المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : القاعدة وثقافة الموت


محمود الترك
11-20-2010, 11:00 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

القاعده وثقافة الموت

يوصف تنظيم القاعدة من قبل النظام الدولي والاقليمي العربي واعلامه الموجه بالتطرف والارهاب وتبنيه لثقافة الموت .

فاذا كانت القاعدة تخوض هذا الصراع العقدي والفكري والثقافي ضد النظم العربية المتحالفة مع الغرب فما هي الثقافة المقابلة التي يتبناها المعسكر الآخر ..؟ وماهي العوامل التي ادت الى ظهور القاعدة وتبنيها لاقصى درجات العنف في التعامل مع النظم العربية ..؟
ان تبني النظام العربي وجهة النظر الغربية في كافة نظمه وتعاملاته السياسية والاقتصادية والقانونية والتشريعية وكافة معالجاته لازماته المزمنة وكوارثنا المتلاحقة اصاب الامة بالاحباط فقتل الامل ونشر اليأس وعمق انسداد الافق فى التقدم والنمو والانعتاق من تبعية الاستعمار وعبثه في امننا استقرار دولنا العربية والاسلامية .
فعلى النقيض من ذلك ظهر التيار السلفي الجهادي في مصر رداً على اتفاقية كامب ديفد وتحالف النظام مع الامريكان وتصويباً لنهج الحركة الاسلامية التي توصف بالاعتدال والمحظوره رسمياً رغم عملها ضمن الاطر الدستورية والتي تنكر فكر سيد قطب القيادي الاخواني واحد الركائز الفكرية للسلفية الجهادية ومرجعا ً مهماً لها , وخروجاً على نهج السلفية التقليدية التي ترجئ العمل السياسي وتقويم الحاكم كمثيلتها السلفية الوهابية التي اقتصرت حربها على القبوريين والمشعوذين وكل انواع الشرك واعتبرت القرب من تقويم الحاكم فتنة ما بعدها فتنه حيث نأت بنفسها عن تفسيرات الحاكمية في العقيدة واتخاذ موقف واضح من الحكم بغير ما انزل الله والآيات المحكمات في ذلك.
ظهر الفكر الجهادي على النقيض من ثقافة النظم القائمة وناقداً للثقافة الاسلامية السائدة .
ان فقه الجهاد هو حجر الزاوية في فكر السلفية الجهادية ومنطلقها ,فقد كفرت الحاكم انطلاقاً من تفسيرات عقيدة الحاكمية والآيات المحكمات ومن احاديث منابذة الحاكم اذا اظهر الكفر البواح وحكم بغير الاسلام واعلن الولاء للكافر فكان القتال واستباحة الدماء .

ومع الهجمة السوفييتيه على فغانستان وفي غمرة الحرب البارده بين حلفي الناتو ووارسو هب الافغان للجهاد مدافعين عن بلادهم , وحرك الغرب حلفاءه في المنطقة فلبى الحلفاء النداء , وهب المخلصون من طليعة هذه الامة وقُدمت لهم كافة التسهيلات وغضت الانظمة الامنية والبوليسية الطرف عنهم وحتى دول الخليج والسعودية التي تقيم حَجْراً على العمل السياسي والجهاد ليس من ادبيات مشايخها تساهلت مع المجاهدين فخاض الشباب الجهاد حتى نهايته وتحقق نصر الله المؤزر ورحل الجيش الاحمر يجر اذيال الخيبة والفشل فكان درس لحكام الامة ان هم اعدوا المجاهدين المخلصين لله وتركوا لهم حرية لقاء العدو سيجدوا مدداً لا ينضب وسيكفونهم مؤونة القتال .

بعد انتهاء الجهاد الافغاني برزت ظاهرة الافغان العرب الذين عادوا بغير الوجه الذي كان , لم يعلم الحكام ان الجهاد مدرسة عقديه وان من يجود بنفسه يتفانى في الدفاع عن معتقده والعمل على ترسيخه في ارض الواقع وستحركه عقيدة الولاء والبراء حتى اتجاه اهله وذويه وعشيرته التي تؤويه .
ومع تحالف شيخيْ الجهاد ( بن لادن والظواهري) وتشكيل قاعدة الجهاد ومن ثم الانطلاق بها على المستوى الدولي والاقليمي يحذوهم ايمان رسّخه نشوة الانتصار على الجيش الاحمر في افغانستان فأعدوا العدة وعجموا السهام لتكون الكرّة المقبلة على الامريكان . فوجهوا ضرباتهم للتواجد الامريكي في المنطقة العربية والافريقية ابتداءاً وتوجوها (بغزوة مانهاتن – نيويورك)

