء موسم التزاوج
فنجد بعض أنواع إناث الأسماك ينبعث منها أضواء ملونة من أماكن مختلفة على أجسامها فتصبح مثل الطاووس في روعتها وجمالها فتجذب الذكور إليها أثناء موسم التزاوج والغريب أن هذه الأضواء المبهرة لا يراها إلا الذكور التابعة لنفس نوع الإناث أما أنواع الذكور الأخرى فلا تراها.
 ومن أشهر أنواع  هذه الأسماك :

 1- سمكة المصباح: Lantern fish
  تعيش في المحيطات على أعماق سحيقة ( ( 1200- 3000 قدم ولكنها تقترب من السطح أثناء الليل بحثا عن الغذاء وتحمل مجموعة من الحوامل الضوئية المركزة أسفل الرأس وعلى سطحها البطن والضوء المنبعث لونه ازرق مخضر وتستخدمه السمكة لجذب فرائسها من السمك.

 
2- سمكة الفأس: Hatchet fish
تعيش أيضا على أعماق كبيرة وتحمل الحوامل الضوئية على سطحها البطنيوينبعث منها إضاءة شديدة تعمل ككشافات تشوش باقي الأسماك فتبتعد عنها ولا تفترسها فهذا الضوء هو وسيلة الدفاع الوحيدة للسمكة.

 3-  سمكة الثعبان: Viper fish
توجد على أعماق من 80-1600 م تحت سطح الماء ويوجد على زعنفتها الظهرية حوامل ضوئية تنتج ضوء مبهر يعمل على جذب الأسماك الأخرى ثم تقوم بالهجوم والتغذية عليها
 4- سمكة التنين:Dragon fish

وهذه السمكة لا يوجد بها حوامل ضوئية ولكن أجسامها تحمل مجموعة من البكتيريا في منطقتين على جسمها:

المنطقة الأولى: بجانب العين وتعطى الضوء العادي الأزرق المخضر والذي تستخدمه في جذب فرائسها
المنطقة الثانية: أسفل الرأس وينبعث منها ضوء لونه احمر لا يراه أحدا من الأنواع الأخرى من الأسماك كما أن العين البشرية لا تستطيع رؤيته لأنه ذو طول موجي طويل يصل إلى 700 نانوميتر وتستخدم هذا الضوء الأحمر كلغة إشارة بين بعضها البعض دون أن يلاحظها احد من الأسماك الأخرى.

قال تعالى:  ( هذا خلق الله فاروني ماذا خلق الذين من دونه بل الظالمون في ضلال مبين)لقمان:11
سبحان الله الذي أتقن كل شيء خلقه قال تعالى: ( صنع الله الذي أتقن كل شيء) ( النحل:88)

 رحلة في البحار العميقة لمعرفة قدرة الخالق عز وجل:

 

شكل (11)   هذا النوع من السمك يعرف بين الناس بأسماء كثيرة (Anglefish  ) وهذهالسمكة يصل طولها تقريبا إلى (200سم) ويصل وزنها إلى 30كج

 

 

    شكل (12) منظر بديع ...ماذا يريد أن يقول

 
 

شكل (13) فم واسع يمكن أن يبتلع فريسة كبيرة

 
 

شكل (14 )

 
 

شكل (15) ما يميز هذا الكائن هو وجود اللون الأحمر والذي تدخل مادة الكلوروفيل في عملة

 
 

شكل (16) هذا الكائن يتميز برشاقته وشفافيته ومجساتها الطويلة وعند ما تتعرض لخطر ما فإنها تطلق ألوان خضراء تميل إلى الزرقة حيث تمتلك أكثر من مائة حاملة أضواء ويمكنها أن تفتح فمها بحيث يمكنها أن تبتلع كان يصل حجمه نصف حجمها

 

 

شكل (17)ويعتبر هذا الكائن عملاقا ضمن فصيلته ويطلق هذا الحيوان ومضات عند محاولته للهروب

 
 

شكل (18) تستطيع هذه السمكة من عمل مزرعة بكترية من النوع المضيء حيث  تتواجد داخل الجلد وتستخدم   الأضواء في الصيد

 

 

شكل (19) هذا الكائن العجيب لا يعيش في الأعماق السحيقة وان كان يعيش في المياه الضحلة والعجيب أن هذا الكائن لا يستخدم حاملات الضوء في توليد الضوء ولكنة يستخدم ظاهر انكسار الضوء المحيط بة كما هو الحال في قوس القزح

 

 

شكل (20) ومصادر الضوء في هذا الكائن لا تعتمد فقط على التفاعل الكيمائي ولكنة يستخدم انكسار الضوء أيضا في إبراز هذه الأشكال الجميلة من الألوان

 

 

شكل (21) نوع من السمك يستخدم طريقة الإضاءة الحيوية

 

 

شكل (22) يستخدم هذا الكائن الاضاءة بطريقة فريدة حيث أن الأنوار تنبعث منة فقط فى أوقات محددة

