المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : درس الأربعاء من المسجد الأقصى المبارك للشيخ خالد المغربي بتاريخ 11/05/2011م وفق 09 جمادي الثاني 1432 هجري


admin
05-12-2011, 02:02 PM
درس الأربعاء من المسجد الأقصى المبارك للشيخ خالد المغربي بتاريخ 11/05/2011م وفق 09 جمادي الثاني 1432 هجري
<EMBED height=395 width=612 src=http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/2011/2011-05-11-1432-06-09/Dars-Khaled-Resalah-lelmazloom.wmv>

رسالة إلى كل مظلوم

admin
05-12-2011, 05:21 PM
رسالة إلى كل مظلوم

كثيراً ما نسمع عن أخطاء إقترفها أطباء أدت لأضرار جسدية للمريض قد تصل للموت، أو قد نسمع عن حوادث سير تتراوح اضرارها ما بين الضرر المادي للسيارات أو الإصابات الجسدية وأحيانا ينجم عنها حالات موت، أو قد نسمع أن إثنين تمازحا أو لعبا في مباراة وحدث ضرر جسدي لاحدهما، أو قد نسمع عن مشكلة حدثت بين شريكين في تجارة حيث إدعى أحدهما على الاخر أن تسبب بخسارة للشركة، أو قد نسمع أن شخصاً قام بعمل (سحر) لآخر أدى لمرضه أو ضرره، والقصص اليومية التي تحدث في هذا المضمار تكاد تكون الشغل الشاغل والهم الاكبر لمعظم الناس، فالناس تكاد تنقسم لقسمين إما ظالم وإما مظلوم، والسؤال: كيف نتعامل مع هذه الحالات؟ هل نطالب بالتعويض المالي لتغطية الأضرار المادية والمعنوية؟ هل نطالب بدل الوقت الضائع الذي صرفناه في معالجة الامور؟ أم نحتسب أمرنا على الله ونقول (عليه العوض)؟ والصحيح أن أي إجابة متسرعة قد تكون خاطئة، فأن تقول (العوض على الله) أحيانا يكون خاطئ، وأحيانا إن أنت طالبت بالتعويض تكون قد أخطأت، فهناك منهج سليم وهناك أساسات مهمة يجب إتباعها والسير عليها لمعرفة أفضل تصرف يمكن الرد فيه على المشكلة التي بين أيدينا، تعالوا نتذاكر ببعض أساسات ديننا الحنيف لعل الله ينفعنا بالذكرى ويهدينا سبل الرشاد في التعامل مع العباد، ومن هذه النقاط
قدر الله وعلاقة أعمالنا به<O:p</O:p

نحن كمسلمين نؤمن أن القضاء والقدر ركن أساسي من أركان الإيمان، ونعلم أنه عز وجل عندما خلق القلم قال له أكتب، فكتب كل ما هو كائن في السماوات والارض، وهذا قبل خلق السماوات والأرض بخمسين الف سنة، بمعنى أن أعمالنا التي نقوم بها مقدرة منذ الأزل ومكتوبة في اللوح المحفوظ بقدر الله، ونحن كمسلمين نعلم أن كل ما كتبه الله عز وجل في اللوح المحفوظ سيحدث ولا مفر منه وحتى في المثل العامي نقول (المكتوب على الجبين لازم تشوفه العين)، ونقول (مقدر ومكتوب)، وفي الحديث عن زيد بن ثابت أنه قال: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله لو عذب أهل سماواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم كانت رحمته خيرا لهم من أعمالهم، ولو أن لك مثل أحدٍ ذهباً أنفقته في سبيل الله ما قَبِلَه الله منك حتى تؤمن بالقدر وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطئك لم يكن ليصيبك، وإنه من مات على غير هذا دخل النار) (إسناده صحيح / المهذب). وعن عبد الله بن عباس أنه قال (كنت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال: يا غلام، إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، (رفعت الأقلام وجفت الصحف)) (صحيح / الترمذي) بمعنى أن صاحب العمل إنما قام بتنفيذ قضاء الله وقدره المكتوب في لوحه المحفوظ في واقع الحياة الدنيا، فهو جندي مجند من جنود الله سخره عز وجل ليرسم قضاءه وقدره، فصاحب العمل ليس له من هذا العمل الحدوث أو عدم الحدوث، ولو أنه استطاع أن يمنع نفسه عن حدوث عمل ما –وما هو بقادر- لحدث هذا العمل على يد غيره لأنه جزء من قضاء الله وقدره في لوحه المحفوظ، بمعنى أن من قام بنفعك أو بالإضرار بك إنما قام بتنفيذ قضاء الله وقدره عليك والمسجل عليك منذ الأزل وهذا الذي اصابك لا يمكن أن يخطئك ولا بأي حال من الأحوال.

الإنسان مسؤول أمام الله على نية عمله<O:p</O:p

كلنا يحفظ حديث الرسول صلى الله عليه وسلم والذي إختاره النووي ليكون أول أربعينه حيث يقول صلى الله عليه وسلم (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو إلى امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه) (صحيح / البخاري)، فهذا الحديث المفصلي هو أساس حسابنا مع الله، نية العمل، فليس العمل نفسه هو المهم، وهذا هو العدل بعينه، فالعمل كما قلنا إنما هو قضاء الله وقدره، وليس للإنسان فيه الحدوث أو العدم، فلو حاسبنا عز وجل على أعمالنا لظلمنا، لذلك فإنه يحاسبنا على نصيبنا في هذا العمل، ونصيبنا في الأعمال هو فقط عمل القلب وهو النية، فماذا كانت النية عند القيام بالعمل؟! فلربما يُؤثم المصلي! ولربما يُعذب المقاتل! ولربما تُسعر النار أول ما تُسعر بالعالِم! وقد تَنْدَلِقُ أقتاب الآمر بالمعروف في النار! كل هذا إذا فسدت نية العمل، وكان عمل هؤلاء رياءاً وسمعة للناس. وفي المقابل قد يثاب الطبيب الذي أدى دواؤه لموت إنسان، لان نية هذا الطبيب كانت شفاءَ هذا المريض، فالنية هي أساس الحساب بيننا وبينه سبحانه وتعالى يوم القيامة. فالنية هي الفاصل في كون العمل حلالاً أو حراماً، ومن كَرَمِه عز وجل أنه إذا توافقت نيتنا في العمل مع قضاءه في هذا العمل وكان هذا العمل في طاعة الله أنه يضاعف لنا ثواب العمل أضعافا كثيرة أقلها عشرة أضعاف، ومن رحمته عز وجل أنه إن لم يكتب لنا حدوث عملٍ نوينا القيام به فإنه يثيبنا بحسنة لعدم إحداثه هذا العمل، ومن عدله عز وجل أنه لا يكتب لنا غير سيئة على نية عمل سيء نويناه وتوافق مع قدره عز وجل فيما في لوحه المحفوظ.
مشيئة الله ومشيئة العبد وعلاقتهما بالقدر<O:p</O:p

قلنا أن العمل مقدر من الله في اللوح المحفوظ، وأن الإنسان ينوي ان يقوم بالعمل، فإن توافقت نية العمل لدى الإنسان مع قدر الله في اللوح المحفوظ، يعرض هذا العمل ونية هذا المخلوق على الله عز وجل لإقرار حدوث العمل من عدمه، وهذا ندعوه بحدوث مشيئة الله في أن يُجري هذا القدر على يد هذا المخلوق، يقول عز وجل (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09412)) (الإنسان76: 30)، ويقول (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09620)) (التكوير81: 29)، فكما نرى فإن مشيئة العبد منطوية تحت مشيئة الله، فليس من قُدْرَةِ المخلوقات القيام بأي عمل مهما كان وأياً كان إلا إذا شاء الله لهذا العمل بالحدوث، فنية العمل في الخير أو في الشر ليست هي التي تُحدث العمل، أنت لك النية والله له المشيئة النافذة، جاء في مدارج السالكين (عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لرجل قال له ما شاء الله وشئت: أجعلتني لله ندا قل: ما شاء الله وحده) (صحيح)، وفي رواية (إذا حلف أحدكم فلا يقل ما شاء الله وشئت ولكن ليقل ما شاء الله ثم شئت) (حسن صحيح / إبن ماجة).
الحول والقوة لحدوث العمل هي من الله<O:p</O:p

لغاية الآن، 1. لدينا قَدَرٌ في اللوح المحفوظ، 2. لدينا نية عمل من مخلوق، 3. ولدينا مشيئة من الله في حدوث العمل، فماذا يتبقى لحدوث هذا العمل، تتبقى القوة والحول القادران على إحداث هذا العمل، فمن اين ستأتي القوة ومن أين سيأتي الحول؟ من العبد أم من الله؟! والجواب طبعا: من الله، ألا نكثر من قول (لا حول ولا قوة إلا بالله) أم اننا نقول بألسنتا أن القوة لله ثم عندما نتعامل مع الدنيا نحول القوة للعباد ونقول فلان فعل وفلان عمل وفلان قعد وفلان قام؟! أما قرأنا قوله عز وجل (وَلَوْلَا إِذ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِن تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالاً وَوَلَداً (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=05970)) (الكهف18: 39) أم أننا لا نتدبر ما نقرأ؟! فلا يمكن لأي عمل مهما كان بسيطاً أن يحدث إلا إن مده الله بالحول والقوة الكافيين لحدوثه، فلا حركة ولا سكون إلا بقوة الله، وهذا باعتراف العلماء جميعاً، فقد أقر العلم أن الجسم الساكن يبقى ساكناً ما لم تؤثر به قوة تغير من حال سكونة، وأن الجسم المتحرك يبقى متحركا ما لم تؤثر به قوة تغير من حالة سكونه، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
قوة الله لحدوث العمل على نوعين<O:p</O:p

