تقديم القتل على الموت وعكسه في نفس الموضع:
من
روائع التقديم والتأخير في بيان القرآن الكريم المعجز ورود آيتين متتابعتين قدم
اللفظ في الأولى وأخر اللفظ نفسه في الثانية:
قال
تعالى في سورة آل عمران: " وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي
سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا
يَجْمَعُونَ(157)وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ
تُحْشَرُونَ(158) ".
الآيات الكريمة في سياق غزوة أحد .. والتي كان فيها من الشهداء ما هو معلوم .. وبما
أن الموت في سبيل الله هو أشرف موت وأعظمه أجرا عند الله.. قدم القتل على الموت.
وهذا
غير مُراد الآية الثانية التي تتحدث عن سنة الله على جميع الناس بالموت.
وبما
أن الموت على الفراش هو الأعم والأغلب فمعظم الناس يموتون ميتة طبيعية قدم الموت.
والدليل على أن المقصود في الثانية هو بيان سنة الله في الناس كافة هو عدم اقتران
القتل فيها بعبارة " في سبيل الله " التي اقترنت بها في الآية الأولى.
وشتان
بين قتل الشهيد وقتل الإنسان العادي
فالشهيد ينال رحمة من الله ومغفرة لذنوبه كما هي عقيدة المسلمين وهذا ما أكدته
الآية الأولى.
وهذا
ليس إلا للمسلمين...
وبما
أن القتل بشكل عام ( للمسلمين وغيرهم ) يكون فيه ظالم ومظلوم ... يجب أن يكون هنالك
حكم عدل يفصل بينهم ....
فمتى
يُنتصف للمظلوم
يُنتصف له يوم القيامة ... حيث يُحشر الجميع بين يدي الله ... الظالم والمظلوم..
فقد
يكون القاتل هو المظلوم .. والمقتول هو الظالم ...
ولهذا
جاء التعبير الإعجازي في الآية الثانية
"
لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ "