المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة الجمعة للشيخ يوسف أبو سنينة من المسجد الأقصى بتاريخ 10/10/2003م وفق 14 شعبان 1424 هجري


admin
05-12-2009, 06:29 PM
تاريخ الخطبة: 14 شعبان 1424 وفق 10/10/2003م
عنوان الخطبة: ذكر الله
الموضوع الرئيسي: الرقاق والأخلاق والآداب
الموضوع الفرعي: الدعاء والذكر
اسم الخطيب: يوسف بن عبد الوهاب أبو سنينه

ملخص الخطبة
1- تغير أحوال الناس وكثرة المظالم. 2- العودة إلى دين الله هي المخرج من مصائبنا. 3- فضل ذكر الله وصوره المختلفة. 4- أهمية ذكر الله في علاج مشكلاتنا وأمراضنا. 5- من أحوال الذاكرين السابقين. 6- الغطرسة اليهودية والتأييد الأمريكي للعدوان على سوريا.

نص الخطبة
أيها المؤمنون، لماذا أصبح الناس ذئاباً في ثياب نظيفة، أناس لا يهدأ لهم جنب في فراشهم، ولا تطمئن لهم أجسام في مضاجعهم، إلا ذا باتوا على أذى العباد، أصبح المعروف منكراً، وأصبح المنكر معروفاً، وأصبح الحق باطلاً، وصار الباطل حقاً، وأصبح الذئب راعياً، وأصبح الخصم العنيد بين الناس قاضياً، اختلفت المعايير، واختلت القيم، وانتكست المبادئ، وقلبت الحقائق، وأصبح الناس قذى في العيون والآذان والألسنة والبطون والأيدي والأرجل والقلوب والأفئدة؟ لماذا وصلنا إلى هذه المرحلة؟ تكذيب بآيات الله وغفلة عن الحق! أصبح الحق بيننا على مائدة ضاع عليها اليتامى، أصبح الحق بيننا ضائعاً، أصبح الباطل بيننا رائداً، أصبحت المعاملة التي يسعى الناس إليها نفاقاً، أولم تسمعوا قول الله تبارك وتعالى: http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2003-10-10_files/image001.gifوَمَن يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَىٰ نَفْسِهِ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2003-10-10_files/image002.gifوَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ ٱحْتَمَلَ بُهْتَـٰناً وَإِثْماً مُّبِيناًhttp://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2003-10-10_files/image003.gif [النساء:111، 112].
ما هو العلاج لكل هذه الأمراض؟ والجواب على ذلك هو العودة إلى الله تبارك وتعالى، وأن نعيش في ظله وذكره، أن نستحضر عظمة الله وخشيته في قلوبنا، أن نستحضر عظمة الله في كل حال، ولا بد مع الذكر من فكر، فالذكر بلا فكر جفاء، والفكر بلا ذكر عداء، والذكر مع الفكر وفاء، http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2003-10-10_files/image001.gifإِنَّ فِى خَلْقِ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأرْضِ وَٱخْتِلَـٰفِ ٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ لاَيَـٰتٍ لاِوْلِى ٱلاْلْبَـٰبِhttp://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2003-10-10_files/image003.gif [آل عمران:190]، من هم أولو الألباب؟ http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2003-10-10_files/image001.gifٱلَّذِينَ يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ قِيَـٰماً وَقُعُوداً وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِى خَلْقِ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَـٰطِلاً سُبْحَـٰنَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِhttp://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2003-10-10_files/image003.gif [آل عمران:191].
وتذكروا ـ أيها المؤمنون ـ أن الذكر عمل القلوب، والقلوب أحياناً تكون في مقام الجلال لله، وأحياناً تكون في مقام الرحمة، إن كانت في مقام الجلال وجلت، إن كانت في مقام الرحمة اطمأنت، وفي المقام الأول يقول المولى تبارك وتعالى: http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2003-10-10_files/image001.gifإِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ ءايَـٰتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَـٰناً وَعَلَىٰ رَبّهِمْ يَتَوَكَّلُونَhttp://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2003-10-10_files/image003.gif [الأنفال:2]، وفي المقام الثاني يقول الحق جل في علاه: http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2003-10-10_files/image001.gifٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ ٱللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ ٱللَّهِ تَطْمَئِنُّ ٱلْقُلُوبُhttp://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2003-10-10_files/image003.gif [الرعد:28]، استمعوا أيها المؤمنون إلى حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو يقول: ((ألا أدلكم على خير أعمالكم وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم، فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقكم؟ قلنا: بلى يا رسول الله قال: ذكر الله تعالى))[1] (http://www.alaqsa-online.net/default.asp?num=archive.asp&page=khotba&article=137&newsArch=%C7%D0%E5%C8#_ftn1#_ftn1).