لم يدرك القوم ان اميركا ليست الاتحاد السوفيي وان المنطقة العربية بكاملها تحت النفوذ الامريكي – الاوروبي وان التسهيلات المقدمة في قتال الجيش الاحمر لن تُقدم في قتال الامريكان والاروبيين وكافة حلفائهم في المنطقة وانهم سيواجهون حلفاً عالمياً ضد الاسلام .
وهنا لنا في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم اسوةً حسنة و عبرة في هذا الشأن .
ان جهاد الفرس والروم وقريش وسائر فتوحات الجزيرة لم تكن الا بعد قيام الكيان الاسلامي في المدينة المنوره اي بعد بناء الفرد والمجتمع والدولة ( البناء الايماني العقدي والمبدئي وبعد قيام دولة الرسالة و المنهج ) وبيعة الانصار للرسول (صلى الله عليه وسلم),
ان وجود القاعدة الاسلاميه الصلبة شعباً ونظاماً واقتصاداً وداراسلام , هي ملاذ المجاهدين وقاعدة انطلاقهم ومقدمة لجهاد الطلب وهنا استثني جهاد الدفع لطرد الغزاة والمستعمر الظالم والصائل عن ديار المسلمين فهذا يقوم به المسلمون فوراً لتطهير البلاد ورفع الظلم عن العباد مهما كانت صفة الدارالتي يعيشون بها .
اما قتال الحاكم فهذا مشروع للمسلمين اذا اظهر الكفر البواح فجأةً الذي لدينا برهان عليه من الله بعد بيعة شرعية بين الامة وامامها على الكتاب والسنه تتحقق بهما صفة دار الاسلام للدار التي يستقرون بها ,
ولكننا وُلدنا جميعاً والدار دار كفر وحال حكامنا كما نرى فقد طال عليهم الامد والعمر ولم تُعلن دولنا العربية كدول اسلامية لا من الحاكم ولا من الشعب فالكل في الاثم سواء , ومن ثم بدأت الصحوة الاسلامية المباركة وبروز طلائع الامة وقادة المستقبل ومشاعل الامل ان المتتبع لاحوال الناس يرى اموراً كثيرة وتبايناً كبيراً في فهم العقيدة والبعض يحمل افكاراً تناقض عقيدته جملة وتفصيلاً ,حيث ينطلق من خلفيات فكرية متعددة وكثير من الناس يدافعون عن حكامهم وهم على دينهم فإذاحكمنا بالردة على النظام اصاب الحكم العديد من الناس وستنبري مجاميع للدفاع عن واقعها والسياسي وفهمها العقدي وقد ران عليه ما ران فهل نلحق الناس بحكامهم قبل ان نوضح لهم ولأوليائهم مفاهيم الحاكمية..؟
ان الاسلام غايته بناء فرد ومجتمع وامة واقامة نظام تحتضنه امة وتذود عن معتقدها واسلوب حياتها وطريقة معيشتها واقامة دار اسلام فلا بد من شرح العقيدة وتبيان النواحي السياسية و تحريك جماهير الشعب بقيادة الدعاة العاملين كما قاد ( مصعب بن عمير) الانصار بعد ان حدث الانقلاب العقدي والايماني وكانت ثمرة الدعوة ان بايع سعد بن معاذ واسيد بن حضير ومن تحت امرتهم من الانصار بيعة الحرب والموت .
ان الاستنفار العقدي للامة وترسيخ مفهوم الحاكمية وعقيدة الولاء والبراء كفيل بتحقيق الغاية , الم نرى الثورة الخمينية كيف نجحت والثورات البرتقالية كيف وصلت وسقوط الكتلة السوفييتية وستارها الحديدي عل يد الشعوب والنجاح الكاسح لجبهة الانقاذ في الجزائر لولا التحول العسكري للجبهة الذي استغله اعداء الله ابشع استغلال ,
اما نصر الله المؤزر للمجاهدين الافغان ومن ساندهم من العرب ضد الجيش الاحمر السوفييتي الذي باركه كل المسلمين المخلصين أرجو الا يغرينا ذلك في مواجهة امريكا فالاولوية القصوى هي تحويل ديارنا لدار اسلام وتحريرها من النفوذ الغربي .
