بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

مرحبا بكم مع الشيخ خالدالمغربي - المسجد الأقصى

056

الواقعة

آية رقم 071

أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ

صدق الله العظيم

 

أفرايتم النار التي تورون ؟
 
 في السطور القليلة القادمة سنعيش مع قول ربنا سبحانه وتعالى : (الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ)[1] لنرى العلاقة بين الشجر الأخضر بالذات والنار ، ولنعلم أن القرآن الكريم سبق كل مختبرات النبات الحديث ، وقرر أن هناك علاقة وطيدة بين النار والشجر والخضر وأن البحث في هذه الآية واجب شرعي حيث أمرنا الله سبحانه وتعالى بالبحث في مصدر النار التي نقدحها ونوقدها.

فقال تعالى : (أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ {71} أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنشِؤُونَ {72} نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِّلْمُقْوِينَ)[2].

إذا بحثنا في الأصل النار والطاقة الحرارية على الأرض لوجدنا أن مصدرها الأصلي هو الشمس وأن المثبت الأول لطاقة الشمس الضوئية على الأرض هو النبات والنبات الأخضر بالذات . فهو الذي يقتنص الطاقة الضوئية الشمسية ويحولها إلى طاقة كيميائية بعملية البناء الضوئي (Photosynthesis) في وجود الخضر أو اليخضور والذي يسمى بالكلوروفيل ( Chlorophyll) في عملية تغذية ضوئية ذاتية ( Photoautotrophic) حيث يثبت النبات ثاني أكسيد الكربون من البيئة المحيطة ، ويعطي المواد الغذائية والمواد العضوية الغنية بالطاقة والتي منها الكربوهيدرات والزيت والخشب والمطاط وخلافه ، والتي تتحول بعد موت النبات إلى فحم وزيت بترول وغازات طبيعية وخلافه من مواد الطاقة المستخدمة في حياتنا قديماً وحديثاً .

وإذا غاب اللون الأخضر هلك النبات، وإذا هلك النبات توقف البناء الضوئي واختفت كل صور الطاقة السابقة، وأنعدمت الحياة على الأرض واختلت نسبتها ثاني أكسيد الكربون والأوكسجين وتوقفت كل دورات الحياة عليها.

إذاً عندما يربط القرآن الكريم بين النار والشجر الأخضر فهذا إعجاز وسبق علمي كبير وعندما يطلب الله سبحانه وتعالى منا أن نتفكر في أمر النار التي نقدحها فإنما يدلنا على أعظم عملية حيوية تتم على سطح كرتنا الأرضية .

والإنسان عندما يقدح الحجارة أو عيدان الثقاب ، أو أي آلة أخرى إخترعها لإنتاج الطاقة فإنه في البداية استغل طاقة جسمية في ذلك العمل وأن هذه الطاقة مصدرها الغذاء الذي يتناوله وأن النبات الأخضر هو مصدرها هذا الغذاء والطاقة التي يعيش عليها الإنسان .

وعندما يجد الإنسان مصدراً للإشعال فإنه يحتاج إلى المواد العضوية من خشب وزيت وفحم وبترول وغاز طبيعي لكي تستمر عملية الإشعال والإشعال لإنتاج الطاقة .

والكائنات الحية الدقيقة التي تتغذى تغذية ذاتية كيميائية (Chemoautotrophi) أو تغذية غير ذاتية Heterotrophic أو تغذية مختلطة (Mixotrophic )  أو تغذية مختلطة ( Mixotrophic) لتعطي المواد الغذائية والطاقة الحيوية هذه الكائنات تستغل الطاقة التي ثبتها النبات سابقاً بعملية البناء الضوئي في وجود اللون الأخضر.

والحيوان عندما يستخدم في إنتاج الطاقة، فإننا نستغل طاقة الغذاء فيه، التي سبق للنبات أن جهزها له بعملية البناء الضوئي في وجود اللون الأخضر .

مما سبق نفهم أن الرابط بين الشجر والخضرة والنار إعجاز علمي كبير يحتاج إلى علم ومختبرات وبحوث ودراسات متقدمة ، فهل كان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عالماً بعلم الشكل الظاهر للنبات وعلم وظائف الأعضاء (فسيولوجي) للنبات والحيوان، وعلوم البيئة والكيمياء والفيزياء والجيولوجيا حتى يقرر هذه الحقيقة العلمية الهائلة في كلمات بليغة موجزة (الذي جعل لكم من الشجر الأخضر ناراً فإذا أنتم منه توقدون ).

