المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة الجمعة : الْقُدُس فِي ذِكْرَى الْإِسْرَاء وَالْمِعْرَاج


ابو محمد
02-05-2013, 08:35 PM
خطبة الجمعة : الْقُدُس فِي ذِكْرَى الْإِسْرَاء وَالْمِعْرَاج
لفضيلة الشيخ الدكتور محمد سليم محمد علي
خطيب المسجد الاقصى المبارك




الحمد لله رَب الْعَالَمِيْن,جَعَل الْمَسْجِد الْأَقْصَى مَهْوَى أَفْئِدَتُنَا,وَجَعَل فِي الْقُدْس مَسْقَط رُؤُوْسِنَا,فَلَو ان حَجَرَا مِن حِجَارَة بَيْت الْمَقْدِس,او حِجَارَة الْمَسْجِد الْأَقْصَى,صَدَأ حَتَّى أَكَلَه الْصَّدَأ,واهْتَرَأ حَتَّى لَم تَعُد فِيْه مَنْفَعَه,فَان الْمُسْلِمِيْن لَا يَسْتَبْدِّلُونَه بِالْقَنَاطِيّر الْمُقَنْطَرَة مِن الْذَّهَب وَالْفِضَّة.
فَسُبْحَان رَبِّي الْعَظِيْم الَّذِي أَسْرَى بِرَسُوْلِه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم مَن الْمَسْجِد الْحَرَام إِلَى الْمَسْجِد الْأَقْصَى!
سُبْحَانَك يَا رَبَّنَا جُعِلْت مَع الْعُسْر يُسْرا,وَجَعَلْت الْفَرْج مَع الْصَّبْر!
يَا مُسْلِمُوْن: مِّن الَّذِي يَأْخُذ بِنَّوَاصِي الْظَّالِمِيْن؟
مِّن الَّذِي يَقْصِم رِقَاب الْجَبَّارِيْن؟
مِن الَّذِي يَنْصُر المُسَتَظَعَفِين؟
مِّن الَّذِي يُفَرِّج كُرُبَات الْمَكْرُوْبِيْن؟
إِنَّه الْلَّه رَب الْعَالَمِيْن
فَنَشْهَد أَن لَا الَه إِلَا الْلَّه وَحْدَه لَا شَرِيْك لَه خَلَقَنَا لِعِبَادَتِه,فَلْعِبَادَتِه نَحْيَا وَعَلَى تَوْحِيْدِه نَمُوْت إِن شَاء الْلَّه
الْلَّهُم يَا مُفَرِّج الْكُرُوْب فَرَّج كُرُبَاتِنَا يَا الْلَّه
الْلَّهُم يَا غَافِر الْذُّنُوب اغْفِر ذُنُوْبَنَا يَا الْلَّه
الْلَّهُم يَا عَلَام الْغُيُوْب نَشْكُو إِلَيْك ضَعْفَنَا,وَقِلَّة حِيْلَتِنَا,وَهَوَانِنَا عَلَى الْنَّاس...
فَكُن مَّعَنَا وَلَا تَكُن عَلَيْنَا يَا الْلَّه
وَنَصْرُنَا وَانْصُر بِنَا يَا الْلَّه
وَاجْعَلْنَا غَرْسُك الَّتِي تَغْرِسُه بِيَدِك يَا أَلِلْه
وَمَتِّعْنَا وَذَرَارِيْنَا بِالصَّلَاة فِي الْمَسْجِد الْأَقْصَى يَا أَلِلْه
وَنَشْهَد أَن سَيِّدَنَا مُحَمَّدا عَبْد الْلَّه وَرَسُوْلُه,رَدَّه الْلَّه إِلَى مَكَّة بَعْد أَن أَخْرَج مِنْهَا,وَرَفَع ذِكْرَه وْأَعْلَى أَمْرِه, فَنَصَرَه عَلَى مَن عَادَاه,وَمَن عَلَيْه بِالْتَّمْكِيْن,فَسَاد الْأَرْض بِالْأِسْلام,وَهُو خَيْر الْنَّبِيِّيْن وَالْمُرْسَلِيْن
نَحْبَه : لِأَنَّه أَخْرِجْنَا مِن لَيْلِنَا لِرَوَعَة الْنَّهَار
نَحْبَه: لِأَنَّنَا نَسْتَنّشِق الْهَوَاء مِن أَنْفَاسِه,وَدَوْرَة الْدِّمَاء فِي عُرُوْقِنَا,مِن قَلْبِه الْكَبِيْر فِي عُرُوْقِنَا تُدَار
نَحْبَه لِأَنَّه الْهَوَاء وَالْأَنْفَاس وَالْنَبَضَات وَالْعُيُوْن وَالْأَعْمَار
نَحْبَه : لِأَنَّه فِي جُمْلَة بَسِيْطَة مِن أَرْوَع الْأَقْدَار فِي حَيَاتْنَا مِن أَرْوَع الْأَقْدَار.
