المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : للمراجعة والقراءة والتعليق ، ...


نائل أبو محمد
12-08-2012, 03:08 PM
السبت 25 محرم 1434

المرض يسوق إلى التوبة :
المرض يدفعك إلى التوبة، وفي الآية ملمح لطيف:

﴿ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا ﴾

( سورة التوبة : 118)

أي: ساق لهم من الشدائد ما حملهم بها على التوبة، ففي المرض أحياناً يحدث للعبد من التضرع والتوكل وإخلاص الدعاء ما يزداد إيماناً على إيمانه، ويحصل له من الإنابة وحلاوة الإيمان وذوق طعمه ما هو أعظم مما يحدث بزوال المرض، وقد يكون المرض أحياناً رسولَ خير، يأتي فيكون سبباً في صلحك مع الله، ثم يشفيك الله به.
ما من آية أروع من قوله تعالى:

﴿ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾

( سورة الأنبياء : 83)

المصاب أحياناً يجعل الدعاء حاراً ملتهباً، المصاب أحياناً يجعلك تقوم الليل، المصاب أحياناً يدعوك إلى الدعاء المخلص، وأكبر مكافأة لهذا النبي الكريم:

﴿ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾

( سورة ص : 44)

أيها الإخوة الكرام: لي صديق أصيب بمرض خبيث في أمعائه، وبقي يعاني من آلام هذا المرض سنتين، وتقسم زوجته بالله أنها ما سمعته في السنتين إلا وهو يلهج بالحمد والشكر لله عز وجل، أليس هذا امتحاناً صعباً؟ ولكنه نجح في الامتحان.
أيها الإخوة الكرام: هناك عبودية في السراء، وهناك عبودية في الضراء، وعبودية الضراء الصبر والإنابة والتوبة، وقد قال الإمام علي رضي الله عنه:
الرضى بمكروه القضاء أرفع درجات اليقين.
يروى أن تابعياً، هو عروة بن الزبير، أصيب بالأكلة في رجله وتوفي ابنه قال:
اللهم لي بنون سبعة، فأخذت واحداً، وأبقيت لي ستة، وكان لي أطرافاً أربعة، فأخذت طرفاً، وأبقيت لي ثلاثة، ولئن ابتليت فقد عافيت، ولئن أخذت فقد أبقيت، ثم نظر إلى رجله في الطشت بعد أن قطعت فقال: إن الله يعلم أنني ما مشيت بك إلى معصية قط، وأنا أعلم.

7) المرض سبب للتواضع والانكسار :
أيها الإخوة الكرام: من فوائد المرض أنه يحجم العبد، فلو أنه بقي صحيحاً قوياً غنياً يأمر فينفذ أمره، يأمر فيطاع، كل شيء يحصل عليه، لوقع في مزلة قدم كبيرة، لذلك في المرض أحياناً يخرج العبد من مرض الكبر، والعجب، والفخر، ولو دام للعبد جميع أحواله لطغى، ولبغى، ونسي المبتدى والمنتهى، لكن الله سلط على بعض المؤمنين الذين ينتابهم الضعف من حين إلى آخر، سلط عليهم بعض الأسقام والآفات ليعرف أنه عبد لله، أي أن الإنسان لا يعرف حقيقة العبودية إلا إذا شعر بضعفه.
الله عز وجل، كان من الممكن أن يجعلك قوياً صحيحاً طوال حياتك، لكن لو جعلك قوياً صحيحاً طوال حياتك، لاستغنيت بقوتك عن الله، ولشقيت باستغنائك، لكنه جعلك ضعيفاً كي تفتقر في ضعفك فتسعد بافتقارك.
أيها الإخوة الكرام: المؤمن حينما يمرض يعرف حجمه، ويعرف افتقاره إلى الله عز وجل، ورد في الأثر القدسي:
أنا عند المنكسرة قلوبهم.
فإذا أراد الله بعبد خيراً سقاه دواءً من الابتلاء يستفرغ به من الأمراض المهلكة.