أضغط هنا لمشاهدة مقطع فيديو

http://www.lifesci.ucsb.edu/~biolum/organism/movies/nanomia.mov

 

شكل (24) يعتبر هذا الكائن من أطول الكائنات حيث يصل طولة إلى 40متر وهو حيوان من الحيوانات القادرة على توجيه لدغات خطيرة وقوية

 

 

 شكل (25) يوجد هذا الكائن على أعماق تزيد عن 2000متر والنقاط الصفراء هي مصدرالضوء

 

 

شكل (26) يقوم هذا الكائنات بإحداث ومضات كلما تعرض للخطر

 

 

شكل (27) صورة لكائن بحري وقد الّتقم كائن آخر مضيء وإذا أطفئت أنواره فأن صورة الضحية تظهر

 

 

شكل (28) يعيش هذا الكائن الجميل قريبا من سطح البحر

 

 

شكل (29) يعيش هذا الكائن على أعماق سحيقة ويطلق ألوان أنيقة كما لو كانت العاب نارية عند تعرضه للخطر

 

 

    شكل (30) نوع من السمك يستخدم الإضاءة الحيوية في اصطياد الفريسة

  

 

(30) نوع من السمك واسع الفم طويل الأسنان لدرجة  أن يغلق  فمه تاركا أنيابة كما هي

وصدق الله العظيم إذ يقول:

(بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [الأنعام : 101]

عودة إلى الآية

يلفت  المولى عز وجل أنظارنا إلى  الحالة التي يعيشها الكافر ويشبهها  بالبحر اللُّجى  الغارق في الظلام وهى صورة قاتمة تجعلنا نستعيذ بالله من الكفر ونسأله أن يثبتنا على الإيمان ولا شك أن الكفر في أيامنا هذه تقف من ورائه مدلولات نظرية التطور التي ثبت خيبنها  وتم  تفنيد معظم بنودها علميا علاوة على المذاهب والايدولوجيات التي اتخذت من هذه النظرية أساسا تبنى علية اتجاهاتها فمان كان إلا التخبط والحيرة والشك وانعدام الوزن ونشؤ مجموعة من الفلسفات لكي تحل محل الدين ولكن هيهيات هيهيات مزيد من الضياع والحيرة والتخبط وذلك إن كل هذه الفلسفات هي في  مجملها ضد الدين الذي فطر  الله علية الإنسان .

أن القران الكريم وهذا  الدين العظيم الذي تفضل الله بة على البشرية يحمل بين طياته أقوى الأدلة على إلوهية مصدره ولا أكون مبالغا إذا قلت أن كل الأديان السابقة على الرغم ما بها من تحريف تدين إلى هذا الدين العظيم بالفضل الكبير فلولا اعتراف الدين الاسلامى  بها بل جعل هذه الحقيقة من أهم مبادئ الإيمان لسار الشك في إلوهية مصادر هذه الأديان كالنار في الهشيم . أن مراجعة بسيطة لظنون العلماء الذين كانت نشأتهم  في وسط مسيحي  سيبين لنا أسباب موجات الكفر في هذه المجتمعات  فيقول فريدرك نيتشة(Friedrich Nietzche ) "إن الإيمان المسيحي معناه الانتحار المتواصل للعقل البشرى " وعلى الرغم من أنه قد نشأ في أسرة أكليركية إلا إننا نجدة يقول " إن الآله قد مات وسيظل ميتا ونحن  الذين قتلناه "  - تعالى الله علوا كبيرا – وبطبيعة الحال أدى هذا الفكر إلى عصر العدمية ( Nihilism )  وبذلك لم يعد لهذا الإنسان  إلا ذاته وأننا نعيش في عالم عبثي لا معقول ليس فيه اله وبطبيعة الحال العبثية ليس لها مكان في حياة المؤمن حيث  يقول الحق سبحانه  وتعالى ( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وانك إلينا لا ترجعون * فتعالى الله الملك الحق لا اله إلا هو رب العرش الكريم * يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك ".

