المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من فقه القرآن : آيات الصيام


ابو محمد
06-28-2013, 11:37 AM
من فقه القرآن
آيات الصيام
(1)
الشيخ الدكتور محمد سليم محمد علي
خطيب المسجد الأقصى المبارك/أستاذ الفقه المقارن جامعة القدس
www.algantan.com
قال الله تعالى:"يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون".سورة البقرة:183
فقه الآية الكريمة وفوائدها في المسائل الآتية:
المسألة الأولى:قوله تعالى"يا أيها"،"يا" حرف نداء للبعيد وقيل هو حرف نداء للقريب،وعلى كلا القولين نخرج بفائدتين:
الفائدة الأولى:إذا كانت"يا"أداة نداء للبعيد وهو أرجح القولين فإن نداء المسلمين بها يدل على مكانتهم عند الله تعالى حيث يناديهم ليخرجوا من الغفلة التي هم فيها ويعودوا إليه بالإستجابة لما سيأمرهم به أو لما سينهاهم عنه.
الفائدة الثانية:وإذا كانت"يا"للقريب فهي تدل على قرب العبد المسلم من ربه وأنه في كنف الله تعالى ورعايته،قال جعفر الصادق:"لذة "يا" في النداء أزال تعب العبادة والعناء".
المسألة الثانية:قوله تعالى"أيها"،الهاء في"أيها"للتنبيه وهذا يدل على مكانة ما سيؤمر به المسلم أو ما سينهى عنه وذلك حتى يستجمع فكره وعقله وذهنه لما سيخاطب به.
المسألة الثالثة:قوله تعالى:"الذين آمنوا"،الذين اسم موصول والنداء بها يدل على التكريم والتعظيم ويزداد تكريم المسلمين هنا بندائهم بأحب الصفات إليهم وهي الإيمان"يا أيها الذين آمنوا".
وكل ما سبق ذكره من استنتاجات وفوائد يدل على مكانة المؤمن الكبيرة عند الله تعالى.
المسألة الرابعة:عند قوله تعالى"يا أيها الذين آمنوا"،قال الحسن:"إذا سمعت الله تعالى يقول:يا أيها الذين آمنوا فادع لها سمعك فإنها لأمر تؤمر به أو نهي تنهى عنه".
المسألة الخامسة:قوله تعالى"كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم"،في هذه المسألة عديد الفوائد منها:
الفائدة الأولى:الصوم عبادة قديمة ما خلت منها أمة من الأمم إلا وفرضها الله عليهم ولم تفرض على أمة محمد صلى الله عليه وسلم وحدهم.
الفائدة الثانية:قوله تعالى"الذين من قبلكم"أي من لدن آدم إلى عهدكم وقال علي"أولهم آدم"وقال الحسن وجماعة من العلماء أراد بالذين من قبلنا النصارى.وأيضا يشمل اليهود.
الفائدة الثالثة:قوله تعالى"كتب"،أي فرض واجب والكتابة تدل على أنها في اللوح المحفوظ منذ الأزل.
الفائدة الرابعة:قال القرطبي"كتب عليكم الصيام"،أي في أول الإسلام ثلاثة أيام من كل شهر ويوم عاشوراء ثم نسخ هذا في هذه الأمة في شهر رمضان.
الفائدة الخامسة:في قوله تعالى"كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم"توكيد للحكم وترغيب في فعله لتطيب النفس به.
المسألة السادسة:قوله تعالى"الصيام"يستنتج منه الفوائد الآتية:
الفائدة الأولى:أن فضل الصوم عظيم وثوابه جسيم والأخبار الواردة بهذا المعنى كثيرة وصحيحة
الفائدة الثانية:أن الله عز وجل خص الصوم بأنه له كما جاء في الحديث القدسي عن الصوم"فإنه لي وأنا أجزي به"،قال القرطبي"وإنما خص الصوم بأنه له وإن كانت العبادات كلها له لأمرين باين الصوم بهما سائر العبادات،أحدهما:أن الصوم يمنع ملاذ النفس وشهواتها ما لا يمنع منه سائر العبادات.الثاني:أن الصوم بين العبد وربه لا يظهر إلا له فلذلك صار مختصا به وما سواه من العبادات ظاهر ربما فعله تصنعا ورياء فلهذا صار أخص بالصوم من غيره"
الفائدة الثالثة:الصوم لغة هو مطلق الإمساك كالإمساك عن الطعام والإمساك عن الكلام والإمساك عن السير.
الفائدة الرابعة:وأما الصيام شرعا:
عند الأحناف:الإمساك عن الأكل والشرب والجماع.
عند المالكية:الإمساك عن شهوتي البطن والفرج وما يقوم مقامهما من طلوع الفجر إلى غروب الشمس بنية قبل الفجر أو معه في غير أيام الحيض والنفاس وأيام العيد.
عند الشافعية:إمساك مخصوص في شخص مخصوص في وقت مخصوص بشرائط.
عند الحنابلة:الإمساك عن أشياء مخصوصة في وقت مخصوص.
ويستنتج من التعاريف السابقة ما يلي:
1_شرائط صحة الصيام العقل والإسلام والطهارة من الحيض والنفاس.
2_شرائط وجوب الصيام البلوغ والعقل والإسلام والقدرة على الصيام.
3-الحائض والنفساء لا تصومان في رمضان وتقضيان بعده وقبل حلول شهر رمضان الآخر.
4_الصيام الامتناع المطلق عن الأكل والشرب والجماع.
5_النية شرط في صحة الصيام وتكون من بعد المغرب وحتى قبل أذان الفجر ولا يشترط فيها التلفظ لأن محلها القلب والسحور يجزء عن النية.
6_أيام العيد لا يجوز صيامها وهي اليوم الأول من أيام عيد الفطر وأيام التشريق من أيام عيد الأضحى المبارك،إلا للحاج المتمتع الذي لا يجد هديا .
7_كمال الصيام وتمامه بالإمساك عن المحرمات باللسان أو النظر أو السمع أو غيرها من الجوارح والأعضاء.
الفائدة الخامسة:صوم الفرض نوعان،النوع الأول فرض عين وهو صوم رمضان،والنوع الثاني فرض دين كقضاء رمضان والكفارات والنذور المطلقة ونحوها.
الفائدة السادسة:فرض الصيام على المسلمين في الثاني من شعبان من السنة الثانية للهجرة.
المسالة السابعة:قوله تعالى"لعلكم تتقون"لأهل التأويل فيها أقوال وهي:
القول الأول:لعلكم تضعفون فإنه كلما قل الأكل ضعفت الشهوة وكلما ضعفت الشهوة قلت المعاصي،قال القرطبي"وهذا وجه مجازي حسن".
القول الثاني:لعلكم تتقون بالمحافظة على عبادة الصوم وتعظيمها لأصالتها وقدمها.
القول الثالث:لعلكم تتقون عن المعاصي لأن الصائم أمنع لنفسه وأردع لها عن مواقعة السوء.
القول الرابع:لعلكم تنتظمون في زمرة المتقين لأن الصوم شعارهم.
وكل هذه الأقوال معتبرة في تحقيق التقوى من الصيام.
نسأل الله أن يرزقنا إحسان الصيام بكف جوارحنا عن معاصيه والتزامنا بفرائضه سبحانه وسنن رسوله صلى الله عليه وسلم وبما أدبنا به.
والحمدلله رب العالمين