بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

مرحبا بكم مع الشيخ خالدالمغربي - المسجد الأقصى

005

المائدة

آية رقم 006

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ

صدق الله العظيم

 

قوله تعالى: إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ اختلف العلماء فيها على قولين:

أحدهما: أن في "الكلام" إضمارا تقديره: إذا قمتم إلى الصلاة محدثين، وهذا قول سعد بن أبي وقاص، وأبي موسى، وابن عباس، والفقهاء.

والثاني: أنه على إطلاقه، وأنه يوجب على كل من أراد الصلاة أن يتوضأ سواء كان محدثا أو غير محدث، وهذا مروي عن جماعة منهم علي، وعكرمة، وابن سيرين ثم اختلفوا: هل هذا الحكم باق أم نسخ فذهب أكثرهم إلى أنه باق، وقال بعضهم: بل هو منسوخ [بالسنة وهو حديث] بريدة (أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى يوم الفتح بوضوء [واحد، فقال] له عمر: صنعت شيئا لم تكن تصنعه فقال: عمدا فعلته يا عمر) [وهذا قول] بعيد لما سبق بيانه من أن أخبار الآحاد لا تجوز أن تنسخ القرآن وإنما يحمل فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا على تبيين معنى الآية، وأن المراد: إذا قمتم وأنتم محدثون. وإنما كان يتوضأ لكل صلاة لطلب الفضيلة، وقد حكى أبو جعفر النحاس عن الشافعي أنه قال: لو وكلنا إلى الآية لكان على كل قائم إلى الصلاة الطهارة، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم "الصلوات" بطهور واحد، بينها فيكون المعنى: إذا قمتم وقد أحدثتم فاغسلوا) وقد قال بعضهم: يجوز أن يكون ذلك قد نسخ بوحي لم تستقر تلاوته، فإنه قد روى أبو جعفر ابن جرير الطبري، بإسناده عن عبد الله بن حنظلة الفضيل =رضي الله عنهما= (أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالوضوء عند كل صلاة فشق ذلك عليه، فرفع عنه الوضوء إلا من حدث).

 

قال الله تعالى في الوضوء: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ 6" ـ المائدة

فلماذا قال عن الأيدي (إلى المرافق) مع إنهما مرفقان ، وقال عن الرجلين (إلى الكعبين) ولم يقل الكعوب على الجمع مثل المرافق ولأن الكعبين هما العظمان الناتئان على طرفي القدم فهي أربعة كعوب؟

ج: كل يد لها مرفق واحد، وكل رجل لها كعبان

فلما خاطب الجميع قال: (إلى المرافق)

وفي الوضوء لا بد أن يستغرق الغسل الكعبين، فلو قال: إلى الكعوب، لم يدل على أن الكعبين كليهما داخلان في الغسل، وإنما كعوب الناس المخاطَبين بقوله: (يا أيها الذين آمنوا)، وعندها فلو غسلوا كعبا واحدا ـ والمخاطبون كثر ولهم كعوب ـ  لكفاهم ما ادام المذكور هو (الكعوب)

لذلك قال (إلى الكعبين) حيث المعنى: كل واحد من المخاطبين عليه أن يغسل إلى الكعبين. فلا يصح أن يقول (إلىالكعوب) وإلا لأوقع في اللبس

مسائل في التقديم والتأخير

مبحث التقديم والتأخير كاملا من كتاب الدكتور، وفيه مسائل مهمة

* ما السر في تقديم ذكر (في سبيل الله) على نوع الجهاد (بالمال والنفس)  وتأخيره حينا كقوله تعالى في سورة التوبة 20 : " الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ" حيث قدم (في سبيل الله) على نوعية الجهاد، وقال عز وجل في الأنفال72 " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ" فقدم ذكر الجهاد بالأموال على قوله (في سبيل الله)؟

نلحظ في الآيات القرآنية خطا عاما يوضح لنا سبب هذا التقديم والتأخير في الآيات التي تتحدث عن الجهاد فإذا كان السياق في جمع الأموال وحبا لمال قدم ذكرَ التضحية به، وإذا كان السياق في القتال وليس في الأموال أو القعود عن الجهاد  أخّـر الأموال، فهذا من باب التناسب بين الكلام ومناسبة المقال للمقام فلو عدنا إلى الآيات السابقة في سورة الأنفال لوجدنا حديثا عن المال والفداء وأخذه من الأسرى والغنائم ، وهذه الآية نفسها وردت تعقيبا على قوله تعالى: " وما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض  تريدون عرض الدنيا" وعرض الدنيا هو الفداء الذي أخذه من الأسرى وهو المال ، فعاتبهم على أخذ المال ثم قال: (لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم) والذي أخذوه هو المال الذي افتدى الأسرى به أنفسهم ، ثم قال: (كلوا مما غنمتم حلالا طيبا) فالسياق أصلا في المعاتبة على أخذ المال من الأسرى لذلك قدم المال لأنه كان مطلوبا لهم فطلب أن يبدؤوا بالتضحية به، فكان التقديم للاهتمام به لأنهم يهتمون به أما لو عدنا إلى سورة التوبة لرأينا ه كله في الجهاد وليس المال "قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ" ـ التوبة:14

" أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلا رَسُولِهِ وَلا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ" ـ التوبة:16

"أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" ـ التوبة:19

فالسياق حدد التقديم وما يجب أن يتقدم ، فلما كان هناك في أخذ الأموال وكان المال مطلوبا لهم قدم المال على (في سبيل الله) وهنا العكس فأخر المال

* قال تعالى في سورة  الأنعام الآية 32 : " وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ" فقدم اللعب على اللهو في وصف الدنيا، أما في مواضع أخرى مثل سورة العنكبوت 64 فقد قال: " وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ" ، فما سبب ذلك؟

كل الآيات القرآنية التي تصف الدنيا باللعب واللهو تم تقديم اللعب على اللهو إلا في سورة العنكبوت

أما معرفة السر وراء ذلك فتتجلى لنا بالرجوع إلى السياق القرآني في السورة المقصودة فقبل هذه الآية في العنكبوت جاء قوله تعالى: " اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ . وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ" العنكبوت 63 و 64

والرزق من مدعاة الالتهاء بجمعه وليس مدعاة لعب لذلك أيضا قال تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ" المنافقون 9.

فالرزق وطلب الرزق يشغل الإنسان ويلهيه لذلك نهى الله تعالى عن الالتهاء به، والذي بسط عليه الرزق منشغل في جمعه، ومن قُدِر عليه الرزق هو أيضا ملته بطلبه والبحث عنه والفكر به، لذلك قدم اللهو على اللعب في هذه الآية، أما الآيات الأخرى فلم يرد فيها مثل هذا الأمر

* تتقدم صفة الغفور على صفة الرحيم في آيات القرآن الكريم إلا في سورة سبأ حيث قال عز وجل في الآية الثانية : " يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ" فما سر ذلك؟

هذه الآية هي الآية الوحيدة التي قدم فيها صفة الرحيم على صفة الغفور في القرآن كله، فحيث اجتمعا فيما سواها قال (الغفور الرحيم) إلا في هذا الموطن ولنبدأ بمعرفة معاني كل منهما

 (فالغفور) صفة متعلقة بالمكلّفين من الثقلين أما (الرحيم) فهي صفة عامة تطلق على المكلف وغير المكلف كالرضع والحيوانات، فالرحمة أوسع وأعم من المغفرة، لأن المغفرة خاصة بالمكلفين المذنبين وكان ما تقدم هذين الاسمين عاما في هذا الموضع : "يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ "

في كل القرآن الكريم حيث اجتمع هذان الاسمان الكريمان تقدم ذكر للإنسان بأي صورة من الصور، أما هنا فلم يتقدم ذكر الإنسان، بل تأخر، فالسورة تبدأ : "الحََمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ . يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ "

ثم قال في الآية الثالثة : "وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ"

فتأخر ذكر أصناف البشر ولذلك تأخرت المغفرة

* ما سبب تقديم الجار والمجرور في سورة (يس): " وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ 20"

وتأخيره في سورة القصص: "   وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ 20" ؟

المعنى مختلف قطعا من جيث الدلالة اللغوية، فإن قلنا : (جاء من القرية رجل) فالمجيء من القرية قطعا، وإن قلنا: (جاء رجل من القرية) فهذا تعبير احتمالي، قد يكون جاء من القرية، وقد يكون الرجل قرويا ولكن مجيئه لم يكن من القرية تحديدا، فإنا إن قلنا: (رجل رجل من مصر) فليس المعنى بالضرورة أنه جاء من مصر البلد الآن، وإنما يحتمل أن يكون المعنى أنه رجل أصله من مصر، ولا يشترط أن يكون قادما منها، ولكن إن قلت: (جاءني من مصر رجل) فهذا ييعني أنه قدم من مصر قطعا

قوله تعالى: "وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى" احتمال أنه جاء من أقصى المدينة، واحتمال أنه هو من سكان أقصى المدينة

أما قوله في يس: "وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى"

فهو قد جاء من أقصى المدينة بالفعل، وقد كان مجيئه لإشهار إيمانه وإبلاغ الدعوة

الرسل قالوا: "وما علينا إلا البَلاغُ المبين" والبلاغ المبين يعني الواضح الظاهر الذي يعم الجميع، فإن خفي عن بعض فليس مبينا، فمجيئه من أقصى المدينة يعني أن البلاغ وصل إلى أبعد نقطة فيها. فجاء هذا الرجل وهو يحمل هذا الإيمان لإعلان إيمانه.

أما صاحب موسى في القصص فقد كان مجيئه لإسرار أمر في أذن موسى، فالمجيئان مختلفان، ولا شك أن المجيء للدعوة وتبليغها وإعلان الإيمان أهم في ميزان الله وأثقل وأولى أن يُبدأ بأقصى المدينة

إضافة: يمكن أن نضيف من المعاني إلى ذلك أن هذا الرجل قد جاء منمكان بعيد متجشما عناء الطريق ليؤمن ويدعو إلى الله، أما هؤلاء القريبين من  الرسل الذين تصلهم الدعوة بلا عناء فهم ل يبالون بها ولا يحسنون قبولها.

المصدر:موقع لمسات بيانية على الرابط التالي :

http://www.lamasaat.8m.com/

 

النظافة من الإيمان
 

بقلم الدكتور محمد السقا عيد

ماجستير في جراحة العيون

لقد جعل الإسلام النظافة أساس العبادة ومفتاحا لها، وجعل طهارة الجسم التامة أساسا لابد منه لكل صلاة، وجعل الصلاة واجبة خمس مرات كل يوم، وكلف المسلم بأن يتوضأ قبل الصلاة، وإذا أصابته جنابة فليغتسل فرضا غسلا كاملا لصلاة الجمعة وصلاة العيدين والاغتسال للحج والعمرة كله سنة عن الرسول صلى الله عليه وسلم.

ففي الوضوء قال الله سبحانه وتعالى:

) يأيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأيديكم وأرجلكم إلى الكعبين، وإن كنتم جنباً فاطهروا)  وروى عن أبى مالك الأشعري رضي الله عنه قاله: قال رسول الله   صلى الله عليه وسلم:

 ( الطهور شطر الإيمان والحمد لله تملأ الميزان وسبحان الله والحمد تملأن ما بين السماء والأرض.... والصدقة برهان والصبر ضياء.... والقرآن حجة لك أو عليك... )

ويحثنا الرسول صلى الله عليه وسلم كثيرا على الوضوء لأنه طريق الصلاة المفروضة والمسنونة حتى نقف بين يدي الله تعالى طاهرين.

وعن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

."إذا توضأ الرجل المسلم خرجت ذنوبه من سمعه وبصره ويديه ورجليه، فإن قعد قعد مغفوراً له"

 والإسلام وهو يحث على ذلك يطلب من أبنائه أن يكونوا دائماً على هذا الحال من الطهارة حتى عندما يريدون أن يأووا إلى مضاجعهم ليستريحوا من تعب العمل طوال النهار.

فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم: إذَا أتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأَ وُضُوءَكَ لِلصَّلاةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ على شِقِكَ الأيْمَنِ وَقُلِ: اللَّهُمَّ أسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أمْرِي إِلَيْكَ، وَألجأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَغْبَةَ وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لا ملجأ وَلا مَنْجَى مِنْكَ إِلاَّ إِليْكَ، آمَنْتُ بِكِتابِكَ الَّذي أنْزَلْتَ، وَنَبِيِّكَ الَّذي أَرْسَلْتَ. فإنْ مِتَّ مِتَّ على الفِطْرَةِ، واجْعَلْهُنَّ آخِرَ ما تَقُولُ" .

وقد بين عليه السلام أن أمته تعرف من بين الأمم على كثرتها بهذا النوع من النظافة وهذا الأثر من الطهارة فيقول صلى الله عليه وسلم:

 (إن أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء - فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل).

وأرشدنا إلى أن الوضوء فوق أنه طهارة ونظافة وتكفير للذنوب ومحو للخطايا فهو أرفع للدرجات."

فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله:

( ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات. قالوا بلى يا رسول الله قال: إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطى إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط.. فذلك الرباط.. فذلكم الرباط )

وقد حث الإسلام على النظافة من بقايا الأكل فبعد أن ندب إلى الوضوء أمرنا بان يتخلص الإنسان من بقايا طعامه وروائحه وأثاره وهذا أتقى للمرء وأطيب.

روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:

( بركة الطعام الوضوء قبله والوضوء بعده ).

والوضوء بفتح الواو بمعنى غسل اليدين قبل الطعام.... أما الوضوء بضم الواو فمعناه التطهير والاغتسال للصلاة من غسل الوجه واليدين إلى المرفقين ومسح الرأس وغسل الرجلين إلى الكعبين.

وإذا علمنا أن ما يصيب الإنسان من بعض الأمراض يكون سببه عدم العناية بالفم وعدم المحافظة على الأسنان بترك بقايا الطعام بينها. أدركنا سر توجيه الرسول لأمته بأن يحرصوا على السواك ويلازموا استخدامه.... على نحو ما سنذكر فيما بعد.

قال صلى الله عليه وسلم  : (تسوكوا. فإن السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب. مَا جاءني جبريل إِلاَّ أوصاني بالسواك. حَتَّى لقد خشيت أَن يفرض عَلِيّ وعلى أمتي. ولولا أني أخاف أَن أشق عَلَى أمتي لفرضته لهم، وإني لأستاك حَتَّى لقد خشيت أَن أحفي مقادم فمي).

ومن احترام الإسلام للفرد والمجتمع أنه كره لمن أكل ثوماً أو بصلاً وكل ما له رائحة نفاذه غير طيبه أن يفد المسجد. فقد قال عليه الصلاة والسلام.

 ( من أكل ثوما أو بصلا فليعتزل مسجدنا )ذلك حتى لا يؤذى المسلمين برائحته الكريهة.

ويوصى الإسلام بأن يكون المرء نظيفا في ملبسه وطاهرا في ثوبه. وقد ألحق هذا الخلق بآداب الصلاة. قال الله سبحانه وتعالى:

( يا بنى آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد)  الأعراف (31)

ويوصى الإسلام بأن يكون المرء أنيقا... فالأناقة فينظر الإسلام مرغوبة، والتحمل في غير إسراف - محمود، والثوب الطيب دليل طيب للابس فإنه مما أوصى الله به إلى رسوله الكريم الحث على التكبير بتطهير الثوب.  

) يا أيها المدثر، قم فأنذر، وربك فكبر، وثيابك فطهر)   (المدثر 1-4) وروى عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا أشعث الرأس فقال ( أما يجد هذا ما يسكن به شعره )ورأى آخر عليه ثياب وسخة فقال ( أما يجد هذا ما يغسل به ثوبه ).

ومن يفهم الدين على أنه يرضى على فوضى الملابس ويعد ذلك ضربا. من العبادة والزهد، يحرف الدين عن مواضعه ويلبس الحق بالباطل ويفتري على تعاليمه. والمسلم الذي يضم إلى نظافة باطن نظافة جسده وجمال ملبسه فأهم أهداف الإسلام مطبق تعاليمه متخلق بأخلاقه، فرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

 (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرَّةٍ من كبر، فقال رجل: إنه يعجبني أن يكون ثوبي حسناً ونعلي حسناً، فقال: إن اللّه يحب الجمال، ولكن الكِبْر مِنْ بَطَرَ الحق، وغَمَص الناس).

وفي رواية أخرى (يَا رَسُولَ الله إنّي رَجُلٌ حُبّبَ إلَيّ الْجَمَالُ وَأُعْطِيتُ مِنْهُ مَا تَرَاهُ حَتّى ما أحِبّ أنْ يَفُوقَنِي أحَدٌ ـ إمّا قالَ ـ بِشِرَاكٍ نعْلِي ـ وَإِمّا قالَ ـ بِشِسْعِ نَعْلِي أفَمِنَ الْكِبْرِ ذَلِكَ؟ قالَ لاَ وَلَكِنّ الْكِبْرَ مَنْ بَطَرَ الْحَقّ وَغَمِطَ النّاسَ).

وقد امتد هذا التجميل من أشخاص المسلمين إلى بيوتهم وطرقاتهم.

وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

 ( إن الله تعالى طيب يحب الطيب . نظيف يحب النظافة.كريم يحب الكرم. جواد يحب الجود، فنظفوا أفنيتكم ولا تتشبهوا باليهود )

والإسلام وهو يأمر بذلك يقصد إلى تخلية البيوت والشوارع من القمامات التي تنبعث منها رائحة غير طيبة وتكون مصدرا للعامل وانتشار الأمراض والعدوى.

فلنحافظ على نظافتنا ولنحافظ على صحتنا ولنحافظ على حياتنا من الوهن والضعف.

من هدى الإسلام في المحافظة على الفم والأسنان:

يحرص الإسلام على صحة الإنسان وسلامته من الأمراض، لان الجسم السليم هو مناط القيام بالكثير من التكاليف الشرعية كالصوم والحج والجهاد وغيرها من التشريعات.

وتستطيع أن نلتمس ذلك من خلال التوجيهات النبوية التي تتضمن وقاية من اتبعها من العديد من الأمراض والأسقام. ومن ضمن هذه التوجيهات تلك، سنتحدث عنها في موضوعنا هذا والخاصة بنظافة الفم والأسنان وأهميته ذلك بالنسبة للإنسان المسلم. فالمحافظة على الأسنان هي من أهم علامات المحافظة على الصحة وخاصة صحة الجهاز الهضمي فالأسنان القوية السليمة بمضغ الطعام وطحنه ومزجه باللعاب يساعد على سهولة هضم قدر كبير من المواد النشوية بما في اللعاب من أنزيمات هاضمة.

وكم رأينا مرضى بمشاكل سوء الهضم، وإذا نظرت إلى أفواههم وجدتها خاليه من الأسنان وهذا هو السبب في عسر الهضم.

لذلك كانت المحافظة على الأسنان من أهم العوامل المساعدة للمحافظة على صحة الجهاز الهضمي.

وقد أرشدنا رسولنا صلى الله عليه وسلم إلى غسل الفم عند:

- القيام من النوم.

- عند كل وضوء

- قبل الأكل وبعده.

وذلك لأن الفم عرضة لمجموعة كبيرة من الجراثيم، أكثر ما يناوله الإنسان من طعام وشراب ويشمه من هواء. كل ذلك مفعم بكثير من الجراثيم.

والأسنان بلونها وانتظام رتلها من أهم أسباب الجمال في الفم وهي كذلك بمكانتها وسلامتها تحفظ للفكين وضعها الطبيعي فيتم بذلك جمال الوجه كله.

وهو بتمامها وصحتها تجعل النطق سليما واللفظ مفهوما. فعلى سلامة هذه الدرر يتوقف حسن الهضم، وبصحتها يتم جمال الوجه ويستقيم اللفظ.

لذلك كان لابد من الاهتمام بالفم والأسنان بالغسل والمضمضة... ولعل أعظم طريقة لنظافة الفم والمحافظة على سلامة ومكانة الأسنان هي استخدام السواك.

الســــواك:

لقد قدم العلم في عصرنا هذا معاجين الأسنان فأضاف إليها من المواد مثل ( الفلورين ) وغيرها من مواد محافظة على الأسنان. ولكن لم يف بالقدر اللازم للمحافظة على صحة الأسنان بل كان استعماله فيه بعض الأضرار التي قد تؤذى الجهاز الهضمي.

فقد اهتم بأنه يكون سبباً لسوء الامتصاص عن بعض مرضى سوء الامتصاص بسبب بلع هذا المعجون وتأثيره على خمائل الأمعاء الماصة للطعام.

وكان من الواجب إزالة المعجون وأثاره من الفم تماماً حتى لا يحدث أي ضرر بالجهاز الهضمي.. ورغم استعمال المعجون وبرغم ما أضيف إليه من مواد حديثه حافظة للأسنان ما زالت الأسنان تصاب بالتسويس.

ولو عدنا إلى السواك لوجدنا أن فيه خيراً وبركة فيمكننا إزالة أي فضلات طعام متبقية بين الأسنان.... وإزالة هذه الفضلات يمنع تحللها ويطيب الفم.

كما أن السواك - من عود الأراك - يحتوي على مادة حافظة للأسنان واقية لها تفوق مكونات معجون الأسنان الصحي الحديث بكل ما أدخلت عليه من مواد حافظة.

والسواك:بسين مكسورة يطلق على الفعل وعلى الآلة التي يستعملها المتطهر، ويذكر ويجمع على سوك ككتاب وكتب.

وأحاديث السواك شهيرة وفضائله معلومة وإثارة الحسنة ملموسة، كيف لا وهو من سنن المرسلين ومن خصال الفطرة، وقد ورد فيه الأحاديث ما يربو على مائة حديث.

قال أهل العلم:

" وأعجبنا لسنة تأتى فيها هذه الأحاديث الكثيرة ثم يهملها كثير من الناس بل كثير من الفقهاء فهذه خيبة عظيمة ". سبل السلام 1/41.

قال ابن دقيق العيد:

" السر فيه - أي السواك - عن الصلاة أننا مأمورون في كل حال من الأحوال التي تقترب فيها إلى الله تعالى أن نكون في حالة كمال ونظافة، وإظهار لشرف العبادة."

وقد قيل إن ذلك الأمر يتعلق بالملك، وهو أنه يضع فاه على فم القارئ، ويتأذى بالرائحة الكريهة، فسن السواك لأجل ذلك ( سبل السلام).

وقد أنكر صلوات الله وسلامه عليه على من أهمل نظافة الأسنان فقال لبعض أصحابه حين رأى صفرة أسنانهم ( ما لي أراكم تأتون قلحاً استاكوا ) أخرج أحمد (452) والطبراني في الكبير ( 2/54).

والقلح بضم القاف وسكون اللام جمع أقلح نو القلح بالفتحتين هو صفرة تعلوا الأسنان ووسخ ركبها.

وفوائد السواك جمة أفاض في ذكرها الأقدمون والمعاصرون قال ابن القيم: " وفي السواك عدة منافع: يطيب الفم، ويشد اللثة ويقطع البلغم، ويجلوا الصوت ويعين بالحفر ( بفتح فسكون أو فتحتين - داء يفسد الأسنان ) ويصح المعدة، ويصفي الصوت ويعين على هضم الطعام ويسهل مجارى الكلام، وينشط القراءة والذكر والصلاة ويطرد النوم ويرضى الرب ويعجب الملائكة ويكثر الحسنات " . من كتاب الطب النبوي لابن القيم. (298).

" والذي يلحظ أمراض الفم واللثة من إهمال تطهيرهما يدرك سر مبالغة الإسلام في ذلك الأسنان بالمواد المحافظة لرونقها وسلامتها دلكا يزيل ما يعلوها وكذلك ما يختفي حولها " وعناية الدين بتطهير الفم وتجليه الأسنان وتنقية ما بينهما لا نظير لها في وصايا الصحة القديم والحديثة.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

" لقد أمرت بالسواك حتى خشيت أن يدردني " أي تسقط أسناني من شدة التدليك / رواه البزار في المسند.

لذلك فالسواك مستحب في جميع الحالات والأوقات، ولكنه في خمسة أوقات أشد استحبابا لقيام الأدلة على ذلك:

- عند الصلاة.

- عند الوضوء

- عند قراءة القرآن.

- عند الاستيقاظ من النوم.

- عند تغير الفم.

قال الشوكانى:

" وللفقهاء في السواك آداب وهيئات للفطن الاعتزاز بشيء منها إلا أن يكون موافقا لما ورد عن الشارع. ولقد كرهوه في أوقات وعلى حالات حتى كاد يفضي إلى ترك هذه السنة الجليلة، وهما أمر من أمور الشريعة ظهر ظهور النهار " نيل الأطار 1/1227.

وقال الإمام الشافعي رحمه الله:

" السواك مطهرة للفم مرضاة للرب " سنن النسائي جص10 / ط مصطفي محمد.

وفي صحيح مسلم:

( أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل بيته بدأ بالسواك )وفي السنن عن عامر بن ربيعة رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لا أحصى يستاك هو صائم. وهنا نرى قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة )اللؤلؤ والمرجان فيما أتفق عليه الشيخان لمحمد فؤاد عبد الباقي.

 أي السواك خمس مرات يوميا وفي ذلك صلاح وبركة. كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم  علم أمته ما يستحب لهم في الصيام  وما يكره منه  ولم يجعل لسواك من القسم المكروه  وقد حضهم عليه بأبلغ الألفاظ  وهم يشاهدونه يستاك  وهو صائم مراراً  ويعلم أنهم يقتدون به هكذا يثبت ديننا أنه دين الطهارة  والنظافة الروحية  والجسدية .

المصادر:

-الإسلام وصحة الإنسان   الشيخ منصور الرفاعى عبيد

-الطب النبوي               ابن القيم الجوزية

د. محمد السقا عيد

ماجستير وأخصائي جراحة العيون

عضو الجمعية الرمدية المصرية

جمهورية مصر العربية

دمياط – المياسرة ( 34731 )

ت : 851395 عيادة

854754  منزل

Dr_mohamed_60@hotmail.com

 

 

السواك بين السنة والطب
 

إعداد أحمد حسين خليل حسن

كلية الدراسات الإسلامية – جامعة الأزهر   

قال تعالى : (سَنُرِيْهِمْ آيَاْتِنَاْ فِيْ الآفَاْقِ وَفِيْ أَنفُسِهِمْ حَتَّىْ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ اَلْحَقُّ ) (1) 

 مقدمـــــــــــه  ,,,                              

    الحمد لله الذي علم بالقلم . علم الإنسان ما لم يعلم ، وأصلي وأسلم على سيد المتعلمين وخاتم النبيين الذي علم البشرية  وهو أمي فأخرجهم من ظلمات الجهل إلى نور العلم فكان بذلك رحمة للمؤمنين .

بعثه الله وأرسل معه الكتاب بالحق ليحكم بين الناس وجعله وحي يوحي بسنته المطهرة العطرة التي لا إفراط فيها ولا تفريط , وأمرنا – بنص القرآن – أن نؤمن به إيمانا يقينيا ونذعن برسالته --وبجميع ما جاء به من عند الله ؛ فقال تعالى مزكياً لسنته ( وَمَاْ يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىْ إِنْ هُوَ ِإلَّا وَحْيُُ يُوْحَىْ (2)  و قال ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه (3)

فكما أن القرآن معجز بآياته ومعانيه وأحكامه فكذلك السنة النبوية معجزة بمعانيها الشاملة يضل تاركها ضلالا بعيدا.

فإذا أبينا أتباعه وأعرضنا عن طريقته ومنهاجه فبعدا لنا وسحقا حيث نكون قد  أقحمنا أنفسنا فيما يهلكنا ويردينا, بهذا نطق القرآن فبان أتم بيان قال تعالى: فَآمِنُوْا بِالَّلهِ وَرَسُوْلِهِ وَالْنُّوْرِ الذي أَنزَلْنَاْ وَالَّلهُ بِمَاْ تَعْمَلُوْنَ بَصِيْرُُ (4) , وقال صلى الله عليه وسلم تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدى أبدا كتاب الله وسنتي (5)

وفيما يلي سوف أسرد في سطور كيف أن السنة النبوية – باعتبارها تشريعا سماويا – خالدة وباقية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها, وأن ما خالف السنة واقع حتما في دائرة الخطأ.

حتى العلم الحديث لم يصل إلى ما أخبرت به السنة النبوية إلا منذ عهد قريب وهناك أخبار لم يتوصل إليها, فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يكن ليفعل من شيء اعتباطا وإنما كانت كل حياته تشريع للأمة بعد ذلك ليترك لنا تراثا حافلا نعتز به وتاريخا عطرا يشهد للأمة بمجدها وعزتها، ذلك بخلاف القرآن الكريم دستور الأمة وحبل الله المتين الذي لا تنتهي أخباره وعجائبه, لكننا في هذا البحث بصدد الحديث عن السنة.

السواك بين السنة والطب

فيما يلي سوف أتناول جانبا من جوانب الإعجاز العلمي في السنة النبوية ألا وهو جانب " السواك "

قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- السواك مطهرة للفم مرضاة للرب (6) ،وإذا نظرنا لمادة كلمة  ( ط . هـ . ر ) نجد أنها تعني التطهير وعند علماء اللغة تعني النظافة والنزاهة من الأقذار حسية كانت أو معنوية(7), وقد جاءت في القرآن تحوي المعنيين .

 فقال تعالى إشارة إلى وجوب التطهر من الأقذار الحسيه : وَثِيَاْبَكَ فَطَهِّر(8)

وقال مادحا المؤمنين : فِيْهِ رِجَاْلٌ يُحِبُّوْنَ أَن يَتَطَهَّرُوْا وَالَّلهُ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِيْن (9)

فتطهير الشيئ في اللغة معناه إزالة ما خبث منه جليلا كان أو دقيقا وإذا بحثنا في اللغة فلن نجد مصطلح يعبر عن إزالة أدق الأشياء أبلغ من هذا المصطلح(10).

قال النووي : السواك لغة يطلق على الفعل وهو الإستياك وعلى الآلة التي يُستاك بها والتي يقال لها "المسواك "(11)

ومما قد يخفى علينا أنه قد ورد في السواك أكثر من مائة حديث .

