بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

مرحبا بكم مع الشيخ خالدالمغربي - المسجد الأقصى

041

فصلت

آية رقم 053

سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ

صدق الله العظيم

 

معجزتا تنجيم القرآن الكريم وتعدد صور الوحي
 

 الأستاذ الدكتور مصطفى عبد المنعم

أستاذ التشريح وعلم الأجنة بجامعة المدينة المنورة

 بالمملكة العربية السعودية وجامعة المنصورة بمصر

 moustmon@yahoo.com

ملخص البحث

 على مدار حوالي نصف قرن مضى من الزمان، أهتم كثير من الباحثين بتوضيح الترابط بين آيات محددة في القراّن الكريم وحقائق العلم الحديث تحقيقاً لموعود الله تبارك وتعالى { سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ... }فصلت53، وكان من أكثر المجالات التي تحقق فيها هذا الإعجاز هو الآيات المتعلقة بعلم الأجنة، فما من آية في القراّن الكريم تحدثت عن جانب من جوانب خلق الجنين إلا وثبت تطابقها المعجز مع حقائق العلم الحديث، والذي يزيد الأمر إعجازاً أننا إذا جمعنا هذه الآيات بعضها إلى بعض وأعدنا ترتيبها، أمكن أن نكون منها قصة مختصرة ولكنها وافية عن قصة خلق الجنين في رحم أمه، وإذا أسندنا كل موضع إلى وقت تنزيله، نجد وكأن مجموعة من الجُمل المتناثرة التي تُليت على مدار نحو ثلاثة وعشرين سنة فى ظروف مختلفة وسياقات متنوعة بلا ترابط ظاهر قد امتزجت ثم تراصت في ترتيب جديد لتبهرنا في صورتها الجديدة المعجزة أنها منذ أكثر من ألف وأربعمائة سنه وهي تحمل  قصة صادقة مكتملة الأركان لهذا الخلق فى أروع صوره.  لقد كان يكفى أن يَمُنَّ اللهُ تعالى علينا بآية واحدة في مجال علم الأجنة لتثبت لغير المؤمنين في زمن العلم أنه الحق، ولكن شاءت إرادة الله أن يَمُنَّ علينا بآيات كثيرة في هذا الباب وألا تنزل هذه الآيات في موضعٍ واحد وسياقٍ متتابع ولكنها نزلت منثورة كالؤلؤ في ثنايا الكتاب الكريم وكأن الله تعالى يقيم علنا حجة بعد حجة ويهدينا إلى نور بعد نور حتى لا يترك مجالاً لمرتاب و{...لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ }الأنفال42 . إن كون الآيات الكونية المتعلقة بعلم الأجنة قد نزلت منجمة على مدار زمن التنزيل كله من أول العهد الكى (كما فى سورة القلم) وحتى أواخر العهد المدني (كما في سورة الحج) لهو دليل صدق يعجز عنه أحاد البشر مهما علا كعبهم  بل جميعهم وصدق الله العظيم القائل فى كتابه الكريم {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً } الإسراء88. وإذا رغبنا في إبراز المزيد من الإبهار، فإن بعض دلائل هذا الإعجاز العلمي قد وردت في أحاديث متعددة للرسول عليه الصلاة والسلام بنسق يخالف نسق القرآن الكريم وبيان يوافق ويفصل ما جاء في هذا الكتاب الكريم مصداقاً لقوله تعالى (إن هو إلا وحي يوحى، علمه شديد القوى).

 تقديم: القراّن الكريم هو  ( كلام الله تعالى المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم المتعبد بتلاوته) (الرومى ،1416ه). وقد نزل القراّن الكريم على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم مفرقاً في ثلاث وعشرين سنة، ثلاث عشرة سنة في مكة وعشر سنين في المدينة (الجديع،1422ه) والدليل على تفرق هذا النزول وتنجمه قول الله- تعالت حكمته- فى سورة الإسراء، {وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً }الإسراء106  وقوله في سورة الفرقان  {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً }الفرقان32 (3). وقد تتابع نزول القرآن خلال هذه المدة الطويلة، فكانت تنزل السورة مرة، وتنزل الآية أو الآيات مرة أخرى، فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ضعوا هذه الآية في موضع كذا من سورة كذا، حتى تم نزول هذا الكتاب الكريم قبيل وفاة النبي عليه الصلاة والسلام   (زرزور،1401). أما الحديث الشريف فهو: ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قولٍ أو فعلٍ أو تقرير أو صفة. (الطحان/15). والحديث الصحيح هو: ما أتصل سنده بنقل العدل الضابط عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علّه. (الطحان/34). وقد وردت العديد من الأحاديث النبوية الصحيحة أيضاً تحمل إعجازاً مبهراً في مجال علم الأجنة، أخبر بها الرسول صلى الله عليه وسلم أيضاً على مدار زمن الرسالة في سياقات متعددة ومواقف شتى. وسوف نستعرض بإذن الله تعالى طائفة من الآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة    ونٌظهرُ ملمحاً جديداً للإعجاز يضاف إلى  الإعجاز المفرد في كل آية  أو حديث على حده. الدراسة: من الناحية العلمية يمكن لنا أن نلخص خطوات تطور الجنين فى القصة القصيرة التالية: تتكون الجاميتات الذكرية والأنثوية للأب والأم على التوالي أثناء مرحلتهما الجنينية بانتقال بعض الخلايا من جدار كيس المح إلى المنطقة المحصورة بين العمود الفقري وعظام الصدر. ولاحقاً عند التزاوج والجماع، تخرج الحيوانات المنوية من حوالي  300 مليون حيوان منوي، لا يصل إلى البويضة إلا حوالي 300 حيوان منوي وينجح واحد فقط من هذه الحيوانات المنوية فى إختراق الحواجز التي تحمي البويضة. وفور دخوله تفرز البويضة مواد خاصة تحول دون دخول حيوانات أخرى إليها. وبمجرد دخول الحيوان المنوي إلى البويضة يبدأ اختلاط المادة الوراثية للجاميتات الذكرية والأنثوية مكونة مشيج خليط. وبمجرد اختلاط المادة الوراثية للذكر والأنثى يتم إعادة ترتيب المادة الوراثية الجديدة بصورة تتقدر فيها مجمل خصائص  هذا الكائن الجديد. وتكون كل من الجاميتات الذكرية والأنثوية فى صورة قطرة سائل دقيقة قبل الاختلاط وحتى بعد الاختلاط أثناء رحلتها خلال قناة فالوب إلى الرحم وحتى وقت الإنغراس ببطانة الرحم  وذلك لوجود غلاف أبيض يحيط بالنطفة الأمشاج ويمنع تغير الشكل الخارجي والحجم الكلى للنطفة الأمشاج. وبعد حوالي أسبوع من الإخصاب تفقد  النطفة الغلاف الأبيض الخارجي وتلتصق بجدار الرحم ثم تبدأ فى الإنغراس فيه مثل حبة الزرع التي تنغرس فى تربة الأرض. ويعتبر الرحم هو المكان الوحيد في الجسم المهيىء والممكن من أداء الوظيفة المتعلقة باستقرار الجنين ونموه أثناء فترة الحمل. وبعد حوالى أسبوعين من الإخصاب يتعلق الجنين بالمشيمة البدائية بواسطة ساق اتصال حيث يعتمد عليها فى غذائه ويكون شكله مشابهاً لطفيل العلق ونظراً لبدء تكون خلايا  الدم فيه مع عدم بدء الدورة الدموية الجنينية فإنه يشبه في مظهره الخارجي قطعة الدم الجامدة. تبدأ القطع الجسدية للميزوديرم فى التميز عند اليوم العشرين ويلاحظ أنه ما بين اليوم الرابع والعشرين وحتى اليوم الأربعين يكون شكل الجنين مثل قطعة اللحم الممضوغ سواء من حيث حجمها الصغير (حوالى1سم عند40 يوماً) أو من حيث التغيرات المستمرة فى شكلها الخارجي أو من حيث ظهور القطع الجسدية بصورة تشبه آثار الأسنان على قطعة لحم. فى الأسبوع السابع يتم بداية تكوين العظام. وفى الأسبوع الثامن تنتشر العت وتغطى العظام. ومنذ بداية الشهر الثالث يكون الهدف الأساسي لتطور الجنين هو النمو والنضج الوظيفي لأجهزة الجسم.  وبصورة عامة، لا يمكن أن تكتب للجنين فرصة للبقاء إذا ولد قبل ستة أشهر وذلك بصفة أساسية لتأخر الاكتمال التركيبي والوظيفي للجهاز التنفسي. ويمكن للطفل المولود لستة أشهر فأكثر أن يكمل نموه خارج الرحم بحضانات خاصة مجهزة. ولذلك يمكن أن يطلق على الفترة من ستة أشهر وتسعة أشهر بالحضانة الرحمية.وعند الولادة، يتم إفراز عدد من الهرمونات التي تؤدى إلى أتساع عنق الرحم ونعومته واختفائه في جسم الرحم تدريجياً مع  انقباض عضلات جسم الرحم وقبتة كما ترتخي بعض الأربطة التي ترتبط بعظام الحوض حتى يمكن أن تحدث شياً من التباعد بين العظام وفى النهاية ينفجر الكيس الأمنيوسى المحيط بالجنين ويندفع السائل الأمنيوسى الموجود به ليطهر مجرى الولادة ويمهد السبيل لولادة ميسرة. إن هذه القصة يمكن أن ننسب كل جزء من أجزائها إلى بعض آيات القراّن الكريم كما يأتي:

 1)  تتكون الجاميتات الذكرية والأنثوية للأب والأم على التوالي أثناء مرحلتهما الجنينية بانتقال بعض الخلايا من جدار كيس المح إلى المنطقة المحصورة بين العمود الفقرى وعظام الصدر.

 

قال تعالى: {فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خلق من ماء دافق * يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ } الطارق 5-7

2) عند الجماع، تخرج الحيوانات المنوية مندفعة لتلتقى بالبويضة.

 

قال تعالى: {فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خلق من ماء دافق} الطارق 5-6.

3) من حوالي 300 مليون حيوان منوى، لا يصل إلى البويضة إلا حوالي 300 حيوان منوي وينجح واحد فقط من هذه الحيوانات المنوية في اختراق الحواجز التي تحمي البويضة.

قال تعالى: {ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ } السجدة8 والسلالة هي ما يستخلص من الشيء.

4) بمجرد دخول الحيوان المنوي إلى البويضة يبدأ اختلاط المادة الوراثية للجاميتات الذكرية والأنثوية مكونة مشيج خليط.

 

قال تعالى: { إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيرا}الإنسان2

5) بمجرد إختلاط المادة الوراثية للذكر والأنثى يتم إعادة ترتيب المادة الوراثية الجديدة بصورة تتقدر فيها مجمل خصائص هذا الكائن الجديد.

قال تعالى:{ مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ } عبس19

6) تكون كل من الجاميتات الذكرية والأنثوية في صورة قطرة سائل دقيقة قبل الاختلاط وحتى بعد الاختلاط أثناء رحلتها خلال قناة فالوب إلى الرحم وحتى وقت الإنغراس ببطانة الرحم وذلك لوجود غلاف أبيض يحيط بالنطفة الأمشاج ويمنع تغير الشكل الخارجي والحجم الكلي للنطفة الأمشاج.

قال تعالى: {خَلَقَ الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ } النحل4

7) بعد حوالي أسبوع من الإخصاب تفقد النطفة الغلاف الأبيض الخارجي وتلتصق بجدار الرحم ثم تبدأ فى الإنغراس فيه مثل حبة الزرع التى تنغرس فى تربة الأرض.

 

قال تعالى: {نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} البقرة223 والحرث هو موضع الغرس.

8) يعتبر الرحم هو المكان الوحيد فى جسم المرأة المهيىء والممكن من أداء الوظيفة المتعلقة باستقرار الجنين ونموه أثناء فترة الحمل.

 

{ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ } المؤمنون13

9) بعد حوالى أسبوعين من الإخصاب يتعلق الجنين بالمشيمة البدائية بواسطة ساق إتصال حيث يعتمد عليها فى غذائه ويكون شكله مشابهاً لطفيل العلق ونظراً لبدء تكون خلايا الدم فيه مع عدم بدء الدورة الدموية الجنينية فإنه يشبه فى مظهره الخارجى قطعة الدم الجامدة.(Sadler,2004-P59)

 

{خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ } العلق2 {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاء إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ } الحج5 10) يبدأ الميزوديرم المجاور للمحور فى التميز بداية من اليوم العشرين فى صورة قطع جسدية. ويلاحظ أنه مابين اليوم الرابع والعشرين وحتى ما بعد نهاية الأسبوع الخامس بقليل يكون شكل الجنين مثل قطعة اللحم الممضوغ سواء من حيث حجمها الصغير (حوالى1سم عند40 يوماً) أو من حيث التغيرات المستمرة فى شكلها الخارجى أو من حيث ظهور القطع الجسدية بصورة تشبه اَثار الأسنان على قطعة لحم..(Sadler,2004-P93-114)

قال تعالى: {ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ }المؤمنون14

11) في الأسبوع السابع تتكون العظام.

 

قال تعالى: {ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ } المؤمنون14

12) في الأسبوع الثامن تنتشر العضلات وتغطى العظام. The first indication of limb musculature is observed in the seventh week (Sadler,2004-P203)

قال تعالى: {ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ }المؤمنون14

13) منذ بداية الشهر الثالث يكون الهدف الأساسى لتطور الجنين هو النمو والنضج الوظيفى لأجهزة الجسم. .

 

{ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ } المؤمنون14 14) بصورة عامة، لا يمكن أن تكتب للجنين فرصة للبقاء إذا ولد قبل ستة أشهر وذلك بصفة أساسية لتأخر الإكتمال التركيبى والوظيفى للجهاز التنفسى. ويمكن للطفل المولود لستة أشهر فأكثر أن يكمل نموه خارج الرحم بحضانات خاصة مجهزة. ولذلك يمكن أن يطلق على الفترة من ستة أشهر وتسعة أشهر بالحضانة الرحمية.

قال تعالى: ﴿وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً﴾ (سورة الأحقاف : 15) وقال تعالى: ﴿... وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ ... ﴾ (سورة لقمان : 14) وقال تعالى: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ﴾ (سورة البقرة : 233). تدل على أن أدني مدة للحمل هي ستة أشهر، وبهذا أفتى أمير المؤمنين على بن أبي طالب رضي الله عنه وأقره على ذلك الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، وبه قال المفسرون. 15) عند الولادة، يتم إفراز عدد من الهرمونات التي تؤدى إلى أتساع عنق الرحم ونعومته وإختفائه في جسم الرحم تدريجياً مع إنقباض عضلات جسم الرحم وقبتة كما ترتخي بعض الأربطة التى ترتبط بعظام الحوض حتى يمكن أن تحدث شيئاً من التباعد بين العظام وفى النهاية ينفجر الكيس الأمنيوسى المحيط بالجنين ويندفع السائل الأمنيوسى الموجود به ليطهر مجرى الولادة ويمهد السبيل لولادة ميسرة.

{ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ }عبس20 ويمكن ترتيب هذه الأحداث بالصورة الآتية.

المرحلة

الآية

زمن نزول الآية
1) تتكون الجاميتات الذكرية والأنثوية للأب والأم على التوالى أثناء مرحلتهما الجنينية بانتقال بعض الخلايا من جدار كيس المح إلى المنطقة المحصورة بين العمود الفقرى وعظام الصدر.

{فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خلق من ماء دافق * يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ }الطارق 5-7

مكية-35
2) عند الجماع، تخرج الحيوانات المنوية مندفعة لتلتقى  بالبويضة

{فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خلق من ماء دافق}الطارق 5-6.

مكية-35

3)من حوالى  300 مليون حيوان منوى، لا يصل إلى البويضة إلا حوالى 300 حيوان منوى وينجح واحد فقط من هذه الحيوانات المنوية فى إختراق الحواجز التى تحمي البويضة.

{ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ }

السجدة8

مكية 69

 

4) بمجرد دخول الحيوان المنوى إلى البويضة يبدأ إختلاط المادة الوراثية للجاميتات الذكرية والأنثوية مكونة مشيج خليط.

{ إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً }

مدنية 12

5) بمجرد إختلاط المادة الوراثية للذكر والأنثى يتم إعادة ترتيب المادة الوراثية الجديدة بصورة تتقدر فيها مجمل خصائص  هذا الكائن الجديد.

{مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ}

عبس19

 

مكية32

6) تكون كل من الجاميتات الذكرية والأنثوية فى صورة قطرة سائل دقيقة قبل الإختلاط وحتى بعد الإختلاط أثناء رحلتها خلال قناة فالوب إلى الرحم وحتى وقت الإنغراس ببطانة الرحم  وذلك لوجود غلاف أبيض يحيط بالنطفة الأمشاج ويمنع تغير الشكل الخارجى والحجم الكلى للنطفة الأمشاج.

{خَلَقَ الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ }النحل4

 

مكية 64

7)    بعد حوالى إسبوع من الإخصاب تفقد  النطفة الغلاف الأبيض الخارجى وتلتصق بجدار الرحم ثم تنغرس فيه مثل حبة الزرع التى تنغرس فى تربة الأرض.

{نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}البقرة223

 

مدنية-1

8)  يعتبر الرحم هو المكان الوحيد فى جسم المرأة  المهيىء والممكن من أداء الوظيفة المتعلقة بإستقرار الجنين ونموه أثناء فترة الحمل.

{ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ }

المؤمنون13

مكية68

9)  بعد حوالى أسبوعين من الإخصاب يتعلق الجنين بالمشيمة البدائية بواسطة ساق إتصال حيث يعتمد عليها في غذائه ويكون شكله مشابهاً لطفيل العلق ونظراً لبدء تكون خلايا  الدم فيه مع عدم بدء الدورة الدموية الجنينية فإنه يشبه في مظهره الخارجى قطعة الدم الجامدة.

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ .....)الحج5

 {خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ }العلق2

مدنية 18

10)   يبدأ الميزوديرم المجاور للمحور في التميز بداية من اليوم العشرين في صورة قطع جسدية. ويلاحظ أنه مابين اليوم الرابع والعشرين وحتى ما بعد  نهاية الأسبوع الخامس بقليل يكون شكل الجنين مثل قطعة اللحم الممضوغ سواء من حيث حجمها الصغير (حوالى1سم عند40 يوماً) أو من حيث التغيرات المستمرة في شكلها الخارجى أو من حيث ظهور القطع الجسدية بصورة تشبه اَثار الأسنان على قطعة لحم.

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ..........}الحج5

مدنية 18

11) في الأسبوع السابع تتكون العظام.

{ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ }المؤمنون14

مكية-68

12)  في الأسبوع الثامن تنتشر العضلات وتغطى العظام.

{ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ }المؤمنون14

مكية-68

13)   منذ بداية الشهر الثالث يكون الهدف الأساسى لتطور الجنين هو النمو والنضج الوظيفى لأجهزة الجسم.

 

{ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ }المؤمنون14

مكية-68
14) بصورة عامة، لا يمكن أن تكتب للجنين فرصة للبقاء إذا ولد قبل ستة أشهر وذلك بصفة أساسية لتأخر الإكتمال التركيبى والوظيفى للجهاز التنفسى. ويمكن للطفل المولود لستة أشهر فأكثر أن يكمل نموه خارج الرحم بحضانات خاصة مجهزة. ولذلك يمكن أن يطلق على الفترة من ستة أشهر وتسعة أشهر بالحضانة الرحمية.

قال تعالى: ﴿وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً﴾(سورة الأحقاف : 15)

وقال تعالى:﴿.. وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ .. ﴾(سورة لقمان : 14)

وقال تعالى: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ﴾(سورة البقرة : 233).

مكية-60

مكية-65

مدنية-1

 

10) عند الولادة، يتم إفراز عدد من الهرمونات التى تؤدى إلى إتساع عنق الرحم ونعومته وإختفائه فى جسم الرحم تدريجياً مع إنقباض عضلات جسم الرحم وقبتة كما ترتخى بعض الأربطة التى ترتبط بعظام الحوض حتى يمكن أن تحدث شياً من التباعد بين العظام وفى النهاية ينفجر الكيس الأمنيوسى المحيط بالجنين ويندفع السائل الأمنيوسى الموجود به ليطهر مجرى الولادة ويمهد السبيل لولادة ميسرة.

{ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ }عبس20

 

مكية-23

وبمراعاة ترتيب نزول السور( ) وترتيب ورود الآيات في نفس السورة. يمكن أن نرتب نزول الآيات الدالة على تطور الجنين كما وردت القراّن الكريم على النحو التالي

مسلسل الآية المكي والمدني ترتيب النسبي للنزول
1

{فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خلق من ماء دافق * يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ}الطارق 5-7

مكية35 5
2

{فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خلق من ماء دافق} الطارق 5-6.

مكية35 4
3

{ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ }السجدة8

مكية69 8
4

{ إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً}الإنسان2

مدنية 12 16
5

{ مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ } عبس19

مكية 23

 

2
6

{خَلَقَ الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ} النحل4

مكية 64 7
7

{نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}البقرة223

مدنية 1 15
8

{ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ }

المؤمنون13

مكية68 8
9

{خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ }العلق2

{ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} المؤمنون14

مكية 1

مكية68

1

9

10

{ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِين}  َالمؤمنون14

مكية68 10
11

{ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ}    المؤمنون14

مكية68 11
12

{ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِين} المؤمنون14

مكية68 12
13

{ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ}المؤمنون14

مكية68 13
14

قال تعالى: ﴿وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً﴾ (سورة الأحقاف : 15)

وقال تعالى: ﴿... وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ ... ﴾ (سورة لقمان : 14)

وقال تعالى: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ﴾ (سورة البقرة : 233).

مكية60

مدنية56

مدنية1

 

6

17

14

 

15

{ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ }عبس20

مكية23 3

﴿وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى﴾ (النجم: 45، 46).

وقد وردت أيضاً نصوصاً فى السنة النبوية تتحدث عن بعض مسائل علم الأجنة مثل:

 1) عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه قال: سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العزل؟ فقال: (ما من كل الماء يكون الولد، وإذا أراد الله خلق شيء لم يمنعه شيء). رواه مسلم فى النكاح(2/1063).

والحديث يحمل أكثر من دلالة منها أنه ليس كل ماء الرجل يدخل في تكوين الولد.

وحقائق علم الأجنة تخبرنا أنه مع أن كل ملليليتر من السائل المنوي يحمل حوالي 20 مليون من الحيوانات المنوية. إلا أن هذا العدد الهائل إنما يشغل حوالى 1% فقط من الحجم. ومن مجمل حوالي 100- 120 مليون حيوان منوي تخرج في المرة الواحدة، فإنه لا يصل منها إلى البويضة إلا حوالى 400 حيوان منوي ينجح واحد منها فقط فى اختراق البويضة.

 2) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ: " إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا...)متفق عليه.

صورة لجنين فى عمر 42 يوماً إن الجنين في هذا العمر قد تكونت فيه جميع أجهزة الجسم بصورة مبدئية، ومع ذلك فإن طوله يبلغ حوالي 1سم. وفوق هذا فإن جسمه ملتف على نفسه حتى تتقارب أطرافه . ولعله لا توجد كلمة في اللغة العربية يمكن أن تعبر عن كل هذه المهانى مجتمعة في أقل عدد من الكلمات مثل قوله صلى الله عليه وسلم (يُجمعُ خلقه).

المناقشة:

عن ابن عباس، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم لأربعين سنة، فمكث بمكة ثلاث عشرة سنة يوحى إليه، ثم أمر بالهجرة، فهاجر عشر سنين، ومات وهو ابن ثلاث وستين سنة. متفق عليه. وحدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا محمد بن بشار حدثنا ابن أبي عدي عن هشام بن حسان عن عكرمة عن ابن عباس قال أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن أربعين فأقام بمكة ثلاث عشرة وبالمدينة عشراً وتوفي وهو ابن ثلاث وستين قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ و حَدَّثَنَا الْأَنْصَارِيُّ حَدَّثَنَا مَعْنٌ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ أنَسًا يَقُولُ لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالطَّوِيلِ الْبَائِنِ وَلَا بِالْقَصِيرِ الْمُتَرَدِّدِ وَلَا بِالْأَبْيَضِ الْأَمْهَقِ وَلَا بِالْآدَمِ وَلَيْسَ بِالْجَعْدِ الْقَطَطِ وَلَا بِالسَّبِطِ بَعَثَهُ اللَّهُ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً فَأَقَامَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرًا وَتَوَفَّاهُ اللَّهُ عَلَى رَأْسِ سِتِّينَ سَنَةً وَلَيْسَ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شَعْرَةً بَيْضَاءَ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيح .

لقد كانت مدة نزول القراّن الكريم ثلاثاً وعشرين سنة، لأن مدة مقام النبي صلى الله عليه وسلم في مكة كان ثلاث عشرة سنة إتفاقاً ومقامه في المدينة عشر سنوات على أشهر الروايات (علوم القراّن/71). علوم القراّن- مدخل إلى تفسير القراّن وبيان إعجازه- الدكتور عدنان محمد زرزور- رئيس قسم العقائد والأديان بكلية الشريعة وأستاذ التفسير والحديث بكلية الآداب جامعة دمشق. المكتب الإسلامي - الطبعة الأولى- 1401ه-1981م.

 وابتدأ هذا الإنزال من مبعثه عليه الصلاة والسلام وانتهى بقرب انتهاء حياته الشريفة. وتقدر هذه المدة بعشرين أو ثلاثة وعشرين أو خمسة وعشرين عاماً تبعاً للخلاف في مدة إقامته صلى الله عليه وسلم في مكة بعد البعثة، أكانت عشر سنين أو ثلاث عشرة أم خمس عشرة سنة. أما مدة إقامته بالمدينة فعشر سنين إتفاقاً كذلك قال السيوطي. مناهل العرفان (1/46) مما لا يكاد يخفي على أحد فإن الكتب المتقدمة لم يكن شاهد صحتها ودليل كونها من عند الله تعالى إعجازها وأما القرآن الكريم فبينة صحته آية كونه من عند الله تعالى نظمه المعجز الباقي على مر الدهور المتحقق في كل جزء من أجزائه المرقدة بمقدار أقصر السور حسبما وقع به التحدي ولا ريب في أن ما يدور عليه فلك الإعجاز هو المطابقة لما تقتضيه تفسير أبو السعود 6/215 فإن قيل: ما السر في نزول القراّن الكريم منجماً؟ وهل أنزل كسائر الكتب جملة؟ تهذيب وترتيب الإتقان في علوم القراّن، الإمام جلال الدين عبد الرحمن السيوطى، بقلم محمد بن عمر بن سالم بازمول، الطبعة الأولى 1412ه-1992م، دار الهجرة للنشر والتوزيع، الرياض، المملكة العربية السعودية.

أجيب بأن لنزول القراّن منجماً حكماً عديدة منها: أولا: تثبيت قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثانياً: تيسير حفظه وفهمه. ثالثاً: مسايرة الحوادث. رابعاً: التدرج فى التشريع وتربية الأمة. خامساً:إستمرار التحدي. سادساً:الدلالة على مصدر القراّن وأنه من عند الله وليس في قدرة البشر. دراسات في علوم القراّن-اد/ فهد بن عبد الرحمن بن سليمان الروحي أستاذ الدراسات القرآنية كلية المعلمين بالرياض. مكتبة التوبة-1416ه .

وهذا الجانب الأخير؛ أي الدلالة على مصدر القراّن الكريم وأنه من عند الله وليس في قدرة البشر؛ هو الهدف من هذه الدراسة التطبيقية على جانب واحد من جوانب لا تنتهي من إعجاز القراّن الكريم. إن دراسة الآيات المتعلقة بعلم الأجنة تظهر صورة الإعجاز المبهر في كل جانب من مفرداتها عند دراستها كلُّ على حدة. كما تظهر إعجازاً فوق إعجاز حين نجد هذه الآيات قد تنزلت على مدار نحو ثلاث وعشرين سنة في ظروف مختلفة وسياقات متنوعة. ولم تتعارض أياً من هذه المعاني في السياقات المختلفة مع أي من مثيلاتها على امتداد زمن التنزيل. وهذه معجزة وضع ضابطها القراّن الكريم في قوله تعالى: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً }النساء82. ثم تأتي المعجزة التالية أن هذه الآيات ليست فقط لا تتعارض وإنما هي تتكامل لتتشكل من مفرداتها قصة علمية متكاملة الأركان متينة البنيان. فلو أن القراّن الكريم قد نزل فيه آية واحدة في مجال علم الأجنة لكفت ولكنه أنزل آيات عديدة. ولو أن هذه الآيات نزلت في موضع واحد من سورة واحدة لكفت ولكن سيكون التحدي تحدياً واحداً لقوله تعالى في سورة البقرة {وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ }البقرة23 ولقوله تعالى فى سورة يونس {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }يونس38. فبتعدد السور التي نزلت بها آيات خلق الجنين يتكرر التحدي وذلك أحد أسباب تنجيم آيات القراّن الكريم كما ورد في كتب الأصول (دراسات). ومما يزيد الإعجاز في هذا الأمر روعة بعد روعة أن الآيات لم تنزل متتابعة فى أحداثها على مدار زمن التنزيل، وإنما نزلت متناثرة لا ترتبط بتتابع زمن التنزيل ولا حتى بترتيب المصحف على صورته النهائية. ولكنها بقيت منثورة فى ثناياه حتى زمن العلم حين ثبت بالدليل العلمي القطعي تطابق ما جاء في كتاب الله مع حقائق العلم. فلو حدث أن وافق قول لبشر أحد حقائق العلم لأدى مدعى أن ذلك حدث اتفاقا بدون قصد ومع ما في ذلك الإدعاء من جور، إلا أن هذا المدى لا يمكن أن يكرر دعواه إذا لم يكن ذلك قولاً واحداً بل أقوالٌ كثيرة ورغم أن هذه الأقوال فى حقيقتها تتآلف إلا أنها نزلت متناثرة غير مرتبة على مدار نحو ثلاثٍ وعشرين سنة وهو ما يجزم مرة بعد مرة بمعجزة هذا التنزيل ولا يترك احتمال الشك لشّاك أو الريبة لمرتاب. ولو أردنا إضافة معجزة أخرى للتحدي فماذا يقول المرتاب لو ذكرنا له أن أبواباً من هذا الإعجاز في خلق الجنين قد جاءت بسياقٍ اّخر غير سياق القراّن الكريم ولغة أخرى غير لغة القراّن الكريم وذلك فى الأحاديث الصحيحة الثابته عن رسول الله صلى الله عليه ونكتفي هنا بحديثين :

 الأول: عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه قال: سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العزل؟ فقال: (ما من كل الماء يكون الولد، وإذا أراد الله خلق شيء لم يمنعه شيء). رواه مسلم فى النكاح(2/1063).

والثانى:عنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ: ( إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا...) (متفق عليه) إن العلم الحديث قد أثبت أن لكل فرد أسلوبه اللفظي المميز الذي ينفرد به عن الآخرين حتى يمكن من خلال البرامج الحديثة إثبات زيف نسب أحد الكتب لكاتب معين نظراً للاختلاف البين في الأسلوب. إن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يحمل هو الآخر إعجازاً علمياً رائعاً مع اختلافه البين في الأسلوب لهو دليل صدقٍ يضاف إلى ما سبق من أدلة.

وأختم بكلام نفيس لفضيلة الشيخ/ محمد عبد العظيم الزرقاني

 (إننا نلمح هنا سراً جديداً من أسرار الإعجاز ونشهد سمة فذة من سمات الربوبية ونقرأ دليلاً ساطعاً من مصدر القراّن وأنه كلام الواحد الديان " ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيرا" وإلا فحدثني بربك- كيف تستطيع أنت أم كيف يستطيع الخلق جميعاً أن يأتوا بكتابٍ محكم الاتصال والترابط، متين النسج والسرد، متآلف البدايات والنهايات مع خضوعه فى التأليف لعوامل خارجية عن مقدور البشر وهى وقائع الزمن وأحداثه التي يجيء كل جزء من أجزاء هذا الكتاب تبعاً لها ومتحدثا عنها، سبباً بعد سبب، وداعية إثر داعية، مع اختلاف ما بين هذه الدواعي، وتغاير ما بين هذه الأسباب، ومع تراخى زمان هذا التأليف، وتطاول آماد هذه النجوم إلى أكثر من عشرين عاماً. لا ريب أن هذا الانفصال الزمانى، وذلك الاختلاف الملحوظ بين تلك الدواعي يستلزمان في العادة التفكك والانحلال، ولا يدعان مجالاً للارتباط والاتصال بين نجوم هذا الكلام.)