في الواقع إذا ناقشنا مسألة الدين والعلم نجد تطابقا رائعا بين العلم ومسلمات القران فلا وجود لتناقض بين العلم والدين الاسلامى فالعلم يشهد للدين ولذلك لم نجد في ديانة أخرى مثل ما في الإسلام من حض وتشجيع للعلم فكانت أول آية أنزلت تبدأ (أقرأ) ويقول  الرسول محمد (طلب  العلم فريضة على كل مسلم ) وهناك آيات وأحاديث كثيرة تحض على العلم وطلبة فالدين الاسلامى في هذا الِشأن هو دين العلم وإذا كان الإعجاز القرآني  متجدد  فيمكننا أن نقول   أن محمد أيد بالعلم فمعجزته هي العلم وعلى النقيض من هذا نجدا تخوفا كبيرا بين علماء المسيحية واليهودية من إقران العلم بالدين فيقول فرنسيس بيكون في التقرير الذي رفعة إلى الملك جيمس عن كيفية إصلاح التعليم العامة " يجب الحفاظ على هوة عميقة بين العلوم الطبيعية من جهة وبين الدين واللاهوت من جهة أخرى " ويقول آخر " كلنا تقدم العلم تأخر العلم إلى الوراء أما الفيلسوف الانجليزي المادي توماس هوبز (Hoppes)كان يرى أن الدين ليس من أمور الفكر وإنما هو أمر من أمور الاعتقاد .....ولا يجوز الخلط بين العقيدة والعقل فحيث ينتهي العقل تنتهي العقيدة وحيث ينتهي العلم يبدأ الإيمان وهكذا كان يرى هوبز أن الدين والعقل  لا يجتمعان  ويأتي الفيلسوف  الألماني  فيرباخ : Feuerebach  في هجومه على المسيحية فيذهب إلى أن الشيء الحقيقي ليس الله , ولا الوجود  وإنما هي المعطيات الحسية فقط . ويضع فرباخ ما يسمى بدين إنسان مكان الدين المسيحي ويقول أن الشيء الإنساني هو الشيء الالهى  وهو بذلك يتبنى نزعة الحادية بحتة وذلك ناتج عن التناقض الفكري والعلمي الذي تمتلئ بة الكتب المقدسة اليهودية والمسيحية.

ومازلنا في رحلتنا في –أعاذنا الله منة -  ظلمات الكفر نستوضح أسباب الكفر الذي أصاب البشرية في العهود السابقة واللاحقة فها هي فلسفة سارتر ....بعبثيتها ولليس للموت في ذاته عند سارتر أهمية خاصة ....فقط أنة العبث الأخير, وهو لا يقل عيثا عن الحياة بذاتها  فالموت يظهر  عند سارتر في الفلسفة  الوجودية :" جزء من الصفقة"  الحياة والموت على حد تعبيره  ولكن ماذا يحدث عندما تحين ساعة رحيل المرء الكافر من هذه الحياة ؟ أو ماذا يحدث عندما يواجه الإنسان الملحد الموت فعلا ويصبح في لحظاته الأخيرة ؟ إننا لا نرى إلا الفزع يغلفه ويحيط به من كل جانب .....!!! انه  يدرك في تلك اللحظة  الأخيرة _بشعور فطرى _ بأنة لم يحقق الغايات من خلقة وها قد دنت اللحظة الأخيرة لمواجهة الحقيقة الكاملة وجها لوجه ...ويحاول ذلك الإنسان النجاة ....النجاة بأي شكل من الأشكال وبأي ثمن ....ولكن إلى أين يذهب ؟...........حيث يقول المولى له ومن هم على شاكلته

"فأين تذهبون (26) إن هو إلا ذكر للعالمين (27) لمن شاء منكم أن يستقيم "

وتتلاشى الفلسفات وتاريخ العظمة والكبرياء, وتمر أحداث قصة  حياة  الإنسان في لحظات أمام عينة ليدرك أنة قد أمضى حياته في سفسطة كلامية وتعالى على الحقيقة بدلا من إخلاص النية لله .

وتأتى لحظة  الموت لسارتر الذي ضل وأضل بفكرة الملايين فيفزع فزعا شديدا فيطلب من رفيقة حياته في ألم  أن تحضر له قس .....( لعلة يجد فيه راحة وقد بدت له ملائكة الموت ) فتستغرب زوجته من هذا الشيء الذي  ظل يناهضه طوال الحياة فتقول له ( سات هل لك في كاردينالا حيث لازال جنون الكبرياء يسيطر عليها )  ولكنة يرى ضلال المسيحية  في هؤلاء فيقول لها إن الكاردينال غشاش لله ويطلب قس مسكينا مغمورا في قرية مغمورة متناسيا أن لا فرق بين الاثنين فمعتقداتهم واحدة ويأتي القس فيعترف له بهزيمته أمام الموت ولعلها إرادة الله التي احدث هذا الموقف حتى  يفضح هؤلاء وزيف معتقداتهم ولكن بعد فوات الأوان

ويسجل المولى عز وجل اللحظة التي  يعاين فيها الكافر الموت وسكراته في الآية الكريمة التالية:

( وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ)( الأنعام :93).

