المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كتب طالب عوض الله دولةالعدل ودول القهر *


نائل أبو محمد
06-11-2009, 10:04 PM
الخميس 18 جمادى الثانية 1430
بسم الله الرحمن الرحيم
دولةالعدل ودول القهر
بحث مقارن
طالب عوض الله

حالان مخنلفان......نعم ، حالان مختلفان، لا بل متناقضان، حال المسلمون في ظل عدل دولة الخلافة، وحال الأمة الآن في ظل دول وحارات وأنظمة القمع المخابراتية القائمة الآن، والمتسلطة على رقاب المسلمين في شرق البلاد وغربيها ، وشتان ما بين الثرى والثريا.
لما بويع أبو بكر بالخلافة بعد بيعة السقيفة تكلم أبو بكر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
"أما بعد أيها الناس فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه إن شاء الله، والقوى فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه إن شاء الله، لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة في قوم قط إلا عمهم الله بالبلاء، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم".
وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقف على المنبر ويقول أيها الناس من رأى منكم في اعوجاجا فليقومه، فيجيبه أحدهم لو رأينا فيك اعوجاجا لقومناه بحد سيوفنا، فأين هي قداسة الحاكم وأي حاكم، إنه أبو بكر وعمر...

عمر بن الخطاب رضي الله عنه تقف له امرأة في مسألة تحديد المهر وقد تلت عليه الآية الكريمة ﴿وان أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا﴾، وقوله قنطار يدل على إباحة التوسع في المهور فكيف يضع عمر حدا له؟ فأجابها بقوله-أصابت امرأة وأخطأ عمر.
وقد بلغ من شدة عدل عمر وورعه أنه لما أقام "عمرو بن العاص" الحد على "عبد الرحمن بن عمر" في شرب الخمر، نهره وهدده بالعزل؛ لأنه لم يقم عليه الحد علانية أمام الناس، وأمره أن يرسل إليه ولده "عبد الرحمن" فلما دخل عليه وكان ضعيفًا منهكًا من الجلد، أمر "عمر" بإقامة الحد عليه مرة أخرى علانية، وتدخل بعض الصحابة ليقنعوه بأنه قد أقيم عليه الحد مرة فلا يقام عليه ثانية، ولكنه عنفهم، وضربه ثانية و"عبد الرحمن" يصيح: أنا مريض وأنت قاتلي، فلا يصغي إليه. وبعد أن ضربه حبسه فمرض فمات!!
كان الجو صحوا، والفراغ موجودا، والسعة حاضرة، وفي مثل هذه الأيام التي تستهيم الناس، جاءت مسابقة ركوب الخيل في مصر بعد الفتح، وكان من بين المتسابقين ابن حاكم مصر عمرو بن العاص.

وبعد جولة أو جولتين فاز بالسباق واحد من الأقباط المغمورين، فاستدار ابن الأمير - كأنما هو جبل شامخ والناس في سفحه رمال - فمال على رأس القبطي وضربه بالسوط وقال له: أتسبقني وأنا ابن الأكرمين؟


فغضب والد الغلام القبطي وسافر ومعه ابنه من مصر إلى المدينة المنورة يشكو إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب هتك العدالة والحرية، ويطلب منه إنصاف ولده.

ولما استمع عمر بن الخطاب إلى شكوى الرجل تأثر كثيرا وغضب غضبا شديدا فكتب إلى والي مصر عمرو بن العاص رسالة مختصرة يقول فيها: إذا وصلك خطابي هذا فاحضر إليّ وأحضر ابنك معك !

وحضر عمرو بن العاص ومعه ولده امتثالا لأمر أمير المؤمنين، وعقد عمر بن الخطاب محكمة للطرفين تولاها بنفسه وعندما تأكد له اعتداء ابن والي مصر على الغلام القبطي، أخذ عمر بن الخطاب عصاه وأعطاها للغلام القبطي قائلا له اضرب ابن الأكرمين، فلما انتهى من ضربه التفت إليه عمر وقال له: أدِرها على صلعة عمرو فإنما ضربك بسلطان أبيه، فقال القبطي: إنما ضربتُ مَن ضربني،
ويحكى ان خولة بنت ثعلبة خاطبت في ذات يوم عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- عندما كان خارجاً من المسجد وكان معه الجارود العبدي، فسلم عليها عمر فردت عليه، وقالت: " هيا يا عمر، عهدتك وأنت تسمى عميراً في سوق عكاظ ترعى الضأن بعصاك، فلم تذهب الأيام حتى سميت عمر، ثم لم تذهب الأيام حتى سميت أمير المؤمنين، فاتق الله في الرعية، واعلم أنه من خاف الوعيد قرب عليه البعيد، ومن خاف الموت خشي الفوت"، فقال الجارود: قد أكثرت على أمير المؤمنين أيتها المرأة، فقال عمر: دعها.

السيدة خولة تذكر عمر بانه كان صغيرا وكان يسمى عميرا وكان يرعى الغنم فلا يتهمها بالوقاحة او التطاول او الاجتراء على امير المؤمنين - اما من يقول ان عمرو خالد يخالف الشريعة ويرتدي الباروكة ويصبغ شعره فيجب ان يسكت ولا يتجرأ على عمرو خالد !!! فهذا امر لا يهم في مقابل ان عمرو خالد يهدي الناس كما يدعون !!! وفي المقابل لا ضير ان يخالف هو الله !!!

