بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

مرحبا بكم مع الشيخ خالدالمغربي - المسجد الأقصى

002

البقرة

آية رقم 266

أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ

صدق الله العظيم

 

مثل المؤمن كشجرة لايتحات ورقها
 

مثل المؤمن كشجرة

إعداد الدكتور نظمي خليل أبو العطا موسى

في جلسة علمية إيمانية عصف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذهن أصحابه قائلاً لهم: ( مثل المؤمن كشجرة لايتحات ورقها )  أي لايسقط ورقها.

هل تعلم أخي المسلم الشجرة المقصودة في لحديث السابق؟!

وما الحكمة في تشبيه المؤمن بهذه الشجرة ؟!

الحديث كما رواه الامام مسلم في صحيحه: عن ابن عمر (رضي الله عنهما ) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً لأصحابه: أخبروني عن شجرة مثلها مثل المؤمن ؟!!

وفي رواية ( مثل المؤمن كشجرة لايتحات ورقها ).فجعل القوم يذكرون الشجر من شجر البوادي، قال ابن عمر (رضي الله عنهما): وألقي في روعي أنها النخلة، فجعلت أريد أن أقولها فإذا بأسنان القوم (أي كبارهم وشيوخهم) فأهاب أن أتكلم.

فلما سكتوا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " هي النخلة ".

 إذاً الشجرة المقصودة هي النخلة.

الشجرة والمؤمن:

- الشجرة سيدة المملكة النباتية من الناحية العلمية، الظاهرية، والتشريحية والوظائفية، والبيئية فهي: معمرة تتغلب على التقلبات السنوية، طيبة مثمرة نافعة.

-   المؤمن: سيد المخلوقات الانسانية من الناحية العلمية، والعقائدية،والوظائفية والاجتماعية فهو: يتحمل المصاعب، مثمر أينما وقع نفع.

والسؤال المطروح عليك أخي المسلم مالحكمة في تشبيه رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤمن بالنخلة؟

إليك بعض ما فتح الله به علينا في ذلك:

أولاً: ثبات الشكل الظاهري:

فالنخلة رغم جمالها الأخاذ لها شكل ظاهري واحد لايتغير إلا للأحسن فيزداد حسنها بظهور ثمرها ودنو قطوفها، وللمؤمن أيضاً هيئة ظاهرية واحدة، لا يتقلب حسب الموضة والأهواء، ولكنه يتزين لزوجته فيسرها بمنظره قال ابن عباس:  ( إني أتزين لامرأتي كما احب أن تتزين لي )، وهو يتزين في العيدين وقت قطوف ثواب الصوم والحج كما تتزين النخلة وقت قطوف الثمر، ويتزين يوم الجمعة، وعند المجالس، والمساجد ومقابلة الوفود، وهو يتزين بالمشروع ولايتزين بغير المشروع.

ثانياً: ثبات الأصل وسمو الفرع:

فالنخلة أصلها ثابت في الأرض، وفرعها في السماء، تتحمل الجفاف، وتقلبات الطقس، وتصبر على الشدائد البيئية، ولاتعصف بها الرياح بسهولة، وتستمد طاقتها من الشمس والهواء بورقها المهيأ لذلك وقوتها في هالتها الورقية.

والمؤمن قوي ثابت في أصول الإيمان، يرتبط بالأرض التي خلق منها واستمد منها الماء والمعادن، ويتحمل الشدائد والفتن والابتلاء، ويصبر ولا يضجر وهامته مرفوعة تستمد نورها وعلمها من السماء، حيث الوحي وأوامر الله، ويرفع يديه إلى الله في الدعاء والشدة. وقوة المؤمن في عقله وتفكيره، وقوة النخلة في هالتها الورقية، والمؤمن لايستغني عن الوحي الإلهي، والنخلة لا تستغني عن الضوء الإلهي.

ثالثاً: النفع الدائم:

فالنخلة نافعة بثمارها، وأوراقها،  وظلها، وجذعها، وخوصها، وكرانيفها، وليفها، وكروبها، وعذوقها، وأنويتها، وقطميرها، وجمارها، وجمالها في حياتها وبعد موتها.

والمؤمن أينما وقع نفع، وهو نافع: بعلمه، وأخلاقه، وماله، وجهده، وحديثه، وفضل زاده، وفضل ظهره، وفعله، وقوته، وأمره بالمعروف، ونهيه عن المنكر، وتعاونه على البر والتقوى، وتراحمه، وترابطه، وتآزره مع المجتمع.

رابعاً: مقابلة السيئة بالحسنة:

فالنخلة صبورة حليمة كريمة تُرمى بالحجر فتسقط أطيب الثمر.

والمؤمن معرض عن اللغو، وإذا خاطبه الجاهلون قال سلاماً، ويصفح عن المسيئين ولا يظلم ولايجهل على الجاهلين كما قال الشاعر:

        كن كالنخيل عن الأحقاد مرتفعا

                                يرمى بحجر فيلقي بأطيب الثمر

خامساً: دنو القطوف مع سمو الأخلاق:

فالنخلة قطوفها دانية في كل أحوالها، في حال قصرها وطول جذعها لسهولة الصعود إليها، والصعود إليها لا ينال من أوراقها، ولا يكسر أغصانها، ولا ينال جُمارها ولابرعمها الطرفي.

والمؤمن سهل القطوف، يؤثر على نفسه ولو كان به خصاصة، ويطعم الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيرا، يحب الناس ويغدق عليهم، ولايتخلى عن أخلاقه وثوابته مهما زادت الألفة والمحبة والمخالطة بينه وبين الناس.

سادساً: يؤكل ثمرها كل حين:

فالنخلة نافع بثمارها،وأوراقها، وظلها، وجذعها، وخوصها، وكرانيفها، وليفها، وكروبها، وعذوقها، وأنويتها، وقطميرها، وجمارها، وجمالها في حياتها وبعد موتها.

فالنخلة يؤكل ثمرها بكميات كافية كل حين على هيئة: الطلع، والجمري، والبُسر، والرطب، والمقابة، والتمر(1)، وعندما تجف الثمار تؤكل طوال العام فهي زاد للمسافر وعصمة للمقيم، سهلة التخزين بطيئة الفساد والتغير.

والمؤمن يخرج زكاة ماله كل حول إن بلغ ماله النصاب، ويخرج زكاة فطره في رمضان، ويتصدق طوال العام، ويسارع في الخيرات، ويطعم الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيرا، وهو يطعم عند العقيقة لأبنائه، وعند الزواج، وعند الأضحية، وعند الحج، وعند خروج الثمار وغير ذلك من أوجه اطعام الطعام.

سابعاً: محكومية الحركة:

فالنخلة غير مدادة، لا تعتدي على جيرانها بسيقانها أوفروعها، ولها حرم معلوم، وهي محكومة في انتشارها في البيئة لذلك لاتؤذي المحيطين بها.

والمؤمن محكوم بالضوابط الشرعية مع المحيطين به، متوقع السلوك، لايدخل بيت غيره إلاﱠ بإذنه، ولايطلع على عورات غيره، ولايترك لبصره العنان، تجده حيث أمره الله، وتفتقده حيث نهاه، ويتقي الله حيثما كان.

ثامناً: تشذب في العام مرة:

فالنخلة تشذب في العام مرة حيث تسقط الأوراق الصفراء التالفة.