لقد تمكن الشيطان من إسقاط الإنسان في غياهب الظلام ,يساعده في ذلك شياطين الإنس فرحل الدين فالدين والكفر كالنور والظلام ضدان لا يجتمعان في مكان واحد وأصبح المكان فارغا وبحثا عن بديل يسد الفراغ قام علماء الكلمة بإنشاء فلسفات ظاهرها منمق ولكن جوهرها الظلام فمعظمها تنصب على الجانب المادي  والمنفى  بل ووجدت من يدافع عنها ويحارب من أجلها ويهدم المساجد قبل الدين فذهبت أرواح وأما التي بقيت فأرغمت على اعتناق هذه الفلسفات وسيظل السؤال الحائر من المسؤول عن هزيمة الدين في مواجهة العلم والحق يقال أن  الدين ما هزم أبداً ولكن الذين هزموه هم من كانوا يقومون على رعايته فأدخلوا ما لم ينزل الله به من سلطان في هذه الأديان بل وذهب بهم الجهل إلى إدخال الخرافات بين نصوص الدين وغيروا من صفات الله فهو في كتبهم عاجز أحيانا وينسى أحيان ويندم أحيانا بل ويجلس إلى الأحبار كي يتعلم منهم  ثم جعلوه ضعيفا لا يقوى على أن يدافع عن نفسه فيصلب ويقتل بل وأصبحت القدرات البشرية (الأنبياء) شخصيات ناقصة فهي تخون وتزني (حتى زنا المحارم) هذه هي صورة الدين المسيحي واليهودي لا يمتلك  الآليات التي يمكن بها أن يدافع عن نفسه ضد موجات إنكار الله  ولذلك نقول لم يعد على الساحة الآن سوى  الإسلام يمتلك من آليات الدفاع ضد موجات الإلحاد ما يقتلها في مهدها  وصدق رسول الله بقولة" إن الشيطان  قد يئس أن يعبد في أرضكم هذه " ويمتلك من النصوص التي تصور الله وتقرب  صورة عظمته إلى العقول ويمكن أن  تدرك جزء من هذا العظمة بقراءة أسماء الله الحسنى وتدبر القران وما عليك أن تؤمن  ثم تسجد لله ( فأسجد وأقترب ) كما أنة يعطى صورة صادقة عن أنبياء الله فيجد الإنسان القدوة التي يمكن أن يقتدي بها وفى رسول الإسلام الأسوة الحسنة في كل شيء وذات مرة تسأل السيدة  عائشة عن خُلق النبي فتقول في عبارة موجزة ( كان خُلقه القرآن )  ويا لها  من عبارة صادقة فكانت حياته تفسير عملي للقران .

إلى كل من ينكر وجود الله والى كل من ينكر معجزة القران :

يا أيها ألإنسان ما قدر مكسبك إن كسبت الدنيا وخسرت الله ؟

وما قدر مكسبك إن خسرت  الدنيا وكسبت الله ؟

لسوف يقضى على هذه الحضارة بدون الإيمان بالله

ولسوف تنتهي قصة حياة الإنسان نهاية مظلمة إن لم يؤمن بالله

ولسوف يتهدم الكيان البشرى دون الأليمان بالله

سوف تعم الفوضى في كل مكان دون الإيمان بالله

ولسوف ينحط الإنسان إلى درجة من الحيوانية بدون الإيمان بالله

وأي عبثية تلك التي تنتظر الإنسان إن لم يؤمن بالله

كم من نفس هلكت دون أن ترى النور

فأي مصير ينتظرك يا من ترفض نداء الفطرة  بداخلك

رأينا ولا زلنا نرى

دعوات هدامة لهدم الدين الحق بإثارة الشبهات حوله

ناسين أنة لا يحتاج من البشر من يدافع عنة

لأن بداخلة النور الذي إمامة تتبدد كل دعاوى الظلام 

أن الكفر ظلم عظيم

وخسران مبين

وطريق مسود

وحسرة وندامة 

(وتحسب أنك جرمٌ صغير

وفيك انطوى العالم الأكبر)

بداخل كل منا نداء الفطرة فأستجب لهذا النداء

قبل أن تحين ساعة الرحيل

فعمرك قصير

وان كان مديد

فلابد حتما انك تموت

فأنت  لم تخلق عبثا

(وتحسب أنك جرمٌ صغير

وفيك انطوى العالم الأكبر)

كل شيء ينطق بوجود الله

فكتاب ذو نظام وإعجاز

يشرح لك في إيجاز أسرار الأكوان

ويسرح بك في ألأفلاك

كأنك جرم سماوي

فتعاين الأسرار

يغوص  بك في أعماق النفس

فيأتيك بالأسرار

كأنها كتاب مفتوح بين يديك

ويغوص بك في البحار

فتعود بلالىء الأسرار

وأسرار وأسرار مع كل حرف

تغشوه الأنوار

,إعجاز في كل مكان

في أفلاك هذا الكتاب

لا يملك الجبل كما قال الرحمان إلا

أن يتصدع من خشية الرحمان

ونبي كريم اسلم جسده وروحة إلى مولاة

فيه القدوة وفية خلق القران

يشق صوته الليل بالقران

وفى صدره أزيز  المرجل من خوف الرحمان

تتورم قدماه من كثرة الوقوف بين يدي مولاة

في الشدائد تفوح نفسه بأريج العبقريات

يبكى ويقول اللهم أهدى قومي فأنهم لا يعلمون

ويبكى ويبكى ويقول من يحملني إلى بني فلان وفلان

فأن قومي كذبوني

يسأل ربة أن يحيه مسكينا ويميته  مسكينا ويحشره في زمرة المساكين

 لجدير أن يقف عنده الزمان

يا من تشك في وجود الله

تدبر

في آيات القران

وتدبر في سلوكيات نبي الإسلام

فلعل الله يمن عليك بالإيمان

قبل ساحة الرحيل

كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو الذي أظهر كل شيء؟

كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو الذي ظهر بكل شيء؟

كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو الذي ظهر في كل شيء عظمته وأبداعة  ؟

كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو أظهر من كل شيء؟

كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو الواحد ليس معه شيء؟

كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو أقرب إليك من كل شيء؟

كيف يتصور أن يحجبه شيء ولولاه ما كان وجود شيء"؟

 وتساءل  مع السائل وفل :

قل للطبيب تخطفه يد الردى ...يا شافي الأمراض من أرداك
وقل للصحيح يموت لا من علة ... من يا صحيح بالمنايا دهاك
وقل للمريض نجا وعفي بعدما ... عجزت فنون الطب من عافاك
وقل للأعمى خطا بين الزحام بلا اصطدام ... من يا أعمى يقود خطاك
وقل للبصير كان يحذر حفرة ... فهوى بها ما الذي أهواك
وقل للجنين يعيش معزولا... بلا راع ولا مرعى من الذي يرعاك
وقل للوليد أجهش لدى ... الولادة بالبكاء ما الذي أبكاك
وإذا رأيت الثعبان ينفش سمه... فقل للثعبان من ذا بالسموم حاشاك
وقل له كيف تعيش أو تحيى ... يا ثعبان وهذا السم يملأ فاك
وإذا رأيت بطون النحل تقاطرت ... شهدا فقل للشهد يا شهد من حلاك
وإذا رأيت اللبن المصفى يخرج... من بين فرز ودم فقل له ما الذي صفاك
ستسمع صوت جميعهم ... أن صانع ذلك هو الخلاق

 

مجدي عبد الشافي عبد الجواد شهاب

مدير قسم اللغات العالمية

موقع موسوعة الإعجاز العلمي في القران والسنة 

Magdy_fighter@hotmail.com

Magdy_fighter 62@yahoo.com

 


المراجع

1-آيات الله البحار ( الدكتور صوفي )   

2-الطريق إلى الله ( أحمد   

3-الله والدين والإنسان (دكتور مهندس محمد الحسيني إسماعيل )

4- الله يتجلى في عصر العلم ( تأليف نخبة من العلماء )

5-الإسلام يتحدى( وحيد الدين خان  )

6-مقالات للدكتور زغلول النجار 

7-قطوف من حدائق السنة المطهرة  (دكتور محمد محمد عمارة )

8 ـ مقالة الأسماك المضيئة بقلم إعداد مروة عزمي مختار جنينة

 http://55a.net/firas/arabic/index.php?page=show_det&id=905

 

1)Oceans, Elder and Pernetta, p. 27.

(2)Oceanography, Gross, p. 205.

(3)Oceanography, Gross, p. 205.
 

http://www.masjam3a.net/forum/viewtopic.php?p=174130&sid=2d7a16a95363fc2359f10d1acf96ca35

http://www.lifesci.ucsb.edu/~biolum/organism/photo.html

http://www.lifesci.ucsb.edu/~biolum/organism/photo.html

 

 

اكتشاف مذهل: العلماء يكتشفون الأمواج العميقة
 

في هذا الشكل ترى الضوء يحاول دخول الأمواج الداخلية وتحته البحر المظلم

آية عظيمة كلما تذكرتها أتذكر عظمة الخالق سبحانه وتعالى يقول فيها: (أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ) [النور: 40]. يشبّه الله أعمال الكفار برجل يعيش في أعماق المحيط حيث تتغشاه الأمواج العميقة من فوقه ثم هناك طبقة ثانية من الأمواج على سطح الماء وفوق هذا الموج سحاب كثيف يحجب ضوء الشمس، فهو يعيش في ظلمات بعضها فوق بعض.

في هذه الآية العظيمة حقيقة علمية لم تنكشف يقيناً للعلماء إلا في نهاية عام 2007 وذلك من خلال اكتشافهم لأمواج عميقة في المحيط لأول مرة تختلف عن الأمواج السطحية على سطح الماء، أي أن هناك موج عميق وموج سطحي، وهو ما عبرت عنه الآية بقوله: (مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ). وقبل سرد الاكتشاف العلمي لابد من التنبيه لما يقوم به بعض الملحدين من تشكيك في صحة هذه المعجزات الواضحة.

فقد حاولت الرد كثيراً على الملحدين الذين ينكرون إعجاز القرآن في الحديث عن الأمواج العميقة، ولكن في كل مرة كانوا يخترعون كذبة جديدة، فمرة يقولون إن العلماء اكتشفوا تيارات في أعماق المحيطات وهذه تختلف عن الأمواج، فالقرآن يتحدث عن (موجWave ) والعلماء يتحدثون عن "تيار" Current ، ويقولون إنه من المستحيل أن توجد أمواج حقيقية في الأعماق كالتي تحدث عنها القرآن، وهذا يعني أن القرآن أخطأ في هذا التعبير: (مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ) ويكفي أن نجد خطأ واحداً في القرآن لنثبت أنه ليس من عند الله لأن الله لا يُخطئ!

