بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

مرحبا بكم مع الشيخ خالدالمغربي - المسجد الأقصى

002

البقرة

آية رقم 222

وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ

صدق الله العظيم

 

قوله تعالى: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى توهم قوم قل علمهم أن هذه الآية منسوخة، فقالوا: هي تقتضي مجانبة الحائض على الإطلاق كما يفعله اليهود، ثم نسخت بالسنة، وهو ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أباح الاستمتاع بالحائض إلا النكاح، وكان النبي صلى الله عليه وسلم "يستمتع من الحائض بما دون الإزار وهذا ظن منهم فاسد لأنه لا خلاف بين الآية والأحاديث، قال أحمد بن حنبل: المحيض موضع الدم ويوضح هذا التعليل للنهي بأنه أذى فخص المنع مكان الأذى [ثم لو] كانت الأحاديث تضاد الآية قدمت الآية، لما بينا في أول الكتاب من أن الناسخ ينبغي من أن يشابه المنسوخ في قوته والقرآن أقوى من السنة.

 

الحكمة من تحريم معاشرة النساء أثناء المحيض
 

بقلم الدكتور عمر الأشقر 
حرَّم الله على الرجال نكاح أزواجهم إذا كن حُيَّضاً، ونص القرآن على علة التحريم، وهي كون المحيض أذى (ويسألونك عن المحيض قل هو أذىً فاعتزلوا النساء في المحيض) البقرة/ 222. والدراسات العلمية في هذا المجال كشفت لنا عن شيء من الأذى الذي أشارت إليه الآية الكريمة، ولكنهم لم يصلوا إلى التعرف على جميع الأذى الذي عناه النص القرآني، فالعلم في تقدم مستمر، وفي كل يوم يكتشف جديداً، ينبئنا هذا الجديد أن علمنا كان قاصراً.
يقول الدكتور محيي الدين طالو العلبي: ((يجب الامتناع عن جماع المرأة الحائض لأن جماعها يؤدي إلى اشتداد النزف الطمثي، لأن عروق الرحم تكون محتقنة وسهلة التمزق وسريعة العطب، كما أن جدار المهبل سهل الخدش، وتصبح إمكانية حدوث الالتهابات كبيرة مما يؤدي إلى التهاب الرحم أيضاً أو يحدث التهاب في عضو الرجل بسبب الخدوش التي تحصل أثناء الانتصاب والاحتكاك، كما أن جماع الحائض يسبب اشتمئزازاً لدى الرجل وزوجه على السواء بسبب وجود الدم ورائحته، وبالتالي قد يؤثر على الزوج فيصاب بالبرود الجنسي (العنة).
وجماع النفساء له نفس أضرار الحائض، يضاف له عدم شعور كل من الزوجين باللذة بسبب تمدد جوف المهبل خلال الولادة، ويسبب الآلام خلال الجماع، والتي تنجم عن تنبيه تقلص الرحم وآلامها.
ويقول الدكتور البار متحدثاً عن الأذى الذي في المحيض: ((يُقذف الغشاء المبطن للرحم بأكمله أثناء الحيض، وبفحص دم الحيض تحت المجهر نجد بالإضافة إلى كرات الدم الحمراء والبيضاء قطعاً من الغشاء المبطن للرحم، ويكون الرحم متقرحاً نتيجة لذلك، تماماً كما يكون الجلد مسلوخاً، فهو معرض بسهولة لعدوان البكتيريا الكاسح، ومن المعلوم طبياً أن الدم هو خير بيئة لتكاثر الميكروبات ونموها، وتقل مقاومة الرحم للميكروبات الغازية نتيجة لذلك، ويصبح دخول الميكروبات الموجودة على سطح القضيب يشكل خطراً داهماً على الرحم.
