المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة الجمعة للشيخ يوسف أبو سنينة من المسجد الأقصى بتاريخ 13/9/2002م وفق 6 رجب 1423 هجري


admin
05-12-2009, 04:40 PM
تاريخ الخطبة: 6 رجب 1422 الموافق ل 13/9/2002م
عنوان الخطبة: قراءة في واقع قضية فلسطين
الموضوع الرئيسي: العلم والدعوة والجهاد, موضوعات عامة
الموضوع الفرعي: المسلمون في العالم, جرائم وحوادث
اسم الخطيب: يوسف بن عبد الوهاب أبو سنينه

ملخص الخطبة
1- حديث البطاقة. 2- تواصل العدوان على شعب فلسطين وسط صمت عربي مطبق. 3- تخبط الشارع الفلسطيني بعيداً عن الحل الشرعي. 4- ضياع فلسطين (القضية) في زحمة الممارسات والشواغل اليومية. 5- أمريكا تواصل الحشد لحملة جديدة على شعب العراق. 6- الخلاف بين العراق وإيران. 7- دعوة للعودة إلى الدين والصدور عنه. 8- تنصل اليهود من اتفاقات السلام. 9- الحل الإسلامي لقضية فلسطين.

الخطبة الأولى
أما بعد:
أيها المؤمنون، ورد في الحديث الصحيح عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يصاح برجل من أمتي على رسول الخلائق يوم القيامة، فينشر له تسعة وتسعون سجلاً، كل سجل منها مد البصر ثم يقول الله تبارك وتعالى: أتنكر من هذا شيئاً؟ فيقول: لا، يا رب. فيقول الله عز وجل: ألك عذر؟ أو حسنة؟ فيهاب الرجل فيقول: لا يا رب، فيقول الله عز وجل: إن لك عندنا حسنات، وإنه لا ظلم عليك، فيخرج له بطاقة فيها: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. فيقول: يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟! فيقول: إنك لا تظلم. قال: فتوضع السجلات في كفة، والبطاقة في كفة، فطاشت السجلات وثقلت البطاقة))<SUP><SUP>[1]</SUP></SUP> (http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2002-09-13.htm#_ftn1). صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أيها المؤمنون، حين يتواصل العدوان الإسرئيلي على شعبنا المسلم بكل قسوة وحقد، ضاربة الحكومة الإسرائيلية عرض الحائط بكل الأعراف والمواثيق الدولية التي تحافظ على حياة الإنسان الأسير، فشعبنا الفلسطيني بأسره هو شعب أسير، بمعنى الكلمة، فالعزل التام الذي تفرضه إسرائيل على مدينة القدس، والحصار الخانق، ونقاط التفتيش المقامة في كل زاوية وشارع وحارة وزقاق، ومنع تنقل أبناء البلد الواحد بين مدن وقرى الضفة الغربية وحرمان العمل لجميع أبناء شعبنا المسلم في الضفة والقطاع، كل ذلك أدى إلى تفاقم الأوضاع المعيشية وزيادة نسبة البطالة والعاطلين عن العمل، إن معاناة شعبنا مستمرة، ولن تتوقف ما دام الاحتلال يمعن في قهرنا، والعالم من حولنا لا يحرك ساكناً، وكأن معاناتنا مجرد مسلسل تلفزيوني يتابعون مشاهدة حلقاته المأساوية الدامية من قتل واغتيالات وتصفيات واعتقالات وإبعاد وهدم منازل وتجريف للأراضي، ولم نسمع حتى عبارات الاستنكار والتنديد بالمجازر التي ترتكب يومياً.
ونحن نتخبط في توجهاتنا وتحليلاتنا للأوضاع، منا من يدعو إلى وقف المفاوضات، ومنا من يدعو إلى استئنافها، منا من يشجب المقاومة، ومنا من يدعو إليها، ومنا من يدعو إلى السلام كاستراتيجية تدور في هذه الأيام، ومنا من يدين التآمر الأمريكي، ومنا من يحج إلى الشرق أو الغرب.
من هنا ضعف موقفنا، وضعفت قضيتنا، أصبح همنا الأول والأخير هو إزالة الحواجز ونقاط التفتيش، لم تعد قضية فلسطين قضية إسلامية، أصبحت قضيتنا اليوم هي قضية الحواجز، أين ستضع إسرائيل الحواجز، قبل العيزرية أو بعدها، عند كفر عقب أو قبل مخيم قلنديا أم الفحم وعارة وعرعرة والمثلث، هل ستضم إلى الضفة الغربية أم تبقى ضمن فلسطين المحتلة؟ متى تزال الحواجز بين نابلـس ومخيم بلاطة وبين رفح وخان يونـس وبين مخيم جباليا والنصيرات؟ هل سيرفع منع التجول عن رام الله أم سيستمر في مدينة الخليل؟
هذه التساؤلات هي من اهتمامات شعبنا اليوم، فالأجوبة والأجوبة عليها في عالم الغيب، فلم تعد تذكر قضية القدس كقضية مركزية، ولم يعد الحديث يتناول حق العودة للمشردين واللاجئين والنازحين كحق تاريخي.
إن تكريس الفصل الفعلي والأحادي الجانب هو الحل الوحيد الذي تعمل إسرائيل حالياً على فرضه علينا، هذا الفصل وهذا العزل سيزيد من معاناة شعبنا دون أن تلوح في الأفق بارقة أمل للخلاص من هذا الواقع المرير والموت البطيء، إسرائيل تخطط وتفكر ليل نهار من أجل بسط سيطرتها على منطقة المسجد الأقصى المبارك، فما حصار القدس وعزلها إلا توطئة لتنفيذ مخططاتها الرامية إلى تقسيم هذا المسجد المبارك ـ لا قدر الله ـ والسماح للمستوطنين اليهود والمتطرفين بدخوله والصلاة فيه، إن التنسيق الأمريكي الإسرائيلي يهدف إلى تمزيق الأمة الإسلامية لتحقيق الأطماع التوسعية وتنفيذ المخططات الرامية إلى النيل من قدسية هذا المكان المبارك.
أيها المؤمنون، في الوقت الذي تستعد فيه أمريكا لتوجيه عدوان جديد على العراق وتواصل حشد قواتها وشن حملات إعلامية مكثفة ضد نظام الحكم هناك لتأييد الرأي العالمي الذي يعارض بأغلبيته هذه القرصنة الأمريكية الجديدة في العالم، في هذا الوقت وللأسف الشديد نرى حملات إعلامية مضادة بين العراق وإيران الدولتان المسلمتان اللتان تتهمهما أمريكا بدعم الإرهاب على حد زعمها، الدولتان اللتان تشكلان البعد الاستراتيجي في منطقة الخليج العربي، فبدلاً من التقارب حفاظاً على المصالح المشتركة، وبدلاً من الترفع عن المهاترات ونسيان الخلافات وتجاوز العقبات نرى الهوة بين النظامين تزداد، كم حذرنا أيها المؤمنون من على هذا المكان الطاهر من الفرقة بين الشعوب والحكومات الإسلامية، كم طالبنا هذه الحكومات بالوحدة الإيمانية على أساس الرابطة العصبية الإسلامية التي هي من أهم أسباب النصر وأهم عوامل التمكين في الأرض، فربنا تبارك وتعالى يقول في محكم التنزيل: http://www.alminbar.net/images/start-icon.gifوَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِى ٱلأرْضِ كَمَا ٱسْتَخْلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ ٱلَّذِى ٱرْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدّلَنَّهُمْ مّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِى لاَ يُشْرِكُونَ بِى شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذٰلِكَ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْفَـٰسِقُونَhttp://www.alminbar.net/images/end-icon.gif [النور:55].
عباد الله، أليس هذا الوقت هو الذي يجب أن تتركز فيه الجهود من أجل أمتنا الإسلامية ولتعزيز التعاون بين العراق وإيران لإفشال المخططات الأمريكية، فما الذي يجري على الساحة العراقية الإيرانية؟ لماذا هذا الخلاف وعقارب الساعة تقترب من ساعة الصفر! أفيقوا يا مسلمون، أفيقوا من غفلتكم وسباتكم، استيقظوا من هذا السبات العميق، كفاكم فرقة واختلافاً، وحدوا صفوفكم، تناسوا خلافاتكم، اجعلوا من دينكم العظيم مبعثاً لانتصاراتكم على أنفسكم أولاً ثم انتصاراتكم على الأعداء ثانياً، بوحدة العقيدة، والثبات على المبدأ وعلى الإيمان، وبالجد والاجتهاد والعمل المتواصل بنية صادقة بالصبر والإخلاص والتعاون والعمل البناء لبناء دولة الإسلام.
بهذا المنهج الصحيح والطريق المستقيم تستطيعون أن تنتصروا على أعدائكم، هكذا انتصر المسلمون في يوم بدر، وهكذا انتصروا في عين جالوت، بوحدة العقيدة والثبات على المبدأ انتصروا في اليرموك والقادسية، واستطاعوا بإيمانهم أن يهزموا أكبر قوة طاغية في ذلك الزمن، وبنفس المبدأ الإيماني استطاع السلطان صلاح الدين الأيوبي أن ينتصر على الصليبين وفتح بيت المقدس.
عباد الله، إننا ندفع ثمن تخلفنا وتخاذلنا وابتعادنا عن ديننا، ما ترونه بأعينكم وكل ذلك على حساب وجودنا وكرامتنا وحضارتنا، فإلى متى هذا الهوان؟ إلى متى هذا الذل؟ إلى متى هذا السهاد؟ إلى متى هذه الفرقة والتشرذم؟ هل من عودة صادقة؟ هل من رجوع إلى الله وحده سبحانه وتعالى؟ فهو القادر على نصرتكم ورفع الظلم عنكم.
أيها المؤمنون، لقد صعدت الحكومة الإسرائيلية من عدوانها المبرمج ضد أمتنا وضد شعبنا بأسره على ترابنا الفلسطيني، وإلغاء الحكومة الإسرائيلية صراحة اتفاقات أوسلو يأتي بعد هذه السلسلة الكبيرة من الاغتيالات والاجتياحات والتصفيات وعمليات الإبعاد والتهجير، ولا شك أن انعدام الرؤية الصحيحة من جانبنا لحقيقة الصراع قد ساهم بإعطاء إسرائيل حق ضرب الانتفاضة والانقضاض على منجزاتنا.
إن الخلط بين الإرهاب والمقاومة المشروعة قد دفعهم إلى اعتبار كل أنواع النضال المشروع هو إرهاب، فإسرائيل فرضت قيودها وشروطها، فكان لها ما أرادت، اتهمتنا بالفساد وطالبت بالإصلاح السياسي وكان لها ما أردات، طالبتنا بالإبعاد فكان لها ما أرادت، وبعد كل هذا الاستسلام ضربت بعرض الحائط كل المواثيق والسؤال!
الذي نطرحه هنا ماذا لو ألغت الدول العربية - التي وقعت معها اتفاقات سلام - ماذا لو ألغت هذه الاتفاقات؟ لقامت الدنيا ولم تقعد ولاتهمت بالإرهاب وزعزعة السلام، إن إلغاء اتفاقات أوسلو وما تبعها من معاهدات تأتي لتربهن صحة الموقف الذي طالما قلناه صراحة من هذا المكان الطاهر، وقلنا مراراً: إن كل الاتفاقات باطلة شرعاً لأن أرض فلسطين هي أرض إسلامية وقفية لا يمكن التنازل عنها أو التفريط بها.
إن المسلمين اليوم مطالبون بصحوة جادة حتى يدركوا المخاطر التي تحيط بنا، وهل لا زلنا نعتبر السلام منهجاً استراتيجياً؟ وهل لا يزال منا من يقدم مبادرات لإحياء السلام الميت المدفون؟ لقد تساءل بعضنا عن البديل، فقلنا: إن البديل هو الإسلام، إن الشريعة الإسلامية هي الأساس وليس الشرعية الدولية، إن كتاب الله وسنة رسوله هي الحبل المتين لأمة الإسلام وليس ما يسمى الأمم المتحدة.
عباد الله، توجهوا إلى الله تبارك وتعالى بقلوب مؤمنة صادقة، توجهوا إليه بقلوب منكسرة لعل الله تبارك وتعالى أن يستجيب لنا فهو القائل: http://www.alminbar.net/images/start-icon.gifوَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي فَإِنّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِى وَلْيُؤْمِنُواْ بِى لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَhttp://www.alminbar.net/images/end-icon.gif [البقرة:186]، وهو القائل: http://www.alminbar.net/images/start-icon.gifأَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ ٱلسُّوء وَيَجْعَلُكُمْ حُلَفَاء ٱلأرْضِhttp://www.alminbar.net/images/end-icon.gif [النمل:62].
ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، فيا فوز المستغفرين استغفروا الله…

<HR align=right width=33 SIZE=1>[1] (http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2002-09-13.htm#_ftnref1) رواه الحاكم في المستدرك (1937)، ورواه مختصرا ابن ماجه في سننه (4300).



الخطبة الثانية
لم ترد.