المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة الجمعة للشيخ محمد حسين من المسجد الأقصى بتاريخ 8/8/2003م وفق 10 جمادي الثانية 1424 هجري


admin
05-12-2009, 06:03 PM
تاريخ الخطبة: 10 جمادي الثانية 1424 وفق 8/8/2003م
عنوان الخطبة: قبل أن يهدم الأقصى
الموضوع الرئيسي: الرقاق والأخلاق والآداب
الموضوع الفرعي: فضائل الأزمنة والأمكنة
اسم الخطيب: محمد أحمد حسين

ملخص الخطبة
1- أرض فلسطين أرض الرباط. 2- مؤامرة يهودية جديدة للسيطرة على الأقصى. 3- فضل المسجد الأقصى. 4- قانون يهودي جديد يحرم أهل فلسطين من أبسط حقوقهم الإنسانية.

الخطبة الأولى
أيها المسلمون، حثّنا http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif على الرباط في هذه الديار بقوله عليه الصلاة والسلام: ((أهل الشام وأزواجهم وذرياتهم، وعبيدهم وإماؤهم إلى منتهى الجزيرة، مرابطون في سبيل الله، فمن احتل منهم مدينة من المدائن فهو في رباط، ومن احتل منها ثغراً من الثغور فهو في جهاد))<SUP><SUP>[1]</SUP></SUP> (http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2003-08-08.htm#_ftn1)، فوطنوا أنفسكم أيها المؤمنون على الرباط في هذه الديار احتساباً لثواب الله وطمعاً في مرضاته، وكونوا أهلاً لشرف حمل الأمانة التي كلفكم الله بها، واستأمنكم عليها، عسى أن يصدق فيكم قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك، قيل: أين هم يا رسول الله؟ قال: ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس))<SUP><SUP>[2]</SUP></SUP> (http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2003-08-08.htm#_ftn2).
أيها المسلمون، أيها المرابطون في بيت المقدس وأكنافها، لقد اختصكم الله بهذا الشرف العظيم، وحباكم الفضل الجزيل، بالرباط في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، لتكونوا طليعة أمتكم الإسلامية في المحافظة عليها أرضاً إسلامية عامرة بالإسلام والمسلمين، تقوم فيها منارات الهدى والهداية التي تشع من رحاب مسجدها الطاهر وأرضها المباركة.
هذا المسجد العظيم وبيت الله الكريم الذي تشد إليه الرحال وتشرئب إلى رؤياه أعناق الرجال، وقفت أمام عظمته وقدسيته مواكب الأبطال من الفاتحين والمحررين من أبناء أمتكم الذين أكرمهم الله بالجهاد والرباط في هذه الديار المباركة على امتداد التاريخ الإسلامي المشرق بالعز والنصر لإعلاء كلمة الله ورفع راية الحق التي بعثكم الله لإعلائها يوم اختار أمتكم خيرَ أمة أخرجت للناس، واصطفى نبيكم عليه الصلاة والسلام خاتماً للرسل والرسالات، فصلاة الله وسلامه على الهادي البشير والرحمة المهداة من الحق للخلق http://www.alminbar.net/images/start-icon.gifوَمَا أَرْسَلْنَـٰكَ إِلاَّ رَحْمَةً لّلْعَـٰلَمِينَhttp://www.alminbar.net/images/end-icon.gif [الأنبياء:107].
أيها المسلمون، يا أبناء ديار الإسراء والمعراج، يوم أمس وأمس الأول، شهدت مدينتكم المقدسة ممارسات غريبة قام بها قطعان المستوطنين وجماعات المتطرفين من اليهود، الذين يحلمون بقدس خالية من الأغيار والأعداء على حد زعمهم، فقد أعلن مؤسس الكيان الصهيوني: "أنه لا معنى لإسرائيل بدون القدس، ولا معنى للقدس بدون انتزاع موقع الهيكل من العرب".
لقد جرت مسيرات المتطرفين في شوارع هذه المدينة المقدسة وحول بوابات مسجدها الأقصى المبارك، في الوقت الذي ضيقت فيه سلطات الاحتلال الخناق على تحرك المواطنين في المدينة المقدسة من خلال الحواجز العسكرية وإغلاق الشوارع والطرقات أمام أبناء المدينة، تحت حجج منع الاحتكاك والتحسب من وقوع ما يخل بالأمن على حد زعم هذه السلطات وأذرع أمتها المختلفة.