ومما يزيد الطين بلة أن مقاومة المهبل لغزو البكتيريا تكون في أدنى مستواها أثناء الحيض، إذ يقل إفراز المهبل للحامض الذي يقتل الميكروبات، ويصبح الإفراز أقل حموضة إن لم يكن قلوي التفاعل، كما تقل المواد المطهرة الموجودة بالمهبل أثناء الحيض إلى أدنى مستوى لها، وليس ذلك فحسب، ولكن جدار المهبل المكون من عدة طبقات من الخلايا يرق أثناء الحيض، ويصبح رقيقاً ومكوناً من طبقة من الخلايا بدلاً من الطبقات العديدة التي نراها في أوقات الطهر، وخاصة في وسط الدورة الشهرية حيث يستعد الجسم بأكمله للقاء الزوج.
لهذا فإن إدخال القضيب إلى الفرج والمهبل في أثناء الحيض ليس إلا إدخالاً للميكروبات في وقت لا تستطيع فيه أجهزة الدفاع أن تقاوم، كما أن وجود الدم في المهبل والرحم يساعد على نمو تلك الميكروبات وتكاثرها.
ومن المعلوم أن على جلد القضيب ميكروبات عديدة، ولكن المواد المطهرة والإفراز الحامض للمهبل يقتلها أثناء الحمل، أما أثناء الحيض فأجهزة الدفاع مشلولة، والبيئة الصالحة لتكاثر الميكروبات متوفرة)).
ويرى الدكتور البار أن الأذى لا يقتصر على ما ذكره من نمو الميكروبات في الرحم والمهبل الذي يصعب علاجه، ولكن يتعداه إلى أشياء أخرى منها:
1 ـ امتداد الالتهابات إلى قناتي الرحم تسدها، أو تؤثر على شعيراتها الداخلية التي لها دور كبير في دفع البويضة من المبيض إلى الرحم، وذلك يؤدي إلى العقم، أو إلى الحمل خارج الرحم، وهو أخطر أنواع الحمل على الإطلاق، ويكون الحمل عندئذ في قناة الرحم الضيقة ذاتها، وسرعان ما ينمو الجنين وينهش في جدار القناة الرقيق، حتى تنفجر القناة الرمية، فتنفجر الدماء أنهاراً إلى أقتاب البطن، وإن لم تتدارك الأم في الحال بإجراء عملية جراحية سريعة فإنها لا شك تلاقي حتفها.
2 ـ امتداد الالتهاب إلى قناة مجرى البول، فالمثانة فالحالبين فالكلى، وأمراض الجهاز البولي خطيرة ومزمنة.
3 ـ ازدياد الميكروبات في دم الحيض وخاصة ميكروب السيلان.
ويبين لنا الدكتور البار أن المرأة الحائض تكون في حالة جسمية ونفسية لا تسمح لها بالجماع، فإن حدث فإنه يؤذيها أذى شديداً، ثم يعرض لنا ما يصحب المرأة أثناء حيضها من علل وأوجاع وآلام فيقول:
1 ـ يصاحب الحيض آلام تختلف في شدتها من امرأة إلى أخرى، وأكثر النساء يصبن بآلام وأوجاع الظهر واسفل البطن، وبعض النساء تكون آلامهن فوق الاحتمال مما يستدعي استعمال الأدوية والمسكنات، ومنهن مَن يحتجن إلى زيارة الطبيب من أجل ذلك.
2 ـ تصاب كثير من النساء بحالة من الكآبة والضيق أثناء الحيض وخاصة عند بدايته، وتكون المرأة عادة متقلبة المزاج سريعة الاهتياج قليلة الاحتمال، كما أن حالتها العقلية والفكرية تكون في أدنى مستوى لها أثناء الحيض.
3 ـ تصاب بعض النساء بالصداع النصفي (الشقيقة) قرب بداية الحيض، وتكون الآلام مبرحة وتصحبها زغللة في الرؤية وقيء.
4 ـ تقل الرغبة الجنسية لدى المرأة وخاصة عند بداية الطمث، بل إن كثيراً من النساء يكن عازفات تماماً عن الاتصال الجنسي أثناء الحيض، ويملن إلى العزلة والسكينة، وهو أمر فسيولوجي وطبيعي، إذ إن فترة الحيض هي فترة نزيف دموي من قعر الرحم (الغشاء المبطن للرحم من الداخل). وتكون الأجهزة التناسلية بأكملها في حالة شبه مرضية، فالجماع في هذه الآونة ليس طبيعياً، ولا يؤدي أي وظيفة، بل على العكس يؤدي إلى الكثير من الأذى.
5 ـ على الرغم من أن الحيض عملية فسيولوجية (طبيعية) بحتة، فإن استمرار فقدان الدم كل شهر يسبب نوعاً من فقر الدم لدى المرأة، وخاصة إذا كان الحيض شديداً غزيراً في كميته.
6 ـ تصاب الغدد الصماء بالتغير أثناء الحيض، فتقل إفرازاتها الحيوية المهمة للجسم إلى أدنى مستوى لها أثناء الحيض.
7 ـ تنخفض درجة حرارة المرأة أثناء الحيض درجة مئوية كاملة، وذلك لأن العلميات الحيوية التي لا تتوقف في الكائن الحي تكون في أدنى مستوى لها أثناء الحيض، وتسمى هذه العمليات بالأيض أو الاستقلاب، ونتيجة لذلك يقل إنتاج الطاقة من الجسم، كما تقل عمليات التمثيل الغذائي.
8 ـ ومع انخفاض درجة حرارة الجسم في المرأة نتيجة للعوامل السابقة يبطئ النبض وينخفض ضغط الدم، فيسبب الشعور بالدوخة والفتور والكسل.
ويذكر الدكتور البار أيضاً أن: الأذى لا يقتصر على الحائض في وطئها، وإنما ينتقل إلى الرجل الذي وطئها أيضاً، فإدخال القضيب إلى المهبل المليء بالدماء يؤدي إلى تكاثر الميكروبات والتهاب قناة مجرى البول لدى الرجل، وتنمو الميكروبات السبحية والعنقودية على وجه الخصوص في مثل هذه البيئة الدموية.
وتنتقل الميكروبات من قناة مجرى البول إلى البروستاتا والمثانة، والتهاب البروستاتا سرعان ما يزمن لكثرة قنواتها الضيقة الملتفة، والتي نادراً ما يصلها الدواء بكمية كافية لقتل الميكروبات المختفية في تلافيفها، فإذا أزمن التهاب البروستاتا فإن الميكروبات سرعان ما تغزو بقية الجهاز البولي التناسلي، فتنتقل إلى الحالبين، ومنه إلى الكلى، وما أدراك ما التهاب الكلى المزمن، إنه العذاب حتى يحين الأجل .. ولا علاج.
وقد تنتقل الميكروبات من البروستاتا إلى الحويصلات المنوية، فالحبل المنوي، فالبربخ، فالخصيتين. وقد يسبب ذلك عقماً نتيجة انسداد قناة المني أو التهاب الخصيتين، كما أن الآلام المبرحة التي يعانيها المريض تفوق ما قد ينتج عن ذلك الالتهاب من عقم.
وأخيراً يذكر الدكتور البار أنه ظهر بحث قدمه البروفيسور عبدالله باسلامة إلى المؤتمر الطبي السعودي السادس جاء فيه أن الجماع أثناء الحيض قد يكون أحد أسباب سرطان عنق الرحم، ويحتاج هذا الأمر إلى مزيد من الدراسة للتأكد.
وصدق الله العظيم إذ يقول: (ويسألونك عن المحيض قل هو أذىً) البقرة/ 222. نعم هو أذى للزوجة وأذى للزوج، وعدم قربان المرأة في المحيض طهارة، طهارة من الأنجاس والأمراض. والله يحب التوابين ويحب المتطهرين (ولا تقربوهنّ حتى يطهرن فإذا تطهَّرن فأتوهنّ من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين) البقرة(222.
 