والذكر يا عبد الله أنواع، ذكر الأذنين الإصغاء وذكر اللسان الثناء، وذكر اليدين العطاء، وذكر البدن الوفاء، وذكر الروح الخوف والرجاء، وذكر القلب التسليم والرضاء، فكما أن لكل جارحة من الجوارح معصية، كذلك لكل جارحة من الجوارح ذكراً، تذكر الله عز وجل به، لو أن المجتمع الذي نحيا على أرضه ذكر الله تعالى ما عصى اللهَ أحد من الناس، ولكن وللأسف بعدما هبت علينا رياح الشرق الملحد والغرب المنحل، عكف الناس على ارتكاب العاصي والآثام، فاللسان يؤذي، فقد سئل الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم عن امرأة تقوم الليل وتصوم النهار، ولكنها تؤذي جيرانها، فماذا قال صلى الله عليه وسلم؟ قال: ((لا خير فيها، هي في النار))[2] (http://www.alaqsa-online.net/default.asp?num=archive.asp&page=khotba&article=137&newsArch=%C7%D0%E5%C8#_ftn2#_ftn2) لا صلاة لها ولا قيام لها، إنما لها النار.
فما هو أذى القلب؟ أذى القلب ـ أيها المؤمنون ـ الحسد والبغضاء والحقد والغل والشحناء، إذاً فما هو أذى البطن؟ أكل الحرام والرشوة والربا والغصب والسرقة والاحتيال وأكل أموال اليتامى، كل هذه الأمور سببها البطن، كان الرجل إذا خرج صباحاً يستقبل يومه ليجمع رزقه قالت له زوجته: يا فلان اتق الله، ولا تأكل حراماً، إنما نصبر على الجوع في الدنيا، ولا نستطيع أن نصبر على عذاب الله يوم القيامة، سبحان الله هكذا كان المجتمع المؤمن الطاهر، ومن هنا يأتي النصر على الأعداء، من هنا تأتي الغلبة لأهل الإيمان، لأن قلوبهم طاهرة ذاكرة، ولأن أفكارهم صافية، ولأن أيديهم متوضئة.
عباد الله، لماذا خلت البيوت من ذكر الله؟ ماذا بقي لنا في البيوت؟ بقي في بيوتنا بدع ومنكرات ولهو وشهوات، ولماذا أصيبت بيوتنا بأنواع الانهيار العصبي؟ لأن الشياطين عششت، ولماذا عششت؟ عندما هجرتنا ملائكة الرحمة، ولماذا هجرتنا؟ لأن في البيوت فساداً كبيراً، لماذا فِرق الرقص والغناء حتى أذان الفجر؟ لماذا شرب الخمور وحتى بين الشباب الصغار وفي الأعراس وغيرها؟ لماذا لا نقيم الأعراس على ذكر الله وفق منهج الله؟ مصائبنا كثيرة، فما هو علاجها؟
علاجها في قول الله تبارك وتعالى: http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2003-10-10_files/image001.gifإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ إِذَا مَسَّهُمْ طَـئِفٌ مّنَ ٱلشَّيْطَـٰنِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَhttp://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2003-10-10_files/image003.gif [الأعراف:201]، ما علاج أمراض الأعصاب، علاجها كما وصى نبينا صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا سورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة))[3] (http://www.alaqsa-online.net/default.asp?num=archive.asp&page=khotba&article=137&newsArch=%C7%D0%E5%C8#_ftn3#_ftn3) يعني: لا تقوى عليها السحرة، اقرؤوا سورة البقرة في بيوتكم، وإن لم تقرؤوها اقرؤوا آية الكرسي وأواخرها، وhttp://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2003-10-10_files/image001.gifقُلْ يٰأَيُّهَا ٱلْكَـٰفِرُونَhttp://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2003-10-10_files/image003.gif [الكافرون:1]، وhttp://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2003-10-10_files/image001.gifقُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌhttp://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2003-10-10_files/image003.gif [الإخلاص:1]، وhttp://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2003-10-10_files/image001.gifقُلْ أَعُوذُ بِرَبّ ٱلْفَلَقِhttp://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2003-10-10_files/image003.gif [المسد:1]، وhttp://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2003-10-10_files/image001.gifقُلْ أَعُوذُ بِرَبّ ٱلنَّاسِhttp://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2003-10-10_files/image003.gif [الناس:1]، فإن هذه السور لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر أن البيت الذي تقرأ فيه لا يقربه الشيطان.
عباد الله، يقول الله تباك وتعالى: http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2003-10-10_files/image001.gifوَٱذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ ٱلْجَهْرِ مِنَ ٱلْقَوْلِ بِٱلْغُدُوّ وَٱلاْصَالِ وَلاَ تَكُنْ مّنَ ٱلْغَـٰفِلِينَhttp://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2003-10-10_files/image003.gif [الأعراف:205].
اللهم اجعلنا وإياكم من عباده الذاكرين الشاكرين، واكتب لنا السعادة في الدنيا والآخرة يا رب العالمين.
توجهوا إلى الله تبارك وتعالى بقلوب حية صادقة، وادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة. فيا فوز المستغفرين، استغفروا الله.