وَنَحْن فِي إِسْلَامِنَا عَقِيْدَة نُسَلِّم الْقُلُوْب لِلْأَقْدَار.
الْلَّهُم صَل وَسَلِّم وَبَارِك عَلَيْه صَلَاة وَسَلَاما دَائِمَيْن الَى يَوْم الْدِّيْن,الْلَّهُم آَت مُحَمَّدا الْوَسِيْلَة وَالْفَضِيْلَة وَالْدَّرَجَة الْعَالِيَة الْرَّفِيْعَة وَابْعَثْه الْمَقَام الْمَحْمُوْد الَّتِي وَعَدْتَّه,الْلَّهُم صَل عَلَى آَلِه الْطَّاهِرِيْن,وَعَلَى أَصْحَابِه الْغُر الْمَيَامِيْن وَعَلَى الْتَّابِعِيْن وَتَابِعِيْهِم بِاحْسَان,وُصِل الْلَّهُم عَلَى كُل مُسْلِم يَشُد الْرِّحَال إِلَى الْمَسْجِد الْأَقْصَى لِلْرِّبَاط وَالْصَّلاة فِيْه إِلَى يَوْم الْقِيَامَة.


أَمَّا بَعْد: أَيُّهَا الْمُسْلِمُوْن الْقُدُس وَالْمَسْجِد الْأَقْصَى مِن الْقَضَايَا الْأَسَاسِيَّة الَّتِي كَانَت تَعِيْش فِي قُلُوْب وَعُقُوْل وَحَيَاة الْصَّحَابَة الْكِرَام رِضْوَان الّلَه عَلَيْهِم,فَهَذِه مَيْمُوْنَة مَوْلَاة الْنَّبِي صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم تَنْطِق بِلِسَان حَالِهِم وَمَقَالَهُم وَذَلِك فِي الْحَدِيْث الَّتِي يَرْوِيْه أَبُو دَاوُوْد حَيْث تَقُوْل لِلْنَّبِي صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم : يَا رَسُوْل الْلَّه أَفْتِنَا فِي بَيْت الْمَقْدِس؟ فُمَيَمُونَه تَطْلُب مِن الَّرَّسُول عَلَيْه الْصَّلاة وَالْسَّلام الْفَتْوَى بِشَأْن بَيْت الْمَقْدِس.وَالْفَتْوَى هِي : طَلَب الْجَوَاب عَن الْأَمْر الْمُشْكِل ,وَطَلَب مَعْرِفَة حُكْم الْلَّه تَعَالَى فِي الْشَّيْء الْمَسْؤُوْل عَنْه فَهِي تُرِيْد أَن تَعْرِف حِكَم الْلَّه تَعَالَى فِي شَأْن بَيْت الْمَقْدِس وَزِيَارَتِه وَمَا يَتَعَلَّق بِه فِي الْوَقْت,الَّتِي كَانَت فِيْه الْقُدُس تَحْت حُكْم الْرُّوْمَان,كَمَا وَرَد فِي رِوَايَة أَبِي دَاوُوْد (وَكَانَت الْبِلَاد اذ ذَاك حَرْبا) فَمَن مِن الْمُسْلِمِيْن الْيَوْم يُسْأَل جَادَّا وَصَادِقَا عَن الْحَكَم الْشَرْعِي فِي الْوَضْع الْحَالِي لِبَيْت الْمَقْدِس وَأَكْنافِه ؟ وَهَل أَجَاب الْمُسْلِمُوْن عَلَى مَدَار الْتَّارِيْخ عَلَى فَتْوَى مَيْمُوْنَة – رَضِي الْلَّه عَنْهَا -؟ يَا عِبَاد الْلَّه : جَهَّز الْنَّبِي صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم بَعَث أُسَامَة لِلْإِجَابَة الْعَمَلِيَّة عَلَى سُؤَال مَيْمُوْنَة قَبِل أَن يَنْتَقِل إِلَى الْرَّفِيْع الْأَعْلَى,ثُم أَرْسَل عُمَر بْن الْخَطَّاب بَعْد ذَلِك أَبَا عُبَيْدَة لِلْإِجَابَة عَلَى سُؤَالِهَا, فَفُتِح بَيْت الْمَقْدِس,وَذَهَب بِنَفْسِه –رَضِي الْلَّه عَنْه- لِاسْتِلَام مَفَاتِيْحُهَا,وَلَم هُتِك الصَّلِيْبِيُّوْن كُل الْقِيَم الْإِنْسَانِيَّة فِي الْقُدْس وَفِي الْمَسْجِد الْأَقْصَى,فَقَتَلُوْا وَاعْتَدَوْا عَلَى الْأَعْرَاض وَّسَفَكُوْا الْدِّمَاء,حَتَّى غَاصَت قَوَائِم خُيُوْلِهِم فِيْهَا,قَام صَلَاح الْدِّيْن لِلْإِجَابَة عَلَى سُؤَال مَيْمُوْنَة,وَرَفَع الْظُّلَم عَن بَيْت الْمَقْدِس وَأَهْلَه ,وَأَنْهَى دَابِر الْفَسَاد فِيْه, وَكَان ذَلِك فِي مِثْل هَذِه الْأَيَّام فِي ذِكْرَى الْإِسْرَاء وَالْمِعْرَاج,وَحِيْنَهَا وَقَف خَطِيْب الْمَسْجِد الْأَقْصَى الْمُبَارَك بَيْن يَدَي الْنَّاصِر لِدَيْن الْلَّه,مُفْتَتِحَا خُطْبَتِه بِقَوْل الْلَّه تَعَالَى (فَقُطِع دَابِر الْقَوْم الَّذِيْن ظَلَمُوَا وَالْحَمْد لِلَّه رَب الْعَالَمِيْن). فَمَن لِمَيْمُونَة الْيَوْم يُجِيْبَهَا عَلَى سُؤَالِهَا ؟! الْلَّهُم اقْطَع دَابِر الْقَوْم الْظَّالِمِيْن يَا أَلِلْه ,وَحِفْظ الْمَسْجِد الْأَقْصَى مِن كَيْد الْكَائِدِيْن وَآَمَنَّا فِي أَوْطَانِنَا يَا رَب الْعَالَمِيْن يَا أَلِلْه


أَيُّهَا الْمُسْلِمُوْن :
إِن سُؤَال مَيْمُوْنَة لِرَسُوْل صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم كَان وَبَيْت الْمُقَدَّس فِي أَيَادِي الْرُّوْمَان,وَلَقَد أَسْرَى الْلَّه تَعَالَى بِنَبِيِّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم مَن الْمَسْجِد الْحَرَام إِلَى الْمَسْجِد الْأَقْصَى,وَعُرِج بِه مِنْه إِلَى الْسَّمَوَات الْعُلَى ,وَالْمَسْجِد الْأَقْصَى –وَقْتَئِذ- تَحْت حُكْم الْرُّوْمَان ,وَفِي ذَلِك تَأْكِيْد عَلَى أَن الْقُدْس مَهْمَا تَقَلَّبَت عَلَيْهَا الْأُمَم,فَهِي لِلْمُسْلِمِيْن إِلَى أَن يَرِث الْلَّه الْأَرْض وَمَن عَلَيْهَا,وَبَقَاؤُهَا فِي أَيَادِي غَيْرِهِم –وَإِن طَال- لَا بُد