المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة الجمعة : فضل النبي صلى الله عليه وسلم وشرفه


ابو محمد
02-05-2013, 08:42 PM
خطبة الجمعة

فضل النبي صلى الله عليه وسلم وشرفه

لفضيلة الشيخ الدكتور محمد سليم محمد علي
خطيب المسجد الاقصى المبارك






الحمد لله رب العالمين ، قال ـ وهو أصدق القائلين ـ : ( وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين وكفى بربك هاديا ونصيرا )
يا ربنا يا ألله ! رسولك صلى الله عليه وسلم يؤذي من المجرمين ، وأنت ولينا ونصيرنا يا رب العالمين ...
اللهم من آذاه فشل يمينه ، واقطع لسانه ، وأذله على الأشهاد ! واخسف به الأرض ، وأرن ابه عجائب قدرتك يا ذا القوة المتين ..
ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، بيده الخير ، يحيي ويميت ، وهو على كل شيء قدير ! يعز محمدا وأصحابه ! ويذل الكفر وأتباعه ..
قال سبحانه : ( يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا . وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا ) ..
جزى الله عنا كل خير محمدا فقد كان مهديا وقد كان هاديا وكان رسول الله روحا ورحمة .. ونورا وبرهانا من الله باديا وكان رسول الله بالقسط قائما .. وكان لما استرعاه مولاه راعيا أيؤذي رسول الله أكرم من مشى .. وآثاره بالمسجدين كما فلو كان فينا ما استطاع سفيهم .. مقالة سوء أو ضلالا غاويا تكدّر من بعد النبي محمد .. عليه سلام الله ما كان صافيا ..
ونشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله ! سيد ولد آدم ، وأفضل الأولين والآخرين هو حبيبنا وحبيب رب العالمين ! وهو قرة العيون ، ومهجة القلوب ! له منا كل غال ونفيس ..
اللهم إنا نشهدك أنا نحب رسولك الصادق الأمين ! ونشهد أنا نحب أصحابه أجمعين
ونشهدك يا ألله أنا نحب ونوقر أمهات المؤمنين ونحب آل بيته الطاهرين ..
ونشهدك يا ربنا أنا نجدد البيعة لرسولك صلى الله عليه وسلم ، على الإسلام ! وعلى حبه ، وعلى السير على هديه ونهجه .. ونعلنها على الملأ ونقول :
نحن الذين بايعوا محمدا .. على الإسلام ما بقينا أبدا فموتوا بغيظكم أيها الكافرون ..
اللهم إنا نجعلك في غور شانين رسولك ومبغضيه
ونسألك أن تثأر منهم لرسولك صلى الله عليه وسلم !
اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله ، كما صليت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم ، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين المهديين ، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ، وعن آل بيت نبيك الطيبين الطاهرين ، وعن أزواجه أمهات المؤمنين وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين ، وعنّا معهم بمنّك وكرمك وعفوك وإحسانك يا أرحم الراحمين
أما بعد
أيها المرابطون ! أيها الصابرون :
أبطأ جبريل عليه السلام وتأخر على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ففرح المشركون وقالوا في بهجة وسرور : ودع محمدا ربه وقلاه ، فأقسم الله عز وجل مبشرا رسوله صلى الله عليه وسلم قائلا له : ( والضحى . والليل إذا سجى . ما ودعك ربك وما قلى ) .
وحين أبطأ النصر والتمكين وتأخر عن المسلمين في هذا الزمان ، فرحت أمم الكفر !وظنت أن الله ودع أمة محمد صلى الله عليه وسلم وقلاها .. فتطاولت على الإسلام والمسلمين ! فأعلنت إيذاءها لله تعالى بالكفر والإلحاد ونسبة الصاحبة والشريك إليه ، ووصفه بما لا يليق به ! كقول أهل الكتاب : يد الله مغلولة ! وكقولهم : المسيح ابن الله وكقول المشركين : الملائكة بنات الله ! والأصنام شركاؤه ..
وتطاولت الأمم الكافرة ! فآذت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تزال تؤذيه بأشد أنواع الإيذاء ..
ونبشر هؤلاء جميعا بأن المهانة ستلحقهم في الدنيا ! والعذاب سيحل بهم في الآخرة ! مصداقا لقول الله عز وجل ( إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا ) ..
ومصداقا لقوله عز وجل ( والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم )
أيها المؤمنون : وامتد إيذاء الأمم الكافرة حتى أصاب المسلمين فأغلقوا المساجد ! وحرقوا بعضها ! واعتدوا على الشعائر والمقدسات والبلاد والعباد حتى مزقوا كتاب الله وحرقوه واعتدوا عليه ! فاللهم احرق عليهم بيوتهم !ومزقهم أشلاء ! فهؤلاء سفهاء ، حجبوا الفطرة والعقل ! وأركسوا إلى منزلة البهائم ! وعذاب الله عما قريب سيحل بهم فالله تعالى يقول ( والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا ) ..
يا عباد الله : إن تأخر الوحي وإبطائه عن النبي صلى الله عليه وسلم تشويق له لخير السماء ، وتدريب له على الصبر على الاشتياق إليه ! وفي إبطاء النصر والتمكين للمسلمين في الأرض في هذا الزمان ! تربية وابتلاء لهم ! ليعودوا إلى ربهم أقوياء الإيمان ، وأشد انتماء للإسلام ! وأكبر حبا للنبي صلى الله عليه وسلم ! وأعظم بغضا للكفر والكافرين ..
قال الله عز وجل ( وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين ) ..
أيها المؤمنون : من قال إن الله ودع محمدا وقلاه ! فقد قال زورا وبهتانا .. فوعد الله سبحانه لنبيه صصصلى الله عليه وسلم ولأمته قائم إلى قيام الساعة ! هذا الوعد الجامع لخيري الدنيا والآخرة والمتمثل بقوله عز وجل ( وللآخرة خير لك من الأولى ولسوف يعطيك ربك فترضى )
أيها المرابطون الصابرون :
أما الوعد الأول للنبي صلى الله عليه وسلم ولأمته فهو في قوله ( وللآخرة خير لك من الأولى ) والمعنى الأول للآخرة هنا هو مآل النبي عليه الصلاة والسلام ومآل المسلمين ! فمآلهم من عز إلى عز ! ومن نصر إلى نصر ! ومن رفعة إلى أخرى .. وسيرة الرسول زرع المسلمين شاهدان على ذلك ! فالنبي صلى الله عليه وسلم بدأ واحدا في قلة أنصار أمة ! وكان مستضعفا في قلة هو ومن معه من المسلمين ! فصار عزيزا مهابا بعد الهجرة وأخرج من مكة هو أصحابه ! فعاد إليها فاتحا منصورا .. ومن تطاول بالإيذاء عليه وعلى المسلمين في مكة ، كأبي جهل ! وأمية بن خلف .. وأمثالهما ، لقوا مصارعهم في بدر ..
وفتح الله للنبي صلى الله عليه وسلم الحجاز واليمن في عهده ! وأقام دولة تحكم بالإيمان والعدل .. والمسلمون من بعده ! ملكوا كنوز كسرى وقيصر ! وفتحوا الأندلس ! ووصلوا إلى أصقاع كثيرة من الأرض ! ـ أي جمعها وضمها ـ فرأيت مشارقها ومغاربها وإن أمتين سيبلغ ملكها ما زوي لي منها ) ..
