المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة الجمعة من المسجد الأقصى المبارك للشيخ محمد سليم - 28/02/2014م - 28 ربيع ثاني 1435هـ


admin
03-12-2014, 02:07 PM
خطبة الجمعة من المسجد الأقصى المبارك للشيخ محمد سليم - 28/02/2014م - 28 ربيع ثاني 1435هـ


http://www.youtube.com/watch?v=jTT-hUhSioA

الحمد لله ، نحمده على كل حال، على العافية والبلاء وعلى السراء والضراء سبحانه يستدرج الظالمين بالإملاء، ويصطفى المؤمنين بالإبتلاء، فبشراكم يا مسلمين بشراكم، فما تتعرضون له من هجمة مسعورة من الصليبين وأعوانهم في إفريقيا وديار الشام وأرض الكنانة وبلاد الرافدين وغيرها من البلاد إنما هو إرهاض بين يدي حكم إسلامي على منهاج النبوية
كنا جبالا في الجبال وربما صرنا على موج البحرا بحار
لم نخشى طاغوطا يحاربنا ولو نصب المنايا حولنا أسوارا
ندعوا جهارا لا إله سوى الذي خلق الوجود وقدر الأقدار
كنا نرى الأصنام من ذهب فنهدما ونهدم فوقها الكفار
نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، سِلم للمؤمنين وحرب على الكافرين هو وحده مفرج كرباتنا وهو وحده مقيل عثراتنا، ألهم أظهر أمتنا واجمع فرقتنا ومكنا من رقاب من عادانا، سبحانك يا ربنا أنت أهل التقوى واهل المغفرة عز جارك وجل ثناؤك وأنت حسبنا ونعم الوكيل، ونشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله خاتم النبيين وإمام المرسلين وسيد ولد آدم أجمعين أوقف حياته للإسلام مجاهدا وعابدا ففتح الله له البلاد وهدى الله به العباد، قال وهو الصادق المصدوق (تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكا عاضا فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء الله يرفعها، ثم تكون ملكا جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة)، ونحن نعيش الآن في مرحلة الملك القهري الجبري وهو إلى زوال ببشرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أللهم صلى على محمد الذي إذا قال صدق وإذا وعد أنجز وصلى اللهم على آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم القيامة، أما بعد
أيها المسلمون، ايها المؤمنون:
إبتلى الله تعالى رسوله محمدا وأصحابه معه بمصائب عديدة منها، مصيبة الحصار عليهم لثلاث سنين في مكة المكرمة من أبناء جلدتهم وممن يتكلمون بألسنتهم قاطاعوهم فيها مقاطعة تامة حتى أكل المسلمون من شدة الجوع اوراق الشجر وجلود الإبل، وفي غزوة أحد إرتكب المشركون صورا وحشية يندى لها جبين الإنسانية، فكانت مصيبة المسلمون حينئذ تشتمل على التمثيل بقتلاهم فبقروا بطونهم وجذعوا أنوفهم وعد غرتكب المشركون
قطعوا آذانهم ومناكر بعضهم وقتلوا أسد الله حمزة غدرا واستخرجوا كبده ومضغوه حتى حزن الرسول صلى الله عليه وسلم وبكى حتى نشغ من شدة البكاء، وفي المدينة المنورة إجتمع الأحزاب من مشركي العرب وأهل الكتاب ليستأصلوا شأفة المسلمين كي لا تقوم للإسلام قائمة، وطال حصارهم للمسلمين حول الخندق حتى جاع المسلمون جوعاً شديداً وربطوا الحجارة على بطونهم من الجوع وحتى خافوا خوفاً شديداً فلا يستطيع أحدهم أن يذهب لقضاء حاجته وصور الله حالهم هذه فقال سبحانه (وَإِذْ زَاغَتْ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالا شَدِيدًا).

ايها المؤمنون، أيها الصابرون
واليوم تشتد المصائب على المسلمين في شتى بقاع الدنيا في إفريقيا حتى بلغ حقد الصليببين فيها أن يحرقوا المسلمين أحياءا ثم يقطعوا عظامهم ويمضغوها، وفي المينمار شهداء من المسلمين بالآلاف وفي بيت المقدس إستهتار بالمسلمين حتى صار المسجد الأقصى يحتاج فقط إلى قرار ممن لا يملك القرار في شأنه لنزع ملكية المسلمين فيه وسلطتهم عليه، وفي بلاد الشام وفي بلاد الرافدين وفي أرض الكنانة وحيث ما حل المسلمون وتواجدوا فثم جوع وقتل وأسر وتشريد ودمار وإعتداء على الدماء والأعراض وتشويه لمن يعطي ولاءه لله وللرسول وللمؤمنين، فتعس مجلس الأمن وتعست هيئة الأمم وتعست لجانه ومؤسسات حقوق الإنسان لأنها ملة كفر واحدة ترمي الإسلام والمسلمين عن قوس واحدة
والله لو كان فينا مثل معتصم لما تربع أنطونيوس عاليها
ولو رأى عمر الفاروق زلتنا لعبء الجيش يرعاها ويحميها
ولـو رآنا صلاح الديـن في خور لِجرد السيـف يفري من يعاديها
يا عباد الله، يا مؤمنون
من كان يظن أن المصائب التي تنزل بعامة المسلمين في شتى بقاع الأرض هي بسبب ذنوب المسملين ومعاصيهم أو لأن الله تعالى غاضب على أمة الإسلام فهو واهم شديد الوهم، فالله تعالى إبتلى الرسول صلى الله عليه وسلم والرسل من قبله بأنواع المصائب وهم صفوته من خلقه وإبتلى الصحابة الكرام وهم خير القرون ويبتلى الصالحين وهم أحبابه وخاصته وفي الحديث الشريف (أشد الناس إبتلاءا الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل)، فالمصائب لا تكون إلا ضراء ليس من شرطها أن تكون بسبب المعاصي والذنوب ومما يدل على ذلك أن الله تعالى يبتلى الأطفال وهم لا معصية لهم ولا ذنب فما يصيب أمة المسلمين اليوم هو كما حدث مع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وكما حصل مع المرسلين وأتباعهم من قبله فهؤلاء طلائع البشرية بالخير والإيمان والصلاح سنته عز وجل فيهم أن يبتليهم بالمصائب لينقي الصف من المنافقين وممن يعطي ولاءه لغير المسلمين ولتكون هذه المصائب بعد ذلك مقدمة لعلو الإسلام في الأرض وظهور الأسلام على أعدائهم والتمكين لهم ليحكموا الناس بالعدل بشرعة الإسلام في البشر، قال عز وجل (ألم، أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ)، وقال عز وجل أيضا (وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحبالظالمين (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=461&idto=461&bk_no=61&ID=467#docu)وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=461&idto=461&bk_no=61&ID=467#docu)).
عباد الله، والله إني أحبكم في الله
فانظروا إلى حصار المسلمين في مكة كان عاقبته الهجرة إلى المدينة المنورة، وأنظروا إلى غزوة الأحزاب كان عاقبتها فتح مكة، وأنظروا إلى مصيبة المسملين في غزوة أحد كان عاقبتها نهوض المسلمين من كبوتهم ولحاقتها بالمشركين إلى حمراء الأسد حيث فر المشركين وهزموا شر هزيمة، وعما قريب وفي سنوات معدودات من يعش منكم سيرى علو الإسلام في الارض وبسط نفوذه على الأديان كلها ليخلص البشرية من الظلم والقهر والإستعباد للعلمانية والإشتراكية ومن القوميات الضالة المضلة وليتنفس المسلمون والناس معهم الصعداء من حكم الرويبضة وحكم الجحود وحكم الفويسقة وما يحصل على أرض الشام اليوم هو بداية الملاحم والفتن التي أخبر عنها الرسول صلى الله عليه وسلم والتي بعدها سيزحف الإسلام ليحكم في الأرض بإذن الله تعالى جاء في الحديث الشريف (بشر هذه الأمة بالسناء والدين والرفعة والنصر والتمكين في الأرض).
شبابنا لأصول الدين قد رجعوا بعزمة الحق ما كفت عوادهيا
أبصرهم نحو بيت الله شاخصة وقوة الدين ما إهتزت روابيها
أيها المؤمنون الصابرون
إستعينوا بالله العلي القدير على ما يبتليكم به من مصائب، وارجعوا إليه بالدعاء والإنابة والتوكل، وكوا كسلفكم الصالح الذين قال الله فيه (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)، اللهم أنت حسبنا ونعم الوكيل للمسلمين في إفريقيا أللهم أنت حسبنا ونعم الوكيل للمسلمين في بلاد الشام، اللهم أنت حسبنا ونعم الوكيل للمسلمين في كل مكان، اللهم أنت حسبنا ونعم الوكيل لمنعنا من الصلاة في المسجد الأقصى المبارك. أنت ولينا ونصرينا فانصرنا على القوم الكافرين.
يا عباد الله يا مسلمون
ادفعوا هذه المصائب بالأخذ بالأسباب، فكما أن المرض يدفع بالتداوي والفقر يدفع بالعمل والجهل يدفع بالعلم، فإن الضعف يدفع بالقوة والهزيمة تدفع بالإعداد، هذا بشكل عام، فإذا أردنا أن نخصص فما يصيب المسلمين في شتى بلاد الدنيا يدفع بوحدتهم حول كتاب الله وسُنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما تتعرض له القضية الفلسطينة يدفع بوحدة الشعب الفلسطيني على الثوابت الدينية والتاريخية وما يتعرض له المسجد الأقصى من عمل لإتخاذ قرار لجعل السيطرة عليه للإحتلال يدفع بإجتماع كلمة العرب والمسلمين على جيمع المستويات السياسية لدعم أوقاف القدس التي هي المسؤول الشرعي عليه وعنه والتي هي المسؤول الحصري عنه في عرف القانون الدولي حيث يخضع المسجد الأقصى للإحتلال، وكذلك فإن المسجد الأقصى في هذا الوقت وهو تنزل به هذه النازله يحتاج إلى أن يجمع علماء بيت المقدس وأكنافه فتواهم على تحريم دخول غير المسلمين إلى المسجد الأقصى إلا لمصلحة شرعية وبإذن المسلمين لتأكيد الولاية الإسلامية عليه، وقد كتب عمر بن عبد العزيز إلى سائر عماله يأمرهم بمنع دخول غير المسلمين للمساجد، فكيف إذا كان المسجد هو المسجد الأقصى وكيف إذا كان دخول غير المسلمين إليه لأداء شعائرهم وهم عراة وعوراتهم مكشوفة ويقومون بأعمال وتصرفات تتنافى مع قيم الإسلام وأحكامه، وكيف إذا كان إتخاذ قرار بنقل الولاية عنه للإحتلال يعني هدمه وبناء الهيكل المزعوم، وهذه الفتوى والتي لها إصولها وأدلتها في المذاهب الفقهية الاربعة المعتبرة إجراء يتناسب مع ما يتعرض له المسجد الأقصى من قرارات عدوانية وإقتحامات باطلة.
أيها المؤمنون يا عباد الله
وبعد ما أصاب المسلمين ما أصابهم في غزة أحد، أنزل الله آياته يبين لهم فيها أنهم أمة الشرف والمكانة والفضل عنده لأنه سبحانه خاطبهم بما خاطب به انبيائه فقد قال لموسى (إنك أنت الأعلى) وقال للمسلمين بعد غزة أحد (وأنتم الأعلون) فما خرج الصحابة بعد نزول هذه الآية في عسكر إلا إنتصروا كما قال إبن عباس، وهذا الوعد كائن للمسلمين إلى يوم القيامة ما داموا مؤمنين حقا وما داموا يحذرون من الهوان وأسبابه لأن الهوان لا يليق بمسلم، وما دام الحزن لا يأخذ بمجامع قلوبهم لأن الأصل في قلب المسلم أن يكون عامراً بالإيمان بالله وذكره وخشيته ولهذا نهاكم الله يا مسلمون عن الهوان والحزن فقال عز وجل (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين)، اللهم إنا نعوذ بك من الهوان ونعوذ بك من ضعف الإيمان ونعوذ بك من الفسوق والعدوان يا ولي يا رحمن، عباد الله إن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل ساه لاه، فاعدوا الله وانتم موقنون.
الحمد لله مغيث المستغاثين وكاشف كرب المكروبين ومجيب دعوة المضطرين، ونشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، رافع البلاء عن المستغفرين يعطي ويمنع ويخفض ويرفع ويصل ويقطع إن ربي على صراط مستقيم، ونشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله أخشى الناس لربه وأتقاهم له وأكثرهم له إستغفاراً وذكراً صلي الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن صار على نهجه وسلم تسليماً كثيرا إلى يوم الدين، أما بعد،
يا مسلمون:
ومن المصائب التي يصاب بها المسلمون افراداً وأمةً مصائب بسبب ذنوبهم ومعاصيهم فابرءوا من الذنوب وتوبوا منها فإنها ندامة وخزي، أرجعوا إلى الله تعالى بالتزام أمره وإجتناب نهية، وأقيموا الصلاة وحافظوا على الرباط في المسجد الأقصى، توبوا من الربا وانبذوا الظلم وحاربوا وسائل الرذيلة ورمموا - حفظم الله - خروق السفينة وسُدوا ثقوبها كي لا تغرقوا وتهلكوا، فالله عز وجل يقول (وما كان ربك ليهلك القرى بظلم واهلها مصلحون).
يا عباد الله
إن المصائب التي تكون بسبب فشو المنكرات وإعلانها تذكير لكم إذا غفلتم عن إنكارها وإنذار لكم إذا عصيتم في إرتكابها لتتوبوا منها، فاتقوا الله وتوبوا إليه وإستغفروه، اللهم إنا نبرء إليك من كل منكر يرتكب في الارض فاجعل براءتنا منه شهادة إليك يوم نلقاك.
أيها المسلمون:
ومما يبتلى الله به عباده إذا قصروا في أداء الطاعات وإنتهكوا المحرمات نقص الثمرات وحبس البركات ومن ذلك حبس الغيث عنهم كما هو واقعنا في هذا الوقت، فالمنكرات راجت والمحرامات عمت، قتل وزنا وظلم وربا ومجون ومخدرات ومكاسب محرمة وسفور وتبرج ولا معروف يؤمر به ولا منكر ينهى عنه، ألا تعلمون يا عباد الله أن شؤم المعاصي وبيل، الله تعالى يقول (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)، قال مجاهد من التابعين أن البهائم لتلعَن عُصاة بني آدم إذا إشتدت السنة وأمسك المطر وتقول هذا بشؤم معصية إبن آدم.
ألا تعلمون يا مسلمون، أنه لولا البهائم التي لا تذنب ولولا الأطفال الذين لا معصية لهم وهم غير مكلفين بالعبادة ولولا الشيوخ الذين أيقنوا أنهم مشرفون على الموت فأكثروا الإستغفار وأنابوا إلى ربهم، لولا كل هؤلاء لما أسقاكم الله قطر السماء، هل تصدقون يا عباد الله، أنه قبل أسبوعين حين صلى بنا الإمام صلاة الإستسقاء ونحن خارجون من الصلاة في ساحات المسجد الأقصى، نعم أيها الإخوة في ساحات المسجد الأقصى، كان بعض المصلين يقولون إستهزاءاً (ها هي السماء غيمت ها هي السماء أمرطت)، ألا يعلم هذا وأشكاله من ضعاف الإيمان ومن أصحاب القلوب المنافقة أننا بسببهم نحرم قطر السماء، فاستغفروا الله من ذنوبكم وليتذكر كل منكم ذنوبه وليستغفر الله منها، وليعقد العزم والنية على التوبة منها وعدم الرجوع إليها، لأننا الآن سندعوا الله تعالى أن يسقينا الغيث، فادعوا الله بالسنة نادمة وقلوب صادقة، فادعوا الله معي وأمنوا من بعدي.