 والمؤمن يصوم في العام مرة، وتسقط عنه ذنوبه بالصوم، ويتزين بعد الصيام في العيد.

تاسعاً: أهمية البرعم الطرفي:

فالنخلة على خلاف معظم الشجر تموت إذا قطع برعمها الطرفي.

والمؤمن من دون العقل يسقط عنه التكليف والحساب، ويصبح في عداد الأموات من حيث الثواب والعقاب.

عاشراً: معلومية التلقيح:

فالنخلة رغم أنها من ذوات الفلقة الواحده ذاتية التلقيح الهوائي مثل القمح والشعير والذرة والموز والأرز، ولكن النخلة خلاف نباتات الفلقة الواحدة تحتاج إلى تأبير، وهي تعلن عن حاجتها للتلقيح عندما تخرج نوراتها، وعندما يتم تلقيحها تنشق بطريقة يعلم الجميع منها أنها لقحت، وإذا تركت دون تلقيح بالإنسان شاصت.

وكذلك المؤمن مشهود على زواجه ودخوله بزوجه من الجميع، ومعلن عن ذلك بالدفوف، ويحتاج زواجه إلى شاهدين وولي وإيجاب وقبول، والزواج السري باطل.

أحد عشر: أفضلها معلومة الصفات الوراثية:

فأفضل أنواع النخل معلوم الأصل يتم تكاثره خضرياً بالفسائل أو بزراعة الأنسجة.

والمؤمن معلوم الأصول الوراثية، وهو ثابت في دينه، لايبتدع، ولايخلط شرع الله بشرع البشر، وإذا صنع ذلك فسد عمله ورد كما يتلف النخل إذا بدل صفاته الوراثية، ولاتؤكل ثماره ولاتباع بسهوله، بل يعلف به الدواب لرداءته.

ثاني عشر: حلو الطعم عديم الرائحة:

فثمار النخلة حلوة الطعم عديمة الرائحة، وكذلك المؤمن الذي يعمل بالقرآن ولايقرؤه، فطعمه حلو ولا رائحة له.

ثالث عشر: تفاوت الدرجات:

فالنخلة أنواع وأجناس وأصناف، منها شديد الحلاوة ممتاز الطعم (كالعجوة وهي تمر المدينة المنورة التي زرعها المصطفى صلى الله عليه وسلم بيديه ومنها جيد الطعم ومع ذلك ففي كل النخل خير، وكذلك إيمان المؤمن يزيد وينقص، والمؤمنون درجات منهم الصديقون ومنهم السابقون ومنهم المذنبون ( والمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير).

رابع عشر: النخلة لايتساقط ورقها:

الورقة في النبات هي الموضع الرئيس للبناء الضوئي والنتح ورفع العصارة من الأرض، وتثبت ثاني أكسيد الكربون الجوي وطاقة الشمس الضوئية وتشطر الماء لتنتج المواد الغذائية والأكسجين للكائنات الحية وبها تظلل الشجرة الانسان والحيوان، وعندما تسقط الورقة في النباتات الوسطية، تتوقف العمليات السابقة  وتدخل الشجرة في كمون للعام القادم.

أما النخلة فهي من النباتات دائمة الخضرة التي لايتحات ( أي يسقط ) ورقها فهي دائمة البناء الضوئي وانتاج الأكسجين والتظليل وصعود العصارة.

وهكذا المسلم دائم التلقي من الله ودائم الانتاج والعبادة طوال العام ولايستغني عن رحمة الله ورزقه وطاعته طرفة عين فهو دائم التلقي والعطاء، كما أن النخلة دائمة التلقي والعطاء.

النخلة ورسول الله  صلى الله عليه وآله وسلم، وأصحابه الكرام:

النخلة هي الزرع أي الأصل، والصحابة هم الشطء أي الفسائل وهذا مثل الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابه في الإنجيل ( ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار ) الفتح 29. وقدبينا الاعجاز العلمي في هذه الآية، وكيف يشهد القرآن والنبات بعدالة الصحابة واتباعهم(2).

وصف جميل للنخلة:

قال لقمان لإبنه يابني: ليكن أول شيء تكسبه بعد الإيمان بالله خليلاً صالحاً فإنما الخليل الصالح كالنخلة إذا قعدت في ظلها أظلتك، وإذا احتطبت من حطبها نفعتك، وإذا أكلت من ثمارها وجدته طيباً.

وعن الشعبي أن قيصر ملك الروم كتب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أما بعد فإن رسلي أخبرتني أن قِبَلكم (بكسر القاف وفتح الفاء ) شجرة، تُخرج مثل أذان الفيله، ثم تنشق عن مثل الدر الأبيض، ثم تخضر كالزمرد الأخضر، ثم تحمر فتكون كالياقوت الأحمر، ثم تنضج فتكون كأطيب فالوذج (حلوى) أكل، ثم تينع وتيبس فتكون عصمة للمقيم وزاداً للمسافر، فإن تكن رسلي صدقتني فإنها من شجر الجنة.

فكتب إليه عمر رضي الله عنه يقول:

بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله أمير المؤمنين إلى قيصر ملك الروم السلام على من اتبع الهدى، أما بعد، فإن رسلك قد صدقتك، وإنها الشجرة التي أنبتها الله جل وعز على مريم حين نفست بعيسى فاتق الله ولاتتخذ عيسى إلها من دون الله.

قال أبو حاتم السجستاني رحمه الله في كتابه النخل: النخلة سيدة الشجر مخلوقة من طين آدم – صلوات الله عليه – وقد ضربها الله – جل وعز- مثلاً لقول (لاإله إلا الله ) فقال تعالى: ( ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة )، وهي قول لاإله إلا الله  ( كشجرة طيبة ) وهي النخلة، فكما أن لا إله إلا الله سيدة الكلام كذلك النخلة سيدة الشجر

وهكذا إخوة الإسلام مثل المؤمن كشجرة لايتحات ورقها فهو كالنخلة في صفاتها ونفعها وجمالها وكرمها وسموها.

بقلم الدكتور نظمي خليل أبو العطا موسى

أستاذ النبات ـ ومدير مركز ابن النفيس في البحرين

www.nazme.net

الهوامش: 

(1)- مراحل نمو الثمرة وتكوينها – للتفصيل انظر موضوع النخلة في القرآن الكريم والعلم الحديث في كتابنا آيات معجزات من القرآن الكريم وعالم النبات.

(2)- انظر موضوعنا القرآن والنبات يشهدان بعدالة الصحابة.

 

 

وجنات من أعناب
 

بقلم الدكتور نزار الدقر

قال تعالى: (فأنبتنا فيها حباً، وعنباً وقضباً وزيتوناً ونخلاً) سورة عبس: 28.

وقال تعالى: (ومن النخل من طلعها قنوان دانية وجنات من أعناب) سورة الأنعام: 99.

وقال تعالى: (وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب) سورة الرعد: 4.

وقال تعالى: (ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب) سورة النحل:11.

وقال تعالى: (ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكراً ورزقاً حسناً) سورة النحل:67.

وقال تعالى: (وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب) سورة يس: 34.

وقال تعالى: (إن للمتقين مفازاً، حدائق وأعناباً) سورة النبأ: 32.

