بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

مرحبا بكم مع الشيخ خالدالمغربي - المسجد الأقصى

057

الحديد

آية رقم 025

لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ

صدق الله العظيم

 

 

نقص الحديد وأثره على صحة الإنسان
 

الصورة في اليمين تظهر خلايا دم حمراء لشخص مصاب بالأنيميا (فقر الدم) وفي اليسار خلايا دم حمراء طبيعية

إعداد الأستاذ سمير جابر جلال

مدرس مادة العلوم في مدارس مصر ـ السعودية
 

إن الحديد من العناصر المهمة للجسم فهو يدخل في تركيب هيموجلوبين الدم و يكسبه المقدرة على نقل الأكسيجين من الرئتين إلى أنسجة الجسم المختلفة حيث يؤكسد ما بها من طعام فيولد الطاقة الحرارية اللازمة لقيام الجسم بوظائفه.وبدون الحديد يفقد الدم خواصه الحياتية حيث إن الدم هو الحياة ذاتها وهو يمثل 6 % تقريبًا من وزن الجسم.

 

قال تعالى ( َلقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ) الحديد 25

الحديد أُنُزل إلى الأرض ولم يكن ضمن عناصرها فهو المعدن الوحيد الذي حير العلماء من معادن الأرض فذرات الحديد لها تكوين مميز.. إن الالكترونات والنيترونات في ذرة الحديد لكي تتحد تحتاج إلى طاقة هائلة تبلغ أربع مرات مجموع الطاقة الموجودة في مجموعتنا الشمسية.. ولذلك لا يمكن أن يكون الحديد قد تكون على الأرض.. ولابد أنه عنصر غريب وفد إلى الأرض ولم يتكون فيها.

يقول الله تعالى (فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ ) ولقد ثبت علميًا وطبيًا أن نقص الحديد بجسم الإنسان يسبب مرض فقر الدم ( الأنيميا ) والضعف العام فالحديد هو مصدر قوة الإنسان وبأسه ( البأس هو الشدة ) في لسان العرب.

وعند نقص الحديد يعجز نخاع العظام عن توليد عدد كاف من كرات الدم الحمراء لعدم وجود الحديد الذي يعتبر ضروريًا في تركيب الهيموجلوبين.

كذلك كمية الهيموجلوبين في كل كرية حمراء تكون منخفضة فتصبح باهتة اللون و بالتالي تقل مقدرة الدم على نقل الأكسيجين مما يعرقل وظائف الجسم المختلفة و تؤدي إلى اللون الباهت للجسم و كذلك سرعة الإنهاك ، ونقص القدرة على التركيز.

يصنع الهيموجلوبين داخل كرات الدم الحمراء والتي هي الأخرى تصنَّع في نخاع العظام(مخ العظم).

تبلغ كمية الهيموجلوبين حوالي 34 % من وزن كرية الدم الحمراء.

ويلاحظ هنا في هذه الصورة مسحة دموية لمصاب بنقص الحديد. ويلاحظ علامات الأنيميا بكريات الدم...

نقص الحديد مرض كثير الانتشار في العالم وهو يحدث في كل الأجناس والأعمار، وخاصة عند النساء والأطفال. ويحتوي دم الرجل على 24-25مجم من الحديد لكل 100 سم3 من الدم بينما يحتوي دم المرأة على 42-48مجم حديد في كل 100 سم3 من الدم.

وتعيش كرات الدم الحمراء حوالي 120 يومًا تتحلل بعدها ويحدث الهدم لعدد من هذه الكرات يعادل 1% منها كل يوم وهذا يمثل انبعاث 24 ملجم من الحديد يوميًا وطبيعي يستفيد الجسم من هذا الحديد الناشئ ليبنى من الهيموجلوبين في الكرات الحمراء الجديدة.

تركيب الهيمـــوجلوبيــــــــن:

يتركب جزيء الهيموجلوبين الواحد من أربعة سلاسل ببتيدية ,وكل سلسلة ببتيدية مكونة من 150 حامض أميني، ومرتبطة مع بعضها البعض بواسطة روابط ببتيدية.

وبالإضافة إلى هذا المكون البروتيني لجزيء الهيموجلوبين ، يوجد مرتبطًا به جزء آخر غير بروتيني عبارة عن مركب بورفيرين الحديد " Ferric porphyrin " ويطلق على الجزء البروتيني من جزيء الهيموجلوبين اسم الجلوبين والجزء غير البروتيني اسم الهيمين.

البورفيرين هو الجزء الهام الذي يرتبط بالأكسجين لتكوين ما يعرف باسم أوكسي هيموجلوبين..

هذا التفاعل لا يتأثر بتكافؤ ذرة الحديد بحيث يظل دائمًا قبل وبعد الأكسدة في حالة التكافؤ الثنائي " حديدوز " ومن خصائصه أن جزيء الهيموجلوبين الواحد يستطيع الارتباط بأربعة جزيئات

أكسجين و التفاعل من النوع الطردي العكسي أي يستطيع الأوكسي هيموجلوبين أن يتحلل ويعطي ما يحمله من أكسجين إلى الأنسجة المحتاجة إليه وفقاً لتركيزه حيث إن هذا التفاعل يعتمد في المقام الأول على تركيز الأكسجين ومدى توفره بالقدر المناسب.

وعملية الاتحاد بين الأكسجين والهيموجلوبين ليست من النوع الكيميائي فلا يحدث أكسدة لعنصر الحديد الموجود في جزيء الهيموجلوبين ولكنها عملية طبيعية تعتمد على الانجذاب بين الأكسجين والهيموجلوبين.

 

 

كيفية وصول الأكسجين إلى جزيئات الهيموجلوبين.؟

يتم ذلك بسبب سهولة وسرعة قابلية غاز الأكسجين للانتشار داخل الكرية الدموية الحمراء بعد أن يعبر غشاءها الخارجي " غشاء البلازما وفي داخل الكرية يتم امتصاص الأكسجين على أسطح جزيئات الهيموجلوبين ليتكون مخلوطًا منها يسمى " Oxyhemoglobin "..الذي يفقد هذا الأكسجين بخلايا الجسم.

الشكل التالي يبين آلية عملي الهموغلوبين في الدم وعملية إيصال الأوكسجين إلى الخلايا الحية في الجسم

ما أعراض وعلامات فقر الدم بنقص الحديد ؟

1- ضعف عام وتعب وإرهاق وخاصة بالعضلات.

2- خمول وكسل.

2- سرعة التعب والنهجان لأقل مجهود.

4- صداع ودوار مع الشعور بعدم الثبات.

5- طنين الأذنين.

6- ضعف نمو الأظافر واعوجاجها وتصبح هشة

وسهلة الكسر ويقل سمكها.

7- الشعور بزيادة في عدد دقات القلب.

8- الشعر يصبح جافًا فاقدًا البريق وسهل التقصف والسقوط

إذا استمر فقر الدم مدة طويلة، فقد تظهر تغيرات في الفم واللسان والغشاء المخاطي للسان يصبح ناعمًا وبراقًا، وتضمر الحليمات اللسانية على الجانبين، والطحال قد يتضخم في بعض الحالات.

ومن الملاحظ أن نقص الحديد قد يسبب بعض أنواع التغير السلوكي في الأطفال الرضع وأيضًا الأكبر عمراً ولكن لم يتأكد ذلك قطعًا عن طريق الدراسات.. ولقد أظهرت بعض الدراسات أن نقص الحديد يؤدي إلى سرعة الانفعال والتهيج Irritability أو فتور الشعور واللامبالاة عند الأطفال الرضع كما يؤدي إلى نقص الإدراك والقدرة على التعلم والانتباه في أطفال المدارس ويؤدي إلى الانفعال والسلوك الفوضوي عند المراهقين…وبصفة عامة يمكن القول إن هناك حاجة ماسة للعديد من الدراسات الحديثة والمتعمقة في هذا الخصوص لتأكيد العديد من هذه الشواهد والملاحظات.

العوامل التي تؤدي لنقص الحديد:

و يحدث هذا النوع من الأنيميا نتيجة نقص موارد الجسم من الحديد نتيجة العوامل التالية:

1- نقص كمية الحديد في الطعام الذي يتناوله الإنسان.

2- نقص درجة امتصاص الحديد في الجسم عند تناول مواد تقلل من امتصاص الحديد مثل الشاي.

3- فقدان الدم بطريقة أو بأخرى كما في حالة وجود بواسير ، وجود طفيليات معوية ، قرحة

بالمعدة ، سرطان المعدة والقولون ، دوالي المرئ. والتبرع بالدم.

4- قلة الحديد المخزون في الجسم كما في حالات أمراض الكبد.

5- أثناء الدورة الشهرية عند الإناث ( ففي كل دورة شهرية تفقد السيدة ما يقرب من 14: 28ملجم من الحديد مع دم الحيض ) وتقدر كمية الحديد المفقودة أثناء الحمل والولادة بنصف جرام ويحتوي المولود على 275 ملجم من الحديد حصل عليها من دم الأم وهذا يفسر إصابة أكثر من 50% من الحوامل بأنيميا الحديد كذلك تكرار الحمل المتقارب يقلل من كمية الحديد.

وتبلغ نسبة الحديد المختزن في الكبد والطحال ونخاع العظام 1جم عند الرجال بينما في النساء نصف جم ويستطيع الإنسان أن يتحمل نقصًا يوميًا من الحديد قدره من 2: 3 ملجم أما الكميات الأكبر من ذلك تستنفذ الحديد من مخازنه بالجسم.

يوجد أكثر من 65% من مجموع الحديد الكلي الموجود في الجسم في الدم، لذلك فالفقد في الدم يؤدي إلى الفقد في الحديد. لهذا السبب فإن المرأة تحتاج إلى كمية من الحديد أكبر من الرجل. وفي الحقيقة فإن فترة الطمث تتسبب في فقدان المرأة للحديد مما يجعل احتياجاتها منه ضعف احتياجات الرجل، والرجال عمومًا يتناولون كميات من الطعام أكبر مما تتناوله النساء، لأن أجسامهم أكبر وأقوى غالبًا، لذلك فهم يتناولون مقداراً من الحديد أكبر. وإذا كان الحديد الممتص لا يعوض كل الكمية المفقودة، وكان المخزون من الحديد قد نفد فإن كريات الدم الحمراء تفقد الهيموجلوبين وحينها يبدأ مشوار أنيميا نقص الحديد.

وإذا نفد المخزون من الحديد فلا يستطيع الجسم تصنيع هيموجلوبين كاف لملء كريات الدم الحمراء الجديدة كما ذكر سابقًا.

وظائف الحديد في الجسم تتلخص فيما يلي:

1ـ يدخل في تركيب الهيموجلوبين لذا يعتبر مهمًا في تبادل الغازات والتنفس الخلوي.

2- ضروري لإنتاج الطاقة و الحرارة من المواد الغذائية.

3- يعادل الحموضة.

3ـ يساعد على تحويل البيتا ـ كاروتين إلى فيتامين ("أA")..

4ـ إزالة الدهون.

5ـ تصنيع الكولاجين.

6ـ إنتاج الأجسام المضادة.

7- ضروري لإنتاج العديد من الأنزيمات بالجسم.

والزائد من الحديد يختزن في الجسم لكي يستخدم عند الضرورة في حالة نقص موارد الجسم منه.

أماكن تخزين الحديد في الجسم:

يحتوي جسم الإنسان البالغ على كمية من 4:3 جم من الحديد حوالي 30% منها يخزن داخل الجسم أي 1 جم تقريباً ويتم تخزين الحديد في الجسم في المناطق الآتية:

- 30% بالكبد.

- 30% في نخاع العظام.

- الباقي موزع في الطحال والعضلات.

ويوجد أكثر من ثلثي كمية الحديد في الهيموجلوبين

أشكال تخزين الحديد في الجسم:

هناك شكلان وهما:

1ـ( فيرتين Ferritin) وهو عبارة عن مركب معقد من بروتين والحديد وهو ذائب في الماء نسبة الحديد فيه 20% ويخزن في المناطق الثلاث المذكورة سابقًا.

2ـ ( هيمو سدرين Hemosidren) مركب غير ذائب في الماء نسبة الحديد فيه 23 % ولا يخزن إلا في الكبد فقط.
 البدن من الحديد اليومي نسبة لا تزيد عن 10% من الحديد المتناول غذائيًا والحديد في الغذاء يكون على هيئة حديد ثلاثي (حديديك) Ferric Formوالبدن لا يمتصه إلا على هيئة حديد ثنائي (حديدوز) Ferrous Form ويقوم بعملية التحويل تلك حمض الكلور بالمعدة والخمائر والمرجعات وأهمها فيتامين C

ويمتص الحديد في الجزء القريب من الصائم والنصف العلوي للأمعاء الدقيقة وهذا من آيات الله حيث تنخفض نسبة الحموضة في تلك المنطقة مما يمنع أكسدته لحديد ثلاثي مرة أخرى ويمتص على هيئة (بيتا جلوبين ) وعندما يحتاج الجسم إلى الحديد تطلق الأنسجة محتوياتها من الحديد في البلازما.

في الحقيقة، هناك نوعان من الحديد في الأغذية التي نتناولها:

النوع الأول: الحديد المكون لجزيء الهيموجلوبين ويطلق عليه الهيم Heme Iron.

النوع الثاني: الحديد غير المكون لجزيء الهيموجلوبين ويطلق عليه اللاهيم Non Heme Iron وغالبًا ما يوجد النوع الأول في الأغذية الحيوانية ، أما النوع الثاني فهو يوجد في الأغذية النباتية وبعض الأغذية الحيوانية.

النوع الأول:الذي يوجد في الغالب في الأغذية الحيوانية دون النباتية ، هو نوع سهل سريع الامتصاص ولا يتأثر في العادة بالعوامل التي تعوق امتصاص الحديد.. وتبلغ نسبة امتصاصه حوالي 23%

النوع الثاني:غير المرتبط بالهيموجلوبين ، لا تتعدى نسبة امتصاصه 5% في المتوسط.

لذا فالنصيحة المهمة عند الحصول على الحديد ، هو الاهتمام بتناول الأغذية الحيوانية الغنية بالحديد "الهيم" مثل الكبد والكلاوي واللحوم ، عن الأغذية النباتية الموجود بها الحديد "اللاهيم" مثل:الفول والعدس..

وبالطبع ليس معنى ذلك الإعراض عن هذه الأغذية النباتية ولكن يجب أن نعطي اهتماماً أكثر للمصادر الحيوانية الغنية بالحديد.

ما المصادر الغذائية للحديد ؟

توجد أملاح الحديد في أكثر أنواع الخضروات كالبصل والباندورة، والبقول مثل الفول و اللوبيا و الفاصوليا والبسلة وبصورة خاصة يوجد في الخضراوات الو رقية كالسبانخ، والبقدونس، والكرفس، والخس وما شابهها، ويوجد أيضًا في الفواكه كالموز والمشمش والعنب والتين والبلح وفي البذور واللوز، جوز الهند واللحوم والكلاوي والكبد وصفار البيض وغيرها.

ومما هو جدير بالذكر أن الجسم يستطيع أن يستفيد من عنصر الحديد الموجود في البصل والموز بمعدل 90% بينما لا يستفيد من عنصر الحديد الموجود في المواد الغذائية الأخرى بأكثر من 60%، ومن الملاحظ بأن البرتقال يزيد من فعالية امتصاص عنصر الحديد وحيث إن تناول فيتامين ج (سي) يمكن أن يزيد امتصاص الحديد بمعدل 30% فيجدر بالمصابين بفقر الدم أن يتناولوا البرتقال مع الغذاء المحتوي على مادة الحديد لزيادة الاستفادة علمًا بأن مشروب الشاي يعاكس مفعول البرتقال ( أي يقلل من امتصاص الحديد )

* العوامل الغذائية التي تؤثر على امتصاص الحديد خاصة الحديد غيرالهيمي

عوامل تزيد الامتصاص

 عوامل تقلل الامتصاص

      فيتامين ج

- وجود الأوكسالات
وفرة بروتين اللحم وجود التأنينات ( كما في الشاي)
 قلة الحديد المخزن بالجسم  امتلاء مخازن الجسم بالحديد
حاجة الجسم العالية لكرات الدم الحمراء كما في حالة فقد الدم والحمل وغيرها وجود زيادة من الزنك والمنجنيز والكالسيوم

 

وجود الحديد الهيمي قلة إنتاج الحامض في المعدة
وفرة الحامض في المعدة  

العلاج بالحديد:

في عام 1832 م استحدث بلود العلاج بالحديد على هيئة ما سمي فيما بعد بأقراص بلود وهي أقراص تحتوي على كربونات الحديديك Fe2 (CO3)3وظلت عصب العلا ج فترة طويلة إلى أن استحدثت مستحضرات حديد أخرى وأصبح واضحًا أن مستحضرات الحديد الثنائي تمتص أفضل من الحديد الثلاثي.

ماذا ينتج عند زيادة عنصر الحديد في الجسم؟

1ـ خلل في عملية الأيض.

2ـ تليف الكبد.

3ـ ارتفاع نسبة الإصابة بالأمراض.

تاريخ الحديد ووجوده في الطبيعة:

يقع الحديد في الجدول الدوري في الدورة الرابعة ضمن عناصر المجموعة الثامنة ب ضمن عناصر السلسلة الانتقالية الأولى.

يُكون الحديد 5% من وزن القشرة الأرضية يعتبر العنصر الرابع بعد الأكسجين والسليكون والألومنيوم ويوجد على صورة حرة نقية في النيازك بنسبة 90% لا يوجد الحديد منفردًا في الطبيعة بسبب نشاطه الكيميائي ولكن يوجد على هيئة مركبات أشهرها:

1- الهيماتيت أكسيد الحديد الأحمر Fe2O3

2- المجناتيت أكسيد الحديد المغناطيسي ( الأسود ) Fe3O4 وهو أكسيد مركب للحديدوز والحديديك.

3- الليمونيت أكسيد الحديد الأصفر وصيغته 3H¬2O. 2 Fe2O3 ونسبة الحديد به أقل من الأكاسيد السابقة

يعتقد أن الإنسان قد استخدم الحديد للمرة الأولى منذ 4000 عام قبل الميلاد وكان مصدره النيازك. كما يعتقد أن الفينيقيين هم أول من اكتشف طريقة تصنيع الحديد عام 1400 قبل الميلاد حيث استخدموه في تصنيع أسلحتهم. وفي القرن العاشر قبل الميلاد كانت جميع الحضارات تقريبًا آنذاك قد توصلت إلى طرق صناعة الحديد وبذلك بدأ العصر الحديدي.

                                          يمكن مراسلة المؤلف على الإيميل التالي:

s5812827@yahoo.com

المراجع العلمية :

المرجع المؤلف

أمراض الدم. د/ محمد بديع حمودة

الوعي الغذائي وصحة الإنسان. د/ علي فتحي حمايل

أمراض سوء التغذية. د/ ليلى السباعي

مقدمة في علم وأمراض الدم وطرق الكشف عنها في المختبر. أ /عبد المغني عيضه الثبيتي

أمراض الدم. د/ سيد الحديدي

الكيمياء ميشيل ج سنيكو / روبرت أ بلان

اتقاء ومكافحة فقر الدم بعوز الحديد من خلال الرعاية الصحية الأولية. أ. م / دي مايز

موضوع رحلة إيمانية في سائل الدم

منتدى بيوتات معلمي الكيمياء أستاذة كيميائية

Medical Physiology Blood Dr/ Mohamed El- Nahass

An Introduction To Chest Diseases And Blood Diseases Dr / Medhat El Fatatry

Clinical Haemotology Christopher A.Ludlam

الصور من المراجع المشار إليها ومن منتدى بيوتات معلمي الكيمياء.

 

فلم

مصدر الفلم موقع الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة  http://nooran.org

 

الحديد في الطب والعلم والقران
 

 الدكتور محمد جميل الحبال

طبيب استشاري في أمراض الكلى

وباحث في الاعجاز الطبي في القران والسنة  

قال تعالى: (وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ) [الحديد: 25] لقد ورد ذكر بعض المعادن في القرآن الكريم كالحديد والنحاس والذهب والفضة ولكن الله جل جلاله أفرد سورة كاملة باسم (الحديد) في القرآن الكريم وذلك للتأكيد على أهميته في الطبيعة وفائدته للإنسان.

إن ترتيب سورة الحديد في القرآن الكريم هو (57) ويعادل ذلك تقريباً وزنه الذري الذي هو (56) وإذا ما اعتبرنا سورة الأنفال والتوبة سورة واحدة (لعدم وجود البسملة بينهما) كما قرر ذلك بعض العلماء فيكون العدد (56) قد تحقق بالضبط. ثم إن رقم الآية الكريمة في قوله تعالى: (وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ) هو (26) مع البسملة ويعادل ذلك وزنه المكافئ الذي هو (26).

جدول رقم (1) ـ تطابق العدد والوزن الذري لعنصر الحديد (Fe ) مع ترتيب سورة الحديد في القرآن الكريم ورقم الآية المذكورة فيه.

ترتيب سورة الحديد في المصحف رقم آية الحديد في سورة الحديد الخواص الذرية لعنصر الحديد  
ــــــــــ 25 * 26 العدد الذري
57 ** ـــــــــ 56 الوزن الذري

وقد ورد ذكر الحديد في القرآن الكريم في ست آيات وكما يلي:

1 ـ  (قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا[الإسراء: 50].

2 ـ  (وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ)  [الحج: 21].

3 ـ  (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيد) [ق: 22]

4 ـ  (آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِحَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا)  [الكهف: 96]

5 ـ  (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ) [سبأ: 10].

6 ـ  (وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَفِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ) [الحديد: 25].

وقد يكون في تكرار الحديد ست مرات في القرآن الكريم إشارة إلى بعض خواصه الكيميائية والفيزيائية وكما يلي:

1 ـ أن أعلى درجة لتأكسد الحديد هي (6) Higher Oxidation State 

بالرغم من كون تواجد الحديد في الطبيعة على شكل حالتين شائعتين الأولى ثنائية  التكافؤ (الحديدوز). مثال (FeCl2) والثانية ثلاثية التكافؤ (الحديديك). مثال (FeCl3)، لكن هناك تكافؤات أخرى يتواجد فيها عنصر الحديد في الطبيعة ولو بشكل أقل كالحديد السداسي التكافؤ. مثال (H2FeO4)([1]).

2 ـ أن عدد أطياف عنصر الحديد هو (6).

    Line Emission spectra of Iron:  R, O, Y, E, D, V.([2])

3 ـ إن الأواصر التي يرتبط بها في بعض المركبات العضوية هي (6) أواصر كما هو في حالة الحديد Haem  الموجود في مركب الهيموكلوبين Hemoglobin  (في الدم) والمايوكلوبين  Myoglobin(في العضلات) وأنزيم السيتوكروم Cytochrome P450الموجودة في أجسام الطاقة في الخلية (المايتوكـندريا) المسؤولة عن التـفاعلات الـحيوية (الأكسدة والاختزال) للجسم الحي  Ferroprotoporphyrin heam

وبدون أنزيم السايتوكروم (الذي مركزه الحديد) لا تتم الحياة والعمليات الأيضـية كما إنه من دون الحديد لا يـمكن تكوين جزئية الـهيموكلوبين في الدم الذي هو شريان الـحيـاة  والمايوكلوبين في العضلات الذين هما مصدر القوة في الجسم ومن أجل ذلك (والله أعلم) ذكــره الله تعالى: (فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ) حيث أن كمية وجوده في الجسم بصورة عامة تقدر بحوالي (4غم) وبصورة خاصة في الدم (2.5) غم (65%) Hemoglobin   وفي العضلات Myoglobineوبأنزيم السايتوكروم المذكور أعلاه ولو بنسبة ضئيلة ولكنها ضرورية وفعالة (بمقدار  500 ملغم.

جدول (2) يبين توزيع مادة الحديد في جسم الإنسان ( الرجل ) بالـ (مغم) مع النسبة المئوية [4]

المــــادة الكمية (مغم) mg النسبة المئوية %
الهيموغلوبين (Hb) 2500 62.5
المايوغلوبين (Mb) وإنزيم Cytochrom P450 500 12.5
الحديد المنقول على شكل (Transferrin) 3 0.075
الحديد في مخازنه (RES) على شكل Ferritin and Hemosiderin 600 ـ 1000 25
المجموع  4000 100

 إن الحديد في الجسم يؤدي إلى النشاط والقوة والبأس فيه لأنه مسؤول عن كثير من الفعاليات والعمليات الحيوية والتي بدونه لا تتم هذه العمليات وبقلته ونقصانه تصاب هذه الفعاليات وبالتالي الجسم بكامله بالوهن والضعف الشديدين وربما الموت إذا تدنت نسبته بكمية كبيرة عن المعدلات الطبيعية. والذي يرجح هذا المعنى (أي أن البأس الشديد قد يعود إلى القوة والصحة والعافية للجسم الإنساني) هو أن عبارة قوله صلى الله عليه وسلموَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ  تشمل منافع وفوائد الحديد العامة في المجالات الصناعية والاقتصادية والحربية …. إلخ. وحيث انه لا تكرر للمعاني والعبارات والكلمات المتتالية ورودها في القرآن الكريم كما يقول علماء البلاغة القرآنية وإن لكل كلمة معنى مغايراً فإن عبارة (بأس شديد) يكون لها مفهوم ومعنى آخر يمكن استنباطه ومعرفته من القرآن نفسه حيث وردت عبارة (البأس الشديد) في  القرآن الكريم ثلاث مرات وهي تعطي مفهوم القوة البشرية وكما يأتي:

1 ـ قـال  تعالى: (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) [الإسراء:52 ].

2 ـ قـال  تعالى: (قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيد ٍوَالأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ) [النمل: 33].

3 ـ  قال  تعالى: (قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنْ الأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍتُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ)  [الفتح: 16].

فالكلمات: (عباد ـ قوم ـ نحن) تشير إلى الإنسان، فالإنسان القوي = بأس شديد كما يفهم من هذه الآيات ولما كان الحديد = بأساً شديداً فإن الإنسان القوي = صفات الحديد أي أن أحد أسباب القوة البشرية والحيوية في الإنسان هو عنصر الحديد الذي يدخل في المركبات العضوية في جسمه للقيام بالوظائف الحيوية كما موضح في الجدول المذكور أعـــــلاه (جدول رقم

تحتوي كريات الدم في جسم الإنسان حوالي 62.5% من مجموع الحديد الموجود في جسم الإنسان

2). 

ولما كان الإنسان الرجل يحتاج إلى القوة العضلية والبأس الشديد لمواجهة متطلبات الحياة ومصاعبها ومسؤولياته  تجاه كسب العيش حيث انه المسؤول الأول للعمل لإعالة أسرته وأهله ومن يعول وليست الزوجة أو المرأة فقد حباه الله إلى القوة والصلابة أكثر من الإنسان المرأة لقوله تعالى: (وليس الذكر كالأنثى) [آل عمران: 36]، علما أن كثير من الأعمال والواجبات التي يقوم بها الرجال تتطلب إلى القوة العضلية والتحمل الشديد، لذلك فقد جعل الباري عز وجل كمية الحديد في الإنسان المرأة اقل منها في الانسان الرجل بنحو 1 -1.5 غرام (كما في المصدر رقم 4).

وهذا ما يؤيد استنباطنا أعلاه في كون أن احد المعاني المهمة في قوله تعالى: (بأس شديد) هو أن عنصر الحديد في الإنسان يعني القوة البشرية والحياتية فيه. فضلا وكما هو معروف طبيا أن السبب الشائع للإصابة بمرض فقر الدم في البشرية وعلى مستوى العالم اجمع هو نقص عنصر الحديد في الإنسان خاصة لدى النساء, والذي يظهر على المريض على شكل أعراض تتميز بالضعف العام والإعياء والخمول وربما صعوبة في البلع وألم في اللسان. وسريريا بالشحوب في اللون وربما تضخم بسيط في الطحال وتقعر في الأظافر وزوال الغشاء المخاطي الذي يغطي اللسان. وتتناسب هذه الأعراض والعلامات السريرية مع شدة الإصابة بنسبة نقص الحديد في الدم والذي يطلق عليه طبيا (فقر الدم الناتج عن نقص الحديد) (Iron Defeciency Anemia). وجميع هذه الأعراض والعلامات المذكورة أعلاه وغيرها تؤدي إلى حدوث الوهن والضعف العضلي والذهني للمريض المصاب والتي تزول عادة بالعلاج المناسب غذائيا بتناول الأطعمة المناسبة خاصة التي تحوي عل  ى الحديد ودوائيا بتناول العلاج المناسب الذي يحوي مركبات الحديد على شكل أقراص فموية أو إبر عضلية أو وريدية وربما يحتاج المريض المصاب بفقر الدم الشديد الناتج عن نقص حاد في الحديد إلى إعطاء الدم خاصة الأقراص الدموية الحمراء وحسب شدة حالة المريض والتي يقررها الطبيب المعالج. 

كما يجب أولا وقبل كل شيء معرفة ومعالجة وإزالة السبب الذي تسبب في حصول هذا النوع من فقر الدم والذي كما ذكرنا انه من أكثر أمراض فقر الدم شيوعا في العالم. وفي حالة معالجة السبب وتعويض النقص الحاصل في كمية  الحديد  الموجودة في الجسم غذائيا ودوائيا فإن المريض المصاب بفقر الدم الناتج عن نقص الحديد يستعيد  صحته وعافيته الجسمية والذهنية وكذلك قواه العضلية و الذهنية و تزول عنه أعراض الضعف والخمول والوهن و الأعراض السريرية المذكورة أعلاه. ويعود شخصا طبيعيا كما كان بفضل نعمة الله عز وجل الذي حباه بالحديد الذي فيه سر العافية و القوة و الصحة البدنية فضلا عن المنافع  الأخرى في مجالات الحياة كافة.

والله يقول الحق وهو يهدي السبيل والحمد لله رب العالمين

يمكن التواصل مع المؤلف : alhabbal45@yahoo.com

تعرف على المؤلف في سطور

 ــــــــــــــــــــــــــــ                        

المصادر الإنكليزية

 1.   Modern Inorganic Chemistry (1973),  by J.J. Logowki, Marcel Dekker Inc, N.Y USA.

 2.   Introduction to Atomic and Nuclear Physics (1964), by: Harvey E. White, Van Nustrand Reinhold Co.N.Y & Canada.

 3.      Biochemistry Illustrated, P 172.

 4- Harrison 's Principles of Internal Medicine. 12th Edition (1983) ,Kenneth R. Bridges & Franklen Bunn,  McGraw Hill,- Inc-USA

 الهوامش

[1]Modern Inorganic Chemistry,  by J.J. Logowki, P 610 

[2] Introduction to Atomic and Nuclear Physics , by: H.E. White, P. 104

[3] Biochemistry Illustrated, P 172.

[4]  Harrison 's Principles of Internal Medicine , P 1519

 

 

وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس‏
 

بقلم الدكتور زغلول النجار

 قال تعالى : (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) (الحديد:25). 

سورة الحديد سورة مدنية‏,‏ وهي السورة الوحيدة من سور القرآن الكريم التي تحمل أسم عنصر من العناصر المعروفة لنا والتي يبلغ عددها مائة وخمسة عناصر‏;‏ ويعجب القارئ للقرآن لاختيار هذا العنصر بالذات اسما لهذه السورة التي تدور حول قضية إنزاله من السماء‏,‏ وبأسه الشديد‏,‏ ومنافعه للناس‏.....!!‏
وتبدأ السورة الكريمة بتأكيد أن كل ما في السماوات والأرض خاضع بالعبودية لله‏,‏ مسبح بحمده‏,‏ منزه له عن كل وصف لايليق بجلاله‏,‏ لأنه‏(‏ تعالي‏)‏ هو العزيز الحكيم‏,‏ الذي له ملك السماوات والأرض‏,‏ الذي يحيي ويميت وهو علي كل شيء قدير‏;‏ وتواصل الآيات مزيدا من صفات هذا الخالق العظيم فهو الأول بلا بداية‏,‏ والآخر بلا نهاية‏,‏ والظاهر فليس فوقه شيء‏,‏ والباطن فليس دونه شيء‏,‏ وهو العليم بكل شيء‏,‏ فلا تخفي عليه خافية في الأرض ولا في السماء‏;‏ وأنه‏(‏ تعالي‏)‏ خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوي علي العرش استواء يليق بجلاله‏,‏ وأنه‏(‏ سبحانه‏)‏ يعلم مايلج في الأرض‏,‏ وما يخرج منها‏,‏ وما ينزل من السماء‏,‏ ومايعرج فيها‏,‏ وأنه مع جميع خلقه أينما كانوا‏,‏ وفي أي زمان كانوا‏,‏ فلا الزمان ولا المكان يقف عائقا أمام قدرة الله‏,‏ وهو‏(‏ تعالي‏)‏ مطلع علي جميع خلقه‏,‏ بصير بما يعملون‏,‏ وهو الذي له ملك السماوات والأرض‏,‏ الذي إليه ترجع الأمور‏,‏ وأن من الدلائل علي طلاقة قدرته أنه‏(‏ تعالي‏)‏ يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل‏,‏ وهو‏(‏ سبحانه‏)‏ عليم بذات الصدور‏,‏ فالكون كله خاضع لإرادته‏(‏ تعالي‏)‏ فهو خالقه ومبدعه‏,‏ والمتصرف فيه بما يشاء‏,‏ وهذه الصفات العليا من خصائص الإله الواحد الأحد‏,‏ الفرد الصمد‏,‏ الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد‏,‏ فلا شريك له في ملكه‏,‏ ولا منازع له في سلطانه‏,‏ فهو رب كل شيء ومليكه‏,‏ بغير شريك ولا شبيه ولا منازع‏,‏ المسيطر سيطرة مطلقة علي الوجود كله بكل ما فيه‏,‏ ومن فيه‏,‏ فكل شيء بيديه‏,‏ وكل شيء راجع إليه‏,‏ لا يخفى شيء عن علمه‏,‏ ولا يخرج شيء عن أمره‏,‏ يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور‏....!!‏
ثم تتحرك الآيات بعد ذلك في إيقاع رقيق يخاطب جماعة المؤمنين‏,‏ وتدعوهم إلي تجسيد إيمانهم بالله ورسوله في بذل الأموال والمهج والأرواح دفاعا عن هذا الدين‏,‏ وإلي الإنفاق مما جعلوا مستخلفين فيه حتى ينالوا الأجر الكبير من رب العالمين‏,‏ فالذي يفعل ذلك كأنما يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة وله أجر كريم‏,‏ وبالإضافة إلي عمومية الدعوة إلي تلك الحقيقة‏,‏ فهي تذكرة دائمة لجماعة المؤمنين بما بذله السابقون من المهاجرين والأنصار في سبيل الله‏,‏ حتى يتأسوا بهم في التجرد الكامل‏,‏ والإخلاص الصادق لدين الله‏,‏ والبذل والتضحية بالأموال والأنفس من أجل إعلاء كلمة الله في الأرض فلا تشدهم الحياة الدنيا عن الجهاد في سبيل الله مهما تكن المغريات‏,‏ ومهما تكن العوائق‏.....!!‏
وبعد ذلك تعرض الآيات لحال كل من المؤمنين والمؤمنات في جانب‏,‏ والمنافقين والمنافقات في جانب آخر يوم العرض الأكبر‏,‏ وشتان مابين الحالين‏.‏

وتتساءل الآيات عن إمكان أن يكون الوقت قد حان لكي تخشع قلوب المؤمنين لذكر الله‏,‏ وما أنزل من الحق علي خاتم أنبيائه ورسله حتى لايكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون‏.‏
وتؤكد الآيات بعد ذلك مرحلية الحياة الدنيا‏,‏ وأنها ليست إلا متاع الغرور‏,‏ فلا يجوز لعاقل أن ينخدع بها‏,‏ ويفني عمره في خدمتها‏,‏ لاهيا عن الآخرة وهي دار القرار‏,‏ ولذلك تنادي الآيات بالمسارعة إلي طلب المغفرة من الله‏,‏ وإلي العمل المخلص الدءوب من أجل الفوز بالجنة التي عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله‏;‏ وتضيف الآيات أن كل خطب جلل نزل بالأرض أو بالأنفس مدون في كتاب الله من قبل وقوعه‏,‏ وأن ذلك علي الله يسير‏,‏ كي ترضي كل نفسي مؤمنة بقدر الله ـ خيره وشره ـ وتؤمن أن فيه الخير كل الخير‏,‏ فلا تبطر عند مسرة‏,‏ لأن الله تعالي لا يحب كل مختال فخور‏,‏ ولا تجزع عند مضرة لإيمانها بأن ذلك قدر مقسوم‏,‏ وأجل محتوم‏,‏ وأنه لا ملجأ ولا منجي من الله إلا إليه‏....!!‏

وتنعي الآيات علي الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل‏,‏ لأن الله تعالي كريم يحب كل كريم‏,‏ ومن يتول عن منهج الله فإن الله هو الغني الحميد‏.‏
وبعد هذه المقدمة الطويلة يأتي قلب السورة وسر تسميتها في الآية التي يقول فيها ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏

‏(‏لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز‏*)‏
ثم تأتي الآيات الأربع الأخيرة في السورة لتعرض خط سير رسالة الهداية الربانية‏,‏ وتاريخ هذا الدين ـ دين الإسلام الذي علمه ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ لأبينا آدم عليه السلام‏,‏ وأنزله علي فترة من الرسل من لدن نبي الله نوح‏(‏ عليه السلام‏)‏ إلي خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد بن عبد الله‏(‏ عليه وعليهم أجمعين أفضل الصلاة وأزكي التسليم‏),‏ والذي لايرتضي ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ من عباده دينا سواه بعد أن أكمله‏,‏ وأتمه‏,‏ وحفظه في بعثة هذا النبي الخاتم والرسول الخاتم‏(‏ صلي الله وسلم وبارك عليه‏,‏ وعلي آله وصحبه أجمعين‏),‏ وأشارت الآيات إلي حال بعض من أهل الكتاب ومنهم أتباع نبي الله عيسي‏(‏ عليه السلام‏),‏ واختتمت السورة بالدعوة إلي الإيمان بالنبي الخاتم والرسول الخاتم‏,‏ ففي ذلك دخول في رحمة الله‏,‏ وفي نوره ومغفرته‏,‏ وهو سبحانه صاحب الفضل العظيم‏,‏ والمنن العديدة التي يمن بها علي من يشاء من عباده‏.‏
والآية الكريمة التي نحن بصددها تؤكد أن الحديد قد أنزل إنزالا كما أنزلت جميع صور الوحي السماوي‏,‏ وأنه يمتاز ببأسه الشديد‏,‏ وبمنافعه العديدة للناس‏,‏ وهو من الأمور التي لم يصل العلم الإنساني إلي إدراكها إلا في أواخر الخمسينيات من القرن العشرين‏.‏
وهنا يبرز التساؤل‏:‏ كيف أنزل الحديد؟ وما هو وجه المقارنة بين إنزال وحي السماء وإنزال الحديد؟ ما هو بأسه الشديد؟ وما هي منافعه للناس؟ وقبل الإجابة علي تلك الأسئلة لابد من استعراض سريع للدلالات اللغوية لبعض ألفاظ الآية الكريمة‏,‏ وكذلك للمواضع التي ورد فيها ذكر‏(‏ الحديد‏)‏ في كتاب الله‏(‏ تعالي‏).‏

الدلالات اللغوية لبعض ألفاظ الآية الكريمة

‏(‏النزول‏)‏ في الأصل هو هبوط من علو‏,‏ يقال في اللغة‏:(‏ نزل‏),(‏ ينزل‏)(‏ نزولا‏),‏ و‏(‏منزلا‏)‏ بمعني حل‏,‏ يحل‏,‏ حلولا‏;‏ والمنزل بفتح الميم والزاي هو‏(‏ النزول‏)‏ وهو الحلول‏,‏ و‏(‏نزل‏)‏ عن دابته بمعني هبط من عليها‏,‏ و‏(‏نزل‏)‏ في مكان كذا أي حط رحله فيه‏,‏ و‏(‏النزيل‏)‏ هو الضيف‏.‏
ويقال‏:(‏ أنزله‏)‏ غيره بمعني أضافه أو هبط به‏;‏ و‏(‏استنزله‏)‏ بمعني‏(‏ نزله تنزيلا‏),‏ و‏(‏التنزيل‏)‏ ايضا هو القرآن الكريم‏,‏ وهو‏(‏ الإنزال المفرق‏),‏ وهو الترتيب‏;‏ وعلي ذلك فإن الإنزال أعم من التنزيل‏;‏ و‏(‏التنزل‏)‏ هو‏(‏ النزول في مهلة‏),‏ و‏(‏النزل‏)‏ هو ما يهيأ‏(‏ للنزيل‏)‏ أي مايعد‏(‏ للنازل‏)‏ من المكان‏,‏ والفراش‏,‏ والزاد‏,‏ والجمع‏(‏ انزال‏);‏ وهو أيضا الحظ والريع‏,‏و‏(‏النزل‏)‏ بفتحتىن‏,‏ و‏(‏المنزل‏)‏ الدار والمنهل‏(‏ أي المورد الذي ينتهل منه لأن به‏(‏ ماء‏)‏ أو هو عين ماء ترده الإبل في المراعي‏,‏ وتسمي المنازل التي في المفاوز علي طرق‏(‏ السفار‏);‏ و‏(‏المنزلة‏)‏ مثله‏,‏ أو هي الرتبة أو المرتبة‏;‏ و‏(‏المنزلة‏)‏ لاتجمع‏.‏
ويقال استنزل فلان‏(‏ بضم التاء وكسر الزاي‏)‏ أي حط عن مرتبته‏,‏ و‏(‏المنزل‏)‏ بضم الميم وفتح الزاي‏(‏ الإنزال‏),‏ نقول‏:'‏ رب أنزلني‏(‏ منزلا‏)‏ مباركا‏,‏ وأنت خير‏(‏ المنزلين‏)*';‏ و‏(‏إنزال‏)‏ الله‏(‏ تعالي‏)‏ نعمه ونقمه علي الخلق هو إعطاؤهم إياها‏,‏ وقال المفسرون في قول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):(‏ ولقد رآه نزلة أخري‏)‏ إن‏(‏ نزلة‏)‏ هنا تعني مرة أخري‏.‏
وفي قوله‏(‏ تعالي‏)'‏ جنات الفردوس نزلا‏'‏ قال الأخفش‏:‏ هو من‏(‏ نزول‏)‏ الناس بعضهم علي بعض‏,‏ يقال‏:‏ ماوجدنا عندك نزلا‏;‏ و‏(‏النازلة‏):‏ الشديدة من شدائد الدهر تنزل بالناس‏,‏ وجمعها‏(‏ نوازل‏);‏ و‏(‏النزال‏)‏ في الحرب‏(‏ المنازلة‏);‏ و‏(‏النزلة هي الزكمة من الزكام‏,‏ يقال به‏(‏ نزلة‏),‏ وقد نزل بضم النون‏.‏

الحديد في القرآن الكريم

ورد ذكر الحديد في كتاب الله‏(‏ تعالي‏)‏ في ست آيات متفرقات علي النحو التالي‏:‏
‏(1)‏ قل كونوا حجارة أو حديدا‏*‏ ‏(‏ الإسراء‏:50)‏
‏(2)‏ آتوني زبر الحديد‏.....*(‏ الكهف‏:96)‏
‏(3)‏ ولهم مقامع من حديد‏*(‏ الحج‏:21)‏
‏(4):..‏ وألنا له الحديد‏*(‏ سبأ‏:10)‏
‏(5)‏ لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد‏*.(‏ ق‏:22)‏
‏(6)..‏ وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس‏..*(‏ الحديد‏:25)‏
وكلها تشير إلي عنصرالحديد ماعدا آية سورة ق والتي جاءت لفظة‏(‏ حديد‏)‏ فيها في مقام التشبيه للبصر بمعني أنه نافذ قوي يبصر به ما كان خفيا عنه في الدنيا‏.‏

شروح المفسرين للآية الكريمة

ذكر ابن كثير‏(‏ يرحمه الله‏)‏ في تفسير قول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏ وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس‏*.‏
أي وجعلنا الحديد رادعا لمن أبي الحق وعانده بعد قيام الحجة عليه‏,‏ ولهذا أقام رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ بمكة بعد النبوة ثلاث عشرة سنة توحي إليه السور المكية‏,‏ وكلها جدال مع المشركين‏,‏ وبيان وإيضاح للتوحيد‏,‏ وبيناته ودلالاته‏,‏ فلما قامت الحجة علي من خالف‏,‏ شرع الله الهجرة‏,‏ وأمرهم بالقتال بالسيوف وضرب الرقاب‏,‏ وقد روي الإمام أحمد‏,‏ عن ابن عمر قال‏..‏ قال رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ بعثت بالسيف بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده لا شريك له‏,‏ وجعل رزقي تحت ظل رمحي‏,‏ وجعل الذلة والصغار علي من خالف أمري‏,‏ ومن تشبه بقوم فهو منهم‏)‏ ولهذا قال تعالي‏:(‏ فيه بأس شديد‏)‏ يعني السلاح كالسيوف والحراب والسنان ونحوها‏(‏ ومنافع للناس‏)‏ أي في معايشهم كالسكة والفأس والمنشار والآلات التي يستعان بها في الحراثة والحياكة والطبخ وغير ذلك‏..‏ وقوله تعالي‏(‏ وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب‏)‏ أي من نيته في حمل السلاح نصرة لله ورسوله‏(‏ إن الله قوي عزيز‏)‏ أي هو قوي عزيز ينصر من نصره من غير احتىاج منه إلي الناس‏,‏ وإنما شرع الجهاد ليبلو بعضكم ببعض‏.‏
وذكر صاحبا تفسير الجلالين‏(‏ رحمهما الله‏)‏ في تفسير هذه الآية الكريمة مانصه‏:‏ لقد أرسلنا رسلنا الملائكة إلي الأنبياء‏(‏ بالبينات‏)‏ بالحجج القواطع‏(‏ وأنزلنا معهم الكتاب‏)‏ بمعني الكتب ـو‏(‏الميزان‏)‏ العدل‏,(‏ ليقوم الناس بالقسط‏(‏ وأنزلنا الحديد‏)‏ أي أنشأناه‏,‏ وخلقناه‏,‏ لقوله تعالي‏(‏ وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج‏)‏ أي خلق‏,‏ وقيل‏:‏ أخرجناه من المعادن‏,(‏ فيه بأس شديد‏)‏ يعني السلاح‏,‏ يقاتل به من أبي الحق وعانده بعد قيام الحجة عليه‏,(‏ ومنافع للناس‏)‏ في معايشهم كالفأس والمنشار وسائر الأدوات والآلات‏,(‏ وليعلم الله‏)‏ علم مشاهدة‏,‏ معطوف علي‏(‏ ليقوم الناس‏)(‏ من ينصره‏)‏ بأن ينصر دينه بآلات الحرب من الحديد وغيره‏(‏ ورسله بالغيب‏)‏ حال من هاء‏(‏ ينصره‏)‏ أي غائبا عنهم في الدنيا‏,‏ قال ابن عباس‏:‏ ينصرونه ولايبصرونه‏(‏ إن الله قوي عزيز‏)‏ لاحاجة له إلي النصرة لكنها تنفع من يأتي بها‏.‏
وذكر صاحب الظلال‏(‏ رحمه الله رحمة واسعة‏):‏ وفي النهاية يجيء المقطع الأخير في السورة‏,‏ يعرض باختصار خط سير الرسالة‏,‏ وتاريخ هذه العقيدة من لدن نوح وإبراهيم‏,‏ مقررا حقيقتها وغايتها في دنيا الناس‏,‏ ملما بحال أهل الكتاب‏,‏ وأتباع عيسي ـ عليه السلام ـ بصفة خاصة‏..‏ فالرسالة واحدة في جوهرها‏,‏ جاء بها الرسل ومعهم البينات عليها‏,‏ ومعظمهم جاء بالبينات الخوارق‏..‏ والنص يقول‏:(‏ وأنزلنا معهم الكتاب‏)‏ بوصفهم وحدة‏,‏ وبوصف الكتاب وحدة كذلك‏,‏ إشارة إلي وحدة الرسالة في جوهرها‏.‏
‏(‏والميزان‏)..‏ مع الكتاب‏,‏ فكل الرسالات جاءت لتقر في الأرض‏,‏ وفي حياة الناس ميزانا ثابتا ترجع إليه البشرية‏..‏ ميزانا لايحابي أحدا لأنه يزن بالحق الإلهي للجميع‏,‏ ولايحيف علي أحد لأن الله رب الجميع‏.‏
فلابد من ميزان ثابت يثوب إليه البشر‏..(‏ ليقوم الناس بالقسط‏)!‏
‏(‏ وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس‏,‏ وليعلم الله من ينصره‏,‏ ورسله بالغيب‏)‏ والتعبير بـ‏(‏ أنزلنا الحديد‏)‏ كالتعبير في موضع آخر بقوله تعالي‏(‏ وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج‏)‏ كلاهما يشير إلي إرادة الله وتقديره في خلق الأشياء والأحداث‏...‏ أنزل الله الحديد‏(‏ فيه بأس شديد‏)‏ وهو قوة الحرب والسلم‏(‏ ومنافع للناس‏)‏ وتكاد حضارة البشر القائمة الآن تقوم علي الحديد‏(‏ وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب‏)‏ وهي إشارة إلي الجهاد بالسلاح‏,‏ تجيء في موضعها من السورة التي تتحدث عن بذل النفس والمال‏.‏
ولما تحدث عن الذين ينصرون الله ورسله بالغيب‏,‏ عقب علي هذا بإيضاح معني نصرهم لله ورسله‏,‏ فهو نصر لمنهجه ودعوته‏,‏ أما الله سبحانه فلا يحتاج منهم إلي نصر‏:‏ إن الله قوي عزيز‏..‏
وذكر صاحب ـ‏(‏صفوة البيان لمعاني القرآن‏):..‏ و‏(‏أنزلنا الحديد‏)‏ أي خلقناه لكم‏,‏ كقوله تعالي‏(‏ وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج‏)‏ أي هيأناه لكم‏,‏ وأنعمنا به عليكم‏,‏ وعلمناكم استخراجه من الأرض وصنعته بإلهامنا‏,(‏ فيه بأس شديد‏)‏ أي فيه قوة وشدة‏,‏ فمنه جنة وسلاح‏,‏ وآلات للحرب وغيرها‏,‏ وفي الآية إشارة إلي احتىاج الكتاب والميزان إلي القائم بالسيف‏,‏ ليحصل القيام بالقسط‏,(‏ ومنافع للناس‏)‏ في معاشهم ومصالحهم‏,‏ وما من صنعة إلا والحديد آلتها‏,‏ كما هو مشاهد‏,‏ فالمنة به عظمي‏...‏
وقال صاحب‏(‏ صفوة التفاسير‏):(‏ وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد‏)‏ أي وخلقنا وأوجدنا الحديد فيه باس شديد‏,‏ لأن آلات الحرب تتخذ منه‏,‏ كالدروع والرماح والتروس والدبابات وغير ذلك ومنافع للناس أي وفيه منافع كثيرة للناس كسكك الحراثة والسكين والفأس وغير ذلك‏,‏ وما من صناعة إلا والحديد آلة فيها‏,‏ قال أبوحيان‏:‏ وعبر تعالي عن إيجاده بالإنزال كما قال‏:(‏ وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج‏)‏ لأن الأوامر وجميع القضايا والأحكام لما كانت تلقي من السماء جعل الكل نزولا منها‏,‏ وأراد بالحديد جنسه من المعادن قاله الجمهور‏.‏
وذكر أصحاب‏(‏ المنتخب في تفسير القرآن الكريم‏)‏ مانصه‏:‏ لقد أرسلنا رسلنا الذين اصطفيناهم بالمعجزات القاطعة‏,‏ وأنزلنا معهم الكتب المتضمنة للأحكام وشرائع الدين والميزان الذي يحقق الإنصاف في التعامل‏,‏ ليتعامل الناس فيما بينهم بالعدل‏,‏ وخلقنا الحديد فيه عذاب شديد في الحرب‏,‏ ومنافع للناس في السلم‏,‏ يستغلونه في التصنيع‏,‏ لينتفعوا به في مصالحهم ومعايشهم‏,‏ وليعلم الله من ينصر دينه‏,‏ وينصر رسله غائبا عنهم إن الله قادربذاته‏,‏ لايفتقر إلي عون أحد‏.‏
وجاءوا في الهامش ببعض من صفات الحديد وفوائده‏.‏

حديد الأرض في العلوم الكونية

بينما لاتتعدي نسبة الحديد في شمسنا‏0.0037%‏ فإن نسبته في التركيب الكيميائي لأرضنا تصل إلي‏35,9%‏ من مجموع كتلة الأرض المقدرة بحوالي ستة آلاف مليون مليون مليون طن‏,‏ وعلي ذلك فإن كمية الحديد في الأرض تقدر بأكثر من ألفي مليون مليون مليون طنا‏,‏ ويتركز الحديد في قلب الأرض‏,‏ أو مايعرف باسم لب الأرض‏,‏ وتصل نسبة الحديد فيه إلي‏90%‏ ونسبة النيكل‏(‏ وهو من مجموعة الحديد‏)‏ إلي‏9%‏ وتتناقص نسبة الحديد من لب الأرض إلي الخارج باستمرار حتى تصل إلي‏5,6%‏ في قشرة الأرض‏.‏
وإلي أواخر الخمسينيات من القرن العشرين لم يكن لأحد من العلماء إمكانية التصور‏(‏ ولو من قبيل التخيل‏)‏ أن هذا القدر الهائل من الحديد قد أنزل إلي الأرض من السماء إنزالا حقيقيا‏!!‏
كيف أنزل؟ وكيف تسني له اختراق الغلاف الصخري للأرض بهذه الكميات المذهلة؟ وكيف أمكنه الاستمرار في التحرك بداخل الأرض حتى وصل إلي لبها؟ وكيف شكل كلا من لب الأرض الصلب ولبها السائل علي هيئة كرة ضخمة من الحديد والنيكل يحيط بها وشاح منصهر من نفس التركيب‏,‏ ثم أخذت نسبته في التناقص باستمرار في اتجاه قشرة الأرض الصلبة؟
لذلك لجأ كل المفسرين للآية الكريمة التي نحن بصددها إلي تفسير‏(‏ وأنزلنا الحديد‏)‏ بمعني الخلق والإيجاد والتقدير والتسخير‏,‏ لأنه لما كانت أوامر الله تعالي وأحكامه تلقي من السماء إلي الأرض جعل الكل نزولا منها‏,‏ وهو صحيح‏,‏ ولكن في أواخر القرن العشرين ثبت لعلماء الفلك والفيزياء‏,‏ الفلكية أن الحديد لايتكون في الجزء المدرك من الكون إلا في مراحل محددة من حياة النجوم تسمي بالعماليق الحمر‏,‏ والعماليق العظام‏,‏ والتي بعد أن يتحول لبها بالكامل إلي حديد تنفجر علي هيئة المستعرات العظام‏,‏ وبانفجارها تتناثر مكوناتها بما فيها الحديد في صفحة الكون فيدخل هذا الحديد بتقدير من الله في مجال جاذبية أجرام سماوية تحتاج إليه مثل أرضنا الابتدائية التي وصلها الحديد الكوني‏,‏ وهي كومة من الرماد فاندفع إلي قلب تلك الكومة بحكم كثافته العالية وسرعته المندفع بها فانصهر بحرارة الاستقرار في قلب الأرض وصهرها‏,‏ ومايزها إلي سبع أرضين‏!!‏ وبهذا ثبت أن الحديد في أرضنا‏,‏ بل في مجموعتنا الشمسية بالكامل قد أنزل إليها إنزالا حقيقيا‏.‏

أولا‏:‏ إنزال الحديد من السماء

في دراسة لتوزيع العناصر المختلفة في الجزء المدرك من الكون لوحظ أن غاز الإيدروجين هو أكثر العناصر شيوعا إذ يكون أكثر من‏74%‏ من مادة الكون المنظور‏,‏ ويليه في الكثرة غاز الهيليوم الذي يكون حوالي‏24%‏ من مادة الكون المنظور‏,‏ وأن هذين الغازين وهما يمثلان أخف العناصر وأبسطها بناء يكونان معا أكثر من‏98%‏ من مادة الجزء المدرك من الكون‏,‏ بينما باقي العناصر المعروفة لنا وهي‏(103)‏ عناصر تكون مجتمعة أقل من‏2%‏ من مادة الكون المنظور‏,‏وقد أدت هذه الملاحظة إلي الاستنتاج المنطقي أن أنوية غاز الإيدروجين هي لبنات بناء جميع العناصر المعروفة لنا وأنها جميعا قد تخلقت باندماج أنوية هذا الغاز البسيط مع بعضها البعض في داخل النجوم بعملية تعرف باسم عملية الاندماج النووي تنطلق منها كميات هائلة من الحرارة‏,.‏ وتتم بتسلسل من أخف العناصر إلي أعلاها وزنا ذريا وتعقيدا في البناء‏.‏
فشمسنا تتكون أساسا من غاز الإيدروجين الذي تندمج أنويته مع بعضها البعض لتكون غاز الهيليوم وتنطلق طاقة هائلة تبلغ عشرة ملايين درجة مئوية‏,‏ ويتحكم في هذا التفاعل‏(‏ بقدرة الخالق العظيم‏)‏ عاملان هما زيادة نسبة غاز الهيليوم المتخلق بالتدريج‏,‏ وتمدد الشمس بالارتفاع المطرد في درجة حرارة لبها‏,‏ وباستمرار هذه العملية تزداد درجة الحرارة في داخل الشمس تدريجيا‏,‏ وبازديادها ينتقل التفاعل إلي المرحلة التالية التي تندمج فيها نوي ذرات الهيليوم مع بعضها البعض منتجة نوي ذرات الكربون‏12,‏ ثم الأوكسجين‏16‏ ثم النيون‏20,‏ وهكذا‏.‏
وفي نجم عادي مثل شمسنا التي تقدر درجة حرارة سطحها بحوالي ستة آلاف درجة مئوية‏,‏ وتزداد هذه الحرارة تدريجيا في اتجاه مركز الشمس حتى تصل إلي حوالي‏15‏ مليون درجة مئوية‏,‏ يقدر علماء الفيزياء الفلكية أنه بتحول نصف كمية الإيدروجين الشمسي تقريبا إلي الهيليوم فإن درجة الحرارة في لب الشمس ستصل إلي مائة مليون درجة مئوية‏,‏ مما يدفع بنوي ذرات الهيليوم المتخلقة إلي الاندماج في المراحل التالية من عملية الاندماج النووي مكونة عناصر أعلي في وزنها الذري مثل الكربون ومطلقة كما أعلي من الطاقة‏,‏ ويقدر العلماء أنه عندما تصل درجة حرارة لب الشمس إلي ستمائة مليون درجة مئوية يتحول الكربون إلي صوديوم ومغنيسيوم ونيون‏,‏ ثم تنتج عمليات الاندماج النووي التالية عناصر الألومنيوم‏,‏ والسيليكون‏,‏ والكبريت والفوسفور‏,‏ والكلور‏,‏ والأرجون‏,‏ والبوتاسيوم‏,‏ والكالسيوم علي التوالي‏,‏ مع ارتفاع مطرد في درجة الحرارة حتى تصل إلي ألفي مليون درجة مئوية حين يتحول لب النجم إلي مجموعات التيتانيوم‏,‏ والفاناديوم‏,‏ والكروم‏,‏ والمنجنيز والحديد‏(‏ الحديد والكوبالت والنيكل‏)‏ ولما كان تخليق هذه العناصر يحتاج إلي درجات حرارة مرتفعة جدا لاتتوافر إلا في مراحل خاصة من مراحل حياة النجوم تعرف باسم العماليق الحمر والعماليق العظام وهي مراحل توهج شديد في حياة النجوم‏,‏ فإنها لاتتم في كل نجم من نجوم السماء‏,‏ ولكن حين يتحول لب النجم إلي الحديد فانه يستهلك طاقة النجم بدلا من إضافة مزيد من الطاقة إليه‏,‏ وذلك لأن نواة ذرة الحديد هي أشد نوي العناصر تماسكا‏,‏ وهنا ينفجر النجم علي هيئة مايسمي باسم المستعر الأعظم من النمط الأول أو الثاني حسب الكتلة الابتدائية للنجم‏,‏ وتتناثر أشلاء النجم المنفجر في صفحة السماء لتدخل في نطاق جاذبية أجرام سماوية تحتاج إلي هذا الحديد‏,‏ تماما كما تصل النيازك الحديدية إلي أرضنا بملايين الأطنان في كل عام‏.‏
ولما كانت نسبة الحديد في شمسنا لاتتعدي‏0.0037%‏ من كتلتها وهي أقل بكثير من نسبة الحديد في كل من الأرض والنيازك الحديدية التي تصل إليها من فسحة الكون‏,‏ ولما كانت درجة حرارة لب الشمس لم تصل بعد إلي الحد الذي يمكنها من انتاج السيليكون‏,‏ أو المغنيسيوم‏,‏ فضلا عن الحديد‏,‏ كان من البديهي استنتاج أن كلا من الأرض والشمس قد استمد ما به من حديد من مصدر خارجي عنه في فسحة الكون‏,‏ وأن أرضنا حينما انفصلت عن الشمس لم تكن سوي كومة من الرماد المكون من العناصر الخفيفة‏,‏ ثم رجمت هذه الكومة بوابل من النيازك الحديدية التي انطلقت إليها من السماء فاستقرت في لبها بفضل كثافتها العالية وسرعاتها الكونية فانصهرت بحرارة الاستقرار‏,‏ وصهرت كومة الرماد ومايزنها إلي سبع أرضين‏:‏ لب صلب علي هيئة كرة ضخمة من الحديد‏(90%)‏ والنيكل‏(9%)‏ وبعض العناصر الخفيفة من مثل الكبريت‏,‏ والفوسفور‏,‏ والكربون‏(1%)‏ يليه إلي الخارج‏,‏ لب سائل له نفس التركيب الكيميائي تقريبا‏,‏ ويكون لب الأرض الصلب والسائل معا حوالي‏31%‏ من مجموع كتلة الأرض‏,‏ ويلي لب الأرض إلي الخارج وشاح الأرض المكون من ثلاثة نطق‏,‏ ثم الغلاف الصخري للأرض‏,‏ وهو مكون من نطاقين‏,‏ وتتناقص نسبة الحديد من لب الأرض إلي الخارج باستمرار حتى تصل إلي‏5,6%‏ في قشرة الأرض وهي النطاق الخارجي من غلاف الأرض الصخري‏.‏
من هنا ساد الاعتقاد بأن الحديد الموجود في الأرض والذي يشكل‏35,9%‏ من كتلتها لابد وأنه قد تكون في داخل عدد من النجوم المستعرة من مثل العماليق الحمر‏,‏ والعماليق العظام والتي انفجرت علي هيئة المستعرات العظام فتناثرت أشلاؤها في صفحة الكون ونزلت إلي الأرض علي هيئة وابل من النيازك الحديدية‏,‏ وبذلك أصبح من الثابت علميا أن حديد الأرض قد أنزل إليها من السماء‏,‏ وأن الحديد في مجموعتنا الشمسية كلها قد أنزل كذلك إليها من السماء‏,‏ وهي حقيقة لم يتوصل العلماء إلي فهمها إلا في أواخر الخمسينيات‏,‏ من القرن العشرين‏,‏ وقد جاء ذكرها في سورة الحديد‏,‏ ولايمكن لعاقل أن يتصور ورودها في القرآن الكريم الذي أنزل منذ أكثر من أربعة عشر قرنا علي نبي أمي‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ وفي أمة كانت غالبيتها الساحقة من الأميين‏,‏ يمكن أن يكون له من مصدر غير الله الخالق الذي أنزل هذا القرآن بعلمه‏,‏ وأورد فيه مثل هذه الحقائق الكونية لتكون شاهدة إلي قيام الساعة بأن القرآن الكريم كلام الله الخالق‏,‏ وأن سيدنا محمدا‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ ما كان ينطق عن الهوي‏(‏ إن هو إلا وحي يوحي‏*‏ علمه شديد القوي‏.‏