8) المرض يكسبك قلباً سليماً :
حقيقة دقيقة جداً، أن أمراض الدنيا تنتهي بالموت، لكن أمراض القلب تبدأ بعد الموت، وتهلك صاحبها إلى أبد الآبدين.
ورد في الأثر القدسي، أن العبد إذا دعا لأخيه المبتلى فقال: يا رب ارحمه، يقول الله: كيف أرحمه مما أنا به أرحمه، وعزتي وجلالي إن أردت أن أرحم عبداً ابتليته بكل سيئة كان عملها سقماً في جسده، أو إقتاراً في رزقه، أو مصيبة في ماله، أو ولده، حتى أبلغ منه مثل الذر، فإذا بقي عليه شيء شددت عليه سكرات الموت حتى يلقاني كيوم ولدته أمه.

أكبر عطاء على الإطلاق أن تلقى الله بقلب سليم، والدليل قال تعالى:

﴿ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾

( سورة الشعراء : 89)

فإذا اجتمعت هذه الشدائد على الإنسان، وانتهت به إلى قلب سليم قبل أن يلقى الله عز وجل فهو الفائز الأكبر، إذا اجتمع بلاء الدنيا على عبد، وانتهى به الأمر إلى قلب سليم لا يشتهي شهوة لا ترضي الله، ولا يعبد غير الله، ولا يحتكم لغير شرع الله، ولا يقبل خبراً يتناقض مع وحي الله، فإذا انتهى بك المطاف إلى قلب سليم فأنت الفائز الأكبر، قال تعالى:

﴿ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾

( سورة آل عمران : 185)

أما أهل الشرك والكفر، فقال تعالى عنهم:

﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ ﴾

( سورة الأنعام : 44)

لم يفتح عليهم باباً، بل فتح عليهم أبواباً.
لم يفتح عليهم أبواب شيء، بل فتح عليهم أبواب كل شيء: الغنى، والقوة، وجمال الطبيعة، والازدهار، والثروات، والاستمتاع بالحياة، قال تعالى:

﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ﴾

( سورة الأنعام : 44)

أما حينما يعالجك الله عز وجل، ويتابعك، ويؤدبك، فأنت في العناية الإلهية المشددة، ومن أعظم النعم أن تكون في العناية الإلهية المشددة، من أعظم النعم أن تكون ضمن معالجة الله عز وجل.
أرأيت إلى مريض أصيب بالتهاب في المعدة حاد، يقيم عليه الطبيب الدنيا ولا يقعدها إذا أكل مادة مؤذية، يحميه حمية مطلقة، أما إذا كان مصاباً بورم خبيث منتشر في كل جسمه، وسأله: ماذا آكل؟ يقول له: كُلْ كل شيء، قال تعالى:

﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ﴾

(سورة الأنعام : 44)

أيها الإخوة الكرام: خيارنا مع الإيمان خيار وقت لا خيار قبول أو رفض، لأن أكفر كفار الأرض الذي قال:

﴿ أَنَا رَبكُمُ الْأَعلى ﴾

( سورة النازعات : 24)

والذي قال:
﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي ﴾

(سورة القصص : الآية 38)

هذه ماشطة بنت فرعون، رويت قصتها في الحديث عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(( لما أسري بي مرت بي رائحة طيبة، فقلت: ما هذه الرائحة؟ فقالوا: هذه رائحة ماشطة ابنة فرعون وأولادها، كانت تمشطها فوقع المشط من يدها، فقالت: بسم الله، فقالت ابنته: أبي؟ فقالت: لا، بل ربي وربك ورب أبيك، فقالت: أخبر بذلك أبي؟ قالت: نعم، فأخبرته فدعا بها وبولدها، فقالت: لي إليك حاجة، فقال: ما هي؟ قالت: تجمع عظامي وعظام ولدي فتدفنه جميعاً، فقال: ذلك لك علينا من الحق، فأتى بأولادها فألقى واحداً واحداً، حتى إذا كان آخر ولدها وكان صبياً مرضعاً، فقال: اصبري يا أماه فإنك على الحق، ثم ألقيت مع ولدها ))