يا عباد الله : الآخرة ، أي مآل النبي والمسلمين في الدنيا إلى خير حتى تقوم الساعة ! وهذا الذي يغيظ الكفار ! لأن الإسلام وصل عقر دارهم ! فأوروبا حبلى بالإسلام ! ومخاضها قريب ، وستلد مولودها " محمدا الجديد " ! لا لينتقم من إيذائها له ! بل ليخلصها من ذل الكفر ! وإغواء لشياطين .. ولا يزال أمر المسلمين يرتفع إلى أن يضع عيسى عليه السلام الجزية ! ويكسر الصليب ! ويقتل الخنزير ، روى مسلم في صحيحه قول النبي صلى الله عليه وسلم ( ينزل عيسى عند المنارة البيضاء شرقي دمشق ) .. وفي المسند لأحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : " فيهلك في زمان عيسى المهل كلها ، إلا الإسلام " ..
أيها المسلمون : وأما المعنى الثاني لقوله تعالى ( وللآخرة خير لك من الأولى ) فهو أن الدار الآخرة خير للنبي صلى الله عليه وسلم وللمسلمين ! فالآخرة فيها رضوان رب العالمين ! وفيها النعيم المقيم ! وفيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ! فأبشروا وأملوا يا مسلمون !
واعلموا أنكم لن تنالوا الجنة إلا بحب نبيكم صلى الله عليه وسلم ! وحماية جنابه ومقامه ، والذب عن عرضه ! واتباع سنته وإحياء ما مات منها .. قال الترمذي ( الأسوة في الرسول الاقتداء بهو اتباع سنته وترك مخالفته في قول وفعل )
يا عباد الله : لقد كان رسولكم صلى الله عليه وسلم مستعليا على مغريات الأرض كلها ، فعندما جاءت قريش تساومه قائلة له ( إن كنت تريد بهذا الأمر مالا جمعنا لك الأموال حتى تكون أكثرنا مالا وإن كنت تريد به شرفا سودناك علينا وإن كنت تريد به ملكا ملكناك علينا ) .. فقال صلى الله عليه وسلم ( والله ولو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري حتى أترك هذا الأمر أو أهلك دونه ما تركته ) .. فاقتدوا بنبيكم ! وألقوا الدنيا وراء ظهوركم ! وانتصروا لدينكم كي ينصركم الله على أعدائكم ! روى البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن سلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر ، وأنا أول من تنشق عنه الأرض ، وأول شافع ، بيدي لواء الحمد ، تحته آدم فمن دونه ) ..
اللهم ارزقنا شفاعة رسولك صلى الله عليه وسلم ! وارزقنا نصرته في الدنيا ! وصحبته في الآخرة ..
عباد الله : جاء في الحديث الشريف قوله صلى الله عليه وسلم ( إن لا يستجيب دعاء من قلب غافل ساه لاه فادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة .


الخطبة الثانية


الحمد لله رب العالمين شرح صدر محمد صلى الله عليه وسلم ! ورفع قدره ! وأعلى ذكره ..
ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، يحيي ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير ، وعد باليسر بعد
العسر فقال ( فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا )
ونشهد أن سيدنا وحبيبنا محمدا عبد الله ورسوله ! وصفيه وخليله ! بلغ الرسالة ! وأدى الأمانة ! وجاهد في الله حتى أتاه اليقين ..
اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه وتابعيهم بغحسان إلى يوم الدين
أما بعد : ووعد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بوعد آخر فقال له ( ولسوف يعطيك ربك فترضى ) .. وهذا الوعد تحقق للنبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا ! وهو متحقق له في الآخرة !
أما في الدنيا ! فقد أعطاه الله الكثير حتى أرضاه ومن ذلك طهارة نسبه ! فلم ينل نسبه الطاهر شيء من سفاح الجاهلية فكان من سلالة آباء كرام ليس فيهم ما يشينهم أو يعيبهم ، فهم سادات قومهم في النسب والشرف .. قال صلى الله عليه وسلم ( إن الله اصطفى كنانة من ولد اسماعيل واصطفى قريشا من كنانة ، واصطفى من قريش بني هاشم ، واصطفاني من بني هاشم ) .