ذكر الله سبحانه وتعالى العنب، في أحد عشر موضعاً من كتابه الكريم، وذلك في معرض تعداده للنعم التي أنعم الله وامتن على عباده بها، سواء في هذه الدار أو في جنة الخلد التي وعد المتقون.

قال ابن القيم عن العنب (أنه من أفضل الفواكه وأكثرها منافع هو فاكهة مع الفواكه، وقوت مع الأقوات ودواء مع الأدوية وشراب مع الأشربة. ومنفعته: يسهل الطبع ويسمن ويغذو جيده غذاء حسناً) ـ ومجففه الزبيب: (وأجود الزبيب ما كبر جسمه وسمن شحمه ولحمه ورق قشره وهو يغذي غذاء صالحاً. وإذا أكل منه بعجمه كان أكثر نفعاً للمعدة والكبد والطحال وإذا ألصق لحمه على الأظافير المتحركة أسرع قلعها وهو يخصب الكبد، ونافع من وجع الحلق والصدر والرئة والكلى  والمثانة…).

أما ابن البيطار فيقول عن العنب أن: (أجوده الكبار الرقيق القشر، القليل البذر، والأحمر أعدل وهو أشهى الفاكهة وأجودها غذاء يسمن سمناً عظيماً، يصلح الهزال ويصفى الدم وهو جيد للمعدة، ينهض الشهوة ويصلح للمرضى ويقوي القلب) والحصرم غض العنب ومن فوائده أنه: (نافع لنفث الدم العارض وشرابه قابض، مقو للمعدة، نافع لمن يعسر هضمه للطعام ولمن به قولنج. ويستعان بشراب الحصرن على تلطيف الحرارة وقطع العطش وتليين البطن…).

والعنب Grapesشجيرات من الفصيلة الكرمية تدعى بالدوالي، لها أنواع مختلفة الثمار وهو فاكهة قديمة قدم الإنسان نفسه. ومن الثابت أن العنب أكثر الفواكه فائدة على الإطلاق فله دوره الفعال في بناء خلايا الجسم وترميم أنسجته وتقويته، وفي علاج العديد من أمراضه كما أن له قدرة خاصة على وقاية الإنسان من العديد من العلل والأمراض.

التركيب التحليلي لثمرة العنب :

يحتوي العنب على مواد سكرية وتبلغ قيمتها 15%، منها حوالي 7% جلوكوز، ونسبته تزداد كلما نضجت الثمار، وهو أبسط المواد السكرية تركيباً، وأسهلها هضماً وامتصاصاً وتمثيلاً بالجسم.

كذلك يحتوي العنب على مواد بروتينية 1.5%، ومواد دهنية 1.5%.

القيمة الغذائية للعنب:

العنب غني بالسكريات التي يعتمد عليها الكبد اعتماداً كبيراً في تخزينها للاستفادة منها عند الحاجة إليها كالصيام مثلاً. والسكريات هي المادة الأساسية للاحتراق، وإنتاج الطاقة اللازمة للنشاط والحيوية.

قشر العنب غني بالفيتامين(ب) المركب، الذي يدخل في عمليات حيوية كثيرة في جسم الإنسان، وهو عامل مهم في سلامة الجهاز العصبي.

وكذلك يحتوي العنب على كمية لا بأس بها من فيتامين (ج) الذي يرفع من مناعة الجسم، ويقلل من احتمالات إصابته بالميكروبات والجراثيم.

والجدول الآتي يبين ما يحتويه كل 100جم من العنب :

العنصر

النسبة بالحجم

العنصر

النسبة بالحجم

ماء

81.6 جم

بروتين

 0.8جم

دهون

0.4جم

كربوهيدرات

16.7جم

ألياف

4.3جم

فيتامين (أ)

80  وحدة دولية

فيتامين (ب1)

0.05ملجم

فيتامين (ب2)

80  وحدة دولية

حمض نيكوتينيك

4ملجم

فيتامين (ج)

0.03ملجم

حمض بانتوثينيك

0.8ملجم

بوتاسيوم

0.5ملجم

كالسيوم

17ملجم

فوسفور

234ملجم

حديد

0.6ملجم

 

21ملجم

وتعطي كل 100جم من العنب 68 كيلو سعراً حرارياً .

استخدامات العنب الطبية :

1.    للعنب تأثير ملين على الأمعاء، لذلك يستخدم في حالات الإمساك.

2.    العنب يزيد من إدرار البول، ويخفف نسبة حمض البوليك في الدم وهو أحد المخلفات الغذائية ذات التأثير الضار بالصحة، حيث إنها تترسب في المفاصل مسببة آلاماً مبرحة (مرض النقرس).

3.    نظراً لما يحتويه العنب من مواد سكرية (الجلوكوز)، فإنه يساعد على حفظ سلامة الكبد، وتنشيط وظائفه، وزيادة إدراره من عصارة الصفراء.

فالعنب الناضج إذن غذاء ممتاز، سريع الهضم جداً أما قبل أن ينضج ـ الحصرم ـ فقليل الغذاء ويحضر منه شراب كشراب الليمون، وعصير كعصيره.

وإذا كان يؤكل طازجاً في أواخر الصيف والخريف فيمكن أكل مجففه (الزبيب) طوال فصل الشتاء والزبيب يحتفظ بأكثر خواص العنب الطازج وخلاصة فيتاميناته وأملاحه المعدنية وأجود الزبيب ما صنع من عنب كثير الشحم، رقيق القشرة، قليل البذور.

 

الزبيب يحتفظ بأكثر خواص العنب الطازج

ويؤكد جان فالنيه S.Valnet أن العنب منشط للعضلات والأعصاب نافع في زيادة وزن المهزولين ويصفه كعلاج في كثير من الأمراض، حيث يؤكل وحده خلال أيام وبمقدار 1ـ2كغ يومياً وقد لفت (ماكفادن) الأنظار إلى أن الإصابة بالسرطان تكاد تكون معدومة في المناطق التي يكثر فيها إنتاج العنب مما يشير إلى أن للعنب أثراً واقياً من السرطان.

وللعنب أنواع كثيرة كلها مفيدة وكل ما في ثماره نافع من القشرة إلى البذرة فمن قشور العنب تستخلص مواد لتنظيف الأمعاء كالعفص والحوامض الحرة وليس من حرج على الإنسان من الإكثار من العنب إلا أن تكون أمعاءه مصابة بالالتهاب ومن بذوره يستخرج زيت غني بالخواص الدسمة غير المشبعة وفيه كمية من الفيتامين (هـ: H) ويدرس اليوم موضوع الاستفادة من هذا الزيت عند المصابين بالعلل القلبية وارتفاع الضغط وزيادة كولسترول الدم.

ولعصير العنب فوائد جمة وخاصة عندما يعصر مع بذوره، ويشترط أن يتناول العصير بسرعة لأنه سريع التخمير ويعطى علاجاً شافياً للمتسممين والمرهقين والناقهين، ولإذابة الحصى والرمال الكلوية. ويؤكد د. نارودتسكي فائدة العصير ضد الإسهال وفي آفات الرئة كما أنه مرطب وملين ومنشط للكبد.

ويحتوي العصير على كمية من الحموض العضوية التي تصلح فساد البدن وحموضة الدم والأحماض الضارة الناشئة عن الهضم وذلك بما تنقلب إليه من أملاح قلوية وهو غني بمركبات الحديد التي تدخل في تكوين الدم ومركبات الكلس التي تقوي العظام والأسنان وأخيراً فهناك الزبيب فهو منشط للعضوية ومقو جيد لها.