(مناهل العرفان في علوم القراّن- الشيخ/ محمد عبد العظيم الزرقانى- دار الكتاب العربى- بيروت- الطبعة الأولى-ج1/60-62).

 يستقبل الدكتور مصطفى عبد المنعم أسألتكم على الإيميل التالي : moustmon@yahoo.com

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


المراجع العربية:

المقدمة

 1- اد/ فهد بن عبد الرحمن بن سليمان الرومي- دراسات فى علوم القراّن- مكتبة التوبة- الرياض- الطبعة الأولى-1416ه.

 2- عبد الله بن يوسف الجديع- المقدمات الأساسية في علوم القراّن- مركز البحوث الإسلامية-ليدز-بريطانيا- الطبعة الأولى-1422ه- 2001 م- ص46.

 3- مناهل العرفان (1/46)

 4- علوم القراّن- مدخل إلى تفسير القراّن وبيان إعجازه- الدكتور عدنان محمد زرزور- رئيس قسم العقائد والأديان بكلية الشريعة وأستاذ التفسير والحديث بكلية الاّداب جامعة دمشق. المكتب الإسلامي - الطبعة الأولى- 1401ه-1981م.

 5 - تيسير مصطلح الحديث. أد/محمود الطحان. مكتبة المعارف. الرياض. الطبعة الثامنة 1407ه-1987م.

 

 

 

الساعة البيولوجية
 

 الدكتور/ مصباح سيد كامل

قال الله تعالى:}سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الحَقُّ  أَوَ لَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيد ٌ {(  فصلت53)

الجانب الشرعي للموضوع ( الساعة البيولوجية )

أولاً : الآيات القرآنية

(فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَاناً ذَلِكَ تَقْدِيرُ العَزِيزِ العَلِيم)[سورة الأنعام: 96].

(وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتاً أَوْ هُمْ قَائِلُون)سورة الأعراف :4]

(هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُون)[سورة يونس:67].

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الحُلُمَ مِنكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِّن قَبْلِ صَلاةِ الفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ العِشَاء)[سورة النور:58].

(ألَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُون)[سورة النمل:86].

(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاءٍ أَفَلاَ تَسْمَعُونَ)[سورة القصص:71].

(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ)[سورة القصص:72].

(وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)[سورة القصص:73].

(وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُون)[سورة الروم:23]

(اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُون)[سورة غافر:61].

المستفاد من الآيات

جعل الله سبحانه وتعالى للإنسان دورة يومية منتظمة مع تعاقب الليل والنهار، فخص النهار بالسعى والعمل وخص الليل بالراحة والسكون، وجعله باردا مظلما وجعل برده سببا لضعف القوى المحركة وظلمته سببا لهدوء االحواس الظاهرة (الألوسى ـ روح المعانى)،وأكثر من ذلك جعل لكل فترة من فترات الليل والنهار خاصية منفردة فذكر التبكير فى اليقظة صباحا (ثلث الليل الأخير) للصلاة-قيام الليل- ثم صلاة الصبح ثم جعل القيلولة فى الظهيرة وهى الراحة، أو النوم منتصف النهار(الألوسى ـ روح المعانى)

ثم أمر بالمحافظة على الصلاة الوسطى (صلاة العصر) وبالنسبة لليل حث على الاستيقاظ فى الثلث الأخير للتهجد، وأكثر من ذلك استثنى أصحاب الأعمال الضرورية مثل الحراسة والخدمات الضرورية للعمل ليلا وبذا يكون معظم الليل سكون وراحة ونوم إلا فترة محددة(الثلث الأخير) ومعظم النهار سعى وعمل ونشاط إلا فترة محددة (الظهيرة)

وهذا يتوافق تماما كما سنرى مع الإيقاع البيولوجى ( الساعة البيولوجية) الذى يضبط عمل الجسم .

الأحاديث النبوية وهدى المصطفى صلى الله عليه وسلم

}حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم  قَالَ أَغْلِقُوا الأَبْوَابَ بِاللَّيْلِ وَأَطْفِئُوا السُّرُجَ وَأَوْكُوا الأَسْقِيَةَ وَخَمِّرُوا الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ وَلَوْ أَنْ تَعْرُضُوا عَلَيْهِ بِعُودٍ {  (مسند الإمام أحمد)

}عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم  قَالَ إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلاةِ فَلْيَرْقُدْ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا صَلَّى وَهُوَ نَاعِسٌ لَعَلَّهُ يَذْهَبُ يَسْتَغْفِرُ فَيَسُبُّ نَفْسَهُ {(مسلم)

}عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِي اللَّه عَنْه قال جَاءَ ثَلاثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم  يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم   فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا فَقَالُوا وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم  قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ قَالَ أَحَدُهُمْ أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا وَقَالَ آخَرُ أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلا أُفْطِرُ وَقَالَ آخَرُ أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا فَجَاءَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم  إِلَيْهِمْ فَقَالَ أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي  {(البخارى).

}حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ قَالَ سَمِعْتُ عَبْد َاللَّهِ بْنَ عَمْرٍو رَضِي اللَّهم عَنْهمَا قَالَ لِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَقُومُ اللَّيْلَ وَتَصُومُ النَّهَارَ قُلْتُ إِنِّي أَفْعَلُ ذَلِكَ قَالَ فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ هَجَمَتْ عَيْنُكَ وَنَفِهَتْ نَفْسُكَ وَإِنَّ لِنَفْسِكَ حَقًّا وَلِأَهْلِكَ حَقًّا فَصُمْ وَأَفْطِرْ وَقُمْ وَنَمْ {البخارى 

}حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ خَيْثَمَةَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم  لَا سَمَرَ بَعْدَ الصَّلَاةِ يَعْنِي الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ إِلَّا لِأَحَدِ رَجُلَيْنِ مُصَلٍّ أَوْ مُسَافِرٍ {مسند أحمد

 وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم  وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ فِي السَّمَرِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ فَكَرِهَ قَوْمٌ مِنْهُمُ السَّمَرَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَرَخَّصَ بَعْضُهُمْ إِذَا كَانَ فِي مَعْنَى الْعِلْمِ وَمَا لَا بُدَّ مِنْهُ مِنَ الْحَوَائِجِ وَأَكْثَرُ الْحَدِيثِ عَلَى الرُّخْصَة.

المستفاد من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم

1- تخصيص الليل للسكون والراحة إلا ثلث الليل الأخير للصلاة والذكر والتفكر.

2- النوم المبكر بعد صلاة العشاء إلا لحاجة.

3- الحض على تهيئة الجو المناسب للراحة والسكينة بالليل وذلك بالأمر بإطفاء المصابيح عند النوم والنهى عن الطرق الفجائى بالليل وكلها مؤثرات خارجية هامة تؤثر على الساعة البيولجية كما سنرى.

4- النهى عن مواصلة الصلاة بالليل (النافلة) عند الشعور بالإرهاق والنوم وفى هذا إستجابة لمتطلبات الجسم الطبيعية.

5- النهى عن مواصلة العمل حتى فى العبادات دون إعطاء البدن حقه وتلبية إحتياجاته الفطرية والغريزية.

الجانب العلمى للموضوع ( الساعة البيولوجية )

الإيقاع الدورى البيولوجى

هو التغير الدورى من حد أدنى الى حد أقصى ثم الى حد أدنى فى نشاط العضو وذلك وفق خطة زمنية ثابتة لا تتغير وهو أحد الخصائص الهامة للمادة الحية ويوجد عند كل الأحياء من وحيدى الخلية إلى الانسان وأيضا على كل المستويات فى الكائن الحى الواحد : أجهزة -  أعضاء- أنسجة – خلايا- مركبات الخلايا(مرجع 6).

خصائص الإيقاع

 • يكون محدداً أصلاً بالوراثة , وغير مكتسب.

• ثابت داخل الجنس الواحد (الفأر- نشاط ليلى -راحة نهارية – الانسان نشاط نهارى- راحة ليلية).

• لا يتوقف وجوده على العوامل الخارجية مثل الضوء والظلام ولكن يتكيف معها بتغيرات تتناول مدة الايقاع بالزيادة والنقصان. (مرجع6 )

التصميم الزمنى للجسم

كل الأجهزة و الوظائف  والأعضاء تعمل ضمن خطة شاملة متوذانة هدفها خدمة مصلحة الجسم العليا ( حياتة وسلامته) (التكامل والتناسق)

مثلاً: ينشط أثناء النهار : الجهاز العصبى - القلب والدورة الدموية والتنفس ويزداد إفراز الهرمونات التى توفر الطاقة مثل الكورتيزون  (قمة صباحية) والهرمون الحاث لافراز الكورتيزون قبله بساعة.

 وأثناء الليل يزداد نشاط الإفراذات التى تؤدى الى راحة واسترخاء أجهزة الجسم مثل الميلاتونين -البورستاجلاندين- الجهاز العصبى غير الودى- الخلايا اللمفاوية وكرات الدم البيضاء لتعزيز دفاعات الجسم ولذا غالباً ما تأتى الحمى بالليل كما  يقل هرمون الكورتيزون وبالتالى تنشط وسائل المناعة حيث يتلاشى التأثير المثبط للمناعة لهذا الهرمون. (مرجع 9)

الساعـــة البيولوجية

هى التى تتولى توجيه الإيقاع الدورى والتصميم الزمنى بشكل ثابت ومنسق .

أين توجد ؟

توجد فى النواة فوق التصالبية بالدماغ وايضا فى الخلايا الأخرى والأنسجة حيث أظهرت البحوث أن قطع رأس ذبابة الفاكهة لا يفصل الإيقاع الدورى البيولوجى . (مرجع19 )

 

ما الذي يقود الساعة البيولوجية؟

توجد جينات تسمى بير Per، تيم Tim lessتتأثر بدورة الظلام والضوء فتنخفض مع الضوء الساطع وتزداد فى الظلام فإذا زادت كميتها تتحد معا ثم تقوم عن طريق التغذية الاسترجاعية بوقف نشاط الجينات التى صنعتها ثم تتحلل ثم تبدأ الدورة من جديد

 ويوجد جينان يسميان كلوك ويا مال يتحدان مع جينى بير وتيم لتنشيطهما وبدء تشغيل الساعة البيولوجية وهذه الجينات الأربع تشكل قلب الساعة البيولوجية وتبدأ الدورة فى منتصف النهار ثم تتراكم البروتينات حتى تصل ذروتها قبل الفجر ثم تتناقص لتبدأ دورة جديدة وهكذا  ( مرجع 10,13) 

المؤثرات الخارجية على الساعة البيولوجية

ينبغى التنبيه إلى أن الساعة البيولوجية مدعمة ذاتيا وتعمل بصورة فطرية وأن المتغيرات أو المؤثرات الخارجية تعمل فى إطار إعادة ضبط الساعة مع زيادة أو نقص الدورات البيولوجية:

الضوء والظلام      ـ اليقظة والنوم            - الضوضاء والسكون

هذه المؤثرات الخارجية تعمل على إعادة تكيف الساعة البيولوجية مع الدورة البيئية السائدة وذلك عن طريق التغير الكمى والنوعى فى الجينات التى تتحكم فى ضبط الساعة البيولوجية مما يؤدى بدوره إلى متغيرات فى الوظائف العضوية للسلوك (مرجع 14).

الضــــــــــــــوء

   ينشط افراز هرمونات النشاط مثل الهرمون الحاث لافراز الكورتيزون وهرمون الذكورة (منتصف النهار بالضبط ) ويقل إفراز الميلاتونين وذلك عن طريق الغدة الصنوبرية

       تحدد عدد ساعات الإضاءة الوقت الذى يبلغ فيه الإيقاع البيولوجى ذروته.

   ـ يبدأ نشاط الجهاز العصبى الودى فى الازدياد وهو المنشط لافرازات الهرمونات النشطة وكذلك سرعة ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم وزيادة الطاقة المطلوبة للنشاط وزيادة الدورة الدموية للمخ لزيادة الإنتباه والتركيز والتوافق الحركى (مرجع6 ) 

       زيادة افراز الكورتيزون

       زيادة السكر وتحليل الدهون والبروتينات

       للحصول على الأحماض الأمينية

       زيادة الطاقة المطلوبة للنشاط النهارى .

فى منتصف النهار

·   ترتفع نسبة التستوستيرون إلى القمة.

·  لا يزال مستوى هرمون الادرنالين مرتفع.

·  الإحساس بالجوع يؤدى إلى التوتر.

·   قمة أخرى لافراز الأدرنالين (2ـ 4م)

·  زيادة النشاط القلبى بحيث يجب تجنب الإجهاد فى هذه الفترة  (من الظهر ـ القيلولة ).

·    لقد بين "إلترغام " و"دوبسون " أن احتمال توقف القلب يزداد أثناء الفترة الممتدة بين الساعة الواحدة والساعة الثالثة بعد الظهر وكذلك بين السادسة والتاسعة مساءاً.

·   ودعمت هذه النتائج بأبحاث "جلستون" كما بيّن "جوى" وجود تغيرات فى تخطيط القلب(نزول الفاصل S.T) أثناء التمرين بالنسبة لمرضى ضيق شرايين القلب التاجية أو ما يسمى بالذبحة الصدرية، ولقد نزل الفاصل س-ت(S.T) إلى حده الأقصى فى الساعة الثامنة صباحاً والثانية عشرة صباحاً .

·    كما أن "ديوار" وجد أن الجلطة القلبية تحدث أثناء الليل، كما تحدث أيضاً بصفة عامة بين الرابعة والسادسة مساء . كما أن "صمولنسكى" وجد أن أحد أعلى معدلات التنويم فى المستشفى من أجل جلطة قلبية يكون أيضاً الساعة الثامنة مساءاً.

·  ومن الملاحظ أنه فى حالة مرض ارتفاع ضغط الدم لم يتغير الإيقاع الدورى المعروف لسرعة نبض القلب، ولقيمة ضغط الدم، ولهرمونات الكاتيكول أمين . (مرجع12)

ونستنتج ما يلي :

1.    أن المضاعفات الخطيرة لمرضى القلب تقع فى فترة بعد الظهر .

2.  إن إفراز الأدرينالين يحافظ على قمته حتى فى الحالة المرضية، وهى ارتفاع ضغط الدم، بحيث أن هذه القمة تحدث بعد الظهر كما فى الحالة السوية .

ومن الواضح أنه يكون من الأسلم لمرضى القلب ومرضى ارتفاع الضغط أن يلتزموا بفاصل من الاسترخاء والراحة يقطعون به انشغالهم بالحياة اليومية فى فترة بعد الظهر، مما يزيح عن القلب جزءاً من المجهود، وبالتالى يمنعه من تجاوز خط الإجهاد الأحمر الذى يحدث فيه المكروه، كما بينته الإحصائيات السابقة

العشـــــــاء

- افراز الميلانونين.                                     - نشاط الجهاز العصبى الغير ودى .

- انخفاض دقات القلب و حرارة الجسم.                                - الميل للنوم .

يقل افراز الكورتيزون . تنشط المناعة.

التغييرات الفسيولوجية خلال 24 ساعة

 

الساعة 

الحدث

1 صباحا

النساء الحوامل غالبا ما يبدأن فى الوضع

2 صباحاً

خلايا محصنة تسمى الكريات الليمفاوية المساعدة (تى)تكون فى ذروتها

4 صباحاً

مستويات هرمون النمو تكون فى قمة ارتفاعها

6 صباحاً

يغلب حدوث نوبات الربو .

-غالباً ما تبدأ دورة الحيض .

 تكون مستويات الأنسولين فى الدم فى أقل مستوياتها.

 يبدأ ضغط الدم ومعدل ضربات القلب فى الارتفاع ترتفع مستويات هرمون التوتر "الكورتيزول" .

7 صباحاً

تبدأ مستويات الميلاتونين فى الانخفاض مخاطر النوبة القلبية والسكتة الدماغية تكون فى أعلى معدلاتها .

-       -تكون التهابات المفاصل "الروماتيد" فى أسوأ أعراضها.

-يكون مستوى الكريات الليمفاوية المساعدة "تى" فى أقل مستوى أثناء النهار و يكون مستوى الهيموجلوبين فى الدم فى قمته .

3 عصراً

تكون سيطرة القوة ومعدل التنفس والحساسية المنعكسة فى أعلى معدل لها .

4 عصرا

تكون درجة حرارة الجسم ومعدل النبض وضغط الدم فى ذروتها .

 6 مساءً

إدرار البول يكون فى أعلى معدل له .

 9 مساءً

بداية الألم فى أقل معدلاته

11مساءً

غالب حدوث استجابات الحساسية

(مرجع7 )

الشكل التالي يبين النشاطات القلبية والهرمونية لجسم الإنسان خلال ال 24 ساعة

أثر التدخل الحضاريعلى الساعة البيولوجية

-       نوبات العمل الليلية

-       السفر بالطيران لمسافات طويلة مع وجود فوارق واضحة فى الساعات

-       السهر ليلا والنوم نهار ( عكس الدورة الطبيعية )

-       الإجهاد القلبى والعضلى فترة ما بعد الظهر ( لارتفاع الادرنالين وضغط الدم والنشاط القلبى

-       النشاط العضوى والنفسى والعقلى أدنى مستوى فى الثالثة صباحا

وجوه الإعجاز فى القرآن والسنة

-       صلاة الفجر وتأثيرها

-       وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة 

-       وهو الذى جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا 

}قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاءٍ أَفَلاَ تَسْمَعُونَ (71) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ (72) وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (73) {سورةالقصص

-   هذه اللفتات الإعجازية التى وردت فى القرآن الكريم فى الآيات السابقة تتناول تنظيم الايقاع البيولوجى للجسم وتضمن تناسق النشاط البدنى والذهنى للمسلم مع إيقاع الساعة البيولوجية

-   فالنشاط النهارى (الاستيقاظ المبكر لصلاة الصبح والسعى للرزق والحث على ذلك فى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم كل ذلك يتوافق مع ذروة هرمونات النشاط التى تفرز فى الجسم عن طريق الساعة البيولوجية فالطاقة متوفرة والاستعداد تام والتناسق متحقق

-       والقيلولة فى وقت الظهيرة (وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة )

-   تزيل التوتر الناتج من جراء وجود نسبة من هرمونات النشاط والادرنالين والكورتيزون وكذلك القيمة المرتفعة لهرمون التستوستيرون والتى قد تتطلب الإشباع الجنسى فى ذلك الوقت وكذلك تعطى الفرصة للجسم لأخذ قسط من الراحة والبعد عن التوترات استعدادا للقمة والثانية لافراز الأدرينالين والتى تمتد بين الثانية والرابعة ظهرا .

-   صلاة العصر ( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ) ـــ متوافق مع قمة الادرنالين ـ تؤدى إلى البعد عن التوتر والاسترخاء

-   والسكون الليلى : حيث تفرز الهرمونات التى تعمل على استرخاء الجسم (الميلاتونين) يقل نسبة الهرمونات النشطة ( الكورتزول ـ الإدرنالين ) ويسود الجهاز العصبى الغيرودى وتنشط المناعة وتستعيد دفاعات الجسم قوتها ومكانتها لتعمل على إصلاح وتعويض ما تبدد أثناء النشاط النهارى

-   ولا توجد جلبة ولا أصوات ولا أضواء تثير الجهاز العصبى وتؤدى إلى التوترات العصبية والنفسية بل والحث على تخصيص جزء الليل الاخير قبل الفجر للصلاة حيث صفاء الذهن واستعداد الجسم لاستقبال الضوء كمؤشر لبدء الدورة البيولوجية الجديدة فى ميعاد منضبط

-   كما أن اليقظة فى هذا الوقت المبكر تعطى فرصة لتفادى الأزمات القلبية وحوادث النزيف المخى التى تحدث فى هذه الأوقات وذلك بتنبيه الإنسان الى اتباع الاحتياطات المرضية وتناول الدواء واستدعاء الأطباء إذا حدث مثل هذا

-   وأيضا المشى إلى المساجد هذا الوقت ( حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم) كنوع من الرياضة يؤدى إلى خفض ضغط الدم وتقليل إحتمالات الأزمات القلبية والمخية

مواعيد الصلاة وارتباطها بمواعيد حيوية فى فسيولوجيا الجسم

1-يستيقظ المسلم فى الصباح ليصلى صلاة الصبح وهو على موعد مع ثلاث تحولات مهمة

أ.    الاستعداد لاستقبال الضوء فى موعده، مما يخفض من نشاط الغدة الصنوبرية وينقص الميلاتونين وينشط العمليات الأخرى المرتبطة بالضوء .

ب.      نهاية سيطرة الجهاز العصبى (غير الودى)المهدئ ليلاً وانطلاق الجهاز(الودى) المنشط نهاراً .

ج.  الاستعداد لاستعمال الطاقة التى يوفرها ارتفاع الكورتيزول صباحاً. وهو ارتفاع يحدث ذاتياً، وليس بسبب الحركة والنزول من الفراش بعد وضع الاستلقاء.كما أن هرمون السيرتونين يرتفع فى الدم وكذلك الأندرفين .

2- يصلى المسلم الظهروهو على موعد مع ثلاثة تفاعلات مهمة:

أ.    يهدئ نفسه بالصلاة إثر الارتفاع الأول لهرمون الأدرينالين آخر الصباح

ب.          يهدئ نفسه من الناحية الجنسية حيث تبلغ التستوستيرون قمته فى الظهر

ج.   تطالب الساعة البيولوجية الجسم بزيادة الامدادات من الطاقة إذا لم يقع تناول وجبة سريعة .

وبذلك تكون الصلاة عامل مهدئ للتوتر الحاصل من الجوع .

3-يصلى المسلم العصر مع التأكيد البالغ على أداء هذه الصلاة لأنها مرتبطة بالقمة الثانية للأدرينالين، وهى قمة يصحبها نشاط ملموس فى عدة وظائف، خاصة النشاط القلبى.

كما أن أكثر المضاعفات عند مرضى القلب تحدث بعد هذه الفترة مباشرة ، مما يدل على الحرج الذى يمر به هذا العضو الحيوى فى هذه الفترة .

ومن الطريف أن أكثر المضاعفات عند حديثى الولادة تحدث أيضا فى هذه الفترة حيث أن موت الأطفال حديثى الولادة يبلغ أقصاه فى الساعة الثانية بعد الظهر، كما أن أكثر المضاعفات لديهم تحدث بين الثانية والرابعة بعد الظهر.

وهذا دليل آخر على صعوبة الفترة التى تلى الظهر بالنسبة للجسم عموما والقلب خصوصا. (أغلب مشاكل الأطفال حديثى الولادة هى مشاكل قلبية تنفسية ) وحتى البالغين الأسوياء تمر أجسامهم فى هذه الفترة بصعوبة بالغة حيث يرتفع ببتيد خاص يؤدى إلى حالة قلة التركيز والميل إلى النوم مما يؤدى إلى حوادث وكوارث رهيبة .

وتعمل صلاة العصر على ربط الإنسان بأعمالها ومنعه من الانشغال بأي شئ آخر اتقاء لهذه المضاعفات .

4 ـ أما صلاة المغرب :

فهى موعد التحول من الضوء إلى الظلام ، وهو عكس ما يحدث فى صلاة الصبح ، ويزداد إفراز الميلاتونين بسبب قدوم الظلام فيحدث الاحساس بالنعاس والكسل ، وبالمقابل ينخفض السيروتونين والكورتيزول والاندرورفين .

5 ـ أما صلاة العشاء :

فهى ، موعد الانتقال من النشاط إلى الراحة عكس صلاة الصبح ، وتصبح محطة ثابتة لانتقال الجسم من سيطرة الجهاز العصبى (الودى) إلى سيطرة الجهاز (غير الودى )

لذلك فقد يكون هذا هو السر فى سنة تأخير هذه الصلاة إلى قبيل النوم للانتهاء من كل المشاغل ثم النوم مباشرة بعدها . وفى هذا الوقت تنخفض حرارة الجسم وتنخفض دقات القلب وترتفع هرمونات الدم .

