المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة الجمعة : أيام الله


ابو محمد
02-05-2013, 08:37 PM
خطبة الجمعة<?xml:namespace prefix = o /><o:p></o:p>
أيام الله<o:p></o:p>
لفضيلة الشيخ الدكتور محمد سليم محمد علي
خطيب المسجد الاقصى المبارك


الحمد لله ، نصر موسى على فرعون الطاغية ،ونصر محمدا-صلى الله عليه وسلم –على قريش الكافرة ، وسينصر المسلمين على كلّ ظالم جبّار ، فربيع محمد –صلى الله عليه وسلم – قادم ، وربيع الاسلام آت ........<o:p></o:p>
لا تقولوا :زرع الزارع والباغي حصد ..<o:p></o:p>
لا تقولوا :ذهب الحقّ ..وضاعت من أيادينا البلد ..<o:p></o:p>
لا تقولوا : حارس الثغر رقد ..<o:p></o:p>
أنا لا أنكر أنّ البغيّ في الدنيا ظهر ..<o:p></o:p>
والضمير الحيّ في دوامة العصر انصهر..<o:p></o:p>
غير أنّي لم أزل أحلف بالله الأحد ..<o:p></o:p>
أنّ نصر الله آت ، وعدوّ الله لن يلقى من الله سند <o:p></o:p>
فنشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، جعل العاقبة للمتقين ، وجعل الإمامة للمسلمين إذا هم أخذوا بسننه ، فدفعوا الباطل دفعا ودحروه ، وردوا الظلم على الظالم وأنكروه ، وأروا الله في أيّامه حبهم له ولدينه ، فتابوا إليه وأطاعوه ...<o:p></o:p>
اللهمّ أنت ربّنا لا إله إلاّ أنت ، خلقتنا ونحن عبيدك ، ونحن عل عهدك ووعدك ما استطعنا ، نعوذ بك من شرّ ما صنعنا ، نبوء لك بنعمك علينا ، ونبوء بذنوبنا فاغفر لنا فإنّه لا يغفر الذنوب إلاّ أنت ...<o:p></o:p>
ونشهد أنّ سيدنا وحبيبنا وقائدنا وعظيمنا وقرّة عيوننا ومهجة قلوبنا محمدا ، عبد الله ونبيّه ورسوله ، أرسله بالإسلام ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون ، ولو كره المشركون ، أوصانا فقال لنا ( انظروا الذي أمركم الله به في كتابه ،وأراكم من آياته، وأبلوا ربكم في هذه المواطن ، تستوجبوا الذي وعدكم به من رحمته ومغفرته ، فإن وعد الله حق ، وقوله صدق ، وعقابه شديد ، وإنّما أنا وأنتم بالله الحيّ القيوم ، إليه ألجأنا ظهورنا وبه اعتصمنا ، وعليه توكلتا ، وإليه المصير) ..يا حيّ يا قيّوم يا الله اغضب لغضبنا ، وارض لرضانا ، وانصرنا على من عادانا ، فنحن عبيدك ، وأنت ربّنا ومولانا ..<o:p></o:p>
اللهمّ صلّ وسلّم وبارك على عبدك ورسولك محمد ، وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان ، وصلّ اللهمّ على كلّ مسلم يشد الرحال إلى المسجد الأقصى للصلاة والرباط فيه إلى يوم الدين <o:p></o:p>

<o:p></o:p>
أمّا بعد :<o:p></o:p>
في معركة عين جالوت ، قتل الفرس الذي كان يركبه قائد المسلمين "قطز" ، فقاتل مترجلا ، فنزل بعض أمراء المسلمين عن فرسه ، وعزم على "قطز" أن يركبه فأبى، فلامه المسلمون ،وقالوا له :" لو أنّ بعض الأعداء رآك لقتلك ، وهلك الإسلام بسببك" ، فقال لهم "قطز" : " أمّا أنا فكنت سأذهب إلى الجنّة ، وأمّا الإسلام فله ربّ لن يضيعه " ... بلى يا عباد الله ، للإسلام ربّ لن يضيعه ، وللمسلمين ربّ لن يضيعهم ، وللقدس ربّ لا يضيعها ، وللمسجد الأقصى ربّ لن يضيعه ،ولكنّ الله عزّ وجلّ ، جعل من سننه في البشر أياما لينتفعوا بها إذا هم أطاعوه فيها ، وأياما يتعظون بما وقع فيها لغيرهم إن هم عصوه ، وخالفوا أمره، وقد أمر الله موسى –عليه السلام- تذكير قومه بهذه الأيام ، فقال له :( وذكّرهم بأيام الله ، إنّ في ذلك لآيات لكل صبار شكور )... وأيام الله هي وقائع الله في الأمم السابقة من الابتلاءات والنعم ، روى أبيّ بن كعب قال : سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم- يقول ( بينا موسى –عليه السلام- في قومه يذّكرهم بأيام الله ، وأيام الله بلاؤه ونعماؤه ) .<o:p></o:p>
أيها المسلمون : وأيام الله مليئة بسننه تعالى ، وجدير بالمسلمين أن يقفوا عندها وينتفعوا بها ( فالسعيد من اتعظ بغيره ، والشقي من اتعظ بنفسه ) ، ومن هذه السنن تغيير الواقع من الضلال إلى الهدى ،ومن الذل إلى العزّة ، ومن الوهن إلى حبّ الآخرة ، ومن التبعية للكافرين وموالاتهم إلى موالاة المسلمين ، ومن الركون إلى العقائد الفاسدة إلى عقيدة الإسلام ، فمن كان على معصية أو ضلالة ثمّ تاب منها وأناب ،فردا كان أو جماعة أو دولة ، فإنّ الله يحوّل عنه ما يكره من العذاب إلى ما يحبه من رحمته وعفوه ، وفي قوم "يونس " عبرة وعظة ، فحين توعّد "يونس" قومه بعذاب الله إن هم لم يؤمنوا ، وأمهلهم ثلاثة أيام ، قالوا : "يونس" لا يكذب ، فارقبوه ،فإن أقام معكم فلا عليكم ، وإن ارتحل عنكم فهو نزول العذاب ولا شك ،فلما كان الليل خرج "يونس" ، فأصبحوا فلم يجدوه ، فتابوا ودعوا الله ، وردوا المظالم إلى أهلها ، فلمّا صحّت توبتهم رفع الله عنهم العذاب ، قال –سبحانه- ( فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلاّ قوم يونس لمّا آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين ) . ولمّا غيّر الرسول –صلى الله عليه وسلم – واقع الناس بمكة والمدينة ، عزّ العرب به وسادوا ، وأقام لهم دولة تحكمهم بالعدل والشورى ، وتعّبدهم لرب العالمين ، واستمر الخلفاء الراشدون من بعده بعلية التغيير ، فقضوا على الردة ، وهزموا كسر وقيصر ، وصاروا سادة الدنيا ،ثمّ جاء من بعدهم من سار على دربهم، وخاطب أحدهم الغمامة قائلا لها : ، امطري حيث شئت فإنّ خراجك سوف يأتيني ، ثمّ جاء من بعده "الناصر لدين الله " ، فأخرج بيت المقدس من احتلال الصليبين إلى عزة المسلمين ،فهل يغيّر المسلمون اليوم ما بأنفسهم ، ويرجعون إلى دينهم ، فيحكّموه في شؤون حياهم ؟ وهل يستبدلون الضعف بالقوة ؟ والفسوق والعصيان بالتقوى والإيمان ؟ وهل يستجيبون لقول الله تعالى : ( ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون )<o:p></o:p>

يا عباد الله : إن واقع المسلمين أفرادا، وجماعات ،ودولا ، يدمي العيون ، ويقطع نياط القلوب فأيام الله تتوالى فيهم منذ ما ينيف عن الستين عاما ، فالاحتلال من أيام الله ، وتشريد المسلمين من أيام الله ، وهدم البيوت والمساجد من أيام الله ، والإعتداء على أعراض المسلمين وأموالهم من أيام الله ، وما يحدث من اعتداء على الإنسان والتاريخ والتراث والشجر والحجر في القدس من أيام الله ، فهل من مدكّر ؟ وهل من غيور يعتبر ؟ وقريبا كان لله أياما في تونس ومصر وليبيا ، ورأيتم ما نزل بحكامها من الذل ، وما حلّ بهم من العذاب ، وأيام الله لا تزال في سوريا واليمن وفلسطين ،وكثير من بقاع الدنيا ، فهل ينهض المسلمون لتغيير هذه الابتلاءات ، ودفع الظلم والبغي عنهم، وهل يفقهون قول ربهم : ( ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرنّ الله من ينصره إنّ الله لقوي عزيز ).<o:p></o:p>