قال الصنعاني- صاحب سبل السلام – " فوا عجبا لسنة تأتي فيها الأحاديث الكثيرة ثم يهملها كثير من الناس بل كثير من الفقهاء ، هذه خيبة عظيمة "(12) 

** فقه السواك :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء(13) 

مما سبق يتبين لنا مدى حرص النبي - صلى الله عليه وسلم – على صحة أمته وعلى كل صغيرة وكبيرة فيما يتعلق بذلك . فالسواك مندوب عند الوضوء وعند الصلاة على الراجح من أقوال العلماء (14)

ولا يخفى علينا أن الإمام الشافعي – رضي الله عنه – قد أوجبه في القديم عندما كان في العراق لكثرة شجر الأراك وعندما جاء إلى مصر ولاحظ قلة شجر الأراك حكم باستحبابه فقط.

** ما هو الأراك ؟

 

 صورة لشجرة السواك

الأراك شجرة تتبع الفصيلة السلفادورية "  Salvadoraceae" في تقسيم النبات واسمها العلمي "سلفادورا برسيكا " salvadora Persica"وهي شجرة تكثر في الأودية الصحراوية وتقل في الجبال أما  الأجواء الحارة والاستوائية فهي مناخ نموها الأمثل ولذا يوجد في عدة بلدان في القارة الآسيوية مثل المملكة العربية السعودية لا سيما في عسير وأبها وجيزان وكذا في بعض نواحي اليمن والهند وإيران أما في القارة الأفريقية فغربها مناخ مناسب لها وفي بعض نواحي مصر كالوجه القبلي وشبه جزيرة سيناء وتوجد بوفرة في جنوب السودان .

 وشجرة الأراك تشبه شجرة الرمان وهي جميلة دائمة الخضرة طوال العام ومن حيث الطول فهي قصيرة يتراوح طولها ما بين مترين وخمسة أمتار ولا يزيد قطر جزعها على قدم واحد، وأما أطرافها فمغزلية وأوراقها لامعة السطح لوجود مادة زيتية شديدة الخضرة عليها وهي تخرج زهرا أصفر اللون مشرباً بخضرة رائعة، ومن الزهرة تخرج ثمرات تشبه الكريز في عناقيد تؤكل .

** عود الأراك تحت المجهر(15):

يؤكد الباحثون أنه عند وضع عود أراك وفحص قطاع عرضي منه ( وذلك بعد غليه ونقعه في مزيج يتألف من مقادير متساوية من الماء والكحول والجلسرين ) إذ يلحظ الباحثين أن ثمة 3 طبقات متعاقبة :

1 – طبقة خارجية وهي عبارة عن نسيج فليني .

2 – طبقة وسطى وهي عبارة عن نسيج خشبي، وهما يشكلان الجزء الخارجي الذي يحمي الطبقة الثالثة

3 – طبقة داخلية وهي عبارة عن ألياف سليلوزية رائعة البناء .

فالألياف هنا تترتب وفق نظام دقيق في حزم متراصة بجوار بعضها أشبه ما يكون بفصوص ثمرة الليمون تنطوي كل حزمة على عشرات الليفات الدقيقة لتكون معا أكمل فرشاه طبيعية لدرء الخطر المحدق بالأسنان

** ميكانيكية تسوس الأسنان :

أمكن عبر السنين تفهم آلية تكوين المواد المترسبة على الأسنان المعروفة بالبلاك " Plaque"من السبب ومن الظواهر الإكلينيكية ومن بين الحقائق الكثيرة التي عرفت . ومن خلال ذلك تبين بوضوح أنه لا تسوس للأسنان بدون البلاك . فما هو البلاك ؟ وفيم خطره ؟ وما علاقته بعود الأراك؟

في أفواهنا أعداد هائلة من الكائنات الدقيقة تسمى " الزمرة الميكروبية الفموية " وهي تعيش في التجويف الفموي الذي يشمل كل من الشفتين من الأمام والخدين من الجانبين ويحيط بالفكين وما يحملانه من أسنان وكذا الغدد اللعابية واللسان والأوعية الدموية التي تغذي كل هذه الأعضاء بالدماء والأعصاب التي تمدها بالحركة والإحساس.

وإذا عددنا الميكروبات الموجودة في سنتيمتر مكعب من اللعاب فقد نرى أكثر 5 بلايين ونصف بليون ميكروب وهي تبلغ نحو 29 نوعا ميكروبيا ويوجد توازن دقيق وتعايش سلمي بين ميكروبات الفم كافة وكذلك بينها وبين جسم الإنسان ( المضيف ) . فالحق أن المناعة الطبيعية  لدى الفم هي التى تلجم الميكروبات فلا تقوى على إحداث أي أضرار تذكر بالتجويف الفموي على أنها لا تلبث أن تغير من سلوكها حيث تتخلف بقايا من مواد سكرية بين الأسنان فهي تشرع على الفور في استغلالها لإنتاج جزئيات طويلة من مادة جيلاتينية تلتصق بقوة على سطوح الأسنان وإذ يطيب العيش لبلايين البكتريا في كنفها فأنها تزداد نموا وتكاثرا وعتوا مكونة بما يعرف باللويحة السنية (16)  Dental Plaque“ " أو اللويحة الجرثومية " Bacterial Plaque"وهي تبدو على هيئة طبقة طرية لزجه يميل لونها إلى البياض وقد تبدو أحيانا بدون لون معين .

المهم هو ما تنطوي عليه طبقة البلاك من أعداد ميكروبية هائلة تقدر بنحو 300 مليون خلية في كل ملليجرام ( الملليجرام يمثل جزء من الألف من الجرام ) .

هكذا يبدو الخطر الحقيقي يزحف على الأسنان فثمة سلالات بكتيرية من أمثال " الاستربتوكوكس "  و " اللاكتوباسلس " ونحوها لا تزال تطلق أنزيماتها المحللة للبقايا السكرية حتى تحولها إلى سكريات أبسط كالجلوكوز ثم تمضي عاملة عليها بغية تحويلها إلى أحماض عضوية كاللاكتيك والبيروفيك والخليك والبروبيونيك .

ولا يخفى ما لهذه الأحماض من قدرة على إذابة الجزء الصلب الملاصق لمينا الأسنان محدثة "فجوة تسويس الحامض " وعندها يبدأ سطح السن في التآكل ممهدا لدخول موجات جديدة من البكتريا المحللة إلى أعماق أبدع حتى يصل الهدم إلى منتهاه .

إذا فميكانيكية التسوس تكمن في تكوين البلاك وبدون البلاك لا يحدث تسوس وعند الرغبة في القضاء على التسوس يجب القضاء على البلاك .

** ماذا تفعل طبقة البلاك ؟(17)

إن طبقة البلاك هي التي تحتضن ملايين الميكروبات – إن هي أهملت ولم تطرح عاجلا – فإن ميكروباتها تقتنص الفرصة ولا تزال تتآزر بل تتآمر مع فضلات الطعام التي تنتشر هنا وهناك على سطوح الأسنان حتى تفرخ المؤامرة التهابا بسيطا في اللثة – أنه بسيط حقا ولكن أعطه زمنا ومزيدا من الإهمال ولاحظ ما يحدث – فالمواد السامة الناتجة عن الالتهابات لا تلبث أن تقوم بتفتيت الأنسجة الليفية الضامة في اللثة حول الأسنان مكونة بؤرا صديدية عفنة تحت اللثة وفيما بين العظام وجذور الأسنان . وهنا تحدث الكارثة فلا تزال تلك البؤر الصديدية تمتلئ بخليط من صديد ممزوج بخلايا ميتة وميكروبات وفضلات طعام حتى تصاب اللثة  بالبيوريا " وتغدو الأسنان عرضة للسقوط ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .

صدقت يا سيدي يا رسول الله حينما قلت السواك مطهرة للفم مرضاة للرب(18)، وليس هذا فحسب بل يتطور الضرر حتى يصل إلى أجزاء الجسم الداخلية وهذا ما سنراه فيما يلي :-

** تأثير البلاك  على أجهزة الجسم الداخلية (19)

وصلنا في البند السابق إلى أن البؤرة الصديدية تصيب اللثة فيما يعرف " باليوريا "وقبل أن تسقط فإن بكتريا البؤرة الصديدية وسمومها كثيرا ما تتسرب – عبر الدماء – إلى أجهزة الجسم والأعضاء فتصيبها في الصميم .

أولاً : ثمة تقارير علمية حديثة تفيد أن أنواعا من الجراثيم الفموية مثل بكتريا " بورفيروموناز جينجيا فالس " تستطيع التسرب إلى الشرايين القلبية وإحداث عطب بجدرانها على نحو يوفر الفرصة لانسدادها ولو بعد حين .

ثانياً : وتفيد تقارير أخرى أن معظم المصابين بقرح المعدات يوجد بأفواههم عدد هائل من بكتريا "هليوكوباكتربيلوري " وهي نوع مشاغب يستطيع التسرب إلى المعدة والتشبث بجدرانها وإحداث ثقوب دقيقة فيها تتسع شيئا فشيئا حتى تتقرح المعدات .

ثالثاً : تقارير أخرى تفيد أن خطر البكتريا الفموية يمكن أن يبلغ الدماغ حيث تنتج إنزيمات تزيد من تراكم الدهنيات بشرايين الرقبة السباتية حتى يقل الإرواء الدموي للخلايا المخية مما يهدد بكارثة في المخ توشك على الوقوع .

رابعاً : ليس هذا فحسب فخطر البكتريا الفموية يمكن أن يمتد إلى العيون والرئتين والى المرارة والجلد والكليتين والى مفاصل البدن أيضا وتظل آثار البؤرة الصديدية تمتد إلى أجزاء الجسم المختلفة ، على أن هذا كله يمكن حظره إذا أزيلت طبقة البلاك التى هي السبب الرئيسي لكل ذلك فكيف يمكن لعود الأراك أن يزيل البلاك ؟ وبالتالي منع لائحة الأمراض السابق ذكرها من الحدوث ؟

** إعجاز السنة في السواك :-(20)

أوردت المجلة الألمانية الشرقية في عددها الرابع ( 1961 ) مقالا للعالم " روادارت " مدير معهد الجراثيم بجامعة روستوك يقول :

قرأت عن السواك الذي يستعمله العرب كفرشاة للأسنان في كتاب لرحالة زار بلادهم وقد عرض للأمر بشكل ساخر اتخذه دليلا على تأخر هؤلاء القوم الذين ينظفون أفواههم بقطعة من الخشب في القرن العشرين ، وفكرت ! لماذا لا يكون وراء هذه القطعة حقيقة علمية ؟

وفورا بدأت أبحاثي فسحقتها وبللتها ووضعت المسحوق المبلل على مزارع الجراثيم فظهرت عليها آثار كتلك التي يقوم بها البنسلين . , أضف إلى ذلك ما قاله الدكتور "فريد ريك فيستر" انه لم يستعمل طوال السنوات السبع الماضية سوى عود الأراك .

 ولعل هذا ما دعا الرسول – صلى الله عليه وسلم– أن يخبرنا فيما رواه أنس بن مالك- رضي الله عنه - فيقول -كما جاء فى  فتح البارى- : أكثرت عليكم في السواك (21)

** التركيب الكيميائي لعود الأراك :-(22)

وأستطيع أن أخبرك بما يذهب الريب والشك عن ما توصل إليه العلماء بعد أن فحصوا التركيب الكيميائي لعود الأراك، فلعل إلقاء نظرة على التركيب الكيميائي لسواك الأراك يجعلنا ندرك أسباب الاختيار النبوي الكريم والذي هو في أصله وحي يوحى :

1 – فتؤكد الأبحاث المخبرية الحديثة أن المسواك المخضر من عود الأراك يحتوي على (العفص ) بنسبة كبيرة وهي مادة مضادة للعفونة مطهرة قابضة تعمل على قطع نزيف اللثة وتقويتها .

2 – كما تؤكد الأبحاث وجود مادة خردلية تسمى السنجرين  "sinnigirin  " ذات رائحة حادة وطعم حراق تساعد على الفتك بالجراثيم .

3 – وأكد الدكتور طارق الخوري وجود الكلورايد مع السليكا وهي مواد تزيد بياض الأسنان ووجود مادة صمغية تغطي الميناء وتحمي الأسنان من التسوس .(23)

4 – أيضا وجود " 3 ميثيل أمين " يعمل على التئام جروح اللثة ونموها السليم .فهي مادة مطهرة يمكنها تعديل الأس الأيدروجيني للتجويف الفمي على نحو يؤثر بصورة " غير مباشرة " في النمو الميكروبي , وعثر الباحثون أيضا على كميات أخرى من مضادات الأورام .(24)

5 - أيضا بعد التوغل في كيمياء عود الأراك وتقصي تركيباته وقيمته الطبية عرفوا أن به مقدارا حسنا من عنصر الفلورين وهو الذي يمنح الأسنان صلابة ومقاومة ضد التأثير الحامضي للتسويس ، والعمل الأكبر للفلورين يتجلى في مرحلة نمو وتكوين الأسنان حين يشق العنصر طريقه إليها بقوة حالا محل ذرات أخرى أقل تفاعلية كالبوتاسيوم والصوديوم في البنية التحتية لمينا الأسنان وتكون الروابط الذرية التى تشكلها المادة الجديدة أمتن من روابط العناصر الأقل تفاعلية . علاوة على أن تعرض المينا لعنصر الفلورين في هذه المرحلة يحولها من الصورة " هيدروكسي أباتيت " إلى صورة أخرى أمتن هي " فلورو أباتيت " .

6 – وغير عنصر الفلورين يوجد قدر من عنصر الكلور الذي يزيل الصبغات وأيضا مادة السيليكا فقد عرف دورها في المحافظة على بياض الأسنان .

7 – كذلك وجود مادة تعرف " بالسيليس " يوجد بنسبة 4% من عود الأراك بها خاصية تمكنها من حك طبقة البلاك وطرحها .

8 – لا ننسى مادة بيكربونات الصوديوم والتى أوصى مجمع معالجة الأسنان بجمعية أطباء الأسنان الأمريكية بإضافتها إلى معالجة الأسنان .(25)

9 – وبعود الأراك مادة تسمى " سيلفا يوريا " عرفت بقدرتها على صد عمليات النخر والتسويس وبالتالي على منع تكوين البؤر الصديدية السالف ذكرها .

10 – ويدل تحليل عود الأراك على وجود قدر من حامض الانيسيك الذي يساعد في طرد البلغم من الصدور ، إلى جانب كمية من حامض الاسكوربيك ومادة السيتوسيترول وكلا المادتين بإمكانهما تقوية الشعيرات الدموية المغذية للثة .

وقد ذكر الإمام ابن القيم فوائد جمه فى السواك مما يؤكد لنا مدى إعجاز السنة النبوية -على صاحبها أفضل الصلاة والسلام- فى السواك .(26)

 

 صورة لعيدان السواك المعروضة للبيع

11 – ويوجد بعود الأراك 1% من مواد عطرية زيتية طيبة الرائحة تعطر الأفواه بأريجها .

12 – ووجد المحللون أيضا بعود الأراك مادة تدعى " الانثراليتون " ذات فائدة في تقوية الشهية للطعام كما تفيد في تنظيم حركة الأمعاء ،،،

بعد ذلك كله أريد أن أطرح سؤالا :-

إلى أى مدى نستطيع تصديق حديث النبي– صلى الله عليه وسلم–السواك مطهرة للفم مرضاة للرب (27)

** الفرق بين عود الأراك والمعجون :-

قد يتساءل البعض إذا استخلصنا هذه العناصر الموجودة في عود الأراك ووضعناها في معجون أسنان فهل يؤدي ذلك نفس ما أداه السواك ؟

يجيب على ذلك نخبة من أكبر علماء طب الأسنان في العالم عندما قاموا بإجراء بحوث وتجارب كلفت أموالا طائلة - ولا تزال - حينما حاولوا استخلاص تلك المواد ووضعوها في معجون أسنان يسمى " Qualimeswaks"أنتجته الشركة العالمية السويسرية " فارما بازل ليمتد " وطرح في الأسواق ولكن وجدوا أنه لا يقوم بنفس ما يقوم به عود الأراك فما السبب ؟

يرجع السبب إلى جانب ثراء عود الأراك من المكونات الكيميائية فهو يحتوي على عناصر أخرى لا تظهر إلا بعد التفاعل مع لعاب الفم وكانت المفاجأة حين عثروا في اللعاب على مركبات جديدة لم يسبق التعرف عليها في خلاصة الأراك المعملية . فمن أين جاءت هذه المركبات ؟

بعد تجارب تحليلية دقيقة توصلوا إلى أن المركبات هي في الأصل من مكونات الأراك الطبيعية ولكنها مقيدة بمركبات أخرى فلا يظهر تأثيرها إلا بفعل إنزيمات اللعاب حتى تصول وتجول بين جحافل البكتريا الفموية الضارة فيمكنها القضاء على 97% من أفراد الميكروبات في زمن محدود .

علاوة على الدور العكسي الذي تحدثه إنزيمات اللعاب صونا للمادة الفعالة الزائدة من الضياع فإذا زادت عن حاجة الفم وما أن تغيرت حموضة الفم بفعل نشاط الميكروبات حتى ينقلب الحال فتنشط إنزيمات اللعاب ويتحرر جزء من المادة الفعالة التي سرعان ما تبيد البكتريا الضارة بحكمة واقتدار.

أضف إلى ذلك القوة الحيوية الثلاثية التي يتميز بها عود الأراك قوى "ميكانيكية – كيميائية – حيوية " فقد أثبتت تجارب وأبحاث أن الأفواه وثنايا الضروس تعتبر محا مضن مثالية لنمو وتكاثر الميكروبات فعندما ابتكروا معاجين أسنان مزودة بمواد مطهرة ومانعة للعفونة وصنوفا من المضادات الحيوية قاتلة للميكروبات لم تلبث أن عارضها أطباء الأسنان بعد أن كشفوا عن مسئوليتها المباشرة للإخلال بالتوازن الطبيعي الدقيق ( أو بمعنى آخر هذه المواد لها آثار جانبية )

أما عود الأراك فيمكنه القيام بكل تلك الوظائف وغيرها دون الإخلال بالتوازن الطبيعي لجسم الإنسان بل بالعكس فهو يساعد الجسم على الوصول إلى أفضل درجات التوازن الطبيعي الممكنة .

أضف إلى ذلك حالات تسمم الأطفال الأمريكان الناتجة عن بلع مادة الفلورايد الموجودة في المعجون(28)

قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أمرت بالسواك حتى خشيت أن يكتب على(29).

** الدور التربوي للسواك ( علاج لترك التدخين ) :

تقول الأبحاث أن الميل الفيزيولوجي والعلاقة الميكانيكية بين اليد والفم هي أساس صناعة السجائر وهي عامل مشترك بين الداء والدواء ، ويشهد على ذلك منعكس المص عند الأطفال، فيحدث الإدمان في حالة انعدام البديل الأصلي الصحي (30)

ويذكر الفنان " دريد لحام " في شريط الفيديو الذي أصدرته منظمة الصحة العالمية عام 2001 بمناسبة اليوم العالمي للتدخين خلاصة مهمة هي :

" أن إدمان التدخين هو إدمان لعادة ميكانيكية حركية – تحدث بين الفم واليد- بشكل أساسي "

** انتبه   !  :  ( تعقيب مهــم )(31)

تعالت الصيحات اليوم من كثير من العلماء بالقول أن الفرشاة والمعجون هما الأفضل ويحصل بهما الأجر لأن الأحكام تتغير بتغير الأزمان .

ويرد على ذلك علماء الغرب – غير المسلمين – قبل علماء المسلمين, إضافة إلى ما سبق ذكره في هذا البحث حيث يشهد على ذلك ما كتبه الأطباء المصريون والدمشقيون, وما كتبه رؤساء أقسام طب الأسنان بالجامعات المختلفة يؤيد ذلك.

والحكم باستعمال الفرشاة والمعجون بدلاً من السواك بحجة أن الأحكام تتغير بتغير الزمان من باب استبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير فالفرشاة التي دخلت علينا في عهود التخلف الإسلامي والتقدم الغربي – في الصناعة – هي أقل بكثير من السواك, بالإضافة إلى تقارير قادمة من ( A.D.A) جمعية أطباء الأسنان الأمريكية تقول أن الفرشاة البلاستيكية لا تؤثر على الجراثيم بفاعلية بسبب عدم قدرتها على اختراق طبقة المخاط الفموية "  Mucinوالتي تحمي الجراثيم وإنما يقدر على ذلك القطعة الخشبية " السواك " بسبب خاصية الامتصاص التي تملكها .

وأيضا تفيد التقارير الصادرة من جمعية أطباء الأسنان الأمريكية أن الجراثيم تنمو على فرشاة البلاستيك بعد 14 يوم من استعمالها (32),  

والــــــحـــــق مـــــا شهـــــدت بـــــه الأعـــــداء

خاتمــــــــــــه

بعد هذا التجوال  في جانب من جوانب إعجاز السنة النبوية وبعد أن ثبت علميا بالأدلة والبراهين التي لا تدع مجالا للشك أن :    

" السواك من وجهة نظر علمية بحته موضوع خرج من باب الشبهات والتساؤلات المطروحة حوله قديما ليتربع على عرش المواد الطبيعية الفعالة في صحة الجسم والفم في البلاد المتقدمة حاليا " . أقول :-

أن السواك كان من سنن الفطرة ، ثم أصبح أسلوب حياة النبي –  صلى الله عليه وسلم – بعد ذلك وأسلوب حياة النبي هو الأفضل , فقد روى أن النبي-  صلى الله عليه وسلم -  داوم عليه حتى آخر عهده بالدنيا وهو فى سكرات الموت فكان آخر عهده به وروى أيضا انه– صلى الله عليه وسلم – أوصى الأمة بالسواك عند مماته(33)،، والمحافظة على السنة سبب رباني للتمكين في الأرض .

ولعل ما ذكره المؤرخون عن المسلمين في انتصارهم في معركة نهاوند وغيرها بسبب السواك خير شاهد على ذلك .

فيا من نشد ضالته فى غير الإسلام ,,    ويا من يسعى إلى تقليد الغرب تقليدا أعمى معتقدا أنهم الأفضل ,  ويا من يهمل منهج النبي – صلى الله عليه وسلم – باحثا عن الرقي في غيره ،ويا من تعالت أصواتهم وصيحاتهم أن الإسلام هو دين الرجعية والتخلف ، يا من استبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير ،

يا كل ضحايا الفهم الخاطئ للدين .

هذه سنة حبيبنا– صلى الله عليه وسلم – بين أيدينا نقلها لنا المعصوم– صلى الله عليه وسلم – وكان حريصا علينا , لَقَدْ جَاْءَكُمْ رَسُوْلٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيْزٌ عَلَيْهِ مَاْ عَنِتُّمْ حَرِيْصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِيْنَ رَءُوْفٌ رَحِيْمٌ (34)

ومن قبلها القرآن الذي هو دستور الأمة الذي من قال به صدق ومن حكم به عدل , من تركه جبار قصمه الله , ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله  , فلماذا نعرض عن منهجنا ودستورنا الذى ارتضاه الحكيم الخبير لنا ونتطفل على فتات موائد وقوانين بشر مثلنا لا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا ؟

الإسلام هو دستور الأمة وهو المنهج المثالي لأي زمان ومكان فالشريعة الإسلامية ليست صالحة لأي زمان ومكان فحسب بل هي تصلح أي زمان ومكان ، وصدق الله العظيم إذ يقول سَنُرِيْهِمْ آيَاْتِنَاْ فِيْ الْآفَاْقِ وَفِيْ أَنفُسِهِمْ حَتَّىْ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ (35)

هذا ما استطعت جمعه انتصارا لسنة النبي – صلى الله عليه وسلم – فإن كان صوابا فهذا ما أرجوه  , وإن كان غير ذلك فحسبي أني اجتهدت .

وأخيرا أسأل الله أن يعلمنا ما جهلنا وأن ينفعنا بما علمنا وأن يهدينا إلى سواء السبيل إنه نعم المولى ونعم النصير وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .


الهوامش:

(1) سورة فصلت آيه 53                                             (2) النجم 3, 4  

(3) صحيح -  انظر صحيح الجامع للألباني                           (4) التغابن 8

(5) صححه الألباني عن أبى هريرة , "بتصرف"

(6) أخرجه النسائي والدا رمى ,وأحمد في مسنده عن عائشة رضي الله عنها .

(7)القاموس المحيط للفيروزأبادى .                     (8) المدثر4 .                                         (9) التوبه 108 .

(10)القاموس المحيط .                                   (11) صحيح مسلم بشرح النووي ؛ المجموع شرح المهذب – "بتصرف"           (12) سبل السلام – فضل السواك – ط : دار الفجر .

(13) أخرجه مالك فى الموطأ ,وأحمد فى مسنده ,والنسائي فى سننه ,وصححه ابن خزيمه ,وذكره البخارى تعليقا ,والحديث متصل لكن بلفظ "عند كل         صلاه"  قال ابن منده : إسناده مجمع على صحته ,  راجع: اللؤلؤ والمرجان .

(14) بداية المجتهد ونهاية المقتصد – ابن رشد .

(15) مجلة العلم المصريه (319 - أبريل 2003 م ) بحث للدكتور فوزي عبد القادر الفيشاوى الأستاذ بكلية الزراعه – جامعة أسيوط .

(16) المرجع السابق .

(17)    الطب النبوى فى ضوء العلم الحديث – د/ غياث الأحمد

(18) سبق تخريجه- انظر صحيح الجامع للألبانى .

(19) الحقائق الطبيه فى الإسلام د/ عبد الرازق كيلانى – ط : دمشق .

(20) موقع :www.siwak.net 

(21) صحيح البخارى – انظر فتح البارى

(22) مجلة العلم (319 – أبريل 2004 )

 (23) http/ www.siwak.net 

(24) روائع الطب الإسلامى- جـ4 د/ محمد نزار الدقر

(25) مجلة العلم  المصريه بعدد( 319 - أبريل 2003 )

(26) زاد المعاد  من هدى خير العباد لابن القيم – "بتصرف"

(27) سبق تخريجه- الهامش رقم (1) ص 2 – انظر صحيح الجامع .

(28)    مجلة العلم المصريه العدد 319 - أبريل 2003 م

(29)    حسنه الألباني – صحيح الجامع للألبانى

(30)    الموقع الأليكترونى :http/ www.siwak.net 

(31)    المرجع السابق .

(32)    المرجع السابق .

(33) الطب النبوي في ضوء العلم الحديث – د/ غياث الأحمد   

(34) التوبه 128                        (35) فصلت 53

أهم المصادر والمراجع

====================

1 – القرآن الكريم                    جل من أنزله

2- الحديث الشريف         :        

صحيح البخاري – صحيح مسلم - سنن النسائي – سنن الدار مي – مسند الإمام أحمد – صحيح الجامع للألباني  - الموطأ للإمام مالك – صحيح ابن خز يمه .

3 - الإمام النووي                   المجموع       شرح المهذب .

4 – ابن القيم                                    زاد المعاد في هدى خير العباد   .                                5- سبل السلام للصنعانى               ط: دار الفجر .

 6-عبد الرازق كيلانى                     الحقائق الطبية في الإسلام  ط : دمشق .

7– د / غياث الأحمد                               الطب النبوي في ضوء العلم الحديث .

8– روائع الطب الإسلامي                  الجزء الرابع د / محمد نزار الدقر .

9- مجلة العلم المصريه العدد ( 319 – أبريل 2003 )

10- http/www.siwak.net

جمع و إعداد

أحمد حسين خليل حسن

كلية الدراسات الإسلاميه – جامعة الأزهر    Ahmed_gz@yahoo.com

 

 

الفوائد الصحية للوضوء
 

يوسف أبو بكر المدني

باحث إسلامي ـ الهند

tkyoosuf@gmail.com

أوجب الله سبحانه وتعالى  الوضوء شرطا للصلاة بقوله " يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين " لذا نتوضأ قبل أن نقوم إلى الصلاة بغسل  اليدين والوجه والرجلين بالماء الطاهر، وعندما نتوضأ بعد ما أصابنا التعب بسبب السفر أو الاشتغال، لا شك انه يسدي النشاط للنفس والحيوية للجسم، حتى يدرك به الإنسان قسطا وافرا من الوعي والتركيز تمهيدا للصلاة. 

عند الوضوء أو تطهير الجسم بالمياه البارد  يحدث تغييرات كثيرة في أجسامنا؛ لأن الماء هو من أهم عناصر مزاج  الجسد ويحتويه على اكثر من ثلثي أجزائه الكلي، كما يحتاج الجسم إلى الماء لتبريده عندما يرتفع درجة حرارة الجسم فوق ثمانية وتسعين فهارنهيت، وذلك بتبخر المياه الداخلية بواسطة العرق، لذا يقوم الوضوء بدور هام في تبريد الجسد من الخارج ويساعد لتخفيف عملية انخفاض درجة الحرارة. يوجد في جميع البلدان عادة صب المياه على المغمي عليه ليفيقه منه، ومن طريق علاج المعترف منذ زمن بعيد إمرار المياه على أجزاء المختلفة للبدن لشفاء الأمراض، وقد أمر الله تعالى لأيوب عليه السلام أن يغسل بدنه بالماء البارد ويشرب منه لإزالة السوء منه ويقول " اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب " وسجل في التاريخ طرق العلاج بالمياه، كما صنف في هذا الموضوع كتب كثيرة عن فوائد الطبية للاغتسال بالماء البارد، ويتمكن بعلاج المياه أن يحتفظ الجسم من عدوان الأمراض، وكانت موجودة  في أوربا وغيرها حمامات عامة بنيت مستهدفة هذا العلاج.

