بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

مرحبا بكم مع الشيخ خالدالمغربي - المسجد الأقصى

004

النساء

آية رقم 093

وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا

صدق الله العظيم

 

قوله [تعالى] وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ الآية اختلف العلماء هل هذه محكمة أم منسوخة على قولين:

أحدهما: "أنها" منسوخة وهو قول جماعة من العلماء قالوا: بأنها حكمت بخلود القاتل في النار، وذلك منسوخ بقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ [لِمَنْ يَشَاءُ] وقال بعضهم: نسخها قوله تعالى: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إلى قوله: إِلا [مَنْ] تَابَ وحكى أبو جعفر النحاس: أن بعض العلماء قال: معنى نسختها آية "الفرقان" أي: نـزلت بنسختها.

والقول الثاني: أنها محكمة. واختلف هؤلاء في طريق إحكامها على قولين:

أحدهما: أن قاتل المؤمن مخلد في النار، وأكدوا هذا بأنها خبر، والأخبار لا تنسخ.

أخبرنا يحيى بن ثابت بن بندار قال: أبنا أبي، قال: أبنا أبو بكر البرقاني قال: أبنا أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي، قال: أخبرني البغوي، قال: بنا علي بن الجعد، قال: أبنا شعبة، عن المغيرة بن النعمان، قال: سمعت سعيد بن جبير، قال: اختلف أهل الكوفة في هذه الآية وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا قال: "فرحلت فيها إلى ابن عباس =رضي الله عنهما= قال: لقد نـزلت في آخر ما نـزل وما نسخها شيء" وعن شعبة عن منصور قال: سمعت سعيد بن جبير قال: سألت ابن عباس عن قول الله عز وجل: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا قال: لا توبة له.

أخبرنا ابن الحصين، قال: أبنا غيلان، قال: أبنا أبو بكر الشافعي، قال: أبنا إسحاق بن الحسن، قال: أبنا ابن حذيفة النهدي، قال: بنا سفيان الثوري، عن المغيرة بن النعمان، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس =رضي الله عنهما= وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا قال: ليس لقاتل مؤمن توبة، ما نسختها آية منذ نـزلت.

أخبرنا سعيد بن أحمد قال: أبنا ابن اليسرى، قال: أبنا المخلص، قال: بنا البغوي، قال: بنا عثمان بن أبي شيبة، قال: بنا أبو خالد الأحمر، عن عمر بن قيس الملاي، عن يحيى الجابر، عن سالم بن أبي الجعد عن ابن عباس =رضي الله عنهما= أنه تلا هذه الآية: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ حتى فرغ منها، فقيل له: وإن تاب وآمن عمل "صالحا ثم" اهتدى قال ابن عباس: وأنى له التوبة قد سمعت نبيكم [صلى الله عليه وسلم] يقول: (ثكلته أمه، قاتل المؤمن إذا جاء يوم القيامة [واضعا رأسه] على إحدى يديه آخذا [بالأخرى] القاتل "تشخب أوداجه قبل عرش الرحمن عز وجل فيقول: رب سل هذا فيم قتلني؟ قال: وما نـزلت في كتاب الله عز وجل آية نسختها.

أخبرنا إسماعيل بن أحمد، قال: أبنا عمر بن عبيد الله، قال: أبنا ابن بشران، قال: أبنا إسحاق بن أحمد، قال: أبنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، قال: بنا يحيى بن سعيد، عن شعبة، قال: بنا مغيرة بن النعمان عن سعيد بن جبير، قال: اختلف أهل الكوفة في هذه الآية وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فرحلت إلى ابن أبي عباس =رضي الله عنهما= فقال: إنها من آخر ما نـزل، وما نسخها شيء. قال أحمد: وبنا يحيى بن سعيد، عن ابن جريج، قال: حدثني القاسم بن أبي بزة عن سعيد بن جبير، قال: قلت لابن عباس: هل لمن قتل مؤمنا متعمدا من توبة؟ قال: [لا] فتلوت هذه الآية التي في الفرقان إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ فقال: هذه الآية مكية نسختها آية مدنية وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ قال أحمد: وبنا حسين بن "محمد قال" بنا سفيان، عن أبي الزياد، قال: سمعت شيخنا يحدث خارجة [بن] زيد بن ثابت، قال: سمعت أباك، "قال" نـزلت الشديدة بعد الهينة "بستة أشهر" قوله: وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وقوله وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ وقد روي عن ابن عباس ما يدل على أنه قصد [التشديد] بهذا القول فأخبرنا المبارك بن علي، قال: أبنا أحمد بن الحسين [بن] قريش قال: بنا إبراهيم بن "عمر قال" أبنا محمد بن إسماعيل قال: أبنا أبو بكر بن أبي داود، قال: بنا محمد بن عبد الملك، قال: أبنا يزيد بن هارون، قال: أبنا أبو مالك، قال: بنا سعد بن عبيدة، أن ابن عباس =رضي الله عنهما= كان يقول: لمن قتل المؤمن توبة، فجاءه رجل فسأله، ألمن قتل مؤمنا توبة؟ قال: [لا] إلا النار، فلما قام قال له جلساؤه: ما هكذا كنت تفتينا أنه لمن قتل مؤمنا متعمدا توبة مقبولة، فما شأن هذا اليوم؟ قال: إني أظنه رجلا مغضبا يريد أن يقتل مؤمنا، فبعثوا في أثره فوجدوه كذلك. قال أبو بكر بن أبي داود: وقد روى عن ابن عباس =رضي الله عنهما= أن "للقاتل" توبة وقد روى سعيد بن "ميناء" عن عبد الله بن عمر، قال: "سأله" رجل، قال: إني قتلت رجلا فهل لي من توبة؟ قال: تزود من الماء البارد، فإنك لا تدخلها أبدا. وقد روى عن ابن عمر =رضي الله عنهما= ضد هذا، فإنه قال للقاتل "تب إلى إله يتب عليك، وروى سعيد بن مينا" عن أبي هريرة =رضي الله عنه= قال: جاءه رجل فقال: يا أبا هريرة، ما تقول في قاتل المؤمن، هل له من توبة؟ قال: والذي لا إله إلا هو لا يدخل الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط.