يا مسلمون : إنّ تغيير الواقع إلى السيّىء والأسوأ بالكفر والفسوق والعصيان ، سبب في شقاء الناس وهلاكهم ، ألم يهلك الله قوم نوح وقوم شعيب ؟ ألم يهلك الله قوم عاد وثمود ؟ ألم يهلك الله فرعون وقومه الذين تمردوا وعتوا وكفروا ؟ فإلى متى نرتضي بالمعاصي بين ظهرانينا ولا ننكرها؟ وإلى متى نظل نلهث خلف العلمانية والقوميات ؟ لماذا تخاف الشعوب من المطالبة بتحكيم شرع الله في ثوراتها ؟ أين الذين يحافظون على أداء الفرائض ؟ ولا يقطعون الأرحام ، ولا يسيئون الجوار ؟ لماذا نرى بعض شبابنا لا يحترمون كبيرا ، ولا يرحمون صغيرا ، ولا يعرفون المعروف ، و يحملون القيم الفاسدة ، ويتحلون بأخلاق الجاهلية ؟ أين دوركم أيها الآباء والمعلمون وأيتها الأمهات ؟ أين المسلمون المعدودون بالملايين ؟ كيف لا ينصرون دينهم ؟ وكيف لا يحافظون على مقدساتهم ؟ أين جامعة الدول العربية لتأخذ دورها من غير تبعية للشرق وللغرب ، فتوقف استباحة دماء المسلمين وأعراضهم في سوريا ، وفي كل البلدان ، ( ألا يظنّ أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم ، يوم يقوم الناس لرب العالمين ) ؟<o:p></o:p>
يا عباد الله : وإنّ من أيام الله الأيام التي ينجّي الله فيها المسلمين من أعدائهم ، وينصرهم عليهم ، كما كان في بدر وتبوك ، والقادسية واليرموك ، وإنّ من أيام الله الأيام التي يرفع الله بها البلاء والمحن عن المسلمين إذا هم أنابوا إليه ، وأعزوا دينه وشريعته ، ألم ينجي الله نوحا ومن معه ، وصالحا وهودا وإبراهيم ولوطا وغيرهم من الأنبياء ومن آمن معه ، فأبشروا يا مسلمون ، فالاحتلال إلى زوال ، والحصار إلى زوال ، وغطرسة الدول الكافرة إلى زوال ، والطغاة الظالمون إلى زوال ( ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لمّا ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبينات وما كانوا ليؤمنوا كذلك نجزي القوم المجرمين ، ثمّ جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون ).<o:p></o:p>
اللهمّ عجّل بنصر المسلمين ، ورفع راية الدين<o:p></o:p>
اللهم أهلك من في هلاكه إعزاز المسلمين ،<o:p></o:p>
وارفع البلاء عن إخواننا في سوريا واليمن وسائر بلاد المسلمين<o:p></o:p>
وكن معنا في كل المواطن يا أرحم الراحمين <o:p></o:p>
<o:p></o:p>
<o:p></o:p>
جاء في الحديث الشريف قوله صلى الله عليه وسلم ( إنّ الله لا يستحيب دعاء من قلب غافل ساه لاه ، فادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة )<o:p></o:p>
<o:p></o:p>
<o:p></o:p>
الخطبة الثانية <o:p></o:p>
<o:p></o:p>
الحمد لله رب العالمين ، ناصر الدين ، ومذلّ الشرك والكافرين ، ونشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، ونشهد أنّ سيدنا محمدا عبده ورسوله ، بلّغ الرسالة ، وأدى الأمانة ، ونصح الأمّة . اللهمّ صلّ وسلم وبارك عليه ، وعلى آله وأصحابه والتابعين له بإحسان إلى يوم الدين .<o:p></o:p>
أما بعد : أيها المسلمون <o:p></o:p>