كلما يمس الماء البارد في أي جانب من الجسد يتقلص شريان الدم فيه، ويزداد سيل الدماء إليه من سائر الجوانب لموازنة درجة الحرارة، وعند الوضوء يكثف سيل الدماء إلى الوجه واليدين والقدم وسائر أعضاء المغسولة. وخلال جريان الدم من الأعضاء الباطنية إلى الجوارح الخارجية تمتص غدة العرق نفايات الدم منه وتزيلها إلى الخارج بواسطة حفريات الشعر الموجودة في الجلد، وتختلط هذه الملوثات بماء الوضوء وينظف الجسد منها بعد الوضوء، وفي العادة تجري هذا التنظيف بواسطة عمل الكلية بامتصاص النفايات من الدم وإبادتها مع البول، وهكذا عندما يعرق جسم الإنسان تطرح هذه النفايات إلى خارج الجسد كافة ويمكث على الجلد  حتى يغسلها، وأما في الوضوء ينحصر أمكنة الملوثة بما تجذب ماء الوضوء نفايات الدم إلى أعضاء خاصة ويزيلها من الجلد بماء الوضوء، لذا يساعد الوضوء لتخفيف علمية الكلي المستمرة ويحفظها بقدر ما من الأمراض الكلوية. كما يخرج الوضوء الخطايا من الإنسان بغسل أعضائه.

ومن الأعمال العسيرة للقلب إيصال الدم إلى الوجه والكفين والرجل بوقوعها بعيدا عن القلب، وعندما نتوضأ ينجذب الدم إلى هذه الأعضاء بتغير توازن الحرارة بمس المياه البارد فيها، لذا  يساعد  الوضوء  القلب أيضا في مهمته ويريحه من أعباء العمل.  وهكذا يحصل بالوضوء البرد والحيوية للأعصاب الموجودة في اليدين والقدمين وسائر أعضاء المغسولة بماء الوضوء،  وبارتباط هذه الأعصاب بالعصب الرئيس في المخ  يجد الإنسان النشاط بعد الوضوء، ويخفف به إمكانية حدوث الهم والغم والقلق والتوتر ويدفعها جزئيا. وجدير بالذكر هنا قول رسول الله صلي الله عليه وسلم عن التوضأ عند الغضب لأن الوضوء يبرد النفس والمخ والجسم ويحدد نبض القلب الشديد الحادث بسبب الغضب ويحمي مرضي القلب من إصابة النوبة  بسبب الخوف والغضب.

وبما يكثر جريان الدم إلى الرأس بصب المياه إلى الوجه يفيق المغمي عليه بمس الماء على وجهه ويشفي دوار الرأس من الذين يعانون بعوز الدم وضغطه. عند الوضوء بما يبلل العين والأذن والأنف واللسان يشتد جريان الدم إلى أعصاب هذه الحواس وينشطها،  كما صار صب الماء الصافي في العين طريق علاج لأمراض العين بإزالة  القذر والغبار من العين، كذا ينصح وضع القطن المبلل على جبهة المحمي لكي يحفظه من شدة الحرارة، إن الذين يشتغلون بأعمال عقلية شاقة تجري إلى دماغهم دما كثيرا ويمكث فيه ساخنا، بالوضوء يجد هؤلاء راحة واطمئنانا لما يبرد دماء الدماغ. كل هذا دليل لقدرة الوضوء لجعل الإنسان واعيا يقظا قبل الصلاة.

وهناك احتمال كبير لإصابة الجرح والكسر في القدم واليدين، واعترف  الطب في جميع الأزمان بغسل الأعضاء  المجروحة تمهيدا لعلاجها. وأما الوضوء يساعد لتنظيفها ويمنع الاخماج والتعفن، كما يساعد التوضأ عند الذهاب إلى الفراش  للنوم الهادئ المريح. وتدل الدراسات التي أجرت العلماء في روسيا على أن هناك تأثير إيجابي في دلك الوجوه بما يحميها من أمراض جلدية، لأن العضلات والعروق في الوجه سطحية وقابلة لفائدة التدليك،كإزالة التقلصات والجفاف بتكثيف جري الدم في جلد الوجه، حتى أن نفعه اكبر من استخدام معجون مستحضرات الجمال، وأما دلك أجفان العين مع غسل الوجه يدعم لإزالة الغبار والجراثيم من العين ويحدد بصارة العين. هكذا ينتفع الاستنشاق مع الوضوء لشفاء الزكام وفتح سد البلغم في الأنف وإبادة بعض أمراض الحساسية المصابة بتنفس الغبار وحبوب اللقاح والجراثيم وغيرها.

ودلت الدراسة التي أجريت في الكلاب أن البدن حينما يبرد يزيد مستوي النشاطات الهضمية (Metabolic rate ) فيها بمقدار سبع في المائة، ويجدر هنا توجيه النبي صلي الله عليه وسلم للوضوء قبل الطعام وبعده،  كما كشفت البحوث في الفئران أن الغدة الدرقية تنشط بإصابة البرد في الجسم حيث تكون كحالة الراحة في الوقت الساخن. وأوضح بعض الدراسات أن درجة الحرارة لجسم الإنسان ترتفع على قدر درجتين عند  إثارة عواطفه بسبب الخوف والغضب فتكون مضرة لصحته، وأما الوضوء يساعد الإنسان لإثبات درجة حرارة الجسمية الداخلية في 37 درجة بما يمتلك الماء البارد قوة التبريد، كما يزيد نشاط الإنسان بتبريد أعضائه، حتى انه أفضل من شرب القهوة والشاي للتنعيش عند الفتور والإعياء؛ لأنهما يسببان لتوسيع عروق الدماء بما تحتويان كافين وسائر المواد الكيماوية

كما وجدت أن درجة الحرارة تنخفض في مناطق الفم واليدين والحنجرة والأذنين إذا وضع القدم مدة ثلاث دقائق في الماء البارد، كما تخفف نبضة القلب أيضا بسببه، ولا شك أن هذا التغيير يحدث في سرعة عجيبة عند الوضوء بما يمس الماء على سائر الأعضاء الحساسة أيضا، كما يظهر بعض البحوث انه يمكن رفع درجة الحرارة في الجسم من 36 درجة مئوية إلى 38 درجة مئوية بالتوضأ بالماء الساخن أيام حالة الطقس الباردة ، كما يزيد سرعة التنفس من 12 مرة إلى 29 مرة، ونمكن أن نستنبط من هذا التغيير أن بدن الإنسان ينفعل سريعا للوضوء، سواء أكان بالماء الساخن أيام القر أو بالماء البارد أيام الحر، ويبقي أثره طويلا في الجسم. 

ويري الفقهاء مستحبا التبول قبل الوضوء، لأن مس الماء البارد في الجسم يزيد الباعث للذهاب إلى المرحاض، كما أن الاستنجاء بالماء يعد من  فطرة الإسلام وعادة الأنبياء، حيث انه يحدث تغيير في الأعضاء التناسلية بما تحتوي هذه البقعة كثيرا من العروق  الدموية، ومس الماء البارد في هذا العضو أيضا يبرد الجسم ويخفف أعمال القلب والدماغ، كما يقوم الوضوء بدور كبير في حفظ جمال الإنسان لان جلود الإنسان تتجعد بإصابة الأشعة فوق البنسفجية وبإلقاء ضوء الشمس عليه، وبمرور المياه على الجلد مرات في اليوم والليلة يخفف تجفيف الجلد وتجعيده، ويعتمد شركات مصانع معجون مزيد الجمال على تحفظ الحالة الرطبة لطبقات السلفي للجلد باستخدام المواد الكيماوية مثل( Cosmetic Moistures ) وأما دلك الجلد بالماء البارد مرات كما يفعل في الوضوء هو افضل طريق لاحتفاظ رطوبة الجلد.

T.K.Yoosuf

M.U.A.College

Pulikkal – 673 637

Malappuram Dist

Kerala, India.

Phone: 9349798262,

E-MAIL: tkyoosuf@gmail.com

 

 

الموضة القبيحة الأظـافـــر الطـويــــلة
 

بقلم الدكتور محمد نزار الدقر

طبيب وباحث إسلامي

مفهوم الجمال، مفهوم قد يكون نسبياً، ولسنا في معرض مناقشة عشاق الغرب الذين يرون الأظافر الطويلة الشبيهة «بالمخالب» جميلة لمجرد كونها «موضة» أتت من الغرب أما المسلم فهو يرى أن ما قبحه الشرع فهو القبيح وأما ما يراه الشرع جميلاً فهو الجميل. والنبي صلى الله عليه وسلم، هادي الأمة إلى الخير، نهانا عن إطالة الأظافر، وجعل من الفطرة السليمة، والذوق الرفيع تعهدها بالتقليم.

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من الفطرة حلق العانة وتقليم الأظافر وقص الشارب» رواه البخاري. والتقليم لغة هو القطع، وهو تفعيل من القَلْم، وكلما قطعت منه شيئاً فقد قلمته، وشرعاً هو إزالة ما يزيد على ما يلامس رأس الإصبع من الظفر وهو سنة مؤكدة.

وورد في الحديث قولهصلى الله عليه وسلم :« قلِّم أظافرك فإن الشيطان يقعد على ما طال منها».

أما توقيت قصّ الأظافر فقد ورد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «وقت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قص الشارب و تقليم الأظافر ألا نترك أكثر من أربعين ليلة » رواه مسلم.

وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قلم أظافره يوم الجمعة وقي من السوء إلى مثلها»راوه الطبراني في الأوسط.

فالسنة النبوية تضع حدين(5)لتوقيت قص الأظافر، حداً أعلى لا يزيد عنه المسلم في ترك أظافره و هو أربعون يوماً حيث نهى أن تطول أكثر، و حداً أدنى أسبوع رغب فيه المسلمين بقص أظافرهم لتكون زينة يوم الجمعة و نظافته.

و المعتمد عند الإمام ابن حنبل استحبابه كيفما احتاج إليه.و قال النووي(6): «يختلف ذلك باختلاف الأحوال و الأشخاص والضابط، الحاجة إليها، كما في جميع خصال الفطرة ».

الموانع الشرعية لإطالة الأظافر:

إن عدم قص الأظافر وتركها تطول لتصبح (مخالب) بشرية، سواءً كان ذلك إهمالاً، أو جهلاً، أو كان متعمداً على أنه تقليد (أو موضة) هو خصلة ذميمة مخالفة لسنن الفطرة التي جاءت بها الشريعة الإسلامية.

فالأظافر الطويلة قد تكون سبباً في منع وصول ماء الوضوء إلى مقدم الأصابع، و فيها تشبه و تقليد لأهل الكفر و الضلال، و تطبيع للمسلمين بطابع الحضارة الغربية، و فيها أيضاً نزوع إلى الطبيعة الحيوانية و تشبه بالوحوش ذوات المخالب، كما أنه عمل لا يقبله الذوق الإسلامي الذي تحكمه شريعة الله و نظرتها التكريمية للإنسان ـ الذي هو خليفة الله في الأرض هذا علاوة على أن ما ينجم من أضرار صحية جراء إطالة الأظافر، يجعلها تتعارض مع القاعدة الشرعية [لا ضرر ولا ضرار] والتي جاءت لتحافظ على سلامة البشر.

عن قيس بن أبي حازم قال: «صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة فأوهم فيها، فسئل فقال: ما لي لا أوهم و رفغ أحدكم بين ظفره و أنملته»(*).ومعناه أنكم لا تقصون أظافركم ثم تحكون بها أرفاغكم فيتعلق بها ما في الأرفاغ من الأوساخ، و قال أبو عبيد: أنكر عليهم طول الأظافر و ترك قصها. والرفغ مفرد (أرفاغ) وهي مغابن الجسد كالإبط وما بين الفخذين وكل موضع يجتمع فيه الوسخ.

و في بحث طريف قدمه د.يحي الخواجي و د. أحمد عبد الأخر(5)في المؤتمر العالمي للطب الإسلامي أكدا فيه أن تقليم الأظافر يتماشى مع نظرة الإسلام الشمولية للزينة و الجمال.

فالله سبحانه خلق الإنسان في أحسن تقويم، و جعل له في شكل جمالي أصابع يستعملها في أغراض شتى، و جعل لها غلافاً قرنياً هو الظفر يحافظ على نهايتها. وبهذا التكوين الخلقي يتحدد الغرض من الظفر ويتحدد حجمه بألا يزيد على رأس الإصبع ليكون على قدر الغرض الذي وجد من أجله. ومن جهة أخرى فإن التخلص من الأوساخ وعوامل تجمعها يعتبران من أهم أركان الزينة والجمال، وإن كل فعل جمالي لا يحقق ذلك فهو مردود على فاعله.

وإن تقليم الأظافر بإزالة الأجزاء الزائدة منها يمنع تشكل الجيوب بين الأنامل والأظافر و التي تتجمع فيها الأوساخ، و يحقق بذلك نظرة الإسلام الرائعة للجمال والزينة.

 

تتكون الجيوب الظفرية بين الزوائد ونهاية الأنامل و التي تتجمع فيها الأوساخ و الجراثيم

الأضرار الصحية الناجمة عن إطالة الأظافر :

تحمي الأظافر نهايات الأصابع و تزيد صلابتها و كفاءتها وحسن أدائها عند الاحتكاك أو الملامسة، و إن الجزء الزائد من الظفر و الخارج عن طرف الأنملة لا قيمة له ووجوده ضار من نواح عدة لخصها الزميلان خواجي وعبد الآخر في عاملين أساسيين :

الأول:تتكون الجيوب الظفرية بين تلك الزوائد و نهاية الأنامل و التي تتجمع فيها الأوساخ و الجراثيم و غيرها من مسببات العدوى كبيوض الطفيليات، و خاصة من فضلات البراز التي يصعب تنظيفها، فتتعفن و تصدر روائح كريهة و يمكن أن تكون مصدراً للعدوى في الأمراض التي تنتقل عن طريق الفم كالديدان المعدية والزحار و التهاب الأمعاء، خاصة و أن النساء هن اللواتي يحضرن الطعام و يمكن أن يلوثنه بما يحملن من عوامل ممرضة تحت مخالبهن الظفرية.

الثاني:إن الزوائد (المخالب) الظفرية نفسها كثيراً ما تحدث أذيات Injuriesبسبب أطرافها الحادة قد تلحق الشخص نفسه أو الآخرين و أهمها إحداث قرحات في العين و الجروح في الجلد أثناء الحركة العنيفة للأطراف خاصة أثناء الشجار و غيره. كما أن هذه الزوائد قد تكون سبباً في إعاقة الحركة الطبيعية الحرة للأصابع، و كلما زاد طولها كان تأثيرها على كفاءة عمل أصابع اليد أشد، حيث نلاحظ إعاقة الملامسة بأطراف الأنامل و إعاقة حركة انقباض الأصابع بسبب الأظافر الطويلة جداً و التي تلامس الكف قبل انتهاء عملية الانقباض، و كذا تقييد الحركات الطبيعية للإمساك و القبض و سواها.

وهناك آفات تلحق الأظافر نفسها بسبب كثرة اصطدامها بالأجسام الصلبة أو احتراقها، ذلك أن طولها الزائد يصعب معه التقدير و التحكم في البعد بينها و بين مصادر النار، كما أن تواتر الصدمات التي تتعرض لها الأظافر الطويلة تنجم عنها إصابات ظفرية غير مباشرة كخلخلة الأظافر أو تضخمها لتصبح مشابهة للمخالب Onchogrophosisأو زيادة تسمكها Onychausis. أو حدوث أخاديد مستعرضة فيها أو ما يسمى بداء الأظافر البيضاء.

وتؤكد الأبحاث الطبية(7) أن الأظافر الطويلة لا يمكن أن نعقم ما تحتها ولا بد أن تعلق بها الجراثيم مهما تكرر غسلها لذا توصي كتب الجراحة أن يعتني الجراحون و الممرضات بقص أظافرهم دوماً لكي لا تنتقل الجراثيم إلى جروح العمليات التي يجرونها و تلوثها.

وهكذا تتضح لنا روعة التعاليم النبوية في الدعوة إلى قص الأظافر كلما طالت، واتفاق هذه التعاليم مع مقررات الطب الوقائي و قواعد الصحة العامة و التي تؤكد أن إطالة الأظافر تضر بصحة البدن.


مراجع البحث :
1- جامع الأصول في أحاديث الرسولصلى الله عليه وسلم.
2- عن د.مصطفى عمارة في شرحه لكتاب «الترغيب والترهيب» للحافظ المنذري -دار إحياء التراث العربي ــ لبنان.
3- الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم.
4 - الإمام القسطلاني في كتابه [ جواهر البخاري ].
5- د. يحيى الخواجي و. د. أحمد عبد الأمير [ تقليم الأظافر في ضوء التراث النبوي والعلوم الطبية ] مواد المؤتمر العالمي الرابع للطب الإسلامي ــ الكويت 1986.
6- فتح الباري شرح صحيح البخاري.
7- الحقائق الطبية في الإسلام: د. عبد الرزاق الكيلاني.
8- المرجع في الأمراض الجلدية [ براون فاولكو] ترجمة صالح داود ومحمد نزار الدقر وآخرين.
9- د. محمد عثمان شبير: من موقع على الانترنيت بعنوان:حكم الإسلام في جراحة التجميل.
10- الفقه الإسلامي وأدلته: د. وهبة الزجيلي.

 *- الحديث أخرجه البيقهي في شعب الإيمان رجاله ثقات مع إرساله، لكن الطبراني وصله من وجه آخر.

 

 

أمور تتعلق بالتجميل منهي عنها
 

بقلم الدكتور محمد نزار الدقر

طبيب وباحث إسلامي - سوريا

يقول الدكتور محمد عثمان شبير عميد كلية الشريعة في جامعة الكويت (9):

إذا كان الإسلام قد شرع التزين للرجال والنساء فإنه قد رخص فيها أكثر مما رخص للرجال، فقد أباح لهن لبس الحرير والتزين بالذهب والنساء فإنه قد رخص فيها أكثر مما رخص للرجال، فقد أباح لهن لبس الحرير والتزين بالذهب دون الرجال، فالزينة إذا كانت للرجال من التكميلات، فهي للنساء من الحاجيات إذ بفواتها تقع المرأة في الحرج والمشقة فلا بد من التوسعة عليها فيما تتزين به لزوجها لتتمكن من إحصانه المشروع.

لكن الإسلام لم يطلق العنان لتلك الغرائز والرغبات بل دعا المسلم إلى ضبطها، فحددّ له حدوداً ينبغي عليه عدم تعديها وحَرَّم عليه أشياء يجب عليه عدم انتهاكها حرصاً على كرامته كإنسان، وقد حرَّم الإسلام بعض أشكال الزينة كالوصل والوشم والوشر والنمص وغيرها لما فيها من الخروج على الفطرة وتغيير خلق الله والتدليس والإيهام. ولم تكن تلك الأمور هي كل ما حرّم في مجال التجميل وإنما نص الشارع عليها لينبه على نظائرها وما يحدث من أشكال مشابهة لها في الشكل والمضمون.

عن أسماء (رضي الله عنها) أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن ابنتي أصابتها الحصبة فتمزق شعرها، وإني زوجتها، أفأصل فيه؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «لعن الله الواصلة والموصولة»، وفي رواية عن أسماء رضى الله عنها: «لعن النبي صلى الله عليه وسلم الواصلة والمستوصلة» رواه البخاري ومسلم.

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة» رواه البخاري ومسلم وأصحاب السنن.

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله» رواه البخاري ومسلم. والمتفلجة هي التي تفلج أسنانها (تفرق بينها) بالمبرد ونحوه للتحسن.

وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: «لعنت الواصلة والمستوصلة والنامصة والمتنمصة والواشمة والمستوشمة من غير داء» رواه أبو داود.

والواصلة هي التي تصل الشعر بشعر النساء، والنامصة التي تنقش الحاجب حتى ترقه، قاله أبو داود: وقال الخطابي هو من النمص وهو نتف الشعر عن الوجه والواشمة التي تغرز الجلد بالأبر ثم تحشو ذلك المكان بكحل أو مداد(1).

ويقال للتفليج أيضاً [الوشر] وتفعله المرأة المسنة إظهاراً للصغر وحسن الأسنان. وقد اتفق فقهاء المذاهب الأربعة على تحريم الوشر [التفليج] بقصد التحسن وإظهار صغر السن لا بقصد المعالجة والتداوي، والأحاديث توضح أن علة التحريم هو التدليس بتغيير خلقه الله الأصلية تغييراً مبالغاً فيه.

وفي الفتح(2): باب المتفلجات للحسن أي لأجل الحسن، أي التي تطلب الفلج وتصنعه ويختص بالثنايا والرباعيات (مقدم الأسنان) والفلج أن يفرَّج أو يفرق بين الأسنان بالمبرد ونحوه وهو يزيل طبقة المينا الصلبة من حواف الأسنان فيكثر فيها النخر وقد يؤدي إلى تلفها وسقوطها، والوشم في أي مكان من الجسم وتعاطيه حرام بدلالة اللعن، ويصير الموضع الموشوم نجساً لأن الدم انحبس فيه فتجب إزالته إن أمكن ولو بالجراحة إلا أن يخاف منه تلف، فيجوز إبقاؤه وتكفي التوبة في سقوط الإثم.

وقال الإمام الطبري(2) رحمه الله: لا يجوز للمرأة تغيير شيء من خلقتها التي خلقها الله عليها بزيادة أو نقص التماس الحسن لا للزوج ولا لغيره، كمن يكون شعرها قصيراً فتطوله أو تغرزها بشعر غيرها فكل ذلك داخل في النهي.

وفي تعليقه على النماص يقول الدكتور محمد عثمان شبير (9): تتجمع في الوجه محاسن المرأة ويبدو فيها جمال الخلقة لذا خلقه الله خالياً من الشعر إلا شعر الحاجبين والأهداب لما فيهما من الزينة والجمال والوقاية مما ينحدر من الرأس من عرق ووسخ وحفظ للعين من الأمراض، وفي مقدار الشعر غاية كمال الخلقة ولقد اتفق العلماء على تحريم النماص للأحاديث الواردة في اللعن للنامصة والمتنمصة واللعن لا يكون إلا في شيء محرم.

وقال النووي(2) رحمه الله: يستثنى من النماص ما إذا نبت للمرأة لحية أو شارب أو عنفقة فلا يحرم عليها إزالتها بل يستحب. قالوا: ويجوز الحف والتحمير والنقش والتطريف إذا كان بإذن الزوج لأنه من الزينة لكن النووي استثنى الحف وقال: إنه من النماص.

وقد اختلف الفقهاء في نوعية الشعر الذي تنتفه المرأة في النماص وبالرجوع إلى اللفة، فإن الحديث ورد بلفظ [المتنمصات] وهو جمع متنمصة وهي التي تطلب أن يفعل بها النمص وهي من باب [تفعل] ومعناه التكلف والمبالغة في إزالة الشعر من الوجه والحاجبين فإذا بالغت المرأة في نتف شعر الحاجبين كأن تزيلهما كلياً أو ترققهما حتى يصيرا كالهلال فهو النماص المنهي عنه. ولا يدخل في النماص المنهي عنه تهذيب الحاجبين بأخذ الشعر الزائد والخارج عن استقامة الحاجبين من غير مبالغة لأنه لا تدليس فيه ولا تغير لخلقه الله.

ونمص شعر الوجه أي نتفه عدا أنه يغير خلق الله، فإنه يهيج الجلد ويسهل حدوث الالتهابات والتجعدات فيه.

وعن حميد بن عبد الرحمن بن عوف أنه سمع معاوية عام حَجَّ على المنبر، وتناول قصة شعر كانت في يد حَرَسي فقال: «يا أهل المدينة أين علماؤكم ؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن مثل هذا، ويقول: إنما هلكت بنو إسرائيل حين اتخذها نساؤهم» رواه الشيخان والإمام مالك.

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه: «زجر رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن تصل المرأة بشعرها شيئاً» أخرجه مسلم.

والجمهور(3)على تحريم وصل الشعر سواء بشعر النساء أو بغيره، وذهب الليث ونقله أبو عبيدة عن كثير من الفقهاء أن الممتنع من ذلك وصل الشعر بالشعر، أما إذا وصلت شعرها بغير الشعر فلا يدخل في النهي [والشعر الصناعي لا يعتبر شعراً] فقد أخرج أبو داود بإسناد صحيح عن سعيد بن جبير قال: «لا بأس بالقرامل، وبه قال الإمام أحمد، والقرامل جمع قرمل وهو نبات لين طويل الفروع، والمراد به هنا خيوط من حرير أو صوف [أو شعر صناعي] يعمل ضفائر تصل به المرأة شعرها.

قال النووي: وصل الشعر من المعاصي الكبائر للعن فاعله، وقد اتفق فقهاء المذاهب الأربعة والظاهرية على تحريم وصل شعر المرأة بشعر آدمي بقصد التجمل لحرمة الانتفاع بشعر الإنسان لكرامته واختلف الفقهاء بحكم الوصل بغير شعر الآدمي فذهب الحنفية إلى أن الوصل بالصوف وشعر الماعز والوبر وغيرها مباح لعدم التزوير ولعدم استعمال جزء من الآدمي وهما علة التحريم عندهم.

وذهب المالكية والظاهرية إلى أن الوصل بغير شعر الآدمي حرام ودليلهم حديث جابر السابق ولأن فيه تدليساً وإيهاماً بكثرة الشعر واستثنى الإمام مالك وصل الشعر بالخرق وخيوط مما لا يشبه الشعر لأنه ليس في معنى الوصل فلا يدخل في النهي.

وقال الإمام القسطلاني(4) [الواصلة] التي تصل شعرها بآخر تكثره به، فإذا كان الذي تصل به شعر آدمي فحرام اتفاقاً لحرمة الانتفاع به لكرامته، وإن كان من غير الآدمي، فإن كان نجساً من ميتة أو غيرها فحرام لنجاسته، وإن كان طاهراً وأذن الزوج به جاز وإلا فلا».

وذهب الحنابلة إلى أن الوصل بغير شعر الآدمي إما أن يكون بشعر [كشعر الماعز] فيحرم أيضاً لما فيه من التدليس، وإذا كان الوصل بغير شعر، فإن كان لحاجة كربط الشعر وشده جاز لنص ابن حنبل على أنه لا بأس بالقرامل. ويكره لغير حاجة.

ويرجح الدكتور محمد عثمان شبير(9)أن علة النهي عن الوصل هي التدليس والتزوير فيكون الرأي المختار في وصل شعر المرأة بغير شعر الآدمي على النحو التالي:

إن كان الموصول بشعر المرأة يشبه الشعر الطبيعي حتى يظن الناظر إليه أنه شعر طبيعي، يحرم الوصل به سواء أكان شعراً أو صوفاً أو وبراً أم خيوطاً صناعية لأن علة التحريم قد تحققت وهي التدليس. أما إذا كان الموصول به لا يشبه الشعر الطبيعي بحيث يدرك الناظر إليه لأول وهلة أنه غير طبيعي فلا يحرم الوصل.

ويرى الدكتور الزحيلي(10): الاتفاق على حرمة وصل الشعر بشعر الآدمي على الرجال والنساء، الأيامى والمتزوجات مهما كان مصدر الشعر، أما وصل الشعر بغير شعر الآدمي: فإن كان نجساً كان حراماً لنجاسته، أما الوصل بشعر طاهر من غير الآدمي أو بالشعر الصناعي، فإن لم يكن بإذن الزوج فهو حرام أيضاً وكذا إن كانت غير متزوجة، أما إذا أن الزوج فلا حرج عليها. وأما قص المرأة شعرها فيجوز ما دون الأذن كيلا تتشبه بالرجال أما قص المرأة شعرها كالرجل فهو حرام.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: « أُتَيَ عمر بامرأة تشِم، فقام عمر في الناس فقال: «أنشدكم الله من سمع من النبي صلى الله عليه وسلم في الوشم؟ قال أبو هريرة : فقلت: أنا سمعت، قال ما سمعت؟ قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تشمن ولا تستوشمن» وفي رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «العين حق ونهى عن الوشم» أخرجه البخاري ومسلم وأخرج الأولى النسائي.

للوشم دلالة عن نفسية إجرامية في بعض الأحيان، فقد دلت دراسة حديثة أن كثيراً من أصحاب السوابق يكونون مولعين بالوشم.

الوشم من الناحية الطبية: الوشم بقع ملونة يتم صنعها بإدخال جزيئات ملونة في الأدمة عن طريق الوخز بواسطة الإبر. ويستعمل عادة الحبر الهندي أو الكربون الأسود حيث تعطي لوناً أزرق بعد إدخالها في الأدمة ضمن الجلد. ويحدث حقن السيندار (سلفيد الزئبق) لوناً أحمر، أما أوكسيد الكروم فيحدث لوناً أخضر ويعطى سلفيد الكادميوم لوناً أصفر، وألومينات الكوبالت لوناً أزرق فاتحاً. وأكسيد الحديد لوناً بنياً. وتستخدم الأصبغة التركيبية عادة في هذه الأيام(8).

والوشم في بعض المناطق وخاصة الريفية نوع من الزينة، وفي بعضها الآخر ذكرى دينية أوغرامية، وللوشم دلالة عن نفسية إجرامية في بعض الأحيان، فقد دلت دراسة حديثة أن كثيراً من أصحاب السوابق يكونون مولعين بالوشم.

وقد بتسبب الوشم بانتقال عدد من الأخماج الجرثومية كالتهاب الكبد الانتاني، والإيدز والثآليل والسل والإفرنجي وغيرها، كما قد يؤدي إلى تفاعل أرجي بالتماس أو إلى تفاعل حزازاني، إذْ أن الوشم يلعب دوراً مخرشاً فيحدث حزازاً سطحياً أو صدافاً أو ذأباً حمامياً في مكان الوشم.

 صورة لرجل وشم وجهه

وقد أجمع العلماء على تحريم الوشم على الفاعل والمفعول به باختياره ورضاه، فلا يأثم من حصل فيه الوشم نتيجة حادث كاحتكاك الجلد بالإسفلت فدخل السواد تحت الجلد أو إذا حصل نتيجة حقن علاجية، دليله ما روي عن ابن عباس «والمستوشمة من غير داء» وذهب الجمهور إلى أن الوشم إنما حرم لما فيه من تغيير خلق الله ولتعذيب الجسم من غير حاجة ولا ضرورة فلا يدخل في النهي تغيير اللون بما لا يكون باقياً كخضاب الحناء، وتحمير الوجنتين بالمراهم أو البودرات سواها فهو مباح(9).

الوسم: هو أثر الكية، وقد أجاز الإسلام وسم الحيوان في غير الوجه لما رواه جابر قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوسم في الوجه». رواه مسلم. أما وسم الآدمي فقد اتفق فقهاء الأمة على تحريمه لكرامة الإنسان ولعدم جواز تعذيبه لغير ضرورة ولا حاجة. أما الوسم الناجم عن الكي لحاجة علاجية فهو جائز إذا لم يتوفر لدائه غيره من العلاجات لقول النبي صلى الله عليه وسلم «وأنهى أمتي عن الكي».

أما إزالة الوشم فيتطلب عملاً جراحياً تجميلياً لاستئصاله، ويمكن إزالته بالتخثير الكهربائي، لكن هذا الإجراء يؤدي إلى حصول ندبات على شكل رسم الوشم، وقد كان الإجراء المفضل في السنوات الأخيرة إجراء سنفرة الجلد بحيث يجري كشط الوشم بواسطة أوتاد فائقة السرعة، وفيما بعد يتم تغيير الضماد بشكل مستمر من أجل زيادة المفرزات المتدفقة إلى الجلد والتي تساعد بدورها في حَلِّ مادة الوشم. ويمكن تطبيق ضماد ملحي بعد السنفرة مُشْرَك مع الفينول كمادة مطهرة تمنع حدوث الالتهاب الثانوي، أما الملح فيساعد على حل ما تبقى من أصبغة وجذبه إلى الخارج.

وحديثاً، وبعد اكتشاف الليزر، تمت تجربة العديد من أنواعه في إزالة الوشوم وطبق ليزر أوكسيد الكربون وليزر ن- دي- باغ دون الحصول على نتائج مرضية وأخيراً تم الوصول إلى نوع جديد من الليزر يعتمد على خاصية قوية في تفتيت الأصبغة حيث يستطيع البدن امتصاصها كاملاً دون ترك أي أثر وهو ليزر روبي Ruby-Q-Switch Laser.

 وإذا كان الشارع الكريم قد سمح لنا بخضاب الشعر بغير السواد لحكمة أرادها الله، بل ودعانا إلى ذلك عندما أمرنا فقال: «غيروا هذا بشيء واجتنبوا السواد» فإنه، عليه الصلاة والسلام قد نهى مطلقاً عن نتف الشيب.فقد روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم: «لا تنتفوا الشيب، فإنه ما من مسلم يشيب شيبة في الإسلام إلا كانت له نوراً يوم القيامة» وفي رواية: «إلا كتب له بها حسنة وحُطّ عنه بها سيئة» أخرجه أبو داود.

وعنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: «نهى عن نتف الشيب وقال : إنه نور للمسلم» رواه الترمذي. وقال حديث حسن، ومن رواية قتادة عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «يكره أن ينتف الرجل الشعرة البيضاء من لحيته ورأسه» رواه مسلم.

 

صروة لواشم وهو يقوم بعملية الوشم

وقد اتفق الفقهاء على كراهة نتف الشيب من المحل الذي لا يطلب فيه إزالة الشعر كالرأس واللحية، وقال المالكية: إذا قصد بالنتف التلبيس فهو أشد في المنع، ونص الشافعي في الأم على تحريمه وإن كانت الفتوى عند الشافعية على الكراهة.

حلق المرأة لشعرها: كره جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة حلق المرأة لشعرها لغير ضرورة من مرض ونحوه، لأنه بدعة في حقها وفيه تغيير جمال الخلقة. وحرموا ذلك إذا تشبهت المرأة بالرجل. ودليلهم ما رواه الإمام مسلم عن أبي موسى أنه قال: أنا بريء مما برئ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بريء من الصالقة والحالقة والشاقة». وما رواه الترمذي عن عائشة رضي الله عنها «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تحلق المرأة رأسها»وقد ذهب المالكية والظاهرية إلى تحريم الحلق مطلقاً على النساء سواء أكان لتغيير جمال الخلقة أو للتشبه بالرجال.

وأجمع العلماء على كراهة حلق الرأس على هيئة القزع للرجل والمرأة إلا أن يكون لمداواة ونحوها. لما رواه الإمام مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن القزع». والقزع أن يحلق بعض الرأس ويترك بعضه وأخرج أبو داود عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى صبياً قد حلق بعض شعره وترك بعضه فنهاهم عن ذلك وقال: «احلقوه كله أو اتركوه كله» وذلك كأن يحلق من رأسه مواضع من هنا وهناك أو أن يحلق وسط رأسه ويترك جوانبه أو أن يحلق جوانبه ويترك وسطه أو يحلق مقدمه ويترك مؤخره.

قال ابن تيمية: وهذا من كمال محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم للعدل فإنه أمر به حتى في شأن الإنسان مع نفسه فنهاه أن يحلق بعض رأسه ويترك بعضه لأنه ظلم للرأس حيث ترك بعضه عارياً وبعضه كاسياً /اهـ.

مصدر الصور: http://en.wikipedia.org/wiki/Main_Page


مراجع البحث :

 1- جامع الأصول في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم.

 2- عن د.مصطفى عمارة في شرحه لكتاب «الترغيب والترهيب» للحافظ المنذري -دار إحياء التراث العربي ــ لبنان. 3

- الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم. 4 - الإمام القسطلاني في كتابه [ جواهر البخاري ].

 5- د. يحيى الخواجي و. د. أحمد عبد الأمير [ تقليم الأظافر في ضوء التراث النبوي والعلوم الطبية ] مواد المؤتمر العالمي الرابع للطب الإسلامي ــ الكويت 1986.

 6- فتح الباري شرح صحيح البخاري. 7

- الحقائق الطبية في الإسلام: د. عبد الرزاق الكيلاني.

 8- المرجع في الأمراض الجلدية [ براون فاولكو] ترجمة صالح داود ومحمد نزار الدقر وآخرين.

 9- د. محمد عثمان شبير: من موقع على الانترنيت بعنوان:حكم الإسلام في جراحة التجميل. 10

- الفقه الإسلامي وأدلته: د. وهبة الزجيلي.

 

 

 

هل ختان الرجال يقلل من نقل عدوى الأيدز للزوجات؟
 

نشر موقع CNN  التقرير التالي أحببنا إيراده للفائدة(1) :

 ثمة دراسة تشير إلى أن النساء اللاتي يتزوجن رجالا تعرضوا للختان، هن أقل تعرضا للعدوى بفيروس نقص المناعة (الأيدز).

جاء ذلك في الدراسة التي أجريت على مدى عامين في كل من زيمبابوي وأوغندا، وقام بها عدد من الباحثين المحليين، ونشرت نتائجها مؤخرا.

وتسعى الدراسة إلى معرفة ما إذا كان لختان الذكور أثر حقيقي في التقليل من خطر انتقال الفيروس إلى النساء، بحسب "شينخوا".

الدراسة أجريت على 4448 سيدة، من بينهن 2248 من زيمبابوي و2200 من أوغندا، حيث تم تجنيد معظمهن من عيادات تنظيم الأسرة، وفي أوغندا تم تصنيف بعض النساء بأنهن "الأكثر تعرضا للخطر."

يشار إلى أنه أجريت للنساء فحوص حول فيروس نقص المناعة، وذلك خلال زيارات ربع سنوية على مدى عامين، كذلك جرى الحديث معهن حول وسائل منع الحمل التي يستخدمنها، وكذا سلوكهن الجنسي.

الباحثون أعلنوا أنهم استخدموا نموذج "كوكس" للمخاطر النسبية في مقارنة المتزوجات برجال أجريت لهم عمليات ختان بزوجات لرجال لم تجري لهم عمليات ختان، مع مراعاة السلوك الجنسي، والمتغيرات الديموغرافية، علما أن الأساليب التحليلية سمحت بتغيير التنبؤات مع الوقت.

وكانت قد أجريت تجربة نفذها أحد البرامج المشتركة للأمم المتحدة بشان فيروس نقص المناعة في مقاطعة غوتينغ، بجنوب إفريقيا، بين رجال تراوحت أعمارهم بين 18 و24 عاما.

وأفادت النتائج الأولية للدراسة أن الختان خفض من مخاطر العدوى بفيروس نقص المناعة بنسبة 70 في المائة، الأمر الذي يعتبر مشجعا.

التعليق :

لقد دعا الإسلام إلى الختان دعوة صريحة وجعله على رأس خصال الفطرة البشرية، فقد أخرج البخاري عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " الفطرة خمس : الختان والاستحداد ونتف الإبط وتقليم الأظفار وقص الشارب " البخاري رقم/5439/.


الهوامش:

(1) http://arabic.cnn.com/2006/scitech/11/16/aids.circumcision/index.html

 

 

الختان بين موازين الطب والشريعة
 

بحث للعلامة الدكتور الطبيب محمد نزار الدقر

 لتعريف اللغوي:

الختان بكسر الخاء اسم لفعل الخاتن ويسمى به موضع الختن، وهو الجلدة التي تقطع والتي تغطي الحشفة عادة، وختان الرجل هو الحرف المستدير على أسفل الحشفة وأما ختان المرأة فهي الجلد كعرف الديك فوق الفرج تعرف بالبظر، وهو عضو انتصابي عند المرأة مثل القضيب لكنه صغير الحجم ولا تخترقه قناة البول.

الختان عبر التاريخ :

تشير المصادر التاريخية إلى أن بعض الأقوام القديمة قد عرفت الختان، وفي إنجيل برنابا (2) إشارة إلى أن آدم عليه السلام كان أول من اختتن وأنه فعله بعد توبته من أكل الشجرة ولعل ذريته تركوا سنته حتى أمر الله سبحانه نبيه إبراهيم عليه السلام بإحيائها.

وقد وجدت ألواح طينية ترجع إلى الحضارتين البابلية والسومرية [3500 ق.م] ذكرت تفاصيل عن عملية الختان(3)، كما وجدت لوحة في قبر عنخ آمون [ 2200ق.م] تصف عملية الختان عند الفراعنة وتشير إلى أنهم طبقوا مرهماً مخدراً على الحشفة قبل الشروع في إجرائها، وأنهم كانوا يجرون الختان لغرض صحي .

وأهتم اليهود بالختان (4) واعتبر التلمود من لم يختتن من الوثنيين الأشرار فقد جاء في سفر التثنية :" أختتنوا للرب وانزعوا غرل قلوبكم يا رجال يهوذا وسكان أورشليم " .

أما في النصرانية فالأصل فيها الختان، وتشير نصوص من إنجيل برنابا إلى أن المسيح قد أختتن وأنه أمر أبتاعه بالختان، لكن النصارى لا يختتنون (5).

أما العرب في جاهليتهم فقد كانوا يختتنون  اتباعاً لسنة أبيهم إبراهيم .

وذكر القرطبي (6) إجماع العلماء على أن إبراهيم عليه السلام أول من أختتن.

فقد ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " كان إبراهيم أول من اختتن ، وأول من رأى الشيب وأول من قص شاربه وأول من استحد"[1].

وفد فصل ابن القيم (7) في ختان النبي صلى الله  عليه وسلم على ثلاثة أقوال ، ويرى أنها كلها تعتمد على أحاديث ضعيفة، أو أنه ليس لها إسناد قائم أو أن في إسنادها عدة مجاهيل مع التناقض الكبير في متونها.

فالقول الأول وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم ولد مختوناً، فهو علاوة على ضعف إسناده، فهو يتناقض مع حديث صحيح اعتبر فيه النبي صلى الله عليه وسلم أن الختان من الفطرة، ذلك أن الابتلاء مع الصبر مما يضاعف أجر المبتلى وثوابه، والأليق بحال النبي صلى الله عليه وسلم ألا يُسلب هذه الفضيلة .

والقول الثاني أن الملك ختنه حين شق صدره لا يصح له إسناد مطلقاً، والأرجح القول الثالث وهو أن جده عبد المطلب ختنه على عادة العرب وسماه محمداً وأقام له وليمة يوم سابعة .

 

الختان في السنة النبوية المطهرة :

دعا الإسلام إلى الختان دعوة صريحة و جعله على رأس خصال الفطرة البشرية، فقد أخرج البخاري عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " الفطرة خمس : الختان والاستحداد ونتف الإبط وتقليم الأظفار وقص الشارب " البخاري رقم/5439/.

وجاءت دعوة الإسلام إلى الختان متوافقة مع الحنيفية ـ ملة إبراهيم عليه السلام ـ فكان الختان كما أورد القرطبي عن عبد الله بن عباس ـ من الكلمات التي ابتلى بها إبراهيم ربه بهن فأتمهن وأكملهن فجعله إماماً للناس .

كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يؤكد امتداحه لفعل إبراهيم هذا، فقد ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : "اختتن إبراهيم بعدما مرت عليه ثمانون سنة، اختتن بالقدوم" رواه البخاري ومسلم والقدوم آلة صغيرة، وقيل هو موضع بالشام.

وعن موسى بن علي اللخمي عن أبيه قال : " أمر الله إبراهيم فاختتن بقدوم فاشتد عليه الوجع فأوحى الله عز وجل إليه، عجلت قبل أن نأمرك بالآلة، قال : يا رب كرهت أن أؤخر أمرك " أخرجه البيهقي بسند حسن.

وعن شداد بن أوس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الختان سنة الرجال، ومكرمة للنساء" أخرجه أحمد في مسنده والبيهقي وقال حديث ضعيف منقطع.

وعن كثيم بن كليب عن أبيه قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال قد أسلمت فقال النبي صلى الله عليه وسلم "ألق عنك شعر الكفر واختتن " أخرجه أحمد وأبو داود، وقال السيوطي بضعفه وفي أسناده مجهولان (نيل الأوطار)، وقد أورده ابن حجر في التلخيص ولم يضعفه ولكن برواية : " من أسلم فليختتن ".

الحكم الفقهي في الختان :

يقول ابن القيم(7) : اختلف الفقهاء في حكم الختان، فقال الأوزاعي ومالك والشافعي وأحمد هو واجب، وشدد مالك حتى قال : من لم يختتن لم تجز إمامته ولم تقبل شهادته. ونقل كثير من الفقهاء عن مالك أنه سنة حتى قال القاضي عياض : الاختتان عند مالك وعامة العلماء سنة، السنة عندهم يأثم بتركها فهم يطلقونها على مرتبة بين الفرض والندب.

وذهب البصري وأبو حنيفة : لا يجب بل هو سنة، ونقل عنه قوله : قد أسلم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس: الأسود والأبيض فما فتش أحداً.

وخلاصة القول: وذهب الشافعية وبعض المالكية بوجوب الختان للرجال والنساء، و ذهب مالك وأصحابه على أنه سنة للرجال و مستحب للنساء، وذهب أحمد إلى أنه واجب في حق الرجال و سنة للنساء وذهب أبو حنيفة إلى أنه سنة، لكن يأثم تاركه... ويتابع ابن القيم : " ولا يخرج الختان عن كونه واجباً أو سنة مؤكدة، لكنه في حق الرجال آكد لغلظ القلفة ووقوعها على الإحليل فيجتمع تحتها ما بقي من البول، ولا تتم الطهارة ـ المطلوبة في كل وقت والواجبة في الصلاة ـ إلا بإزالتها .
ويقول النووي
(8): " ويجب الختان لقوله تعالى : " (أن اتبع ملة إبراهيم حنيفاً ) . ولأنه لو لم يكن واجباً لما كشفت له العورة، لأنه كشف العورة محرم، فلما كشفت له العورة دل على وجوبه " .

ويعدد ابن القيم المواضع التي يسقط فيها وجوب الختان : منها " أن يولد الرجل ولا قلفة له، وضعف المولود عن احتماله بحيث يخاف عليه من التلف، وأن يسلم الرجل كبيراً ويخشى على نفسه منه، والموت فلا ينبغي ختان الميت باتفاق الأمة ولأن النبي صلى الله عليه قد أخبر أن الميت يبعث يوم القيامة بغرلته غير مختون فليس ثمة فائدة من ختنه عند الموت ".

وهنا يأتي دور الطب إذ يحدد أمراضاً (3) تمنع حاملها من أن يعمد إلى ختانه. منها إصابة الطفل بالتهاب الكبد الإنتاني (اليرقان) أو إصابته بأحد الأمراض المنتقلة بالجنس كالإفرنجي والإيدز، ففي هذه الحالات يجب معالجة المولود حتى يتم شفاؤه أو إعداده بشكل يكفل سلامته قبل إجراء الختان.

وقد أتفق الجمهور على عدم ثبوت وقت معين للختان، لكن من أوجبه من الفقهاء جعلوا البلوغ " وقت الوجوب " لأنه سن التكليف، لكن يستحب للولي أن يختن الصغير لأنه أرفق به " .

وقال النووي باستحباب الختان لسابع يوم من ولادته لما روي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال :  " عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين رضي الله عنهما وختنهما لسبعة أيام [2].

إلا أن يكون ضعيفاً لا يحتمله، فيؤخره حتى يحتمله ويبقى الأمر على الندب إلى قبيل البلوغ، فإن لم يختتن حتى بلوغه وجب في حقه حينئذ.

وفي هذا يقول ابن القيم (7) : " وعندي يجب على الولي أن يختن الصبي قبل البلوغ بحيث يبلغ مختوناً فإن ذلك مما لا يتم الواجب إلا به ".

وقال النووي(8): " وأما الرجل الكبير يسلم فالختان واجب على الفور إلا أن يكون ضعيفاً لا يحتمله بحيث لو ختن خيف عليه، فينتظر حتى يغلب على الظن سلامته ".

يقول د. محمد علي البار (5) أن الأبحاث الطبية أثبتت فائدة الختان العظمى في الطفولة المبكرة ابتداءً من يوم ولادته وحتى الأربعين يوماً من عمره على الأكثر، وكلما تأخر الختان بعدها كثرت الالتهابات في القلفة والحشفة والمجاري البولية.

وفي حكمة الختان يقول ابن القيم (7) : "  .. فشرع الله للختان صيغة الحنيفية وجعل ميسمها الختان.. هذا عدا ما في الختان من الطهارة والنظافة والتزين وتحسين الخلقة وتعديل الشهوة التي إذا أفرطت ألحقت الإنسان بالحيوانات، فالختان يعدلها ولهذا تجد الأقلف من الرجال والقلفاء من النسا لا يشبع من الجماع. والحكمة التي ذكرناها في الختان تعم الذكر والأنثى وإن كانت في الذكر أبين والله أعلم ".

أما في بيان القدر الذي يوخذ في الختان فقد ذكر النووي(8) أن الواجب في ختان الرجل قطع الجلد التي تغطي الحشفة كلها فإن قطع بعضها وجب قطع الباقي ثانياً.

ويستحب أن يقتصر في المرأة على شيء يسير ولا يبالغ في القطع.

الختان ينتصر :

في عام 1990 كتب البروفيسور ويزويل : (18)"لقد كنت من اشد أعداء الختان و شاركت في الجهود التي بذلت عام 1975 ضد إجرائه، إلا أنه في بداية الثمانينات أظهرت الدراسات الطبية زيادة في نسبة حوادث التهابات المجاري البولية عند الأطفال غير المختونين، و بعد تمحيص دقيق للأبحاث التي نشرت، فقد وصلت إلى نتيجة مخالفة وأصبحت من أنصار جعل الختان أمراً روتينياً يجب أن يجري لكل مولود " .

نعم ! لقد عادت الفطرة البشرية لتثبت من جديد أنها الفطرة التي لا تتغير على مدى العصور، وأن دعوة الأنبياء من عهد إبراهيم عليه الصلاة والسلام إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ليتحلى المؤمن ويتخلق بخصال الفطرة هي دعوة حق إلى سعادة البشر جميعاً.

الحكم الصحية من ختان الذكور :

أثبتت الدراسات الطبية الحديثة أن أمراضاً عديدة في الجهاز التناسلي بعضها مهلك للإنسان تشاهد بكثرة عند غير المختونين بينما هي نادرة معدومة عند المختونين (1).

1 ـ الختان وقاية من الالتهابات الموضعية في القضيب : فالقلفة التي تحيط برأس القضيب تشكل جوفاً ذو فتحة ضيقة يصعب تنظيفها، إذ تتجمع فيه مفرزات القضيب المختلفة بما فيها ما يفرز سطح القلفة الداخلي من مادة بيضاء ثخينة تدعى " اللخن  "Smegma وبقايا البول والخلايا المتوسفة والتي تساعد على نمو الجراثيم المختلفة مؤدية إلى التهاب الحشفة أو التهاب الحشفة و القلفة الحاد أو المزمن والتي يصبح معها الختان أمراً علاجياً لا مفر منه(5) وقد تؤدي إلى التهاب المجاري البولية عند الأطفال غير المختونين.

وتؤكد دراسة د.شوبن (9) أن ختان الوليد يسهل نظافة الأعضاء الجنسية ويمنع تجمع الجراثيم تحت القلفة في تفرة الطفولة، وأكد د.فرغسون(4) أن الأطفال غير المختونين هم أكثر عرضة للإصابة بالتهاب الحشفة وتضيق القلفة Phemosis من المختونين.

2 ـ الختان يقي الأطفال من الإصابة بالتهاب المجاري البولية : وجد جنز برغ (4) أن 95% من التهابات المجاري البولية عند الأطفال تحدث عند غير المختونين. ويؤكد أن جعل الختان أمراً روتينياً يجري لكل مولود في الولايات المتحدة منع حدوث أكثر من 50 ألف حالة من التهاب الحويضة والكلية سنوياً عند الأطفال. وتؤكد مصادر د. محمد علي البار (5) الخطورة البالغة لالتهاب المجاري البولية عند الأطفال وأنها تؤدي في 35% من الحالات إلى تجرثم الدم وقد تؤدي إلى التهاب السحايا والفشل الكلوي.

3 ـ الختان و الأمراض الجنسية : أكد البروفيسور وليم بيكوز(10) الذي عمل في البلاد العربية لأكثر من عشرين عاماً، وفحص أكثر من 30 ألف امرأة، ندرة الأمراض الجنسية عندهم وخاصة العقبول التناسلي والسيلان والكلاميديا والتريكوموناز وسرطان عنق الرحم، ويُرجع ذلك لسببين هامين ندرة الزنى وختان الرجال.

ويرى آريا وزملاؤه (5) أن للختان دوراً وقائياً هاماً من الإصابة بكثير من الأمراض الجنسية وخاصة العقبول والثآليل التناسلية. كما عدد فنك (11) Fink أكثر من 60 دراسة علمية أثبتت كلها ازدياد حدوث الأمراض الجنسية عند غير المختونين.

وأورد  د. ماركس Marks(4) خلاصة 3 دراسات تثبت انخفاض نسبة مرض الإيدز عند المختونين، في حين وجد سيمونس وزملاؤه أن احتمال الإصابة بالإيدز بعد التعرض لفيروساته عند غير المختونين هي تسعة أضعاف ما هو عليه عند المختونين.

أليس هذا بالأمر العجيب(4) ؟

حتى أولئك الذين يجرؤون على معصية الله يجدون في التزامهم بخصلة من خصال الفطرة إمكانية أن تدفع عنهم ويلات هذا الداء الخبيت، لكن لا ننكر أن الوقاية التامة من الإيدز تكون بالعفة والامتناع عن الزنى.

4 ـ الختان و الوقاية من السرطان :

يقول البرفسور كلو دري(12): " يمكن القول و بدون مبالغة بأن الختان الذي يجري للذكور في سن مبكرة يخفض كثيراً من نسبة حدوث سرطان القضيب عندهم، مما يجعل الختان عملية ضرورية لابد منها للوقاية من حدوث الأورام الخبيثة ".

وقد أحصى د.أولبرتس (13) [1103] مرضى مصابين بسرطان القضيب في الولايات المتحدة، لم يكن من بينهم رجل واحد مختون منذ طفولته.

وفي بحث نشره د. هيلبرغ وزملاؤه (14) أكدوا فيه أن سرطان القضيب نادر جداً عند اليهود، وعند المسلمين حيث يجري الختان أيام الطفولة الأولى . وإن أبحاثاً كثيرة جداً تؤكد أن الختان يقي من السرطان في القضيب.

وتذكر هذه الأبحاث أن التهاب الحشفة وتضيق القلفة هما من أهم مسببات سرطان القضيب، ولما كان الختان يزيل القلفة من أساسها، فإن المختونين لا يمكن أن يحدث عندهم تضيق القلفة، ويندر جداً حدوث التهاب الحشفة.

وقد ثبت أم مادة اللخن (4و5) التي تفرزها بطانة القلفة عند غير المختونين والتي تتجمع تحت القلفة لها فعل مسرطن أيضاً.

فقد أثبتت الأبحاث أن هذه المادة تشجع على نمو فيروس الثآليل الإنساني HPV  الذي ثبت بشكل قاطع أثره المسرطن.

أما الدكتور رافيتش (15) فيؤكد على دور الختان في الوقاية من أورام البروستات، على الرغم من أنه لا توجد دلالة قاطعة تثبت ذلك، غير أنه في المؤتمر الذي عقد في مدينة دوسلدورف الألمانية عن السرطان والبيئة، أشير إلى العلاقة السلبية بين سرطان البروستات الذي يصيب الرجال وبين الختان، وأن الرجال المختونين أقل تعرضاً للإصابة بهذا السرطان من غير المختونين.

وفي نفس المؤتمر كشف النقاب أيضاً عن أن النساء المتزوجات من رجال مختونين هن أقل تعرضاً للإصابة بسرطان الرحم من النساء المتزوجات من رجال غير مختونين.

من هنا نفهم أن دور الختان لا يقتصر على حماية الرجل " المختون " من الإصابة بالسرطان بل يظهر تأثيره الوقائي عند زوجات المختونين أيضاً.

وهكذا يؤكد  د. هاندلي (16) أن الختان عند الرجال يقي نساءهم من الإصابة بسرطان عنق الرحم، وذكر أن الحالة الصحية للقضيب والتهاباته تشكل خطراً على المرأة يفوق الخطر الذي يتعرض له الرجال نفسه.

وقد وجد الباحثون (5) أدلة على اتهام فيروس الثآليل الإنساني HPV بتسبب سرطان القضيب لدى غير المختونين، وسرطان عنق الرحم عند زوجاتهم إذ أنهن يتعرضن لنفس العامل المسرطن الذي يتعرض له الزوج.
نخلص من ذلك إلى القول بأن عدم إجراء الختان في سن الطفولة المبكرة يؤدي على ظهور مجموعة من العوامل، منها وجود اللخن (مفرز باطن القلفة )، وتجمع البول حولها ومن ثم تعطنه وتنامي فيروس الثآليل الإنساني وغيره من العوامل المخرشة واليت تؤدي في النهاية إلى ظهور سرطان القضيب عند الأقلف الذي تجاوز عمره الخمسين وحتى السبعين عاماً.

وبانتقال تلك المخرشات إلى عنق الرحم عند زوجته أمكن أن يؤدي عندها إلى الأصابة بسرطان عنق الرحم أو سرطان الفرج.

وإن عملية التنظيف للقلفة لدى غير المختونين لوقايتهم من السرطان، كما يدعو إلى ذلك بعض أطباء الغرب، هي عملية غير مدية على الإطلاق كما يؤكد البروفسور ويزويل (5) فهو يقول بأنه ليس هناك أي دليل على الاطلاق على أن تنطيف القلفة يمكن أن يفيد في الوقاية من السرطان والاختلاطات الأخرى المرتبطة بعدم إجراء عملية الختان.

ونحن مع الدكتور محمد علي البار ـ نرى أن الطب الحديث يؤيد وبقوة ما ذهب إليه الشافعية من استحباب الختان في اليوم السابع، ولحد أقصى [يوم الأربعين] من ولادة الطفل.

وإن ترك الطفل سنوات حتى يكبر دون أن يختن، يمكن ـ كما رأيناـ أن يؤدي إلى مضاعفات خطرة هو في غنى عنها.

ختان البنات :

عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأم عطية وهي ختانة كانت تختن النساء في المدينة : " إذا خفضت فأشمّي ولا تُنهكي، فإنه أسرى للوجه وأحظى عند الزوج " [3].

وفي رواية قول النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا ختنت فلا تنهكي فإن ذلك أحظى للمرأة وأحب للبعل " [4].

وعن شداد بن أوس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الختان سنة للرجال، مكرمة للنساء".

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : دخل النبي صلى الله عليه وسلم على نسوة من الأنصار فقال: " يا معشر الأنصار اختضبن غمساً واخفضن ولا تُنهكن فإنه أحظى عند أزواجكن وإياكن وكفر المنعمين " [5].

والمنعم هنا هو الزوج، ويقال لختان المرأة : الخفض والإعذار.

وقوله [أشمّي] من الإشمام وهو كما قال ابن الأثير: أخذ اليسير في خفض المرأة، أو اتركي الموضع أشم، والأشم المرتفع، [ ولا تنهكي] أي لا تبالغي في القطع، وخذي من البظر الشيء اليسير، وشبه القطع اليسير بإشمام الرائحة، والنهك بالمبالغة فيه، أي أقطعي من الجلدة التي على نواة البظر ولا تستأصليها.

ونقل ابن القيم (7) عن الماوردي قوله : " وأما خفض المرأة فهو قطع جلدة في الفرج فوق مدخل الذكر ومخرج البول على أصل النواة، ويؤخذ من الجلدة المستعلية دون أصلها " .

هذه النواة هي البظر، والجلدة التي عليها وهي التي تقطع في الختان، والتي شبهها الفقهاء بعرف الديك والمسماة بالقلفة، والتي تتجمع فيها مفرزات اللخن (مفرزات باطن القلفة)  مثل ما يحدث في الذكر عندما تكون تلك القلفة مفرطة النمو، لذا أمرت السنة المطهرة بإزالتها .

وجمهور فقهاء المسلمين على أن الأمر للندب أو الاستحباب، عدا الشافعية الذين قالوا بوجوبه.

يقول د. محمد علي البار (5) : هذا هو الختان الذي أمر به المصطفى صلى الله عليه وسلم .

وأما ما يتم في مناطق من العالم من أخذ البظر بكامله، أو البظر مع الشفرين الصغيرين، أو حتى مع الشفرين الكبيرين أحياناً، فهو مخالف للسنة ويؤدي إلى مضاعفات كثيرة.

وهو الختان المعروف بالختان الفرعوني، وهو على وصفه، لا علاقة له مطلقاً بالختان الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم.

لذا فإن الضجة المفتعلة ضد ختان البنات لا مبرر لها، لأن المضاعفات التي يتحدثون عنها ناتجة عن شيئين لا ثالث لهما: مخالفة السنة، وإجراء العملية دون طهارة مسبقة ومن قبل غير ذوي الخبرة من الجاهلات.

