قوله [تعالى] فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ اختلف العلماء هل هذا منسوخ أم محكم [على
قولين]
أحدهما: أنه منسوخ، قاله الأكثرون، ولهم في ناسخه ثلاثة أقوال:
أحدهما: آية السيف.
أخبرنا ابن ناصر قال: أبنا ابن أيوب، قال: أبنا أبو علي بن شاذان، قال: بنا أبو بكر
النجاد، قال: بنا أبو داود السجستاني، قال: بنا أحمد بن محمد، قال: حدثت عن معاوية
بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس =رضي الله عنهما= فَاعْفُ عَنْهُمْ وَإِنْ
تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا ونحو هذا من القرآن نسخ "كله" بقوله: فَاقْتُلُوا
الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ.
والثاني: قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ
أخبرنا إسماعيل بن أحمد، قال: أبنا عمر بن عبيد الله، قال: أبنا ابن بشران، قال:
أبنا إسحاق بن أحمد، قال: أبنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، قال عبد
الرزاق، قال: بنا معمر عن قتادة فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ قال: نسختها قوله
تعالى: قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ.
والثالث: وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً.
والقول الثاني: أنه محكم، قال بعض المفسرين: نـزلت في قوم كان بينهم وبين النبي صلى
الله عليه وسلم عهد، فغدروا وأرادوا قتل النبي صلى الله عليه وسلم، وأظهره الله
عليهم، ثم أنـزل هذه الآية، ولم تنسخ. قال ابن جرير: يجوز أن يعفي عنهم في غدرة
فعلوها ما لم ينصبوا حربا، ولم يمتنعوا من أداء الجزية، والإقرار بالصغار فلا يتوجه
النسخ.