المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل نمتلك مشروعاً حضارياً..؟ (1)


محمود الترك
10-02-2010, 01:03 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

هل نمتلك مشروعاً حضارياً..؟ (1)

غالباً ماتوصف امتنا العربية في هذا العصر بالعقم الحضاري والتبعية المفرطة للغرب والاصطفاف مع الدول المنحطة اقتصادياً وعلمياً وتكنولوجياً في ذيل قافلة ومسيرة التقدم العالمية , فمن حيث اداءالجامعات و الانفاق على البحث العلمي والتقني والانتاج الصناعي ودخل الفرد ومظلة الامان المجتمعي نبقى الاقل حظاً في هذا العالم ,مع ان بلدانا مثل ( كوريا وماليزيا والهند تايوان وسنغافوره) كنا نتساوى معها في بدايات نهضتها ولم تكن تسبقنا بأي خطوه ولكنها تحركت بسرعة النمور وتحركنا ببلادة السلاحف ,
وجميعنا يدرك اننا كنا الرواد وسادة البشرية في هذا المضمار حتى ان الغرب يكرم الأُلى من علمائنا الأوائل ويعترف لهم بالفضل الكبير على البشرية .
ولكن لماذا تراجعنا .. ؟ وفقدنا كل الآمال وأُوصدت الآفاق في وجوهنا والقدرة عل الاحلام وحتى التخطيط الآني والمرحلي والأستشراف المستقبلي فواقعنا مرير ومستقبلنا محير والفشل والاخفاق حليفنا .والسؤال هنا مالحل ..؟

ان الامم التي تقدمت ونهضت وحققت قفزات بل وثبات واختزلت الأزمان والمسافات وصنعت حضارتها كانت تحمل آمالاً عريضة ابتدأت بالثورة الفكرية التي غيرت العقلية والنفسية وبنت شخصية الفرد و صاغت هوية المجتمع واقامت نظامها وكيانها السياسي من ( صلب منظومتها الفكرية) فكان نمط حياتها واسلوب عيشها ورسالتها التي تعيشها وتحملها للعالم سبباً لنهضتها وقوتها الاقليمية وعظمتها وتأثيرها الراسخ في المجتمع الدولي ,
هذا ما احدثته الثورة الفرنسية وسائر الثورات في أوروبا و التي وصلت لاميركا وهذا ما احدثته الثورة الاشتراكية في جهوريات الاتحاد السوفييتي السابق (وهذا ما احدثه الاسلام في عرب الجزيره) فما الذي حصل تحديداً هناك في أُوروبا- روسيا- الجزيرة العربيه..؟

1- أوروبا – بعد انطلاقة رواد الفكر الاروبي امثال ( مونتيسيكو – وفولتير – وجان جاك روسو ) حصلت تلك التغييرات الفكرية وصيغت كمفاهيم ديموقراطية التي اصبحت رسالة حياة ومحل اجماع للامم الاروبية والتي تَنادى بها مفكروها بحرياتها الاربع هي- حرية الرأي والعقيدة والحرية الشخصية وحرية التملك – وتم صياغة النظام السياسي وفق المبدأ الديموقراطي وسلطاته الثلاث وبروح من التعددية واحترام صندوق الاقتراع فاستُنفرت كل طاقات الامة الابداعية والخلاقة وغير الخلاقة وظهرت طبقة الرأسماليين بدافع وغريزه جامحه من حرية التملك هذه الطبقة التي اضحت رأس الحربة في تحالفاتها مع السياسيين والمفكرين فأقامت احزابها ومدت نفوذها وسيطرت على مراكز صُنع القرار فتبنت العلماء ودعمت الصناعة وزيادة الانتاج وامتلكت الاسواق والمال وانفقت في سبيل ذلك الكثير ولم تكفها الثروات المحلية والمواد الخام وامتصاص دماء العمال فتطلعت الى اراضي الغير وثرواتهم الارضية المدخرة (المواد الاولية للمصانع) واسواقهم فنشأ التنافس السياسي والصناعي والعسكري فعم الاستعمار سائر الارض فكانت ( الحاجة ام الاختراع والتنافس الدولي دافعها والعلماء والمصنعين والمخترعين اداتها )
وتحولت نظرة الرأسمالية وجشعها الى عنفوان وطني وقومي وقوده الشعب وعرق العمال لرفعة البلاد والدفاع عن مصالح الطبقة الرأسمالية والتي غلفت شهواتها الخاصة بالطابع الوطني والقومي والايديولوجي , فانتقل التناقض الطبقي مابين الرأسماليين وعمالهم الى ثنائية دول استعمارية ومستعمرات ادت الى ظهور حياة مجتمعات الرفاه في أوروبا على حساب الدول الفقيرة .

نستطيع ان نلخص هنا كمسلمين ان عناصر النهضة والحضارة هي (وجود مبدأ يلعب دوراً محورياً في حياة الامة من حيث بناء الفرد والمجتمع والدولة والاعتداد والاستعلاء بهذة الهوية و قيام انظمة الدولة وفق قناعات ومقاييس ومفاهيم مبدئية تشبع حاجات الناس ومتطلباتهم الحياتية
انخراط الناس في معركة البناء لتحقيق الاكتفاء وترسيخ واظهار واعلاء الهوية لحملها للعالم الذي سيعادى بدوره هذا التوجه الشعبي والجماهيري المتلاحم مع( قيادته) ومن هنا يتم تجييش الامة واستنفار طاقاتها وشحذ هممها في عملية بناء وانتاج واختراع وتصنيع ليظهر هذا المبدأ واهله على كل المبادئ الاخرى قوة في التطبيق وتقدم في كل الاتجاهات ونواحي الحياة ورساله وقيادة فكرية زاحفة نحو اطراف الارض ومرجعية لكل المؤمنين بهذا التوجه في العالم .
--- يتبع