أيها المسلمون، يا أبناء أرض الإسراء والمعراج، إن هذه الممارسات وغيرها ترنو إلى تحقيق أهداف سلطات الاحتلال في إظهار مدينتكم التي يزحف إليها التهويد في حملة مسعورة ومحمومة، كأنها مدينة خالصة لهؤلاء المستوطنين والثعابين، الذين لا يقصرون جهداً في زرع البؤر الاستيطانية في كل مكان من المدينة تصل إليه أيديهم وأيدي المنظمات اليهودية التي ترعى الاستيطان وتمده بكل المقومات المادية، وترعاه الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة وصولاً لأهداف الصهيونية الداعية إلى تفريغ مدينتكم و أرضكم تفريغاً كاملاً من كل ما لا يمت للصهيونية بصلة.
ومن ذلك إغلاق المؤسسات الخدماتية الفلسطينية في المدينة المقدسة كبيت الشرق والغرفة التجارية وغيرها من المؤسسات الفلسطينية التي أغلقت لمدد متفاوتة وأعيد تجديد إغلاقها مؤخراً، إن هذا الإجراء يصب في سياق إفراغ المدينة من أهلها ومؤسساتها، هذه المؤسسات التي تعين المواطن المقدسي والفلسطيني على الصمود والثبات في مدينة القدس التي يحاول الاحتلال منذ يومه الأول صبغها بالصبغة الإسرائيلية، والقضاء على ما بقي من مظاهر عروبتها وإسلاميتها لحساب أهدافه ومخططاته التي تهدف إلى عزل المدينة بالكامل عن محيطها الفلسطيني، ليس من خلال أطواق العزل والحواجز فحسب، بل من خلال تفريغها من المؤسسات التي تساهم في إبقاء الوجه العربي والهوية الإسلامية لهذه المدينة وديارنا المباركة.
أيها المسلمون، يا أبناء ديار الإسراء والمعراج، إنها القدس، القدس رمز عقيدتكم وعنوان عزتكم ومسرى ومعراج نبيكم عليه الصلاة والسلام إلى السماوات العلا، فهي بوابة الأرض إلى السماء ودرة الشام وقلب فلسطين، ومسجدها الأقصى المبارك، مقر الأنبياء واجتماعهم في الصلاة خلف نبيكم عليه وعليهم أفضل الصلاة والتسليم ليلة إسرائه إيذاناً بقيادته للبشرية، وقيامكم على هذا الإرث إلى يوم الدين، فماذا أنتم فاعلون؟
ومسجدكم المبارك ثاني مسجد في الأرض بعد بيت الله الحرام، وهو أولى القبلتين وثالث مسجد تشد إليه الرحال ويضاعف الله فيه ثواب الأعمال، فقد ورد عن ميمونة رضي الله عنها مولاة النبي صلى الله عليه وسلم قالت:" يا رسول الله أفتنا في بيت المقدس، قال: ((أرض المحشر والمنشر، ائتوه، فصلوا فيه، ائتوه فصلوا فيه، فإن صلاة فيه كألف صلاة))، قلنا: يا رسول الله فمن لم يستطع أن يتحمل إليه قال: ((من لم يستطع أن يأتيه فليهدي إليه زيتاً يسرج فيه، فإن من أهدى إليه زيتاً كان كمن أتاه))<SUP><SUP>[3]</SUP></SUP> (http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2003-08-08.htm#_ftn3)، والمقصود في هذا إعمار هذا المسجد مادياً ومعنوياً ونصرته من قبل جميع المسلمين في هذا العالم.
إنها القدس الطيبة المباركة، فهنيئاً لأهلها ومن نزل مرابطاً في أكنافها وتمسك بإعمارها وحافظ على عقاراتها وأرضها، ومنع تسريبها إلى السماسرة والمتاجرين بعزة الأمة وكرامة الوطن لقاء عرض زائل ومتاع قليل http://www.alminbar.net/images/start-icon.gifوَمَا ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَا إِلاَّ مَتَـٰعُ ٱلْغُرُورِhttp://www.alminbar.net/images/end-icon.gif [الحديد:20].
جاء في الحديث الشريف عن سهل بن سعد رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها، رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها، وموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما عليها، والرَوحة يروحها العبد في سبيل الله أو الغدوة خير من الدنيا وما عليها))<SUP><SUP>[4]</SUP></SUP> (http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2003-08-08.htm#_ftn4) أو كما قال.
فيا فوز المستغفرين، استغفروا الله وادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة.

<HR align=right width=33 SIZE=1>[1] (http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2003-08-08.htm#_ftnref1) أخرجه المنذري في الترغيب والترهيب، والربعي في فضائل الشام، وقد ضعفه الألباني، فضائل الشام (7)،وضعيف الترغيب والترهيب (1809).

