المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من فقه القرآن : الخصال الحميدة


ابو محمد
12-07-2013, 10:59 AM
من فقه القرآن<?xml:namespace prefix = o /><o:p></o:p>
الخصال الحميدة<o:p></o:p>
الشيخ الدكتور محمد سليم محمد علي<o:p></o:p>
خطيب المسجد الأقصى المبارك<o:p></o:p>
www.algantan.com (http://www.algantan.com/)
قال الله تعالى : ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذى القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون لعلكم تذكرون ) سورة النحل : 90<o:p></o:p>
فقه الآية الكريمة وفوائدها في المسائل الآتية :<o:p></o:p>
المسألة الأولى : قوله تعالى ( إن الله يأمر ) يدل على أن الله تعالى هو الأمر الناهي ، فلا أمر إلا أمره ، ولا نهي إلا نهيه ، وهذا يدل على وجوب اتباع شرعه تعالى في كل ما أمر ونهى حتى يتحقق معنى العبودية لله عز وجل من العبد ، لأنه للعبودية لله حق ، وعليها يجب أن يحيى ، لكي يفوز في حياة البرزخ ( القبر ) بالنجاة من العذاب ، ويخلد في الآخرة في جنات النعيم في كنف رضوان رب العالمين .<o:p></o:p>
المسألة الثانية : هذه الآية الكريمة تؤسس لمكارم الأخلاق ، ومحاسن الأفعال ، فمن أخذ بها ، وعمل بمقتضاها وصل إلى الكمال الإنساني ، ولهذا روي عن عثمان بن مظعون أنه قال : لما نزلت هذه الآية قرأتها على علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، فتعجب فقال : يا آل غالب ، اتبعوه تفلحوا ، فوالله إن الله أرسله ليأمركم بمكارم الأخلاق ، وأيضا ، لما قيل لأبي طالب : إن ابن أخيك زعم أن الله أنزل عليه ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان .. ) قال : اتبعوا ابن أخي ، فوالله إنه لا يأمر إلا بمحاسن الأخلاق<o:p></o:p>
المسألة الثالثة : وهذه الآية لا ينفك صاحب الذوق السليم ، والعقل الراجح ، إلا أن يسلّم أنها من عند الله تعالى ، فيؤمن به سبحانه ، ويخضع لشريعته ، وقد قال عكرمة من التابعين : قرأ النبي صلى الله عليه وسلم على الوليد بن المغيرة ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان .. ) فقال الوليد : والله إن له علاوة ، وإن عليه لطلاوة ، وإن أصله لمورق ، وأعلاه لمثمر ، وما هو بقول بشر<o:p></o:p>
المسألة الرابعة : وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : هذه أجمع آية في القرآن لخير يمتثل ولشر يجتنب ، وأنا أدعو الأمم المتحدة التي تدعو إلى إنصاف البشر ، واحترام حقوق الإنسان ، إلى أن تتخذ هذه الآية الكريمة شعارا لها ، وتعمل بها ، وتحققها في تعاملها مع الشعوب ، فهي إن فعلت ذلك ، أمن الناس على أرواحهم وممتلكاتهم ، وانقطع الفقر والجوع ، وعم الخير الدنيا ..<o:p></o:p>
المسألة الخامسة : ولكل شيء زكاة ، فإذا كان زكاة المال إخراج شيء يسير منه للفقراء والمساكين والمحتاجين ، فإن زكاة العدل الإحسان ، وزكاة القدرة العفو ، وزكاة الغنى المعروف ، وزكاة الجاه كتب الرجل إلى إخوانه ( قاله النقاش ) .<o:p></o:p>
المسألة السادسة : وللعلماء في معنى العدل والإحسان أقوال وهي :<o:p></o:p>
أولا : العدل لا إله إلا الله والإحسان أداء الفرائض ، وعلى هذا المعنى فالكفر والشرك والمعاصي كلها ظلم يجب على الإنسان الإقلاع عنه ،و ترك أداء الفرائض والواجبات ظلم أيضا يجب على المسلم ألا يقصّر فيها ، فإذا آمن الإنسان بالإسلام وأدى الفرائض المفروضة عليه ، حقق صفة العدل في نفسه وواقعة<o:p></o:p>