فهل بعد ذلك يشكك المرجفون في إعجاز القرآن الكريم ويطلبون منا أن نكف عن البحث بين كلماته لنرى المعجزات التي أودعها الله تعالى فيه والتي تستخدم الأسلوب العلمي المادي بين المادي في ترسيخ الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر .

وهل للمسلمين من عبرة وعظة وصحوة علمية حتى يحققوا خلافتهم في الأرض وذلك بالعلم والبحث العلمي، أم أنهم آثروا الذل والصغار وقرروا أن يعيشوا عالة على أعداء الله، يفكرون لهم ويطعمونهم ثم يشككونهم في دينهم وقرآنهم ونبيهم وقوة الدفع الذاتية عندهم .

ولذلك ربطت الآيات بعد ذلك بين قدرة الله سبحانه وتعالى وهذه النعم، حيث قال بعد آية سورة يس السابقة مباشرة:( أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ {81} إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ )[3]

ثم قال عقب آيات سورة الواقعة : ( نحن جعلناها تذكرة ومتاعاً للموقين فسبح باسم ربك العظيم ).

وهذا يدلل على أن الهدف والغاية من كل هذه الآيات هو إذعان العبد لله سبحانه وتعالى رب كل شيء ومليكه وأننا إذا أعددنا نعم الله علينا ما أحصيناها .

وأن من يكفر بهذه النعم فمآله إلى العذاب والنار ، ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومآله إلى الجنة والنعم المقيم .

المصدر : كتاب آيات معجزات من القرآن وعالم النبات  (حمل الكتاب من قسم كتب للتحميل)

تأليف الدكتور نظمي خليل أبو العطا دكتور الفلسفة في العلوم ( نبات) جامعة عين شمس .


[1]  سورة يس 80

[2]  سورة الواقعة 73

[3]  سورة يس

 

 

معجزة النار و الخشب
 
 قال تعالى: ( أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ {71} أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنشِؤُونَ {72} نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِّلْمُقْوِينَ {73} فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ {74}[سورة الواقعة ].

يتألف الخشب كما هو معروف من مادة كيميائية أساسية هي السللوز ، و يوجد السللوز في القطن بشكل نقي ، بينما يوجد في الخشب بشكل مشوب . و يتركب السللوز كيميائياً من ثلاثة عناصر أساسية هي  : الهيدروجين و الأكسيجين و الكربون ( الفحم ) . و من معجزات الله تعالى و شمول عظمته أنه من هذه العناصر الثلاثة فقط أمكن حتى الآن تركيب أكثر من مليون مركب كيماوي ، و ذلك حسب اختلاف ارتباط هذه العناصر و انتظامها بالنسبة لبعضها ، و هذه المركبات هي التي تدعى ( المركبات العضوية ) . و هي على الأغلب يتم صنعها و تركيبها في النبات . و من هذه المركبات ( السللوز ) .

إن هذه المادة الكيميائية يركبها النبات من مواد أولية مشاعة و متوفرة بدون ثمن ، هي : الهواء ( الأكسجين و غاز الفحم ) و الماء و أشعة الشمس . و كل هذه المواد موجودة بكميات وافرة تحت تصرف كل إنسان و بدون ثمن . ولقد جهد العلماء الكيميائيون على تقليد مادة الخشب ( السللوز ) فلم يستطيعوا أن يصنعوا و لا فتاتة واحدة من الخشب ، فجاء الإعجاز الإلهي يخاطبهم قائلاً : أيها المعتدّون بأنفسهم و المنكرون لقدرة الله ، إن كنتم قادرين و عالمين فاصنعوا قطعة من خشب من هذه المواد الأولية المتوفرة لديكم و تحت تصرفكم و هي الهواء و الماء و أشعة الشمس فإن عجزتم فاعلموا أن هناك قوة قادرة مفكرة أعلى من قوتكم و تفكيركم يمكنها صنع ذلك .

فهذه هي النباتات و الأشجار تصنع مادة الخشب ليل نهار من تلك المواد الأولية التي لا قيمة لها .

هذه ناحية من نواحي الإعجاز في ( معجزة الخشب ) و الناحية الأخرى هي أن مادة الخشب تتركب من الماء و هي ضد النار ، ثم هي بعد تركيبها من الماء تعتبر من أعظم مصادر النار .

المصدر : كتاب " الله و الإعجاز العلمي في القرآن " تأليف لبيب بيضون  ماجستير في العلوم

 

 

مواضيع ذات علاقة

اسم الموضوع

هجري

تاريخ الموضوع

الإعجاز في علوم الأرض في القرآن الكريم

30 شعبان 1429

2008/08/31

الإعجاز في النباتات

25 شعبان 1429

2008/08/26