ويحكى ان عمير بن سعد كان عند عمر بن الخطاب جاءه من حمص اللتي عمله عليهاوكان في حالة يرثى لها فقال له عمر : بئس المسلمون خرجت من عندهم، فقال له عمير‏:‏ اتق الله يا عمر فقد نهاك الله عن الغيبة، وقد رأيتهم يصلون صلاة الغداة‏.
كان الفاروق قائم يخطب على المنبر فاعترضه أحد المسلمين قائلاً : أتقي الله يا عمر . فتوجه أحدهم للخليفة بالقول: دعني أضرب عنق هذا الفاجر، فأجابه : دعه فلا خير فيهم ان لم يقولوها، ولا خير فينا ان لم نسمعها ونعمل بها.

وغاب شمس الخلافة عن سماء العالم ليحكمنا صبية أقزام لا يتقون الله فينا ولا في أنفسهم يحكمون الرعية بالقمع وبأجهزة المخابرات، تحصي على الناس حركاتهم وتضيق عليهم الخناق وتكتم أنفاسهم ، وتلاحقهم بالتعذيب وقطع الأرزاق والأعناق، والقاعدة العملية عندهم تحريم محاسبة الحكام وتحريم النصح والنصيحة وتسليط أجهزة المخابرات وعيونها في رصد تحركات الأمة، ووقف أي تحرك خير يستهدف قول الحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحرموا النصح والوعظ وقول الحق في المجتمع، وحتى في المساجد، وشرعت القوانين والأنظمة والتعليمات الجائرة في ذلك، وضرب ظهور المخالفين بالسياط وفتحت لهم أبواب السجون والمعتقلات، وتم نفي المخلصين في الأرض، ومطاردة كلمة الحق في كل مكان.
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَآئِفِينَ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (114)
وابتدعوا الأسباب والمسببات للصد عن سبيل الله، وحيل بين المسلمين وبين وصولهم للمسجدين الشريفين، وقنن بالتصاريح حج الناس للمسجد الحرام، فأحل لمن لا يتقي الله وحرم منه عامة الناس الا القليل منهم من تأدية هذا الفرض الذي فرضه الله تعالى، وذلك خلافاً وتحدياً لقوله تعالى :

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاء الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (25) وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (26) وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (28) ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29) ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30)

نعم ، انهم هم أعداء الله ارتضوا لأنفسهم أن ينوبوا عن أسيادهم الكفرة في تكميم الأفواه، وقمع شعوبهم، وتسليط قمع أجهزة المخابرات عليهم، خلافاً لما رأينا من عدل دولة الاسلام وخلفاء الاسلام الذين قامت أركان دولهم على كلمة العدل وتمكين الأمة من محاسبتهم

* رسالة عبر البريد الخاص .

سليم
06-11-2009, 11:11 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله بالكاتب والناقل.

نائل أبو محمد
08-24-2009, 01:43 PM
المسلمون وتطبيق الاسلام


اتقوا الله فينا وفي تاريخنا وفي أمجاد أمتنا ذات العراقة التاريخية أيها المضبوعون بأفكار الغرب الكافر0
اتقوا الله فينا وفي تاريخنا وفي أمجاد أمتنا ذات العراقة التاريخية ولا تعينوا الكفرة على أمتكم.

اتقوا الله فينا وفي تاريخنا وفي أمجاد أمتنا ذات العراقة التاريخية وأقرأوا التاريخ بتدبر وعقل نير.
اتقوا الله فينا وفي تاريخنا وفي أمجاد أمتنا ذات العراقة التاريخية وذروا السذاجة والتفاهة والتبعية للغرب.

اتقوا الله فينا وفي تاريخنا وفي أمجاد أمتنا ذات العراقة التاريخية وأعلموا أن تاريخ خلفائنا مشرق يفتخر به.
اتقوا الله فينا وفي تاريخنا وفي أمجاد أمتنا ذات العراقة التاريخية وأنصفوا خلفاءاً حكموا بالعدل وان أخطأوا أحياناً

اتقوا الله فينا وفي تاريخنا وفي أمجاد أمتنا ذات العراقة التاريخية وأنصفوا الفاتحين الحاملين لمشعل الهداية
اتقوا الله فينا وفي تاريخنا وفي أمجاد أمتنا ذات العراقة التاريخية المستمرة ثلاثة عشر قرناً كلها أمجاد

اتقوا الله فينا وفي تاريخنا وفي أمجاد أمتنا ذات العراقة التاريخية وأقلعوا عمات أنتم فيه من العمالة الفكرية
اتقوا الله فينا وفي تاريخنا وفي أمجاد أمتنا ذات العراقة التاريخية ولا تكونوا عوناً للمجرمين أعداء الله .