قلنا أن العمل مقدر وبهذا فأصله حلال، ولكن نية الإنسان هي التي تحدد أن يسجل هذا العمل لنا حلال أو أن يتغير عن أصله فيصبح حراماً، فمثلاً، لو قدر الله على شخص أن يأكل، يبقى على الإنسان أن يختار العمل الحلال للوصول للأكل أو أن يختار سرقة هذا الطعام بلا ضرورة فيجعل منه حراماً، وفي كلتا الحالتين أن نختار بنيتنا أن نقوم بحلال مباح أو نقوم بحرام ممنوع، يبقى علينا أن نتزود بالقوة من الله كي يحدث هذا العمل، إلا أن هذه القوة تختلف بكون العمل حلالاً أو حراماً، فقد إستخدم عز وجل في كلامه لفظين يدلان على تزويده عباده بالقوة هما (المد) و (المدد أو الإمداد) والمد أقل من الإمداد، فالإمداد هو التتابع في المد وهو أكثر منه، وأما المد فقد إستخدمه عز وجل ليدلل به على عمل فيه معصية لله وبهذا يكون المد على قدر المعصية لا أكثر يقول عز وجل (اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِم وَيَمُدُّهُم فِي طُغْيَانِهِم يَعْمَهُونَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=03813)). (البقرة2: 15)، ويقول عز وجل (كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدّا (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=06120)ً). (مريم19: 79)، وأما الإمداد فيدل على عمل فيه خير فتأتي القوة ببركةٍ من الله وأكثر مما يحتاجه العمل فيتنعم به العابد في حاله وبدنه، يقول عز وجل (وَأَمْدَدْنَاهُم بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=08548)). (الطور52: 22) ويقول (وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَكُم جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَكُم أَنْهَاراً (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09222)). (نوح71: 12).
مشروعية القصاص عند حدوث الضرر<O:p</O:p

من المؤكد أن المفاهيم السابقة التي ذكرناها تتفاوت في الفهم والقبول بين شخص وآخر، فمن الناس من سيرى أن ما يحدث معه هو عمل الله ومنهم من سيرى أن ما حدث هو عمل الناس، وكونه عز وجل يعلم ما في قلوب عباده أجمعين من أول الخلق لآخره فقد شرع القصاص بينهم، يقول عز وجل (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَن عُفِيَ لَهُ مِن أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِن رَبِّكُم وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=03976) * وَلَكُم فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَأُولِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=03977)) (البقرة2: 178-179)، لاحظ أنه عز وجل قال ولكم في القصاص حياة ولم يقل ولكم في الحياة قصاص ليدلل على أن هناك بعض النفوس لا تطيق الظلم وتحتاج القصاص، ولو أنه عز وجل قال ولكم في الحياة قصاص لأوجب علينا الإقتصاص في كل الأحوال، ويقول (الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُم فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُم وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=03992)) (البقرة2: 194)، لاحظ أنه عز وجل إعتبر القصاص إعتداء نرد به على إعتداء من إعتدى علينا، ويقول (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=04505)) (المائدة5: 45)، لاحظ أن المقتص إذا تعدى حدود القصاص يظلم نفسه ويصبح من الظالمين، ويقول (وَإِن عَاقَبْتُم فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُم لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=05818)) (النحل16: 126)، وهنا أيضاً يعتبر الله القصاص إعتداء وعدمه صبر وخير، يقول عز وجل (الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=04218)) (آل عمران3: 134). والخلاصة في هذا الباب أن القصاص مشروع ولكن العفو أفضل، ولكن هذا له تفصيل، لذلك دعونا لا نتعجل ولنكمل باقي الابواب ثم نصل للخلاصة.
علاقة التعويض المادي بالرزق<O:p</O:p

دعونا لا نغلق عقولنا في هذا الباب على مسالة التعويض فقط ولننفتح في هذا المقام بحيث نفهم العلاقة بين كل ما نكسبه أو نكتسبه في هذه الدنيا وبين ما كُتب لنا من رزق، يقول عز وجل (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُم وَمَا تُوعَدُونَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=08488)) (الذاريات51: 22)، فالرزق جزء من قضاء الله الذي كتبه لنا في اللوح المحفوظ في السماوات العلا، وشأن الرزق كشأن الخلق وكشأن الإحياء وكشأن الإماته، لا قدرة للإنسان عليه هو من عند الله، يقول عز وجل (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم ثُمَّ رَزَقَكُم ثُمَّ يُمِيتُكُم ثُمَّ يُحْيِيكُم هَل مِن شُرَكَائِكُم مَن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُم مِن شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=07240)) (الروم30: 40)، فمن يعتقد أنه إكتسب مالاً بقوته أو بعلمه أو بجاهه أو بسلطانه أو بفكره أو بحذاقته فهو مخطئ، الرزق من الله، عطاء من الله، هدية من الله لعباده، تذكر قولك (لا حول ولا قوة إلا بالله)، ويأمرنا عز وجل أن نتحصل على هذا الرزق من طرق حلال لا من طرق حرام، يقول عز وجل (وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=04548)) (المائدة5: 88)، ويقول (فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالاً طَيِّباً وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=05806)) (النحل16: 114)، وينهانا عز وجل عن إتباع وساوس ودس الشياطين للحصول على رزق حرام، يقول عز وجل (وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُم عَدُوٌّ مُّبِينٌ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=04722)) (الانعام6: 142)، ويبين لنا عز وجل أن كثيرا من الناس سيستخدمون الكذب للحصول على هذا الرزق، يقول عز وجل (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُم أَنَّكُم تُكَذِّبُونَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=08852)) (الواقعة56: 82)، جاء في الحديث الذي صححه الالباني عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال (إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوما، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث إليه ملك فيؤمر بأربع كلمات: فيكتب رزقه وأجله وعمله ثم يكتب شقي أو سعيد، ثم ينفخ فيه الروح، فإن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، أو قيد ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، أو قيد ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها) (صحيح أبي داود) فليس من عمل للعبد ولا لكل المخلوقات يستطيعون به زيادة الرزق، وقال صلى الله عليه وسلم (لو أنكم توكلون على الله تعالى حق توكله، لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصا، وتروح بطانا) (صحيح الجامع / صححه الألباني)، وجاء فيه أيضاً (أيها الناس اتقوا الله، وأجملوا في الطلب، فإن نفسا لن تموت حتى تستوفي رزقها، وإن أبطا عنها، فاتقوا الله، وأجملوا في الطلب، خذوا ما حل، ودعوا ما حرم) (صحيح الجامع / صححه الألباني)، فهو صلى الله عليه وسلم يعلمنا أن أرزاقنا التي كتبت لنا في اللوح المحفوظ ثم أعيد كتابتها في أرحام الامهات تأكيداً، وأن الإنسان لن يموت حتى يتحصل على كل رزقه الذي كتبه الله له، ليس له فيه إلا التوكل على الله، ويمكننا هنا أن نشبه حال الرزق وحال الإنسان معه بهذه الصورة: (فالرزق كماءٍ في بئرٍ له فَتْحَةٌ ونَبْعَةٌ كُتِبَ على النبعةِ كلمةُ (حلال) وعلى الفتحة كلمة (حرام) وللإنسان الخيار إما أن يدلي دلوه من فتحته الحرام أو أن ينتظر حتى يخرج الماء من نبعته الحلال، فإن كذب هذا الإنسان أو غش أو إحتال أو سرق أو عصى الله باي معصية للحصول على رزق كان كمن أدلى بدلوه من الفتحة الحرام وغرف من هذا الماء، بمعنى أنه أخذ من رزقه هو ولم يأخذ من أرزاق العباد، وأما إن أطاع العبد ربه وعمل صالحا وصبر فإن الماء ينبع له من النبعة الحلال بإذن الله ما عليه فيه إلا الصبر واليقين، وفي كل الأحوال سيخرج كل الماء من هذا البئر مع نهاية حياة الإنسان)، كما قال صلى الله عليه وسلم (لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها) وكما وعد (لو انكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير)، أيّ ورب العزة إنه لحق، يقول عز وجل (قُلْ أَرَءَيْتُم مَا أَنزَلَ اللَّهُ لَكُم مِن رِزْقٍ فَجَعَلْتُم مِنْهُ حَرَاماً وَحَلَالاً قُلْ ءَاللَّهُ أَذِنَ لَكُم أَم عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=05214)) (يونس10: 59).
علاقة العمل بالرزق

ولا يمكننا في هذا الباب أن نغفل عن سؤال هام يطرحه كل باحث عن الحقيقة في هذا المقام حيث يتساءل البعض ويقول: إذا كان القدر من الله، ففيما العمل؟ ولما لا نجلس وننتظر حدوث القدر؟ وهذا أكثر ما يُسأل في مسألة الرزق، وهنا لا بد لنا من فهم صحيح لمسألة الرزق وعلاقة العمل به، ولن نطيل الشرح، فقد بينا أن الرزق هو عطاء منه سبحانه وتعالى، والعمل ما هو إلا سبب يجب الأخذ به، ذلك أن الله ورسوله يحبان العمل الصالح، فلا نكاد نجد آية تتكلم عن الإيمان إلا وكان فيها العمل (آمنوا وعملوا...) (إن الذين قالوا ربنا الله ثم أستقاموا...) ... وهكذا، وقد جاء في صحيح البخاري (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال، وهو على المنبر، وذكر الصدقة والتعفف والمسألة: اليد العليا خير من اليد السفلى، فاليد العليا هي المنفقة، والسفلى هي السائلة) (صحيح / البخاري) وجاء فيه أيضا (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: والذي نفسي بيده، لأن يأخذ أحدكم حبله، فيحتطب على ظهره، خير له من أن يأتي رجلا فيسأله، أعطاه أو منعه) (صحيح / البخاري)، فعلينا أن ننظر للعمل على أنه طاعةٌ لله ورسوله وعبادةٌ لله، يقول عز وجل (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=08522) * مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِن رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=08523) * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=08524)) (الذاريات51: 56-58)، وعليه، يجب أن تكون كل أعمالنا خالصة لوجه الله، نبتغي فيها رضاه وقبوله، أنظر معي كيف سيكون حال المدرس لو أنه درس لأنه إعتبر أن التدريس عبادة؟! كيف سيعامل طلابه؟! كيف سيكلمهم؟! هل سيهتم بهم أم سيهملهم؟! وكيف سيكون حال الصانع عندما يشتغل في صنعته معتبراً نفسه صانعاً أمام الله، وأن الله ينظر له ولعمله، وهو من سيحكم على هذا العمل؟! كيف سيكون حال التاجر وهو يبيع الناس، إذا إعتبر أن تجارته عبادة للناس؟! وهل هناك من إحتمال أن يغِشَ في تجارته، أو أن يكذب من أجل التحصل على المال من هذه التجارة؟! أرأيتم لو أن أعمالنا خلصت لله؟ هل سيكون بيننا من يكذب أو يحتال أو يغش أو يسرق أو يعصي الله، لا والله لن يكون، فالعمل لله، والرزق على الله، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
الظلم والظالم والمظلوم<O:p</O:p

إن صلحت نظرتنا وعملنا بكل ما سبق ذكره، ستتغير نظرتنا للظلم وللظالم وللمظلوم:-
فالظلم: سيصبح (قدر الله) أجراه الله في لوحه قبل خلق السماوات والأرض.
والظالم: سيصبح هو المظلوم الحقيقي، لأنه إنما ظلم نفسه بظلمه لغيره يقول عز وجل (وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُم يَظْلِمُونَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=04905)) (الأعراف7: 160)، ويقول (وَمَا ظَلَمْنَاهُم وَلَكِن ظَلَمُوا أَنفُسَهُم (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=05365)) (هود11: 101)، ويقول (وَمَا ظَلَمْنَاهُم وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُم يَظْلِمُونَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=05810)) (النحل16: 118) ويقول (وَمَا ظَلَمْنَاهُم وَلَكِن كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=08192)) (الزخرف43: 76).
والمظلوم: سيصبح عبداً في إمتحانٍ من إمتحانات الله، وما حدث معه إما أنه (مصيبة) وإما أنه (إبتلاء)، فإن كان مصيبة، فقد أخبرنا عز وجل بأكثر من موقع من القرآن الكريم أن المصائب إنما تحدث بآثام إقترفناها أو بتفريط بعبادات أضعناها فقدمنا بهذه الآثام وهذه التفريطات لحدوث المصيبة كقوله عز وجل (وَمَا أَصَابَكُم مِن مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَت أَيْدِيكُم وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=08093)) (الشورى42: 30)، وكقوله (ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَت أَيْدِيكُم وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=04266)) (آل عمران3: 182) وكقوله (فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَت أَيْدِيهِم ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِن أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=04346)) (النساء4: 62)، وغيرها كثير، والمصيبة تصيب العبد لأن الله يحب أن يعجل له العذاب في الدنيا بدل عذابه في نار جهنم، فعذاب الدنيا أخف بكثير من عذاب الآخرة، عنه صلى الله عليه وسلم أنه قاله (يؤتى يوم القيامة بأنعم أهل الدنيا من الكفار فيقال اغمسوه في النار غمسة فيغمس فيها ثم يقال له أي فلان هل أصابك نعيم قط فيقول لا ما أصابني نعيم قط ويؤتى بأشد المؤمنين ضرا وبلاء فيقال اغمسوه غمسة في الجنة فيغمس فيها غمسة فيقال له أي فلان هل أصابك ضر قط أو بلاء فيقول ما أصابني قط ضر ولا بلاء) (صحيح إبن ماجة / صححه الالباني)، أما إن كان ما أصاب هذا المظلوم إبتلاءاً فإن هذا شاهد ودليل على محبة الله لهذا العبد، فإن أحب الله عبداً إبتلاه ليصبر، فإن صبر رفعه في درجات الجنة، جاء في كتاب الإيمان لإبن تيمية رحمه الله عن سعد بن ابي وقاص أنه قال: (قلت: يا رسول الله! أي الناس أشد بلاء؟ قال: الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة، زيد في بلائه، وإن كان في دينه رقة، خفف عنه ولا يزال البلاء بالمؤمن حتى يمشي على الأرض وليس عليه خطيئة) (صححه الألباني)، وجاء في صحيح الترغيب عن كعب بن عجرة أنه قال (ما دخل جوفي ما يدخل جوف ذات كبد منذ ثلاث. قال: فذهبت فإذا يهودي يسقي إبلا له، فسقيت له على كل دلو بتمرة، فجمعت تمرا؛ فأتيت به النبي فقال: من أين لك يا كعب؟ فأخبرته، فقال النبي أتحبني يا كعب؟ قلت: بأبي أنت؛ نعم قال: إن الفقر أسرع إلى من يحبني من السيل إلى معادنه، وإنه سيصيبك بلاء، فأعد له تجفافا. قال: ففقده النبي فقال: ما فعل كعب؟ قالوا: مريض، فخرج يمشي حتى دخل عليه، فقال له: أبشر يا كعب! فقالت أمه: هنيئا لك الجنة يا كعب! فقال النبي: من هذه المتألية على الله؟ قلت: هى أمي يا رسول الله! قال: ما يدريك يا أم كعب؟ لعل كعبا قال ما لا ينفعه، ومنع ما لا يغنيه) (صححه الالباني)، وروى عبد الله بن مغفل المزني (قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله والله إني لأحبك فقال انظر ماذا تقول قال والله إني لأحبك فقال انظر ماذا تقول قال والله إني لأحبك ثلاث مرات فقال إن كنت تحبني فأعد للفقر تجفافا فإن الفقر أسرع إلى من يحبني من السيل إلى منتهاه) (حسن غريب / سنن الترمذي / صححه الألباني)، فكما نرى في الحالتين أكان المظلوم مصاباً بمصيبة أو مبتلاً بابتلاء فإن هذا خير، فلا يأتي من الله إلا الخير.

خلاصة: علاقة المسلم بأخيه المسلم وكيف يجب أن ينظر إليه<O:p</O:p

لن نطيل في هذا الباب فكلنا يعرف أنه لا يؤمن المؤمن حتى يحب لأخي ما يحب لنفسه، وكلنا يعلم أن المسلم أخ المسلم لا يحقره ولا يخذله ولا يظلمه، وكلنا نعلم أن كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه، ولكن ما اريد إظهاره هنا هو حديث الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال (انصر أخاك ظالما أو مظلوما. قالوا: يا رسول الله، هذا ننصره مظلوما، فكيف ننصره ظالما؟ قال: تأخذ فوق يديه) (صحيح / البخاري)، فهذا الحديث مهم جدا لمعرفة كيفية التعامل مع إخواننا المسلمين الذين يقولون (لا إله إلا الله، محمد رسول الله) ثم بعدها يقوموا بأعمال نتضرر منها، حيث أننا بهذا الحديث مجبورين أن ننظر في حال هذا الإنسان هل هو ظالم أمام الله، بمعنى (هل نوى نية السوء في قلبه لإحداث الضرر)؟ أو هل (عصى الله فتسببت معصيته لله في حدوث هذا الضرر)؟ أو (هل إستكبر هذا الإنسان على الناس مستخفاً بهم أو متعالياً عليهم أو مستهزءاً بهم أو ساخراً منهم فنجم عن هذا حدوث الضرر لهم)؟ أو (هل تهاون هذا الإنسان في واجباته المفروضة عليه عرفاً بين الناس مما أدى لوقوع ضرر لهم)؟ فإن كان هذا حاله فعلينا أن نردعه عن ظلمه لنفسه بأن نقتص منه بحسب ما حدده لنا الشرع ليس أكثر وكيفما حدده لنا الشرع ليس غير، أما إذا وقع الضرر من شخص لم ينوِ نية سوء ولم يقصر بواجب من واجباته ولم يستخف بحقوق العباد فهذا العفو بحقه أفضل وأثوب أمام الله، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