ومن أيام الله خواتيم الأعمار ، فلكل إنسان يوما تختم فيه حياته ويموت ، ولا يدري أيذهب به إلى جنّة أم إلى نار ، فأعدوا لذلك اليوم عدته ، و اسألوا الله حسن الخاتمة ، ولا تركنوا إلى الدنيا ، ولا تتخذوها وطنا ، وقد أوصى النبيّ ابن عمر فقال ( كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل ) فازرعوا الأعمال الصالحة لتحصدوها غدا جنات النعيم ، وغيّروا ما بكم من تقصير في الطاعات ، واجتراء على المنكرات ، ليغير الله ما بكم من بلاء وهوان .<o:p></o:p>
يا عباد الله : وإذا كان لكل إنسان يوما ينتهي فيه أجله ، فإنّ للدول آجالا تزول فيها ( والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) ، فدول الكفر سيقضى أجلها ، وينتهي وجودها ، فالله معذبها بجند من عنده ، وبأيادي المؤمنين ، والإسلام قادم ليحكم الناس بالعدل والأمن والسلام ( فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم قل فانتظروا إني معكم من المنتظرين<o:p></o:p>
يا مسلمون : ومن الأيام التي يحبها الله للعباد ، الأيام التي يتوبون إليه فيها ، ففي الحديث الشريف ( للّه أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره – أي وجده بعد فقده وضياعه – وقد أضلّه في أرض فلاة ) ، واليوم الذي يتوب الله فيه على المسلم هو خير يوم يمر عليه مذ ولدته ،أمّه- كما أخبر النبيّ صلى الله عليه وسلم كعب بن مالك حين تاب الله عليه ، لتخلّفه عن غزوة تبوك ، ونحن نفرح بعودة الحجاج ، ونغبطهم على أداء هذه الفريضة ، لأنّ الله غفر لهم، وعادوا كاليوم الذي ولدوا فيه ، وننتهز الفرصة لتهنئة الحجاج بعودتهم سالمين ، مغفورا لهم بإذن الله ، فأهلا وسهلا بكم بين أهليكم ، ونوصيكم أن ترجعوا أفضل مما كنتم عليه قبل حجّكم ، وأن تجعلوا حجكم مبرورا ، بدوام الطاعة لله ، ودوام اجتناب معاصيه، فالل تعالى يقول لكم ( فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشدّ ذكرا )، وأنتم أيها المسلمون <o:p></o:p>
لا زلتم تعيشون في أيام الله ، فارجعوا فيها إليه ( وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ) <o:p></o:p>
اللهمّ أنت حسبنا لديننا ، وأنت حسبنا لدنيانا ، وأنت حسبنا لآخرتنا ، وأنت حسبنا لمن كادنا وعادانا ، وأنت حسبنا لقدسنا وأقصانا ، فاحفظ اللهمّ المسجد الأقصى من كيد الكائدين ، وارزقنا الغدوّ والرواح إليه في كل وقت وحين اللهمّ عجّل في تحرير المسجد الأقصى ، وعجّل في خلاص المسلمين مما يحل بهم من استضعاف وهوان ،اللهمّ أصلح بين أبناء شعبنا صلحا تعزّ به الدين ، اللهمّ انصر الإسلام والمسلمين ، وأعل رايتي الحق والدين، اللهمّ أرفع الحصار عن المحاصرين ، وأطلق سراح المأسورين ، واقض الدين عن المدينين ، اللهمّ ارحم آباءنا وأمهاتنا وأجدادنا وجداتنا وأبناءنا وبناتنا ، واغفر للمسلمين والمسلمات ، اللهمّ بك نلوذ ، وعليك نتوكل ، وإياك نعبد ، ففرج عنّا وعن المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين . <o:p></o:p>
عباد الله :( إنّ الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكّرون )<o:p></o:p>
فاذكروا الله العظيم يذكركم ، واستغفروه يغفر لكم ، واسألوه يعطكم ،وتقربوا منه يدنيكم ،وأنت يا مقيم الصلاة أقم الصلاة ( إنّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ، وذكر الله أكبر ، والله يعلم ما تصنعون ).<o:p></o:p>