مراجع البحث

1ـ ابن قيم الجوزية: الطب النبوي ـ القاهرة: 1978.

2ـ ضياء الدين بن البيطاء: تحفة ابن البيطار في العلاج بالأعشاب والنبات.

3ـ د. صبري القباني: الغذاء لا الدواء ـ بيروت: 1992.

4ـ أحمد قدامة: قاموس الغذاء والتداوي بالنبات بيروت: 1982.

5ـ هيفاء هرملاني: العلاج بالفاكهة والخضار ـ بيروت: 1991.

6ـ د. محمد بدر الدين زيتوني: الطب الشعبي والتداوي بالأعشاب دمشق: 1990.

7ـ السيد الجميلي: الاعجاز الطبي في القرآن ـ 1982.

http://www.foodsubs.com/Fruitdry.html

http://en.wikipedia.org/wiki/Grape

 

 

القرآن و النبات يشهدان بعدالة الصحابة - معجزة علمية !!
 

بقلم الدكتور نظمي خليل أبو العطا موسى

سبق أن بينا في كتابنا آيات معجزات من القرآن الكريم وعالم النبات التفسير العلمي للآية (29) من سورة الفتح  تحت عنوان : ( كزرع أخرج شطأه ).

        واليوم نعيش مع إعجاز آخر في هذه الآية وفتح جديد بفضل الله، وهو شهادة النبات الزهري  بإقرار الآية القرآنية رقم (29) من سورة الفتح  لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنهم رضوان الله عليهم  لم يغيروا، ولم يبتدعوا، ولم يبدلوا، وكان كل واحد منهم رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم في المكان الجديد الذي وصل إليه وعاش فيه .

        وحتى نتعرف هذه المعجزة العلمية،  والشهادة القرآنية النباتية علينا أن نتبين ما يلي :

أنواع التكاثر في النباتات البذرية :

         المعلوم علمياً أن النباتات البذرية  تتكاثر بطريقتين رئيستين :

الطريقة الأولى : التكاثر الجنسي ( Sexual reproduction ) (البذري ):

 وفي هذه الطريقة يتم اتحاد المشيج المذكر ( في حبة اللقاح) مع المشيج المؤنث ( في البويضة ) لإنتاج نبات جديد يحمل خليط من الصفات الوراثية للآباء .

خصائص التكاثر الجنسي البذري:

- هذا النوع من التكاثر ( التكاثر الجنسي البذري ) غير محكوم الصفات الوراثية، ولامأمون العواقب الانتاجية، فقد يحدث تغيير في الصفات الوراثية تجعل النبات الجديد مغايرا في صفاته الظاهرية و الجينية لصفات النبات الأب والنبات الأم. 

- ينفصل النبات الجديد عن النبات الأم وتنقطع علاقته به عادة بعد نضج البذره والحبه ولايعيش في كنف الشجرة الأم طويلاً ولا يحميها، ولا يقويها بل يضعفها إذا نبت ونمى في محيطها.

- يستغرق وقتاً طويلاً حتى تزهر النباتات الجديدة وتثمر خاصة في الأشجار والشجيرات .

الطريقة الثانية التكاثر الخَضَري  أو التكاثراللاجنسي :

( Asexual reproduction or vegetative reproduction )

        وهي الطريقة التي يتكاثر بها النبات البذري، بالعقل، والبراعم، والتطعيم، والجذور، والسيقان، وغيرها من أنواع التكاثر الخَضَري (بفتح الخاء والضاد ) المعلومة لطلاب التعليم العام .

 

خصائص التكاثر الخضري :

في هذا النوع من التكاثر ينتج نباتات جديدة مشابهه تماماً للنبات الأم في

التركيب الجيني ( Genotype ) والمظهر الخارجي (Phenotype)

- تتميز النباتات الجديدة بسرعة الإِزهار (بكسر الهمزه) والإِثمار خاصة في الأشجار والشجيرات لتكوين هرمون الإِزهار ( Flowaring Hormone)  في أنسجة النبات الأم وانتقاله للنباتات الجديدة ( انظر موضوع هرمون الإزهار واختلاف الليل والنهار في كتابنا آيات معجزات من القرآن الكريم وعالم النبات ).

- يتميز النبات الجديد ( الشطء ) بمؤازرة النبات الأصل للنبات الأم وحمايته .

- إذا نقل النبات الجديد إلى مكان جديد كان صورة طبق الأصل من النبات الأم.

المثل القرآني النباتي المعجز :

ضرب الله سبحانه وتعالى مثلاً علمياً نباتياً قرآنياً معجزاً يدلل بالأدلة العلمية القرآنية أن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، نشروا الدين، ولم يغيروا، ولم يبدلوا, ولم يبتدعوا، ولم ينتكسوا، وأن كل واحد منهم كان مشابهاً في انتاجه العلمي والعقائدي، والسلوكي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنهم حموه وقوُوه وأنهم نشروا الدين بعيداً عن الموطن الأصلي ( مكة المكرمة والمدينة المنورة ) حتى وصلوا إلى الأندلس، والقسطنطينية، والبوسنه والهرسك وفارس، وتونس، والشام، والسودان ومصر وكل مكان وصلوا إليه هم ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .

قال تعالى :( هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا 0 محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضوانا  سيماهم في وجوههم من أثر السجود  ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرعٍ أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يُعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجراً عظيما ) سورة الفتح ( 28 – 29 ).

قال المفسرون في معاني الكلمات :

أخرج شطأه أي :

-         فراخه المتنوعة في جوانبه.

-         ما خرج من الزرع وتفرع من شاطئيه ( أي من جانبيه ).

-         فراخ النخل ( فسائل النخل ) والزرع.

-         ورق الزرع.

-         الشجرة إذا أخرجت غصونها وفروعها.

-         من الشجر ما خرج حول أصوله.

قال الراغب الاصفهاني رحمه الله في مفردات ألفاظ القرآن :

شطء الزرع :  فروخ الزرع، وهو ما خرج منه وتفرع في شاطئيه، أي جانبيه . وجمعه أشطاء.

فاستغلظ: أي فسار من الدقة إلى الغلظة.

فاستوى على سوقه : أي فاستقام على أصوله وجذوعه .

يعجب الزراع : بقوته، وكثافته وغلظه وحسن منظره.

وقال المفسرون:

        هذا مثل ضربه الله سبحانه وتعالى للصحابة رضوان الله عليهم قلَوا في بدء الإسلام,  وكانوا قلة ثم كثروا، فاستحكموا، فترقى أمرهم يوما فيوم بحيث أعجب الناس وأغاظ أعداء الله.

 

وقالوا أيضاً :

        مكتوب في الانجيل سيخرج قوم ينبتون نبات الزرع، يخرج منهم قوم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، وهو مثل ضربه الله تعالى لبدء الاسلام وترقيه في الزيادة إلى أن قوى واستحكم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قام وحده، ثم قواه الله تعالى بمن معه .

قال الدكتور وهبه الزحيلي حفظه الله في التفسير المنير:

        ( وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم ) قال : ( منهم ) هنا لبيان الجنس أي الصحابة وليست للتبعيض لأنهم كلهم بالصفة المذكورة (أ.ﻫ) .

