المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قد يكون متكرر : قرأت لك : { يمنع قسمة مكة لأنها دار نسك } . *


نائل أبو محمد
03-21-2011, 08:55 PM
http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=46736
قرأت لك : { يمنع قسمة مكة لأنها دار نسك } . *

الاثنين 16 ربيع الثاني 1432

نائل أبو محمد
03-21-2011, 08:56 PM
فصل

[ يمنع قسمة مكة لأنها دار نسك ]

وأما مكة ، فإن فيها شيئا آخر يمنع من قسمتها ولو وجبت قسمة ما عداها من القرى ، وهي أنها لا تملك فإنها دار النسك ومتعبد الخلق وحرم الرب تعالى الذي جعله للناس سواء العاكف فيه والباد فهي وقف من الله على العالمين وهم فيها سواء ومنى مناخ من سبق قال تعالى : إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والبادي ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم [ الحج 25 ] ، والمسجد الحرام هنا ، المراد به الحرم كله كقوله تعالى : إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا [ التوبة 28 ] ، فهذا المراد به الحرم كله وقوله سبحانه سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى [ الإسراء : 1 ] ، وفي الصحيح إنه أسري به من بيت أم هانئ وقال تعالى : ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام [ البقرة 196 ] ، وليس المراد به حضور نفس موضع الصلاة اتفاقا ، وإنما هو حضور الحرم والقرب منه وسياق آية الحج تدل على ذلك فإنه قال ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم وهذا لا يختص بمقام الصلاة قطعا ، بل المراد به الحرم كله فالذي جعله للناس سواء العاكف فيه والباد هو الذي توعد من صد عنه ومن أراد الإلحاد بالظلم فيه فالحرم ومشاعره كالصفا والمروة ، والمسعى ومنى ، وعرفة ، ومزدلفة ، لا يختص بها أحد دون أحد ، بل هي مشتركة بين الناس إذ هي محل نسكهم ومتعبدهم فهي مسجد من الله وقفه ووضعه لخلقه ولهذا امتنع النبي صلى الله عليه وسلم أن يبنى له بيت بمنى يظله من الحر وقال منى مناخ من سبق

[ جمهور الأئمة على عدم جواز بيع أراضي مكة ولا إجارة بيوتها ]

ولهذا ذهب جمهور الأئمة من السلف والخلف إلى أنه لا يجوز بيع أراضي مكة ، ولا إجارة بيوتها ، هذا مذهب مجاهد وعطاء في أهل مكة ، ومالك في أهل المدينة ، وأبي حنيفة في أهل العراق ، وسفيان الثوري ، والإمام أحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه .

وروى الإمام أحمد رحمه الله عن علقمة بن نضلة ، قال كانت رباع مكة تدعى السوائب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر من احتاج سكن ومن استغنى أسكن .

وروي أيضا عن عبد الله بن عمر : من أكل أجور بيوت مكة ، فإنما يأكل في بطنه نار جهنم رواه الدارقطني مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وفيه إن الله حرم مكة ، فحرام بيع رباعها وأكل ثمنها .

وقال الإمام أحمد حدثنا معمر عن ليث عن عطاء وطاووس ومجاهد ، أنهم قالوا : يكره أن تباع رباع مكة أو تكرى بيوتها .

وذكر الإمام أحمد عن القاسم بن عبد الرحمن ، قال من أكل من كراء بيوت مكة ، فإنما يأكل في بطنه نارا .

وقال أحمد حدثنا هشيم ، حدثنا حجاج عن مجاهد ، عن عبد الله بن عمر ، قال نهي عن إجارة بيوت مكة وعن بيع رباعها .

وذكر عن عطاء قال نهي عن إجارة بيوت مكة . وقال أحمد حدثنا إسحاق بن يوسف قال حدثنا عبد الملك قال كتب عمر بن عبد العزيز إلى أمير أهل مكة ينهاهم عن إجارة بيوت مكة ، وقال إنه حرام .

وحكى أحمد عن عمر أنه نهى أن يتخذ أهل مكة للدور أبوابا ، لينزل البادي حيث شاء وحكى عن عبد الله بن عمر ، عن أبيه أنه نهى أن تغلق أبواب دور مكة ، فنهى من لا باب لداره أن يتخذ لها بابا ، ومن لداره باب أن يغلقه وهذا في أيام الموسم .

قال المجوزون للبيع والإجارة الدليل على جواز ذلك كتاب الله وسنة رسوله وعمل أصحابه وخلفائه الراشدين . قال الله تعالى : للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم [ الحشر 8 ] ، وقال فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم [ آل عمران 195 ] ، وقال إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم [ الممتحنة 9 ] فأضاف الدور إليهم وهذه إضافة تمليك وقال النبي صلى الله عليه وسلم وقد قيل له أين تنزل غدا بدارك بمكة ؟ فقال وهل ترك لنا عقيل من رباع ولم يقل إنه لا دار لي ، بل أقرهم على الإضافة وأخبر أن عقيلا استولى عليها ولم ينزعها من يده وإضافة دورهم إليهم في الأحاديث أكثر من أن تذكر كدار أم هانئ ، ودار خديجة ، ودار أبي أحمد بن جحش
وغيرها ، وكانوا يتوارثونها كما يتوارثون المنقول ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم وهل ترك لنا عقيل من منزل وكان عقيل هو ورث دور أبي طالب فإنه كان كافرا ، ولم يرثه علي رضي الله عنه لاختلاف الدين بينهما ، فاستولى عقيل على الدور . ولم يزالوا قبل الهجرة وبعدها ، بل قبل المبعث وبعده من مات ورثته داره إلى الآن وقد باع صفوان بن أمية دارا لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بأربعة آلاف درهم فاتخذها سجنا ، وإذا جاز البيع والميراث فالإجارة أجوز وأجوز فهذا موقف أقدام الفريقين كما ترى ، وحججهم في القوة والظهور لا تدفع وحجج الله وبيناته لا يبطل بعضها بعضا بل يصدق بعضها بعضا ، ويجب العمل بموجبها كلها ، والواجب اتباع الحق أين كان .

نائل أبو محمد
03-21-2011, 08:57 PM
يتبع ..........