والقول الثاني: أنها عامة دخلها التخصيص، بدليل أنه لو قتله كافر ثم أسلم الكافر سقطت عنه العقوبة في الدنيا والآخرة، فإذا ثبت كونها من العام المخصص، فأي دليل صلح للتخصيص وجب العمل به، ومن أسباب التخصيص أن يكون قد قتله مستحلا لأجل إيمانه فيستحق التخليد لاستحلاله.

أخبرنا المبارك بن علي، قال: أبنا أحمد بن الحسين بن قريش، قال: أبنا إبراهيم بن عمر البرمكي، قال: أبنا محمد بن إسماعيل بن العباس، قال: أبنا أبو بكر بن أبي داود، قال: بنا الحسن بن عطاء، وأحمد بن محمد الحسين، قالا بنا خلاد بن يحيى، قال بنا أنس بن مالك الصيرفي أبو رؤبة عن أنس بن مالك، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية وعليها أمير فلما انتهى إلى أهل ماء خرج إليه رجل من أهل الماء فخرج إليه رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إلى ما تدعو؟ فقال: إلى الإسلام، قال: وما الإسلام؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، وأن تقر بجميع الطاعة، قال: هذا؟ قال: نعم. فحمل عليه فقتله لا يقتله إلا على الإسلام، فنـزلت: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا لا يقتل إلا على إيمانه الآية كلها. قال سعيد بن جبير: نـزلت في "مقيس بن ضبابة" قتل مسلما عمدا وارتد كافرا وقد ضعف هذا الوجه أبو جعفر النحاس فقال: "ومن" لفظ عام لا يخص "إلا" "بتوقيف" أو دليل قاطع وقد ذهب قوم إلى أنها مخصوصة في حق من لم يتب، بدليل قوله تعالى: إِلا مَنْ تَابَ والصحيح أن الآيتين محكمتان، فإن كانت التي في النساء أنـزلت أولا فإنها محكمة نـزلت على حكم الوعيد "غير مستوفاة" الحكم، ثم بين حكمها في الآية التي في الفرقان، وكثير من المفسرين منهم ابن عباس [وأبو] مجلز وأبو صالح. يقولون: فجزاؤه جهنم إن جازاه، وقد روي لنا مرفوعا [إلا أنه] لا يثبت رفعه والمعنى "يستحق" الخلود غير أنه لا يقطع له به.

وفي هذا الوجه [بعد] لقوله: وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ فأخبر بوقوع عذابه كذلك، وقال أبو عبيد: وإن كانت التي في الفرقان الأولى فقد استغنى بما فيها عن إعادته في سورة النساء فلا وجه للنسخ بحال.

مواضيع ذات علاقة

اسم الموضوع

تاريخ الموضوع

الآيات المنسوخة عند ابن الجوزي

2008/07/26

 

مطويات ذات علاقة

الموضوع الذي أخذت منه المطوية المطوية كنسخة وورد هجري التاريخ الرقم
  تدبر القرآن الكريم وتفسيره - الحلقة العاشرة

الناسخ والمنسوخ - جدول الآيات المنسوخة

1429/07/22 2008/07/25 073
  تدبر القرآن الكريم وتفسيره - الحلقة التاسعة

الناسخ والمنسوخ

1429/07/15 2008/07/18 072