فتنبه أخي المسلم لهذا القول جيداً حتى لايلتبس عليك الأمر في بعض الصحابه رضوان الله عليهم، وتظن أن منهم للتبعيض.

 

التفسير العلمي المعجز للآية:

        هذا مثل علمي معجز من عالم النبات، ضربه الله سبحانه وتعالى لرسول الله صلى الله عليه وسلم ( كزرع ) وللصحابه (و الذين معه )، والعاملين بما جاء به إلى يوم الدين، والمُسلمين له تسليما .

        فرسول الله صلى الله عليه وسلم هو ( الزرع ) الأصل، وصحابته هم (الشطء )، وهو ما تفرع منه وخرج من النباتات الجديدة، والغصون العديدة، وملايين الأوراق الخضراء.

        وإذا رجعنا إلى عالم النبات نرى أن هذا المثل حقيقة علميه.

        فالنباتات النجيلية الحولية من ذوات الفلقة الواحدة، مثل الحنطة  أو البُر

( القمح ) والشعير والأُرز هي أصل الغذاء العالمي في الأرض، تخرج ساقها الأولى وحيدة ضعيفة ولكن سرعان ما يخرج من براعمها الجانبيه والإِبطية الموجودة على العقد القاعدية المزدوجة تحت سطح التربة مباشرة، يخرج منها أفرعاً قاعدية، وبذلك يكون النبات الأصلي الواحد ( الزرع ) أو الساق الصلية الواحدة مجموعة من الفروع ( الشطء ) يصل عددها إلى ما يزيد عن خمسين فرعاً.

        وهذه الفروع لها خصائصها التي ذكرناها سابقا في التكاثر الخضري (اللآجنسي ) ومنها :

-         عدم تغيير الصفات الوراثية .

-         مؤازرة النبات الأم وتقويته وحمايته.

-         يُعجب الزراع.

-         يغيظ الأعداء والحساد والمرجفين والمبتدعين.

ويحدث هذا أيضاً في النخيل، حيث نرى النخلة الواحدة، قد أخرجت فراخها العديده بجوارها .

وهذا تماماً ما صوره القرآن الكريم.

فالرسول صلى الله عليه وسلم هو الأصل ( الزرع ) وصحابته وأتباعه هم الفروع ( الشطء ).

والعاملون في الزراعة والنبات عندما يرون الشطء قد نبت وخرج حول الأصل يفرحون ويستبشرون ويطمئنون أن زرعهم ( الأصل ) قد دبت جذوره في التربة، وقويت أوراقه، وبعد مدة يجدون الشطء قد غطى الأرض وملأها بأفرع مشابهة تماماً للأصل.

وبعد ذلك تظهر آلاف الأزهار والنورات لتعطي آلاف الثمار والبذور والحبوب، ففي بعض النباتات تعطي الحبة الواحدة ما يزيد عن خمسة آلاف حبة، (والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم) البقرة 261 .

وبعض الأجناس النباتية الأخرى من النباتات الزهرية ذوات الفلقة الواحدة مثل نخيل البلح، ونخيل الدوم عندما تخرج أوراقها على سيقانها، فإن الساق تقوى ويزداد قطرها، كما أن تلك النباتات تخرج العديد من الفسائل الجانبيه التي تدعم الشجرة الأم وتقويها، وتنقل عنها صفاتها الوراثية دون تغيير أو تبديل أو تحريف .

ونبات الموز تتكون ساقه من قواعد الأوراق، فهي التي تدعم النبات وتقيمه وتحميه من الهلاك، وفسائله تنقل صفاته الوراثية.

وهذا مثل للصحابة وللمسلمين المتبعين غير المبتدعين، عندما يستمدون علمهم وعملهم وهديهم من علم المصطفى صلى الله عليه وسلم وسنته العملية والقولية وهديه، ويبلغونه كما حملوه من الأصل دون تغيير أو تحريف فهم عدول ضوابط، وكما قال علماء الحديث عن الحديث الصحيح، هو الحديث المسند المتصل إسناده، بنقل العدل الضابط عن العدل الضابط، عن مثله إلى منتهاه ( إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ولا يكون به شذوذ أو عله .

فهم نقلوا، وبنقلون، العلم الصحيح ( الدين ) إلى إي انسان أو مكان يصلون إليه بعدْلٍ وضبط من دون شذوذ أو عله، وكأن كل واحد منهم صورة من رسول الله صلى الله عليه وسلم في البيئة الجديدة.

ومن التكاثر الخَضَري زراعة الأنسجة ( Tissue culture ) ، وفي هذا النوع من التكاثر نأخذ النسيج المرستيمي الخضري ونزرعه على بيئة مغذية صناعية فينتج عندنا نباتات جديدة مشابهة تماماً للنبات الأم.

ويمكننا بنبات واحد إنتاج عشرات الألاف من النباتات الجديدة المطابقة للأصل تماماً، وهذا يدلل أن القرآن لاتنقضي عجائبه ولايخلق عن كثرة الرد .

وكل واحد منا الآن يستطيع أن يكون شطأً ينشر العلم الصحيح من دون تغيير أو تبديل عبر شبكة الاتصالات العالمية ( الإنترنت ) المهم العدل والضبط والبعد عن الشذوذ والعله ( أي النقل عن المصادر الصحيحة، بالنقل الصحيح، وكتابة المصدر).

وبذلك يشهد التكاثر النباتي الخَََضَري ( اللاَجنسي ) بعدالة الصحابة رضوان الله عليهم، واتباعهم، ونقلهم الدين تماماً كما تعلموه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما قال تعالى ( ومثلهم في الانجيل كزرع أخرج شطأه  فأزره فأستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار ) الفتح (29) .

 

الصحابة كالفروع والأغصان :

        إذا أخذنا بالقول الذي يقول ان الشطء هو الفروع التي تحمل الأوراق، فإننا إذا انتقلنا إلى النباتات ذوات الفلقتين المعمرة كالتوت، والفيكس، والتين، والجميز، والتفاح، والكمثرى، والبونسيانا، والكاسيا، وغيرها، فإننا نجد أن سيقانها الأصلية تحمل البراعم الطرفية والجانبية والإِبطية، التي يخرج منها الأفرع الورقية والزهرية، والشجرة الواحدة ذات أصل واحد تحمل آلاف البراعم التي تعطي آلآف الأفرع المشابهة للأصل تماماً في التركيب الوراثي والشكل الظاهري.

من دون الأفرع والأغصان لايقوى النبات، ويقل إزهاره، وإثماره وإنتاجه.

وهكذا الرسول صلى الله عليه وسلم هو الأصل, والصحابة ومن تبعهم هم الفروع والأغصان التي حملت رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى البيئة المحيطة بالنبات، وإذا قمنا بزراعة كل فرع منها بالتكاثر الخََضَري في مكان جديد، عمل كل واحد منهم عمل الأصل، وهذه شهادة علمية قرآنية معجزة تبين أن الصحابة رضوان الله عليهم تفرعوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يغيروا، ولم يبدلوا، وأن متبعهم إلى يوم الدين دون تغيير أو تبديل هو مثلهم ( أي منهم ) .

 

أهمية الفروع والغصون:

-         هي التي تقوي الأصل .