ملحق: بعض الأحاديث التي تتكلم عن الظلم<O:p</O:p

· (إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما. فلا تظالموا) (أبو ذر الغفاري / صحيح مسلم).
· (مطل الغني ظلم) (أبو هريرة / صحيح البخاري).
· (عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن، وكانت بينه وبين أناس خصومة في أرض، فدخل على عائشة فذكر لها ذلك، فقالت: يا أبا سلمة، اجتنب الأرض، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من ظلم قيد شبر طوقه من سبع أرضين) (عائشة / صحيح البخاري).
· (أيما رجل ظلم شبرا من الأرض كلفه الله تعالى أن يحفره حتى يبلغ آخر سبع أرضين، ثم يطوقه يوم القيامة، حتى يقضي بين الناس) (يعلى بن مرة / صحيح الجامع).
· (اتقوا الظلم. فإن الظلم ظلمات يوم القيامة. واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم. حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم) (جابر بن عبدالله / صحيح مسلم).
· (يا جرير! تواضع لله، فإنه من تواضع لله في الدنيا رفعه الله يوم القيامة يا جرير هل تدري ما الظلمات يوم القيامة؟ قلت: لا أدري قال: ظلم الناس بينهم، ثم أخذ عويدا لا أكاد أراه بين إصبعيه فقال: يا جرير! لو طلبت في الجنة مثل هذا لم تجده قلت: يا أبا عبد الله! فأين النخل والشجر؟ قال: أصولها اللؤلؤ والذهب، أعلاه الثمر) (جرير بن عبدالله / صحيح بن ماجة).
· (كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فضحك فقال "هل تدرون مما أضحك؟" قال قلنا: الله ورسوله أعلم. قال "من مخاطبة العبد ربه. يقول: يا رب! ألم تجرني من الظلم؟ قال يقول: بلى. قال فيقول: فإني لا أجيز على نفسي إلا شاهدا مني. قال فيقول: كفى بنفسك اليوم عليك شهيدا. وبالكرام الكاتبين شهودا. قال فيختم على فيه. فيقال لأركانه: انطقي. قال فتنطق بأعماله. قال ثم يخلى بينه وبين الكلام. قال فيقول: بعدا لكن وسحقا. فعنكن كنت أناضل") (أنس بن مالك / صحيح مسلم).
· (قلت يا رسول الله ما العصبية قال أن تعين قومك على الظلم) (واثلة بن الأسقع الليثي / سنن أبي داود).
· (أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله كيف الطهور فدعا بماء في إناء فغسل كفيه ثلاثا ثم غسل وجهه ثلاثا ثم غسل ذراعيه ثلاثا ثم مسح برأسه فأدخل إصبعيه السباحتين في أذنيه ومسح بإبهاميه على ظاهر أذنيه وبالسباحتين باطن أذنيه ثم غسل رجليه ثلاثا ثلاثا ثم قال هكذا الوضوء فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم أو ظلم وأساء) (عبدالله بن عمرو بن العاص / سنن ابي داود).
· (ألا من ظلم معاهدا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة) (عدة من أبناء أصحاب النبي / سنن ابي داود).
· (ثلاثة أقسم عليهن وأحدثكم حديثا فاحفظوه. قال: ما نقص مال عبد من صدقة، ولا ظُلم عبد مظلمة فصبر عليها إلا زاده الله عزا، ولا فَتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر – أو كلمة نحوها – وأحدثكم حديثا فاحفظوه. فقال: إنما الدنيا لأربعة نفر: عبدٌ رزقه اللهُ مالاً وعلماً فهو يتقي ربه فيه ويَصِلُ فيه رحمه، ويَعلَمُ لله فيه حقاً فهذا بأفضل المنازل، وعبدٌ رزقه اللهُ علماً ولم يرزقه مالاً فهو صادقُ النيةِ يقولُ: لو أنَ لي مالاً لعَمِلتُ بعملِ فلان فهو بنيتهِ فأجرهما سواء، وعبدٌ رزقه اللهُ مالاً ولم يرزقه علماً يخبط في ماله بغير علم، لا يتقي فيه ربه ولا يصل فيه رحمه، ولا يعلم لله فيه حقا، فهو بأخبث المنازل، وعبد لم يرزقه الله مالا ولا علما فهو يقول: لو أن لي مالا لعملت فيه بعمل فلان، فهو بنيته فوزرهما سواء) (أبو كبشة الأنماري / سنن أبي داود).
· (إن الله سيخلص رجلا من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة فينشر عليه تسعة وتسعين سجلا، كل سجل مثل مد البصر ثم يقول: أتنكر من هذا شيئا؟ أظلمك كتبتي الحافظون؟ يقول: لا يا رب. فيقول: أفلك عذر؟ فيقول: لا يا رب، فيقول: بلى إن لك عندنا حسنة وإنه لا ظلم عليك اليوم، فيخرج بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، فيقول: احضر وزنك، فيقول: يا رب ما هذه البطاقة ما هذه السجلات؟ فقال فإنك لا تظلم. قال: فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة فطاشت السجلات وثقلت البطاقة، ولا يثقل مع اسم الله شيء) (عبدالله بن عمرو بن العاص / سنن أبي داود).
· (من أعان على خصومة بظلم أو يعين على ظلم لم يزل في سخط الله حتى ينزع) (عبدالله بن عمر / صحيح بن ماجة).
· (إن الشيطان قد يئس أن تعبد الأصنام في أرض العرب، ولكنه سيرضى منكم بدون ذلك بالمحقرات، وهي الموبقات يوم القيامة، اتقوا الظلم ما استطعتم؛ فإن العبد يجيء بالحسنات يوم القيامة يرى أنها ستنجيه، فما زال عبد يقوم يقول: يا رب ظلمني عبدك مظلمة. فيقول: امحوا من حسناته. وما يزال كذلك حتى ما يبقى له حسنة من الذنوب، وإن مثل ذلك كسفر نزلوا بفلاة من الأرض ليس معهم حطب، فتفرق القوم ليحتطبوا فلم يلبثوا أن حطبوا، فأعظموا النار وطبخوا ما أرادوا، وكذلك الذنوب) (عبدالله بن مسعود / صحيح الترغيب).
· (من ابتلي فصبر، و أعطي فشكر، و ظُلم فغفر، و ظَلم فاستغفر (أولئك لهم الأمن و هم مهتدون)) (سخبرة الأزدي / صحيح الجامع / حسن).
· (لا تُروّعوا المسلم، فإن روعة المسلم ظلم عظيم) (عامر بن ربيعة بن كعب / صحيح الجامع).
· (من بنى بيتاً في غير ظلم ولا اعتداء، أو غرس غرساً في غير ظلم ولا اعتداء – كان له أجراً جارياً ما انتفع به أحد من خلق الله تبارك وتعالى) (معاذ بن أنس / المتجر الرابح).
· (خرج عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوم الجمعة إلى الصلاة فصعد المنبر ثم صاح يا سارية بن زنيم الجبل يا سارية بن زنيم الجبل ظلم من استرعى الذئب الغنم ثم خطب حتى فرغ فجاء كتاب سارية إلى عمر أن الله قد فتح علينا يوم الجمعة ساعة كذا وكذا لتلك الساعة التي خرج فيها عمر فتكلم على المنبر قال سارية فسمعت صوتا يا سارية بن زنيم الجبل يا سارية بن زنيم الجبل ظلم من استرعى الذئب الغنم فعلوت بأصحابي الجبل ونحن قبل ذلك في بطن واد ونحن محاصرو العدو ففتح الله علينا فقيل لعمر بن الخطاب ما ذلك الكلام فقال والله ما ألقيت له إلا بشيء ألقي على لساني) (يعقوب بن زيد و أسلم مولى عمر / البداية والنهاية).
· (يجيء الظالم يوم القيامة حتى إذا كان على جسر جهنم بين الظلمة والوعرة لقيه المظلوم فعرفه وعرف ما ظلمه به فما يبرح الذين ظلموا يقصون من الذين ظلموا حتى ينزعوا ما في أيديهم من الحسنات فإن لم تكن لهم حسنات رد عليهم من سيئاتهم حتى يورد الدرك الأسفل من النار) (أبو أمامة / مجمع الزوائد).
· (أن رجلا شتم أبا بكر والنبي صلى الله عليه وسلم جالس فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يعجب ويبتسم فلما أكثر رد عليه بعض قوله فغضب النبي صلى الله عليه وسلم وقام فلحقه أبو بكر فقال يا رسول الله كان يشتمني وأنت جالس فلما رددت عليه بعض قوله غضبت وقمت قال إنه كان معك ملك يرد عنك فلما رددت عليه بعض قوله وقع الشيطان فلم أكن لأقعد مع الشيطان ثم قال يا أبا بكر ثلاث كلهن حق ما من عبد ظلم بمظلمة فيفضي عنها لله عز وجل إلا أعز الله بها نصره وما فتح رجل باب عطية يريد بها صلة إلا زاده بها كثرة وما فتح باب مسألة يريد بها كثرة إلا زاده الله بها قلة) (أبو هريرة / مجمع الزوائد).
· (أول من يختصم يوم القيامة الرجل وامرأته والله ما يتكلم لسانها ولكن يدها ورجلاها يشهدان عليها بما كانت [تغيب] لزوجها، وتشهد يداه ورجلاه بما كان يوليها، ثم يدعى الرجل وخدمه فمثل ذلك ثم يدعى أهل الأسواق وما يوجد ثم دوانيق ولا قراريط ولكن حسنات هذا تدفع إلى هذا الذي ظلم وسيئات هذا الذي ظلمه توضع عليه ثم يؤتى بالجبارين في مقامع من حديد فيقال: أوردوهم إلى النار، فوالله ما أدرى يدخلونها أو كما قال الله تعالى: وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا) (أبو أيوب الأنصاري / البدور السافرة).
· (يقبل الجبار تبارك وتعالى يوم القيامة فيثني رجله على الجسر فيقول: وعزتي وجلالي لا يجاوزني ظلم ظالم، فينصف الخلق بعضهم من بعض حتى إنه لينصف الشاة الجماء من الشاة العضباء بنطحة تنطحها) (ثوبان مولى رسول الله / البدور السافرة/ إسناده حسن).
· (كنت عند ابن عمر فدعا غلاما له فأعتقه ثم قال مالي فيه من أجر ما يسوي هذا أو يزن هذا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من ضرب عبدا له حدا لم يأته أو ظلمه أو لطمه لطمة شك عبد الرحمن فإن كفارته أن يعتقه) (زاذان / مسند أحمد).
· (من أعان قومه على ظلم فهو كالبعير المتردي ينزع بذنبه) (عبدالله بن مسعود / مسند أحمد / إسناده صحيح).
· (إن الله قسم بينكم أخلاقكم، كما قسم بينكم أرزاقكم، وإن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الدين إلا لمن أحب، فمن أعطاه الله الدين فقد أحبه، والذي نفسي بيده، لا يسلم عبد حتى يسلم قلبه ولسانه، ولا يؤمن حتى يأمن جاره بوائقه. قالوا: وما بوائقه يا نبي الله؟ قال: غشمه وظلمه، ولا يكسب عبد مالا من حرام فينفق منه فيبارك له فيه، ولا يتصدق فيقبل منه، ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار: إن الله لا يمحو السيئ بالسيئ، ولكن يمحو السيئ بالحسن، إن الخبيث لا يمحو الخبيث) (عبدالله بن مسعود / عمدة التفسير).
· (أن امرأة سرقت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء بها الذين سرقتهم، فقالوا: يا رسول الله، إن هذه المرأة سرقتنا، قال قومها: فنحن نفديها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقطعوا يدها. فقالوا: نحن نفديها بخمسمائة دينار. فقال: اقطعوا يدها. فقطعت يدها اليمنى. فقالت المرأة: هل لي من توبة يا رسول الله؟ قال: نعم، أنت اليوم من خطيئتك كيوم ولدتك أمك. فأنزل الله في سورة المائدة: {فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم) (عبدالله بن عمرو بن العاص / عمدة التفسير)
· (ألا أدلكم على من هو أشد منه؟ (يعني: الصريع) رجل ظلمه رجل، فكظم غيظه؛ فغلبه، وغلب شيطانه، وغلب شيطان صاحبه، (وفي رواية): الذي يملك نفسه عند الغضب) (السلسلة الصحيحة / أنس بن مالك / إسناده حسن).
· (من أعان على خصومه بظلم، أو يعين على ظلم، يزل في سخط الله حتى ينزع) (السلسلة الصحيحة / عبدالله بن عمر / إسناده حسن رجاله ثقات).