هذا قولهم بأفواههم، وكما قال تعالى: (كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) [البقرة: 118]. والملحد يا إخوتي يراوغ ويلف ويدور وهو يدرك في قرارة نفسه أن القرآن هو الحق، ولكن الكِبر يمنعه من الإيمان به، وهذا ما أخبرنا به القرآن: (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) [النمل: 14].

فتارة يقولون إنكم تخرجون عن التفسير المألوف للقرآن بما تقدمونه من إعجاز مزعوم، وتارة يقولون: إن الحقائق العلمية التي تعتمدون عليها غير صحيحة، وعندما نواجههم بالدليل القوي على أن القرآن تحدث عن هذه الحقيقة العلمية بوضوح كامل يتهربون من المواجهة ويقولون: إنها مصادفة!!!

ولذلك أقدم هذا الاكتشاف العلمي الصريح الذي يرد على هؤلاء، وسوف نستخدم ما جاء في المقال الأصلي حرفياً وباللغة الإنكليزية ليكون كلامنا موثقاً ولا يحتمل التأويل، وندعوهم لإعادة النظر ليكونوا منصفين وعادلين، فلن ينفعهم استكبارهم ولن يجدوا مهرباً من الله إلا إليه. ونحن نريد لهم الخير والهداية والنجاة من عذاب يوم عظيم: (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) [الشعراء: 88-89].

اكتشاف علمي جديد

نشرت جريدة تيلي غراف في 13/12/2007 مقالاً بعنوان:

Deep ocean waves discovered by scientists

"العلماء يكتشفون الأمواج العميقة في المحيط"


 

وجاء في هذا الخبر أن اكتشاف هذه الأمواج العميقة في المحيط قد سببت مفاجأة للعلماء لأنهم لم يتوقعوا أن يشاهدوا أمواجاً تشبه تلك التي نعرفها في أعماق المحيط، لنقرأ:

British scientists have discovered waves that flow deep in the Pacific Ocean

علماء بريطانيون اكتشفوا أمواجاً تتدفق في أعماق المحيط الهادئ!

They were known to occur on or near the ocean's surface but the scientists were surprised to find them in the deep ocean

لقد علموا أن مثل هذه الأمواج يمكن أن تشاهد على أو قرب سطح المحيط، ولكن العلماء كانوا مندهشين لأنهم وجدوا هذه الأمواج في المحيط العميق.

Prof Karen Heywood, an oceanographer at the University of East Anglia (UEA) and co-author of the research, said: "We were both surprised and delighted. "We expected to find something at about 50m because satellite imagery indicated it was there but we were really excited when we got a result at 1,500 metres. It opens up the possibility that there may be more waves even deeper down."

لقد جاء على لسان البرفسورة Karen Heywood من جامعة UEA ومؤلفة مشاركة في هذا البحث:

لقد كنا مندهشين وفرحين! لقد كنا نتوقع وجود شيء ما على عمق 50 متراً كما أشارت إلى ذلك الصور القادمة من الأقمار الاصطناعية، ولكن الذي أثارنا حقيقة أن نجد هذه الأمواج على عمق 1500 متراً، وهذا يفتح باب الاحتمالات على أن هناك أمواجاً على أعماق أكبر.

Dr Adrian Matthews, a meteorologist in UEA's School of Environmental Sciences and lead author of the new research, said: "Everyone thought that there would be nothing to see below about 200m.

يقول الدكتور Adrian Matthews أحد علماء الجامعة المذكورة والذي يقود هذا البحث: كل واحد منا ظن أنه لا يمكن رؤية أي أمواج تحت عمق 200 متر.
 

ويؤكد العلماء أن هذا الاكتشاف يحدث للمرة الأولى في نهاية العام 2007 وأنه سيشكل قفزة في دراسة المحيطات والبيئة بشكل عام، ويحاول العلماء حشد جهودهم للتعرف على المزيد من هذه الأمواج الغريبة.

لقد استخدموا في هذا الاكتشاف الأقمار الاصطناعية والغواصات والمختبرات العائمة، وقد أظهرت الصور وجود أمواج عميقة ولكن المفاجأة أنهم لم يتوقعوا أن تكون عميقة لهذا الحد، أليس هذا ما حدثنا عنه القرآن بقوله تعالى: (بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ)، بحر لجي: أي بحر عميق. مصدر الصورة: وكالة ناسا NASA

لنتأمل الآن قول الحق تبارك وتعالى: (أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ) [النور: 40]. فقد تحدثت الآية بدقة عن أمواج في بحر عميق، وهذا ما كشفه العلماء أخيراً.