الختان الشرعي له فوائده، فهو اتباع لسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم وطاعة لأمره خاصة وأنه من شعائر الإسلام، وفيه ذهاب الغلمة والشبق عن المرأة وما في ذلك من المحافظة على عفتها، وفيه وقاية من الالتهابات الجرثومية التي تتجمع تحت القلفة النامية " .

أما د. حامد الغوابي (17) فيقول: " فانظر إلى كلمة (لا تنهكي) أي لا تستأصلي، أليس هذه معجزة تنطق عن نفسها، فلم يكن الطب قد أظهر شيئاً عن هذا العضو الحساس [ البظر]، ولا التشريح أبان عن الأعصاب التي فيه، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم الذي علمه الخبير العليم، عرف ذلك الأمر فأمر بألا يستأصل العضو كله ".

ويتابع د. الغوابي كلامه عن فوائد ختان البنات : " تتراكم مفرزات الشفرين الصغيرين عند القلفاء وتتزنخ ويكون لها رائحة كريهة وقد يؤدي إلى التهاب المهبل أو الإحليل، وقد رأيت حالات كثيرة سببها عدم إجراء الختان عند المصابات.

والختان يقلل الحساسية المفرطة للبظر الذي قد يكون شديد النمو بحيث يبلغ أكثر من 3 سنتمترات عند انتصابه فكيف للرجل أن يختلط بزوجته ولها عضو كعضوه، ينتصب كانتصابه " .

ويرد د. الغوابي على من يدعي أن ختان البنات يؤدي على البرودة الجنسية عندهن، بأن البرود الجنسي له أسباب كثيرة، وأن هذا الإدعاء ليس مبنياً على إحصاءات وشواهد بين المختتنات وغير المختتنات، طبعاً إلا أن يكون ختاناً فرعونياً أدى إلى قطع البظر بكامله.

ثم ينقل عن البروفسور هوهنر ـ أستاذ أمراض النساء في جامعة نيويوركـ بأن التمزقات التي تحدث في المهبل أثناء الوضع تحدث بردواً جنسياً بعكس ما كان منتظراً، في حين أن الأضرار التي تصيب البظر نادراً ما تقود إلى البرود الجنسي.

ومن فوائد الختان (17) منعه من ظهور تضخم البظر أو ما يسمى بإنعاظ النساء، وهو إنعاظ متكرر أو مؤلم مستمر للبظر، كما يمنع ما يسمى نوبة البظر وهو تهيج عند النساء المصابات بالضنى يرافقه تخبط بالحركة وغلمنة شديدة وهو معند على المعالجة.

وفي المؤتمر الطبي الإسلامي (4) عن الشريعة والقضايا المعاصرة [القاهرة 1987] قدمت فيه بحوث عن خفاض الأنثى أكد فيه د. محمد عبد الله سيد خليفة أضرار الختان الفرعوني وتشويهه للأماكن الحساسة من جسد الأنثى، وأن الخافضة هنا تنهك إنهاكاً فتزيل البظر بكامله والشفرين إزالة شبه تامة مما ينتج عنه ما يسمى بالرتق وهو التصاق الشفرين ببعضهما .

وأكد ذلك د. محمد حسن الحفناوي وزملاؤه من جامعة عين شمس وبينوا أن أضرار ختان الأنثى ناتج عن المبالغة في القطع الذي نهى عنه نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم أو عن إجراء الخفض بأدوات غير عقيمة أو بأيدي غير خبيرة، وليس عن الختان الشرعي نفسه.

وخلاصة القول يتضح لنا أن الحكمة الطبية من الختان، الذي دعت إليه الشريعة الإسلامية، تظهر عند الرجال أكثر بكثير مما تظهر عند النساء، ونستطيع القول أنه في البلاد ذات الطقس الحار كصعيد مصر والسودان والجزيرة العربية وغيرها، فإنه يغلب أن يكون للنساء بظر نام يزيد في الشهوة الجنسية بشكل مفرط، وقد يكون شديد النمو إلى درجة يستحيل معها الجماعن ومن هنا كان من المستحب استئصال مقدم البظر لتعديل الشهوة في الحالة الأولى، ووجب استئصاله لجعل الجماع ممكناً في الحالة الثانية وهذا الرأي الطبي يتوافق مع رأي الجمهور من فقهاء الأمة الذين أوجبوا الختان على الرجال وجعلوه سنة أو مكرمة للنساء مصداقاً لتوجيهات نبي الأمة صلى الله عليه وسلم .

مراجع البحث :

  1. د . محمد نزار الدقر : مقالة " الختان بين الطب والإسلام " مجلة حضارة الإسلام 14 رمضان 1393هـ.
  2. د. عبد السلام السكري : " ختان الذكر وخفاض الأنثى " الدار المصرية للنشر 1989.
  3. د. عبد الرحمن القادري : " الختان بين الطب والشريعة " ابن النفيس دمشق 1996.
  4. د. حسان شمسي باشا : أسرار الختان تتجلى في الطب و الشريعة  مكتبة السوادي جدة 1991
  5. د . محمد علي البار  الختان  دار المنار
  6. الإمام القرطبي : " الجامع لأحكام القرآن " أو ما يسمى بتفسير القرطبي.
  7. ابن القيم الجوزية: " تحفة المودود في أحكام المولود " .
  8. الإمام النووي : " المجموع " .

 

9.      Schoen: New England J. Of Medicine.1990.322.

10.  Pikers W: Med .Dijest Jour.April.1977.

11.  Fink A J.Circumcision .Mountion View .California .1988.

12.  Cowdry E.V:" Cancer Cells ".london.1958.

13.  Wollberg A.L : Circumcision and Penile Cancer " Lancet .I .1932.

14.  Helberg D.et al "Penil Cancer .Brit .Med.J.1987.8.

15.  Ravich A . "Cancer of Prostate " Act.len. Internet.Cacer .V3.1952.

16.  Handley W.S " Prevention of Cacer " Lancet .1.1.1936.

 

17.  د . حامد الغوابي : " ختان البنات " لواء الإسلام ـ العدد 7و10 ، م 11 ـ 1957.

  1. 18.  البروفيسور ويزويل عن مجلة : Amer .Famiy J .Physician


 

[1] أخرجه مالك في الموطأ والبخاري في الأدب المفرد والبيهقي في شعب الإيمان.

[2] أخرجه أبو الشيخ في كتاب " العقيقة " وفي سنده الوليد بن مسلم وهو مدلس كما أخرجه ابن عساكر في كتاب " تبيين الأمتنان" .

[3]  أخرجه الطبراني في الأوسط والهيثمي في مجمع الزوائد وقال : إسناده حسن.

[4]  أخرجه البيهقي بسند حسن، وأخرجه أبو داود بسند آخر ليس بالقوي.

[5]  رواه البزار وفي سنده مندل بن علي وهو ضعيف وقد وثق وبقية رجاله ثقات (الهيثمي).

 

 

الفطرة تعريفها واسم خصالها
 

 بقلم الدكتور محمد نزار الدقر

الفطرة في الأصل تعني ما يميل الإنسان إليه بطبعه وذوقه السليم (1).

والإسلام كله يكون بهذا دين الفطرة، وتعاليمه كلها هي سنن الفطرة (2) .

لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خص فيها مجموعة من السنن والتعاليم سماها " سنن الفطرة " لارتباطها ببدن الإنسان ووظائفه الحياتية.

فمن هذه السنن ما رواه أبو هريرة رضي الله قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " خمس من الفطرة ـ وفي رواية ـ الفطرة خمس الختان والاستحداد وقص الشارب وتقليم ونتف الإبط " رواه البخاري ومسلم .

وما روته عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " عشر من الفطرة ، قص الشارب واستنشاق الماء والسواك وإعفاء اللحية ونتف الإبط وحلق العانة وانتقاص الماء وقص الأظافر وغسل البرامج قال الراوي ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة " وانتقاص الماء يعني الاستنجاء رواه مسلم وابن خزيمة في صحيحه . وقال القاضي عياض : لعل العاشرة الختان لأنه مذكور في حديث (الفطرة خمس ) .

وكما ورد في حديث الإسراء والمعراج " عندما خير جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم ، تاركاً الخمر وشارباً اللبن ، فقال  جبريل : الحمد لله الذي هداك للفطرة  " رواه البخاري ومسلم .

قال ابن الأثير : " الإنسان يولد على نوع من الجبلة والطبع المهيء لقبول الدين، فلو ترك الأمر عليها لاستمر على لزومها ولم يفارقها إلى غيرها ، وإنما يعدل من يعدل لآفة من البشر والتقليد " .

وقد أخرج عبد الرزاق في مصنفة (3) عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في تفسير قوله تعالى : ( وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن ) .

قال : " أبتلاه بالطهارة خمس في الرأس وخمس في الجسد . في الرأس قص الشارب والمضمضة والاستنشاق والسواك وفرق الرأس . وفي الجسد تقليم الأظافر وحلق العانة والختان ونتف الإبط وغسل أثر الغائط والبول بالماء" .
قال أبو شامة (4) : " الفطرة في الخلقة المبتدئة ، أي أن هذه الأشياء إذا فعلت اتصف فاعلها بالفطرة التي فطر الله العباد عليها واستحبها لهم ليكونوا على أكمل الصفات وأشرفها . والاستحداد استعمال الموسى في حلق الشعر ، والبراجم مفاصل الأصابع أو العقد التي على ظهرها ، والمراد بها المواضع التي تتجمع فيها الأوساخ من البدن" .
وقد فسر كثير من العلماء " الفطرة " التي ورد ذكرها في الأحاديث النبوية بأنها " السنة " أي الطريقة التي جاء بها الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، وقد أمر الله سبحانه نبيه المصطفى عليه الصلاة والسلام بالاقتداء بهم في قوله تعالى : (فبهداهم اقتده ) .

يقول الإمام النووي (5) : " جزم الماوردي وأبو اسحاق بأن المراد بالفطرة في هذا الحديث : الدين . وقال البيضاوي : الفطرة المرادة هنا هي السنة القديمة التي اختارها الأنبياء واتفقت عليها الشرائع وكأنها أمر جبلي فطروا عليه" .
وخصال الفطرة كلها ، التي حث عليها الإسلام بدعوة صريحة من نبي الرحمة وأياً كان تفسير العلماء لكلمة الفطرة ، فإنها تنضوي تحت عنوان " النظافة " والذوق السليم .

وسنتناولها في بحثنا هذا بالتفصيل، مع المنافع الصحية والاجتماعية التي يحصل عليها المسلم عند التزامه بها في حياته الدنيا . وسنفرد لكل من الختان والسواك بحثاً مستقلاً لأهميتهما .

ولقد نبه ابن حجر (5) إلى أنه يتحصل من مجموعة ما ورد من آثار صحيحة في خصال الفطرة أنها خمسة عشر خصلة وهي الختان والسواك والاستحداد (حلق العانة ) وتقليم الأظافر ونتف الإبط وقص الشارب وإعفاء اللحية والانتضاح وغسل البراجم والمضمضة والاستنشاق والاستنثار والاستنجاء وفرق الشعر وغسل الجمعة .

الاستحداد :

يقول الإمام النووي (6) : " الاستحداد هو حلق العانة وسمي استحداداً لاستعمال الحديد (الموسى أو الشفرة ) .

وهو سنة، والمراد به نظافة ذلك الموضع.

والأفضل فيه الحلق ، ويجوز بقص الشعر أو نتفه . والمراد بالعانة الشعر النابت حول الذكر أو الفرج وما يلحق به مثل الشعر حول الدبر . وأما وقت حلقه فالمختار أنه يضبط بالحاجة , وطوله ، فإذا ما طال حلق .

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من الفطرة حلق العانة وتقليم الأظافر وقص الشارب " رواه البخاري .

وعن أنس بن مالك رضي الله عليه وسلم قال : " وقت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قص الشارب وتقليم الأظافر ونتف الإبط وحلق العانة ألا نترك أكثر من أربعين ليلة " رواه مسلم .

إن ناحية العانة وما يحيط بالقبل والدب، منطقة كثيرة التعرق والاحتكاك ببعضها البعض ، وإنه إن لم يحلق شعرها تراكمت عليه مفرزات العرق والدهن، وإذا ما تلوثت بمفرغات البدن من بول وبراز صعب تنظيفها حينئذ، وقد يمتد التلوث إلى ما يجاورها فتزداد وتتوسع مساحة النجاسة ، ومن ثم يؤدي تراكمها إلى تخمرها فتنتن وتصدر عنها روائح كريهة جداً ، وقد تمنع صحة الصلاة إن لم تنظف وتقلع عنها النجاسات .

وحلق شعر العانة أيضاً وقاية من الإصابة بعدد من الأمراض الطفيلية المؤذية كقمل العانة الذي يتعلق بجذور الأشعار ويصعب حينئذ القضاء عليها . كما يخفف الحلق من إمكانية الإصابة بالفطور المغبنية . لذا سن الإسلام حلق العانة والأشعار حول الدبر كلما طالت تأميناً لنظافتها المستمرة ولأنها من أكثر مناطق الجسم تعرضاً للتلوث والمرض (4و7) .

 

نتف الآباط :

قال النووي (6) : " وأما نتف الإبط فهو سنة بالاتفاق والأفضل فيه النتف لمن قوي عليه ويجوز بالحلق وغيره " .

ويرى العلامة ابن حجر (5) أن الهدي النبوي بنتف شعر الإبط وليس بحلقه لأن النتف يضعف التعرق تحت الآباط .

ويؤكد د. إبراهيم الكيلاني (4) أن النتف يضعف إفراز الغدد العرقية والدهنية .

وإن الاعتياد عليه ( أي بالنتف) منذ بدء نموه ودون أن يحلقه أبداً يضعف الشعر أيضاً ولا يشعر المرء بأي ألم عند نتفه . والمقصود بالنتف أن يكون باليد ويمكن إزالته أيضاً بالرهيمات المزيلة للشعر .

وفي الحقيقة فإن نمو الأشعار تحت الإبطين بعد البلوغ يرافقه نضوج غدد عراقية خاصة تفرز مواد ذات رائحة خاصة إذا تراكمت معها الأوساخ والغبار أزنخت وأصبح لها رائحة كريهة (4) ، وإن نتف هذه الأشعار يخفف إلى حد كبير من هذه الرائحة ، ويخفف من الإصابة بالعديد من الأمراض التي تصيب تلك المنطقة كالمذح والسعفات الفطرية والتهابات الغدد العرقية (عروسة الإبط ) والتهاب الأجربة الشعرية وغيرها ،  كما يقي من الإصابة بالحشرات المتطفلة على الأشعار كقمل العانة (7و8).

 

قص الشارب وإعفاء اللحية :

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" احفوا الشارب وأعفوا  اللحى " رواه البخاري .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " جزوا الشوارب وأرخوا اللحي ، خالفوا المجوس " رواه البخاري ومسلم .

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من الفطرة قص الشارب " رواه البخاري .

وعن أنس بن مالك رضي الله عليه وسلم قال : "  وقت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قي قص الشارب ... ألآ نترك أكثر من أربعين ليلة " رواه مسلم .

وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من لم يأخذ من شارب فليس منا " رواه النسائي وأحمد ، ورواه الترمذي عن المغيرة بن شعبة وقال حديث حسن صحيح .

قال النووي (6) : " وأما قص الشارب فسنة أيضاً . وأما حدّ ما يقصه فالمختار أنه يقص حتى يبدو طرف الشفة ولا يحفه من أصله . وأما روايات احفوا الشوارب فمعناها ما طال على الشفتين ، وإعفاء اللحية توفيرها وكان من عادة الفرس قص اللحية فنهي الشارع عن ذلك .

إن قص الشارب سنة بالاتفاق ، إنما يرى الشافعية والمالكية التقصير أي قص الزائد عن الشفة العليا، بينما يرى الحنفية استئصال الشارب كله والحنابلة مخيرون بين هؤلاء وهؤلاء (9) .

ومن الناحية الطبية فإن الشوارب إذا ما طالت تلوثت بالطعام والشراب وأصبح منظرها مدعاة للسخرية وقد تكون سبباً في نقل الجراثيم (4_8) .

وعندما يقص المسلم شواربه يبدو بمظهر التواضع والارتياح خلافاً لما يخلفه إطالة الشارب وفتله من مظهر الكبر والجبروت (8).

وسنة الإسلام في قص الشارب تتفق مع ما دعا إليه الطب ، بقص ما زاد عن حدود الشفة العليا فقط وهو ما كان عليه جمع من الصحابة كعمر بن الخطاب وعبد الله بن الزبير ، وهو ما ذهب إليه الشافعية ومالك ، وإن عدم إزالة الشارب بقصه فقط تتفق مع الطب الوقائي ، فالشارب خلق للرجل وهو المهيأ للعمل وطوارئ البيئة ووجود الشارب يحمي الرجل من طوارئ البيئة وفي تصفية الهواء الداخل عبر الأنف إلى الرئتين، وهذا بالطبع أنفع وأسلم .

أما اللحية فقد دعا الإسلام إلى إعفائها وعدم حلقها : وقد ذهب المالكية والحنابلة إلى حرمة حلقها وقال الحنفية بكراهية التحريم وأفتى الشافعية بالكراهة (9) .

ومن الناحية الصحية فإن د. عبد الرزاق كيلاني (4) يرى أن عمل الرجل يؤدي إلى كثرة تعرضه لأشعة الشمس والرياح الباردة والحارة والذي يؤثر سلبياً على الألياف المرنة والكلاجين الموجودين في جلد الوجه ويؤدي تخربهما شيئاً فشيئاً إلى ظهور التجاعيد والشيخوخة المبكرة . وقد خلق الله [ المصور ] اللحية في وجه الرجل للتخفيف من تأثير هذه العوامل ، ولم يخلقها للمرأة لأنه سبحانه خلقها للعمل في البيت بعيداً عن تأثير الأشعة الشمسية وتقلبات الرياح .

من هنا نرى النتيجة الرائعة للهدي العظيم في أن وجه الملتحي أكثر نضارة وشباباً من وجه حليق اللحية ، كما أن وجه اللحية ، كما أن وجه المرأة المحجبة أكثر حيوية ونضارة من وجه السافرة مهما تقدمت بها السن .

هذا عدا عما يسببه حلق اللحية اليومي من تهيج للجلد وتخريب لأنسجته ، وعلاوة عما في حلق اللحية من تشبه الرجل بالمرأة وقد " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال " كما روى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في صحيح البخاري . أقرأ المزيد أضغط هنا

 

 

المضمضة والاستنشاق والاستنثار
 

 قلم الدكتور محمد نزار الدقر

عن عبد الله الصنايجي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" إذا توضأ العبد المؤمن فتمضمض خرجت الخطايا من فيه فإذا استنثر خرجت الخطايا من أنفه " . رواه النسائي وأحمد والحاكم وابن ماجه ورمز السيوطي لصحته .

وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه : أنه دعا بوضوء فتمضمض واستنشق واستنثر بيده اليسرى ثم قال : هذا طهور نبي الله صلى الله عليه وسلم .
فالمضمضمة هي إدخال الماء إلى الفم وإدارته ثم طرده وهي سنة في الوضوء والغسل عند الشافعية والمالكية ، ويرى الحنابلة وجوب المضمضة في الوضوء ، أما الحنفية فيرون وجوبها في الغسل فقط، وقد كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً أن يتمضمض بعد الطعام وخاصة إذا كان دسماً .

فقد روي عن عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شرب لبناً فتمضمض وقال: إن له دسماً " رواه البخاري.

ويتم بالمضمضة نظافة الفم وإزالة بقايا الطعام منه ، وأما الغرغرة وهي المبالغة بالمضمضة (وهي مندوبة أيضاً ) فتنظف الحلق والبلعوم .

وإن تراكم البقايا الطعامية في الفم يجعلها عرضة للتخمر وتصبح بؤرة مناسبة لتكاثر الجراثيم مما قد يسبب التهابات في اللثة والقلاع ونخر الأسنان وغيرها من التهابات جوف الفم ، ومن ثم إلى انتقالها إلى السبيل الهضمي وما ينتج عنه من اضطرابات هضمية وتعفنات يصدر عنها رائحة الفم الكريهة (10) .

أما الاستنشاق فهو إدخال الماء إلى الأنف ، والاستنثار إخراجه منه بعد استنشاقه ، وهما سنة مؤكدة في الوضوء والغسل عند جمهور الفقهاء عدا الحنابلة الذين قالوا بوجوبه فيهما . وقد روي عن أبي هريرة رضي الله علنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ثم لينتثر " رواه مسلم . كما أن

ذلك مندوب عند القيام من النوم .
ويعمل الاستنشاق والاستنثار كلاهما معاً على التخلص مما تراكم في الأنف من مواد مخاطية ، وما التصق بها من غبار وجراثيم مما يؤدي إلى تجديد طبقته المخاطية وتنشيطها لتقوم بوظيفتها الحيوية على أتم وجه . فإذا ما علمنا أن أكثر الأمراض انتشاراً بين الناس كالزكام والأنفلونزا والتهاب القصبات إنما تنتقل إلى الإنسان عن طريق الرذاذ الذي يخرج من المريض بواسطة الهواء الذي يمر عبر الأنف أدركنا أهمية الدعوة النبوية للألتزام بعمل الاستنشاق والاستنثار مع كل وضوء والذي يكرره المسلم مرات ومرات في اليوم لأداء صلواته (10و11).

 

غسل البراجم :

البراجم جمع " برجمة " وهي المفصل الظاهر من مفاصل الأصابع وقيل الباطن منها . ورجح النووي [في المجموع] أن البراجم جميعاً هي مفاصل الأصابع كلها وهي التي تجتمع فيها الأوساخ . وقال الغزالي (5) : " كانت العرب لا تغسل اليدين عقب الطعام فيجتمع في تلك الغضون وسخ فأمر بغسلها " .
وقد أدخل العلماء في هذا الباب كل العقد التي تكون مجمعاً للوسخ سواء كانت في ظهور الأصابع أوفي باطنها ، في اليدين أو في القدمين ، وألحقوا بها ما يجتمع من الوسخ في معاطن الأذن وغيرها (2) . ولذا فقد جاءت السنة المطهرة فأمرت بتعهد هذه الأماكن بالغسل والتنظيف فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بتخليل الأصابع في الوضوء ، وتدليك البدن وخاصة في الثنيات وتعهدها بإيصال الماء إليها أثناء الغسل حتى تتم نظافة البدن والتي هي في الحقيقة جزء لا يتجزأ من طهارة المسلم وعبادته ، وصلى الله عليه وسلم على نبي الرحمة القائل : " الطهور شطر الإيمان " رواه مسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه .

 

انتقاض الماء :

وفسره العلماء بأنه " الاستنجاء" وهو أيضا ًالانتضاح " : من نضح الفرج بالماء . وهو من خصال الفطرة وسنن الهدي العظيمة التي دعانا إليها المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وتعني إزالة النجس من غائط وبول ودم ومذي وسواها من القبل أوالدبر وهو واجب عند جمهور الفقهاء لقوله سبحانه وتعالى : (والرجز فاهجر ) .
والأصل في الاستنجاء أن يكون بالماء ، لما روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج لحاجته تبعته ـ وأنا غلام ـ ومعنا إداوة من ماء ، يعني يستنجي به "رواه البخاري ومسلم .

ويجوز الاستنجاء بثلاثة مسحات ونحوه وكل شيء قالع ( كالمحارم الورقية اليوم ) ولابد منها بثلاثة مسحات على الأقل (إن حصل الانقاء ) وإلا زاد رابعاً فأكثر . وقد أجمع فقهاء الأمة على أن الأفضل الجمع بين الحجارة (المحارم الورقية ) وبين الماء في الاستنجاء .

ولا شك بأن الهدي النبوي بتعليم الأمة قواعد الاستنجاء إنما هو إعجاز طبي وسبق صحي في مجال الطب الواقائي سبق بها الإسلام كافة الأنظمة الصحية في العالم وتنسجم مع متطلبات الصحة البدنية في الوقاية من التلوث الجرثومي والحد من انتشار الأمراض السارية . فما يخرج من السبيلين من بول وغائط يعتبر من أخطر الأسباب لنقل العدوى بالأمراض الجرثومية والطفيلية فيما إذا أهملت نظافتها (10) .

لذا دعت السنة النبوية إلى الاهتمام بطهارتها وجعلت ذلك مدخلاً للعبادة الصحيحة عند المسلمين .

 

تقليم الأظافر :
التقليم لغة هو القطع ، وهو تفعيل من القلم ، وكلما قطعت منه شيئاً بعد شيء فقد قلمته .وشرعاً هو إزالة ما يزيد على ما يلامس رأس الإصبع من الظفر ، وهو سنة مؤكدة .

وقد روى عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من الفطرة حلق العانة وتقليم الأظافر وقص الشارب " رواه البخاري .

أما توقيت قص الأظافر فقد ورد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: وقت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قص الشارب وتقليم الأظافر ألا نترك أكثر من أربعين ليلة " رواه مسلم .

وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من قلم أظافره يوم الجمعة وقي من السوء إلى مثلها " رواه الطبراني في الأوسط والسيوطي في زيادة الجامع الصغير .

فالسنة النبوية تضع حدين (12) لتوقيت قص الأظافر ، حدٌّ أعلى لا يزيد عنه المسلم في ترك أظافره وهو أربعين يوماً حيث نهى أن تطول أكثر ، وحدٌّ أدنى ـ أسبوع ـ رغب فيه المسلمين بقص أظافرهم لتكون زينة يوم الجمعة ونظافته .

والمعتمد عند الإمام أحمد بن حنبل استحبابه كيفما احتاج إليه . وقال النووي (5) :"يختلف ذلك باختلاف الأحوال والأشخاص والضابط ، الحاجة إليها ، كما في جميع خصال الفطرة ".
الموانع الشرعية لإطالة الأظافر:

إن عدم قص الأظافر وتركها تطول لتصبح (مخالب) بشرية ، سواء كان ذلك إهمالاً أو جهلاً، أو كان متعمداً على أنه تقليد (أو موضة ) هو خصلة ذميمة مخالفة لسنن الفطرة التي جاءت بها الشريعة الإسلامية .

فالأظافر الطويلة قد تكون سبباً في منع وصول ماء الوضوء إلى مقدم الأصابع ، وفيها تشبه وتقليد لأهل الكفر والضلال ، وتطبيع للمسلمين بطابع الحضارة الغربية ، وفيها أيضاً نزوع إلى الطبيعة الحيوانية وتشبه بالوحوش ذوات المخالب ، كما أنه عمل لا يقبله الذوق الإسلامي الذي تحكمه شريعة الله ونظرتها التكريمية للإنسان ـ الذي هو خليفة الله في الأرض ـ هذا علاوة على أن ما ينجم من أضرار صحية من جراء إطالة الأظافر ، يجعلها تتعارض مع القاعدة الشرعية (لا ضرر ولا ضرار) والتي جاءت لتحافظ على سلامة البشر.

عن قيس بن أبي حازم قال : " صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة فأوهم فيها فسئل فقال : مالي لا أوهم ورفع أحدهم بين ظفره وأنملته " أخرجه البيهقي في شعب الإيمان ورجاله ثقات .

ومعناه أنكم لا تقصون أظافركم ثم تحكون بها أرفاغكم فيتعلق بها ما في الأرفاغ من الأوساخ ، وقال أبو عبيد : أنكر عليهم طول الأظافر وترك قصها .

وفي بحث طريف قدمه د. يحيى الخواجي و د. أحمد عبد الأخر في المؤتمر العالمي للطب الإسلامي (12) أكدا فيه أن تقليم الأظافر يتماشى مع نظرة الإسلام الشمولية للزينة والجمال . فالله سبحانه خلق الإنسان في أحسن تقويم ، وجعل له في شكل جمالي أصابع يستعملها في أغراض شتى ، وجعل لها غلافاً قرنياً هو الظفر يحافظ على نهايتها .

 وبهذا التكوين الخلقي يتحدد الغرض من الظفر ويتحدد حجمه بألا يزيد على رأس الإصبع ليكون على قدر الغرض الذي وجد من أجله .ومن جهة أخرى فإن التخلص من الأوساخ وعوامل تجمعها يعتبران من أهم أركان الزينة والجمال ، وإن كل فعل جمالي لا يحقق ذلك فهو مردود على فاعله .

وإن تقليم الأظافر بإزالة الأجزاء الزائدة منها يمنع تشكل الجيوب بين الأنامل والأظافر والتي تتجمع فيها الأوساخ، ويحقق بذلك نظرة الإسلام الرائعة للجمال والزينة.

الأضرار الصحية الناجمة عن إطالة الأظافر :

تحمي الأظافر نهايات الأصابع وتزيد صلابتها وكفاءتها وحسن أدائها عند الاحتكاك أوالملامسة ، وإن الجزء الزائد من الظفر والخارج عن طرف الأنملة لا قيمة له ووجوده ضار من نواح عدة لخصتها الزميلان خواجي وعبد الآخر في عاملين أساسين :

الأول : تكون الجيوب الظفرية بين تلك الزوائد ونهاية الأنامل والتي تتجمع فيها الأوساخ والجراثيم وغيرها من مسببات العدوى كبيوض الطفيليات وخاصة من فضلات البراز والتي يصعب تنظيفها ، فتتعفن وتصدر روائح كريهة ويمكن أن تكون مصدراً للعدوى للأمراض التي تنتقل عن طريق الفم كالديدان المعدية والزحار والتهاب الأمعاء ، خاصة وأن النساء هن اللواتي يحضرن الطعام ويمكن أن يلوثنه بما يحملن من عوامل ممرضة تحت مخالبهن الظفرية .
الثاني : إن الزوائد (المخالب ) الظفرية نفسها كثيراً ما تحدث أذيات بسبب أطرافها الحادة قد تلحق الشخص نفسه أو الآخرين وأهمها إحداث قرحات في العين والجروح في الجلد أثناء الحركة العنيفة للأطراف خاصة أثناء الشجار وغيره . كما أن هذه الزوائد قد تكون سبباً في إعاقة الحركة الطبيعية الحرة للأصابع ، وكلما زاد طولها كان تأثيرها على كفاءة أصابع اليد أشد ، حيث نلاحظ إعاقة الملامسة بأطراف الأنامل وإعاقة حركة انقباض الأصابع بسبب الأظافر الطويلة جداً والتي تلامس الكف قبل انتهاء عملية الانقباض ، وكذا تقييد الحركات الطبيعية للإمساك والقبض وسواها (12).
وهناك آفات تلحق الأظافر نفسها بسبب إطالتها ، منها تقصف الأظافر بسبب كثرة اصطدامها بالأجسام الصلبة أو احتراقها ، ذلك أن طولها الزائد يصعب معه التقدير والتحكم في البعد بينها وبين مصادر النار ، كما أن تواتر الصدمات التي تتعرض لها الأظافر الطويلة تنجم عنها إصابات ظفرية غير مباشرة كخلخلة الأظافر أو تضخمها لتصبح مشابهة للمخالب أو زيادة تسمكها أو حدوث أخاديد مستعرضة فيها أو ما يسمى بداء الأظافر البيضاء (12)

وتؤكد الأبحاث الطبية(4) أن الأظافر الطويلة لا يمكن أن نعقم ما تحتها ولابد أن تعلق بها الجراثيم مهما تكرر غسلها لذا توصي كتب الجراحة أن يعتني الجراحون والممرضات بقص أظافرهم دوماً لكي لا تنتقل الجراثيم إلى جروح العمليات التي يجرونها وتلوثها.

غسل الجمعة : 

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
 " غسل الجمعة واجب على كل محتلم " رواه البخاري ومسلم .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " حق على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام يوماً يغسل فيه رأسه وجسده " رواه البخاري ومسلم .

دعا نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم المسلمين إلى الاغتسال في كل مناسبة يجتمعون فيها كصلاة الجمعة والعيدين والوقوف بعرفة وغيرها من المناسبات . وبذلك يلتقي المسلمون وهم في أتم نظافة وطهر ولا يشم من أحدهم روائح العرق والثياب الكريهة وهذا ـ وأيم الله ـ قمة الحضارة الإنسانية (10) هذا عدا عن أن الحرص على نظافة الجلد أمر ضروري صحياً كي يؤدي هذا العضو وظائفه الهامة في طرح السموم من البدن عن طريق التعرق . ولإقرار التوازن الحروري للبدن ، والشعور بما يحيط به عن طريق حاسة اللمس .

مراجع البحث :

      1.        د. محمود طلوزي : " في رحاب الطب النبوي والعلم الحديث " ، دار الرواد ، حلب 1994.

      2.        د. محمد علي البار : الختان ، دار المنار ، جدة 1994

      3.        الإمام ابن جرير الطبري : تفسير الطبري.

      4.        د. عبد الرزاق الكيلاني : " الحقائق الطبية في الإسلام " دار القلم ، دمشق ، 1996.

      5.        ابن حجر العسقلاني : فتح الباري على صحيح الإمام البخاري .

      6.        الإمام النووي " شرح صحيح البخاري " .

      7.        د. عادل بربور وزملاؤه : " الطب الوقائي في الإسلام " دمشق 1992

      8.        د. غيث الأحمد " الطب النبوي في ضوء العلم الحديث

      9.        د. وهبة الزحيلي : الفقه الإسلامي وأدلته " .

   10.      د. محمد نزار الدقر " روائع الطب الإسلامي " ج2 العبادات في الإسلام وأثرها في صحة الفرد والمجتمع .

   11.      د. محمود ناظم النسيمي " الطب النبوي والعلم الحديث " دار الرسالة ، بيروت ، 1991

   12.      د. يحيى الخواجي ود. أحمد عبد الأخر : " المؤتمر العالمي الرابع للطب الإسلامي ، الكويت ، نوفمبر 1986

   13.      ابن الأثير الجزري : جامع الأصول في أحاديث الرسول " تحقيق الأرناؤوط .

   14.      الإمام جلال الدين السيوطي " الجامع الصغير وزيادته " .

 

 

من أسرار العبادات الطبية
 

 بقلم الدكتور محمد جميل الحبال

طبيب وباحث عراقي مقيم في السعودية

إن فيما فرض الله عز وجل على خلقه وشرع لهم من أحكام وعبادات حكماً وأسرارا ومصالح تعود على العباد بالخير في الدنيا والآخرة، وقد علمَّنا الله عز وجل في كثير من آيات الكتاب المبين أسرار تشريعه وفوائدها  شحناً لأذهاننا أن تفكر وتعمل وإيحاءً إلى أن هذا التشريع الإلهي الخالد لم يقم إلاّ على ما يحقق للناس من مصلحة أو يدفع عنهم ضرراً. والإسلام لا يتنكر للعقل ولا يخاطب الناس إلاّ بما يتفق مع التفكير السليم والمنطق السديد. ومابرح الناس في كل عصر يرون من فوائد التشريع ما يتفق مع تفكيرهم ومصالحهم وهذا دليل على أن الإسلام من عند الله جلَّ وعلى.

وما سنذكره من أسرار وفوائد طبية للعبادات ليس لتبرير العبادات نفسها، فالأصل في العبادات التعبد، نقوم بها طاعة لله عز وجل وتقرباً إليه وإن لم تدرك أسرارها أو تعرف حكمتها، ولعل في تتبع الفوائد والأسرار الطبية في العبادات ما يُثبِّت إيماننا ويقوي يقيننا بحقائق هذا الدين وهذا ما سنجدهُ في هذه الأبحاث جلياً وواضحاً: قال تعالى: (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ)[النحل: 102].

الوضوء والاغتسال (الطهارة والنظافة):

إذا كانت الطهارة و النظافة عند بعض الناس مسألة ذوق ومزاج شخص أو ذات ارتباط بالحالة الاقتصادية للإنسان فهي في الإسلام تخضع لنظام محدد يشعر الملتزم به بضرورة تنفيذه بدافع ذاتي مستمر، أوليس فاتحة كتب الفقه جميعاً باب الطهارة ؟!

والأسباب الداعية للغسل (الاستحمام) في الإسلام ثلاثة وعشرون سبباً بين الإيجاب والاستحباب، بل أن ثاني سورة في القرآن أنزلت تنادي بالنظافة قال عز وجل (وثيابك فطهر) [المدثر: 4].

وقال عز وجل (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)[البقرة: 222] وقال أيضاً (وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ)[الأنفال: 11]، وقال صلى الله عليه وسلم (الطهور شطر الإيمان) رواه الإمام مسلم،  وقال صلى الله عليه وسلم (من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحّدث  فيها نفسهُ غُفر لهُ ما تقدم من ذنبه) رواه الأمام  البخاري.

و يمكننا أن نلخص تأثير الوضوء والغسل وفوائدهما بما يلي:

الوقاية من انتقال الكثير من الأمراض المعدية (السارية):

إن معظم هذه الأمراض  تنتقل بتلوث الأيدي وأهمها ما يسمى بأمراض القذارة  (Feco- Oral Route)  ومنها التهاب الكبد الفيروسي و الهيضه (الكوليرا) والحمى التيفؤدية والزحار العصوي والأميبي والالتهاب المعوي بالعصيات القولونية وتسمم الطعام الجرثومي، والتي تشكل أهم المشاكل الصحية في البلاد النامية، وهي مسئولة لحد كبير عن ارتفاع معدل الوفيات فيها وتعتمد الوقاية منها على النظافة الشخصية (غسل الأيدي قبل الطعام وبعد كل تغوط) قال صلى الله عليه وسلم: (بركة الطعام الوضوء قبلهُ والوضوء بعدهُ) [رواه الأمام مسلم]. والوضوء هنا بمعنى الغسل (غسل الأيدي).

تنشيط الدورة الدموية:

يقوم الوضوء والاغتسال بتنشيط الدورة الدموية العامة و الجسد بتنبيه الأعصاب وتدليك الأعضاء والعضلات من خلال دلك الجلد الذي هو أحد الأعضاء الهامة في الإنسان. كما قد ثبت أيضا أن الدورة الدموية في الأطراف العلوية من اليدين والساعدين والأطراف السفلية من القدمين والساقين أضعف منها في الأعضاء الأخرى لبعدها عن المركز الذي هو القلب فإن غسلها مع دلكها يقوي الدورة الدموية لهذه الأعضاء من الجسم مما يزيد في نشاط الشخص وفعاليته.

الوقاية من الكثير من الأمراض السارية التي تنتقل عن طريق الجهاز التنفسي (Droplet infection ):

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من توضأ فليستنثر) [رواه الأمام البخاري]، وقال أيضاً (إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ثم لينثر... وإذا أستيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها في وضوئه، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده) [رواه الأمام البخاري]، ومعنى قوله (فلبستنثر أو لينثر): أي ليجعل في أنفه ماء ثم يخرجه نفخاً مما يساعد على نظافة المنخرين وطرد المواد الغريبة منهما.

حيث  بعد إجراء دراسات ميدانية تبين أن الأنف مستودع لتكاثر كثير من الجراثيم وباستعراض جميع الوسائل الصحية الوقائية  المفيدة لتجنب تلوث الأنف بالجراثيم، تبين للأطباء أن غسل الأنف المتكرر خمسة مرات في اليوم أثناء الوضوء  (الاستنثار) هو ابسطها وأنفعها مما جعل مجموعة من أطباء كلية جامعة الإسكندرية أن يقوموا بدراسة بحثية طبية عميقة استغرقت عامين على مئات من المواطنين الأصحاء الذين لا يتوضأون وبالتالي لا يصلون واخذ عدد مساوٍ لهم من المنتظمين على الوضوء والصلاة.

وفحصت أنوفهم وأخذت مساحات منها لعمل زرع مختبري وفحص مجهري وكانت نتائج مدهشة نشرت في الأوساط العلمية داخل وخارج مصر وكان لها رد فعل إيجابي كبير،  فقد ظهر فرق شاسع في الحالة الصحية لتجويف الأنف الداخلي بين المجموعتين من حيث اللون والملمس والسطح ووجود الأتربة والعوالق والقشور والإفرازات والأهم  من ذلك: هو ظهور الأنف عند غالبية الذين يتوضأون باستمرار نظيفاً طاهراً خالياً من الجراثيم  لخلو المزارع الجرثومية تماماً من أي نوع منها بينما أظهرت أنوف الذين لا يتوضأون مزارع جرثومية ذات أنواع متعددة وبكميات كبيرة.

ونستنتج من الدراسة القيمة أعلاه أن الذين يتوضاؤن هم  في وقاية  لأنفسهم من الأمراض المعدية التي تنتقل عن طريق المسالك التنفسية العليا ومن أهمها الأنف وكذلك  فإنهم لا يشكلون مصدر عدوى في محيطهم ومجتمعهم بخلاف الذين لا يتوضاؤن ولا يستنثرون !!

المضمضة:

المضمضة هي إدخال الماء في الفم وإدارته في جميع أنحاه ثم إخراجه منه وهو من متطلبات الوضوء وقد ثبت أن المضمضة تحفظ الفم والبلعوم من الالتهابات، ومن تقيح اللثة، وتقي الأسنان من التنخر بإزالة الفضلات الطعامية العالقة بها، فقد ثبت علمياً أن 90% من الذين يفقدون أسنانهم قبل الأوان لا يهتمون بنظافة الفم حيث أن الصديد والعفونة في الفم عامل مهم جداً في تسبب كثير من الأمراض، وباستخدام السواك تزداد الصورة وضوحاً في عظمة دين الإسلام والحكمة من شرائعه، كما تبين أن المضمضة تنمي بعض العضلات في الوجه وقد تجعلهُ مستديراً... وهذا التمرين يذكره ويؤكد عليه القليل من أساتذة الرياضة لانصراف معظمهم إلى العضلات الكبيرة في الجسم فقط.

الوقاية من سرطان الجلد:

كما ثبت أن تأثير أشعة الشمس في إحداث سرطان الجلد لا يصيب إلا الأماكن الظاهرة المعرضة لها، وفائدة الوضوء وتكراره يكفل ترطب سطح الجلد بالماء وخاصة الجزء المعرض للأشعة الشمس مما يحمي الخلايا الداخلية من التعرض للآثار الضارة لأشعة الشمس (Ultraviolet light)، وهذا مما يؤكد فضل الوضوء كسلاح للمسلم يحتمي به من هذا المرض،علماً أن سرطان الجلد  بأنواعه خاصة الملون منها (Melanoma) هو أكثر أنواع السرطان شيوعاً  وأخطرها في المجتمع الغربي وأمريكا واستراليا هو مرض غير شائع في بلاد المسلمين رغم قوة أشعة الشمس فيها مما تشير إلى أهمية الوضوء وغسل الأعضاء بالماء للوقاية من هذه الإصابات وهذا يؤكد عظمة وصية الرسول  صلى الله عليه وسلم بترك تجفيف الأعضاء بعد الوضوء من الماء.

تخليص البدن من الأوساخ:

ومن فوائد الوضوء والاغتسال تخليص البدن من الأوساخ والأدران العالقة به  وخاصة الأجزاء المكشوفة منه وباستمرار، ومن ثم تحفظ وظائف الجلد من أن تتعطل، وندرك هذه الفائدة بمعرفتنا لوظائف الجلد المتعددة ومنها كخط الدفاع الأول للجسم: فقد أثبتت دراسة أجرتها منظمة الصحة العالمية أن استعمال الماء النظيف فقط في الغسل من الماء  يزيل حوالي 90% من الجراثيم وبدون الحاجة إلى إضافة المطهرات والمعقمات!!

وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيان ذلك فعن أبي هريرة رضي الله عنه (أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء؟ قالوا: لا يبقى من درنه شيء. قال صلى الله عليه وسلم: فذلك مثل الصلوات لخمس يمحو الله بهن الخطايا) [متفق عليه].

فالصلوات الخمس وما تتطلبه من وضوء وطهارة قبلها كشرط لصحتها تخلص البدن من الأدران الخارجية العالقة بالجسد وكذلك تخلص وتنقي النفس من الأدران الداخلية (الذنوب والمعاصي) أيضاً.

والحمد لله رب العالمين


 

E-Mail: alhabbal45@yahoo.com

 

 

السواك بين الطب و الإسلام
 
 بقلم الدكتور محمد نزار الدقر
قال النووي (1): " السواك لغة بكسر السين، ويطلق على الفعل وهو الاستياك و على الآلة التي يستاك بها والتي يقال لها يقال لها " المسواك أيضاً، يقال : ساك فاه يسوكه، فقد استاك، وهو مشتق من ساك الشيء إذا دلكه وجمعه سُواك ".

وينطبق التعريف على عود أو فرشاة تدلك بها الأسنان لتذهب الصفرة وغيرها.

 

الهدي النبوي في السواك :

عن أبي هريرة رضي الله عن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة ـ و في رواية ـ عند كل وضوء " رواه الشيخان .

وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " عليك بالسواك فإنه مطهرة للفم و مرضات للرب : رواه البيهقي ورواه البخاري.

عن عائشة بلفظ : " السواك مطهرة للفم مرضات للرب" ورواه ابن ماجة عن أبي إمامة رضي الله عنه.

وعن تمام بن العباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " مالي أراكم تأتوني قلحاً ؟ استاكوا " رواه الإمام أحمد في مستنده، والقلح ترسبات صفراء في الأسنان.

وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" لقد أكثرت عليكم بالسَّواك " رواه البخاري، وأكثرت عليكم أي بالغت في طلبه منكم، أو في إيراد الأخبار في الترغيب فيه.

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ركعتان بالسَّواك أفضل من سبعين ركعة بدون سواك".
وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنه قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام ليتهجد يشوص فاه بالسواك " رواه البخاري ومسلم، والشوص الغسل والتنقية والدلك والإمرار على الأسنان.
وعن عائشة رضي الله عنها : " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوضع له وضوءه وسواكه فإذا قام من الليل تخلّى ثم استاك" أخرجه أبو داود، ولفظه عند ابن ماجة " كنا نعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم  ثلاثة آنية مخمرة من الليل، إناء لطهوره وإناء لسواكه وإناء لشرابه" ولفظه عند مسلم: " وكان أهله صلى الله عليه وسلم يعدون له سواكه وطهوره " .

وعن عائشة رضي الله عنها قالت : " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته بدأ بالسواك"رواه مسلم.

وعن أبي بردة عن أبيه قال: " أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فوجدته يستن بسواك في يده ويقول: أُع أُع والسواك في فمه كأنه يتهوع" .رواه البخاري(واستن: استاك، وتهوع : تقيأ).

والسواك، كما علمنا، من خصال الفطرة فقد ثبت فيما رواه الإمام مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم : " عشر من الفطرة .. وعدّ منها السِّواك ".

وعن سمرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " طيبوا أفواهكم بالسواك فإنها طرق القرآن" رواه ابن ماجة  وقال السيوطي : حديث حسن، وصححه الألباني.[1]

فقه السواك :

تحصل مشروعية الإستياك (2) بكل شيء خشن يصلح لإزالة بقايا الطعام والصفرة التي تعلو الأسنان والرائحة المتغيرة في الفم كعود الأراك أو الزيتون، أو عود شجرة النيم (نيجيريا) وغيرها، ويكره من عود لا يعرف حتى لا تكون منه مضرة كأن يكون في الشجرة سمٌ أو غيره.

قال النووي(4): " ويستحب أن يُستاك بعود أراك، وبأيَّ شيء استاك مما يزيل التغير، حصل السواك، كالخرقة الخشنة والسُّعد والأشنان.

والمستحب أن يستاك بعود متوسط، لا شديد اليبس يجرح، ولا رطب لا يزيل، وأن يُستاك عرضاً لا طولاً، وأن يمر السِّواك على طرف لسانه وكراسي أضراسه إمراراً لطيفاً " .

واختلف في الإصبع إن كانت تجزيء عن السواك أم لا.

قال النووي: " وأما الإصبع فإن كانت لينة لم يحصل بها السِّواك بلا خلاف وإن كانت خشنة ففيها أوجه، والصحيح المشهور لا يحصل لأنها لا تسمى سواكاً ولا في معناه، وقيل يحصل لحصول المقصود وبهذا قطع القاضي حسين والبغوي، والروياني في البحر".

ولا شك أن استعمال الفرشاة والمعجون هو من السِّواك، ومن مميزاتها أنه يمكن أن ينظف بها الأنسان باطن أسنانه بسهولة، وفي المعجون مواد منظفة ومطهرة.

وأما حكم السواك فقد قال النووي (3): السواك سنة و ليس بواجب في حال من الأحوال بإجماع من يعتد به في الإجماع ".

وذكر ابن قدامة في كتابه [المغني ] أن اسحق بن راهويه وداود الظاهري قالا بوجوب السواك لأنه مأمور به، والأمر يقتضي الوجوب.

لكن الجمهور استدلوا بأنه سنة وليس بواجب بقوله صلى الله وسلم: " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك " رواه البخاري.

والسواك مستحب في كل وقت، ويتأكد عند الوضوء والصلاة وتلاوة القرآن وعند تغير الفم بسبب طعام أو نوم، وعند دخول البيت.

وقال الشافعية والحنابلة بأنه غير مستحب للصائم بعد الزوال، وكرهه بعضهم لأنه يزيل خلوف الصائم الذي هو عند الله أطيب من ريح المسك.

وردّ كثير من العلماء على القائلين بالكراهة.

وأن السواك مستحب للصائم، كغيره، في أول النهار وفي آخره، معتمدين على ما رواه عامر بن ربيعة رضي الله عنه قال : " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستاك وهو صائم " رواه الترمذي وابن خزيمة وصححه، ورواه البخاري معلقاً وقال : ابن عمر : " يستاك أول النهار وآخره ".

قال ابن القيم (4): " يستحب السواك للمفطر والصائم وفي كل وقت لعموم الأحاديث الواردة فيه ولحاجة الصائم إليه، ولأنه مرضاة للرب ، ومرضاته مطلوبة في الصوم أشدّ من طلبها في الفطر و لأنه مطهرة للرب و الطهور للصائم من أفضل أعماله، وليس لله غرض في التقرب إليه بالرائحة الكريهة وإنما ذكر طيب الخلوف عند الله يوم القيامة حثاً منه على الصوم، لا حثاً على إبقاء الرائحة الكريهة، بل الصائم أحوج إلى السواك من المفطر، وأيضاً فإن السواك لا يمنع طيب الخلوفـ الذي يزيلهـ عند الله يوم القيامة، بل يأتي الصائم يوم القيامة وخلوف فمه أطيب من المسك على صيامه، ولو أزاله بالسِّواك ، كما أن الشهيد وهو مأمور بإزالته في الدنيا.. وقد أجمع الناس على أن الصائم يتمضمض وجوباً  واستحباباً والمضمضة أبلغ من السِّواك ".

ومن الناحية الطبية فإن رأي الجمهور في استياك الصائم أقرب لقواعد الصحة والطب الوقائي، ونحن مع الدكتور النسيمي (5) أن أهم مناسباته عند الاستيقاظ من النوم لأن بعض النخرات تحدث في الفم خلال النوم، كما تترسب بعض المركبات من اللعاب محدثة القلح على الأسنان بسبب ركودة اللعاب أثناء النوم، لذا رأينا أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل ليتهجد يشوص فاه بالسواك.

ويشرح الإمام النووي(3) كيفية الاستياك كما جاءت في هدي النبوة :

" والمستحب أن يستاك عرضاً ولا يستاك طولاً لئلا يدمي لحم أسنانه، وأن يمر بالسواك على طرف أسنانه وكرسي أضراسه وأن يبدأ في سواكه وباطنها.

وأما جلاء الأسنان بالحديد وبردها بالمبرد فمكروه لأنه يضعف الأسنان ويفضي إلى انكسارها، ولأنه يخشنها فتتراكم الصفرة عليها".

عن ربيعة بن أكثم أن النبي صلى الله عليه وسلم : " كان يستاك عرضاً ويشرب مصاً " رواه البيهقي في سننه.

وعن عطاء بن رباح أن رسول الله عليه وسلم قال : " إذا شربتم فاشربوا مصاً وإذا استكتم فاستاكوا عرضاً " أخرجه البيهقي وأبو داود.

يقول د. محمد علي البار: " هذه الأحاديث وغيرها مما نص على الأستياك  عرضاً كلها ضعيفة لأنها مرسلة [سقط منها الصحابي]، ولكن ما هو المقصود بالاستياك عرضاً ؟.

 إن أطباء الأسنان يقولون إن اتجاه الفرشاة في تنظيف الأسنان العلوية يجب أن يكون من الأعلى إلى الأسفل وعكس ذلك لتنظيف الأسنان الفك السفلي، أي من أسفل إلى أعلى، وأطباء الأسنان يسمون ذلك " الأستياك طولاً "، أي من أسفل إلى أعلى، وأطباء الأسنان يسمّون ذلك " الاستياك طولاً "، أي بالنسبة لمحور السن.

فهل ما ورد في الأحاديث وكلام العلماء " عرضاً " يختلف عنه، أم أنه تحديد المحور فإن قصد محور الفم كان الاستياك عرضاً هو ذاته ما ذكره الأطباء المحدثون" .

ويقول ابن القيم (6) : " إن السواك متى استعمل باعتدال جلى الأسنان، وأطلق اللسان ومنع الحفر وطيب النكهة ونقى الدِّماغ، وأن فيه منافع، ويطيب الفم ويشد اللثة ويعين على هضم الطعام ويسهل مجاري الكلام وينشط للقراءة والذكر والصلاة ويطرد النوم ويرضي الرب ويكثر الحسنات" ...

كما ينقل صاحب مغني المحتاج " أنه يسهل النزع ويذكّر الشهادة عند الموت " .

الإستياك و نظافة الفم و أثرها على الصحة العامة :

إن الفم بحكم موقعه كمدخل للطعام و الشراب ، و باتصاله بالعالم الخارجي ، يصبح مضيفة لكثير من الجراثيم(6)، والتي نسميها " الزمرة الجرثومية الفموية " ومنها المكورات العنقوية والعقدية والرئوية، والعصيات اللبنية والعصيات الخناقة الكاذبة، والملتويات الفوهية والفنسانية وغيرها.

هذه الجراثيم تكون بحالة عاطلة عند الشخص السليم ومتعايشة معه، لكنها تنقلب ممرضة مؤذية إذا بقيت ضمن الفم ،  أو طرأ عليها ما يضعف مقاومة البدن (5)، وخاصة إذا بقيت ضمن الفم، وبين الأسنان، فضلات الطعام والشرب.

 فإن هذه الجراثيم تعمل على تفسخها وتخمرها، وتنشأ عنها روائح كريهة، وهذه المواد تؤذي الأسنان كذلك محدثة فيها النخور أو إلى تراكم الأملاح حول الأسنان محدثة فيها ( القلح ) أو إلى التهاب اللثة وتقيحها. كما يمكن لهذه الجراثيم أن تنتقل بعيداً في أرجاء البدن محدثة التهابات مختلفة كالتهاب المعدة أو الجيوب أو القصبات، وقد تحدث خراجات في مناطق مختلفة من الجسم(7) و قد تؤدي إلى انسمام الدم أو تجرثمه وما ينجم عن ذلك من أمراض حمَّوية عامة.

و أهم ما يجب العناية به الفم الأسنان . فلأسنان وظائفها الهامة، ولأمراضها أثر كبير على الصحة العامة، هنا يأتي دور السِّواك، الذي له أهميته القصوى في تخفيف البلاء الناجم عنها.

فاللعاب الراكد يحتوي على أملاح بصورة مركزة، فإذا وجد سطحاً بعيداً عن حركات التنظيف الطبيعية كحركة اللسان، أو الاصطناعية كالسواك، فإن هذه الأملاح تترسب، وخاصة في الشق اللثوي، وفي عنق الأسنان، مكونة غشاوة رقيقة جداً  تتكثف شيئاً فشيئاً مكونة ما يسمى باللويحات السنية.

و عندئذ تفعل الجراثيم فعلها متفاعلة مع بقايا الطعام وخاصة السكرية الموجودة في الفم مكونة أحماضاً عضوية تقوم بإذابة المينا ثم العاج ويتسع النخر مع استمرار إهمال نظافة الفم(2).

ويتكون القلح أيضاً نتيجة عدم تنظيف الأسنان، وهو عبارة عن رواسب مثل فحمات وفوسفات الكلس والمغنزيوم، مع المخاط اللعابي وفضلات طعامية تتوضع كلها فوق حافة اللثة وفي الثلم اللثوي وعلى عنق الأسنانن ثم تتصلب مع مرور الزمن مشكلة القلح وهذا مصداق كلام النبي صلى الله عليه وسلم المعجز : " مالي أراكم قلحاً ؟ استاكوا ".

ويؤكد د. محمد علي البار(2) أن إهمال نظافة الفم يؤدي إلى التهاب اللثة والتهاب محيط السن[الحفر]، والتي تزداد مع تقدم العمر مؤدية إلى فقدان الأسنان فقداناً أبدياًن وإلى إصابة العظم السنخي وضموره، كما يمكن أن تنتقل الجراثيم منها إلى الجيوب الأنفية وإلى الأوعية الدموية المتصلة بالدماغ مما ينذر بحدوث " خراجات في الدماغ أو التهاب في السحايا" أو غيرها من المضاعات الخطيرة .

ويؤكد هذا المعنى د.عبد الله السعيد(8) قائلاً : " أن أمراض الأسنان قد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة، فالجيوب اللثوية الملأى بالصديد، تندفع منها الجراثيم إلى الدم ومنه تتوضع في أماكن مختلفة من العضوية مؤدية إلى التهاب في المفاصل، أو شبكة العين أوفي الرئتين، وقد تحدث صمامات في القلب... الخ..

كما أن آفات الأسنان كثيراً ما تعرقل عملية المضغ، وإن عصارات الأمعاء لا تقوم بواجبها في هضم الطعام إن لم يكن ممضوغاً بشكل جيد، مما يؤدي إلى عسرة الهضم.

عدا عما تقوم به الأسنان من وظيفة جمالية لها أثرها الفعال على نفسية كل إنسان، ولسلامتها أهمية في النطق وفقدها يؤدي إلى اضطرابه".

الهدي النبوي في نظافة الفم والأسنان:
يقول د. محمود العكام في تقديمه لكتاب " السّواك في ميزان الصيدلة(9) ": " الإسلام ثنائية رائعة تنسحب قواعدها وأسسها على كل ما يليه ويحكمه ويعني به، إنها ثنائية المظهر والمخبر، والمبنى والمعنى، ورعايتها معاً دون إفراط لصاحبه من أجل تنظيفه وتطهيره دائماً، فلأن الفم محل ومبنى، ومظهر للكلمة الطيبة التي يدعو إليها الإسلام أساساً للدين.

وشتان بين كلمة طيبة تصدر عن محل ومبنى ومظهر أنيق ومطهر، وبين أخرى تنبعث من فيِّ ذي إهمال له، يختلط طيبها مع رائحة يرفضها الإنسان السوي طبعاً وفطرة".

فالبشرية قبل الإسلام لم تعرف طرقاً معقولة لتنظيف أفواههم .

فقد استعملوا أساليب علاوة على قذاراتها، فإنها تلوث الأسنان وقد تضر بها.

فمنذ عهد الرومان وحتى العصور الوسطى انتشرت عادة المضمضة بالبول(10)، حيث كانت بيلات الرومان يفضلن البول الآتي نم إسبانيا، فإن لم يتيسر استعضن عنه ببول الثيران.

وكان بعض الأطباء أوربا يوصون بمضغ قلب حية أو ثعبان أو فأرة مرة كل شهر من أجل نقاء أسنانهم(6).

وفي هذه الأجواء، جاء الإسلام ليأمر أتباعه بمجموعة من الوصايا تفوق كل ما توصل إليه الطب الحديث من أمور للوقاية من نخر الأسنان والمحافظة على صحة الفم ونظافته، فأنى للّويحة السنية التي تسبب نخر الأسنان وتقيحات اللثة أن تتشكل لدى مسلم يلتزم بالسِّواك عند وضوئه وصلاته، وعند قيامه من النوم، وبعد طعامه؟ وأنى لبقايا الطعام أن تبقى في فمه وتتخمر وهو يتمضمض عند وضوئه وغسله وبعد طعامه، كما بحثنا ذلك في فضل الوضوء؟.

وعدا عن ذلك، فنبي الرحمة صلى الله عليه وسلم اهتم كثيراً بما يبقى في الفم من بقايا طعامية وأمر بإزالتها وبيّن خطرها على الأسنان.

فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن فضل الطعام الذي يبقى في الأسنان يوهن الأضراس"[2].

كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتخلل بعد الطعام، وهو استعمال عيدان دقيقة ينظف بها ما علق من بقايا الطعام بين الأسنان.

فعن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " تخللوا على إثر الطعام وتمضمضوا فإنه مصحة للناب والنواجذ"[3].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من أكل فليتخلل، فما تخلل فليلفظ، وما لاك بلسانه فليبلغ "[4].

ومن الهدي النبوي المعجز في صحة الأسنان أنه صلى الله عليه وسلم كما صحّ في الحديث " لم يأكل خبزاً مرققاً قط " وهو الخبز المنخول الأبيض، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يأكل الخبز غير المنخول فقشور الحبوب [النخالة ] تحتوي على الفيتامينات وعلى مادة الفيتات phytate وهي عبارة عن فوسفات عضوية لها دور وقائي هام ضد نخر الأسنان(2) فسبحان من علمه (إن هو إلا وحيٌ يوحى).

وهكذا تتضافر التوجيهات النبوية في المحافظة عل صحة الفم والأسنان وحمايتها من القلح والنخر وسواها.

والبون شاسع بين من يقوم بهذه التعاليم بدافع العقيدة يبتغي بها وجه الله، وبين من يقوم بها لمجرد النظافة.

وإن المجتمعات الإسلامية في الوقت الحاضر، ورغم عدم التزامها الكامل بتعاليم نبيّها، فهي بالنسبة لموضوع نخر الأسنان ـ أفضل حالاً من الدول الصناعية الكبرى.

ولو اهتمت الدول الإسلامية بحثِّ العلماء وخطباء المساجد على أن يقوموا بدورهم في التوعية الصحية وتبليغ المسلمين توجيهات نبيهم ـ سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ـ في الحث على السِّواك ونظافة الفم، لاختفت، أو كادت تختفي حالات نخر الأسنان من مجتمعاتهم .

فاتباع سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم تؤدي ـ بلا ريب ـ إلى سعادة الدنيا والآخرة، وإلى التمتع بحياة صحية ـ بدنية وعقلية ـ سليمة علاوة على الفوز برضا الرحمن وثوابه.\

 المسْواك :

أصح ما ورد في السنة أن النبي صلى الله عليه و سلم أستاك بسواك من أراك . و شجرة الأراك ( Saluadora Persica) من الفصيلة الأركية (Saluadoraceae) وهي شجرة دائمة الخضرة تنموا في المناطق الحارة في عسير و جيزان من الأراضي السعودية وفي مصر والسودان وفي غور الساعاد ( قرب القدس ) وفي اليمن وجنوب أفريقيا والهند وغيرها.

لها ثمر في حجم حبة الحمص يدعى " الكباث" لونه أخضر، يحمر ثم يسود عند تمام نضجه، حلو الطعم حاذق، يمكن أن يؤكل، الكباث مدر وطارد للريح ، يؤخذ السِّواك من جذورها ومن أغصانها الصغيرة (11).

وعيدان الأراك مغطاة بطبقة فلينية، تليها طبقة قشرية ثم تأتي بعد ذلك الألياف الدقيقة الناعمة التي تتباعد وتتفرق عند دقّ نهايات العيدان ونقعها بالماء بعد إزالة الطبقة القشرية.

وفي المركز أشعة مخية تفصل بين الألياف تحتوي خلاياها على بلورات السيليس والحماضات وحبيبات النساء، وهي العناصر الفاعلة في المسواك .

هذه العناصر تتبدّد بعد أيام من استعماله، لذا تقطع الألياف المستعملة كل بضعة أيام ويصنع من نهاية العود فرشاة جديدة وهكذا يتجدد السِّواك ولا تتراكم فيه الأوساخ (6و12).

و قد أوردت مجلة المجلة الألمانية الشرقية في عددها الرابع ( 1961) (13) مقالاً للعالم رودات ـ مدير معهد الجراثيم في جامعة روستوك ـ يقول فيه : قرأت عن السِّواك  الذي يستعمله العرب كفرشاة للأسنان في كتاب لرحّالة زار بلادهم، و قد عرض للأمر بشكل ساخر، اتخذه دليلاً على تأخر هؤلاء القوم الذين ينظفون أسنانهم بقطعة من الخشب في القرن العشرين. و فكرت ! لماذا لا يكون وراء هذه القطعة الخشبية حقيقة علمية ؟.

و جاءت الفرصة سانحة عندما أحضر زميل لي من العاملين في حقل الجراثيم في السودان عدداً من تلك الأعواد الخشبية.

و فوراً بدأت أبحاثي عليها، فسحقتها وبللتها، ووضعت المسحوق المبلل على مزارع الجراثيم، فظهرت على المزارع آثار كتلك التي يقوم بها البنسلين" .... و إذا كان الناس قد استعملوا فرشاة الأسنان من مائتي عام فلقد استخدم المسلمون السواك منذ أكثر من 14 قرناً.

 ولعل إلقاء نظرة على التركيب الكيمائي لمسواك الأراك يجعلنا ندرك أسباب الاختيار النبوي الكريم، والذي هو في أصله، وحي يوحى: وتؤكد الأبحاث المخبرية الحديثة أن المسواك المخضر من عود الأراك يحتوي على العفص بنسبة كبيرة وهي مادة مضادة للعفونة، مطهرة، قابضة تعمل على قطع نزيف اللثة وتقويتها، كما تؤكد وجود مادة خردلية هي السنجرين Sinnigrin   ذات رائحة حادة و طعم حراق تساعد على الفتك بالجراثيم.

و أكد الفحص المجهري لمقاطع المسواك وجود بلورات السيليكا وحماضات الكلس والتي تفيد في تنظيف الأسنان كمادة تزلق الأوساخ والقلح عن الأسنان.

وأكد د. طارق الخوري(18) وجود الكلورايد مع السيليكا وهي مواد تزيد بياض الأسنان، وعلى وجود مادة صمغية تغطي الميناء وتحمي الأسنان من التسوس، إن وجود الفيتامين ج و ثري ميتيل أمين يعمل على التئام جروح اللثة وعلى نموها السليم، كما تبين وجود مادة كبريتية تمنع التسوس(2).

وفي بحث قدمه د.محمد رجائي المصطيهي وزملاؤه (15) بينوا فيه احتواء المسواك على مادة شبه قلوية يمكن أن تكون السلفارورين، وعلى الثري ميتيل أمين، ونسبة عالية من الكلورايد والفلوريد والسيستوستيرول، وعلى كمية قليلة من الصابونين والفلافونيد، وأثبتوا لمحاليل الأراك تأثيراً موقفاً لنمو الجراثيم، لوجود مادة كبريتية، ولأن الثري ميتيل أمين يخفض الأسّ الهدروجيني، مما يجعل فرص نمو الجراثيم قليلة، كما أن السيستوسترول يعمل مع الفيتامين ج على تقوية الشعيرات الدموية المغذية للثة وعلى حمايتها من الالتهاب.

وفي بحث قدمه د. عبد الرحيم محمد مع البروفسور جيمس ترنر (16) أكدوا فيه أهمية الكبريت والسيستروسترول الموجودتان في المسواك كمواد قاتلة للجراثيم، وعلى وجود ثاني فحمات الصوديوم وأهميتها في تنظيف الأسنان(2).

وأكد بحث آخر (6) وجود مادة عطرية ذات رائحة مستحبة تطغى على الرائحة الكريهة التي يمكن أن توجد في الفم.

وفي قسم العلوم السنية في جامعة الملك سعود (9) أجريت دراسة حول تأثير مادة البنزيل إيزو يتوسيانات التي تم عزلها من جذور الأراك على فيروس الحلأ البسيط.

وأشارت النتائج أن لهذه المواد خواصَّ قاتلة لهذا الفيروس وبتركيز 133.3 مكروغرام /مل، مما يشير إلى إمكانية السيطرة على إصابة الفم بالحلأ البسيط عند استعمال السِّواك وفي الوقاية من نكسه المتكررة .

وأثبتت دراسة حديثة (1988) أجريت في جامعة أنديانا الأمريكية، أن لهذه المادة [ بنزيل أيزو تيوسيانات ] أثراً مهماً في تثبيط المكورات العقدية، وربما تكون مفيدة في خفض فرص حصول النخور السنية(9)..

والباحثون الذين درسوا السواك يفضلونه على فرشاة الأسنان (6و9) فهو يقوم مقام فرشاة ومعجون بآن واحد، فهو (فرشاة) بأليافه الدقيقة الجيدة والمناسبة للتنظيف، وهو (معجون ) بما فيه من مواد مطهرة، وأخرى زالقة ومنظفة كبلورات السيليس والحماضات، ومواد صمغية وعطرية وغيرها.

فالمسواك كمنظف آلي يزيل بقايا الطعام من بين الأسنان ويزيل القلح، ويمتاز عن الفرشاة بإمكانية تحضيره بالقساوة والثخانة المناسبتين، وذلك بواسطة تفريق أليافه قليلاً أو كثيراً، كما يمتاز بعدم تخريشه للثة.

وهكذا يمكننا اعتبار المسواك، الفرشاة الطبيعية المثالية، والمزودة بمعجون ربّاني، من موادّ مطهرة، ومنظفة تفوق ما تملكه معاجين الأسنان الصناعية من مواصفات، ولعل أهمها أن المعجون المطهر لا يستمر تأثيره أكثر من 20 دقيقة ثم يرجع الفم إلى حالته العادية، لكن من المنتظر بعد استعمال السِّواك ألا يعود مستوى الجراثيم الفموية إلى حالته إلا بعد ساعتين على الأقل (17).

المصادر :

(1) الإمام النووي " المجموع   شرح التهذيب "
(2) د. محمد علي البار: " السواك " ـ دار المنار ـ جدة ـ 1994.

(3) الإمام النووي : " شرح صحيح مسلم " دار الفكر ـ دمشق .

(4)الإمام ابن القيم الجوزية : زاد المعاد من هدي خير العباد "

(5) د. محمود ناظم النسيمي : " الطب النبوي والعلم الحديث " بيروت 1987

(6) صلاح الحنفي: " السواك " رسالة جامعية ـ جامعة دمشق ـ 1962.

(7) د. عبد الرزاق كيلاني :" الحقائق الطبية في الإسلام : دمشق

(8) د. عبد الله السعيد : " صحة الفم والأسنان " مكتبة المنارة ـ الأردن ـ 1982.

(9) د. علي الرغبان وزملاؤه : " السواك في ميزان الصيدلة " دار فصلت ـ حلب 1997.

(10) د. أحمد شوكت الشطي : " رسالة في تاريخ الطب" .

(11) د. محمد نزار الدقر : " روائع الطب الإسلامي" ج1 القسم العلاجي ـ دار المعاجم.

(12) د. أبو حذيفة إبراهيم محمد : " السواك أهميته واستعماله " طنطا ـ 1987.

(13) د . غياث الأحمد : الطب النبوي في ضوء العلم الحديث

(14) د. عبد الله عبد الرزاق السعيد : " السواك والعناية بالأسنان " جدة 1982

(15) د. محمد رجائي المصطيهي وزملاؤه : " استعمال السواك لنظافة الفم وصحته " . المؤتمر العالمي الأول للطب الإسلامي ـ الكويت 1981.

(16) د. عبد الرحيم محمد و د. جيمس ترنر : " مقالة عن السواك " في مجلة :

 Odento-Stomatol Ttopica ,1983,n4

(6) د. طارق الخوري مقالة عن السواك مجلة

Clinical Preventive Dentistry ,1983,5(4) Khoory T.


[1]  صحيح الجامع الصغير : ناصر الدين الألباني.

[2]  رواه الطبراني بسند صحيح والإمام السيوطي في المنهج السوي [ حسن الأهدل] وأخرج مثله البيهقي في شعب الإيمان بسندين أحدهما عن أبي هريرة والثاني عن أبي سعيد الخدري.

[3] رواه الديلمي وأخرجه السيوطي في كتابه (الطب النبوي).

[4] رواه أبو داود وابن ماجه والدارمي والإمام أحمد في المسند.

 

 

تحريم الإسلام للوشم
 
 الوشم  هو رسم ثابت  يُنفّذ على جلد الإنسان، وغالبا ما يكون على المناطق المكشوفة من أنحاء الجسم، خاصة الوجه ويستعمل لذلك المواد الملونة والأدوات الثاقبة للجلد ، ويكون الهدف الأولي لاستعمال الوشم هو شد انتباه الآخرين وتقليص الفوارق بين الناس و يستعمل لنواحي جمالية و قد يكون مرتبطاً بالخرافات و التعاويذ الباطلة حيث أن قدماء المصريين كانوا يعتقدون أنه يشفي من الأمراض و أنه يدفع العين والحسد ويعتبر الوشم أيضاً نوعًا من افتداء النفس ، فلقد كان من تقاليد فداء النفس للآلهة أو الكهنة أو السحرة الذين ينوبون عنها قديماً - أن الشاب أو الرجل تتطلب منه الظروف في مناسبات  خاصة أن يعرض  جسمه لأنواع من التشريط والكي على سبيل الفداء ، ولتكسبه آثار الجروح مناعة ، وتجلب له الخير !!

والملاحظ أنه من 5-9% من النصارى والمسلمين يستوشمون ، رغم تحريم الديانتـين للوشم .. فإذا كان الإسلام لعن فاعلية ، فإن النصرانية حرمته أيضـاً منذ  مجمع نيقية ، ثم حرمه المجمع الديني السابع  تحريمـًا مطلقًا باعتباره من العادات الوثنية  وقد اهتمت المرأة خاصة بهذه التقنية حتى صارت لصيقة بها، وقد اعتمدتها لأغراض تجميلية، لكن الرجل بدوره لم يقف متفرجا على زينة المرأة فقط. لكنه بدوره جرب استعماله، ومن بين الفئات الذكورية التي عرفت بذلك. الجنود، السجناء، البحارة .

ينفذ الوشم من خلال تقنيتين، الأولى بأدوات ثاقبة للجلد مثل الإبر والسكاكين الدقيقة التي تمكن من إحداث جروح جلدية. أما التقنية الثانية فتعتمد على ملونات حيوانية ومساحيق مختلفة من الكحل والفحم وعصارة النباتات.

و قد تنبهت كثير من الدول إلى ضرره فتم تحريمه فقد تقدم مارتن مادون عام 1969 بمشروع قانون بتحـريم الوشم رسميـًا في انجلترا ، وأصدرت الحكومة اليابانية عام 1870 مرسومًا يحرم الوشم .

و في تقرير نشره موقع قناة الجزيرة نقلاً عن شبكة رويترز الإخبارية ليوم الخميس 17/7/2003م حذرت اللجنة الأوروبية من أن هواة رسم الوشوم على أجسامهم يحقنون جلودهم بمواد كيمياوية سامة بسبب الجهل السائد بالمواد المستخدمة في صبغات الوشم.

وقالت إن غالبية الكيمياويات المستخدمة في الوشم هي صبغات صناعية صنعت في الأصل لأغراض أخرى مثل طلاء السيارات أو أحبار الكتابة وليس هناك على الإطلاق بيانات تدعم استخدامها بأمان في الوشم أو أن مثل هذه البيانات تكون شحيحة. وسألت اللجنة في بيان مصاحب لتقرير عن المخاطر الصحية للوشم وثقب الجسم "هل ترضى بحقن جلدك بطلاء السيارات".

وقال التقرير إنه إضافة إلى مخاطر العدوى بأمراض مثل فيروس إتش.آي.في المسبب للإيدز والتهاب الكبد أو الإصابات البكتيرية الناجمة عن تلوث الإبر فإن الوشم يمكن أن يتسبب في الإصابة بسرطان الجلد والصدفية وعرض الصدمة الناتج عن الالتهاب الحاد بسبب التسمم أو حتى تغيرات سلوكية.

وقال إنه جرى الإبلاغ عن حالتي وفاة بسبب الوشم أو تخريم الجسم في أوروبا منذ نهاية عام 2002. و لقد حرم  النبي صلى الله عليه و سلم قبل أكثر من 1400 سنة الوشم و لعن فاعله و فاعلته و اللعن و الإخراج من رحمة الله و ذلك يدل على أن هذه الشريعة هي من صنع لطيف خبير: عن أبي جحيفة قال : نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب، وثمن الدم، ونهى عن الواشمة والموشومة، وآكل الربا وموكله، ولعن المصور. صحيح البخاري كتاب البيوع   رقم الحديث 1980

وعن عَائِشَةَ أنها قالت : «نَهَى رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْوَاشِمَةِ وَالْمُسْتَوْشِمَةِ وَالْوَاصِلَةِ وَالْمُسْتَوْصِلَةِ وَالنّامِصَةِ وَالْمُتَنَمّصَةِ»   سنن النسائي 5099

المصدر :

موقع قناة الجزيرة 17/7/2003.

الشبكة الإسلامية  مقالة للشيخ عبد السلام البسيوني حول الوشم

 

 

الختان بين موازين الطب والشريعة
 

بقلم الدكتور الطبيب محمد نزار الدقر

تعريف اللغوي:

الختان بكسر الخاء اسم لفعل الخاتن ويسمى به موضع الختن، وهو الجلدة التي تقطع والتي تغطي الحشفة عادة، وختان الرجل هو الحرف المستدير على أسفل الحشفة وأما ختان المرأة فهي الجلد كعرف الديك فوق الفرج تعرف بالبظر، وهو عضو انتصابي عند المرأة مثل القضيب لكنه صغير الحجم ولا تخترقه قناة البول.

الختان عبر التاريخ :

تشير المصادر التاريخية إلى أن بعض الأقوام القديمة قد عرفت الختان، وفي إنجيل برنابا (2)إشارة إلى أن آدم عليه السلام كان أول من اختتن وأنه فعله بعد توبته من أكل الشجرة ولعل ذريته تركوا سنته حتى أمر الله سبحانه نبيه إبراهيم عليه السلام بإحيائها.

وقد وجدت ألواح طينية ترجع إلى الحضارتين البابلية والسومرية [3500 ق.م] ذكرت تفاصيل عن عملية الختان(3)، كما وجدت لوحة في قبر عنخ آمون [ 2200ق.م] تصف عملية الختان عند الفراعنة وتشير إلى أنهم طبقوا مرهماً مخدراً على الحشفة قبل الشروع في إجرائها، وأنهم كانوا يجرون الختان لغرض صحي .

وأهتم اليهود بالختان (4)واعتبر التلمود من لم يختتن من الوثنيين الأشرار فقد جاء في سفر التثنية :" أختتنوا للرب وانزعوا غرل قلوبكم يا رجال يهوذا وسكان أورشليم " .

أما في النصرانية فالأصل فيها الختان، وتشير نصوص من إنجيل برنابا إلى أن المسيح قد أختتن وأنه أمر أبتاعه بالختان، لكن النصارى لا يختتنون (5).

أما العرب في جاهليتهم فقد كانوا يختتنون  اتباعاً لسنة أبيهم إبراهيم .

وذكر القرطبي (6)إجماع العلماء على أن إبراهيم عليه السلام أول من أختتن.

فقد ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " كان إبراهيم أول من اختتن ، وأول من رأى الشيب وأول من قص شاربه وأول من استحد"[1].

وفد فصل ابن القيم (7)في ختان النبي صلى الله  عليه وسلم على ثلاثة أقوال ، ويرى أنها كلها تعتمد على أحاديث ضعيفة، أو أنه ليس لها إسناد قائم أو أن في إسنادها عدة مجاهيل مع التناقض الكبير في متونها.

فالقول الأول وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم ولد مختوناً، فهو علاوة على ضعف إسناده، فهو يتناقض مع حديث صحيح اعتبر فيه النبي صلى الله عليه وسلم أن الختان من الفطرة، ذلك أن الابتلاء مع الصبر مما يضاعف أجر المبتلى وثوابه، والأليق بحال النبي صلى الله عليه وسلم ألا يُسلب هذه الفضيلة .

والقول الثاني أن الملك ختنه حين شق صدره لا يصح له إسناد مطلقاً، والأرجح القول الثالث وهو أن جده عبد المطلب ختنه على عادة العرب وسماه محمداً وأقام له وليمة يوم سابعة .

الختان في السنة النبوية المطهرة :

دعا الإسلام إلى الختان دعوة صريحة و جعله على رأس خصال الفطرة البشرية، فقد أخرج البخاري عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " الفطرة خمس : الختان والاستحداد ونتف الإبط وتقليم الأظفار وقص الشارب " البخاري رقم/5439/.

وجاءت دعوة الإسلام إلى الختان متوافقة مع الحنيفية ـ ملة إبراهيم عليه السلام ـ فكان الختان كما أورد القرطبي عن عبد الله بن عباس ـ من الكلمات التي ابتلى بها إبراهيم ربه بهن فأتمهن وأكملهن فجعله إماماً للناس .

كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يؤكد امتداحه لفعل إبراهيم هذا، فقد ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : "اختتن إبراهيم بعدما مرت عليه ثمانون سنة، اختتن بالقدوم" رواه البخاري ومسلم والقدوم آلة صغيرة، وقيل هو موضع بالشام.

وعن موسى بن علي اللخمي عن أبيه قال : " أمر الله إبراهيم فاختتن بقدوم فاشتد عليه الوجع فأوحى الله عز وجل إليه، عجلت قبل أن نأمرك بالآلة، قال : يا رب كرهت أن أؤخر أمرك " أخرجه البيهقي بسند حسن.

وعن شداد بن أوس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الختان سنة الرجال، ومكرمة للنساء" أخرجه أحمد في مسنده والبيهقي وقال حديث ضعيف منقطع.

وعن كثيم بن كليب عن أبيه قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال قد أسلمت فقال النبي صلى الله عليه وسلم "ألق عنك شعر الكفر واختتن " أخرجه أحمد وأبو داود، وقال السيوطي بضعفه وفي أسناده مجهولان (نيل الأوطار)، وقد أورده ابن حجر في التلخيص ولم يضعفه ولكن برواية : " من أسلم فليختتن ".

الحكم الفقهي في الختان :

يقول ابن القيم(7): اختلف الفقهاء في حكم الختان، فقال الأوزاعي ومالك والشافعي وأحمد هو واجب، وشدد مالك حتى قال : من لم يختتن لم تجز إمامته ولم تقبل شهادته. ونقل كثير من الفقهاء عن مالك أنه سنة حتى قال القاضي عياض : الاختتان عند مالك وعامة العلماء سنة، السنة عندهم يأثم بتركها فهم يطلقونها على مرتبة بين الفرض والندب.

وذهب البصري وأبو حنيفة : لا يجب بل هو سنة، ونقل عنه قوله : قد أسلم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس: الأسود والأبيض فما فتش أحداً.

وخلاصة القول: وذهب الشافعية وبعض المالكية بوجوب الختان للرجال والنساء، و ذهب مالك وأصحابه على أنه سنة للرجال و مستحب للنساء، وذهب أحمد إلى أنه واجب في حق الرجال و سنة للنساء وذهب أبو حنيفة إلى أنه سنة، لكن يأثم تاركه... ويتابع ابن القيم : " ولا يخرج الختان عن كونه واجباً أو سنة مؤكدة، لكنه في حق الرجال آكد لغلظ القلفة ووقوعها على الإحليل فيجتمع تحتها ما بقي من البول، ولا تتم الطهارة ـ المطلوبة في كل وقت والواجبة في الصلاة ـ إلا بإزالتها .
ويقول النووي
(8): " ويجب الختان لقوله تعالى : " (أن اتبع ملة إبراهيم حنيفاً ) . ولأنه لو لم يكن واجباً لما كشفت له العورة، لأنه كشف العورة محرم، فلما كشفت له العورة دل على وجوبه " .

ويعدد ابن القيم المواضع التي يسقط فيها وجوب الختان : منها " أن يولد الرجل ولا قلفة له، وضعف المولود عن احتماله بحيث يخاف عليه من التلف، وأن يسلم الرجل كبيراً ويخشى على نفسه منه، والموت فلا ينبغي ختان الميت باتفاق الأمة ولأن النبي صلى الله عليه قد أخبر أن الميت يبعث يوم القيامة بغرلته غير مختون فليس ثمة فائدة من ختنه عند الموت ".

وهنا يأتي دور الطب إذ يحدد أمراضاً (3) تمنع حاملها من أن يعمد إلى ختانه. منها إصابة الطفل بالتهاب الكبد الإنتاني (اليرقان) أو إصابته بأحد الأمراض المنتقلة بالجنس كالإفرنجي والإيدز، ففي هذه الحالات يجب معالجة المولود حتى يتم شفاؤه أو إعداده بشكل يكفل سلامته قبل إجراء الختان.

وقد أتفق الجمهور على عدم ثبوت وقت معين للختان، لكن من أوجبه من الفقهاء جعلوا البلوغ " وقت الوجوب " لأنه سن التكليف، لكن يستحب للولي أن يختن الصغير لأنه أرفق به " .

وقال النووي باستحباب الختان لسابع يوم من ولادته لما روي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال :  " عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين رضي الله عنهما وختنهما لسبعة أيام [2].

إلا أن يكون ضعيفاً لا يحتمله، فيؤخره حتى يحتمله ويبقى الأمر على الندب إلى قبيل البلوغ، فإن لم يختتن حتى بلوغه وجب في حقه حينئذ.

وفي هذا يقول ابن القيم (7): " وعندي يجب على الولي أن يختن الصبي قبل البلوغ بحيث يبلغ مختوناً فإن ذلك مما لا يتم الواجب إلا به ".

وقال النووي(8): " وأما الرجل الكبير يسلم فالختان واجب على الفور إلا أن يكون ضعيفاً لا يحتمله بحيث لو ختن خيف عليه، فينتظر حتى يغلب على الظن سلامته ".

يقول د. محمد علي البار (5)أن الأبحاث الطبية أثبتت فائدة الختان العظمى في الطفولة المبكرة ابتداءً من يوم ولادته وحتى الأربعين يوماً من عمره على الأكثر، وكلما تأخر الختان بعدها كثرت الالتهابات في القلفة والحشفة والمجاري البولية.

وفي حكمة الختان يقول ابن القيم (7): "  .. فشرع الله للختان صيغة الحنيفية وجعل ميسمها الختان.. هذا عدا ما في الختان من الطهارة والنظافة والتزين وتحسين الخلقة وتعديل الشهوة التي إذا أفرطت ألحقت الإنسان بالحيوانات، فالختان يعدلها ولهذا تجد الأقلف من الرجال والقلفاء من النسا لا يشبع من الجماع. والحكمة التي ذكرناها في الختان تعم الذكر والأنثى وإن كانت في الذكر أبين والله أعلم ".

أما في بيان القدر الذي يوخذ في الختان فقد ذكر النووي(8)أن الواجب في ختان الرجل قطع الجلد التي تغطي الحشفة كلها فإن قطع بعضها وجب قطع الباقي ثانياً.

ويستحب أن يقتصر في المرأة على شيء يسير ولا يبالغ في القطع.

الختان ينتصر :

في عام 1990 كتب البروفيسور ويزويل : (18)"لقد كنت من اشد أعداء الختان و شاركت في الجهود التي بذلت عام 1975 ضد إجرائه، إلا أنه في بداية الثمانينات أظهرت الدراسات الطبية زيادة في نسبة حوادث التهابات المجاري البولية عند الأطفال غير المختونين، و بعد تمحيص دقيق للأبحاث التي نشرت، فقد وصلت إلى نتيجة مخالفة وأصبحت من أنصار جعل الختان أمراً روتينياً يجب أن يجري لكل مولود " .

نعم ! لقد عادت الفطرة البشرية لتثبت من جديد أنها الفطرة التي لا تتغير على مدى العصور، وأن دعوة الأنبياء من عهد إبراهيم عليه الصلاة والسلام إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ليتحلى المؤمن ويتخلق بخصال الفطرة هي دعوة حق إلى سعادة البشر جميعاً.

الحكم الصحية من ختان الذكور :

أثبتت الدراسات الطبية الحديثة أن أمراضاً عديدة في الجهاز التناسلي بعضها مهلك للإنسان تشاهد بكثرة عند غير المختونين بينما هي نادرة معدومة عند المختونين (1).

1 ـ الختان وقاية من الالتهابات الموضعية في القضيب :فالقلفة التي تحيط برأس القضيب تشكل جوفاً ذو فتحة ضيقة يصعب تنظيفها، إذ تتجمع فيه مفرزات القضيب المختلفة بما فيها ما يفرز سطح القلفة الداخلي من مادة بيضاء ثخينة تدعى " اللخن  "Smegmaوبقايا البول والخلايا المتوسفة والتي تساعد على نمو الجراثيم المختلفة مؤدية إلى التهاب الحشفة أو التهاب الحشفة و القلفة الحاد أو المزمن والتي يصبح معها الختان أمراً علاجياً لا مفر منه(5)وقد تؤدي إلى التهاب المجاري البولية عند الأطفال غير المختونين.

وتؤكد دراسة د.شوبن (9)أن ختان الوليد يسهل نظافة الأعضاء الجنسية ويمنع تجمع الجراثيم تحت القلفة في تفرة الطفولة، وأكد د.فرغسون(4)أن الأطفال غير المختونين هم أكثر عرضة للإصابة بالتهاب الحشفة وتضيق القلفة Phemosisمن المختونين.

2 ـ الختان يقي الأطفال من الإصابة بالتهاب المجاري البولية :وجد جنز برغ (4) أن 95% من التهابات المجاري البولية عند الأطفال تحدث عند غير المختونين. ويؤكد أن جعل الختان أمراً روتينياً يجري لكل مولود في الولايات المتحدة منع حدوث أكثر من 50 ألف حالة من التهاب الحويضة والكلية سنوياً عند الأطفال. وتؤكد مصادر د. محمد علي البار (5)الخطورة البالغة لالتهاب المجاري البولية عند الأطفال وأنها تؤدي في 35% من الحالات إلى تجرثم الدم وقد تؤدي إلى التهاب السحايا والفشل الكلوي.

3 ـ الختان و الأمراض الجنسية : أكد البروفيسور وليم بيكوز(10)الذي عمل في البلاد العربية لأكثر من عشرين عاماً، وفحص أكثر من 30 ألف امرأة، ندرة الأمراض الجنسية عندهم وخاصة العقبول التناسلي والسيلان والكلاميديا والتريكوموناز وسرطان عنق الرحم، ويُرجع ذلك لسببين هامين ندرة الزنى وختان الرجال.

ويرى آريا وزملاؤه (5)أن للختان دوراً وقائياً هاماً من الإصابة بكثير من الأمراض الجنسية وخاصة العقبول والثآليل التناسلية. كما عدد فنك (11) Finkأكثر من 60 دراسة علمية أثبتت كلها ازدياد حدوث الأمراض الجنسية عند غير المختونين.

وأورد  د. ماركس Marks ب(4) خلاصة 3 دراسات تثبت انخفاض نسبة مرض الإيدز عند المختونين، في حين وجد سيمونس وزملاؤه أن احتمال الإصابة بالإيدز بعد التعرض لفيروساته عند غير المختونين هي تسعة أضعاف ما هو عليه عند المختونين.

أليس هذا بالأمر العجيب(4)؟

حتى أولئك الذين يجرؤون على معصية الله يجدون في التزامهم بخصلة من خصال الفطرة إمكانية أن تدفع عنهم ويلات هذا الداء الخبيت، لكن لا ننكر أن الوقاية التامة من الإيدز تكون بالعفة والامتناع عن الزنى.

4 ـ الختان و الوقاية من السرطان :

يقول البرفسور كلو دري(12): " يمكن القول و بدون مبالغة بأن الختان الذي يجري للذكور في سن مبكرة يخفض كثيراً من نسبة حدوث سرطان القضيب عندهم، مما يجعل الختان عملية ضرورية لابد منها للوقاية من حدوث الأورام الخبيثة ".

وقد أحصى د.أولبرتس (13)[1103] مرضى مصابين بسرطان القضيب في الولايات المتحدة، لم يكن من بينهم رجل واحد مختون منذ طفولته.

وفي بحث نشره د. هيلبرغ وزملاؤه (14)أكدوا فيه أن سرطان القضيب نادر جداً عند اليهود، وعند المسلمين حيث يجري الختان أيام الطفولة الأولى . وإن أبحاثاً كثيرة جداً تؤكد أن الختان يقي من السرطان في القضيب.

وتذكر هذه الأبحاث أن التهاب الحشفة وتضيق القلفة هما من أهم مسببات سرطان القضيب، ولما كان الختان يزيل القلفة من أساسها، فإن المختونين لا يمكن أن يحدث عندهم تضيق القلفة، ويندر جداً حدوث التهاب الحشفة.

وقد ثبت أم مادة اللخن (4و5)التي تفرزها بطانة القلفة عند غير المختونين والتي تتجمع تحت القلفة لها فعل مسرطن أيضاً.

فقد أثبتت الأبحاث أن هذه المادة تشجع على نمو فيروس الثآليل الإنساني HPV  الذي ثبت بشكل قاطع أثره المسرطن.

أما الدكتور رافيتش (15)فيؤكد على دور الختان في الوقاية من أورام البروستات، على الرغم من أنه لا توجد دلالة قاطعة تثبت ذلك، غير أنه في المؤتمر الذي عقد في مدينة دوسلدورف الألمانية عن السرطان والبيئة، أشير إلى العلاقة السلبية بين سرطان البروستات الذي يصيب الرجال وبين الختان، وأن الرجال المختونين أقل تعرضاً للإصابة بهذا السرطان من غير المختونين.

وفي نفس المؤتمر كشف النقاب أيضاً عن أن النساء المتزوجات من رجال مختونين هن أقل تعرضاً للإصابة بسرطان الرحم من النساء المتزوجات من رجال غير مختونين.

من هنا نفهم أن دور الختان لا يقتصر على حماية الرجل " المختون " من الإصابة بالسرطان بل يظهر تأثيره الوقائي عند زوجات المختونين أيضاً.

وهكذا يؤكد  د. هاندلي (16)أن الختان عند الرجال يقي نساءهم من الإصابة بسرطان عنق الرحم، وذكر أن الحالة الصحية للقضيب والتهاباته تشكل خطراً على المرأة يفوق الخطر الذي يتعرض له الرجال نفسه.

وقد وجد الباحثون (5)أدلة على اتهام فيروس الثآليل الإنساني HPVبتسبب سرطان القضيب لدى غير المختونين، وسرطان عنق الرحم عند زوجاتهم إذ أنهن يتعرضن لنفس العامل المسرطن الذي يتعرض له الزوج.
نخلص من ذلك إلى القول بأن عدم إجراء الختان في سن الطفولة المبكرة يؤدي على ظهور مجموعة من العوامل، منها وجود اللخن (مفرز باطن القلفة )، وتجمع البول حولها ومن ثم تعطنه وتنامي فيروس الثآليل الإنساني وغيره من العوامل المخرشة واليت تؤدي في النهاية إلى ظهور سرطان القضيب عند الأقلف الذي تجاوز عمره الخمسين وحتى السبعين عاماً.

وبانتقال تلك المخرشات إلى عنق الرحم عند زوجته أمكن أن يؤدي عندها إلى الأصابة بسرطان عنق الرحم أو سرطان الفرج.

وإن عملية التنظيف للقلفة لدى غير المختونين لوقايتهم من السرطان، كما يدعو إلى ذلك بعض أطباء الغرب، هي عملية غير مدية على الإطلاق كما يؤكد البروفسور ويزويل (5)فهو يقول بأنه ليس هناك أي دليل على الاطلاق على أن تنطيف القلفة يمكن أن يفيد في الوقاية من السرطان والاختلاطات الأخرى المرتبطة بعدم إجراء عملية الختان.

ونحن مع الدكتور محمد علي البار ـ نرى أن الطب الحديث يؤيد وبقوة ما ذهب إليه الشافعية من استحباب الختان في اليوم السابع، ولحد أقصى [يوم الأربعين] من ولادة الطفل.

وإن ترك الطفل سنوات حتى يكبر دون أن يختن، يمكن ـ كما رأيناـ أن يؤدي إلى مضاعفات خطرة هو في غنى عنها.

ختان البنات :

عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأم عطية وهي ختانة كانت تختن النساء في المدينة : " إذا خفضت فأشمّي ولا تُنهكي، فإنه أسرى للوجه وأحظى عند الزوج " [3].

وفي رواية قول النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا ختنت فلا تنهكي فإن ذلك أحظى للمرأة وأحب للبعل " [4].

وعن شداد بن أوس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الختان سنة للرجال، مكرمة للنساء".

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : دخل النبي صلى الله عليه وسلم على نسوة من الأنصار فقال: " يا معشر الأنصار اختضبن غمساً واخفضن ولا تُنهكن فإنه أحظى عند أزواجكن وإياكن وكفر المنعمين " [5].

والمنعم هنا هو الزوج، ويقال لختان المرأة : الخفض والإعذار.

وقوله [أشمّي] من الإشمام وهو كما قال ابن الأثير: أخذ اليسير في خفض المرأة، أو اتركي الموضع أشم، والأشم المرتفع، [ ولا تنهكي] أي لا تبالغي في القطع، وخذي من البظر الشيء اليسير، وشبه القطع اليسير بإشمام الرائحة، والنهك بالمبالغة فيه، أي أقطعي من الجلدة التي على نواة البظر ولا تستأصليها.

ونقل ابن القيم (7)عن الماوردي قوله : " وأما خفض المرأة فهو قطع جلدة في الفرج فوق مدخل الذكر ومخرج البول على أصل النواة، ويؤخذ من الجلدة المستعلية دون أصلها " .

هذه النواة هي البظر، والجلدة التي عليها وهي التي تقطع في الختان، والتي شبهها الفقهاء بعرف الديك والمسماة بالقلفة، والتي تتجمع فيها مفرزات اللخن (مفرزات باطن القلفة)  مثل ما يحدث في الذكر عندما تكون تلك القلفة مفرطة النمو، لذا أمرت السنة المطهرة بإزالتها .

وجمهور فقهاء المسلمين على أن الأمر للندب أو الاستحباب، عدا الشافعية الذين قالوا بوجوبه.

يقول د. محمد علي البار (5): هذا هو الختان الذي أمر به المصطفى صلى الله عليه وسلم .

وأما ما يتم في مناطق من العالم من أخذ البظر بكامله، أو البظر مع الشفرين الصغيرين، أو حتى مع الشفرين الكبيرين أحياناً، فهو مخالف للسنة ويؤدي إلى مضاعفات كثيرة.

وهو الختان المعروف بالختان الفرعوني، وهو على وصفه، لا علاقة له مطلقاً بالختان الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم.

لذا فإن الضجة المفتعلة ضد ختان البنات لا مبرر لها، لأن المضاعفات التي يتحدثون عنها ناتجة عن شيئين لا ثالث لهما: مخالفة السنة، وإجراء العملية دون طهارة مسبقة ومن قبل غير ذوي الخبرة من الجاهلات.

الختان الشرعي له فوائده، فهو اتباع لسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم وطاعة لأمره خاصة وأنه من شعائر الإسلام، وفيه ذهاب الغلمة والشبق عن المرأة وما في ذلك من المحافظة على عفتها، وفيه وقاية من الالتهابات الجرثومية التي تتجمع تحت القلفة النامية " .

أما د. حامد الغوابي (17)فيقول: " فانظر إلى كلمة (لا تنهكي) أي لا تستأصلي، أليس هذه معجزة تنطق عن نفسها، فلم يكن الطب قد أظهر شيئاً عن هذا العضو الحساس [ البظر]، ولا التشريح أبان عن الأعصاب التي فيه، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم الذي علمه الخبير العليم، عرف ذلك الأمر فأمر بألا يستأصل العضو كله ".

ويتابع د. الغوابيكلامه عن فوائد ختان البنات : " تتراكم مفرزات الشفرين الصغيرين عند القلفاء وتتزنخ ويكون لها رائحة كريهة وقد يؤدي إلى التهاب المهبل أو الإحليل، وقد رأيت حالات كثيرة سببها عدم إجراء الختان عند المصابات.

والختان يقلل الحساسية المفرطة للبظر الذي قد يكون شديد النمو بحيث يبلغ أكثر من 3 سنتمترات عند انتصابه فكيف للرجل أن يختلط بزوجته ولها عضو كعضوه، ينتصب كانتصابه " .

ويرد د. الغوابي على من يدعي أن ختان البنات يؤدي على البرودة الجنسية عندهن، بأن البرود الجنسي له أسباب كثيرة، وأن هذا الإدعاء ليس مبنياً على إحصاءات وشواهد بين المختتنات وغير المختتنات، طبعاً إلا أن يكون ختاناً فرعونياً أدى إلى قطع البظر بكامله.

ثم ينقل عن البروفسور هوهنر ـ أستاذ أمراض النساء في جامعة نيويوركـ بأن التمزقات التي تحدث في المهبل أثناء الوضع تحدث بردواً جنسياً بعكس ما كان منتظراً، في حين أن الأضرار التي تصيب البظر نادراً ما تقود إلى البرود الجنسي.

ومن فوائد الختان (17)منعه من ظهور تضخم البظر أو ما يسمى بإنعاظ النساء، وهو إنعاظ متكرر أو مؤلم مستمر للبظر، كما يمنع ما يسمى نوبة البظر وهو تهيج عند النساء المصابات بالضنى يرافقه تخبط بالحركة وغلمنة شديدة وهو معند على المعالجة.

وفي المؤتمر الطبي الإسلامي (4)عن الشريعة والقضايا المعاصرة [القاهرة 1987] قدمت فيه بحوث عن خفاض الأنثى أكد فيه د. محمد عبد الله سيد خليفة أضرار الختان الفرعوني وتشويهه للأماكن الحساسة من جسد الأنثى، وأن الخافضة هنا تنهك إنهاكاً فتزيل البظر بكامله والشفرين إزالة شبه تامة مما ينتج عنه ما يسمى بالرتق وهو التصاق الشفرين ببعضهما .

وأكد ذلك د. محمد حسن الحفناويوزملاؤه من جامعة عين شمس وبينوا أن أضرار ختان الأنثى ناتج عن المبالغة في القطع الذي نهى عنه نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم أو عن إجراء الخفض بأدوات غير عقيمة أو بأيدي غير خبيرة، وليس عن الختان الشرعي نفسه.

وخلاصة القول يتضح لنا أن الحكمة الطبية من الختان، الذي دعت إليه الشريعة الإسلامية، تظهر عند الرجال أكثر بكثير مما تظهر عند النساء، ونستطيع القول أنه في البلاد ذات الطقس الحار كصعيد مصر والسودان والجزيرة العربية وغيرها، فإنه يغلب أن يكون للنساء بظر نام يزيد في الشهوة الجنسية بشكل مفرط، وقد يكون شديد النمو إلى درجة يستحيل معها الجماعن ومن هنا كان من المستحب استئصال مقدم البظر لتعديل الشهوة في الحالة الأولى، ووجب استئصاله لجعل الجماع ممكناً في الحالة الثانية وهذا الرأي الطبي يتوافق مع رأي الجمهور من فقهاء الأمة الذين أوجبوا الختان على الرجال وجعلوه سنة أو مكرمة للنساء مصداقاً لتوجيهات نبي الأمة صلى الله عليه وسلم .

يمكن الاتصال مع الدكتور على الهاتف التالي : 00963113339946

مراجع البحث :

  1. د . محمد نزار الدقر : مقالة " الختان بين الطب والإسلام " مجلة حضارة الإسلام 14 رمضان 1393هـ.
  2. د. عبد السلام السكري : " ختان الذكر وخفاض الأنثى " الدار المصرية للنشر 1989.
  3. د. عبد الرحمن القادري : " الختان بين الطب والشريعة " ابن النفيس دمشق 1996.
  4. د. حسان شمسي باشا : أسرار الختان تتجلى في الطب و الشريعة  مكتبة السوادي جدة 1991
  5. د . محمد علي البار  الختان  دار المنار
  6. الإمام القرطبي : " الجامع لأحكام القرآن " أو ما يسمى بتفسير القرطبي.
  7. ابن القيم الجوزية: " تحفة المودود في أحكام المولود " .
  8. الإمام النووي : " المجموع " .

9.      Schoen: New England J. Of Medicine.1990.322.

10.  Pikers W: Med .Dijest Jour.April.1977.

11.  Fink A J.Circumcision .Mountion View .California .1988.

12.  Cowdry E.V:" Cancer Cells ".london.1958.

13.  Wollberg A.L : Circumcision and Penile Cancer " Lancet .I .1932.

14.  Helberg D.et al "Penil Cancer .Brit .Med.J.1987.8.

15.  Ravich A . "Cancer of Prostate " Act.len. Internet.Cacer .V3.1952.

16.  Handley W.S " Prevention of Cacer " Lancet .1.1.1936. 

17.  د . حامد الغوابي : " ختان البنات " لواء الإسلام ـ العدد 7و10 ، م 11 ـ 1957.

  1. 18.  البروفيسور ويزويل عن مجلة : Amer .Famiy J .Physician 
     


     

[1] أخرجه مالك في الموطأ والبخاري في الأدب المفرد والبيهقي في شعب الإيمان.

[2] أخرجه أبو الشيخ في كتاب " العقيقة " وفي سنده الوليد بن مسلم وهو مدلس كما أخرجه ابن عساكر في كتاب " تبيين الأمتنان" .

[3]  أخرجه الطبراني في الأوسط والهيثمي في مجمع الزوائد وقال : إسناده حسن.

[4]  أخرجه البيهقي بسند حسن، وأخرجه أبو داود بسند آخر ليس بالقوي.

[5]  رواه البزار وفي سنده مندل بن علي وهو ضعيف وقد وثق وبقية رجاله ثقات (الهيثمي).

 

 

الوضوء وقاية من الأمراض الجلدية
 
 قال صلى الله عليه وسلم : ( من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظفاره ) رواه مسلم : وقال : ( إن أمتي يدعون يوم القيامة غرّا محجلين من آثار الوضوء فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل ) متفق عليه.

أثبت العلم الحديث بعد الفحص الميكروسكوبي للمزرعة الميكروبية التي علمت للمنتظمين في الوضوء .. ولغير المنتظمين : أن الذين يتوضئون باستمرار .. قد ظهر الأنف عند غالبيتهم نظيفا طاهرا خاليا من الميكروبات ولذلك جاءت المزارع الميكروبية التي أجريت لهم خالية تماما من أي نوع من الميكروبات في حين أعطت أنوف من لا يتوضئون مزارع ميكروبية ذات أنواع متعددة وبكميات كبيرة من الميكروبات الكروية العنقوديةالشديدة العدوى .. والكروية السبحية السريعة الانتشار .. والميكروبات العضوية التي تسبب العديد من الأمراض وقد ثبت أن التسمم الذاتي يحدث من جراء نمو الميكروبات الضارة في تجويفى الأنف ومنهما إلى داخل المعدة والأمعاء ولإحداث الالتهابات والأمراض المتعددة ولا سيما عندما تدخل الدورة الدموية .. لذلك شرع الاستنشاق بصورة متكررة ثلاث مرات في كل وضوء أما بالنسبة للمضمضة فقد ثبت أنها تحفظ الفهم والبلعوم من الالتهابات ومن تقيح اللثة وتقى الأسنان من النخر بإزالة الفضلات الطعامية التي قد تبقى فيها فقد ثبت علميا أن تسعين في المئة من الذين يفقدون أسمنانهم لو اهتموا بنظافة الفم لما فقدوا أسنانهم قبل الأوان وأن المادة الصديدية والعفونة مع اللعاب والطعام تمتصها المعدة وتسرى إلى الدم .. ومنه إلى جميع الأعضاء وتسبب أمراضا كثيرة وأن المضمضة تنمى بعض العضلات في الوجه وتجعله مستديرا .. وهذا التمرين لم يذكره من أساتذة الرياضة إلا القليل لانصرافهم إلى العضلات الكبيرة في الجسم ولغسل الوجه واليدين إلى المرفقين والقدمين فائدة إزالة الغبار وما يحتوى عليه من الجراثيم فضلا عن تنظيف البشرة من المواد الدهنية التي تفرزها الغدد الجلدية بالإضافة إلى إزالة العرق وقد ثبت علميا أن الميكروبات لا تهاجم جلد الإنسان إلا إذا أهمل نظافته .. فإن الإنسان إذا مكث فترة طويلة بدون غسل لأعضائه فإن إفرازات الجلد المختلفة من دهون وعرق تتراكم على سطح الجلد محدثه حكة شديدة وهذه الحكة بالأظافر .. التي غالبا ما تكون غير نظيفة تدخل الميكروبات إلى الجلد . كذلك فإن الإفرازات المتراكمة هي دعوة للبكتريا كي تتكاثر وتنمو لهذا فإن الوضوء بأركانه قد سبق علم البكتريولوجيا الحديثة والعلماء الذين استعانوا بالمجهر على اكتشاف البكتريا والفطريات التي تهاجم الجلد الذي لا يعتني صاحبه بنظافته التي تتمثل في الوضوء والغسل ومع استمرار الفحوص والدراسات .. أعطت التجارب حقائق علمية أخرى .. فقد أثبت البحث أن جلد اليدين يحمل العديد من الميكروبات التي قد تنتقل إلى الفم أو الأنف عند عدم غسلهما .. ولذلك يجب غسل اليدين جيدا عند البدء في الوضوء .. وهذا يفسر لنا قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( إذا استيقظ أحدكم من نومة .. فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا ) كما قد ثبت أيضا أن الدورة الدموية في الأطراف العلوية من اليدين والساعدين والأطراف السفلية من القدمين والساقين أضعف منها في الأعضاء الأخرى لبعدها عن المركز الذي هو القلب فإن غسلها مع دلكها يقوي الدورة الدموية لهذه الأعضاء من الجسم مما يزيد في نشاط الشخص وفعاليته . ومن ذلك كله يتجلى الإعجاز العلمي في شرعية الوضوء في الإسلام[1]

وقال الدكتور أحمد شوقي إبراهيم عضو الجمعية الطبية الملكية بلندن واستشاري الامراض الباطنية والقلب .. توصل العلماء إلى أن سقوط أشعة الضوء على الماء أثناء الوضوء يؤدي إلى انطلاق أيونات سالبة ويقلل الايونات الموجبة مما يؤدي إلى استرخاء الأعصاب والعضلات ويتخلص الجسم من ارتفاع ضغط الدم والآلام العضلية وحالات القلق والأرق ..ويؤكد ذلك أحد العلماء الأمريكيين في قوله : إن للماء قوة سحرية بل إن رذاذ الماء على الوجه واليدين - يقصد الوضوء - هو أفضل وسيلة للاسترخاء وإزلة التوتر ... فسبحان الله العظيم

المصدر : مجلة الإصلاح العدد 296 سنة 1994 " من ندوات جمعية الإعجاز العلمي للقرآن في القاهرة


[1] "الإعجاز العلمى في الإسلام والسنة النبوية " محمد كامل عبد الصمد

 

 

اللهم أغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد
 

بقلم ناديا نايف غنيم

رئيسية قسم العلوم في مدرسة النجاة الإسلامية الخاصة للبنات

    قال الله تعالى في كتابه الكريم " و ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى " سورة النجم.

من الأدعية المأثورة عن الرسول عليه الصلاة والسلام ‏عن ‏ ‏عائشة ‏ ‏قالت ‏
‏كان النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم  (‏يقول ‏ ‏اللهم اغسل خطاياي بماء الثلج والبرد ونق قلبي من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من ‏ ‏الدنس ) سنن ابن ماجة.

وفي رواية أخرى‏ ‏عن ‏ ‏عائشة ‏رضي الله عنها ‏ ‏قالت ‏كان النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يقول ‏ (‏اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار وعذاب النار وفتنة القبر وعذاب القبر وشر فتنة الغنى وشر فتنة الفقر اللهم إني أعوذ بك من شر فتنة ‏ ‏المسيح الدجال ‏ ‏اللهم اغسل قلبي بماء الثلج والبرد ونق قلبي من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس وباعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب اللهم إني أعوذ بك من الكسل والمأثم والمغرم ‏) صحيح البخاري(5900)

هذا الدعاء نرددهدائما و لكننا لا نعلم الحقيقة العلمية التي تكمن في كلماته.

    فالماء الذي اختصه الله تعالى بقضية الخلق في قوله تعالى " و جعلنا من الماء كل شيء حي " -  سورة الأنبياء آية رقم (30) -  له إعجازا آخر في قدرته على التنظيف و إذابة المواد و سأذكر بعض خواص الماء :-

فهو يتكون من ذرتين هيدروجين مرتبطة مع ذرة واحدة من الأكسجين برابطة تساهمية قطبية هذه القطبية ( الناتجة عن فرق السالبية الكهربائية بين ذرات الهيدروجين و الأكسجين ) تعمل على تجميع جزيئات الماء بواسطة روابط هيدروجينية ضعيفة تكسبه خصائص فريدة عن المركبات المشابهة له في التركيب و تسبب تغيرات في خواصه الفيزيائية فدرجة غليانه مرتفعة 100° س و التوتر السطحي له كبير و غيرها من الخواص التي لا مجال لذكرها في هذا البحث ، و الشكل التالي رقم (1) يبن ارتباط جزيئات الماء في حالاته الثلاث ( ماء –  ثلج –  بخار ماء ) . 

فالماء الذي اختصه الله تعالى بقدرة كبيرة على إذابة المواد و الذي يسمى" بالمذيب العام " له قدرة كبيرة على إذابة كثير من المواد الأيونية حيث أن جزيئات الماء القطبية تهاجم بلورة المركب إذا كان أيونيا فيعزل ايوناته المتجاذبة داخل الشبيكة البلورية و تنشأ قوى تجاذب بين جزيئات الماء القطبية و الأيونات حيث تتغلب على قوى التجاذب بين الأيونات في البلورة فتنتشر المادة المذابة بين جزيئات الماء – كما في الشكل (2) .

هذا الدعاء شبه الذنوب و الخطايا بالأوساخ التي ينظفها الماء، فكيف تحدث عملية التنظيف بالماء ؟

    عندما تعلق البقع و الأوساخ بالثوب تحدث قوى جذب بين القماش و الأوساخ تسمى علميا بقوى الالتصاق والماء الذي اختصه الله تعالى بقدرة كبيرة على إذابة المواد بسبب الخاصية القطبية وخاصية التوتر السطحي له والتي تساعده في التغلغل داخل خيوط القماش  (بالخاصية الشعرية ) فيخترق البقعة و يبلل القماش و بالتالي يذيب الأوساخ بعزل ايوناتها عن بعضها فتضعف قوى التجاذب بينها إذا كانت من النوع الذي يذوب في الماء.

     أما إذا كانت البقع دهنية ولا تذوب في الماء فان الماء ينقطع على شكل كرات ولا يبلل سطح النسيج لان قوى الالتصاق بين الماء و البقع اقل من قوى التماسك بين جزيئات الماء. لذلك يمكن غسلها بالماء و الصابون حيث إن محلول الصابون يقلل التوتر السطحي للماء فينتشر محلول الصابون على الدهون و يتفاعل معها مكونا مستحلباً دهنياً و تزداد قوى التجاذب بين الماء و البقع فتترك الأوساخ السطح العالقة به .كما في الشكل(3 ) .

    ولكن الدعاء أشار إلى طريقة أخرى للتنظيف وهي الثلج فكيف يكون الثلج وسيلة للتنظيف؟

كلنا نعلم أن الماء عندما يتجمد يصبح ثلجا عند درجة الصفر المئوي و تتغير طريقة ارتباط الجزيئات فتصبح مثل حلقة البنزين ( انظر الشكل 4 ).

   فهناك بعض الأوساخ التي لا تزول بالماء أو بالماء و الصابون و ذلك لان قوى الالتصاق بين هذه البقع و القماش تكون كبيرة مثل بقع الشمع أو العلك على القماش.

فعند وضع قطعة من الثلج عليها فان البرودة تعمل على تقارب جزيئات هذه المادة ( تنكمش ) فتقل قوى الالتصاق بينها و بين القماش مما يؤدي إلى انفصالها ( و يمكن لكل منا تجربة ذلك في منزله ) .

    أما البرد فهو يتكون عند درجة حرارة اقل من الصفر المئوي فإذا كانت هناك أوساخ مستعصية فان البرد يعمل عل انكماش جزيئات هذه الأوساخ بدرجة اكبر من الثلج فتنفصل و تزول.

هذا الدعاء الذي شبه الخطايا بالأوساخ التي يجب غسلها بالماء و التي لا تزول بالماء يزيلها الثلج و التي لا تزول بالثلج يزيلها البرد، حتى لا يبقى شيء من خطايا الإنسان .

وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث (آخر أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات هل يبقى من ‏ ‏درنه ‏ ‏شيء قالوا لا يبقى من درنه شيء قال فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا)( رواه البخاري )

وهذا دليل آخر على أن الماء وسيلة تنظيف من الأوساخ والذنوب .

وهنالك الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة التي تتحدث عن الوضوء وأهميته في غسل الخطايا والذنوب.

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال " ألا أدلكم على مايمحو الله به الخطايا ويرفع الدرجات , قالو : بلى يا رسول الله , قال : اسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا الى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذالكم الرباط " رواه مسلم .

هذا الحديث يبين أن الخطايا يمحوها الله بماء الوضوء .

وعن الرسول صلى الله عليه وسلم أيضا أنه قال: (إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء أو مع آخر قطرة ماء فإذا غسل يديه خرج من يداه كل خطيئة كان بطشها بيداه مع الماء أو آخر قطرة ماء فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء أو مع آخر قطرة ماء حتى يخرج نقيا من الذنوب ) رواه مسلم

وفي حديث آخر (من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظافره) رواه مسلم

وقد كان الإمام الشافعي رحمه الله من الفراسة والشفافية بحيث كان يرى الذنوب تتساقط مع قطرات الوضوء .

فـــسـبـــحـان مــــن علــم النبــــي الأمي هــذه الحقيقــــة العلميـــــة.

نستطيع القول إن الماء والثلج والبرد هي حالات فيزيائية للماء لها قدرة كبيرة على التنظيف ولكل منها ميكانيكية خاصة في التنظيف .  

أســأل اللــه تعــالى أن يغسلنــي و إيــاكم مــن خطايانـا بالمــاء و الثلــج و البــرد.

يمكن مراسلة المؤلفة على الإيميل التالي: Nadia_nayef@yahoo.com 

المراجع:


 (1)  Chemistry 

Quagliano and vallarino      

(2)  Physics 

Douglas C.  Giancoli     

 (3)  المثالي في الفيزياء. 

     تأليف : 1)  سامى طه صالح ( مدير عام )

               2)  محمد عبد المنعم طخيمر( رئيس قسم الفيزياء بالمدرسة الإبراهيمية مصر)

 (4)  الكيمياء .

      تأليف :  1)  د. موسى زهدي الناظر.                2)  محمد عبد الفتاح رصرص.

                 3)  أحمد جمعة برهم.                        4)  كاملة مصطفى عبيدات.

                 5)  د. منار خالد فياض.                     6)  د. محمد يمن سمرة .

                 7)  د. تحسين علي فني .

(5)  رياض الصالحين  .

      تأليف :  الإمام النووي    

 

 

مواضيع ذات علاقة

اسم الموضوع

هجري

تاريخ الموضوع

الإعجاز في علوم الأرض في القرآن الكريم

30 شعبان 1429

2008/08/31

الإعجاز الطبي والدوائي في القرآن الكريم

12 شعبان 1429

2008/08/13

الإعجاز في جسم الإنسان في القرآن الكريم

06 شعبان 1429

2008/08/07

الآيات المنسوخة عند ابن الجوزي

 

2008/07/26

الإعجاز اللغوي والبياني في القرآن الكريم

24 رجب 1429

2008/07/27

 

مطويات ذات علاقة

الموضوع الذي أخذت منه المطوية المطوية كنسخة وورد هجري التاريخ الرقم
  تدبر القرآن الكريم وتفسيره - الحلقة العاشرة

الناسخ والمنسوخ - جدول الآيات المنسوخة

1429/07/22 2008/07/25 073
  تدبر القرآن الكريم وتفسيره - الحلقة التاسعة

الناسخ والمنسوخ

1429/07/15 2008/07/18 072