admin
05-12-2011, 05:23 PM
رسالة إلى كل مظلوم

كثيراً ما نسمع عن أخطاء إقترفها أطباء أدت لأضرار جسدية للمريض قد تصل للموت، أو قد نسمع عن حوادث سير تتراوح اضرارها ما بين الضرر المادي للسيارات أو الإصابات الجسدية وأحيانا ينجم عنها حالات موت، أو قد نسمع أن إثنين تمازحا أو لعبا في مباراة وحدث ضرر جسدي لاحدهما، أو قد نسمع عن مشكلة حدثت بين شريكين في تجارة حيث إدعى أحدهما على الاخر أن تسبب بخسارة للشركة، أو قد نسمع أن شخصاً قام بعمل (سحر) لآخر أدى لمرضه أو ضرره، والقصص اليومية التي تحدث في هذا المضمار تكاد تكون الشغل الشاغل والهم الاكبر لمعظم الناس، فالناس تكاد تنقسم لقسمين إما ظالم وإما مظلوم، والسؤال: كيف نتعامل مع هذه الحالات؟ هل نطالب بالتعويض المالي لتغطية الأضرار المادية والمعنوية؟ هل نطالب بدل الوقت الضائع الذي صرفناه في معالجة الامور؟ أم نحتسب أمرنا على الله ونقول (عليه العوض)؟ والصحيح أن أي إجابة متسرعة قد تكون خاطئة، فأن تقول (العوض على الله) أحيانا يكون خاطئ، وأحيانا إن أنت طالبت بالتعويض تكون قد أخطأت، فهناك منهج سليم وهناك أساسات مهمة يجب إتباعها والسير عليها لمعرفة أفضل تصرف يمكن الرد فيه على المشكلة التي بين أيدينا، تعالوا نتذاكر ببعض أساسات ديننا الحنيف لعل الله ينفعنا بالذكرى ويهدينا سبل الرشاد في التعامل مع العباد، ومن هذه النقاط
قدر الله وعلاقة أعمالنا به<O:p</O:p

نحن كمسلمين نؤمن أن القضاء والقدر ركن أساسي من أركان الإيمان، ونعلم أنه عز وجل عندما خلق القلم قال له أكتب، فكتب كل ما هو كائن في السماوات والارض، وهذا قبل خلق السماوات والأرض بخمسين الف سنة، بمعنى أن أعمالنا التي نقوم بها مقدرة منذ الأزل ومكتوبة في اللوح المحفوظ بقدر الله، ونحن كمسلمين نعلم أن كل ما كتبه الله عز وجل في اللوح المحفوظ سيحدث ولا مفر منه وحتى في المثل العامي نقول (المكتوب على الجبين لازم تشوفه العين)، ونقول (مقدر ومكتوب)، وفي الحديث عن زيد بن ثابت أنه قال: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله لو عذب أهل سماواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم كانت رحمته خيرا لهم من أعمالهم، ولو أن لك مثل أحدٍ ذهباً أنفقته في سبيل الله ما قَبِلَه الله منك حتى تؤمن بالقدر وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطئك لم يكن ليصيبك، وإنه من مات على غير هذا دخل النار) (إسناده صحيح / المهذب). وعن عبد الله بن عباس أنه قال (كنت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال: يا غلام، إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، (رفعت الأقلام وجفت الصحف)) (صحيح / الترمذي) بمعنى أن صاحب العمل إنما قام بتنفيذ قضاء الله وقدره المكتوب في لوحه المحفوظ في واقع الحياة الدنيا، فهو جندي مجند من جنود الله سخره عز وجل ليرسم قضاءه وقدره، فصاحب العمل ليس له من هذا العمل الحدوث أو عدم الحدوث، ولو أنه استطاع أن يمنع نفسه عن حدوث عمل ما –وما هو بقادر- لحدث هذا العمل على يد غيره لأنه جزء من قضاء الله وقدره في لوحه المحفوظ، بمعنى أن من قام بنفعك أو بالإضرار بك إنما قام بتنفيذ قضاء الله وقدره عليك والمسجل عليك منذ الأزل وهذا الذي اصابك لا يمكن أن يخطئك ولا بأي حال من الأحوال.الإنسان مسؤول أمام الله على نية عمله<O:p</O:p

كلنا يحفظ حديث الرسول صلى الله عليه وسلم والذي إختاره النووي ليكون أول أربعينه حيث يقول صلى الله عليه وسلم (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو إلى امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه) (صحيح / البخاري)، فهذا الحديث المفصلي هو أساس حسابنا مع الله، نية العمل، فليس العمل نفسه هو المهم، وهذا هو العدل بعينه، فالعمل كما قلنا إنما هو قضاء الله وقدره، وليس للإنسان فيه الحدوث أو العدم، فلو حاسبنا عز وجل على أعمالنا لظلمنا، لذلك فإنه يحاسبنا على نصيبنا في هذا العمل، ونصيبنا في الأعمال هو فقط عمل القلب وهو النية، فماذا كانت النية عند القيام بالعمل؟! فلربما يُؤثم المصلي! ولربما يُعذب المقاتل! ولربما تُسعر النار أول ما تُسعر بالعالِم! وقد تَنْدَلِقُ أقتاب الآمر بالمعروف في النار! كل هذا إذا فسدت نية العمل، وكان عمل هؤلاء رياءاً وسمعة للناس. وفي المقابل قد يثاب الطبيب الذي أدى دواؤه لموت إنسان، لان نية هذا الطبيب كانت شفاءَ هذا المريض، فالنية هي أساس الحساب بيننا وبينه سبحانه وتعالى يوم القيامة. فالنية هي الفاصل في كون العمل حلالاً أو حراماً، ومن كَرَمِه عز وجل أنه إذا توافقت نيتنا في العمل مع قضاءه في هذا العمل وكان هذا العمل في طاعة الله أنه يضاعف لنا ثواب العمل أضعافا كثيرة أقلها عشرة أضعاف، ومن رحمته عز وجل أنه إن لم يكتب لنا حدوث عملٍ نوينا القيام به فإنه يثيبنا بحسنة لعدم إحداثه هذا العمل، ومن عدله عز وجل أنه لا يكتب لنا غير سيئة على نية عمل سيء نويناه وتوافق مع قدره عز وجل فيما في لوحه المحفوظ.
مشيئة الله ومشيئة العبد وعلاقتهما بالقدر<O:p</O:p

قلنا أن العمل مقدر من الله في اللوح المحفوظ، وأن الإنسان ينوي ان يقوم بالعمل، فإن توافقت نية العمل لدى الإنسان مع قدر الله في اللوح المحفوظ، يعرض هذا العمل ونية هذا المخلوق على الله عز وجل لإقرار حدوث العمل من عدمه، وهذا ندعوه بحدوث مشيئة الله في أن يُجري هذا القدر على يد هذا المخلوق، يقول عز وجل (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09412)) (الإنسان76: 30)، ويقول (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09620)) (التكوير81: 29)، فكما نرى فإن مشيئة العبد منطوية تحت مشيئة الله، فليس من قُدْرَةِ المخلوقات القيام بأي عمل مهما كان وأياً كان إلا إذا شاء الله لهذا العمل بالحدوث، فنية العمل في الخير أو في الشر ليست هي التي تُحدث العمل، أنت لك النية والله له المشيئة النافذة، جاء في مدارج السالكين (عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لرجل قال له ما شاء الله وشئت: أجعلتني لله ندا قل: ما شاء الله وحده) (صحيح)، وفي رواية (إذا حلف أحدكم فلا يقل ما شاء الله وشئت ولكن ليقل ما شاء الله ثم شئت) (حسن صحيح / إبن ماجة).
الحول والقوة لحدوث العمل هي من الله<O:p</O:p

لغاية الآن، 1. لدينا قَدَرٌ في اللوح المحفوظ، 2. لدينا نية عمل من مخلوق، 3. ولدينا مشيئة من الله في حدوث العمل، فماذا يتبقى لحدوث هذا العمل، تتبقى القوة والحول القادران على إحداث هذا العمل، فمن اين ستأتي القوة ومن أين سيأتي الحول؟ من العبد أم من الله؟! والجواب طبعا: من الله، ألا نكثر من قول (لا حول ولا قوة إلا بالله) أم اننا نقول بألسنتا أن القوة لله ثم عندما نتعامل مع الدنيا نحول القوة للعباد ونقول فلان فعل وفلان عمل وفلان قعد وفلان قام؟! أما قرأنا قوله عز وجل (وَلَوْلَا إِذ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِن تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالاً وَوَلَداً (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=05970)) (الكهف18: 39) أم أننا لا نتدبر ما نقرأ؟! فلا يمكن لأي عمل مهما كان بسيطاً أن يحدث إلا إن مده الله بالحول والقوة الكافيين لحدوثه، فلا حركة ولا سكون إلا بقوة الله، وهذا باعتراف العلماء جميعاً، فقد أقر العلم أن الجسم الساكن يبقى ساكناً ما لم تؤثر به قوة تغير من حال سكونة، وأن الجسم المتحرك يبقى متحركا ما لم تؤثر به قوة تغير من حالة سكونه، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
قوة الله لحدوث العمل على نوعين<O:p</O:p

