قوله تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ اختلفوا في هذه الآية هل هي منسوخة أو
محكمة؟ فقال قوم: هي منسوخة لأنها تقتضي وجوب القتال على الكل؛ لأن الكل خوطبوا
بها، وكتب بمعنى فرض قال ابن جريج سألت عطاء، أواجب الغزو على الناس من أجل هذه
الآية؟ فقال: [لا] إنما كتب على أولئك حينئذ وقال ابن أبي نجيح سألت "مجاهدا هل
الغزو واجب على الناس" ؟ فقال: لا. إنما كتب عليهم يومئذ وقد اختلف أرباب هذا القول
في ناسخها على قولين:
أحدهما: أنه قوله تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا قاله عكرمة.
والثاني: قوله: فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ وقد [زعم]
بعضهم أنها ناسخة من وجه، ومنسوخة من وجه، وذلك أن الجهاد كان "على ثلاث" طبقات:
الأولى : المنع من القتال، وذلك مفهوم من قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ
قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ فنسخت بهذه الآية ووجب بها التعين على الكل،
وساعدها قوله تعالى: انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا ثم استقر الأمر على أنه إذا قام
بالجهاد قوم سقط على الباقين بقوله تعالى: فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ
مِنْهُمْ طَائِفَةٌ والصحيح أن قوله: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ محكم، وأن فرض
الجهاد لازم للكل، إلا أنه من فروض الكفايات، إذا قام به قوم سقط عن الباقين فلا
وجه للنسخ.