بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

مرحبا بكم مع الشيخ خالدالمغربي - المسجد الأقصى

030

الروم

آية رقم 048

اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ

صدق الله العظيم

 

دور الرياح في إثارة السحب ـ حقائق قرآنية
 

صورة سحاب ركامي

الأستاذ الدكتور سلامه عبد الهادي

عميد كلية علوم الطاقة جامعة جنوب الوادي ـ أسوان

لواء أركان حرب سابق في الجيش المصري

ملخص البحث:

جاء في كتاب الحق سبحانه وتعالى في آيتين منفصلتين فى سورتي فاطر والروم أن الله يرسل الرياح فتثير سحابا.

قال الله تعالى:( اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاء كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) [الروم : 48]. وفي سورة فاطر قوله تعالى:( وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ) [فاطر : 9].

وهذه الكلمات لهـا مدلول علمي معجز يمكن أن نفطن إليه عندمـا  نراجع قوانين الديناميكا الحرارية للهواء الرطب أو مخلوطات الهواء والماء (مرجع 1)، والتعرف على ظاهرة تشبع الهواء ببخار الماء (مرجع 2) عند مروره على سطح الماء، وهذه العملية هي الأساس في معظم عمليات تكييف الهواء، وكذلك في الطرق الحديثة لتحلية مياه البحر، وفى هذا البحث سوف نرى كيف تنبهنا هذه الآيات المعجزة عن أن حركة الرياح هى المثير الرئيسي  لإطلاق البحار بخار الماء المكون للسحاب، وكيف جاء هذا المعني العلمي الذي ذكرته هذه الآيات الكريمة بأدق الألفاظ والكلمات.

المقدمة :

تغطى محيطات المياه المالحة حوالي ثلاثة أرباع سطح الكرة الأرضية، أي حوالي 361 مليون كيلومتر مربع، وتصل أعماق معظم هذه المياه إلى بعد يزيد عن 11521 متر(شق ماريا في المحيط الهادي)، وتصل ملوحة مياه المحيطات في المتوسط إلى 35 جزء في الألف، بينما تتراوح ملوحة مياه البحار بين 31 – 38 جزء في الألف، وتعمل هذه الأملاح على حفظ الماء دون أن يفسد في هذه الأعماق السحيقة للمحيطات، ففي هذه الأعماق يظل الماء ساكنا لفترات طويلة، ولولا هذه الدرجة من الملوحة العالية والتي تتدرج في زيادة التركيز من السطح إلى الأعماق لفسدت مياه البحار، وهكذا يحفظهـا خالقهـا ومدبر أمرهـا من التعطن والتعفن لو كانت بدون أملاح خلال الملايين التي انقضت من عمر الأرض،  وإلى الملايين القادمة التي يشاء الخالق أن تحيى علىالأرض.

 

وقد قدر الخالق أن تكون هذه البحار المالحة خزاناً دائما للمياه العذبة المطلوبة للبشر وجميع الأحياء على وجه الأرض، حيث لا يمكن تخزين المياه عذبة لفترات طويلة، وإلا أصابهـا العفن وأفسدتهـا أنواع كثيرة من البكتيريا والطفيليات.

عمليات تشبع الهواء ببخار الماء:

طبقاً للنظريات الحديثة للديناميكا الحرارية، فإنه عند مرور الهواء الجاف على سطح المياه المالحة، شكل رقم (1)، فإن هذا الهواء الجاف يثير هذه المياه كي تطلق كماً من بخار الماء  العذب، فيعلو سطحهـا كماً من البخار حتى يصبح الهواء المار على أسطح المياه هواء مشبع بالبخار أو تسمى الرطوبة، والرطوبة هى بخار الماء العذب، وعند تشبع الهواء يصل إلى درجة من الاتزان تسمى الاتزان الديناميكي، عندهـا لا يستطيع الهواء تحمل كماً آخر من البخار، بحيث أنه في هذه الحالة  يتعادل ما يتبخر من البحر مع ما يتكثف من البخار الموجود في الهواء، وفى الشكل رقم (1) يدخل الهواء الجاف في اتجاه السهم، وعند مروره على سطح الماء يثيره فيخرج منه بخار ماء حتى يصل الهواء الخارج إلى حالة التشبع ببخار الماء، ويمثل السهم الموجود في الخريطة بالشكل رقم (2) اتجاه تشبع الهواء ببخار الماء حتى يصل إلى نسبة من الرطوبة 100 %، عندها لا يمكن لسطح المياه أن يطلق كماً آخر من بخار الماء  ولا فرصة أمام هذه العملية من أن تتجدد إلا أن يأتي هواء جاف هواء جاف جديد كي يعيد إثارة المياه كي تطلق كماً آخر من بخار المـاء.