انه من المصائب التي حلت بأمتنا الكريمة وجود نفر سذج من أبنائها رضوا على أنفسهم العمالة الفكرية للغرب الصليبي الكافر، منهم من باع نفسه للشيطان برضى وتصميم مسبق لتنفيذ مآرب آنية ، ومنهم من ابتلي بالضحالة الفكرية ومرض انفصام الشخصية فرضي لنفسه أن يكون بوق شر يستغله أعداء الله للنعيق ضد أهله وقومه و أمته وتاريخها وأمجادها لكي ينمي مركب النقص المستولي عليه مخلخلاً شخصيته الاسلامية ومذهباً تقواه ومذهباً لعنصر الخير في شخصيتهم ولكي يرضي غروره القاتل من أمثال كاتب هذا المقال، وما درى المساكين أنهم بتبجحهم المقيت هذا يدخلون في سخط الله وغضبه ويستحقون الشفقة والرثاء ، ولا نملك حيالهم الا محاولة ردهم لجادة الصواب والدعاء لله تعالى أن يمن عليهم بالهداية وعودة للفكر المتزن السليم.
آن لهؤلاء النيام أن يستيقظوا على نداء الحق
وآن لهؤلاء المرضى بالضحالة الفكرية والعمالة للغرب أن يتزن تفكيرهم
وآن لأصحاب النفوس المريضة أن تعالج نفسياتها الفاسدة بالاسلام.
لقد هُدمت الخلافة باستغلال بريطانيا الكافرة نفر من أبناء هذه الأمة رضوا لأنفسهم المهانة حين قبلوا أن يكونوا عملاء أعداء الله الكفرة فتآمروا على أمتهم وعلى خلافتها فباءوا بغضب من الله ولعنهم الله ورسله والملائكة والناس أجمعين، وكان الكفرة قد مهدوا لمصيبة هدم الخلافة زرع أفكار الكفر من وطنية وقومية واستقلال وغيرها من الشعارات الفاسدة المفسدة ، وقد برز في مجتمع الاسلام ناعقون بتلك الأفكار والشعارات من مثل عبد الرحمن الكواكبي وشريف مكة وأبناءة وغيرهم من عملاء الفكر الكافر.
وتابعهم أعمى البصر والبصيرة طه حسين وأستاذه أحمد لطفي السيد وقاسم أمين وعلي عبد الرازق ونجيب محفوظ ورجاء النقاش ................. ولا زالت حلقات المسلسل المخزي مستمرة ومترابطة.
في هذا المقال المنقول عن " شبكة فلسطين للحوار " يتهم كاتب المقال " مبضع الجراح " مجتمع الإسلام بجميع عصوره بالفشل السياسي، وتجربتنا مع هذا المدعي ليست الأولى، فمن متهم مجتمع الإسلام بالظلم ومن قاذف إياه بالضحالة الفكرية ، وغيرها ، وكلهم يصب في مجرى أنّ الإسلام لم يطبق كنظام حكم أو خلافة ألا في زمن الخلفاء الراشدون، ومن حاصر ذلك في زمن أبو بكر وعمر فقط، ولنأخذ هذا الموضوع كعينة ونتناوله نقداً ونقاشاً لنبين وجه الحق في ذلك:


أما آن لنا أن نعترف ...
المسلمون على مر التاريخ ...فشلوا سياسياً
الكاتب :مبضع الجراح


يقول النبي صلى الله عليه وسلم(الحديث صحيح)
الخلافة بعدي ثلاثون ثم تكون ملكا
هذا الحديث كما هو واضح ينقض مقولة من يقول إن الخلافة ظللت المسلمين 13 قرناً...إنها كما يقول الحديث ثلاثون سنة فقط
إنها تنقض من يفتخر بخلفاء أمية وبني العباس وبني عثمان...فهم لا يستحقون لقب خليفة أصلاً إنهم ملوك...
إنها تعيب من جعل تاريخ الإسلام تاريخاً لخلفائه بدءاً من ابن كثير وانتهاء بحسن إبراهيم حسن..فالخلفاء كانوا بعيدين عن نهج الإسلام فكيف ينسب تاريخهم إلى الإسلام، ولماذا لا ننسب تاريخنا إلى المسلمين كشعب وهم الذين لم يتخلوا عن الإسلام كمنهج ثلاثة عشر قرناً
لا اعتقد أن أحداً من القراء يخالفني حتى هذه النقطة.
ولكن......
ينادي البعض إلى العودة إلى الخلافة الراشدة بحذافيرها...بل وصل البعض إلى العودة إلى تفاصيلها العملية ،حيث يقول حزب التحرير مثلاً : علينا العودة إلى نظام الدواوين الراشدي ونظام الولايات الراشدي ونظام الخلافة مدى الحياة كما كان الراشدون.....إلخ
هنا أنا أتساءل:
هل استطاع الخلفاء الراشدين الحفاظ على تجربة الشورى التي أرسوها
أم أنهم كانوا مثاليين في الطرح فاعتمدوا على النيات الحسنة فسقطت الخلافة كما يقول النبي بعد ثلاثين سنة
هل كانت النهاية المأساوية لعثمان وعلي ا صدفة أم هي نتيجة طبيعية لأخطاء تكتيكية وقع بها الراشدون"طبعاً ليست أخطاء بالمعنى الشرعي لأن النبي يقول عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي"
هل يقتصر النجاح على مجرد التفوق أم أن النجاح الحقيقي هو المحافظة على هذا التفوق
لماذا نقض الطامعون حكم الإسلام في ثلاثة عقود رغم أن الناس ظلوا يحتكمون إلى الإسلام ثلاثة عشر قرناً
هل علنا العودة إلى جوهر الخلافة الراشدة أم إلى تفاصيلها؟

ألم يقل صلى الله عليه وآله وصحبه:
"لينتقضن عرى الإسلام عروة عروة فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها فأولهن نقضا الحكم وآخرهن الصلاة‏"
لماذا نُقضت عروة الحكم بهذه السرعة
هل الظروف الموضوعية كانت أقوى من الإمكانات الذاتية
أم إن الخلل كان يكمن في المسلمين
أم في طريقة تعاملهم مع الحكم
ألم يقل عمر عن أسلوب الانتخاب سقيفة بني ساعدة:"كانت فلتة لكن الله سلم"
وهل تسليم الله للتجربة كان فلتة أيضاً

إذا تحدثنا عن الاستفادة من مناهج أخرى –كالديمقراطية مثلاً تفتح علينا أبواب جهنم....

هل مناهجنا التاريخية تصلح للنجاح كما هي أم أن علينا العودة إلى الجوهر والاجتهاد في التفاصيل

هل يحق للمسلمين أن يفتخروا بتجربتهم السياسية التي لم تستمر إلا ثلاثة عقود

هذه مجرد تساؤلات فشاركونا الإجابة
وأرجو ألا يفهم أحد أنني أتطاول على مقام الخلفاء الراشدين
فو لله لموطئ وطؤوه في سبيل الله خير من ملء الأرض مني
ولكن ...."كل يؤخذ منه ويرد عليه إلا صاحب هذا القبر عليه الصلاة والسلام"
منقول : شبكة فلسطين للحوار
http://www.palestinianforum.net/forum/showthread.php?t=80614


منقول عن : مدونة طالب عوض الله

http://talebawadallah.blogspot.com/

نائل أبو محمد
08-24-2009, 01:45 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

في التكتلات وخطر الطبقية

قال تعالى من سورة عبس:﴿عَبَسَ وَتَوَلى. أن جاءَهُ الأعمى. وَما يُدْريكَ لَعَلَّهُ يَزّكى. أو يذكر فتنفعه الذكرى. أما من استغنى. فأنت لهُ تصدى. وما عليك ألا يزكى. وأمّا من جاءك يسعى. وَهُوَ يخشى. فأنت عنه تلهى.﴾

إنَّ القاعدة الأساسية في عمل التكتلات السياسية المستهدفة تغيير المجتمعات الحرص الشديد من قبل قادة وزعماء كافة التكتلات على التركيز على كسب أصحاب النفوذ ومشاهير القوم وأصحاب التأثير في مجتمعاتهم ( الوجهاء ) لجسم تكتلاتهم، أو لكسب تأييدهم ونصرتهم لتكتلاتهم وأفكارهم وتطلعاتهم. تلك هي القاعدة في كل التكتلات الذي ظهرت في الحقب التاريخية المتعاقبة على مر الأيام، لم يشذ عن ذلك إلا بعض التكتلات الباطنية التي قامت لأهداف آنية بعيدة عن غايات إحداث التأثير لانقلاب جذري في المجتمع. وسيبقى ذلك طريقاً وسبيلاً لكل تكتلات مستقبلية. وينبه هنا إلى أن ذلك ليس من لوازم طريقة التغيير الحصرية، بل هي رغبات مفضلة لدى أصحاب التكتلات للإسراع في بلوغ الغايات عن طريق أصحاب النفوذ والنصرة، حيث نصرتهم هي أقرب الطرق لذلك، فعن طريقهم في الأعم الأغلب تحدث النصرة، وبدونهم يكون العمل شاقــاً مُضنياً متعثر الخطى، غير مأمون الوصول بالسرعة المتوخاة.

لقد ركّز الرسول صلى الله عليه وسلم على كسب سادة القوم في مكة لتأييد دعوته ولحمل مبدأه ونصرة دعوته، فركز على الوليد بن ألمغيره وأمية بن خلف وأبو جهل وأبو لهب وأبو سفيان وغيرهم من سادة القوم. وبعدها ركز على طلب النصرة والمنعة له ولدعوته من رؤساء القبائل من العرب من غير قريش كغطفان وثقيف وبني كندة وسليم وأخيراً يثرب. إلا أنه لم يحصر تركيزه عليهم فقط بل قد دعا عامة الناس من كل طبقات المجتمع وفي كل المواقع لاعتناق الفكر وحمل الدعوة. ومع أنه قد أفلح في اكتساب قلة من سادة المجتمع كعمر وأبي بكر وعثمان ومصعب، إلا أنّ الغالبية ممن أسلم في العهد المكي كان من المستضعفين بما في ذلك العبيد المسترقين. وذلك أمرٌ طبيعي وبديهي، فالحاجة للتغيير تقوى لدى المحرومين المستضعفين والمظلومين المضطهدين، وتقل وتضعف لدى السادة المترفين.

وتبين لنا سورة ( عبس ) كم كان تركيز الرسول صلى الله عليه وسلم ولهفته على كسب سادة القوم وأصحاب الفعاليات والنصرة شديداً. لذا جاء لفت النظر والتوجيه من الله تعالى في تلك السورة للتشديد على حتمية عمومية الدعوة والطلب إلى العمل لكسب جميع الناس لجسم الدعوة بغض النظر عن المواقع، وعدم حصر الجهد لكسب طبقة أصحاب الشهرة والنفوذ على حساب إهمال أمر العامة من الناس، فإيجاد القاعدة الشعبية الصالحة للتغيير يكون عن طريق إيجاد الرأي العام المنبثق عن الوعي العام لدى أفراد المجتمع عامة: سادتهم وعامتهم، مترفوهم ومستضعفوهم.

ومع أنه مع أن البديهي أن أصحاب النفوذ في المجتمع وسادته وكبراءه هم أسهل وأنجح في العمل لإحداث التغيير لأنَّ فيهم تكون النصرة ولأنهم هُم أهل المنعة والنصرة الحقيقية المانعة والفاعلة، إلا أن استعراض تاريخ حركات التغيير في العالم ترينا أن الثورات وحركات التغيير قد قادها وتزعمها أو في حالات أخرى كان وقودها وعناصر نجاحها ممن عانى من الحرمان والضياع والظلم والاضطهاد من الأمة وعامة الناس. ففي الثورة البلشفية عام 1918 كانت مراهنات البلاشفة على العمال والطبقات الكادحة، حيث استغلوا جوعهم وحرمانهم لتأجيج نار ثورتهم، فأججوا بهم وبأجسادهم نار الاضطرابات وباستغلال دمائهم واضراباتهم أقاموا دولتهم ودكوا حصون وقصور القياصرة الروس والقضاء على عائلة رومانوف. وقبلها الثورة الفرنسية كانت قد استغلت جوع الجياع وحرمان المحرومين لتأجيج نار الثورة وبالتالي إحداث التغيير. كما أنَّ كلُّ ثورات التغيير أو التحرر الأفريقية في القرن العشرين التي قامت في الكنغو والنيجر ونيجيريا وروديسيا وزنجبار وجنوبي أفريقيا كان وقودها المأجج أوار نارها عامة الشعب البسطاء. وفي القديم الغابر لم يتمكن " بروتس " من إحداث ثورته وانقلابه على " يوليوس قيصر " وقتله إلا بالاستعانة بعامة الشعب وبسطائه، وهم نفس الفئة الذين استغلهم خصوم بروتس السياسيين في الثورة المضادة التي قادوها ضده وبهم تمكنوا من بروتس وحركته.

كما أنّ بعض العملاء المستوزرون من صنائع الكافر المستعمر في العالم الإسلامي قد عمدوا لاستغلال القاعدة الشعبية باستمالة عامة الناس وضمهم في صفوف أحزابهم من أجل الضغط بواسطتهم لتحقيق مكاسب آنية لهم. كما حدث في مصر في سنوات الأربعينيات من القرن الماضي ( القرن العشرين )، حيث قام الباشاوات الإقطاعيون أصحاب الطرابيش الحمراء بضم عامة الناس لحزب النحّاس وفؤاد سراج الدين ( حزب الوفد ) مستغلين إياهم كورقة ضغط فاعلة عند الملك والإنجليز لتحقيق مكاسبهم الشخصية عن طريق تحريك الشارع المصري بالمظاهرات وغيرها، في حين قامت زوجاتهم من خلال الهالة من الإعجاب والتأييد التي أحدثها ضم عامة طبقات الشعب لحزب أزواجهنَّ من استغلال ذلك لتمرير لمؤامرة " حركة تحرير المرأة " ولمساندة دعوات الناعق " قاسم أمين " والقيام بتحدي مشاعر المسلمين ودينهم بقيامهم بتمزيق الحجاب علناً في حشد شعبي آثم في ميدان الأزبكية بالقاهرة الذي استبدل باسم " ميدان التحرير " تخليداً لهذه المناسبة المجرمة من يومها وليومنا هذا..... كما أن عملاء الإنجليز في الأردن سليمان باشا النابلسي وعبد الحليم النمر قد لجئا في مرحلة معينة في أوائل الستينات بتوجيه من المخبرات الإنجليزية لتأسيس " الحزب العربي الاشتراكي" ذلك الحزب الذي أداره وأدار جريدتيه ( الميثاق والصريح ) من خلف ستار سكرتيرة الباشا اليهودية الإسرائيلية سارة عمرام (1) . وكان من المقاصد الخفية وراء تشكيل هذا الحزب تمكين وزارة الباشا من استغلال الشارع لتمرير مخططات رهيبة لصالح النظام الحاكم ولأسيادهم الكفار المستعرين بعد هالة من الشعبية الزائفة التي أحاطوها بذلك الزعيم المستوزر والتي منحته 59 صوتاً من مجموع أصوات نواب المجلس البالغة ستون صوتاً. وقد كشف نائب حزب التحرير في مجلس النواب الأردني عن منطقة طولكرم سماحة الشيخ أحمد الداعور ذلك المخطط الإجرامي الرهيب في جلسة الثقة لحكومة الباشا العميل حيث جاء في مقدمة كلمته: ( أتقدم إليكم ببياني هذا لأكشف البرقع الشفاف الذي يخفي سحنة الاستعمار في هذه الحكومة...) انتهى

