المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اللَّحْنُ


موسى أحمد الزغاري
06-20-2009, 03:00 PM
اللَّحْنُ
جاء في لسان العرب لابن منظور :

قال ابن بري وغيره: للَّحْنِ ستة مَعان: الخطأُ في الإِعراب واللغةُ والغِناءُ والفِطْنةُ والتَّعْريضُ والمَعْنى .
1) فاللَّحْنُ الذي هو الخطأُ في الإِعراب يقال منه لَحَنَ في كلامه، بفتح الحاء، يَلْحَنُ لَحْناً، فهو لَحَّانٌ ولَحّانة، وقد فسر به بيتُ مالك بن أَسماء بن خارجة الفَزَاري كما تقدم .

2) واللَّحْنُ الذي هو اللغة كقول عمر، رضي الله عنه: تعلموا الفرائضَ والسُّنَنَ واللَّحْنَ كما تعلَّمُون القرآنَ، يريد اللغة؛ وجاء في رواية تعلموا اللَّحْنَ في القرآن كما تتعلمونه، يريد تعلموا لغَةَ العرب بإِعرابها؛ وقال الأَزهري: معناه تعلموا لغة العرب في القرآن واعرفُوا معانيه كقوله تعالى:{ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ ٱلْقَوْلِ }[ 30 / محمد /47 ] أَي معناه وفَحْواه، فقول عمر، رضي الله عنه: تعلموا اللَّحْن، يريد اللغة؛ وكقوله أَيضاً: أُبَيٌّ أَقْرَؤُنا ، وإِنَّا لنَرْغَبُ عن كثير من لَحْنِه أَي من لُغَتِه وكان يَقْرأُ التابُوه * ؛ ومنه قول أَبي مَيْسَرَة في قوله تعالى: { فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ } [ 16 / سبأ / 34 ] . ، قال: العَرِمُ المُسَنَّاةُ بلَحْنِ اليمن أَي بلغة اليمن؛ ومنه قول أَبي مَهْديٍّ:ليس هذا من لَحْني ولا لَحْنِ قومي .

3) واللَّحْنُ الذي هو الغناء وترجيع الصوت والتَّطْريبُ
شاهده قول يزيد بن النعمان :
لقد تَرَكَتْ فُؤادَكَ مُسْتَجَنَّا = مُطَوَّقَةٌ على فَنَنٍ تَغَنَّى
يَمِيلُ بها، وتَرْكَبُه بلَحْنٍ، = إِذا ما عَنَّ للمَحْزُون أَنَّا
فلا يَحْزُنْكَ أَيامٌ تَـوَلَّـى = تَذَكّرُها، ولا طَيْرٌ أَرَنَّا


وقال آخر:
وهاتِفَينِ بشَجْوٍ، بعدما سجَـعَـتْ = وُرْقُ الحَمامِ بترجـيعٍ وإِرْنـانِ
باتا على غُصْنِ بانٍ في ذُرَى فَننٍ، = يُرَدِّدانِ لُـحـونـاً ذاتَ أَلْـوانِ

ويقال: فلان لا يعرفُ لَحْنَ هذا الشعر أَي لا يعرف كيف يُغَنيه. وقد لَحَّنَ في قراءته إذا طَرَّب بها.
4) واللَّحْنُ الذي هو الفِطْنة يقال منه لَحَنْتُ لَحْناً إذا فَهِمته وفَطِنته، فَلَحَنَ هو عني لَحْناً أَي فَهمَ وفَطِنَ، وقد حُمِلَ عليه قول مالك بن أَسماء: وخير الحديث ما كان لحناً، وقد تقدم؛ قاله ابن الأَعرابي وجعله مُضارعَ لَحِنَ، بالكسر، ومنه قوله، صلى الله عليه وسلم: (( لعَلَّ بعضَكم أَن يكون أَلْحَنَ بحجته )) أَي أَفْطَنَ لها وأَحسَنَ تصَرُّفاً.
5) واللَّحْنُ الذي هو التَّعْريض والإِيماء ؛
قال القتَّالُ الكلابي:
ولقد لَحَنْتُ لكم لِكَيما تَفْهَموا، = ووَحَيْتُ وَحْياً ليس بالمُرْتابِ
ومنه قوله، صلى الله عليه وسلم، وقد بعث قوماً ليُخْبِرُوه خبَرَ قريش: (( الْحَنُوا لي لَحْناً )) ، وهو ما روي أَنه بعث رجلين إِلى بعض الثُّغُور عَيْناً فقال لهما: (( إذا انصرفتما فالْحَنا لي لَحْناً )) أَي أَشيرا إِليَّ ولا تُفْصِحا وعَرِّضا بما رأَيتما، أَمرهما بذلك لأَنهما ربما أَخبرا عن العَدُوِّ ببأْسٍ وقُوَّة، فأَحَبَّ أَن لا يقفَ عليه المسلمون. ويقال: جعَلَ كذا لَحْناً لحاجته إذا عَرَّضَ ولم يُصَرِّح؛ ومنه أَيضاً قول مالك بن أَسماء وقد تقدم شاهداً على أَن اللَّحْنَ الفِطنة، والفعل منه لَحَنْتُ له لَحْناً، على ما ذكره الجوهر عن أَبي زيد؛ والبيت الذي لمالك:

مَنطِقٌ صائبٌ وتَلْحَـنُ أَحـيا = ناً، وخيرُ الحديثِ ما كان لَحْنا

ومعنى صائب: قاصد الصواب وإِن لم يُصِبْ، وتَلْحَن أَحياناً أَي تُصيب وتَفْطُنُ، وقيل: تريدُ حديثَها عن جهته، وقيل: تُعَرِّض في حديثها، والمعنى فيه متقاربٌ، قال: وكأَنَّ اللَّحْن في العربية راجع إِلى هذا لأَنه العُدول عن الصواب؛ قال عثمان ابن جني: مَنْطِقٌ صائب أَي تارة تورد القول صائباً مُسَدَّداً وأُخرى تتَحَرَّفُ فيه وتَلْحَنُ أَي تَعْدِلُه عن الجهة الواضحة متعمدة بذلك تلَعُّباً بالقول، وهو من قوله ولعل بعضَكم أَن يكون أَلْحَنَ بحجته أَي أَنْهَضَ بها وأَحسَنَ تصَرُّفاً، قال: فصار تفسير اللَّحْنِ في البيت على ثلاثة أَوجه: الفِطنة والفهم، وهو قول أَبي زيد وابن الأَعرابي وإِن اختلفا في اللفظ، والتعريضُ، وهو قول ابن دريد والجوهري، والخطأُ في الإِعراب على قول من قال تزيله عن جهته وتعدله عن الجهة الواضحة، لأَن اللحن الذي هو الخطأُ في الإِعراب هو العدول عن الصواب،
6) واللَّحْن الذي هو المعنى والفَحْوَى ؛
كقوله تعالى: { وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ ٱلْقَوْلِ }[ 30 / محمد /47 ] أَي في فَحْواه ومعناه. وروى المنذريُّ عن أَبي الهيثم أَنه قال: العُنوان واللَّحْنُ واحد، وهو العلامة تشير بها إِلى الإِنسان ليَفْطُنَ بها إِلى غيره، تقول: لَحَنَ لي فلان وتَعْرِفُ في عُنوانِها بعضَ لَحْنِهـا، وفي جَوْفِها صَمْعاءُ تَحْكي الدَّواهيا
قال: ويقال للرجل الذي يُعَرِّضُ ولا يُصَرِّحُ قد جعل كذا وكذا لَحْناً لحاجته وعُنواناً. وفي الحديث: (( وكان القاسم رجلاً لُحْنَةً )) ، يروى بسكون الحاء وفتحها، وهو الكثير اللَّحْنِ، وقيل: هو بالفتح الذي يُلَحِّنُ الناس أَي يُخَطِّئُهم، والمعروف في هذا البناء أَنه الذي يَكْثُر منه الفعل كالهُمَزة واللُّمَزة والطُّلَعة والخُدَعة ونحو ذلك. وقِدْحٌ لاحِنٌ إذا لم يكن صافيَ الصوت عند الإِفاضة، وكذلك قوس لاحنة إذا أُنْبِضَتْ.
وسهمٌ لاحِنٌ عند التَّنْفير إذا لم يكن حَنَّاناً عند الإِدامةِ على الإِصبع، والمُعْرِبُ من جميع ذلك على ضِدِّه. ومَلاحِنُ العُودِ: ضُروبُ دَسْتاناته. يقال: هذا لَحْنُ فلانٍ العَوَّاد، وهو الوجه الذي يَضْرِبُ به. وفي الحديث: (( اقرؤُوا القرآنَ بلُحُونِ العرب وأَصواتها، وإِياكم ولُحُونَ أَهل العِشْق)) ؛ اللَّحنُ: التطريب وترجيع الصوت وتحسين القراءة والشِّعْرِ والغِناءِ، قال: ويشبه أَن يكون أَراد هذا الذي يفعله قُرَّاء الزمان من اللُّحون التي يقرؤون بها النظائر في المحافل، فإِن اليهود والنصارى يقرؤون كتُبَهم نحْواً من ذلك.
-------------------------------
* التابوه إشارة إلى كيفية قراءة قوله تعالى : { وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ ٱلتَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَىٰ وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ } . [ 248 / البقرة / 2 ] . : المسألة الثالثة: قرأ الكل: التابوت بالتاء، وقرأ أُبـي وزيد بن ثابت { التابوه } بالهاء وهي لغة الأنصار.الرازي .
اللغة: التابوت بالتاء لغة جمهور العرب والتابوه بالـهاء لغة الأنصار. الطبرسي .