-         هي التي تحمل الأزهار والثمار.

-         هي التي تظلل حول النبات.

-         هي التي تستخدم في التكاثر الخَضَري.

الصحابة كالأوراق للنبات:

-         إذا كان الشطء هو الأوراق كما قال بعض المفسرين, فالأوراق:

-         هي سر استمرار حياة النبات.

-         وهي التي تصنع الغذاء للنبات.

-         وهي التي تقوي النبات.

والورقة النباتية:

-         أعظم مثبت للطاقة الشمسية على الأرض.

-         تنقي البيئة من ثاني اكسيد الكربون، وتنتج الاكسجين.

-         تثبت ثاني اكسيد الكربون باستخدام الطاقة  وهيدروجين الماء لإنتاج الغذاء النباتي .

-         تحفظ درجة حرارة الأرض صالحة لحياة الكائنات الحية عليها .

-         تنقي الجو وتلطفه ولا تلوثه.

-         والأوراق هي سبب رئيس للإِزهار والإِثمار والحياة .

 وهكذا صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الأوراق والفروع )، والرسول صلى الله عليه وسلم ( الأصل والجذع ) .

 

لماذا النبات ( كزرع ) ؟! :

-   ضرب الله سبحانه وتعالى المثل لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالنبات، لأن النبات هو سر الحياة على الأرض، وإذا غاب النبات غاب الغذاء، وغابت الطاقة، وغاب استغلال الماء الأرضي وغابت الحياة عن الأرض.

-         فلا حياة على الأرض دون نبات .

-   ولا حياة حقيقية على الأرض دون رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .

-         النبات يستمد طاقته من أعلاه وهو الذي يربط السماء بالأرض والبيئة المحيطة به .

-         والرسول صلى الله عليه وسلم تلقى رسالته من السماء، وربط الأرض بالسماء والمجتمع.

-   النبات يثبت الطاقة على الأرض ويحولها من طاقة ضوئية يصعب استغلالها بالكائنات الحية مباشرة إلى طاقة كيميائية يسهل استغلالها بالكائنات الحية، كما يثبت ثاني اكسيد الكربون الجوي .

-         والرسول صلى الله عليه وسلم يثبت الوحي ( نور الله ) على الأرض ويجعله في مقدور الانسان .

-   النبات في الآية يشهد بأهمية الإسلام، وأهمية رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأهمية أصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين للحياة السليمة، وللبيئة الأرضية الصحية  والمتزنة.

الرسول صلى الله عليه وسلم والنبات :

-         النبات به حياة الإنسان، والمصطفى صلى الله عليه وسلم به حياة الأبدان  والنفوس والقلوب والعقول.

-   النبات يمد الأرض بمقومات حياة الكائنات الحية، والرسول صلى الله عليه وسلم يمد الأرض بما يحي الانسان عليها ( استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ) الأنفال 94 .

 

مثل معجز :

        هذا مثل علمي قرآني معجز لمن عقله وتدبره، وتعلمه، وحلله تحليلاً علمياً, عقلياً، شرعياً صحيحاً، حيث يعلم عدالة الصحابة رضوان الله عليهم وأهميتهم لنشر الدعوة، وتقويتهم للرسول صلى الله عليه وسلم والإسلام، وهذا ما تؤيده الآيات القرآنية التالية أيضا:

قال تعالى في حق الصحابة :

        ( والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آوو ونصروا أولئك هم المؤمنون حقا لهم مغفرة ورزق كريم ) الأنفال 74 .

وقال تعالى في الصحابة والتابعين لهم :

        ( والسابقون الأولون من المهجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم) التوبة 100 .

 

 

كزرع أخرج شطأه
 

 سنعيش في السطور القليلة القادمة مع التفسير العلمي لآية من آيات القرآن الكرم، لنرى القرآن الكريم لا تتنافى آياته مع حقائق الكون العلمية لأن الذي خلق الخلق هو الذي أنزل القرآن بالحق .

قال تعالى :( مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)[1]

قال المفسرون في معاني الكلمات :

أخرج شطأه :

 فراخه المتنوعة في جوانبه .

ما خرج منه وتفرع في شطائيه أي في جانبيه

شوك السنبل يخرج من الحبة عشر سنبلات وثمان

فراخ النخل والزرع وورقه

الشجر أخرجت غصونها

من الشجر ما خرج حول أصوله

فأزره:فقوى ذلك الشطء الزرع ـ أي أعانه وقواه ـ وتآزر النبات طال وقوي ، صار مثل  الأصل في الطول .

فاستغلظ : فصار من الدقة إلى الغلظة

 فاستوى على سوقه : فاستقام على أصوله وجذوعه ، أي فستقام علىقصبه وأصوله.

يعجب الزراع :بقوته وكثافته ، وغلظه وحسن منظره .

هذا مثل ضربه الله سبحانه وتعالى للصحابة رضي الله عنهم قالوا في بدء الإسلام كانوا قلة ثم كثروا فاستحكموا فترقى أمرهم يوماً فيوماً بحيث أعجب الناس وقال المفسرون أيضاً: مكتوب في الإنجيل سيخرج قوم ينبتون نبات الزرع يخرج منهم قوم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر .

وهو مثل ضربه الله تعالى لبدء الإسلام وترقية في الزيادة إلى أن قوي واستحكم لأن النبي صلى الله عليه وسلم قام وحده ثم قواه الله تعالى بمن معه ) روح المعاني للألوسي (م 17 ـ ج26 ـ ص126 بتصرف).

وأقول في التفسير العلمي للآية وبالله التوفيق :

هذا مثل معجز من عالم النبات ضربه الله سبحانه وتعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم (الزرع ) والمسلمون العاملون بما جاء به ، والمسلمون تسليماً لحكم الله ورسوله (الطشء) ، فهنا الرسول هو الأصل، وأتباعه هم ما تفرع وخرج منه.

وإذا رجعنا إلى علم النبات نرى أن هذا المثل حقيقة علمية فالنباتات الحولية من ذرات الفلقة الواحدة (Monocotyledoneae)التابعة للعائلة النجيلية مثل القمح ( أو الحنطة)، والشعير والأرز وغيرها يخرج ساقها الأول ضعيفاً وحيداً ولكن سرعان ما يخرج من براعمه الإبطية أو الجانبية (Lateralbuds)الموجودة على العقد القاعدية المزدوجة تحت سطح التربة مباشرة أفرعاً قاعدية ( Tileres).وبذلك تكون الحبة الواحدة،أو الساق الأصلية الواحدة مجموعة من الأفرع يصل عددها إلى ما يزيد عن خمسين فرعاً حسب الجنس والنوع والصنف.

وهذا تماماً ما صوره القرآن الكريم وقال عنه المفسرون:

ما خرج منه وتفرع في شاطئيه أي في جانبيه ، وهذا التصوير العلمي في القرآن لا يعلم حقيقته إلا العالمون بعلم النبات ، فهذه الأفرع تقوي النبات الأصلي وتضاعف من إنتاجه فيقوي على مجابهة الظروف الخارجية القاسية وتزيد من انتشاره في الأرض .

فالرسول صلى الله عليه وسلم هو الأصل للزرع وأتباعه هم الشطء والعاملون بالزراعة عندما يرون الشطء خرج حول الأصل يفرحون ويطمئنون أن زرعهم دبت جذوره، وقويت وكثرت أوراقه، وبراعمه وبناؤه الضوئية وأزهاره وثماره.