يا مؤمنون : وأرضى الله محمدا صلى الله عليه وسلم في الدنيا بنزول الوحي عليه ! وجعله خاتم الرسل ، وجعل القرآن وهو معجزته خالدة إلى يوم القيامة ! ووقرّه فناداه بأشرف الأوصاف فقال له : يا أيها النبي وقال له : يا أيها الرسول ولم يناديه باسمه كما نادى باقي الأنبياء .. وبعثه إلى الناس كافة ، إلى الثقلين الإنس والجن إلى يوم القيامة ، وقد قال صلى الله عليه وسلم ( لا يسمع بي يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بي إلا حرم الله عليه الجنة ) .. ومن هنا فإنني أدعوا من يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم إلى التوبة وإعلان إسلامه قبل أن يكون مصيره الخزي والعار في الدنيا ! والعذاب في النار في الآخرة !
أيها المسلمون المرابطون :
وأما في الآخرة ! فإن محمدا صلى الله عليه وسلم لن يرضى وأحد من أمته في النار وقد أرسل الله جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليقول له : " إنا نسر فيك في أمتك ولا نسوؤك " ..
ولو كان الذين يؤذون رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم قلوب يفقهون بها ! أو أعين يبصرون بها ! أو آذان يسمعون بها ! لأحبوا النبي وآمنوا به ! لأنه صاحب الشفاعة الكبرى في الآخرة حين يشتد الأمر بالخلائق ! وهو ينظرون أن يأذن الله ! فيكون النبي صلى الله عليه وسلم أول شافع وأول مشفع " ..
ولو كان الكافرون يعقلون ! لغسلوا قدم محمد صلى الله عليه وسلم ، لأن الله بعثه رحمة لهم ! ليخرجهم من ذل الدنيا إلى عز الآخرة ومن الضلالة إلى الهدى .. ومن النار إلى جنات النعيم !
يا عباد الله : هذا هو محمد صلى الله عليه وسلم ! أعظم الناس خلقا ،وأعلاهم خلقا ..
اصطفاه الله واتخذه خليلا .. وجعله أنموذجا ساميا رفيعا لما يحبه ويرضاه !
فشخصه صلى الله عليه وسلم مقدس ، أي لا يجوز أن ينال بسوء ، أو ينقص منه ! وعليه فإننا نطالب العالم حكومات وشعوبا ! أن يرعوا ويكفوا عن غيهم وضلالهم ! فما يفعلوه من إيذاء لرسولنا ليس هو حرية تعبير ! بل هو قلة أدب مع أعظم الخلق ! وسفاهة وحماقة !
والسفيه والأحمق يجب أن يحجر عليه ! ويرد عن سفاهته !
وأما أنتم يا مسلمون ! فكونوا لربكم ولنبيكم أقرب .. ( والله معكم ولن يتركم أعمالكم )
اللهم أهلك الكفرة ولكافرين !
ودمر الشرك والمشركين !
وانصر الإسلام والمسلمين !
واعل كلمة الحق والدين !
اللهم أطلق سراح الأسرى واحفظهم بحفظك يا أرحم الراحمين !
اللهم ارزقنا حاكما يحكمنا بكتابك وسنة رسولك صلى الله عليه وسلم !
اللهم اقض الدين عن المدينين
وارفع الظلم عن المظلومين !
وخذ على أيدي وجوارح المؤذين للنبي الكريم !
إن احفظ المسجد الأقصى من كيد الكائدين ! ومن تآمر المنافقين !
وارزقنا الغدو والرواح إليه في كل وقت وحين !
اللهم احفظنا في أنفسنا وفي أزواجنا وفي أولادنا وبناتنا وفي آبائنا وأمهاتنا وفي أهلينا وأموالنا وفي ديننا ودنيانا
اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا ولن لهم حق لينا ! واغفر اللهم للمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات إنك سميع قريب مجيب الدعوات
وأنت يا مقيم الصلاة ( أقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون )