المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ارتقاء العادة لعبادة


يحيى حسن
04-14-2011, 04:31 PM
http://yahuia.yammh.com/files/2011/04/imagesCA4J2WD7.jpg
وعادة تعنى - مواظبة - فكيف إذن تتحول العادات إلي عبادات ؟ مبدئيا فالأصل في الأفعال والأشياء هي الإباحة ما لم يأتي نص إلهي صحيح صريح بتحريمها , وما العادات إلا أفعال وسلوكيات ينتهجها البشر لتسير أمور حياتهم فإن اصطدمت بنص إلهي صحيح صريح خرجت من موسوعة الحلال ودخلت حيز الحرام , ويشترط لتحول العادة إلي عبادة أن يكون الفرد مؤمنا بالله , فعلى سبيل المثال المرأة غير المؤمنة التي تعودت ستر جسمها بسبب برودة الطقس في المناطق الجليدية تختلف عن أختها التي تعيش نفس الظروف فتعودت ستر عورتها إيمانا بالله وتجنبا الفتن فتصبح عادة ستر عورتها عبادة, بينما لا ينطبق هذا على المرأة الأولى فسترت جسمها لبرودة الطقس لا إيمانا بالله . وهكذا عادة تحصيل العلم لدى الطالب تتحول لعبادة حين يكون غرضها الإرتقاء بالعقلية المؤمنة , كما تتحول عادة الأكل لعبادة عندما يكون الغرض تقوية البدن واستثماره فيما يرضى الله , حتى عادة الممارسة الزوجية تصبح عبادة عندما يكون الغرض منها سد منافذ الشهوة الشيطانية وفتح باب المتعة المباحة للزوجين والدليل من قول الرسول (صل الله عليه وسلم) (( وَفِيْ بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ قَالُوا: يَا رَسُوْلَ اللهِ أَيَأْتِيْ أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُوْنُ لَهُ فِيْهَا أَجْرٌ؟ قَالَ:أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فَيْ حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ وِزْرٌ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فَي الحَلالِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ,,)) رَوَاهُ مُسْلِمٌ , فالإيمان شرط لتحول العادة لعبادة حيث يتسم بالإيمان كل ذي عقل مكلف , وعليه فلا ننسب عادة شروق وغروب الشمس بأنها تحولت لعبادة حيث لا عقل أو تكليف للشمس وينطبق هذا على الحيوان والنبات , مع إيماننا بأن جميع المخلوقات تسبح الله لكننا لا نفقه كيفية تسبحها كما في قوله سبحانه ( وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ... وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ... إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم ...مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ...ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) الأنعام 38 , وقوله سبحانه { تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً } الإسراء44 , والقوة الإلهية حاصرت المحرمات بمعنى أن جعلت ما حرم علينا اقل بكثير مما أحل الله لنا , إلا أن الحرام له مقدمات كثيرة تسهل الإنزلاق به , فجاءت بعض النصوص الصحيحة والصريحة للنهى عن الأقتراب من مقدمات المحرمات كما فى قوله سبحانه ( وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً ) [الإسراء:32]

فالإسلام لم ينهى عن فعل أوعادة إلا وثبت بالعلم والدليل خبثها وضررها , فقال سبحانه ( قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ ) الأنعام/145
, فحرم الله أكل الميتة لجهلنا سبب موتها فلعلها مسمومة تضر بالصحة أو تطيح بحياة أكلها , فحرصنا على حياة الحيوان يجعلنا نهتم به ولا نقسوا عليه أو نهمله فنفقده ميتا وذلك من رحمة الله بالحيوان , ويأتي تحريم لحم الخنزير حيث اثبت العلم والعصر الحديث خبث وضرر تناوله كطعام بالاضافة لقذارة الخنازير التي تعشق أكل القاذورات بما يتعارض أكلها وتكريم الإنسان , وهكذا المناهج السماوية تعودنا على عادات نافعة رفيعة السلوك تتناسب مع أدمية وتكريم النفس البشرية . فهنيئا للمؤمنين بالله الذى حرم عليهم الخبائث وأحل لهم الطيبات من الرزق .
بقلم/ يحيى حسن حسانين
اللهم ارحم أمواتنا جميعا واجمعنا بهم في خير يوم نصير ألي ما صاروا إليه
http://yahuia.yammh.com/files/2011/03/images.jpg