شكل رقم (1)

شكل رقم (2)

تكوين السحاب

  وخلال الدورة التي يطلق عليهـا العلماء دورة المياه في الأرض، تتسلط أشعة الشمس على البحار المالحة، فيتصاعد بخار الماء العذب، وتستقبله طبقة الهواء الملامسة لسطح البحر، والتي تستوعب قدراً محدوداً من هذا البخار، حتى يصل هذا الهواء إلى التشبع والبخار، أوحاله لاتزان الديناميكى، حيث تتعادل كمية البخر الصاعد من سطح الماء أو المحيطات المالحة مع كمية تكثف بخار الماء فى الهواء الملامس لسطح البحر، وتزيد قدرة الهواء على امتصاص كمية بخار الماء عند درجة التشبع بزيادة درجات الحرارة، ولهذا يزيد البخر عند سطوع أشعة الشمس.

وعندما يرسل الحق سبحانه وتعالى الرياح لتجوب أسطح المحيطات، تزيل الرياح هذه الطبقة من الهواء المشبع بالبخار والملامسة للبحار وتحملهـا معهـا،  ونظرا لأن كثافة هذا الهواء المشبع تكون أقل من كثافة الهواء الجاف (مرجع رقم 3)، فإن هذا الهواء المشبع بالبخار يتصاعد بتأثير الرياح إلى طبقات الجو العليا حيث تقل درجات الحرارة، وفى هذه الارتفاعات يتكثف بخار الماء  (مرجع رقم 4)، ويتجمع على شكل قطرات من الماء مكونة السحاب المعلق بين الأرض والسماء، وعندما تدفع الرياح هذه الطبقات المشبعة والملامسة لأسطح البحار والمحيطات على مدى هذه المساحات الشاسعة لهذه الأسطح، يحل محلهـا بفعل الرياح  هواء جاف أى غير مشبع بالبخار ، وهنا  تثار أسطح البحار والمحيطات بهذا الهواء الجاف مرة أخرى  وتدفع بكميات أخرى من الماء على شكل بخـار ليتشبع الهواء الملامس لأسطح البحـار مرة أخرى ليصل مرة أخرى  إلى الاتزان الديناميكى، وهذا البخار يرتفع مرة أخرى بفعل الرياح ليستمر تكوين السحاب، وهكذا بتكرر هذه الدورة مرات ومرات، ينشأ السحاب الثقال الذي يسبب المطر من هذا البخار الذى تثيره حركة الرياح الدائمة ، ففي كل مرة تحدث إثارة الرياح لأسطح البحار لتصنع هذا السحاب، وتقدر كمية البخار التي تحملهـا الرياح من البحار سنويا بمقدار 361.000 كم3 كماً تقدر كمية بخار الماء الذي يختزنه الغلاف الجوى في أي وقت  بمقدار135.000 كم3 سنويا.، أما كمية البخار المخزونة في البحار والمحيطات فمقدارها 1.400.000.000.كم3 ، ويمثل الشكل المرفق الاتزان المائي على سطح الأرض (المرجع رقم 5).

الشكل يبين دورة تكون الأمطار من المحيطات

 

صورة لسحب تحمل بخار الماء

المعجم:

من المعجم تأتى كلمة تثير بمعناها فى الآية الكريمة، حيث قال الله تعالى في صفة بقرة بني إِسرائيل: تثير الأَرض ولا تسقي الحرث، وذكر المعجم أَثارَ الأَرضَ: قَلَبَها على الحب بعدما فُتحت مرّة، وحكي أَثْوَرَها على التصحيح .

الآيات الكريمة:

تكررت هذه الكلمتان : "تثير سحابا" فى آيتين كريمتين : الأولى :"الله الذى يرسل الرياح فتثير سحابا" ( الروم / 48) .. والثانية : " الله الذى أرسل الرياح فتثير سحابا " (فاطر / 9) ,,, ومما تقدم يتضح أن تكوين السحاب ينشأ من عملية إثارة دائمة لمحيطات وبحار ماء مالحة، تبدأ بنزع طبقة الهواء المشبعة ببخار الماء والملامسة لسطح مياهها ، فتضطر هذه البحار إلى دفع كماً آخر من الماء العذب على هيئة بخار ماء يتصاعد ليتشبع به الهواء حتى تأتى رياحا أخرى فتتكرر هذه الإثارة، وإذا تخيلنا أن كل متر مربع يمكن أن يتبخر منه في أشعة الشمس كجم في اليوم الواحد على أقل تقدير، فإن جملة ما يمكن أن تحمله الرياح يصل إلى ملايين الأطنان كل يوم من هذه الإثارة الدائمة.

السند اللغوي

ولعلنا نكرر في لغتنا العربية كلمة أن الريح تثير غباراً، عندما تهب الرياح على أرض صحراوية، فيقال أن البحار أثارت غبارا من الأرض.

أوجه الإعجاز (ملخص البحث):

من كان يدرى في عصر رسول الله أن الله يرسل الرياح فتثير سحابا أي بخار ماء عذب من مياه البحار المالحة ، وأن كل ما يأتينا من ماء عذب إلى الأرض ينشأ من إثارة هذه الرياح للبحار والمحيطات  المالحة عندما تنزع عنهـا طبقة الهواء المتشبعة ببخارها والمتزنة بدرجة محددة من التشبع، فتأتى الرياح بهواء جاف متجدد لتثير البحار كى تطلق كماً آخر من بخار عذب يصنع السحاب،  فسبحان الله رب العالمين في آياته التي فصلت من لدن حكيم عليم.

يسعدنا تلقي تعليقاتكم حول المقالة على الإيميل التالي:

salama_abdelhady@hotmail.com

المراجع:

1. K. Wark: Thermodynamics, pp: 415 – 417, McGraw-Hill, New York (2006)

2. K. Wark: Thermodynamics, pp:418 – 422, McGraw-Hill, New York (2006)

3. K. Wark: Thermodynamics, pp: 461 – 464, McGraw-Hill, New York (2006)

4. K. Wark: Thermodynamics, pp: 474 – 478, McGraw-Hill, New York (2006)

5. Peixoto and Kettani, 1973, The Control of the Water Cycle

Scientific American - Vol. 228 -

 

 

تكون الأمطار
 

 بقلم هارون يحيى

قال تعالى : (اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) (الروم:48)  

 ظلت كيفية تكون الأمطار لغزاً كبيراً طويلاً مع الزمن ، ولم يكن من الممكن اكتشاف مراحل تكون الأمطار إلا بعد اكتشاف الرادارات .

ووفقاً لهذه الاكتشافات يتكون المطر على ثلاثة مراحل : في المرحلة الأولى تصعد " المواد الأولية للمطر إلى الهواء مع الرياح ، وبعد ذلك تتشكل الغيوم و بعدها تبدأ قطرات المطر بالظهور .

ووصف القرآن لتكون المطر يذكر هذه العلمية بشكل دقيق ، إذ يقول الله تعالى في وصف تكون المطر بهذه الطريقة :

قال تعالى : ( الله الذي يرسل الرياح فتثير سحاباً فيبسطه في السماء ..

و لنتفحص الآن المراحل الثلاثة التي تحددها الآية بطريقة علمية :

المرحلة الأولى : " الله الذي يرسل الرياح " .