 

 

الصلاة مفيدة للحامل ومضرة للحائض
 

صورة لجنين في رحم أمه

مجلة المجتمع/ أثبتت الدراسات الطبية الحديثة أن حركات البدن والرياضة مثل الصلاة تفيد كثيراً النساء الحوامل، كما أنها تضر كثيراً الحائضات، لأن المرأة المصلية عندما تؤدي السجود والركوع يزيد جريان الدم إلى الرحم، بالإضافة إلى أن خلية الرحم والمبيض شبيهة بخلية الكبد التي تجذب كثيراً من الدماء.
ولا شك أن رحم الحامل يحتاج إلى الدماء الوفيرة لكي تغذي الجنين ولتصفية الملوثات من دمه، وعندما تؤدي الحامل الصلاة، فإنها تساعدها في إيصال الدم بوفرة إلى الجنين.
أما الحائض إذا أدت الصلاة فإنها تسبب اندفاع الدم بكثرة إلى رحمها، مما يؤدي إلى فقدانه ونزوله في دم الحيض.
ويقدر حجم الدم والسوائل المفقودة من جسم المرأة أيام الحيض ب 34 ملي لتر من الدم ومثله من السوائل، ولو أدت الحائض الصلاة فإنها تتسبب في هلاك الجهاز المناعي بجسمها؛ لأن كريات الدم البيضاء التي تقوم بدور مهم في المناعة، تضيع عبر دماء الطمث المفقودة من الجسم.
ونزيف الدم بصفة عامة يزيد من احتمالات العدوى بالأمراض، أما الحائضات فقد حفظهن الله سبحانه من العدوى بتركيز كريات الدم البيضاء في الرحم خلال الدورة الشهرية لكي تقوم بالمدافعة والحماية ضد الأمراض.
أما إن صلت المرأة أثناء الحيض فإنها تفقد الدماء بقدر هائل وتفقد معها كثيراً من كريات الدم البيضاء، مما يعرض سائر أعضاء جسمها مثل الكبد والطحال والغدة الليمفاوية والمخ للمرض، وتظهر هنا حكمة منع الصلاة أيام الحيض للنساء حتى يطهرن، كما وصفه القرآن علي انه أذى بقوله.
بالإضافة إلى أن تحريك الجسم لا سيما في السجود والركوع، يزيد سيل الدماء إلى الرحم ويسهل فقدانه هباءً، بالإضافة إلى ما يسببه من نقص الأملاح المعدنية من الجسم. وينصح الأطباء في فترة الطمث بالاستراحة وتناول الوجبات الغذائية، لكي لا يضيع من الجسم الدم وسائر الأملاح الثمينة، وهنا تتضح أيضاً حكمة منع الصوم أيضاً للنساء الحيض.

بقلم يوسف أبو بكر المدني
مجلة المجتمع : المجتمع الصحي
تاريخ: 29/04/2006
 

 

 

من أسرار العبادات الطبية
 

 بقلم الدكتور محمد جميل الحبال

طبيب وباحث عراقي مقيم في السعودية

إن فيما فرض الله عز وجل على خلقه وشرع لهم من أحكام وعبادات حكماً وأسرارا ومصالح تعود على العباد بالخير في الدنيا والآخرة، وقد علمَّنا الله عز وجل في كثير من آيات الكتاب المبين أسرار تشريعه وفوائدها  شحناً لأذهاننا أن تفكر وتعمل وإيحاءً إلى أن هذا التشريع الإلهي الخالد لم يقم إلاّ على ما يحقق للناس من مصلحة أو يدفع عنهم ضرراً. والإسلام لا يتنكر للعقل ولا يخاطب الناس إلاّ بما يتفق مع التفكير السليم والمنطق السديد. ومابرح الناس في كل عصر يرون من فوائد التشريع ما يتفق مع تفكيرهم ومصالحهم وهذا دليل على أن الإسلام من عند الله جلَّ وعلى.

وما سنذكره من أسرار وفوائد طبية للعبادات ليس لتبرير العبادات نفسها، فالأصل في العبادات التعبد، نقوم بها طاعة لله عز وجل وتقرباً إليه وإن لم تدرك أسرارها أو تعرف حكمتها، ولعل في تتبع الفوائد والأسرار الطبية في العبادات ما يُثبِّت إيماننا ويقوي يقيننا بحقائق هذا الدين وهذا ما سنجدهُ في هذه الأبحاث جلياً وواضحاً: قال تعالى: (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ)[النحل: 102].

الوضوء والاغتسال (الطهارة والنظافة):

إذا كانت الطهارة و النظافة عند بعض الناس مسألة ذوق ومزاج شخص أو ذات ارتباط بالحالة الاقتصادية للإنسان فهي في الإسلام تخضع لنظام محدد يشعر الملتزم به بضرورة تنفيذه بدافع ذاتي مستمر، أوليس فاتحة كتب الفقه جميعاً باب الطهارة ؟!

والأسباب الداعية للغسل (الاستحمام) في الإسلام ثلاثة وعشرون سبباً بين الإيجاب والاستحباب، بل أن ثاني سورة في القرآن أنزلت تنادي بالنظافة قال عز وجل (وثيابك فطهر) [المدثر: 4].

وقال عز وجل (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)[البقرة: 222] وقال أيضاً (وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ)[الأنفال: 11]، وقال صلى الله عليه وسلم (الطهور شطر الإيمان) رواه الإمام مسلم،  وقال صلى الله عليه وسلم (من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحّدث  فيها نفسهُ غُفر لهُ ما تقدم من ذنبه) رواه الأمام  البخاري.

و يمكننا أن نلخص تأثير الوضوء والغسل وفوائدهما بما يلي:

الوقاية من انتقال الكثير من الأمراض المعدية (السارية):

إن معظم هذه الأمراض  تنتقل بتلوث الأيدي وأهمها ما يسمى بأمراض القذارة  (Feco- Oral Route)  ومنها التهاب الكبد الفيروسي و الهيضه (الكوليرا) والحمى التيفؤدية والزحار العصوي والأميبي والالتهاب المعوي بالعصيات القولونية وتسمم الطعام الجرثومي، والتي تشكل أهم المشاكل الصحية في البلاد النامية، وهي مسئولة لحد كبير عن ارتفاع معدل الوفيات فيها وتعتمد الوقاية منها على النظافة الشخصية (غسل الأيدي قبل الطعام وبعد كل تغوط) قال صلى الله عليه وسلم: (بركة الطعام الوضوء قبلهُ والوضوء بعدهُ) [رواه الأمام مسلم]. والوضوء هنا بمعنى الغسل (غسل الأيدي).

تنشيط الدورة الدموية:

يقوم الوضوء والاغتسال بتنشيط الدورة الدموية العامة و الجسد بتنبيه الأعصاب وتدليك الأعضاء والعضلات من خلال دلك الجلد الذي هو أحد الأعضاء الهامة في الإنسان. كما قد ثبت أيضا أن الدورة الدموية في الأطراف العلوية من اليدين والساعدين والأطراف السفلية من القدمين والساقين أضعف منها في الأعضاء الأخرى لبعدها عن المركز الذي هو القلب فإن غسلها مع دلكها يقوي الدورة الدموية لهذه الأعضاء من الجسم مما يزيد في نشاط الشخص وفعاليته.

الوقاية من الكثير من الأمراض السارية التي تنتقل عن طريق الجهاز التنفسي (Droplet infection ):

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من توضأ فليستنثر) [رواه الأمام البخاري]، وقال أيضاً (إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ثم لينثر... وإذا أستيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها في وضوئه، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده) [رواه الأمام البخاري]، ومعنى قوله (فلبستنثر أو لينثر): أي ليجعل في أنفه ماء ثم يخرجه نفخاً مما يساعد على نظافة المنخرين وطرد المواد الغريبة منهما.

حيث  بعد إجراء دراسات ميدانية تبين أن الأنف مستودع لتكاثر كثير من الجراثيم وباستعراض جميع الوسائل الصحية الوقائية  المفيدة لتجنب تلوث الأنف بالجراثيم، تبين للأطباء أن غسل الأنف المتكرر خمسة مرات في اليوم أثناء الوضوء  (الاستنثار) هو ابسطها وأنفعها مما جعل مجموعة من أطباء كلية جامعة الإسكندرية أن يقوموا بدراسة بحثية طبية عميقة استغرقت عامين على مئات من المواطنين الأصحاء الذين لا يتوضأون وبالتالي لا يصلون واخذ عدد مساوٍ لهم من المنتظمين على الوضوء والصلاة.

وفحصت أنوفهم وأخذت مساحات منها لعمل زرع مختبري وفحص مجهري وكانت نتائج مدهشة نشرت في الأوساط العلمية داخل وخارج مصر وكان لها رد فعل إيجابي كبير،  فقد ظهر فرق شاسع في الحالة الصحية لتجويف الأنف الداخلي بين المجموعتين من حيث اللون والملمس والسطح ووجود الأتربة والعوالق والقشور والإفرازات والأهم  من ذلك: هو ظهور الأنف عند غالبية الذين يتوضأون باستمرار نظيفاً طاهراً خالياً من الجراثيم  لخلو المزارع الجرثومية تماماً من أي نوع منها بينما أظهرت أنوف الذين لا يتوضأون مزارع جرثومية ذات أنواع متعددة وبكميات كبيرة.

ونستنتج من الدراسة القيمة أعلاه أن الذين يتوضاؤن هم  في وقاية  لأنفسهم من الأمراض المعدية التي تنتقل عن طريق المسالك التنفسية العليا ومن أهمها الأنف وكذلك  فإنهم لا يشكلون مصدر عدوى في محيطهم ومجتمعهم بخلاف الذين لا يتوضاؤن ولا يستنثرون !!

