قوله تعالى: خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا وهذه
الآية تتضمن الأمر بأخذ الحذر، والندب إلى أن يكونوا عُصَبًا وقت نفيرهم، ذوي أسلحة
عند بروزهم إلى عدوهم ولا ينفروا منفردين لأن الثبات الجماعات المتفرقة. وقد ذهب
قوم: إلى أن هذه الآية منسوخة.
أخبرنا [ابن] ناصر قال: أبنا علي بن أيوب، قال: أبنا أبو علي بن شاذان، قال: أبنا
أبو بكر النجاد، قال: أبنا أبو داود السجستاني، قال: بنا الحسن بن محمد، قال: بنا
حجاج بن محمد، قال: قال ابن جريج وعثمان بن عطاء عن عطاء عن ابن عباس =رضي الله
عنهما= خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ وقال: انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا
وقال: إِلا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ثم نسخ هذه الآيات، فقال:
وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ
فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ الآية.
قلت: وهذه الرواية فيها مغمز وهذا المذهب لا يعمل عليه، وأحوال المجاهدين تختلف،
والأمر في ذلك على حسب ما يراه الإمام وليس في هذه الآيات شيء "منسوخ بل كلها"
محكمات. وقد ذهب إلى ما قد ذهبت إليه، أبو سليمان الدمشقي.