ان التخفي عن ابناء الامة والعمل السري تحت الارض و الابتعاد عن الجماهير والشعب وهم وقود التغيير وغايته لن يبني امة ,
فالقوة الحقيقية لدى اي تنظيم او حزب اوحركه هي في قدرته على اختراق المجتمع وتحريك الرأي العام وقيادة الجماهير واحداث الانقلاب العقدي والفكري والتأثيرفي ميزان القوى لصالح الدعوة وتوحيد الناس على طلب الحكم .
ان لتنظيم القاعدة اعوان ومؤيدين وقدرات فكرية فلو تحرك سلمياً من خلال الجماهير لتصبح حاضنة للتنظيم وعقيدته السياسية وتزرع في وجدان الامة العقيدة السليمة لتصبح قضية الحاكمية مطلب الجميع وقضيته المصيرية لنصل الى المفاصلة الكبرى بين الامة والنظم بهذا تشق الامة طريقها نحو صراط الله المستقيم وتترسم خطى نبيها(ص) بعيدا عن الدماء والاشلاء والمفرقعات والآلة الاعلامية الرسمية التي تلبس على الناس امر دينهم وتحرفهم عن وجهتهم وتحارب الدين باسم الارهاب .
منذ فترة طالعتنا الاخبار عن تمكُن القاعده من تجنيد اربعين شخصية سعودية من اصحاب الشهادات والكفاءات والدرجات العلمية ,
اذا كان للتنظيم تلك القدرات العلمية والفقهية في التأثير الفكري لاهل النخبة والتأثير الجهادي في الاستشهاديين فالاجدى هو الدعوة السلمية لحاكمية الله في اوساط الامة , ان نشر الدعاة المؤهلين في كل المحافظات والالوية والامارات والولايات مدججين بعقيدة وايمان كفيل باحداث ثورة عارمة تتصاغر امامها كل القوى العسكرية والماديه وسنجد مناصرين كُثُر من دعاة الديموقراطية والحريات السياسية وحقوق الانسان لانه لن يقف حائل ما بين الامة وارادتها باقامة كيانها العقدي فالفكر بحاجة الى فكر أقوى والعقيدة بحاجة الى عقيدة اقوى والمنهج السليم له القوامة على كل المناهج اما خلية نائمة وخلية حية او نشطة هنا وهناك فالعسكر مستعد لانهاء هذا الامر عسكرياً وبهذا لابد ان ندرك مدى جسامة الخساره البشرية لمؤمنين كان من الممكن ان يكونوا قادة المستقبل . وهنا يرد يرد سؤالاً هل من متطلبات بناء الامة و اقامة الدولة الاسلامية ان ننطلق من اعلى ناطحة سحاب في اميركا ونسويها في الارض ..؟ وهل استهدف رسولنا صلى الله عليه وسلم في مكة اعلى هامة في المدائن او روما ليثنيها حتى يصلح عرب الجزيرة مع وجود البشرى بفتح تلك البلاد وان الظعينة ستؤم البيت لا تخشى منذر ولا غسان ولا تغلب
لقد انتقل الرسول (ص) في مكة الى مرحلة من الدعوة تأثرت بها قريش وكان عداؤها يشتد على الرسول(ص) وهي دعوة القبائل والاستنصار بها وكان يتقصد سادتها وكبراءها و مشايخها طالباً الايواء والنصرة وحماية الدعوة فان ابوِِْ يطلب الكتمان وعدم البوح حتى كانت استجابة الانصار التي اصابت كيان قريش فى مقتل .
ان مايقلق اروبا حالياً واميركا هو هذه الصحوة المباركة و انتشار الاسلام بين ابنائها وظهوره كدين ثان ينافس المسيحية في اروبا ولن تغامر اروبا بفرض قوانين تعسفية تخالف حقوق الانسان والتي يقول احد مفكريها (لن تقف قوة على وجه الارض امام فكرة آن أوان ظهورها )
.
فلنترسم خطى الحبيب المصطفى في دعوته عسى ان يبرم الله لامتنا امراً يُعز فيه اهل الطاعة ويُذل فيه اهل المعصية انه سميعٌ قريبٌ مجيبُ الدعاء .