ثانيا : العدل الفرض ، والإحسان النافلة ، وفي هذا المعنى ، تنبيه المسلم إذا قصرّ في أداء الفريضة ، أن يسارع إلى جبرها بالنافلة .<o:p></o:p>
ثالثا : العدل استواء السريرة ، والإحسان أن تكون السريرة أفضل من العلانية ، وعلى هذا المعنى والمعاني القادمة للعدل والإحسان ، نرى أن الإسلام يدعونا إلى الترقي في مدارج الكمال الإنساني ، والارتفاع بالنفس عن النقص ، فهنا العدل والإحسان يحققان الإخلاص في السر والعلن ، ويحاربان الرياء والنفاق ، وهما مرضان خبيثان ، أخبث من مرض السرطان الذي يخافه الناس، ويستعيذون بالله منه .<o:p></o:p>
رابعا : العدل الإنصاف ،والإحسان الفضل<o:p></o:p>
خامسا : العدل هو كل مفروض من عقائد وشرائع في أداء الأمانات ، وترك الظلم ،والإنصاف وإعطاء الحق ، والإحسان هو فعل كل مندوب إليه ..<o:p></o:p>
فهل تحقق الدول الكبرى التي تملك القوة العدل ، وترجع الحقوق إلى الشعوب المستضعفة ، وتخرج من ثياب ظلمها وترتدي ملابس الحق والإنصاف ؟<o:p></o:p>
سادسا : وقال ابن العربي من علماء المالكية : " العدل بين العبد وبين ربه إيثار حقه تعالى على حق نفسه ، وتقديم رضاه على هواه ، بالاجتناب للزواجر ، والامتثال للأوامر ، وأما العدل بينه وبين نفسه فمنعها مما فيه هلاكها ، قال الله تعالى ( ونهى النفس عن الهوى ) ، ولزوم القناعة في كل حال ومعنى ، وأما العدل بينه وبين الخلق فبذل النصيحة ، وترك الخيانة فيما قل وكثر ، والإنصاف من نفسك لهم بكل وجه ، ولا يكون منك إساءة إلى أحد بقول ولا بفعل ، لا في سر ولا في علن ، والصبر على ما يصيبك منهم من البلوى ، وأقل ذلك الإنصاف وترك الأذى " .<o:p></o:p>
فهذه معان تكتب بالذهب ، جدير بنا أن نأخذ بها ، لنرتقي بواقعنا من الفوضى وسوء السلوك إلى الانضباط والطاعة ومحاسن الأفعال .<o:p></o:p>
المسألة السابعة ، ومن معاني الإحسان :<o:p></o:p>
أولا : إحسان المخلوقات بعضها إلى بعض ، ولذلك عذب الله امرأة في هّرة لأنها لم تحسن إليها ، حين حبستها ، فلم تطعمها ، ولم تتركها تأكل من خشاش الأرض .<o:p></o:p>
ثانيا : الإحسان اتقان العبادة ومراعاتها بأدائها مصححة مكملة ( قاله القرطبي ) . وهو المراد بقوله صلى الله عليه وسلم ( أن تعبد الله كأنك تراه ) <o:p></o:p>
المسألة الثامنة : قوله تعالى : ( وإيتاء ذي القربى ) خص القرابة بالذكر هنا ، وابتدأ بهم ، للتأكيد على حقوقهم ، وعلى وجوب صلتهم ، الصلة المادية بالمال ، والصلة المعنوية بالزيارات وحسن التعامل معهم بالبر والخير<o:p></o:p>
المسألة التاسعة : قوله تعالى ( وينهى عن الفحشاء والمنكر )<o:p></o:p>
الفحش : كل قبيح من قول أو فعل ، كالزنى وغيره ، والمنكر : ما أنكره الشارع وحرمه ونهى عنه ، فهو يشمل كل معصية . والبغي : الظلم والحقد والتعدي على الخلق بشرا كانوا أم غير بشر<o:p></o:p>
ونلاحظ أن الآية شملت الأمر بالمعروف والنهي عن النكر<o:p></o:p>
المسألة العاشرة : ولما تجمع هذه الآية الكريمة من معان عظيمة ، وخصال حميدة ، فقد كان عمر بن عبد العزيز يختم بها خطبة الجمعة ، وهو ما جرى عليه الخطباء بعده ، ليذكروا الناس في نهاية كل خطبة بهذا الخير ، ليعملوا به ، ويعضوا عليه بالنواجذ<o:p></o:p>
والحمد لله رب العالمين <o:p></o:p>
<o:p> </o:p>