آيات القرآن الكريم

الأنعام 006: 113

902

إستمع

وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالأَخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُم مُقْتَرِفُونَ

الآية السابقة

الآية التالية

 

جاء في الآيتين 112، 113 من سورة الأنعام:" وكذلك جعلنا لكلّ نبيٍّ عدواً شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعضٍ زُخرفَ القولِ غُروراً، ولو شاء ربك ما فعلوهُ فذرهم وما يفترون، ولِتصغى إليه أفئدةُ الذين لا يؤمنون بالآخرة ولِيَرضَوهُ ولِيَقترفوا ما هم مُقترِفون".

" وكذلك جعلنا لكلّ نبي عدواً": فهو إذن قانون لا يتخلف، كان في الماضي وسيكون في المستقبل. ومعلوم أنّ العداوة في الحقيقة ليست لشخص النبي وإنّما للفكرة التي جاء بها. من هنا لا بدّ أن يبقى هناك من يعادى الفكرة الإيمانيّة ويمكر لها، ولمثل هذا القانون الاجتماعيّ حكمة.

"عدواً شياطين الإنس والجن": فهناك إذن شياطين من الإنس وشياطين من الجنّ. والشيطان هو المتمرد الذي مرد على الشرّ. وأنت تجد من الإنس من سخّر حياته للباطل فأصبح معادياً للحقيقة الإيمانيّة، فلا يطيق وجودها ولا يتصوّر انتصارها وشيوعها بين الناس. مثل هذا هو الشيطان وليس كلّ عاصٍ. فمجرد ارتكاب المعصية إذن لا يجعل الإنسان شيطاناً، بل إنّ الشيطان هو من أصبحت المعصية جزءاً من كينونته وأصبحت ديدنه، بحيث تستهويه الانحرافات وتستفزّه الطاعات.

" شياطين الإنس والجنّ يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول": ومعلوم في الدين أنّ لشياطين الجنّ القدرة على الوسوسة الخفيّة. والإنسان اليوم أقدر على تصوّر المسألة بعد أن أصبح قادراً على أن يبثّ الصور والأصوات ويعود فيلتقطها على موجات محدّدة. ومعلوم أنّ الدماغ البشريّ أكثر تعقيداً من كلّ ما عرفناه من أجهزة التقاط. فشياطين الجنّ قادرة على أن توحي للناس عن طريق الوسوسة. أما شياطين الإنس فأقدر على طرح الباطل وأقدر على التسلل الخفي لمسح الأدمغة وغرس الأفكار واستنباتها.

"يوحي بعضهم إلى بعضٍ زخرف القول غروراً": فشياطين الجنّ تجهد في تضليل الإنس والجنّ. وشياطين الإنس تجهد وتجتهد في تضليل الإنس، ولا شكّ أنّهم يفعلون ذلك في الجنّ أيضاً لما ورد:".. إنّه يراكم هو وقَبيلُه من حيث لا ترونهم..." الأعراف:27، فالجنّ على اطلاع بواقع الإنس وما يصدر عنهم. وأكثر ما يكون الإيحاء مؤثراً بين الشياطين بعضهم مع بعض، لما يكون من سهولة استقبال وتقبّل. وبما أنّهم يوسوسون بالباطل فيحتاج ذلك إلى تزيين وتلوين حتى لا تنكشف حقيقته. واليوم أصبح مثل هذا التزيين والتسويق للأفكار والضلالات عِلماً يُدرّس؛ فكم من فكرة ضعيفة متهافتة تجلّت بأثواب الخداع التي تغرّ، كما تجلّت العروس الشمطاء بألوان الزينة والبهرج فخالها الناس ملاكاً يمشي على الأرض.

"ولو شاء ربّك ما فعلوه فذرهم وما يفترون": فمقاليد الأمور بيد الواحد القهّار، ولحكمة أرادها الحكيم العليم تركهم يفعلون ذلك، فاتركهم لافتراءاتهم، التي تكفي وحدها لتحقيق هزيمة باطلهم وانتصار الحق الذي أنت عليه. فأقصر طريق لتحقيق انتصار الحق هو الاهتمام بعرض الحقيقة والتبشير بها والانصراف إلى تعريف الناس بحقائق الدين الحق وتعليمهم وتربيتهم. أمّا صرف الجهود في الإبحار في لجج بحور أكاذيبهم وافتراءاتهم فتضييع للوقت وإهدار للجهد، فهناك أولويّات ينبغي أن تراعى من أجل الوصول إلى الأهداف، فالتعريف بالفكرة مقدّم على تفنيد ادعاءات المبطلين.

