المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العجب العجاب في كلام الرازي الذي نقله الحوالي عن خبر الاحاد


محب الأقصى
10-04-2010, 09:00 PM
نقلا عن كتاب أساس التقديس للرازي
وراجع الأشاعرة الكبير للحوالي 108- 130
وأكتفي بهذا اليوم
فقد أرهقني النقل
مع أني مرهق أصلاً
بارك الله فيكم


الفصـل الحـادي والثلاثون
في
كلام كلي في أخبار الآحاد
ـــــ
نقول : أم التمسك بخير الواحد في معرفة الله تعالى فغير جائز . ويدل عليه وجوه :
الأول :
إن أخبار الآحاد مظنونة . فلا يجوز التمسك بها في معرفة الله تعالى وصفاته . وإنما قلنا . إنها مظنونة . وذلك لأنا أجمعنا على أن الرواة ليسوا معصومين . وكيف ؟ "والروافض" لما اتفقوا على عصمة » علي « ( رضي الله عنه(1) ) وحده . هؤلاء المحدثون كفروهم . وإذا كان القول بعصمة » علي « - كرم الله وجهه – يوجب عليهم تكفير القائلين بعصمة ُ» علي « فكيف يمكنهم القول بعصمة هؤلاء الرواة ؟ وإذا لم يكونوا معصومين ، كان الخطأ عليهم جائزاً ، والكذب عليهم جائزاً . وحينئذ لا يكون صدقهم معلوماً ، بل مظنوناً . فثبت أن خبر الواحد مظنون . فوجب أن لا يجوز التمسك به لقوله تعالى : » إن الظن لا يغني عن الحق شيئاً «ُ (2) ولقوله تعالى في صفة الكفار: » إن يتبعون إلا الظن«ُ (3) ولقوله : » ولا تقف ما ليس به علمً «ُ (4) ولقوله : » وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون «ُ (5) ترك العمل في فروع الشريعة – لأن المطلوب فيها الظن – فوجب أن يبقى في مسائل الأصول على هذا الأصل .

(1) سقط خ (2) النجم 28
(3) النجم 28 (4) الاسراء 36
(5) الأعـراف 33

والعجب من الحشوية . أنهم يقولون : الاشتغال بتأويل الآيات المتشابهة . غي جائز . لأن تعيين ذلك التأويل : مظنون . والقول بالظن في القرآن ( لا يجوز(6) ) ثم إنهم يتكلمون في ذات الله تعالى وصفاته بأخبار الآحاد ، مع أنها في غاية البعد عن القطع واليقين ، وإذا لم يجوزوا تفسير ألفاظ القرآن بالطريق المظنون ، فلأن يمتنعوا عن الكلام في ذات الحق تعالى ، وفي صفاته ، بمجرد الروايات الضعيفة أولى .!!!
الثاني : إن أجل طبقات الرواة قدراً ، وأعلاهم منصباً : الصحابة – رضي الله عنهم – ثم إنا نعلم ، أن رواياتهم لا تفيد القطع واليقين . والدليل عليه : أن هؤلاء المحدثين رووا عنهم : أن كل واحد منهم طعن في الآخر ، ونسبه إلى ما لا ينبغي .!!!
أليس من المشهور : أن عمر طعن في خالد بن الوليد ؟ وأن ابن مسعود وأبا ذر ، كانا يبالغان في الطعن في عثمان ؟ ونقل عن عائشة – رضي الله عنها – أنها بالغت في الطعن في عثمان .
وأليس أن عمر قال في عثمان : إنه يحلف بأقاربه ؟ وقال في طلحة والزبير أشياء أخر ، تجري هذا المجرى .
أليس أن علياً ( كرم الله وجهه )(7) سمع أبا هريرة يوماً كان يقول : أخبرني خليلي أبو القاسم . فقال له علي : متى كان خليلك ؟
أليس أن عمر – رضي الله عنه – نهى أبا هريرة عن كثرة الرواية ؟
أليس أن ابن عباس (رضي الله عنهما)(8) طعن في خبر أبي سعيد في الهرق ، وطعن في خبر أبي هريرة في غسل اليدين . وقال كيف يصنع (بمهر أمنا )(9) ؟

(6) غير جائز : خ (7) كرم الله وجهه : ط
(8) من خ (9) طهرا منا : ط

أليس أن أبا هريرة لما روى : » من أصبح جنباً فلا صوم له «ُ طعنوا فيه ؟.
أليس أن ابن عمر لما روى : » إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه «ُ : طعنت عائشة فيه ، بقوله تعالى : » ولا تزر وازرة وزر أخرىً «ُ (10)
أليس أنهم طعنوا في خبر فاطمة بنت قيس ، وقالوا : لا ندع كتاب ربنا ، وسنة نبينا ، لخبر امرأة ، لا ندري أ صدقت أم كذبت ؟
أليس أن عمر طالب أبا موسى الأشعري في خبر الاستئذان بالشاهد وغلظ الأمر عليه ؟
أليس أن علياً كان يستحلف الرواة ؟
أليس أن علياً قال لعمر (رضي الله عنهما)(11) في بعض الوقائع : إن قاربوك فقد غشوك ؟
واعلم : أنك إذا طالعت كتب الحديث ، وجدت في هذا الباب ما لا يعد ولا يحصى .
وإذا ثبت هذا فنقول : الطاعن . إن صدق ، فقد توجه الطعن على المطعون ، وإن كذب فقد توجه على الطاعن . فكيف كان فتوجه الطعن(12) لازم إلا أنا قلنا: إن الله تعالى أثنى على الصحابة – رضي الله عنهم – في القرآن على سبيل العموم . وذلك يفيد ظن الصدق . ولهذا الترجيح قبلنا رواياتهم في فروع الشريعة . أما الكلام في ذلت الله وصفاته ، فكيف يمكن بناؤه على (هذه)(13) الروايات الضعيفة ؟

الثالث : وهو أنه اشتهر فيما بين الأمة : أن جماعة من الملاحدة ، وضعوا أخباراً منكرة ، واحتالوا في ترويجها على المحدثين . والمحدثون

(10) فاطـر 18 (11) من خ
(12) فالطعن : خ (13) على الرواية : خ

لسلامة قلوبهم ما عرفوها ، بل قبلوها .!!! وأي منكر فوق وصف الله تعالى بما يقدح الإلهية ، ويبطل الربوية ؟ فوجب القطع في أمثال هذه الأخبار بأنها موضوعة .!!!!! وأما البخاري والقشيري فهما ما كانا عالمين بالغيوب !!!، بل اجتهدا واحتاطا بمقدار طاقتهما . وأما اعتقاد أنهما علما جميع الأحوال الواقعة في زمان الرسول e إلى زماننا ، فذلك لا يقوله عاقل ، وغاية ما في الباب : أنا نحسن الظن بهما ، وبالذين رويا عنهم . إلا أنا (إذا)(14) شاهدنا خبراً مشتملاً على منكر ، لا يمكن إسناده إلى الرسول e قطعنا بأنه من أوضاع الملاحدة ، ومن ترويجاتهم على أولئك المحدثين .!!!!!
الرابع : إن هؤلاء المحدثين يخرجون الروايات بأقل العلل . مثل : إنه كان مائلاً إلى حب » على«ُ فكان رافضياً ، فلا تقبل روايته . ومثل : كان » معبد الجهني«ُ قائلاً بالقدر ، فلا تقبل روايته . وما كان فيهم عاقل يقول : إنه وصف الله تعالى بما يبطل إلهيته وربوبيته ، فلا تقبل روايته (إن)(15) هذا من العجائب .
الخامس :
إن الرواة الذين سمعوا هذه الأخبار من الرسول e ما كتبوها عن لفظ الرسول ، بل سمعوا شيئاً في مجلس ، ثم أنهم رووا تلك الأشياء بعد عشرين سنة أو أكثر . ومن سمع شيئاً في مجلس مرة واحدة ، ثم رواه بعد العشرين والثلاثين ، لا يمكنه رواية تلك الألفاظ بأعيانها . وهذا كالمعلوم بالضرورة . وإذا كان الأمر كذلك ، كان القطع حاصلاً بأن شيئاً من هذه الألفاظ : ليس من ألفاظ الرسول e بل ليس ذلك إلا من ألفاظ الراوي!!! وكيف يقطع بأن هذا الراوي (ما)(16)

(14) إذا : سقط : خ
(15) ان : ط واعلم أن الشيخ "زاهد الكوثري" كان يقول بذلك ، فقد طعن في بعض المفسرين بأنه مجسم
(16) ما : خ

سمع ما جرى في ذلك المجلس ؟ فإن من سمع كلاماً في مجلس واحد ، ثم إنه ما كتبه ، وما كرر عليه كل يوم ، بل ذكره بعد عشرين سنة أو ثلاثين . فالظاهر : أنه ينسى منه شيئاً كثيراً ، أو يتشوش عليه نظم الكلام وترتيبه وتركيبه . ومع هذا الاحتمال فكيف يمكن التمسك به في معرفة ذات الله تعالى وصفاته ؟
واعلم : أن هذا الباب كثير الكلام . إلا أن القدر الذي أوردناه كاف في بيان أنه لا يجوز التمسك في أصول الدين بأخبار الآحاد (والله أعلم)(17)