[ من حديث صحيح، أخرجه الحاكم في مستدركه ]

هذا فرعون حينما أدركه الغرق، ماذا قال؟

﴿ قَالَ آَمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إلا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ ﴾

( سورة يونس : الآية 90)

وأنا أؤكد لكم أن الستة آلاف مليون الآن على اختلاف مللهم ونحلهم واعتقاداتهم وانتماءاتهم ومذاهبهم وطوائفهم وجنسياتهم، منهم من يعبد الحجر، ومنهم من يعبد الشجر، ومنهم من يعبد الشمس والقمر، ومنهم من يعبد البقر، ومنهم من يعبد الجرذان، ومنهم من يعبد نفسه، عندما يأتيهم ملك الموت سوف يؤمنون بفحوى رسالات الأنبياء، فالخيار مع الإيمان خيار وقت، وليس خيار قبول أو رد.


خ1 - فوائد المرض ، خ2
أيها الإخوة: المرض يهذب النفس، ويصفي المشاعر: ... أيها الإخوة الكرام: من فوائد المرض أنه
يعرف به صبر العبد، فكما قيل: لولا الامتحان لما ظهر فضل الصبر، إذا وجد الصبر ...
www.nabulsi.com/blue/ar/art.php?art=5056&id=44&sid=4

نائل أبو محمد
12-10-2012, 01:28 PM
لماذا يحدث هذا ؟؟ ..


كثيرًا ما يتبادر هذا السؤال إلى الأذهان حين يتعرض المرء لمحنة، أو حين يسمع بابتلاءٍ أصاب أحدًا، هل يريد الله بنا العذاب ؟، يقول - سبحانه -: "مَا يَفْعَلُ اللهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللهُ شَاكِرًا عَلِيمًا"، والله سبحانه وتعالى أرحم بنا من أنفسنا، فلا يمكن أن يخْلقنا ليعَذِّبَنا، وإذا كان الأمر كذلك، فلمَ يحدث ما يحدث من ابتلاء ومحن؟
يقول الإمام ابن القيم رحمه الله : "على العبد أن يعلم أن الله يربِّي عبده على السرّاء والضرّاء والنعمة والبلاء، فيستخرج منه عبوديته في جميع الأحوال، فإن العبد على الحقيقة من قيام بعبودية الله على اختلاف الأحوال، وأما عبد "السراء والعافية" الذي يعبد الله على حرفٍ فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه، فليس من عبيده الذين اختارهم لعبوديته، فلا ريب أن الإيمان الذي يثبت على محلّ الابتلاء والعافية هو الإيمان النافع وقت الحاجة، وأما إيمان العافية فلا يكاد يصحب العبد ويبلِّغه منازل المؤمنين، وإنما يصحبه إيمانٌ يثبت على البلاء والعافية ، فالابتلاء كِيْر العبد ومحك إيمانه، فإما أن يخرج تِبْراً – أي ذهبًا – أحمر، وإما أن يخرج زَغَلاً محصنًا – أي ذهبه مختلطٌ بنحاسه -، وإما أن يخرج فيه مادتان ذهبية ونحاسية، فلا يزال به البلاء حتى يخرج المادة النحاسية من الذهب، ويبقي ذهبًا خالصًا، فلو علم العبد أن نعمة الله عليه في البلاء ليست دون نعمة الله عليه في العافية لشغل قلبه بشكره ولسانه، اللهم أعنِّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، وكيف لا يشكر من قيَّض له ما يستخرج خبيثه ونحاسه وصيَّره تِبرًا خالصًا يصلح لمجاورته والنظر إليه في داره؟ فهذه الأسباب ونحوها تثمر الصبر على البلاء، فإن قويت أثمرت الرضا والشكر". فالابتلاء إذن وسيلة تنقية لنفس المؤمن، كما أنه طريقٌ للتباين والتمايز بين أقوياء الإيمان والصبر وضعفائه، ولقد قال الإمام الحسن البصريُّ رحمه الله: "كانوا يتساوَوْن في وقت النِّعَم، فإذا نزل البلاء تباينوا". ميلاد الرضا في النفوس ... ثلاث قواعد هامة
..