يَزُوْل,فَالْقُدْس هِي أَرْض الْمَحْشَر وَالْمَنْشَر فِي الْآَخِرَة,وَهِي أَرْض الْمَحْشَر وَالْمَنْشَر فِي الْدُّنْيَا,فَكَم مِن أُمَم ظَالِمَة جَاءَت إِلَيْهَا ,فَحَشَرَتِهَا ثُم لَفَظْتُهَا وَنَشَرَتْهَا إِلَى غَيْر رَجْعِه,وَصَدَق الْلَّه الْعَظِيْم حَيْث يَقُوْل : (وَتِلْك الْأَيَّام نُدَاوِلُهَا بَيْن الْنَّاس)


يَا عِبَاد الْلَّه : وَحِيْن كَذَّبَت قُرَيْش الْنَّبِي صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم صَبِيّحَة الْإِسْرَاء,لَم يَأْل الْنَّبِي جَهِد فِي إِثْبَات إِسْرَائِه,فَقَال عَلَيْه الْصَّلَاة وَالْسَّلَام : (لَمَّا كَذَّبَتْنِي قُرَيْش قُمْت فِي الْحِجْر فَجَلَّى الْلَّه لِي بَيْت الْمَقْدِس,فَطَفِقْت أُخْبِرُهُم عَن آَيَاتِه وَأَنَا انْظُر الَيْه) , وَهَذَا يُوَجِّب عَلَى الْمُسْلِمِيْن الْيَوْم أَن يَحْشُدُوا طَاقَاتِهِم الْإِعْلامِيَّة,لِيَجْعَلُوْا الْقُدُس وَأَكْنَافِهَا قَضِيَّتَهُم الْمَرْكَزِيَّة فِي الْمَحَافِل الْدَّوْلِيَّة وَعَلَى كُل الْمُسْتَوَيَات ,لِإِثْبَات حَق الْمُسْلِمِيْن فِيْهَا وَأَنَّهُم لَا يُفَرِّطُوْن بِهَا مَهْمَا كَانَت الْأَحْوَال وَالْظُّرُوْف,وَقَد أَمَر صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم الْمُسْلِمِيْن فِي حَدِيْث مَيْمُوْنَة أَن يَعْمَلُوَا عَلَى نُصْرَة الْقُدْس مَادِيَّا وَمَعْنَوِيَّا حِيْن قَال لَهَا (فَإِن لَم تَأْتُوْه فَأَبْعَثُوْا بِزَيْت يُسْرَج فِي قَنَادِيْلِه),فعِمَارَة الْقُدُس الْمَادِيَّة وَالْمَعْنَوِيَّة فَرِيْضَة عَلَى الْمُسْلِمِيْن بِنَص هَذَا الْحَدِيْث الْنَّبَوِي الْشَّرِيف يَا مُسْلِمُوْن : وَالَّذِي يَبْدُو أَن أُمَّة الْمُسْلِمِيْن فِي هَذَا الْزَّمَان,ذَاكِرَتِهَا ضَعِيْفَة,لَا تَنْتَفِع بِأَحْدَاث الْتَّارِيْخ,وَلَا تَتَّعِظ بِمَا يَقَع لَهَا وَبِهَا ,فَالنَّصْر وَالتَّمْكِيْن كَمَا عَلَّمْتَنَا سُنَّة الْلَّه فِي عِبَادَة لَا يَكُوْنَان إِلَّا لِعِبَاد الْلَّه الْمُسْلِمِيْن الْمُتَّقِيْن كَمَا قَال الْلَّه تَعَالَى : (إِن الْأَرْض لِلَّه يُوْرِثُهَا مَن يَشَاء مِن عِبَادَة وَالْعَاقِبَة لِلْمُتَّقِيْن),وَيَوْم أَضَاع الْمُسْلِمُوْن دِيْنَهُم,أَضَاعُوا