ثانيا‏:‏ البأس الشديد للحديد

الحديد عنصر فلزي عرفه القدماء‏,‏ فيما عرفوا من الفلزات من مثل الذهب‏,‏ والفضة‏,‏ والنحاس‏,‏ والرصاص‏,‏ والقصدير والزئبق‏,‏ وهو أكثر العناصر انتشارا في الأرض‏(35,9%)‏ ويوجد أساسا في هيئة مركبات الحديد من مثل أكاسيد‏,‏ وكربونات‏,‏ وكبر يتيدات‏,‏ وكبريتات وسيليكات ذلك العنصر‏,‏ ولايوجد علي هيئة الحديد النقي إلا في النيازك الحديدية وفي جوف الأرض‏.‏
والحديد عنصر فلزي شديد البأس‏,‏ وهو أكثر العناصر ثباتا وذلك لشدة تماسك مكونات النواة في ذرته التي تتكون من ستة وعشرين بروتونا‏,‏ وثلاثين نيوترونا‏,‏ وستة وعشرين إليكترونا‏,‏ ولذلك تمتلك نواة ذرة الحديد أعلي قدر من طاقة التماسك بين جميع نوي العناصر الأخرى‏,‏ ولذا فهي تحتاج إلي كميات هائلة من الطاقة لتفتيتها أو للإضافة إليها‏.‏
ويتميز الحديد وسبائكه المختلفة بين جميع العناصر والسبائك المعروفة بأعلي قدر من الخصائص المغناطيسية‏,‏ والمرونة‏(‏ القابلية للطرق والسحب وللتشكل‏)‏ والمقاومة للحرارة ولعوامل التعرية الجوية‏,‏ فالحديد لاينصهر قبل درجة‏1536‏ مئوية‏,‏ ويغلي عند درجة‏3023‏ درجة مئوية تحت الضغط الجوي العادي عند سطح البحر‏,‏ وتبلغ كثافة الحديد‏7,874‏ جرام للسنتيمتر المكعب عند درجة حرارة الصفر المطلق‏.‏

ثالثا‏:‏ منافع الحديد للناس

للحديد منافع جمة وفوائد أساسية لجعل الأرض صالحة للعمران بتقدير من الله‏,‏ ولبناء اللبنات الأساسية للحياة التي خلقها ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ فكمية الحديد الهائلة في كل من لب الأرض الصلب‏,‏ ولبها السائل تلعب دورا مهما في توليد المجال المغناطيسي للأرض‏,‏ وهذا المجال هو الذي يمسك بكل من الغلاف الغازي والمائي والحيوي للأرض‏,‏ وغلاف الأرض الغازي يحميها من الأشعة والجسيمات الكونية ومن العديد من أشعات الشمس الضارة‏,‏ ومن ملايين الأطنان من النيازك‏,‏ ويساعد علي ضبط العديد من العمليات الأرضية المهمة من مثل دورة كل من الماء‏,‏ والأوكسجين‏,‏ وثاني أكسيد الكربون‏,‏ والأوزون وغيرها من العمليات اللازمة لجعل الأرض كوكبا صالحا للعمران‏.‏
والحديد لازمة من لوازم بناء الخلية الحية في كل من النبات والحيوان والانسان إذ تدخل مركبات الحديد في تكوين المادة الخضراء في النباتات‏(‏ الكلوروفيل‏)‏ وهو المكون الأساسي للبلاستيدات الخضراء التي تقوم بعملية التمثيل الضوئي اللازمة لنمو النباتات‏,‏ ولانتاج الأنسجة النباتية المختلفة من مثل الأوراق والأزهار‏,‏ والبذور والثمار والتي عن طريقها يدخل الحديد إلي أنسجة ودماء كل من الانسان والحيوان‏,‏ وعملية التمثيل الضوئي هي الوسيلة الوحيدة لتحويل طاقة الشمس إلي روابط كيميائية تختزن في أجساد جميع الكائنات الحية‏,‏ وتكون مصدرا لنشاطها أثناء حياتها‏,‏ وبعد تحلل أجساد تلك الكائنات بمعزل عن الهواء تتحول إلي مختلف صور الطاقة المعروفة‏(‏ القش‏,‏ والحطب‏,‏ والفحم النباتي‏,‏ والفحم الحجري‏,‏ والغاز الفحمي والنفط‏,‏ والغاز الطبيعي وغيرها‏),‏ والحديد يدخل في تركيب بروتينات نواة الخلية الحية الموجودة في المادة الحاملة للشفرة الوراثية للخلية‏(‏ الصبغيات‏)‏ كما يوجد في سوائل الجسم المختلفة‏,‏ وهو أحد مكونات الهيموجلوبين وهي المادة الأساسية في كرات الدم الحمراء‏,‏ ويقوم الحديد بدور مهم في عملية الاحتراق الداخلي للأنسجة والتمثيل الحيوي بها‏.‏ ويوجد في كل من الكبد‏,‏ والطحال والكلي‏,‏ والعضلات والنخاع الأحمر‏,‏ ويحتاج الكائن الحي إلي قدر محدد من الحديد إذا نقص تعرض للكثير من الأمراض التي أوضحها فقر الدم والحديد عصب الصناعات المدنية والعسكرية فلا تكاد صناعة معدنية أن تقوم في غيبة الحديد‏.‏

العلاقة بين رقم سورة الحديد في المصحف الشريف ورقم الآية في السورة بكل من الوزن الذري والعدد الذري للحديد علي التوالي
للحديد ثلاثة نظائر يقدر وزنها الذري بحوالي‏57,56,54‏ ولكن أكثرها انتشارا هو النظير الذي يحمل الوزن الذري‏56(55,847).‏
ومن الغريب أن رقم سورة الحديد في المصحف الشريف هو‏57,‏ وهو يتفق مع الوزن الذري لأحد نظائر الحديد‏,‏ ولكن القرآن الكريم يخاطب المصطفي‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ في سورة الحجر بقول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم‏(‏ الحجر‏:87)‏
وواضح من هذه الآية الكريمة أن القرآن الكريم بنصه يفصل فاتحة الكتاب عن بقية القرآن الكريم‏,‏ وبذلك يصبح رقم سورة الحديد‏(56)‏ وهو الوزن الذري لأكثر نظائر الحديد شيوعا في الأرض‏,‏ كذلك وصف سورة الفاتحة بالسبع المثاني وآياتها ست يؤكد أن البسملة آية منها‏(‏ ومن كل سورة من سور القرآن الكريم ذكرت في مقدمتها‏,‏ وقد ذكرت في مقدمة كل سور القرآن الكريم ماعدا سورة‏(‏ التوبة‏)‏ وعلي ذلك فإذا أضفنا البسملة في مطلع سورة الحديد إلي رقم آية الحديد وهو‏(25)‏ أصبح رقم الآية‏(26)‏ وهو نفس العدد الذري للحديد‏,‏ ولايمكن أن يكون هذا التوافق الدقيق قد جاء بمحض المصادفة لأنها لايمكن أن تؤدي إلي هذا التوافق المبهر في دقته‏,‏ وصدق الله العظيم الذي قال في وصفه للقرآن الكريم‏.‏
لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفي بالله شهيدا‏*‏ ‏(‏النساء‏:166)‏
وقوله تعالي
(أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا )‏(‏النساء‏82)‏

 

 

مواضيع ذات علاقة

اسم الموضوع

هجري

تاريخ الموضوع

الإعجاز في علوم الأرض في القرآن الكريم

30 شعبان 1429

2008/08/31

الإعجاز في جسم الإنسان في القرآن الكريم

06 شعبان 1429

2008/08/07