إن فقاعات الهواء التي لا تحصى و التي ترغي في المحيطات قاذفة بجزئيات المياه نحو السماء . بعد ذلك تحمل الرياح هذه الجزيئات الغنية بالأملاح و ترفعها إلى الغلاف الجوي هذه الجزئيات التي تسمى الهباء الجوي تعمل كأفخاخ مائية و تكون قطرات الغيوم عبر تجميع نفسها حول بخار الماء الصاعد من البحار على شكل قطرات صغيرة .

المرحلة الثانية :

( فتثير سحاباً فيبسطة في السماء كيف يشاء و يجعله كسفاً ) .

 تتكون الغيوم من بخار الماء الذي يتكثف حلو بلورات الملح او جزئيات الغبار في الهواء و لأن قطرات المياه في هذه الغيوم صغيرة جداً يبلغ قطر الواحدة منها ما بين 0.01 ـ 0.02 ملم ، فإن الغيوم تتعلق في الهواء و تنتشر في أرجاء السماء ، و بهذا تغطي السماء بالغيوم .

المرحلة الثالثة : ( فترى الودق يخرج من خلاله ) .

إن جزئيات المياه التي تحيط ببلورات الملح  و جزيئات الغبار تتكاثف لتكون قطرات المطر و بهذا فإن المطر الذي يصبح أثقل من الهواء يترك الغيوم و يبدأ بالهطول على الأرض .

وكما نرى فإن كل مرحلة من مراحل تكون المطر مذكورة بالقرآن الكريم ، بل أكثر من ذلك ، فإن هذه المرحلة مشروحة بنفس السياق فكما هو الحال مع كثير من الظواهر الطبيعة الأخرى فقد أعطانا الله سبحانه و تعالى التفسير الصحيح حول هذه الظاهرة أيضاً ، و جعل الأمر معروفاً للناس في القرآن قبل قرون من اكتشافه .

و تذكر آية أخرى من القرآن الكريم المعلومات التالية عن تكون المطر :

( ألم تر أن الله يزجي سحاباً ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاماًُ فترى الودق يخرج من خلاله و ينزل من السماء من جبال ..

إن العلماء الذين يدرسون الغيوم توصلوا إلى نتائج مفاجئة بالنسبة لتكون الغيوم الممطرة .

فالغيوم الممطرة تتكون و تتشكل وفق نظام و مراحل محددة . فمثلاً مراحل تكون الركام و هو أحد أنواع الغيوم الممطرة هي :

المرحلة الأولى : هي مرحلة الدفع حيث تحمل الغيوم أو تدفع بواسطة الرياح .

المرحلة الثانية : هي مرحلة التجمع حيث تتراكم السحب التي دفعتها الرياح مع بعضها البعض لتكون غيمة أكير .

المرحلة الثالثة : هي مرحلة التراكم حيث أن السحب الصغيرة عندما تتجمع مع بعضها فإن التيار الهوائي الصاعد في الغيمة الكبيرة يزداد ، فالتيار الهوائي قرب مركز الغيمة يكون أقوى من التيارات التي تكون على أطرافها ، و هذه التيارات تجعل جسم الغيمة ينمو عمودياً و لذلك فإن الغيمة أو السحابة تتراكم صعوداً . هذا النمو العمودي للغيمة يسبب تمددها إلى مناطق أكثر برودة من الغلاف الجوي  حينما تتكون حبات المطر و البرد و تصبح أكبر ثم أكبر و عندما تصبح حبات المطر و البرد ثقيلة جداً على التيارات الهوائية بحيث يتعذر عليها حملها تبدأ بالهطول من السحب الممطرة على شكل مطر أو حبات برد و غيرها .10

و يجب أن نتذكر دائما أن علماء الأرصاد الجوية لم يعرفوا تفاصيل تكون الغيوم و بنيتها ووظيفتها إلا من خلال استخدام التقينات المتطورة مثل الطائرات و الأقمار الصناعية و الحواسيب و من الواضح إن الله سبحانه وتعالى أعطانا هذه المعلومات عن الغيوم قبل 1400 سنة في زمن لم تكن لتعرف فيه .

 

 

مواضيع ذات علاقة

اسم الموضوع

هجري

تاريخ الموضوع

الإعجاز في علوم الأرض في القرآن الكريم

30 شعبان 1429

2008/08/31