فالزرَّاع عندما يزرعون نبات الأرز يضعون الشتلات الأصلية على مسافات متباعدة لعلمهم أن النبات إذا أخرج شطأه كسى الأرض جميعاً ، وأعطى محصولاً وفيراً، أما إذا لم يخرج شطأه علم الزراع أن نباته ضعيف أو تربته غير صالحة أو أصابته الآفات .

وعندما يدب النبات في التربة ويخرج الشطء منه يحمل الأصل سنابله والأفرع سنابلها، فالحبة تخرج ما يزيد عن خمسة آلاف حبة والله يضاعف ويبارك لمن يشاء .

وبعض الإجناس النباتية الأخرى من ذوات الفلقة الواحدة التابعة للعائلة النخيلية ، مثل نخيل البلح ونخيل الدوم فإن أوراقها عندما تخرج على ساقها فإن الساق تقوى ويزداد قطرها ، كما أن تلك النباتات تخرج العديد من الفسائل الجانبية فتدعم تلك الفسائل الشجرة الأم وتقويها وتنقل عنها صفاتها الوراثية ، دون تغيير أو تبديل أو تحريف ونفس الشيء يحدث مع نبات الموز التابع للعائلة الموزية ، حيث ساقه متكونة من أغماد أوراقه ، وفسائله سر استمراره وفاعليته وزيادة إنتاجه.

وهذا مثل للمسلمين عندما يستمدون علمهم من علم رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وآله وسلم ويبلغونه دون تغيير أو تحريف ، وينقلون الدين في أي مكان يصلون إليه وكأن كل واحد منهم صورة من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى البيئة الجديدة .

وإذا انتقلنا من النباتات ذوات الفلقه إلى النباتات المعمرة من ذاوات الفلقتين ، سواء كانت أشجاراً أو شجيرات فإننا نجد أن سيقانها الأصلية تحمل البراعم الجانبية (Lateral buds)  المحمولة في آباط الأوراق وهي تحمل أيضاً البراعم الورقية التي تخرج الأوراق والساق الأصلية إذا لم يخرج منها البرعم الورقة والأوراق فإنها لا تقوم بعملية النمو والاستطالة ، لأن الوراق هي التي تغذيها بعملية البناء الضوئي ويزداد سمكها وتتغلظ وتزداد أيضاً الأفرع الجانبية غلظاً واستواء ، وتحمل الشجرة أو الشجيرة الأزهار الجميلة وتعطي الثمار المفيدة ويزداد ظلها وجمالها وفي هذه الحالة يعجب الزراع بالنباتات ويعلمون أنه اشتد عوده وقوي ولا يصبح في البيئة مجالاً قوياً لتنافس النباتات الأخرى ، وهذا المنظر وتلك الحالة على قدر ما تسر العالمين فإنها تغيظ الحاقدين الكافرين ، ومن العجب مثل شجرة الكافور يصل ارتفاعها إلى 100 متر وبعض الأشجار تعمر آلاف السنين حيث توجد شجرة صنوبر قدر العلماء إنها زرعت قبل ميلاد أبو الأنبياء سيدنا إبراهيم بنحو ألف عام وشجرة التين البنغالي توجد أشجار منها تمتد جذورها في مساحة 600 م2 وقد شق نفق في جذع شجرة وما زالت حية هذا كله بفضل الله ثم ، بفضل الجذع القوي الذي آزرته الأوراق والأفرع الجانبية .

وقد ضرب الله سبحانه وتعالى المثل بالنبات دون سائر المخلوقات الأرضية لأن النبات هو المثبت الأول لطاقة الشمس المرسلة إلى الأرض وبنشاطه الحيوي وبنائه الضوئي تدب الحياة على الأرض بفضل الله سبحانه وتعالى، وهكذا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وآله وسلم هو النور والرحمة للعالمين والدال على حياة القلوب وأتباعه هم حملة النور من بعده وشريعته هي الشريعة الباقية بقاء الحياة على الأرض والمحافظة على نظامها المحكم وهذا وغيره مما غاب علمنا يوضح لنا عظم المثل الذي ضربه الله سبحانه وتعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم والذين معه حيث قال تعالى :( كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فأستوى سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار)..

وكما جاء في الإنجيل (سيخرج قوم ينبتون نبات الزرع يخرج منهم قوم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ) وقد قال ربنا سبحانه وتعالى :( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله .. ) فهل رأيتم إعجازاً مثل هذا الإعجاز العلمي .

بقلم الدكتور نظمي خليل أبو العطا موسى

أستاذ علوم النبات في جامعة عين شمس

ومدير مركز ابن النفيس للخدمات الفنية في البحرين

http://www.nazme.net


[1]  سورة الفتح 29

 

 

الإعصــار والنــــار
 

صورة للإعصار دينس من الفضاء

دكتور: رضا عبد الحكيم رضوان

قال الله تعالى: (أيَوَدّ أحَدُكُمْ أن تَكُونَ لَهُ جَنــَّةٌ مِن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَآءُ فَأَصَابَهَآ إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَـيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّـكُمْ تَتَفَكَّرُونَ) (البقرة 266).

 وقفت عند قوله تعالى: (فَأَصَابَهَآ إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ) وسألت هل يحتوي الإعصار في كيانه الفيزيائي على تكون ناري؟ ووجدت أن أحدث الدراسات العلمية المتخصصة في "الأعاصير" لم تتوصل حتى الآن فيما أعلم إلى ما يؤكد احتواء كيان الإعصار على نار. ولكن يمكن أن نطرح السؤال التالي على علماء الأرصاد: هل يكوّن الإعصار ناراً أم لا؟ وهل يحمل الإعصار هذه النار بين ثناياه؟ فإن كانت الإجابة بنعم ـ وكان الواقع يؤكد ذلك كان في هذه الآية سبق وإعجاز علمياً فريداً.

وسنلقي بإطلالة على معنى الآية، ونورد بعض الشواهد العلمية التي تساعد المتخصصين في علم الأرصاد للكتابة المتعمقة والدقيقة في هذا الموضوع.

  المعنى اللغوي للإعصار:

في المصباح المنير: الإعصار ريح ترتفع بتراب بين السماء والأرض وتستدير كأنها عمود والإعصار مذكر قال تعالى: (فَأَصَابَهَآ إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ) والعرب تسمى هذه الريح الزوبعة أيضا والجمع الأعاصير وفي مختار الصحاح: والإعصار ريح تثير الغبار فيرتفع إلى السماء كأنه عمود ومنه قوله تعـالى : (فَأَصَابَهَآ إِعْصَارٌ) وقيل هي ريح تثير سحاباً ذات رعد وبرق، وفي المعجم الوجيز: اعتصر الشيء: عصره وعصر الشيء عصْراً: استخرج ما فيه من دهن أو ماء أو نحوه. والإعصار ريح تهب بشدة وتثير الغبار وترتفع إلى السماء كالعمود.. ورد في فتح القدير للشوكاني: والإعصار الريح الشديدة التي تهب من الأرض إلى السماء كالعمود وهي يقال لها الزوبعة والزوبعة رئيس من رؤساء الجن ومنه سمي الإعصار زوبعة، ويقال أم الزوبعة: وهي ريح يثير الغبار ويرتفع إلى السماء كأنه عمود وقيل هي ريح تثير سحابا ذات رعد وبرق.

