قوله تعالى: وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ قد ذهب بعض المفسرين إلى
أن هذا الكلام اقتضى نوع مساهلة للكفار ثم نسخ بآية السيف، ولا أرى هذا القول
صحيحا، لأربعة أوجه:
أحدها: أن معنى الآية: أتخاصموننا في دين الله وكانوا يقولون: نحن أولى بالله منكم،
لأننا أبناء الله وأحباؤه [ومنا كانت الأنبياء] وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ أي:
نحن كلنا في حكم العبودية [سواء فكيف يكونون] أحق به؟ وَلَنَا أَعْمَالُنَا
وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ أي: "لا اختصاص لأحد به" إلا [من جهة] الطاعة والعمل، وإنما
يجازي كل منا بعمله. ولا تنفع الدعاوى وعلى هذا [البيان] لا وجه للنسخ.
والثاني: أنه خبر خارج مخرج الوعيد والتهديد.
والثالث: إنا قد علمنا أعمال أهل الكتاب وعليها أقررناهم.
والرابع: أن المنسوخ ما لا يبقى له حكم، وحكم هذا الكلام لا يتغير فإن كل عامل له
"جزاء" عمله فلو ورد الأمر بقتالهم لم يبطل تعلق أعمالهم بهم.