المضمضة:

المضمضة هي إدخال الماء في الفم وإدارته في جميع أنحاه ثم إخراجه منه وهو من متطلبات الوضوء وقد ثبت أن المضمضة تحفظ الفم والبلعوم من الالتهابات، ومن تقيح اللثة، وتقي الأسنان من التنخر بإزالة الفضلات الطعامية العالقة بها، فقد ثبت علمياً أن 90% من الذين يفقدون أسنانهم قبل الأوان لا يهتمون بنظافة الفم حيث أن الصديد والعفونة في الفم عامل مهم جداً في تسبب كثير من الأمراض، وباستخدام السواك تزداد الصورة وضوحاً في عظمة دين الإسلام والحكمة من شرائعه، كما تبين أن المضمضة تنمي بعض العضلات في الوجه وقد تجعلهُ مستديراً... وهذا التمرين يذكره ويؤكد عليه القليل من أساتذة الرياضة لانصراف معظمهم إلى العضلات الكبيرة في الجسم فقط.

الوقاية من سرطان الجلد:

كما ثبت أن تأثير أشعة الشمس في إحداث سرطان الجلد لا يصيب إلا الأماكن الظاهرة المعرضة لها، وفائدة الوضوء وتكراره يكفل ترطب سطح الجلد بالماء وخاصة الجزء المعرض للأشعة الشمس مما يحمي الخلايا الداخلية من التعرض للآثار الضارة لأشعة الشمس (Ultraviolet light)، وهذا مما يؤكد فضل الوضوء كسلاح للمسلم يحتمي به من هذا المرض،علماً أن سرطان الجلد  بأنواعه خاصة الملون منها (Melanoma) هو أكثر أنواع السرطان شيوعاً  وأخطرها في المجتمع الغربي وأمريكا واستراليا هو مرض غير شائع في بلاد المسلمين رغم قوة أشعة الشمس فيها مما تشير إلى أهمية الوضوء وغسل الأعضاء بالماء للوقاية من هذه الإصابات وهذا يؤكد عظمة وصية الرسول  صلى الله عليه وسلم بترك تجفيف الأعضاء بعد الوضوء من الماء.

تخليص البدن من الأوساخ:

ومن فوائد الوضوء والاغتسال تخليص البدن من الأوساخ والأدران العالقة به  وخاصة الأجزاء المكشوفة منه وباستمرار، ومن ثم تحفظ وظائف الجلد من أن تتعطل، وندرك هذه الفائدة بمعرفتنا لوظائف الجلد المتعددة ومنها كخط الدفاع الأول للجسم: فقد أثبتت دراسة أجرتها منظمة الصحة العالمية أن استعمال الماء النظيف فقط في الغسل من الماء  يزيل حوالي 90% من الجراثيم وبدون الحاجة إلى إضافة المطهرات والمعقمات!!

وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيان ذلك فعن أبي هريرة رضي الله عنه (أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء؟ قالوا: لا يبقى من درنه شيء. قال صلى الله عليه وسلم: فذلك مثل الصلوات لخمس يمحو الله بهن الخطايا) [متفق عليه].

فالصلوات الخمس وما تتطلبه من وضوء وطهارة قبلها كشرط لصحتها تخلص البدن من الأدران الخارجية العالقة بالجسد وكذلك تخلص وتنقي النفس من الأدران الداخلية (الذنوب والمعاصي) أيضاً.

والحمد لله رب العالمين


 

E-Mail: alhabbal45@yahoo.com

 

 

مواضيع ذات علاقة

اسم الموضوع

هجري

تاريخ الموضوع

الإعجاز الطبي والدوائي في القرآن الكريم

12 شعبان 1429

2008/08/13

الآيات المنسوخة عند ابن الجوزي

 

2008/07/26

 

مطويات ذات علاقة

الموضوع الذي أخذت منه المطوية المطوية كنسخة وورد هجري التاريخ الرقم
  تدبر القرآن الكريم وتفسيره - الحلقة العاشرة

الناسخ والمنسوخ - جدول الآيات المنسوخة

1429/07/22 2008/07/25 073
  تدبر القرآن الكريم وتفسيره - الحلقة التاسعة

الناسخ والمنسوخ

1429/07/15 2008/07/18 072