قلنا أن العمل مقدر وبهذا فأصله حلال، ولكن نية الإنسان هي التي تحدد أن يسجل هذا العمل لنا حلال أو أن يتغير عن أصله فيصبح حراماً، فمثلاً، لو قدر الله على شخص أن يأكل، يبقى على الإنسان أن يختار العمل الحلال للوصول للأكل أو أن يختار سرقة هذا الطعام بلا ضرورة فيجعل منه حراماً، وفي كلتا الحالتين أن نختار بنيتنا أن نقوم بحلال مباح أو نقوم بحرام ممنوع، يبقى علينا أن نتزود بالقوة من الله كي يحدث هذا العمل، إلا أن هذه القوة تختلف بكون العمل حلالاً أو حراماً، فقد إستخدم عز وجل في كلامه لفظين يدلان على تزويده عباده بالقوة هما (المد) و (المدد أو الإمداد) والمد أقل من الإمداد، فالإمداد هو التتابع في المد وهو أكثر منه، وأما المد فقد إستخدمه عز وجل ليدلل به على عمل فيه معصية لله وبهذا يكون المد على قدر المعصية لا أكثر يقول عز وجل (اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِم وَيَمُدُّهُم فِي طُغْيَانِهِم يَعْمَهُونَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=03813)). (البقرة2: 15)، ويقول عز وجل (كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدّا (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=06120)ً). (مريم19: 79)، وأما الإمداد فيدل على عمل فيه خير فتأتي القوة ببركةٍ من الله وأكثر مما يحتاجه العمل فيتنعم به العابد في حاله وبدنه، يقول عز وجل (وَأَمْدَدْنَاهُم بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=08548)). (الطور52: 22) ويقول (وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَكُم جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَكُم أَنْهَاراً (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09222)). (نوح71: 12).
مشروعية القصاص عند حدوث الضرر<O:p</O:p

من المؤكد أن المفاهيم السابقة التي ذكرناها تتفاوت في الفهم والقبول بين شخص وآخر، فمن الناس من سيرى أن ما يحدث معه هو عمل الله ومنهم من سيرى أن ما حدث هو عمل الناس، وكونه عز وجل يعلم ما في قلوب عباده أجمعين من أول الخلق لآخره فقد شرع القصاص بينهم، يقول عز وجل (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَن عُفِيَ لَهُ مِن أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِن رَبِّكُم وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=03976) * وَلَكُم فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَأُولِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=03977)) (البقرة2: 178-179)، لاحظ أنه عز وجل قال ولكم في القصاص حياة ولم يقل ولكم في الحياة قصاص ليدلل على أن هناك بعض النفوس لا تطيق الظلم وتحتاج القصاص، ولو أنه عز وجل قال ولكم في الحياة قصاص لأوجب علينا الإقتصاص في كل الأحوال، ويقول (الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُم فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُم وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=03992)) (البقرة2: 194)، لاحظ أنه عز وجل إعتبر القصاص إعتداء نرد به على إعتداء من إعتدى علينا، ويقول (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=04505)) (المائدة5: 45)، لاحظ أن المقتص إذا تعدى حدود القصاص يظلم نفسه ويصبح من الظالمين، ويقول (وَإِن عَاقَبْتُم فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُم لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=05818)) (النحل16: 126)، وهنا أيضاً يعتبر الله القصاص إعتداء وعدمه صبر وخير، يقول عز وجل (الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=04218)) (آل عمران3: 134). والخلاصة في هذا الباب أن القصاص مشروع ولكن العفو أفضل، ولكن هذا له تفصيل، لذلك دعونا لا نتعجل ولنكمل باقي الابواب ثم نصل للخلاصة.
علاقة التعويض المادي بالرزق<O:p</O:p

دعونا لا نغلق عقولنا في هذا الباب على مسالة التعويض فقط ولننفتح في هذا المقام بحيث نفهم العلاقة بين كل ما نكسبه أو نكتسبه في هذه الدنيا وبين ما كُتب لنا من رزق، يقول عز وجل (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُم وَمَا تُوعَدُونَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=08488)) (الذاريات51: 22)، فالرزق جزء من قضاء الله الذي كتبه لنا في اللوح المحفوظ في السماوات العلا، وشأن الرزق كشأن الخلق وكشأن الإحياء وكشأن الإماته، لا قدرة للإنسان عليه هو من عند الله، يقول عز وجل (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم ثُمَّ رَزَقَكُم ثُمَّ يُمِيتُكُم ثُمَّ يُحْيِيكُم هَل مِن شُرَكَائِكُم مَن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُم مِن شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=07240)) (الروم30: 40)، فمن يعتقد أنه إكتسب مالاً بقوته أو بعلمه أو بجاهه أو بسلطانه أو بفكره أو بحذاقته فهو مخطئ، الرزق من الله، عطاء من الله، هدية من الله لعباده، تذكر قولك (لا حول ولا قوة إلا بالله)، ويأمرنا عز وجل أن نتحصل على هذا الرزق من طرق حلال لا من طرق حرام، يقول عز وجل (وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=04548)) (المائدة5: 88)، ويقول (فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالاً طَيِّباً وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=05806)) (النحل16: 114)، وينهانا عز وجل عن إتباع وساوس ودس الشياطين للحصول على رزق حرام، يقول عز وجل (وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُم عَدُوٌّ مُّبِينٌ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=04722)) (الانعام6: 142)، ويبين لنا عز وجل أن كثيرا من الناس سيستخدمون الكذب للحصول على هذا الرزق، يقول عز وجل (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُم أَنَّكُم تُكَذِّبُونَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=08852)) (الواقعة56: 82)، جاء في الحديث الذي صححه الالباني عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال (إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوما، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث إليه ملك فيؤمر بأربع كلمات: فيكتب رزقه وأجله وعمله ثم يكتب شقي أو سعيد، ثم ينفخ فيه الروح، فإن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، أو قيد ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، أو قيد ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها) (صحيح أبي داود) فليس من عمل للعبد ولا لكل المخلوقات يستطيعون به زيادة الرزق، وقال صلى الله عليه وسلم (لو أنكم توكلون على الله تعالى حق توكله، لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصا، وتروح بطانا) (صحيح الجامع / صححه الألباني)، وجاء فيه أيضاً (أيها الناس اتقوا الله، وأجملوا في الطلب، فإن نفسا لن تموت حتى تستوفي رزقها، وإن أبطا عنها، فاتقوا الله، وأجملوا في الطلب، خذوا ما حل، ودعوا ما حرم) (صحيح الجامع / صححه الألباني)، فهو صلى الله عليه وسلم يعلمنا أن أرزاقنا التي كتبت لنا في اللوح المحفوظ ثم أعيد كتابتها في أرحام الامهات تأكيداً، وأن الإنسان لن يموت حتى يتحصل على كل رزقه الذي كتبه الله له، ليس له فيه إلا التوكل على الله، ويمكننا هنا أن نشبه حال الرزق وحال الإنسان معه بهذه الصورة: (فالرزق كماءٍ في بئرٍ له فَتْحَةٌ ونَبْعَةٌ كُتِبَ على النبعةِ كلمةُ (حلال) وعلى الفتحة كلمة (حرام) وللإنسان الخيار إما أن يدلي دلوه من فتحته الحرام أو أن ينتظر حتى يخرج الماء من نبعته الحلال، فإن كذب هذا الإنسان أو غش أو إحتال أو سرق أو عصى الله باي معصية للحصول على رزق كان كمن أدلى بدلوه من الفتحة الحرام وغرف من هذا الماء، بمعنى أنه أخذ من رزقه هو ولم يأخذ من أرزاق العباد، وأما إن أطاع العبد ربه وعمل صالحا وصبر فإن الماء ينبع له من النبعة الحلال بإذن الله ما عليه فيه إلا الصبر واليقين، وفي كل الأحوال سيخرج كل الماء من هذا البئر مع نهاية حياة الإنسان)، كما قال صلى الله عليه وسلم (لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها) وكما وعد (لو انكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير)، أيّ ورب العزة إنه لحق، يقول عز وجل (قُلْ أَرَءَيْتُم مَا أَنزَلَ اللَّهُ لَكُم مِن رِزْقٍ فَجَعَلْتُم مِنْهُ حَرَاماً وَحَلَالاً قُلْ ءَاللَّهُ أَذِنَ لَكُم أَم عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=05214)) (يونس10: 59).
علاقة العمل بالرزق

ولا يمكننا في هذا الباب أن نغفل عن سؤال هام يطرحه كل باحث عن الحقيقة في هذا المقام حيث يتساءل البعض ويقول: إذا كان القدر من الله، ففيما العمل؟ ولما لا نجلس وننتظر حدوث القدر؟ وهذا أكثر ما يُسأل في مسألة الرزق، وهنا لا بد لنا من فهم صحيح لمسألة الرزق وعلاقة العمل به، ولن نطيل الشرح، فقد بينا أن الرزق هو عطاء منه سبحانه وتعالى، والعمل ما هو إلا سبب يجب الأخذ به، ذلك أن الله ورسوله يحبان العمل الصالح، فلا نكاد نجد آية تتكلم عن الإيمان إلا وكان فيها العمل (آمنوا وعملوا...) (إن الذين قالوا ربنا الله ثم أستقاموا...) ... وهكذا، وقد جاء في صحيح البخاري (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال، وهو على المنبر، وذكر الصدقة والتعفف والمسألة: اليد العليا خير من اليد السفلى، فاليد العليا هي المنفقة، والسفلى هي السائلة) (صحيح / البخاري) وجاء فيه أيضا (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: والذي نفسي بيده، لأن يأخذ أحدكم حبله، فيحتطب على ظهره، خير له من أن يأتي رجلا فيسأله، أعطاه أو منعه) (صحيح / البخاري)، فعلينا أن ننظر للعمل على أنه طاعةٌ لله ورسوله وعبادةٌ لله، يقول عز وجل (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=08522) * مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِن رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=08523) * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=08524)) (الذاريات51: 56-58)، وعليه، يجب أن تكون كل أعمالنا خالصة لوجه الله، نبتغي فيها رضاه وقبوله، أنظر معي كيف سيكون حال المدرس لو أنه درس لأنه إعتبر أن التدريس عبادة؟! كيف سيعامل طلابه؟! كيف سيكلمهم؟! هل سيهتم بهم أم سيهملهم؟! وكيف سيكون حال الصانع عندما يشتغل في صنعته معتبراً نفسه صانعاً أمام الله، وأن الله ينظر له ولعمله، وهو من سيحكم على هذا العمل؟! كيف سيكون حال التاجر وهو يبيع الناس، إذا إعتبر أن تجارته عبادة للناس؟! وهل هناك من إحتمال أن يغِشَ في تجارته، أو أن يكذب من أجل التحصل على المال من هذه التجارة؟! أرأيتم لو أن أعمالنا خلصت لله؟ هل سيكون بيننا من يكذب أو يحتال أو يغش أو يسرق أو يعصي الله، لا والله لن يكون، فالعمل لله، والرزق على الله، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
الظلم والظالم والمظلوم<O:p</O:p

