المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صلة الرحم … !


نائل أبو محمد
06-25-2009, 01:47 PM
اختفت عن ساحة مجتمعنا ما يمكن تعريفه بـ العائلة الملتئمة ، التي عاشت في منزل كان فناؤه يضم الاجداد والآباء والاحفاد في الوقت نفسه، وجاء اختفاؤها امام زحف ما يطلق عليه العائلة المحدودة التي تعيش الآن ، في بيوت دون فناء وبالكاد تتسع للاباء والابناء هذه حالة استوطنت وصارت واقعاً يبدو انه لا خيار لنا فيه اندثر معه بيت العيلة الذي كان يجمع احياناً اطرافاً من شجرة العائلة ليكون هناك عائلات عدة في بيت كبير واحد .

ورافق سقوط بيت العيلة انهيار قيم ونظم حياة يبدو ان العائلة الملتئمة حملتها معها في رحيلها الذي بلا عودة ، ففي حين كان الجد يحظى برؤية الحفيد دائماً ، وبقي الأب حاضراً بحكم الاقامة ، وبقيت العلاقة بين الامتدادات العائلية الاخرى - اعمام وعمات اخوال وخالات وانسباء - متقاربةايضا في ظل قيم اجتماعية عملت على تنظيم حركة الحياة بحيث تبقى الاولوية في هذه الحركة باتجاه ما عرف على انه صلة رحم التي لم يكن هناك من حاجة لاي جهد في تفعيلها داخل فناء البيت الكبير الذي كان يجمع يومياً بين الاب والابن والحفيد في الوقت الذي كان فيه الاعمام والاخوال والعمات والخالات والانسباء اجزاء رئيسية من حركة التواصل بين العائلات الكبيرة ، بحيث انعكست اشكال العلاقات داخل البيت الكبير على البيوتات ذات القرابة والتي جمع بينها الدم والنسب وبقي عنوان صلة الرحم هو الاكثر توقيراً واحتراماً ، ليس في المناسبات السنوية الثابتة فحسب بل وعبر برامج زمنية ثم التعارف عليها والالتزام بها حين تكون الزيارات مبرمجة ، يومية او اسبوعية او شهرية على ابعد تقرير ، لكنها لم تكن تغب عن التواصل ابداً ، كما يحدث الآن ، حين تكون المناسبة وربما سنوية هي التي تدفع للقيام بالصلة والزيارة التي صارت واجباً اكثر منها تعبيراً عن مشاعر يكنها الوجدان المستجيب لتوجيهات العقيدة او القيم الاجتماعية .

يندهش المرء حين يسمع حواراً بين اقارب من الدرجة الاولى ، يكتشف منه ان عماً مثلاً لم يكن يدري بعودة ابن اخيه من سفر طويل رغم انه مضى على هذه العودة اشهر وان خالاً اندهش حين علم ان مولوداً جديداً للعائلة وصل ، بعد ان صار عمر الوليد شهراً ، ولعل اغرب ما وقع من غرائب هذا الحال الذي يعكس اين وصلت صلة الرحم ما كان من موقف ذاك الذي حين لاحظ ان مركبة وقفت باب مرآب منزله وهو يهم بدخوله ، عاد مزيداً غاضباً صائحاً يا مدام لا تغلقي باب المرآب … فانا سوف اخرج الآن ليكتشف حين التفتت اليه ان المدام ابنه شقيقته قادمه لزيارته فهو لم يراها منذ ما لا يقدر على تذكره من زمن .

يبعث في النفس العزاء، ان ريفنا ما يزال يتشبث بـ بيت العيلة الى حد ما ولوان هناك من هجر قرى الريف باتجاه المدينة سعياً وراء مطالب الحياة في الوقت الذي دفعت الدراسة البعض الآخر الى رحيل مؤقت ، غالباً ما لا يتجاوز الغياب فيه اسبوعاً ليعود فيلتئم الشمل في نهايات الاسابيع مما يبقى على بعض صلة الرحم التي بدأت تغيب عن المجتمع الريفي ايضاً كل هذا لاسباب ما يتعرض له ريفنا من مؤثرات فرضتها ثورة اتصال وعولمة ، جعلت الوطن بلدة واحدة بعد ان صار العالم كله قرية واحدة .

ان اعمق الاضرار التي ترتبت على تشظي العائلة الملتئمة وغياب بيت العيلة لصالح الشقق السكنية وولادة عوائل عدة من رحم العائلة الملتئمة هو غياب الالفة والتآلف والتعاضد والتكاتف والتواصل الذي كانت صلة الرحم تصنعه ، كي تحصن القيم الاجتماعية النبيلة التي ميزت مجتمعنا ذات يوم والتي نفقدها الآن ، ليس لذاتها فحسب بل وايضاً لما كان لها من دور فاعل في بناء مجتمع متماسك ، يهتم فيه الفرد بالكل ، كما يُعنى فيه الكل بالفرد وليس كما هو الحال الآن ، حيث لا يدري ساكن الدور الرابع من هو جاره ساكن الدور الاول والذي قد يلتقيه عند بوابة منزله في العمارة ذاتها … ثم قد يطرح عليه التحية او يتجاهله .

يبقى السؤال :

هل يمكن اصلاح الحال ؟ هل من امل في اعادة الحياة الى قيم صلة الرحم استجابة لأوامر عقيدتنا و تمشياً مع نبالة قيمنا ، هذه القيم التي سادت حين كان بيت العيلة مرجعية ثابتة للاهل جميعاً … اصولاً وفروعاً .

suha.hafez@yahoo.com

suhahafeztoukan.maktoobblog.com

المصدر صحيفة الراي الاردنية : 25/6/2009

سهى حافظ داود طوقان

ابو حسام الرملي
09-09-2010, 10:00 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الرحم المحرمة صلتها فرض وقطيعتها حرام والرحم غير المحرمة صلتها مندوبة وقطيعتها حرام ايضا