وهنا نود أن نقول لأولئك الملحدين: كيف جاء ذكر هذه الأمواج في كتاب أنزل قبل أربعة عشر قرناً؟ وهل كانت هذه الحقيقة معروفة في ذلك الوقت؟ إن علماء الغرب يعترفون بأن أول مرة يرون هذه الأمواج كانت في العام 2007، فمن الذي أخبر النبي الأعظم بهذه الحقيقة اليقينية؟ وما الذي يدعو هذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم للحديث عن حقيقة علمية معقدة كهذه؟ وكيف علم أن من يعيش في البحر اللجي العميق سوف يغشاه الموج العميق ويكون في ظلام دامس؟؟؟

ونقول أيضاً لمن يعتقد أن الإعجاز العلمي هو تحميل للآيات غير ما تحتمل: ماذا يمكن أن نسمي حديث القرآن عن هذه الأمواج العميقة، هل نسميه إعجازاً أم مصادفة؟ الله تبارك وتعالى يتحدث عن موج والعلماء يكتشفون هذه الأمواج Waves والله يتحدث عن (بحر لجي) أي عميق والعلماء يتحدثون عن المحيط العميق Deep ocean إذاً أين هذا التحميل لمعاني الآية؟

إن كل صاحب عقل لابد أن يرى في هذه الآية معجزة شديدة الوضوح، بل لو كان في اللغة كلمة أكبر من "إعجاز" لاستخدمتها للتعبير عن عظمة وروعة هذا الكتاب العظيم. نسأل الله تعالى أن يجعل هذه المعجزة نوراً لكل مؤمن وحجة على كل ملحد ينكر هذا القرآن، ونقول كما قال تعالى: (وَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ فَأَيَّ آَيَاتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ) [غافر: 81].

روابط ذات صلة :

أمواج البحر اللجي

ــــــــــــــ

بقلم عبد الدائم الكحيل

www.kaheel7.com

المصدر:

مقالة على موقع جريدة الديل غراف بعنوان

Deep ocean waves discovered by scientists

http://www.telegraph.co.uk/earth/main.jhtml?xml=/earth/2007/12/13/eawave113.xml

 

 

أمواج البحر اللّجي
 

بقلم الشيخ عبد المجيد الزنداني

  قال تعالى: (أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ) (النور:40) .

ظلمات البحار هي مكان كان يستحيل لأي إنسان في زمن محمد – صلى الله عليه وسلم- أن يصل إليه البتة، لأن الإنسان لا يحتمل جسمه أن يغوص في الماء سوى إلى 30 متر لأنه عند تجاوز هذا العمق يكون مستوى الضغط الجوي 4 ضغط جوي ويجعل النيتروجين يذوب في الدماء ويؤثر في الجسم ويفقد السيطرة عليه، ومن المستحيل أن يصل الإنسان بجسمه إلى عمق 100 متر أو 200 متر، فهذه الآيات أخبرتنا عن ظاهرة يبدأ ظهورها بعد 200 متر، طبعاً في وقت النبي – صلى الله عليه وسلم- كان علم البحار تغلب عليه الأسطورة والخرافة، فضلاً عن أن النبي –صلى الله عليه وسلم- ما ركب بحراً أصلاً..

ومجتمع النبي هو مجتمع صحراوي، فيخبرنا القرآن عن ظلمات توجد في أعماق البحار.. في البحار العميقة وليست البحار السطحية، ويذكر لنا سبب تكون هذه الظلمات ولم تكتشف هذه الظلمات ولم تكتشف أسبابها إلا برحلة طويلة جداً من البحث العلمي حتى تكاملت الاكتشافات فتقدمت الصورة فوجد علماء البحار أن هناك ظلاماً شديداً على بعد 300 متر، 500 متر ويشتد كلما نزلنا إلى أسفل لدرجة أن الغواصة إذا نزلت لابد أن يكون معها آلات إنارة، بل والأسماك التي تعيش في هذه المناطق لابد أن يكون لها كشاف تحت كل عين من عيونها تكشف لها طريقها، أو تكون عمياء لأنه ليس هناك ضوء، يقول الله جل وعلا (أو كظلمات في بحر لجي) يشبه الظلمات التي يعيش فيها الكافر بظلمات في بحر عميق، نظر كيف قال (لُجي) بحر و لم يقل  أي بحر (أو كظلمات في بحر لجي – أي عميق- يغشاه موج من فوقه موج) يغشاه يعني يغطيه.. كيف يغطيه وفوقه موج؟ المفروض الموج هذا هو الغطاء، معناه فيه بحر ثاني فيه موج، وعندئذ نعرف من هذا الوصف القرآني أن هناك بحر عميق وبحر سطحي (يغشاه موج).. (أو كظلمات في بحر لجي) البحر اللجي ما له (يغشاه موج) الضمير يعود إلى أقرب مذكور وهو البحر اللجي يعني يغطيه موج (من فوقه موج) يعني فوق البحر السطحي (من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها) سألت عدداً من أساتذة علماء البحار من الشرق ومن الغرب عن هذه الظلمات وأسبابها فكانوا يجيبوني بأن أسباب هذه الظلمات في أعماق البحار ترجع إلى سببين رئيسيين:

الأول: العمق لأن الشعاع الضوئي يتكون من سبع ألوان والألوان عندما تخترق الماء لا تخترقه بقوة واحدة بحسب اختلاف طول الموجة ولذلك يمتص اللون الأحمر على مسافة العشرين متر الأولى، فلو أن غواصاً يغوص وجرح وخرج منه دم وأراد أن يرى الدم لا يراه باللون الأحمر بل يراه باللون الأسود، لماذا؟..... لأن اللون الأحمر انعدم فأصبحت هناك ظلمة اللون الأحمر. ثم بعد ذلك يمتص اللون البرتقالي على مسافة 30 متر، ثم يمتص اللون الأصفر على مسافة

