قوله تعالى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ
أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ [أَ] وْ
آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ الإشارة بهذا إلى الشاهدين الذين يشهدان على الموصي في
السفر. والناس "في قوله" ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ قائلان:
أحدهما: من أهل دينكم وملتكم.
أخبرنا عبد الوهاب الحافظ، قال: أبنا أبو الفضل بن خيرون وأبو طاهر الباقلاوي، قالا
أبنا ابن شاذان قال: أبنا أحمد بن كامل، قال: حدثني محمد بن سعد، قال: حدثني أبي،
قال: حدثني عمي، عن أبيه عن جده، عن ابن عباس =رضي الله عنهما= ذَوَا عَدْلٍ
مِنْكُمْ أي: من أهل الإسلام وهذا قول ابن مسعود وشريح وسعيد بن المسيب، وسعيد بن
جبير، ومجاهد، وابن "سيرين" والشعبي، والنخعي، وقتادة، وأبي مخلد، ويحيى بن يعمر
والثوري وهو قول أصحابنا.
والثاني: أن معنى قوله مِنْكُمْ أي: من عشيرتكم، وقبيلتكم، وهم مسملون أيضا. قاله
الحسن، وعكرمة والزهري والسدي وعن عبيدة كالقولين فأما قوله: أَوْ آخَرَانِ مِنْ
غَيْرِكُمْ فقال ابن عباس ليست "أو" للتخير إنما المعنى: أو آخران من غيركم إن لم
تجدوا منكم وفي قوله: من غيركم قولان:
أحدهما: من غير ملتكم ودينكم، قاله أرباب القول الأول.
والثاني: من غير عشيرتكم وقبيلتكم، وهم مسلمون أيضا، قاله أرباب القول [الثاني]
والقائل بأن المراد شهادة "المسلمين من القبيلة أو من غير القبيلة لا يشك" في إحكام
هذه الآية. فأما القائل "بأن المراد بقوله: أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ أهل
الكتاب إذا "شهدوا على الوصية" في السفر فلهم فيها قولان"
أحدهما: أنها محكمة [والعمل] على هذا عندهم باق. وهو قول ابن عباس وابن المسيب وابن
جبير، وابن سيرين، [وقتادة] والشعبي [والثوري] وأحمد بن حنبل.
والثاني: أنها منسوخة [بقوله تعالى:] وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ [عَدْلٍ مِنْكُمْ] وهو
قول زيد بن أسلم وإليه [يميل أبو حنيفة] ومالك والشافعي، قالوا: وأهل الكفر ليسوا
بعدول. والأول أصح، لأن هذا موضع ضرورة فجاز كما يجوز في بعض الأماكن شهادة نساء لا
رجل معهن بالحيض، والنفاس، والاستهلال.