الرضا الذي نتحدث عنه هو أن يكون الإنسان طائعًا لربه سبحانه ثم يجد شيئا لا يرضيه أو يعود عليه بغير ما تمنى دون تقصير منه أو خطأ . هذا الرضا هو الصعب السهل . صعب لأنه يحتاج نفسًا قادرة في كل أحوالها على أن تتذكر الله تعالى، وأن تدرك عقيدة أن ما أصابها لم يكن ليخطئها، وأن تدبير الله تعالى خير. عليها أن تدرك ذلك جيدا ويقينا. وهذا أمر صعب جدا على النفس . وسهل لأن النفس حين تعي هذا جيدا ترتاح كثيرا من كل هموم الدنيا، وتعلم أن كل شيء بقدر، لذلك لا يعد شيء في الدنيا يعنيها إلا حالها مع ربها سبحانه . كيف نتعلم أن نصل إلى هذه النفس؟ بتذكير النفس بثلاثة مفاهيم : المفهوم الأول :

أن الله تعالى ليس بظالم، ولا يهوى سبحانه تعذيب الناس، قال تعالى في سورة النساء: (ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما)، وأكد هذا حين وصف نفسه سبحانه بالرحمن، وأن رحمته وسعت كل شيء: (قال عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شيء ) الأعراف.. فالعذاب ليس عاما بينما الرحمة عامة، والرحمة أصل والعذاب استثناء . فما دام المرء طائعا لله تعالى فلن يظلمه الله تعالى، بل هو سبحانه أرحم من المرء على نفسه . لو غُرس فينا هذا المفهوم لصحت نفوسنا

المفهوم الثاني :
علم المؤمن أن تدبير الله تعالى خير من تدبيره، وأن أمره كله خير؛ في السراء وفي الضراء : قال صلى الله عليه وسلم : ( عجبا لأمر المؤمن. إن أمره كله خير. وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن. إن أصابته سراء شكر. فكان خيرا له. وإن أصابته ضراء صبر. فكان خيرا له) رواه مسلم

المفهوم الثالث :

أن يوقن أن الدنيا لا تساوي شيئا، وأن الهم الأكبر هو رضا الله تعالى : كما قال الشاعر :

فليتك تحلو والحياة مريرة *** وليتك تصفوا والأنام غضابُ

وليت الذي بيني وبينك عامر *** وبيني وبين العالمين خرابُ

أن يجعل المرء الدنيا في يده لا في قلبه، تأتي وتذهب، إن أتت فخير يحمد الله تعالى عليه، وإن ذهبت فخير يحمد الله تعالى عليه، دون أن يكون في نفسه منها شيء طالما أن المرء مطيع لله تعالى . هذه المفاهيم الثلاثة رغم وضوحها وسهولتها عقليا إلا أنها صعبة عمليا، وهو ما على النفس أن تتدرب عليه . وخطوة خطوة يتحقق المراد بعون الله تعالى، مع اليقين بأن الله تعالى سيعين ويساعد ويقوي، قال تعالى في سورة العنكبوت: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين). فالمجاهدة في هذا تستوجب عون الله تعالى
وقفةٌ مع النفس البشرية:

...