ومن الجدير بالملاحظة أن توافق هذه المواعيد الخمسة مع التحولات البيولوجية المهمة فى الجسم ، يجعل من الصلوات الخمس منعكسات شرطية مؤثرة مع مرور الزمن.

فيمكن أن نتوقع أن كل صلاة تصبح فى حد ذاتها إشارة لانطلاق عمليات ما ، حيث إن الثبات على نظام يومى فى الحياة ذو محطات ثابتة،  كما يحدث فى الصلاة مع مصاحبة مؤثر صوتى وهو الأذان. يجعل الجسم يسير فى نسق مترابط جدا مع البيئة الخارجية.

ونحصل من جراء ذلك على انسجام تام بين المواعيد البيولوجية داخل الجسم ، والمواعيد الخارجية للمؤثرات البيئية كدورة الضوء ودورة الظلام ، والمواعيد الشرعية بأداء الصلوات الخمس فى مواقيتها . (مرجع6 )

هدى الرسول صلى الله عليه وسلم  فى النوم والاستيقاظ .

‌أ.  تتوافق مواعيد النوم بعد العشاء مباشرة والاستيقاظ المبكر لصلاة الليل ثم الصبح مع مواعيد الساعة البيولوجية التى تنظم عمل الأجهزة فى الجسم حيث تبدأ دورة منضبطة مع استقبال أول ضوء وحتى حلول الظلام " النهى عن السمر بعد العشاء "

‌ب.    يتوافق الاستيقاظ المبكر لصلاة الفجر مع تلافى الارتفاع المفاجئ لضغط الدم وحدوث الأزمات القلبية ونزيف المخ نتيجة لذلك كما أن السعى للمسجد فى هذا الوقت هو نوع من رياضة البدن التى تؤدى الى التقليل من ارتفاع ضغط الدم وتحسين وضع الدهون فى الدم وإزالة التوتر العصبى وقد ثبت ضلوعها فى حدوث الأزمات القلبية والمخية

ج.    يتوافق اطفاء السرج ( الأضواء ) مع دخول وقت النوم وذلك لأن الضوء مؤثر خارجى قوى يغير من دورة الساعة البيولوجية ويجعلها غير منتظمة . وكذلك النهى عن الطرق ليلا وعدم الضوضاء

‌د. التوجيه النبوى يقطع الصلاة إذا نعس المسلم بعنى الاستجابة والتوافق مع الساعة البيولوجية وعدم إعنات الجسم وتحميله فوق طاقته بالاستمرار فى السهر ليلا وهو محل السكون والراحة وإذا كان هذا فى الصلاة فهو فى غيرها أولى وأحق بالإتباع .

هـ. عدم إطالة النوم بالليل والاستيقاظ فى ثلثه الأخير يتوافق مع ما اثبتته الأبحاث مؤخرا من أن هذا النهج هو النهج السليم الذى يمنع حدوث اضطراب دورة النوم كما أن إطالة ساعات النوم عن هذا الحد تؤدى إلى اطالة فترات الظلام وبالتالى تؤثر على الساعة اليولوجية وينتج عن ذلك دورة غير منضبطة بالنسبة لليل والنهار مع تأثير ذلك على جميع وظائف الجسم وبرهان ذلك فى إضطراب النوم والاضطرابات العصبية والنفسية (مرجع11 )

‌و. النهى عن إطالة فترات العبادة وعدم النوم والهدى الصحيح باتباع الناموس الكونى أى يعطى البدن حقه ، وكذلك عدم الكبت والزواج المشروع لتفريغ الطاقة الجنسية وهذا يتوافق مع الإيقاع البيولوجى الفطرى للإنسان

الخلاصــــــــة

أ.      سبق الإسلام بهديه فى القرآن والسنة الذى يحفظ الجسم وينظم عمله ليتوافق مع الكون ونواميسه إذا أن الجميع خلق من مخلوقات الله الذى أعطى كل شئ خلقه ثم هدى

‌ب.    إعجاز القرآن فى آياته الباهرة التى نظمت هذا الإيقاع الدقيق وربطته فى تناسق عجيب ومدهش مما يدل على لطف الخالق الخبير فتبارك الله أحسن الخالقين 

ج.    الهدى النبوى والاحاديث الشريفة التى لا تنطق عن الهوى والتى سبقت جميع الكشوف العلمية الحديثة فى إدراك النظام البيولوجى والتوافق معه فى دقة شديدة لايمكن أن تكون محض صدفة بل هى مشكاة واحدة خرج منها الخلق والتوجيه والوحى وانتظمت كل ذلك فما تركت شاردة ولا واردة إلا أحصتها ونظمتها ليستقيم سعى الإنسان وتنتظم حياته وتتوافق مع تسخير الله جميع مخلوقاته لخدمته .

د.     فمن ذا الذى ألهم محمدا صلى الله عليه وسلم ذلك التوافق العجيب منذ أربعة عشر قرنا من الزمان وهو الذى لا يكتب ولا يقرأ وهذه الكشوفات لم يتعد عمرها بضع سنوات حتى الآن أليس هو خالق السموات والأرض جاعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا ذلك تقدير العزيز العليم.

نبذة عن سيرة الدكتور مصباح سيد كامل محمد

لمراسلة المؤلف

 Kamel20_10@yahoo.com   

 


المراجع العربية

1.                    القرآن الكريم.

2.                    فتح الباري- شرح صحيح البخاري – دار الريان للتراث-الطبعة الثالثة 1407

3.                  صحيح مسلم – الموسوعة الإلكترونية للحديث

4.                  مسند الإمام أحمد

5.      الألوسى(أبوالفضل شهاب الدين السيد محمود) روح المعانى فى تفسير القرآن العظيم والسبع المثانى. دار الفكر.بيروت1414-1994م.

6.      الإستشفاء بالصلاة د. زهير رابح قرامى-هيئة الإعجاز العلمى فى القرآن والسنة - رابطة العالم الإسلامى1417 هــ -الطبعة الأولى

7.                  دالإعجاز العلمى - العدد السادس- محرم1421- الساعة البيولوجية.

المراجع الأجنبية


8.                .Arther C.Guyton-Textbook of Medical Physiology-7th edition Sanders.

9.                .William Textbook of Endocrinology.Sunders 1985-7th edition

10.             .10.Ricki Lewis- A Survey Of Clock Genes- The Scientist, Vol:9, #24, pg.14 , December 11/1995.

11.             .11.Karima Burns, MH, ND- Studies Show Fajr Prayer is Healthy

12.             Martin Moore-Ede, M.D., Ph.D. Circadian Rhythms and Your Biological Clock.  12/2002.

13.             Louis J. Ptacek, M.D( ).: First Human Circadian Rhythm Gene Identified-  journal Science January 12, 2001.

14.             Michael W. Young, ( Rockefeller University in New York, and director of the NSF Science and Technology Center for Biological Timing at Rockefeller): "Light Sets the Molecular Controls of Circadian Rhythm". In the Lab Issue: Oct, 1998.

15.             Mark Caldwell The clock in the cell.(biologists believe they     have found the mechanism that regulates a cell's cyclical responses)(Brief Article) In the Lab Issue: Oct, 1998 .

16.             .Joseph Takhashi, an HHMI investigator at Northwestern University. Molecular and Genetic Analysis of the Mammalian Circadian Clock System. In the Lab April 19, 2002.

17.             .Michael Rosbash, Ph.D.Investigator,Brandeis University Molecular Genetics of RNA Processing and Behavior. In the Lab September 24, 2002.

18.Moore RY.Circadian rhythms: basic neurobiology and clinical applications.Annu Rev Med. 1997;48:253-66.

19.van Esseveldt KE, Lehman MN, Boer GJ.The suprachiasmatic     nucleus and the circadian time-keeping system revisited.Brain Res Brain Res Rev. 2000 Aug;33(1):34-77.

 

 

مواضيع ذات علاقة

اسم الموضوع

هجري

تاريخ الموضوع

الإعجاز في جسم الإنسان في القرآن الكريم

06 شعبان 1429

2008/08/07