قَدَّسَهُم وَأَقْصَاهُم,وَيَوْم عَادُوْا إِلَى دِيْنِهِم أَعَادُوهُما جَمِيْعا 1. (وَعَد الْلَّه الَّذِيْن آَمَنُوْا مِنْكُم وَعَمِلُوْا الْصَّالِحَات لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْض كَمَا اسْتَخْلَف الَّذِيْن مِن قَبْلِهِم وَلَيُمَكِّنَن لَهُم دِيَنَهُم الَّذِي ارْتَضَى لَهُم وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْد خَوْفِهِم أَمْنا يَعْبُدُوْنَنِي لَا يُشْرِكُوْن بِي شَيْئا وَمَن كَفَر بَعْد ذَلِك فَأُوْلَئِك هُم الْفَاسِقُوْن) الْلَّهُم مَكِّن لَنَا دَيْنَنَا الَّذِي أَرْتَضَيْتِه لَنَا يَا أَلِلْه,وَأَبْدِلْنَا مِن بَعْد خَوْفِنَا أَمْنَا يَا أَلِلْه ,وَارْحَمْنَا بِرَحْمَتِك يَا أَرْحَم الْرَّاحِمِيْن يَا أَلِلْه أَيُّهَا الْمُسْلِمُوْن : وَفِي صَبِيّحَة الْإِسْرَاء ,سَار حَدِيْث الْإِسْرَاء وَالْمِعْرَاج إِلَى بَيْت الْمَقْدِس,الْخَبَر الْعَاجِل ,وَحَدِيْث الْسَّاعَة بَيْن الْمُسْلِمِيْن أَنْفُسِهِم مِن جِهَة,وَبَيْن الْمُسْلِمِيْن وَالْمُشْرِكِيْن مِن جِهَة أُخْرَى.فَلِمَاذَا لَا يحِعّل الْعَرَب وَالْمُسْلِمُوْن الْقُدُس وَالْأَقْصَى حَدِيْث سَاعَتِهِم؟ وَإِلَى مَتَى يَذْكْرُوهُما عَلَى اسْتِحْيَاء,وَلَا يَجِّدُّون فِي حِل قَضَيْتَهَا كَمَا سَأَلْت مَيْمُوْنَة –رَضِي الْلَّه عَنْهَا- ؟ إِنَّنَا نُطِالِب جَامِعَة الْدُّوَل الْعَرَبِيَّة أَن تُعْلَن عَن الْقُدُس عَاصِمَة لِدُوَلِها كَخُطْوَة أَوْلَى عَاجِلَة وَأَن يَعْمَلُوَا عَلَى إِيْقَاف مَا يَحْصُل بِالْقُدْس وَبِالَّمَسْجِد الْأَقْصَى مِن تَغْيِيْر لِلْمَعَالِم الْحَضَارِيَّة وَالْتَّارِيْخِيَّة وَالْدِّيْنِيَّة الَّتِي تَخُص الْمُسْلِمِيْن ,وَأَن يَعَزَمُوا عَلَى إِرْجَاع الْحُقُوْق لِأَهْلِهَا وَأَن يَنْصُرُوَا أَهْل بَيْت الْمَقْدِس دَعْمَا لصُمودُهُم وَرِبَاطِهُم . يَا عِبَاد الْلَّه : أَكْرَم الْلَّه رَسُوْلَه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم بِرِحْلَتَي الْإِسْرَاء وَالْمِعْرَاج إِلَى بَيْت الْمَقْدِس وَإِلَى الْسَّمَوَات الْعُلَى,بَعْد أَن اشْتَد عَلَيْه الْعَذَاب حَيْث فُقِد نُّصَيْريّه زَوْجَتِه وَعَمَّه بَعْد أَن آَذَاه أَهْل الْطَّائِف أَشَد الايذَاء فَلَم يَيْأَس,صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم, بَل لَجَأ إِلَى الْلَّه قَائِلا (إِن لَم يَكُن بِك غَضَب عَلَي فَلَا أُبَالِي).