ودعوة الإسلام في مكة رفضها وقاومها وحال دون اعتناقها سادة القوم من زعماء وقادة عشائر ومفكرين وأدباء وشعراء وحكماء وتجار وأصحاب النفوذ والتأثير وأصحاب رؤوس الأموال. واعتنقها وقاوم من أجلها وبذل الغالي والرخيص من أجلها أفراد من عامة الناس من المحرومين والمغمورين، ومع أنه كان من مشاهير المسلمين في الدعوة في العهد المكي تجار وقادة وزعماء وأدباء وأصحاب نفوذ وتأثير وأصحاب رؤوس أموال، إلا أن الغالبية العظمى من المسلمين كانت من عامة الناس البُسَطاء ومن المحرومين والعبيد، وبهؤلاء المضطهدين الحفاة العراة الجياع انطلق الرسول صلى الله عليه وسلم ينشر دعوته ويقيم دولته في المدينة المنورة، لينطلق منها بهم لنشر الدعوة بالجهاد داكا الحصون والقلاع وفاتحاً الأمصار والبلاد فتحول العبيد والمحرومين إلى قادة وأسياد وأمراء.

وفي تكتل حزب التحرير العامل لاستئناف الحياة الإسلامية والذي قام في أوائل الخمسينيات من القرن المنصرم ركز قائد التكتل وخليتها الأولى على كسب أصحاب الفعاليات والتأثير من أدباء وعلماء وفقهاء ومفكرين وحملة شهادات جامعية وقادة مجتمع، وكسب العديد منهم، بل قد كانت الحلقة الأولى التي حملت الدعوة منهم، ومن تلك الحلقة الأولى انبثقت القيادة الأولى، إلا أنه نسأل الله له الرحمة لم ينس الركيزة الثابتة من غيرهم، فكان من مشاهير حملة الدعوة الأوائل تجار وعمال وصناع وأجراء، فكان منهم الجزار والبقال والفكهاني والاسكافي والفران والترزي والمزارع والطالب. فاختلط الجامعي الأزهري والمهندس والأمي الذي يمهر الوثائق ببصمة إبهامه في تكتل فريد لم يشهد التاريخ له مثيلا يعملون سويةً ويداً بِيَـدٍ لمحاولة تغيير الأوضاع بمحاولة دخول المجتمع وإحداث القاعدة الشعبية والرأي العام المنتج للتغيير بالفكر الذي حملوه وتبنوه، الفكر الذي جمع وساوى بين حامل الشهادة الجامعية والأمي الذي لا يقرأ ولا يكتب، وبين العالِـمُ والتاجر، وبين المهندس والعامل، وبين الأديب والطالب. لم يُفاضل بينهم لطبقاتهم المتغايرة، بل كانت المفاضلة بينهم على ضوء المتفاعل مع الدعوة أكثر كائناً من كانت طبقته، فتقدَّمَ أحياناً الطالب على الأديب، وتقدم في حالات أخرى الفران الأمي على العالِم......
حتى الحلقة الأولى التي نشرت الدعوة والتي ضمت جمعاً خيّراً من أفاضل العلماء والمثقفين وحملة الشهادات الجامعية، ناء كاهل بعضهم وفترت همته ونكل عن مواصلة الطريق فتخلف وترك المسيرة، في حين استمر غيرهم في العمل بهمة ونشاط، منهم العمال والأميين والتجار والصُّناع استمروا في العمل سوياً مع إخوان لهم من العلماء والفقهاء والأدباء والشعراء والمهندسين والوجهاء ورؤساء العائلات ومدراء الشركات والمؤسسات وأصحاب المصانع وضباط الجيش. والرابط الوحيد بينهم وهم يشكلون جميع ألوان طيف هذا المجتمع أنهم حملة دعوة وأنهم جميعاً وبلا استثناء مفكرون وسياسيون وأنهم النخبة الصالحة من الأمة لأنهم حملوا أرقى فكر منبثق عن المبدأ الوحيد الصالح للتغيير، وبهذا الفكر وبه وحده يعملون للتغيير وسيصلون للغاية إن شاء الله قريباً ويومئذ سيفرح المؤمنون.

أما حركة النكث التي استهدفت التكتل ووجوده وعملت جاهدة بتحريك خفي لهدمه وإلحاقه بالماضي، وكانت من أخطر المراحل في تاريخه، فقد قادها وأشعل أوار فتنها نفر من حملة الشهادات الجامعية والألقاب البراقة، جمح بهم الغرور حين ظنوا في أنفسهم القادة والسادة والطبقة التي يجب أن تقود وتأمر فتطاع، فانبرى لهم المخلصون من أفراد التكتل من كل الطبقات المشخصون بقوة فكرهم وسلامة عقيدتهم وتقواهم فوأدوا الفتنة في مهدها: فتنة أصحاب القمصان البيضاء والياقات المنشاة وربطات العنق، ليثبتوا أنّ الفكر هو الرابط الذي لا تنقصم عراه في التكتل مقروناً بالتقوى وإخلاص النية لله تعالى.

وفي الندوات والنقاشات ودروس المساجد والمحاضرات رأينا الغلبة والفوز للأمي السياسي حامل الفكر المستنير على العالِم حامل أرقى الشهادات الجامعية. فقد كان حمل للدعوة والدخول للمجتمع بالفكر الذي حملوه، كائناً من كان حامله، وربما كان حملة الدعوة من بٌسَطاء الناس أنشط وأقوى أثراً وتأثيراً في ذلك من المثقفين حملة الشهادات الجامعية، سواء منها الأكاديمية أو الشرعية أو الأدبية. فلم نحمل الدعوة أبداً ولم نصل لإحداث العملية الصهرية بالمثقفين أصحاب القمصان البيضاء والياقات المنشاة وربطات العنق، لا بل قد حملنا الدعوة بهم وبإخوانهم ممن يمهرون الوثائق ببصمة إبهامهم الأيسر من العمال والصناع من بُسَطاء الناس وعامتهم.
ويجب التنبيه هنا أننا لم ولن ننشر الدعوة بين الناس ونكسبهم لها بطبقة أصحاب ربطات العنق حملـة الألقاب والشهادات الجامعية، وإن كان من الطبيعي والبديهي والضروري أن يكون في صفوفنا الكم الهائل من هؤلاء الناس بصفتهم من شرائح المجتمع، ولأنهم من أصحاب التأثير في أوساطهم وفي غير أوساطهم إن أحسنوا حمل الفكر وتفاعلوا معه وأخلصوا النية لله تعالى... كما أن التركيز عليهم دون غيرهم من طبقات المجتمع يفرغ العمل من محتواه ويغير مسار العمل حيث يركز على الطبقيــة الجوفـــاء والشعور بالرقي المظهري، وهذا الشعور هو - إن حصل لا سمح الله - أول طريق انهيار التكتل، لأنه يضعف حرص التكتل على كسب ثقة البسطاء من الأمة، ومتى تحول التكتل إلى تكتل عنوانـه وواجهته أصحاب الياقات المنشاة وربطات العنق متجاهلاً الذخيرة الهامة وهي بسطاء الناس المأهلون للتفاعل مع الفكر ونشر المبدأ فقد عمل على صرف الأمة عنه مما يُنتج انهياره، وبعدها يحتاج إلى جهود مضنية لمعاودة كسب ثقة الأمة وإقناعها للعمل معه.

وذلك بالتأكيد هو من مقاصد التحذير الوارد في كتاب التكتل الحزبي لحزب التحرير صفحة 53 حيث يقول: (وأمّا الخطر الطبقي فإنّه يتسرب إلى رجال الحزب، لا إلى الأمة. وذلك أنه حين يكون الحزب يمثل الأمة أو أكثريتها، تكون له مكانة مرموقة، ومنزلة موقرة، وإكبار تام من قبل الأمة والخاصة من الناس. وهذه قد تبعث في النفس غروراً، فيرى رجال الحزب أنهم أعلى من الأمة، وأن مهمتهم القيادة، ومهمة الأمة أن تكون مقودة. وحينئذ يترفعون على أفراد الأمة، أو على بعضهم، دون أن يحسبوا لذلك حساباً. وإذا تكرر ذلك صارت الأمة تشعر بأن الحزب طبقة أخرى غيرها، وصار الحزب كذلك يشعر بالطبقية. وهذا الشعور هو أول طريق انهيار الحزب، لأنه يضعف حرص الحزب على ثقة البسطاء من الجمهور، ويضعف ثقة الجمهور بالحزب، وحينئذ تبدأ الأمة تنصرف عن الحزب......)

انتهى

وأضيف على ما تقدم أن أخطر من ذلك هو أن يفقد الحزب ثقـة أفراده العاديين حين يرون أن حزبهم قد تحوَّل عنهم من حزب قوامه وذخيرته الفكر وحملتة إلى حزب الأطباء والمهندسين أصحاب ربطات العنق بدل أن يكون حزب الفكر ومن حمله كائناً من كان.

إن كل تكتل تمكن التكتل من كسب مكانة مرموقة، ومنزلة موقرة، وإكبار تام من قبل الأمة والخاصة من الناس، حيث يتوافد الناس على حضور مؤتمراته ومحاضراته بالآلاف المؤلفة، ويتلهفون على سماع آرائه السياسية فيما يستجد من أحداث تهمهم، وينظر الناس بإعجاب شديد لحسن ترتية شبابه وأدائهم في ذلك، وينظر الناس إلى تحركهم المنظم في المناسبات العامة وبأعداد هائلة نسبياً من شبابه أكثر مما ظنوا، وحين يرى الناس أنهم لسنا شرذمة صغيرة لا وَزنَ لها ولا يُحسب لها حساب كما يروج الخصوم ووسائل إعلامهم. في هذه المرحلة بالذات أعضاء هذا التكتل أحوج للتواضع وعدم الغرور. فمهما كثر عدد حملة الدعوة ومهما وصل ثقل التكتل في المجتمع، فإن هذا الصرح الشامخ ممكن أن ينهار إذا وصل إلى صفوف التكتل فيروس الغرور ومرض الطبقيـــة، وشعور شباب الدعوة بأنهم حزب أصحاب القمصان البيضاء والياقات المنشاة وربطات العنق حملة الألقاب البراقة والشهادات الجامعية. لا الواقع أنهم حملة الإسلام فكرة وطريقة، يحرصون أن يكون فيهم العالِم والفقيه والمجتهد والمهندس ورجل الأعمال والأديب والحكيم والشاعر والمعلم والطبيب، ويحرصون بنفس القدر على أن يكون فيهم أيضاً وقبل ذلك القصاب والترزي والمزارع والفران والاسكافي والفكهاني والبقال وسائق الجرار وطالب العلم والتاجر وكل طبقات المجتمع، وبهم جميعاً في تكتــــل عنــــان فريـــد سنقيم دولة الخلافة الراشدة التي ستدك حصون الظالمين وتفتح البلاد أمام الدعوة إن شاء الله.

وبناء عليه فلا ضير أبداً أن يصل إلى المراكز القيادية والإدارية في التكتلات المستهدفة التغيير أقوى الأفراد لتحمل ذلك باعتبار التمكن الفكري والإداري فقط بغض النظر عن طبقاتهم، وأن يصل إليها أقوام من بُسطاء الناس وعامتهم، وأن تكون الأولوية في توكيل المهمات والأعمال الحزبية لجميع الأفراد من كل الطبقات من هذا المنطلق، فيفاضل في انتقاء الأفراد لهذه الأعمال بالصلاحية الفكرية والإدارية ليس إلا، وتعتبر عملية انتقاء الأفراد لتلك الأعمال والمهمات على أساس طبقـي كنوع من الغــرور القاتــل والانتحـــــــار الموصل للطبقيـــــة الجوفـاء الموصلة بالتأكيد للتصدع وبالتالي للانهيار والفشل.

وحتى نكون على بينة من الأمر وعواقبه المحتملة فإن من الخطورة المستقبلية للنظرة الطبقية تلك أنه إن وصل التكتل لقيادة الأمة برغم ما تقدم وبذلك الشعور من الطبقية الجوفاء في قياداته فسيكون وبالاً على الأمة التي سيقودها، إذ سيبرز الظلم وتتحول الدولة إلى دولة طبقات ومحاسيب وأتباع، مما يظهر الفساد بانعدام المساواة والعدل، ويتسبب ذلك ببروز الهوة السحيقة بين الحاكم والمحكوم، ويشعر الناس أن حكامهم ليسوا منهم مما يُضعف القاعدة الشعبية لهؤلاء الحكام عند الأمة، وهذا يعني الانحراف عن المبدأ والتخلي عن الفكر والمتبنيات، والتحول إلى المُلك العضوض.

على أن ذلك لا يعني أن يُهمل التركيز على حملة الشهادات والألقاب وعليَّـة القوم وأصحاب النفوذ والتأثير، والعكس هو الصحيح فكما ورد في بداية البحث يجب التركيز عليهم بصفتهم أفراد يعيشون في هذا المجتمع، كغيرهم من بقية طبقات الناس وبنفس القدر، ومحاولة كسبهم ما استطعنا لذلك سبيلنا استئناساً بهدي المصطفى صلى الله عليه وسلم وتقيداً بطريقته وخط سيره، كما أنَّ بهـم ومعهم إن صلحوا وتفاعلوا مع الدعوة وأفكارها نختصر الطريق ونصل للغايات بأقصر الطرق وأسلمها إن شاء الله.

وكما مرّ سابقا حيث جاء فيه (وتعتبر عملية انتقاء الأفراد لتلك الأعمال والمهمات على أساس طبقـي كنوع من الغــرور القاتــل والانتحـــــــار الموصل للطبقيـــــة الجوفـاء الموصلة بالتأكيد للتصدع وبالتالي للانهيار والفشل. ) أرى في عملية الانتقاء تلك اقتراب من الخط الأحمر الذي من الخطر أن نقترب منه، وأنوه أنني في نصيحتي هذه لا أرغب لأن ألزم التكتلات عموماً بوجهة نظري في الموضوع، بل أرى تنبيه الجميع لرؤيتي في الموضوع وبحث إمكانية وجود خطر ما في مثل هذا التصرف من عدمه، خاصة وأن بعض التكتلات ( وخاصة الإصلاحية والأخلاقية والفردية النوعية ) يكون تكتلها أصلاً حول أسماء مشهورة وألقاب لا معة ، مما أوصل بعضها وقد انتهجت هذا النهج المنحرف لعبادة قادتهم من الأصنام البشرية، يبررون أخطائهم وأحياناً ضلالاتهم وانحرافاتهم ، ولا يتناهون عن منكر فعلوه، وعذرهم في ذلك كونهم قادة وكونهم من المشاهير، ناسين أو متناسين أن الوجاهة الحقة هي الوجاهة المبرأة للذمة ، والمقبولة عند رب العالمين يوم الحساب، أعاننا الله تعالى على الحساب ويومه .

فيا أصحاب التكتلات جميعا: انتبهوا لخطر الطبقية والمحسوبية في تكنلاتكم وأعملوا على افشال أي ظهور لهما في تكتلاتكم، ولتعلموا أنه لا يوجد تكتل محصن من شرورهما أبدا، فالحذر الحذر.


(1) أنظر كتاب ( إسرائيلية في المملكة الأردنية الهاشمية ) ، كاترينا الكسندروروفا - ساره عمرام - ، الطبعة الأولى 1979، طباعة دار النهضة.

مدونة طالب عوض الله

http://talebawadallah.blogspot.com/