المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأيات البينات


يحيى حسن
08-31-2010, 05:35 AM
http://a.imageshack.us/img84/6804/60256880.png
من الأيات القرأنية التى تستمتع بسماع تفسيرها هو قوله تعالى (وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى، ) . وتعالى معا نفسر ونوضح ما معنى كلمة (ضال) وهى تعنى (انحرف) . فلو عدنا الى سيرة رسول الله (ص) فى طفولته وشبابه فسوف تجده (ص) كان بعيدا عن مجالس الخمر والميسر وكان ابغض شيء يكره ان يشاهد قومه يعبدون الأوثان والأصنام و كان دائم التفكير بأنها لا تنفع ولا تضر وأن للكون خالق عظيم احق بالعبادة (يحيى حسن حسانين) وعليه فمعنى (وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى، ) أن قومه من المشركين كانوا منحرفين عن سلوكه البعيد عن الخمر والميسر و منحرفين عما يعتقده الرسول تجاه الأوثان والأصنام . كما ان لفظ (ضالا) بمعنى الغافل سواء فى الأحكام أو الشرائع و لم يكن الرسول يعلم شيء عن الشرائع والأحكام و القرأن حتى هداه الله اليها عن طريق أمين الوحى جبريل عليه السلام . ومن تفسيرات السابقين لقوله تعالى (وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى، ) ان الله وجد الرسول ضالا فى قومه الذين يعبدون اصناما فأنعم الله على رسوله بأن هداه لوحدانية الله ودين الحق. ويشتمل التفسير ايضا بأن الرسول تواجد فى قوما ضالين فهداهم الله على يدى رسوله صل الله عليه وسلم .
والأية التالية لا تقل متعة وهو قوله تعالى(لَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ ) . وأذا دخلنا الى التفسير السليم لهذة الأية فهى تتحدث عن العدالة الزوجية عند تعدد الزوجات فمن السهل العدل بين الزوجات فى الأمور المادية كأن يهدى الزوج ثوب غالى الثمن الى احدى زوجاته فلابد وان يهدى باقى زوجاته نفس الثوب و بنفس الثمن الغالى . لكن الصعب تحقيق العدالة فى ما يتعلق بالعاطفة والمشاعر والأحساس وتقسيمها بالتساوى والعدل على الزوجات جميعا وهذا ما قصدته الأية الكريمة حيث رحمنا الله بقوله (وَلَوْ حَرَصْتُمْ ) وهى بمعنى لا تحزنوا إن بذلتم كل ما فى استطاعتكم لتحقيق العدل فى مشاعر القلب ودرجات الحب تجاه الزوجات فأشفق الله على عبادة من لوم انفسهم بما يخص المشاعر بأن أكد لهم سبحانه وتعالى صعوبة تحقيق هذا النوع من العدل و ذلك بقوله وَلَوْ حَرَصْتُمْ
كاتب الموضوع/يحيى حسن حسانين
اللهم ارحم اموتنا جميعا واجعل قبورهم روضة من رياض الجنة ولا تجعله حفرة من حفر النار واجمعنا بهم فى خير يوم نصير الى ما صاروا اليه
http://a.imageshack.us/img824/3948/29082010031447.jpg

admin
08-31-2010, 10:19 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الحبيب يحيى أكرمك الله، في معنى قوله عز وجل في سورة الضحى (وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَى (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09877))
دعنا لا نتعجل في تجهيل البعض أو رفع البعض الأخر عنان السماء بلا بينة أو برهان، فكل من قام بتفسير القرآن أو حتى قام بمحاولة تفسيره مخلصاً النية لله تعالى لا يمكن أن يكون جاهل، فالجهل كلمة عامة شاملة مطلقة، وما لا شك فيه أن كل من فسر القرآن أخطأ في أمر ما، ولا يمكننا أن نصفه بالجهل نتيجة الخطأ، فالخطأ أمر حتمي يقع على الإنسان، وهذا مصداقاً لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح (كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون) - المحدث: ابن باز - المصدر: مجموع فتاوى ابن باز - لصفحة أو الرقم: 27/2 - خلاصة حكم المحدث: صحيح، وهذا يعني أن الأنبياء يخطئوا، فكيف نُجهل الانبياء بأخطائهم، لذلك فإن المفسرين السابقين المجتهدين الذين أخلصوا النية لله تعالى لهم منزلةٌ عظيمة في قلوبنا وحظ وافر من إحترامنا وتقديرنا، اضف لهذا أن لكل موضوع ننظر إليه أكثر من زاوية رؤية، وربما إختلف شخصان على أمر ما وكان الإثنان مصيبين، بمعنى أن الصواب والخطأ، ولا اقول الحلال والحرام، أقول الصواب والخطأ (أي ضمن دائرة المباح والإعتقاد السليم) قد يختلف من مكان لآخر ومن زمان لآخر، فما قد نعتقده صواباً ونحن شباب قد يصبح خطأ عندما نتقدم بالسن، والعكس صحيح، وما قد يراه الناس في المشرق صواباً قد يراه أهل المغرب خطأ، والعكس أيضاً صحيح، من أجل كل هذا، علينا عندما نصل لمنعطف تفكيري يحتاج قراراً بشأنه، أن نقوم بسؤال أهل الذكر كما ذكرت أنت، مصداقاً لقوله عز وجل في سورة النحل (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِم فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=05735))، وكما قال في سورة الأنبياء (وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِم فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=06281))، ثم نضع كل إحتمالات الأجوبة التي عندهم، وبجانبها نضع إعتقادنا نحن، وندرس كل هذه الإحتمالات، ونتدارسها ونتشاور بشأنها بعضنا مع بعض حتى نصل لرأي سليم يطمئن له القلب ويتوافق مع العقل ويتماشى مع قوانين العلم المثبتة والتي لا تتعارض مع صريح الدين، والآن وبعد هذا التقديم، دعنا نستقصي ونتدرج في معنى الضلالة والهداية -هذا الموضوع الشاق والشائك- بنقاط بسيطة وخفيفة حتى نضع إصبعنا على المعنى السليم الذي يطمئن له القلب:-
1. يجب أولا أن نفرق ما بين (الجاهل) والذي (لا يعلم)، وبرأيي أن الذي لا يعلم هو الذي لم تصله المعلومة فهو لا يعرفها أصلاً فهو لا يعلم، أم الجاهل فهو الذي وصلته المعلومة ولكنه لم يستفد منها ولم يعمل بمقتضاها ولربما عمل بعكسها فوصل لدرجة (الحُمق)، لذلك فنحن نطلق على عصر قرش قبل مجيء سيدنا محمد (عصر الجاهلية)، فهم كانوا على علم بأن الله هو رب العالمين إلا أنهم عبدوا الاصنام لتقربهم من الله، يقول عز وجل في سورة الزمر (أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُم إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُم فِي مَا هُم فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَن هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=07852)).
2. أدنى درجات الضلال هو عدم العلم أصلا، وهو ليس بعيب، ولكن يتوجب عليك السعي للحصول على العلم المانع لهذا الضلال، ودفع الضلال يدفع بإتجاه الهداية، فالهداية هي الخروج من الضلال.
3. درجة أعلى من هذه الدرجة أن تكون قد هُديت وخرجت من دائرة الضلال ووصلت دائرة الهداية بأن عُلمت وتَعلمت العلم الحق ولكنك نَسيت أو نُسيت هذا العلم، وهنا فأنت تحتاج لتذكير لهذا العلم، ولا بد لك من مراجعة ومشاهدة ونظر وسمع وتدبر وتفكر حتى تتذكر هذا العلم.
4. من أعلى درجات الضلال، أن يتم تعليمك ثم تنسى ثم يتم تذكيرك ولكنك ترفض التذكر، وتستبدل العلم الصحيح في قلبك بعلم خاطئ، ففي هذا الحالة تصبح (ضال) كما هو حال النصارى الضالين.
5. أما أعلى درجات الضلال على الإطلاق أن يتم تعليمك فتنسى ويتم تذكيرك فتتذكر ولكنك ترفض السير على مقتضى هذا العلم الذي تذكرته في قلبك، وهؤلاء يحل عليهم غضب الله ويصبحوا من (المغضوب عليهم) أمثال اليهود.
6. ليس الإنسان بقادر على الحصول على العلم لوحده، والله هو صاحب العلم ومصدره، لذلك كان الحديث القدسي في صحيح مسلم (يا عبادي! كلكم ضال إلا من هديته. فاستهدوني أهدكم) الراوي: أبو ذر الغفاري المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - لصفحة أو الرقم: 2577. فهذا الحديث يتكلم عن أول مرحلتين من مراحل الضلال، الأولى اي عدم العلم (كلكم ضال) ثم الثانية بعد النسيان (فأستهدوني).
7. عندما خلقنا الله، إستودعنا في ظهر أبونا آدم على شكل سلالة من طين، وفي هذه الحالة كان (عدم العلم) هو الصبغة لجميع من في السلسلة.
8. عندم سُئل سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام عن متى كان نبياً أجاب أنه كان نبينا لما كان آدم ما بين الجسد والروح، ففي الحديث (قالوا يا رسول الله متى وجبت لك النبوة قال وآدم بين الروح والجسد)، الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - لصفحة أو الرقم: 3609 - خلاصة حكم المحدث: صحيح، ولا يمكننا هنا إلا أن نقول أن سيدنا محمد كان في مرحلة الضلال الأول - بمعنى عدم العلم.
9. قبل أن يهبط سيدنا آدم للأرض، أخذنا سبحانه وتعالى من ظهر سيدنا آدم وأخرجنا ونثرنا أمامه في عالم الذر وقال لنا، أنا الله، ولا إله إلا أنا، أتشهدوا بهذا، ونحن قلنا نعم نشهد يا الله، يقول عز وجل في سورة الأعراف (وَإِذ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِم ذُرِّيَّتَهُم وَأَشْهَدَهُم عَلَى أَنفُسِهِم أَلَسْتُ بِرَبِّكُم قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَن هَذَا غَافِلِينَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=04917)) وهذا هو العلم الدافع للضلال بإتجاه الهداية، ففي هذا العلم خرج الجميع من دائرة الضلال ودخلوا في دائرة العلم أي دائرة الهداية، وأقول الجميع من آدم إلى آخر الخلق يوم القيامة.
10. عندما أعادنا عز وجل إلى ظهر سيدنا آدم، بقي هذا العلم في قلوبنا فيما يعرف بالفطرة، حتى جاء الوقت المحتوم الذي شاء الله فيه أن ندخل في عالم الحياة الدنيا من خلال الولادة، يقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح (كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه، كمثل البهيمة تنتج البهيمة، هل ترى فيها جدعاء.) - الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - لصفحة أو الرقم: 1385 - خلاصة حكم المحدث: [صحيح]. فإما أن يبقى هذا العلم في قلوبنا ونسعى بعقولنا وأفئدتنا لتذكر هذا العلم من خلال آيات الله في الكون أو من خلال الأنبياء والرسل والكتب السماوية فنعود من جديد إلى دائرة الهداية وإما أن نتراجع عن هذا العلم فنرتد ضالين خارجين من دائرة النور، لنصل إلى أعلا مراتب الضلال فنصبح من (الضالين)، أو حتى من (المغضوب عليهم).
- الآن آن الآوان أن نعود لآيتنا الكريمة وننظر إليها وحال سيدنا محمد فيها، فسيدنا محمد خُلق وكان كما كان باقي الخلق في دائرة الضلال، أُخرج من ظهر سيدنا آدم وقال لله (بلى) فخرج من دائرة الضلال لدائرة الهداية، ثم ولد في الدنيا وفي قلبه كلمة (لا إله إلا الله) يستشعرها ويراها في آيات الله في الكون، في السماء في الماء في الهواء في التراب في نفسه في كل شيء، ويريد أن يتعلم عنها أكثر وأكثر محبةً لله وتقرباً له عز وجل، إلا أنه لم يجد أحد يعلمه ويفقه ويدله على الطريق، فهل إستسلم كما كان يفعل البقية؟ لا لم يستسلم، ولم يترك السؤال، ولم يجعل الدنيا تلهيه عن هذا الأمر الجليل العظيم، لقد أصر على السؤال وألح للحصول على الإجابة، حتى أنه خرج يتعبد الله في الجبال وفي المغارات والمغر، أصر على الله أن يعلمه ويفقهه ويدله على الطريق، حتى جاءه الفرج من الله، حتى أمده الله بكلمات وعلمه، فارسل له الملك الآمين جبريل عليه السلام بأول كلمات الله التي تشكره على سعيه للمعرفة والتعلم وتطلب منه أن يصر ويصبر ويتعلم (اقْرَأ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09898) خَلَقَ الإِنسَانَ مِن عَلَقٍ * (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09899) اقْرَأ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09900) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09901) عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَم (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09902)) - فكان فضل الله عليه صلى الله عليه وسلم عظيماً أن مَنَّ عليه بالعلم، وهذا معنى قوله عز وجل (وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَى (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09877)).
اللهم علمنا ما جهلنا، أللهم ذكرنا ما نسينا، اللهم علمنا التأويل، أللهم علمنا التفسير، اللهم فقهنا في الدين. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالين.

نائل أبو محمد
08-31-2010, 06:50 PM
الثلاثاء 22 رمضان 1431

جزاكم الله كل خير .