فَإِذَا أَرَدْتُم الْعِزَّة فَلَا تَغْضَبُوْا رَبَّكُم,وَإِذَا أَرَدْتُم الْخَلَاص فَأَرْضَوْه بِطَاعَتِكُم وَحَسُن عِبَادَتِكُم لَه, فَحَالُنَا نَحْن الْمُسْلِمِيْن فِي الْقُدْس لَا يُرْضِي الْلَّه تَعَالَى ,أَلَيْس مِنَّا مَن يَسْفُك الْدِّمَاء عَمْدا؟! أَلَيْس مِنَّا مَن يَأْكُل الْرِّبَا وَيَعْتَدِي عَلَى الْأَمْوَال وَالْأَعْرَاض؟أَلَيْس مِن أَبْنَاء بَيْت الْمَقْدِس مِن يُجَاهِر بِشَتْم الذَّات الْالَهِيَّة وَالْنَّبِي وَالْدُّيِن؟أَلَيْس مِن نِسَائِنَا مِن يَخْرُجْن مُتَبَرِّجَات تَبَرُّج الْجَاهِلِيَّة الْأُوْلَى,أَلَّا تَرَوْن يَا مُسْلِمُوْن أَن فِي بَعْض إِعْرَاسُنا نَنْهَج نَهْج قَوْم لُوْط الَّذِيْن خَسَف الْلَّه بِهِم لَاتِهِم كَانُوْا يُصَفِّقُوْن لِلْفَاحِشَة وَيَفْرَحُوْن بِهَا,وَنَحْن نَجْمَع فِي أَعْرَاسُنّا بَيْن الْتَّبَرُّج وَالِاخْتِلَاط وَاسْتِمَاع أَلاغَانِي الْخَلِيْعَة وَالْفُجُور؟وَهَذِه بَعْض مَعَاصِيْنَا لِرَبِّنَا نَحْن آَهِل بَيْت الْمَقْدِس ,فَمَتَى نُفَيق مِن غَفْلَتِنَا ؟ وَنُرْجِع إِلَى أَلِلَّه رَبَّنَا بِطَاعَتِه وَتَرَك الْمَعَاصِي وَالْمُنْكَرَات؟ فَهَيْهَات هَيْهَات أَن يُرْفَع الْلَّه عَنَّا عَذَابَه أَو أَن يُجَنِّبَنَا بَلَاءَه وَنَحْن فِي غَفْلَة عَن دِيْنِه فَاتَّقُوا أَلْلَّه يَا مُسْلِمُوْن وَاتَّبَعُوا شَرَعَه وُالْزَمُوه,لِيَرْفَع عَنْكُم عَذَاب الذُّل, وَبَلَاء الْصِّغَار (وَلَا تَكُوْنُوَا كَالَّذِين نَسُوْا الْلَّه فَأَنْسَاهُم أَنْفُسَهُم أُوْلَئِك هُم الْفَاسِقُوْن لَا يَسْتَوِي أَصْحَاب الْنَّار وَأَصْحَاب الْجَنَّة أَصْحَاب الْجَنَّة هُم الْفَائِزُوْن) الْلَّهُم ارْحَمْنَا فَانَّك بِنَا رَاحِم وَلَا تُعَذِّبْنَا فَآِنَت عَلَيْنَا قَادِر وَتَجَاوَز عَن سَيِّئَاتِنَا يَا غَفُوْر يَا رَحِيْم عِبَاد الْلَّه (إِن الْلَّه لَا يَسْتَجِيْب دُعَاء مِن قَلْب غَافِل سَاه لَاه,فَادْعُوا وَانْتُم مُوْقِنُوْن بِالْإِجَابَة).


الخطبة الثانية<?xml:namespace prefix = o /><o:p></o:p>
الحمد لله رب العالمين,الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى,ونشهد أن لا أله إلا الله وحده لا شريك له,رفع محمدا صلى الله عليه وسلم إلى سدرة المنتهى فكان قاب قوسين آو أدنى ونشهد أن سيدنا محمدا عبد ألله ورسوله وصفيه وخليله,بلغ رسالته,وأدى أمانته,ونصح أمته<o:p></o:p>
اللهم صل وسلم وبارك عليه,وعلى آله وأصحابه بإحسان إلى يوم الدين <o:p></o:p>
أما بعد, أيها المسلمون:<o:p></o:p>
في ليلة الإسراء صلى النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد الأقصى منفرداً وإماما,ففي الحديث الصحيح قال عليه الصلاة والسلام (ثم دخلت المسجد الأقصى فصليت فيه ركعتين) وقد ثبت أنه عليه الصلاة والسلام صلى بالأنبياء إماماً وفي نفس الليلة في رحلة المعراج إلى السماء فرض الله على المسلمين الصلوات الخمس,وفي حديث ميمونة يأمر الرسول المسلمين جميعاً أن يشدوا الرحال إلى المسجد الأقصى للصلاة فيه حيث قال (أئتوه فصلوا فيه),فالصلاة يا مسلمون منهاج حياتكم وفريضة عليكم من تركها وقع بين وصفين ذميمين لا يليقان به , الكفر أو الفسق,فهل يرضى مسلم أن يكون كافراً لتركه الصلاة عمداً وقد قال الله تعالى (فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا) ؟ ويا عجباً لمسلم يترك الصلاة تكاسلاً وانشغالاً عنها ويرضى أن يوصف بذلك فاسقاً والفسق صفة أهل الفجور والعصيان,فحافظوا يا عباد الله على صلواتكم فاجعلوا للمسجد الأقصى برنامجا لكم ولأسركم للصلاة فيه ولعبادة الله تعالى تحت ظلاله,فهو شرف لكم حثكم النبي عليه فقال صلى الله عليه وسلم لذي الأصابع (عليك ببيت المقدس فلعله تنشأ لك ذرية يغدون إلى ذلك المسجد ويروحون)<o:p></o:p>
يا عباد الله :<o:p></o:p>
إننا نرحب بكم وبأسركم في المسجد الأقصى المبارك ونرحب بالمخيمات الصيفية الهادفة والملتزمة فيه وفي نفس الوقت نحذر أولياء الأمور من الإذن لأبنائهم وبناتهم من الاشتراك في المخيمات الصيفية التي تعلم أبناءنا قيماً تخالف تعالم ديننا كالرقص والموسيقى والاختلاط,فمثل هذه المخيمات تنشئ جيلاً فاسداً لا ينفع مجتمعاً ولا ينصر وطنا <o:p></o:p>


أيها المسلمون :<o:p></o:p>
وقد اختص الله تعالى الإسراء إلى بيت المقدس لتكون القدس والمسجد الأقصى عقيدة في قلوبكم وقرآناً تتلونه إلى أن تقوم الساعة ولهذا كانت القدس ارض رباط لمن عقد النية عليه,فصححوا نياتكم واجمعوا صفكم على طاعة الله ورضوانه ,وحاربوا أسباب الفساد ومصادر الفوضى في مجتمعكم(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون)<o:p></o:p>
اللهم انصر الإسلام والمسلمين,وأعل راية الحق والدين<o:p></o:p>
اللهم أحفظ المسجد الأقصى من كل سوء,وأجره من اعتداء المعتدين وارزقنا الغدو والرواح إليه في كل حين<o:p></o:p>
اللهم اجمعنا على رجل يحكمنا بكتابك وسنة رسولك صلى الله عليه وسلم<o:p></o:p>
اللهم فك الحصار عن المحاصرين,وأطلق سراح المأسورين <o:p></o:p>
اللهم ارزق أبناءنا النجاح في امتحان الثانوية العامة وارزقهم العلم النافع ونفّع بهم الإسلام والمسلمين <o:p></o:p>
اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولمن لهم حق علينا واغفر اللهم للمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات <o:p></o:p>
اللهم أحينا مسلمين وأمتنا مسلمين وابعثنا مسلمين يا رب العالمين
وأنت يا مقيم الصلاة أقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون<o:p></o:p>