إن صلحت نظرتنا وعملنا بكل ما سبق ذكره، ستتغير نظرتنا للظلم وللظالم وللمظلوم:-
فالظلم: سيصبح (قدر الله) أجراه الله في لوحه قبل خلق السماوات والأرض.
والظالم: سيصبح هو المظلوم الحقيقي، لأنه إنما ظلم نفسه بظلمه لغيره يقول عز وجل (وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُم يَظْلِمُونَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=04905)) (الأعراف7: 160)، ويقول (وَمَا ظَلَمْنَاهُم وَلَكِن ظَلَمُوا أَنفُسَهُم (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=05365)) (هود11: 101)، ويقول (وَمَا ظَلَمْنَاهُم وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُم يَظْلِمُونَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=05810)) (النحل16: 118) ويقول (وَمَا ظَلَمْنَاهُم وَلَكِن كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=08192)) (الزخرف43: 76).
والمظلوم: سيصبح عبداً في إمتحانٍ من إمتحانات الله، وما حدث معه إما أنه (مصيبة) وإما أنه (إبتلاء)، فإن كان مصيبة، فقد أخبرنا عز وجل بأكثر من موقع من القرآن الكريم أن المصائب إنما تحدث بآثام إقترفناها أو بتفريط بعبادات أضعناها فقدمنا بهذه الآثام وهذه التفريطات لحدوث المصيبة كقوله عز وجل (وَمَا أَصَابَكُم مِن مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَت أَيْدِيكُم وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=08093)) (الشورى42: 30)، وكقوله (ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَت أَيْدِيكُم وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=04266)) (آل عمران3: 182) وكقوله (فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَت أَيْدِيهِم ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِن أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=04346)) (النساء4: 62)، وغيرها كثير، والمصيبة تصيب العبد لأن الله يحب أن يعجل له العذاب في الدنيا بدل عذابه في نار جهنم، فعذاب الدنيا أخف بكثير من عذاب الآخرة، عنه صلى الله عليه وسلم أنه قاله (يؤتى يوم القيامة بأنعم أهل الدنيا من الكفار فيقال اغمسوه في النار غمسة فيغمس فيها ثم يقال له أي فلان هل أصابك نعيم قط فيقول لا ما أصابني نعيم قط ويؤتى بأشد المؤمنين ضرا وبلاء فيقال اغمسوه غمسة في الجنة فيغمس فيها غمسة فيقال له أي فلان هل أصابك ضر قط أو بلاء فيقول ما أصابني قط ضر ولا بلاء) (صحيح إبن ماجة / صححه الالباني)، أما إن كان ما أصاب هذا المظلوم إبتلاءاً فإن هذا شاهد ودليل على محبة الله لهذا العبد، فإن أحب الله عبداً إبتلاه ليصبر، فإن صبر رفعه في درجات الجنة، جاء في كتاب الإيمان لإبن تيمية رحمه الله عن سعد بن ابي وقاص أنه قال: (قلت: يا رسول الله! أي الناس أشد بلاء؟ قال: الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة، زيد في بلائه، وإن كان في دينه رقة، خفف عنه ولا يزال البلاء بالمؤمن حتى يمشي على الأرض وليس عليه خطيئة) (صححه الألباني)، وجاء في صحيح الترغيب عن كعب بن عجرة أنه قال (ما دخل جوفي ما يدخل جوف ذات كبد منذ ثلاث. قال: فذهبت فإذا يهودي يسقي إبلا له، فسقيت له على كل دلو بتمرة، فجمعت تمرا؛ فأتيت به النبي فقال: من أين لك يا كعب؟ فأخبرته، فقال النبي أتحبني يا كعب؟ قلت: بأبي أنت؛ نعم قال: إن الفقر أسرع إلى من يحبني من السيل إلى معادنه، وإنه سيصيبك بلاء، فأعد له تجفافا. قال: ففقده النبي فقال: ما فعل كعب؟ قالوا: مريض، فخرج يمشي حتى دخل عليه، فقال له: أبشر يا كعب! فقالت أمه: هنيئا لك الجنة يا كعب! فقال النبي: من هذه المتألية على الله؟ قلت: هى أمي يا رسول الله! قال: ما يدريك يا أم كعب؟ لعل كعبا قال ما لا ينفعه، ومنع ما لا يغنيه) (صححه الالباني)، وروى عبد الله بن مغفل المزني (قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله والله إني لأحبك فقال انظر ماذا تقول قال والله إني لأحبك فقال انظر ماذا تقول قال والله إني لأحبك ثلاث مرات فقال إن كنت تحبني فأعد للفقر تجفافا فإن الفقر أسرع إلى من يحبني من السيل إلى منتهاه) (حسن غريب / سنن الترمذي / صححه الألباني)، فكما نرى في الحالتين أكان المظلوم مصاباً بمصيبة أو مبتلاً بابتلاء فإن هذا خير، فلا يأتي من الله إلا الخير.

خلاصة: علاقة المسلم بأخيه المسلم وكيف يجب أن ينظر إليه<O:p</O:p

لن نطيل في هذا الباب فكلنا يعرف أنه لا يؤمن المؤمن حتى يحب لأخي ما يحب لنفسه، وكلنا يعلم أن المسلم أخ المسلم لا يحقره ولا يخذله ولا يظلمه، وكلنا نعلم أن كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه، ولكن ما اريد إظهاره هنا هو حديث الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال (انصر أخاك ظالما أو مظلوما. قالوا: يا رسول الله، هذا ننصره مظلوما، فكيف ننصره ظالما؟ قال: تأخذ فوق يديه) (صحيح / البخاري)، فهذا الحديث مهم جدا لمعرفة كيفية التعامل مع إخواننا المسلمين الذين يقولون (لا إله إلا الله، محمد رسول الله) ثم بعدها يقوموا بأعمال نتضرر منها، حيث أننا بهذا الحديث مجبورين أن ننظر في حال هذا الإنسان هل هو ظالم أمام الله، بمعنى (هل نوى نية السوء في قلبه لإحداث الضرر)؟ أو هل (عصى الله فتسببت معصيته لله في حدوث هذا الضرر)؟ أو (هل إستكبر هذا الإنسان على الناس مستخفاً بهم أو متعالياً عليهم أو مستهزءاً بهم أو ساخراً منهم فنجم عن هذا حدوث الضرر لهم)؟ أو (هل تهاون هذا الإنسان في واجباته المفروضة عليه عرفاً بين الناس مما أدى لوقوع ضرر لهم)؟ فإن كان هذا حاله فعلينا أن نردعه عن ظلمه لنفسه بأن نقتص منه بحسب ما حدده لنا الشرع ليس أكثر وكيفما حدده لنا الشرع ليس غير، أما إذا وقع الضرر من شخص لم ينوِ نية سوء ولم يقصر بواجب من واجباته ولم يستخف بحقوق العباد فهذا العفو بحقه أفضل وأثوب أمام الله، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

