بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

مرحبا بكم مع الشيخ خالدالمغربي - المسجد الأقصى

004

النساء

آية رقم 006

وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا

صدق الله العظيم

 

 

قوله تعالى: وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ اتفق العلماء على أن الوصي الغني لا يحل له أن يأكل من مال اليتيم شيئا، وقالوا: معنى قوله: فَلْيَسْتَعْفِفْ أي: بمال نفسه عن مال اليتيم، فإن كان فقيرا فلهم في المراد بأكله بالمعروف أربعة أقوال:

أحدها: أنه الاستقراض منه، روى حارثة بن "مضرب" قال: سمعت عمر يقول: إني أنـزلت مال الله مني بمنـزلة اليتيم إن استغنيت استعففت وإن افتقرت أكلت بالمعروف ثم قضيت.

أخبرنا عبد الوهاب الحافظ قال: أبنا أبو الفضل بن خيرون، وأبو طاهر الباقلاوي، قالا أبنا أبو علي بن شاذان، قال: أبنا أحمد بن كامل قال: أبنا محمد بن "سعد" قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي عن أبيه عن جده عن ابن عباس =رضي الله عنهما= فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ قال: يستقرض منه فإذا وجد ميسرة فليقض ما يستقرض "فذلك" أكله بالمعروف.

أخبرنا عبد الوهاب، قال: أبنا أبو طاهر، قال: أبنا ابن شاذان قال: أبنا عبد الرحمن بن الحسن، قال: أبنا إبراهيم بن الحسين، قال: أبنا آدم قال: أبنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد، قال: يأكل بالمعروف، يعني: سلفا من مال يتيمه وهذا القول مذهب عبيدة السلماني، وأبي وائل وسعيد بن جبير وأبي العالية ومقاتل. وقد حكى الطحاوي عن أبي حنيفة مثله وروى يعقوب بن حيان عن أحمد بن حنبل مثله.

القول الثاني: أن الأكل بالمعروف أن يأكل [من غير إسراف].

أخبرنا ابن الحصين، قال: أبنا ابن غيلان، قال: أبنا أبو بكر الشافعي، قال [بنا إسحاق بن] الحسن، قال أبنا موسى بن مسعود، قال بنا الثوري؛ قال: [بنا] سفيان عن مغيرة عن إبراهيم وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ قال: ما سد الجوع "ويواري" العورة وقد روى عكرمة عن ابن عباس =رضي الله عنهما= أنه قال: الوصي إذا احتاج وضع يده مع أيديهم، ولا يلبس عمامة.

وقال الحسن: وعطاء ومكحول يأخذ ما يسد الجوع ويواري العورة ولا يقضي إذا وجد قال عكرمة والسدي: يأكل بأطراف أصابعه ولا يسرف في الأكل ولا يكتسي منه، وهذا مذهب قتادة.

والقول الثالث: [أنه يقول] مال اليتيم بمنـزلة الميتة يتناول منه عند الضرورة فإذا أيسر قضاه وإن لم يوسر فهو في حل. قاله الشعبي وأخبرنا عبد الوهاب، "قال: أبنا أبو طاهر الباقلاوي، وقال: أبنا" عبد الرحمن بن الحسن، قال: أبنا إبراهيم بن الحسين، قال: بنا آدم، قال: بنا ورقاء، عن عبد الأعلى، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: يأكل والي اليتيم من مال اليتيم قوته ويلبس منه ما يستره ويشرب فضل اللبن ويركب فضل الظهر، فإن أيسر قضاه وإن أعسر كان في حل.

فهذه الأقوال الثلاثة تدل على جواز الأخذ عند الحاجة وإن اختلف أربابها في القضاء.

القول الرابع: أن الأكل بالمعروف [أن] يأخذ الولي بقدر أجرته إذا عمل لليتيم عملا وروى القاسم بن محمد: أن رجلا أتى ابن عباس فقال: ليتيم لي إبل فما لي من إبله [قال] إن كنت تلوظ حياضها "وتهنأ جرباها" وتبغي ضالتها وتسعى عليها فاشرب غير ناهك بحلب [ولا ضار بنسل].

أخبرنا عبد الوهاب قال: أبنا أبو طاهر، قال: أبنا ابن شاذان، قال: أبنا عبد [الرحمن بن] الحسن قال: أبنا إبراهيم بن الحسين، قال: بنا آدم، قال: بنا ورقاء عن ابن نجيح [عن عطاء بن أبي رباح قال: يضع يده مع أيديهم ويأكل معهم بقدر خدمته وقدر عمله وقد روى أبو طالب وابن منصور عن أحمد بن حنبل مثل هذا.

فصل: وعلى هذه الأقوال الآية محكمة، وقد ذهب قوم إلى نسخها: فقالوا: كان هذا في أول الأمر ثم نسخت بقوله تعالى: لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وقد حكي هذا المعنى عن ابن عباس =رضي الله عنهما=.

أخبرنا إسماعيل بن أحمد، قال: أبنا عمر بن عبيد الله، قال: أبنا بن بشران، قال: أبنا إسحاق بن أحمد الكاذي، قال: بنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، قال: بنا حجاج عن ابن جريج عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس =رضي الله عنهما= وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ قال: نسخ من ذلك الظلم والاعتداء فنسخها: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا.

أخبرنا المبارك بن علي، قال: أبنا أحمد بن الحسين بن قريش، قال: بنا أبو إسحاق البرمكي، قال: أبنا محمد بن إسماعيل بن العباس، قال: بنا أبو بكر [بن] أبي داود، قال: محمد بن سعد، قال: حدثني أبي عن الحسين "بن الحسن بن عطية عن أبيه عن عطية" عن ابن عباس =رضي الله عنهما= في قوله: وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ نسختها الآية التي تليها إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا الآية قال أبو بكر بن أبي داود: وبنا يعقوب بن سفيان، قال: بنا عبد الله بن عثمان، قال: بنا عيسى بن عبيد الكندي، قال: بنا عبيد الله مولى عمر بن مسلم أن الضحاك بن مزاحم أخبره، قال: وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ الآية نسخت فقال: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا الآية.

قلت: وهذا مقتضى قول أبي حنيفة، أعني النسخ، لأن المشهور عنه أنه لا يجوز للوصي الأخذ من مال اليتيم "عند" الحاجة على وجه القرض، وإن أخذ ضمن وقال قوم: لو أدركته ضرورة جاز له أكل الميتة ولا يأخذ من مال اليتيم شيئا.

 

مواضيع ذات علاقة

اسم الموضوع

تاريخ الموضوع

الآيات المنسوخة عند ابن الجوزي

2008/07/26

 

مطويات ذات علاقة

الموضوع الذي أخذت منه المطوية المطوية كنسخة وورد هجري التاريخ الرقم
  تدبر القرآن الكريم وتفسيره - الحلقة العاشرة

الناسخ والمنسوخ - جدول الآيات المنسوخة

1429/07/22 2008/07/25 073
  تدبر القرآن الكريم وتفسيره - الحلقة التاسعة

الناسخ والمنسوخ

1429/07/15 2008/07/18 072