[2] (http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2003-08-08.htm#_ftnref2) رواه أحمد في مسنده من حديث أبي أمامة (21816) قال الهيثمي: رواه عبدالله وجادة عن خط أبيه والطبراني ورجاله ثقات. مجمع الزوائد 7/288.

[3] أخرجه ابن ماجه في سننه (1407)، قال البوصيري في مصباح الزجاجة: إسناد طريق ابن ماجه صحيح، رجاله ثقات. وضعفه الألباني، ضعيف ابن ماجه (298).

[4] (http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2003-08-08.htm#_ftnref4) أخرجه البخاري (2892) في كتاب الجهاد والسير، باب فضل رباط يوم .



الخطبة الثانية
الحمد لله الهادي إلى الصراط المستقيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.
وبعد: أيها المسلمون، اعلموا أن الله أمر أمراً، بدأ به بنفسه، وثنى بملائكة قدسه، فقال تعالى، ولم يزل قائلاً عليماً: http://www.alminbar.net/images/start-icon.gifإِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماًhttp://www.alminbar.net/images/end-icon.gif [الأحزاب:56]، لبيك اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد، كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم، في العالمين إنك حميد مجيد.
وارض اللهم عن القرابة الصحابة التابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين.
أيها المسلمون، يا أبناء أرض الإسراء والمعراج، في جعجعة الحديث عن السلام وأوهامه أقر البرلمان الإسرائيلي ما يعرف بقانون الدخول إلى إسرائيل أو قانون الجنسية، كما اتخذت الحكومة الإسرائيلية قراراً بإطلاق سراح بعض الأسرى من السجون الإسرائيلية ولبيان هذين الحدثين أقول: إن هذا القانون الذي يستهدف أول ما يستهدف أبناء غزة والضفة الغربية، الذين يتزوجون من أبناء شعبنا في القدس أو الداخل الفلسطيني، وذلك في تدخل مباشر وإجراء تعسفي سافر في حق من أبسط الحقوق الإنسانية الاجتماعية في اختيار شريك الحياة، وكأن جداراً من الفصل يشبه جدار الفصل العنصري الذي تقيمه سلطات الاحتلال لفصل أجزاء كبيرة من الأرض الفلسطينية عن بعضها البعض، تحاول في هذا السياق سلطات الاحتلال إقامة جدار بين أبناء الشعب الواحد والأسرة الواحدة في خطوة إضافية تضاف إلى الممارسات الهادفة إلى تشتيت أبناء الشعب الفلسطيني وزيادة معاناتهم، فأين حقوق الإنسان من هذا الإجراء؟ وأين مدنية الألفية الثالثة وحضارة القرن الحادي والعشرين التي يتغنى بها عالم المدنية الديمقراطية اليوم؟ أم أن إنساننا غير هذا الإنسان؟
أما إطلاق سراح بعض الأسرى ممن أنهوا أو شارفوا على إنهاء محكوميتهم من السجون الإسرائيلية فما هو إلا ذر للرماد في العيون، وإيهام العالم بأن الحكومة الإسرائيلية جادة بالسير في طريق السلام وإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين الذين تحتل قضيتهم أولويات اهتمام شعبنا، هذا الشعب الذي لم تعد تخفى عليه هذه الخدع والممارسات.
إن حق الأسرى في الحرية وإطلاق سراحهم حق شرعي وإنساني، ضمنته كل الشرائع السماوية والمواثيق والأعراف الدولية، فعلى سلطات الاحتلال أن تطلق سراح جميع الأسرى وفق هذه المعايير، التي تضمن كرامة الإنسان وحقه في العيش حراً بين أهله وفوق تراب وطنه، إننا ونحن نرحب بالأخوة الذين تم إطلاق سراحهم وعادوا للعيش بين أهلهم وذويهم وشعبهم، نسأل الله تعالى أن يمن على كافة الأسرى والمعتقلين بالخلاص من قيد السجن والسجان، إنه نعم المولى ونعم المصير.
وأنتم يا أبناء أرض الإسراء والمعراج، يا من اختصكم الله أن تكونوا حلقة في سلسلة الرباط الممتدة في هذه الديار، كونوا على مستوى المسؤولية لتحمل الأمانة في المحافظة على القدس وأكنافها، وتخلقوا بأخلاق سلفكم الصالح من الفاتحين والمحررين الذين سكنوا في هذه الديار وجاوروا مسجدها الأقصى، وضم رفاتهم ترابها الطهور على أن يقضى الله أمراً كان مفعولاً، وكما قال القائل:
كونـوا بنـي قومي جميعاً إذا اعترى خطب ولا تتفرقوا آحادا
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا وإذا افترقـن تكسـرت آحـادا
واعلموا أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً، ولن يغلب عسر يسرين.