بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

مرحبا بكم مع الشيخ خالدالمغربي - المسجد الأقصى

005

المائدة

آية رقم 105

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ

صدق الله العظيم

 

قوله تعالى: عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ للعلماء فيها قولان:

أحدهما: أنها منسوخة: قال أرباب هذا القول هي تتضمن كف الأيدي عن قتال "الضالين" فنسخت. ولهم في ناسخها قولان:

أحدهما: آية السيف.

والثاني: أن آخرها نسخ أولها. قال أبو عبيد القاسم بن سلام ليس في القرآن آية جمعت الناسخ والمنسوخ غير هذه وموضع المنسوخ منها إلى قوله:

 لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ والناسخ قوله: إِذَا اهْتَدَيْتُمْ والهدى هاهنا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

قلت: وهذا الكلام إذا حقق لم يثبت.

والقول الثاني: أنها محكمة، قال الزجاج: معناها إنما ألزمكم الله أمر أنفسكم لا يؤاخذكم بذنوب غيركم. قال: وهذه الآية لا توجب ترك الأمر بالمعروف؛ لأن المؤمن إذا تركه وهو مستطيع له، فهو ضال وليس بمهتد.

قلت: وهذا القول هو الصحيح وأنها محكمة ويدل على إحكامها أربعة أشياء:

أحدها: أن قوله: عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ يقتضي "إغراء" الإنسان بمصالح نفسه، ويتضمن الأخبار بأنه لا يعاقب بضلال غيره وليس من مقتضى ذلك أن لا ينكر على غيره وإنما غاية الأمر أن يكون ذلك مسكوتا عنه فيقف على الدليل.

والثاني: أن الآية تدل على وجوب الأمر بالمعروف؛ لأن قوله عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ أمر بإصلاحها وأداء ما عليها، وقد ثبت وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فصار من جملة ما على الإنسان في نفسه أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر. وقد دل على ما قلنا قوله: إِذَا اهْتَدَيْتُمْ وإنما يكون الإنسان مهتديا إذا امتثل أمر الشرع، ومما أمر الشرع به الأمر بالمعروف. وقد روي عن ابن مسعود والحسن وأبي العالية: أنهم قالوا في هذه الآية: قولوا ما قبل منكم فإذا رد عليكم فعليكم أنفسكم.

أخبرنا ابن الحصين، قال: أبنا ابن المذهب، قال: أبنا أحمد بن جعفر، قال: بنا عبد الله بن أحمد، قال: حدثني أبي، قال: بنا هاشم بن القاسم، قال: بنا زهير يعني: ابن معاوية، قال: بنا إسماعيل بن أبي خالد، قال: بنا قيس [قال:] قام "أبو بكر" =رضي الله عنه= فحمد الله وأثنى عليه، وقال: يا أيها الناس [إنكم تقرأون هذه الآية] يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ [مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ] إلى آخر الآية وأنكم] تضعونها على غير موضعها، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الناس إذا رأوا المنكر، ولا [يغيرونه أوشك] الله عز وجل أن يعمهم بعقابه).

والثالث: أن الآية "قد حملها قوم" على أهل الكتاب إذا أدوا الجزية "فحينئذ لا يلزمون" بغيرها. فروى أبو صالح عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى هجر، وعليهم منذر بن "ساوي" يدعوهم إلى الإسلام، فإن أبوا فليؤدوا الجزية فلما أتاه الكتاب عرضه على من عنده من العرب، واليهود والنصارى والمجوس فأقروا بالجزية وكرهوا الإسلام فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أما العرب فلا تقبل منهم إلا الإسلام أو السيف، وأما أهل الكتاب والمجوس فأقبل منهم الجزية) فلما قرأوا الكتاب أسلمت العرب "وأعطى" أهل الكتاب والمجوس الجزية. فقال المنافقون: عجبا لمحمد يزعم أن الله بعثه ليقاتل الناس كافة حتى يسلموا، وقد قبل من مجوس هجر، وأهل الكتاب، الجزية، فهلا أكرههم على الإسلام وقد ردها على إخواننا من العرب. فشق ذلك على المسلمين فنـزلت هذه الآية.

والرابع: أنه "لما عابهم" في تقليد آبائهم بالآية المتقدمة أعلمهم بهذه الآية أن المكلف إنما يلزمه [حكم نفسه] وأنه لا يضره ضلال من "ضل" إذا كان [مهتديا] حتى يعلموا أنه لا يلزمهم "من ضلال" آبائهم شيء من الذم والعقاب وإذا تلمحت هذه المناسبة بين الآيتين لم يكن الأمر للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هاهنا مدخل وهذا أحسن الوجوه في الآية.

مواضيع ذات علاقة

اسم الموضوع

تاريخ الموضوع

الآيات المنسوخة عند ابن الجوزي

2008/07/26

 

مطويات ذات علاقة

الموضوع الذي أخذت منه المطوية المطوية كنسخة وورد هجري التاريخ الرقم
  تدبر القرآن الكريم وتفسيره - الحلقة العاشرة

الناسخ والمنسوخ - جدول الآيات المنسوخة

1429/07/22 2008/07/25 073
  تدبر القرآن الكريم وتفسيره - الحلقة التاسعة

الناسخ والمنسوخ

1429/07/15 2008/07/18 072