ملحق: بعض الأحاديث التي تتكلم عن الظلم<O:p</O:p

· (إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما. فلا تظالموا) (أبو ذر الغفاري / صحيح مسلم).
· (مطل الغني ظلم) (أبو هريرة / صحيح البخاري).
· (عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن، وكانت بينه وبين أناس خصومة في أرض، فدخل على عائشة فذكر لها ذلك، فقالت: يا أبا سلمة، اجتنب الأرض، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من ظلم قيد شبر طوقه من سبع أرضين) (عائشة / صحيح البخاري).
· (أيما رجل ظلم شبرا من الأرض كلفه الله تعالى أن يحفره حتى يبلغ آخر سبع أرضين، ثم يطوقه يوم القيامة، حتى يقضي بين الناس) (يعلى بن مرة / صحيح الجامع).
· (اتقوا الظلم. فإن الظلم ظلمات يوم القيامة. واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم. حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم) (جابر بن عبدالله / صحيح مسلم).
· (يا جرير! تواضع لله، فإنه من تواضع لله في الدنيا رفعه الله يوم القيامة يا جرير هل تدري ما الظلمات يوم القيامة؟ قلت: لا أدري قال: ظلم الناس بينهم، ثم أخذ عويدا لا أكاد أراه بين إصبعيه فقال: يا جرير! لو طلبت في الجنة مثل هذا لم تجده قلت: يا أبا عبد الله! فأين النخل والشجر؟ قال: أصولها اللؤلؤ والذهب، أعلاه الثمر) (جرير بن عبدالله / صحيح بن ماجة).
· (كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فضحك فقال "هل تدرون مما أضحك؟" قال قلنا: الله ورسوله أعلم. قال "من مخاطبة العبد ربه. يقول: يا رب! ألم تجرني من الظلم؟ قال يقول: بلى. قال فيقول: فإني لا أجيز على نفسي إلا شاهدا مني. قال فيقول: كفى بنفسك اليوم عليك شهيدا. وبالكرام الكاتبين شهودا. قال فيختم على فيه. فيقال لأركانه: انطقي. قال فتنطق بأعماله. قال ثم يخلى بينه وبين الكلام. قال فيقول: بعدا لكن وسحقا. فعنكن كنت أناضل") (أنس بن مالك / صحيح مسلم).
· (قلت يا رسول الله ما العصبية قال أن تعين قومك على الظلم) (واثلة بن الأسقع الليثي / سنن أبي داود).
· (أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله كيف الطهور فدعا بماء في إناء فغسل كفيه ثلاثا ثم غسل وجهه ثلاثا ثم غسل ذراعيه ثلاثا ثم مسح برأسه فأدخل إصبعيه السباحتين في أذنيه ومسح بإبهاميه على ظاهر أذنيه وبالسباحتين باطن أذنيه ثم غسل رجليه ثلاثا ثلاثا ثم قال هكذا الوضوء فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم أو ظلم وأساء) (عبدالله بن عمرو بن العاص / سنن ابي داود).
· (ألا من ظلم معاهدا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة) (عدة من أبناء أصحاب النبي / سنن ابي داود).
· (ثلاثة أقسم عليهن وأحدثكم حديثا فاحفظوه. قال: ما نقص مال عبد من صدقة، ولا ظُلم عبد مظلمة فصبر عليها إلا زاده الله عزا، ولا فَتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر – أو كلمة نحوها – وأحدثكم حديثا فاحفظوه. فقال: إنما الدنيا لأربعة نفر: عبدٌ رزقه اللهُ مالاً وعلماً فهو يتقي ربه فيه ويَصِلُ فيه رحمه، ويَعلَمُ لله فيه حقاً فهذا بأفضل المنازل، وعبدٌ رزقه اللهُ علماً ولم يرزقه مالاً فهو صادقُ النيةِ يقولُ: لو أنَ لي مالاً لعَمِلتُ بعملِ فلان فهو بنيتهِ فأجرهما سواء، وعبدٌ رزقه اللهُ مالاً ولم يرزقه علماً يخبط في ماله بغير علم، لا يتقي فيه ربه ولا يصل فيه رحمه، ولا يعلم لله فيه حقا، فهو بأخبث المنازل، وعبد لم يرزقه الله مالا ولا علما فهو يقول: لو أن لي مالا لعملت فيه بعمل فلان، فهو بنيته فوزرهما سواء) (أبو كبشة الأنماري / سنن أبي داود).
· (إن الله سيخلص رجلا من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة فينشر عليه تسعة وتسعين سجلا، كل سجل مثل مد البصر ثم يقول: أتنكر من هذا شيئا؟ أظلمك كتبتي الحافظون؟ يقول: لا يا رب. فيقول: أفلك عذر؟ فيقول: لا يا رب، فيقول: بلى إن لك عندنا حسنة وإنه لا ظلم عليك اليوم، فيخرج بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، فيقول: احضر وزنك، فيقول: يا رب ما هذه البطاقة ما هذه السجلات؟ فقال فإنك لا تظلم. قال: فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة فطاشت السجلات وثقلت البطاقة، ولا يثقل مع اسم الله شيء) (عبدالله بن عمرو بن العاص / سنن أبي داود).
· (من أعان على خصومة بظلم أو يعين على ظلم لم يزل في سخط الله حتى ينزع) (عبدالله بن عمر / صحيح بن ماجة).
· (إن الشيطان قد يئس أن تعبد الأصنام في أرض العرب، ولكنه سيرضى منكم بدون ذلك بالمحقرات، وهي الموبقات يوم القيامة، اتقوا الظلم ما استطعتم؛ فإن العبد يجيء بالحسنات يوم القيامة يرى أنها ستنجيه، فما زال عبد يقوم يقول: يا رب ظلمني عبدك مظلمة. فيقول: امحوا من حسناته. وما يزال كذلك حتى ما يبقى له حسنة من الذنوب، وإن مثل ذلك كسفر نزلوا بفلاة من الأرض ليس معهم حطب، فتفرق القوم ليحتطبوا فلم يلبثوا أن حطبوا، فأعظموا النار وطبخوا ما أرادوا، وكذلك الذنوب) (عبدالله بن مسعود / صحيح الترغيب).
· (من ابتلي فصبر، و أعطي فشكر، و ظُلم فغفر، و ظَلم فاستغفر (أولئك لهم الأمن و هم مهتدون)) (سخبرة الأزدي / صحيح الجامع / حسن).
· (لا تُروّعوا المسلم، فإن روعة المسلم ظلم عظيم) (عامر بن ربيعة بن كعب / صحيح الجامع).
· (من بنى بيتاً في غير ظلم ولا اعتداء، أو غرس غرساً في غير ظلم ولا اعتداء – كان له أجراً جارياً ما انتفع به أحد من خلق الله تبارك وتعالى) (معاذ بن أنس / المتجر الرابح).
· (خرج عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوم الجمعة إلى الصلاة فصعد المنبر ثم صاح يا سارية بن زنيم الجبل يا سارية بن زنيم الجبل ظلم من استرعى الذئب الغنم ثم خطب حتى فرغ فجاء كتاب سارية إلى عمر أن الله قد فتح علينا يوم الجمعة ساعة كذا وكذا لتلك الساعة التي خرج فيها عمر فتكلم على المنبر قال سارية فسمعت صوتا يا سارية بن زنيم الجبل يا سارية بن زنيم الجبل ظلم من استرعى الذئب الغنم فعلوت بأصحابي الجبل ونحن قبل ذلك في بطن واد ونحن محاصرو العدو ففتح الله علينا فقيل لعمر بن الخطاب ما ذلك الكلام فقال والله ما ألقيت له إلا بشيء ألقي على لساني) (يعقوب بن زيد و أسلم مولى عمر / البداية والنهاية).
· (يجيء الظالم يوم القيامة حتى إذا كان على جسر جهنم بين الظلمة والوعرة لقيه المظلوم فعرفه وعرف ما ظلمه به فما يبرح الذين ظلموا يقصون من الذين ظلموا حتى ينزعوا ما في أيديهم من الحسنات فإن لم تكن لهم حسنات رد عليهم من سيئاتهم حتى يورد الدرك الأسفل من النار) (أبو أمامة / مجمع الزوائد).
· (أن رجلا شتم أبا بكر والنبي صلى الله عليه وسلم جالس فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يعجب ويبتسم فلما أكثر رد عليه بعض قوله فغضب النبي صلى الله عليه وسلم وقام فلحقه أبو بكر فقال يا رسول الله كان يشتمني وأنت جالس فلما رددت عليه بعض قوله غضبت وقمت قال إنه كان معك ملك يرد عنك فلما رددت عليه بعض قوله وقع الشيطان فلم أكن لأقعد مع الشيطان ثم قال يا أبا بكر ثلاث كلهن حق ما من عبد ظلم بمظلمة فيفضي عنها لله عز وجل إلا أعز الله بها نصره وما فتح رجل باب عطية يريد بها صلة إلا زاده بها كثرة وما فتح باب مسألة يريد بها كثرة إلا زاده الله بها قلة) (أبو هريرة / مجمع الزوائد).
· (أول من يختصم يوم القيامة الرجل وامرأته والله ما يتكلم لسانها ولكن يدها ورجلاها يشهدان عليها بما كانت [تغيب] لزوجها، وتشهد يداه ورجلاه بما كان يوليها، ثم يدعى الرجل وخدمه فمثل ذلك ثم يدعى أهل الأسواق وما يوجد ثم دوانيق ولا قراريط ولكن حسنات هذا تدفع إلى هذا الذي ظلم وسيئات هذا الذي ظلمه توضع عليه ثم يؤتى بالجبارين في مقامع من حديد فيقال: أوردوهم إلى النار، فوالله ما أدرى يدخلونها أو كما قال الله تعالى: وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا) (أبو أيوب الأنصاري / البدور السافرة).
· (يقبل الجبار تبارك وتعالى يوم القيامة فيثني رجله على الجسر فيقول: وعزتي وجلالي لا يجاوزني ظلم ظالم، فينصف الخلق بعضهم من بعض حتى إنه لينصف الشاة الجماء من الشاة العضباء بنطحة تنطحها) (ثوبان مولى رسول الله / البدور السافرة/ إسناده حسن).
· (كنت عند ابن عمر فدعا غلاما له فأعتقه ثم قال مالي فيه من أجر ما يسوي هذا أو يزن هذا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من ضرب عبدا له حدا لم يأته أو ظلمه أو لطمه لطمة شك عبد الرحمن فإن كفارته أن يعتقه) (زاذان / مسند أحمد).
· (من أعان قومه على ظلم فهو كالبعير المتردي ينزع بذنبه) (عبدالله بن مسعود / مسند أحمد / إسناده صحيح).
· (إن الله قسم بينكم أخلاقكم، كما قسم بينكم أرزاقكم، وإن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الدين إلا لمن أحب، فمن أعطاه الله الدين فقد أحبه، والذي نفسي بيده، لا يسلم عبد حتى يسلم قلبه ولسانه، ولا يؤمن حتى يأمن جاره بوائقه. قالوا: وما بوائقه يا نبي الله؟ قال: غشمه وظلمه، ولا يكسب عبد مالا من حرام فينفق منه فيبارك له فيه، ولا يتصدق فيقبل منه، ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار: إن الله لا يمحو السيئ بالسيئ، ولكن يمحو السيئ بالحسن، إن الخبيث لا يمحو الخبيث) (عبدالله بن مسعود / عمدة التفسير).
· (أن امرأة سرقت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء بها الذين سرقتهم، فقالوا: يا رسول الله، إن هذه المرأة سرقتنا، قال قومها: فنحن نفديها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقطعوا يدها. فقالوا: نحن نفديها بخمسمائة دينار. فقال: اقطعوا يدها. فقطعت يدها اليمنى. فقالت المرأة: هل لي من توبة يا رسول الله؟ قال: نعم، أنت اليوم من خطيئتك كيوم ولدتك أمك. فأنزل الله في سورة المائدة: {فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم) (عبدالله بن عمرو بن العاص / عمدة التفسير)
· (ألا أدلكم على من هو أشد منه؟ (يعني: الصريع) رجل ظلمه رجل، فكظم غيظه؛ فغلبه، وغلب شيطانه، وغلب شيطان صاحبه، (وفي رواية): الذي يملك نفسه عند الغضب) (السلسلة الصحيحة / أنس بن مالك / إسناده حسن).
· (من أعان على خصومه بظلم، أو يعين على ظلم، يزل في سخط الله حتى ينزع) (السلسلة الصحيحة / عبدالله بن عمر / إسناده حسن رجاله ثقات).

نائل أبو محمد
05-13-2011, 10:05 PM
الجمعة 10 جمادى الثانية 1432