وفي علم الجغرافيا الحديث ـ الإعصار منطقة من الضغط تجذب الرياح إلى مركزها في اتجاه عكس عقارب الساعة في نصف الكرة الشمالي والعكس في نصف الكرة الجنوبي وتعرف هذه المناطق بالعروض الوسطى بالمنخفضات الجوية.

وفي التفسير الشرعي:

 

الشكل يبين أقسام الإعصار القمعي

 

قال ابن كثير في قوله تعالى: (وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَآءُ فَأَصَابَهَآ إِعْصَارٌ) "وهو ريح شديد" فيه نار فاحترقت أي احرق ثمارها وأباد أشجارها فأي حال يكون حاله؟ قال ابن عباس: ضرب الله مثلا حسنا وكل أمثاله حسن قال {أيَوَدّ أحَدُكُمْ أن تَكُونَ لَهُ جَنــَّةٌ مِن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ} يقول: ضيعة في شيبته {وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ} وولده وذريته ضعاف عند آخر عمره فجاءه (إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ) فاحترق بستانه فلم يكن عنده قوة أن يغرس مثله ولم يكن عند نسله خير يعودون به عليه. ويقول ابن عباس: (إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ) قال: ريح فيها سموم شديدة.

 مدخلات الدراسة الإعجازية:

يصنف العلماء الأعاصير إلى الأعاصير القمعية والأعاصير المدارية (التايفونات). ومن الأعاصير التي درسها الباحثون في الإدارة القومية للمحيطات والغلاف الجوي في أمريكا(National Oceanic and Atmospheric Administration) إعصار اندرو(Hurricane Andrew) في العام 1992 الذي قتل 15 شخصا ودمر ممتلكات قيمتها 25 بليون دولار في جنوب فلوريدا بالولايات المتحدة الأمريكية. أيضا إعصار اوبال فوق خليج المكسيك عام 1995 الذي تسبب في دمار هائل فقتل اكثر من 28 شخصا، كذلك تناول الباحثون إعصار بوني الذي مر فوق خليج المكسيك العام 1998 وفي العام 1999 حط إعصار برت فوق منطقة زراعية غير مأهولة في تكساس ودمر هذه المزروعات.

يضع الباحثون قوى الأعاصير وفق تقسيم درجاتي، فكان إعصار اوبال (Hurricane Opal) قد بلغت قوته (الفئة4) كما كانت قوة إعصار هوكو (Hurricane Hugo) (الفئة 5)وهي شديدة العنف. وقد تناول الباحثون ـ حديثا جدا ـ الإعصار دينيس (Hurricane Dennis) بولاية فلوريدا والذي حدث في 29 أغسطس 1999 وقد تضمن تقرير الفحص أن الإعصار أطلق رياحا تبلغ سرعتها 145 كيلومتر وكان الخوف قد سيطر على السكان في الجزر القريبة من ساحل كارولينا الشمالية، فعمدوا إلى إغلاق منازلهم بألواح خشبية ووضع أكياس من الرمل في سياراتهم لتثبيتها إلى الأرض والفرار من العاصفة الوشيكة.

والغريب انه متى صادف الإعصار حظه في منطقة غابات أي بيئة مهيأة لتلقي الاشتعال، تندلع النيران في هذه الأماكن وقد سجلت حالات كثيرة لم يسند فيها مرجع الإشعال إلى تدخل العنصر البشري... بما يعني أن الإشعال قد صنعته الطبيعة فالتهمت نفسها بنفسها وذلك بفعل مؤثر خارجي... بالدرجة التي جعلتني أتساءل: هل يمكن أن يكون مصدر النيران المشتعلة نزول الأعاصير عليها.

صورة للدمار الذي أحدثه إعصار كاترينا ه

وأظن أن الصلة قائمة لا مناص بين الإعصار واندلاع الحريق في الغطاءات النباتية والغابات في بيئاتها الطبيعية. لكن السؤال الذي أوجهه لعلماء الطبيعة المتخصصين هل يمكن أن يحتوي الإعصار على النار بما تعنيه الكلمة من معنى، أو بالأقل احتواء الإعصار على الآلية المضيئة لإشعال النار؟... فإذا كان الأمر كذلك وفق أحد هذين الفرضين كانت آية الذكر الحكيم {إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ} آية جديرة ببحوث الإعجاز العلمي.

والثابت في قول ابن كثير أن الإعصار ريح شديدة... وقد ربط بين هذا الريح وتلك الحرائق التي أبادت الشجر، وأتصور أن الإعصار ـ داخل منظوماته الهوائية الحركية العنيفة ـ إذا صادف اغتنامه للبرق يكون منطقيا احتضان الإعصار لنواتج البرق وداخل آلياتها مسببات الإشعال ـ فيأتي الإعصار ممزوجا به آليات الإشعال أو حتى الإشعال ذاته إذا كان قد نتج وفي هذا يبدو الإعصار للناظرين ( إعصار به نار) وربما يؤيد هذا الافتراض ما ذكره الباحثون المتخصصون حول ( البرق ) حيث يبدأ سهم البرق الطبيعي بنذير لا يكاد يرى يدعى الطور الطليعي ينتشر إلى الأسفل بدءا من السحابة باتجاه الأرض بشكل متدرج مقتلعاً في طريقه إلكترونات ضعيفة الارتباط بين جزئيات الغاز الموجودة في الجو ومشكلا قناة من الهواء المؤيّن تعمل كقناة موصلة وبعد أن يمس الطور الطليعي الأرض مباشرة ينفجر ( طور العودة ) الساطع، وكما يحدث أثناء الطور الطليعي، فان صاعقة العودة التي تحمل تيارات تمتد من بضعة آلاف الأمبيرات حتى تصل إلى نحو 300000 أمبير، ويسير سهم البرق المبهر للأبصار هذا بسرعات قد تصل إلى نصف سرعة الضوء، ويمكن للتيار الكهربائي الهائل الذي يحمله معه أن يدمر بسهولة أي جسم يصادفه في طريقه. هذا والله تعالى أعلم. 

المصدر: نقلا عن موقع الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة بتصرف

 المراجع:

1 ـ المصباح المنير للفيومي الجزء الأول والثاني من كتاب، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1926. مختار الصحاح للرازي، الهيئة العامة لشؤون المطابع الأميرية، 1962، ط 9.

2 ـ المعجم الوجيز، مجمع اللغة العربية / 1997

3 ـ ابن كثير، تفسير القران العظيم، الجزء الأول، دار الحديث ص 302

 4 ـ الشوكاني، فتح القدير، المجلد الأول، دار الفكر، ص 287 ـ 288

 5 ـ مجلة العلوم، مجلد 13 ـ العدد 10 أكتوبر 1997، التحكم في البرق ص 10 ـ 15

 6 ـ مجلة العلوم، مجلد 16، العددان 6,5 مايو / يونيو 2000 تفحص الإعصار ص 20 ـ 25

 

 

مواضيع ذات علاقة

اسم الموضوع

هجري

تاريخ الموضوع

الإعجاز في علوم الأرض في القرآن الكريم

30 شعبان 1429

2008/08/31

الإعجاز في النباتات

25 شعبان 1429

2008/08/26