نخطئ كثيرًا حين نفترض في أنفسنا المثالية والنموذجية إن صحّ التعبير، نحن بشر: نصيب ونخطئ، نرضى ونسخط، نصلح ونفسد، ونأمل ونيئس، باختصار: نحمل في نفوسنا كل حالات المشاعر والأفعال والأقوال، بكلِّ ما يكون فيها من متناقضاتٍ في كثيرٍ من الأحيان.
لِمَ أقول هذا؟ أقوله كي لا نعتبر حالةً قد تقع من المبتلي مصيبةً كبرى وإثمًا أعظم، وأعني لو أصابته حالةٌ من السخط على ما حدث له، أو تساءل: لماذا حدث هذا معي ولم يحدث مع فلانة أو علاَّن؟ أو تعبت وأرهقت من كثرة الأعباء والمهام الملقاة على عاتقه، فيراوده شعور الملل والسخط.
كل هذه التصرفات وغيرها تصرفات طبيعية قد يقوم بها الإنسان، لا أقول هنا إنها صحيحة أو خاطئة، ولكني أؤكد على "طبيعيتها" وموافقتها للفطرة البشرية التي خلقنا الله عليها، ولو لم نكن كذلك لما كنا بشرًا، ولما كانت حكمته سبحانه أن نُخلَق على هذا المثال، ولا يمكن بحالٍ إلغاء العواطف والمشاعر والأحاسيس من قلبٍ جُبِل على ذلك، وهو القلب البشريّ.
والدور الحقيقيُّ المطلوب منَّا في هذه الحالة هو:
كيف نتصرَّف حين نشعر بهذا "السخط" وعدم الرضا؟ الإجابة تكون بعمل التالي:

1- عدم تركه يتملَّكنا كثيرًا، بل يجب مقاومته ودفعه.
2- الاستعاذة من الشيطان الرجيم؛ لأنه سيستغل هذه الفرصة كي يوسوس ويكبِّر الأمر ليوصلنا إلى السخط على ربنا سبحانه والعياذ بالله.


3- شغل العقل بأشياء أخرى حتى لا يذهب بنا بعيدًا، والنفس إن لم تشغلها بالحقِّ شغلتك بالباطل.


4- تذكُّر نِعَمَ الله الكثيرة علينا، فالسمع والبصر نعمة، والأكل والشرب نعمة، والصحة والعافية نعمة، والنعمة الكبرى "العقل" الذي ميَّزنا الله به على كل الخلائق، فإذا كان الله تعالى قد أحسن إلينا بكلِّ هذه الخيرات والنِّعَم، ثمًّ شدَّد علينا بشيءٍ اختباراً وامتحاناً لنا، هل يكون جزاؤه منَّا السخط والاستنكار؟ ما أظنُّ عاقلاً يدَّعي ذلك.


5- التيقُّن من أنَّ البلاء إنما يصيب أصحاب الهمم العالية، يقول الإمام ابن الجوزي رحمه الله: "البلايا على مقادير الرجال، فكثيرٌ من الناس تراهم ساكتين راضين بما عندهم من دينٍ ودنيا، وأولئك قومٌ لم يُرادوا لمقامات الصبر الرفيعة، أو عُلِم ضعفهم عن مقاومة البلاء"، وتذكُّر من سبقنا من المبتلين وكيف صبروا فنالوا الجزاء الأوفى يؤكد ذلك، وما امتحان ربِّنا سبحانه ليعقوب وأيوب عليهما السلام إلا خير مثال، فأنصح بقراءة قصة ابتلائهما وتفسيرها في سورتي: "يوسف" و"ص".
ويؤكِّد ذلك حين سئل صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، أي الناس أشدُّ بلاء؟ قال: "الأنبياء ثمَّ الأمثل فالأمثل، يُبتلَى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلباً اشتدَّ بلاؤه، وإن كان في دينه رِقَّة ابتُلِي على قدر دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة" رواه الترمذيّ، وقال: هذا حديثٌ حسنٌ صحيح.


6 - تذكُّر الأجر العظيم الذي أعدَّه الله تعالى للصابرين على الابتلاء: قال صلى الله عليه وسلم: "ما يصيب المسلم، من نَصَبٍ ولا وَصَب، ولا همٍّ ولا حَزَنٍ ولا أذىً ولا غَمّ، حتى الشوكة يُشاكها، إلا كفَّر الله بها من خطاياه" متفق عليه. منقول,,


الاثنين 27 محرم 1434