قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا قد توهم
قوم لم يرزقوا فهم التفسير "وفقهه" أن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى: وَإِنْ
تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وأثبتوا ذلك في كتب الناسخ والمنسوخ، ورووه عن ابن
عباس =رضي الله عنهما= وإنما المنقول عن ابن عباس ما أخبرنا به المبارك بن علي،
قال: أبنا أحمد بن الحسين بن قريش، قال أبنا أبو إسحاق البرمكي، قال: أبنا محمد بن
إسماعيل بن العباس، قال: بنا أبو بكر بن أبي داود، قال: بنا "عمرو بن علي بن بحر"
قال: بنا عمران بن عيينة، قال: بنا عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس
=رضي الله عنهما= إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا قال:
كان يكون في حجر الرجل اليتيم فيعزل طعامه وشرابه، فاشتد ذلك على المسلمين، فأنـزل
الله تعالى وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فأحل لهم طعامهم وقال سعيد بن
جبير: لما نـزلت إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا عزلوا
أموالهم من أموال اليتامى، وتحرجوا من مخاطبتهم فنـزل قوله [تعالى: وَإِنْ تُخَا]
لِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ. وهذا ليس على سبيل النسخ؛ لأنه لا خلاف أن أكل أموال
اليتامى ظلما حرام. وقال أبو جعفر النحاس: هذه الآية لا يجوز فيها ناسخ ولا منسوخ،
لأنها خبر ووعيد، ونهي عن الظلم والتعدي، ومحال نسخ هذا، فإن صح ما ذكروا عن ابن
عباس فتأويله من اللغة: أن هذه الآية على نسخة تلك الآية وزعم بعضهم أن ناسخ هذه
الآية قوله تعالى: وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ وهذا قبيح؛
لأن الأكل بالمعروف ليس بظلم فلا تنافي بين الآيتين.