المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خصوصية الدلالة في القرآن الكريم


نائل أبو محمد
06-23-2009, 12:26 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

خصوصية الدلالة في القرآن الكريم

خصوصية الدلالة في الخطاب القرآني

تتجلى ظاهرة اكتساب الكلمة دلالة خاصة في مواضع معينة في القرآن الكريم. ومن المألوف أن الكلمة التي تقع في سياق ما تحمل شحنات دلالية من شأنها أن تتفاعل مع مقتضيات السياق الدلالي إذ إن المعاني المعجمية للكلمة تقع في السياق الدلالي المناسب لها. ولكن المتأمل في التعبير القرآني يجد عدداً من الألفاظ قد لازمت سياقاً دلالياً معيناً دون وجود تفاعل دلالي بين الألفاظ الملازمة للسياق الذي وقعت فيه وهو ما يمكن أن نطلق عليه بخصوصية الملازمة في القرآن الكريم.

وقد ألمح الجاحظ إلى هذه الخصوصية الدلالية بقوله: "وقد يستخف الناس ألفاظاً ويستعملونها وغيرها أحق بذلك منها. ألا ترى أن الله تبارك وتعالى لم يذكر في القرآن الجوع إلا في موضع العقاب، أو في موضع الفقر المدقع والعجز الظاهر. والناس لا يذكرون السغب ويذكرون الجوع في حالة القدرة والسلامة. وكذلك ذكر المطر بأنك لا تجد في القرآن يلفظ به إلا في موضع الانتقام. والعامة وأكثر الخاصة لا يفصلون بين ذكر المطر وذكر الغيث"(1).

ولم يرد في معاجم اللغة ما يفيد أن مادة (مطر) تفيد العذاب أو الهلاك، لكنها اقتصرت على سياق العذاب في القرآن الكريم على الرغم أن دلالتها المعجمية تدل على الخير وطيب العيش، فالمستمطر هو المحتاج إلى المطر أو طالب الخير، ومطرني بخير: أصابني منه خير، وامرأة مطره: لازمة للسواك(2). وقد فرق بعض اللغويين بين مطر وأمطر، فقالوا: مطر في الرحمة، وأمطر في العذاب(3)، دون استناد إلى دليل لغوي.

وما يدل على شدة ارتباط مادة مطر بسياق العذاب أنها وردت بأسلوب التوكيد من خلال الفعل والمصدر، كما في قوله تعالى: {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا} في ثلاثة مواضع(4)، وجاء فعل المطر متعلقاً بالحجارة وهو نوع من العذاب في قوله تعالى {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ} [هود 82]، وقوله تعالى: {فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [الأنفال32]. وأضيف المطر إلى السوء في قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ} [الفرقان40].

"وهكذا نرى أن الرجوع إلى المعاجم القديمة لا يجدي كثيراً في بحث دلالة الألفاظ وتطور الدلالة(5).

ووردت مادة (ترف) في ثمانية مواضع(6) في سياق العذاب والكفر، ولم ترد في سياق آخر، وذلك نحو قوله تعالى: {وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ} [هود116].

والدلالة المعجمية لمادة ترف هي التنعم والدلال والبطر وسعة العيش وملاذ الدنيا وشهواتها(7)، ولا تعني عذاباً أو كفراً في الدلالة المعجمية. وهذا يعني أن مادة (ترف) غادرت دلالتها المعجمية إلى دلالة خاصة في القرآن الكريم وهي العذاب أو الكفر، ولعل انغماس من وقع عليه العذاب بملذات الدنيا وشهواتها وبطر معيشتهم هو الذي سوغ اختصاص مادة (ترف) بسياق العذاب أو الكفر.

ونميل هنا إلى أن ملازمة مادة (ترف) لسياق الكفر أو العذاب تنطوي على بعد اجتماعي أو اقتصادي إذ تعكس نظرة المجتمع إلى مفهوم الترف والمنغمسين فيه "فالألفاظ العربية كما يدل البحث التاريخي كانت عرضة للتبدل الذي اقتضاه الزمان وتقلب الأحوال والنظم الاجتماعية وما الألفاظ الإسلامية إلا لون من ألوان هذا التطور الذي عرض للفظة العربية البدوية القديمة فاستحالت شيئاً آخر يقتضيه الدين الجديد والبيئة الجديدة"(8).

وما يعزز اختصاص مادة ترف بالعذاب والكفر مجيء ألفاظ الإجرام والفسق والكفر والكذب والعذاب في سياق الآيات التي لازمتها مادة (ترف). كما أن تعدد الصيغ الاشتقاقية في المواضع الثمانية يدل على ملازمة مادة (ترف) لسياق العذاب، فقد وردت فعلاً (أترفوا، أترفتم، أترفناهم)، واسم فاعل (مترفيها، مترفيهم، مترفوها).

وفي السياق ذاته نهى القرآن الكريم عن البطر في قوله تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ} [الأنفال 47]. ومجيء الفعل في سياق العذاب في قوله تعالى: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا} [القصص 58]، والدلالة المعجمية للبطر هي النشاط والتبختر والدهش والحيرة، والأشر وهو شدة المرح، ولكن أهل اللغة اعتمدوا على السياق القرآني فقالوا: إن البطر هو الطغيان في النعمة، أو هو دهش يعتري الإنسان عن سوء إهمال النعمة وقلة القيام بحقها وصرفها إلى غير وجهها (9).

وقد نجد بعض العلائق بين المعنى المعجمي والمعنى السياقي ولكنها علائق تحتاج إلى تأمل، لأن المعنى المعجمي لمادة (بطر) لا يفيد صراحة ما يفيده المعنى السياقي، فقد طرأ تغير في مجال الدلالة وهو انتقال "اللفظ من مجال دلالته إلى مجال دلالة أخرى لعلاقة أو مناسبة واضحة بين الدلالتين(10).

بقلم الدكتور: عمر عبد الهادي عتيق
---------------------------

(1) الجاحظ، أبو عثمان عمرو بن بحر: البيان والتبيين. ج1، ص20.

(2) لسان العرب: مطر.

(3) الأصفهاني، الراغب: المفردات في غريب القرآن. ص472.

(4) الأعراف 84، الشعراء 173، النمل 58.
(5) أنيس، إبراهيم: دلالة الألفاظ. ص251.
(6) هود 116، الإسراء 16، الأنبياء 13، المؤمنون 33،64، سبأ 34، الزخرف 23، الواقعة 45.

(7) لسان العرب: ترف.

(8) السامرائي، إبراهيم: التطور اللغوي التاريخي. دار الأندلس، بيروت، 1997، ص47.

(9) انظر: العسكري، أبو هلال: الفروق في اللغة. ص225- 226. وانظر: لسان العرب: بطر.

(10) لعيبي، حاكم مالك: الترادف في اللغة. ص24.

نائل أبو محمد
06-29-2010, 08:24 AM
الثلاثاء 18 رجب 1431
للرفع والتذكير

ابو حسام الرملي
07-10-2010, 03:51 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لمعرفة دلالة الالفاظ في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة اقول وبالله التوفيق
1- الفاظ القرآن الكريم والسنة النبوية هي الفاظ عربية صرفة ولا توجد اي لفظة غير عربية على الاطلاق .
2-في النصوص الشرعية تؤخذ الحقيقة الشرعية اولا فهي مقدمة على الحقيقة اللغوية وغيرها فألفاظ الصلاة والصيام والزكاة والحج مثلا لها معان شرعية .
3- إذا تعذرت الحقيقة الشرعية فيصار الى الحقيقة اللغوية ففي قوله تعالى ( إن الله وملائكته يصلون على النبي ) فهنا يصار الى المعنى اللغوي للصلاة وهو الدعاء والرحمة وكذلك في قوله تعالى ( إني نذرت للرحمن صوما فلن اكلم اليوم انسيا ) فيصار الى المعنى اللغوي للصيام وهو الامتناع عن الكلام في هذه الاية وذلك لتعذر المعنى الشرعي .
4- إذا تعذرت الحقيقة اللغوية يصار الى الحقيقة العرفية ففي قوله تعالى ( او جاء احد منكم من الغائط ) فكلمة الغائط هو المكان الواطئ المنخفض من الارض وهو متعذر لأن مجيء الانسان من مكان منخفض لا يبطل الوضوء اما الحقيقة العرفية لهذه الكلمة فهي الخارج المستقذر من الانسان فهذا يوجب الوضوء .
5- اذا تعذرت الحقيقة بكافة اشكالها فيصار الى المجاز ففي قوله تعالى ( واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي اقبلنا منها ) فالقرية لا تسأل وانما يسأل اهل القرية وكذلك العير اي الجمال لا تسأل ايضا واما يسأل الناس المرافقون للقافلة .