هذه الصورة توضح امتصاص الألوان بحسب العمق

 50 متر، ثم يمتص اللون الأخضر على مسافة 100 متر، وهكذا بقية الألوان السبعة، آخر لون  

 يمتص الأزرق ولذلك نرى البحر أزرقاً لأنه آخر شعاع يعني يمتص، بعد هذا العمق.. بعد هذا العمق نصل إلى 200 متر ثم نصل إلى منطقة الظلام الشديد، هذه الظلمات –كما ترى- ظلمات بعضها فوق بعض.

ثم النوع الثاني: ظلمات حواجز الأمواج الداخلية والخارجية والسحاب :

 فالموج الداخلي، الموج السطحي، السحاب، كلها حواجز تمنع مرور الإشعاع الضوئي إلى الأسفل .

أما السحاب: فمن المعروف أنه إذا وجد سحاب وجد له ظل أي وجد له ظلمة.

الموج السطحي كما هو معروف مائل فعندما يسقط الإشعاع الضوئي فإنه ينعكس فإذا وقفت على شاطئ البحر فسترى الأمواج تنعكس منها الأشعة إلى عينيك وكأنها مرآة..

أماالموج الداخلي 

الموج الداخلي الذي يغطي البحر العميق الذي أكتشفه البحارة الاسكندنافيون في عام 1900 ميلادية، ولم يتمكن الإنسان من أن يعرف الظلمات إلا بعد عام 1933 ميلادية لما بدأت صناعة الغواصات فهوفيعكس معظم ما بقي من أشعة، ولذلك تأتي بعد الموج الداخلي المنحدر الحراري، فهناك انحدار واسع في درجة حرارة الماء، إذن هذه الظلمات موجودة، سببها الأعماق، سببها الحواجز، تركيبها بعضها فوق بعض، انظر إلى هذا الوصف القرآني (أو كظلمات – ظلمات – في بحر لجي) فنسب الظلمات إلى عمق البحر (أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات) ظلمات مرة ثانية ظلمات.. ظلمات جاء ذكرها بعد ذكر الحواجز، فكأنه يقول لنا: هذه الظلمات سببها الأعماق وسببها الحواجز، ثم يستعمل لفظ "ظلمات" الذي هو من جموع القلة وجموع القلة من ثلاثة إلى عشرة، فأنت تقول ظلمة وظلمتان وثلاث هنا إشارة إلى عشر ظلمات.

صورة حقيقة التقطت عبر الأقمار الصناعية للأمواج الداخلية في المحيط

فالآية تكلمنا (أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات) فهي جموع القلة من ثلاثة إلى عشرة، سبعة للألوان وثلاثة للحواجز، ثم يستعمل لفظاً آخر فعل المقاربة قال: (أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها)، (لم يكد يراها) كاد من أفعال المقاربة ونفيها يعني نفي وقوع الفعل البتة أو مقاربة النفي، والمفسرون قالوا: هذا له معنيين.. قالوا: (لم يكد يراها) أي يراها بصعوبة وآخرون قالوا: لأ.. لا يراها البتة، فاستعمل هذا التعبير الذي يدل على المعنيين، وهذا ما الذي يحدث في البحر ففي الطبقات التي مازال فيها شيء من ضوء لا ترى يدك إلا بصعوبة لكن إذا نظرت لأسفل لا تراها البته أبداً .

بالمناسبة هذه الآيات قيلت للاستشهاد على حال الكافر الذي لا يرى أنوار الهداية ...

فأنت إذا سمعت إلى أحد فلاسفة الإلحاد و.. والتيه ستجد أن من أجود الشعراء الذين عبروا عن هذا إيليا أبو ماضي، وسمى قصيدته "الطلاسم".. الطلاسم، فقال:

جئت لا أعلم من أين

ولكني أتيت

ولقد أبصرت قدامي طريقاً فمشيت

وسأبقى سائراً

إن شئت هذا أم أبيت

كيف جئت

كيف أبصرت طريقي؟

لست أدري

ولماذا لست أدري؟

لست أدري

يعني ظلمات بعضها فوق بعض وهو يتكلم عن المواضيع الأخرى، فإذن قلب الكافر لا يعرف من خلقه، لا يعرف لماذا خلق، لا يعرف لماذا يموت، لا يعرف ما الحق الذي يجب أن يفعله، ما الباطل الذي يجب أن يجتنبه، ظلمات تراكمت فشبهها الله بحال تلك الظلمات.

 

 

مواضيع ذات علاقة

اسم الموضوع

هجري

تاريخ الموضوع

الإعجاز في علوم الأرض في القرآن الكريم

30 شعبان 1429

2008/08/31

الإعجاز في الكائنات الحية

23 شعبان 1429

2008/08/24