"ولتصغى إليه أفئدةُ الذين لا يؤمنون بالآخرة": والإيمان بالآخرة يعني الإيمان بباقي الأركان؛ فالإيمان بالله قد لا يستلزم بالضرورة الإيمان باليوم الآخر، ولا يستلزم الإيمان بباقي الأركان. أما الإيمان باليوم الآخر فيعني الإيمان بالله وبباقي الأركان. وعدم الإيمان باليوم الآخر يعني أنّ أفق الإنسان هو أفق مادي دنيوي. ومثل هذا الاعتقاد يُشكّل العقليّة والمنهجيّة والنفسيّة، وينعكس بقوة في المواقف والسلوك. وأمثال هؤلاء يُصغون بشدّة إلى افتراءات الشياطين من الإنس والجنّ. وهذا أمر ملحوظ في واقع الناس. والإصغاء هو المرحلة الأولى، وهو ينبع عن نفسٍ أسَرَتْها الدنيا ومادّياتها وشهواتها. كيف لا، وقد انتفى الإيمان الأخرويّ الذي يقي الإنسان من تأثير السلطان الماديّ للدنيا!

"ولِيَرضَوهُ...": والرضا هو المرحلة الثانية بعد الإصغاء الذي يدل على وجود الميل والاستعداد للتأثّر والأخذ. فالرضا يشير إلى الأخذ والقبول والارتياح لما عُرض وزيّن. فأصبح الباطل المتشرّب جزءاً من الكينونة. وهذا مقدمة للمرحلة الثالثة، وهي مرحلة الاقتراف.

"وليقترفوا ما هم مقترفون": فالإيمان الماديّ الدنيويّ مقدّمة لوجود الميل المؤدّي للإصغاء. والإصغاء مقدمة للقبول والرضا والتشرّب. وهذا بدوره يؤثّر في السلوك. بل إنّ السلوك هو نتيجة حتميّة للفكر المتغلغل في العقل والقلب. وإذا حصل السلوك الناتج عن القبول والرضا بالأفكار الباطلة، فسوف يكون ذلك بداية الهزيمة للفكر المفترى، لأنّ انعكاس الفكر في الواقع والسلوك يكشف عن حقيقته الزائفة. وقد يصعب على غالبيّة الناس أن يُقيّموا المبدأ وهو في عالم الفكر النظري، فإذا انعكس في عالم الواقع العملي رآه الجميع على حقيقته. لذلك سيدرك الناس الحقيقة التي يمثلها أهل الإيمان بفكرهم وسلوكهم الناتج عن هذا الإيمان. فقد أصبح أمام ناظر الناس واقعان ناتجان عن فكرين متناقضين؛ فكر منسجم مع الفطرة والواقع، يقابله ويعاديه فكر مزيّف يناقض الفطرة ويناقض الواقع. فالمعركة إذن محسومة والمآلات باتت معلومة.

جذور كلمات هذه الآية

صغو ءلى فءد ءلل لا ءمن ءخر رضي قرف ما
هم

مواضيع جذور هذه الآية

HTM

PDF

Wave

الموضوع

موضوع

الضمير (هما)

50117

الضمير (هم)

50119

أسم الإستفهام (مَا) / (ما)

50304

إن وأخواتها - (لا) النافية للجنس / لا

50507

حروف الجر - (إلى) / إلى

50602

أداة الجزم - لا الطلب (لا)

50703

أداة الجزم - (مَا) / ما

50715

أداة الجزم - (مَهْمَا) / مهما

50716

تحميل

تحميل

الجذر ءخر

1001700

تحميل

تحميل

الجذر ءلل

1004700

تحميل

تحميل

الجذر ءلى

1005100

تحميل

تحميل

الجذر ءمن

1005900

تحميل

الجذر رضي

1057800

تحميل

الجذر صغو

1087500

تحميل

الجذر فءد

1113600

تحميل

الجذر قرف

1123800

تحميل

الجذر لا

1136000

تحميل

الجذر ما

1143100

تحميل

الجذر هم

1164800

صفحة: 142

الصفحة السابقة

الصفحة التالية

مواضيع هذه الآية

HTM

PDF

Wave

الموضوع

موضوع

الفؤاد

2552

الشعوب والقبائل والفرق

2887

تحميل

تحميل

الجذر ءخر

1001700

تحميل

تحميل

الجذر ءلل

1004700

تحميل

تحميل

الجذر ءلى

1005100

تحميل

تحميل

الجذر ءمن

1005900

تحميل

الجذر رضي

1057800

تحميل

الجذر صغو

1087500

تحميل

الجذر فءد

1113600

تحميل

الجذر قرف

1123800

تحميل

الجذر هم

1164800