سليم
06-20-2009, 08:11 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما شاء الله أخي موسى على هذا البيان الدريّ, بارك الله بك وبهمتك العالية.
لازمنا ولا تهجرنا ولا تحرمنا من هذه الجواهر الحسان والخرائد النادرة.

موسى أحمد الزغاري
06-22-2009, 09:43 PM
والله لقد مدحت فبالغت أخي الحبيب سليم
دُمت بخير
شكرا لك

ابو حسام الرملي
10-25-2010, 01:10 PM
اللحن بمعنى الخطأ في الاعراب خاصة في القرآن الكريم لا يجوز حيث يؤدي الى تغيير المعنى او قلبه واليكم بعض الامثلة
1- قال تعالى ( واعلموا ان الله برئ من المشركين ورسوله ) وذلك بضم اللام في لفظة (رسوله ) حيث ان معنى الآية ان الله ورسوله بريئان من المشركين اما لو قرئت ( ورسوله ) بكسر اللام على اعتبار انها معطوفة على المشركين كما يتوهم البعض فإن المعنى سينقلب رأسا على عقب ويصبح المعنى ان الله يتبرأ من المشركين ويتبرأ ايضا من رسوله والعياذ بالله فهذا خطأ فاحش والاصرار عليه كفر اعاذنا الله من الكفر .
2- قال تعالى ( إنما يخشى الله من عباده العلماء ) فلفظ الجلالة منصوب على المفعولية والعلماء مرفوعة على انها فاعل فتقدم المفعول به على الفاعل فالمعنى ان العلماء هم الذين يخشون الله اما لو قرئت الاية برفع لفظ الجلالة ونصب العلماء على اعتبار ان المفعول به يتقدم على الفاعل فيتغير المعنى ويصبح ان الله هو الذي يخشى العلماء وهذا اتهام لله بالعجز والنقص والاحتياج فمن كانت هذه صفاته لا يكون الها .
3- قال تعالى ( إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب ) فلفظة ( زينة ) جاءت منونة بتنوين الكسر لأنها اسم مجرور بحرف الجر الباء ولفظة ( الكواكب ) مجرورة على اعتبار انها بدل من زينة فيكون المعنى بأن الكواكب هي زينة للسماء الدنيا اما لوقرأ شخص لفظة زينة مجرورة بدون تنوين فتكون الكواكب مجرورة بالاضافة فيصبح المعنى بأن الله جعل للكواكب زينة وهذه الزينة هي زينة للسماء الدنيا ارأيتم كيف اختلف المعنى والمقصود بالكواكب هنا النجوم .