<HR dir=rtl style="WIDTH: 24.75pt" align=right width=33 SIZE=1>
[1] (http://www.alaqsa-online.net/default.asp?num=archive.asp&page=khotba&article=137&newsArch=%C7%D0%E5%C8#_ftnref1#_ftnref1) أخرجه أحمد (5/195)، والترمذي في الدعوات، باب: حدثنا الحسين بن حريث... (3377)، وابن ماجه في الأدب، باب: فضل الذكر (3790)، وصححه الحاكم في المستدرك (1/673). قال الهيثمي: "رواه أحمد وإسناده حسن بجمع الزوائد (10/73)، وأخرجه أيضاً أحمد (5/239)، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه، قال الهيثمي أيضاً: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، إلا أن زياد بن أبي زياد مولى ابن عياش لم يدرك معاذاً، مجمع الزوائد (10/73)، صححه الألباني في صحيح الجامع (3639)، وصحيح سنن الترمذي (2688).
[2] (http://www.alaqsa-online.net/default.asp?num=archive.asp&page=khotba&article=137&newsArch=%C7%D0%E5%C8#_ftnref2#_ftnref2) أخرجه أحمد (2/440)، وصححه الحاكم (4/183، 184)، وقال الهيثمي: رواه أحمد والبزار ورجاله ثقات. مجمع الزوائد (8/169).
[3] (http://www.alaqsa-online.net/default.asp?num=archive.asp&page=khotba&article=137&newsArch=%C7%D0%E5%C8#_ftnref3#_ftnref3) أخرجه مسلم في صلاة المسافرين وقصرها، باب: فضل قراءة القرآن وسورة البقرة (804).
الخطبة الثانية
الحمد لله العلي الأعلى، له الأسماء الحسنى والصفات العلى، هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم، نحمده سبحانه ونشكره، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك وأنعم على عبدك ورسولك النبي الأمي وعلى آله وصحبه والتابعين لهم على الهدى.
أما بعد: فيا عباد الله، اتقوا الله عز وجل، والزموا شكره وذكره، فقد حثكم سبحانه على ذلك، ووعدكم الأجر الأوفى والفضل العظيم، وقال سبحانه: http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2003-10-10_files/image001.gifفَٱذْكُرُونِى أَذْكُرْكُمْ وَٱشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِhttp://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2003-10-10_files/image003.gif [البقرة:152].
وتذكروا ـ أيها المؤمنون ـ أن للذكر منزلة عظيمة، منها يتزود المؤمن، وفيها يستجم، وإليها يتردد، وهو قوت القلوب، وسلاح المؤمن الذي يقاتل به، وهو رأس مال السعادة، يجعل القلب الحزين ضاحكاً مسروراً، زين الله به ألسنة الذاكرين كما زين بالنور أبصار الناظرين، فاللسان الغافل كالعين العمياء والأذن الصماء واليد الشلّاء، وهو باب الله الأعظم المفتوح بينه وبين عبده ما لم يغلقه العبد بيد غفلته، قال الإمام الحسن البصري رحمه الله: " تفقدوا الحلاوة في ثلاثة أشياء: في الصلاة وفي الذكر وقراءة القرآن، فإن وجدتم، وإلا فاعلموا إن الباب مغلق".
عباد الله، ما طابت الدنيا إلا بذكره، ولا طابت الآخرة إلا بعفوه، ولا طابت الجنة إلا برؤيته، وقد ورد في بعض الآثار أنه ما من يوم إلا وينادي الله تبارك وتعالى: ((عبدي ما أنصفتني، أذكرك وتنساني، وأدعوك إلي، وتذهب إلى غيري، وأُذهب عنك البلايا، وأنت معتكف على الخطايا))[1] (http://www.alaqsa-online.net/default.asp?num=archive.asp&page=khotba&article=137&newsArch=%C7%D0%E5%C8#_ftn1#_ftn1)، هذا هو أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه قالت امرأته يوم قتل: (إن تقتلوه فإنه كان يحيي الليل كله في ركعة، يجمع فيها القرآن)، وفيه نزل قول الله تبارك وتعالى: http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2003-10-10_files/image001.gifأَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ ءانَاء ٱلَّيْلِ سَـٰجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ ٱلاْخِرَةَ وَيَرْجُواْ رَحْمَةَ رَبّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِى ٱلَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُو ٱلاْلْبَـٰبِhttp://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2003-10-10_files/image003.gif [الزمر:9].
عباد الله، أين أصحاب الأذكار؟ أين قوّام الأسحار؟ أين صوام النهار؟ خلت والله منهم الديار، ما أحسن من التجأ إلى الله، وما أطيب حال من انتمى إلى عباده الصالحين، وما أحسن حديث المحبين، وما أنفع بكاء المحزونين، وما أعذب مناجاة القائمين، ما أمرّ عيش المحرومين، وما أذل نفوس الخاسئين، وما أسوء حال الظالمين، وما أعظم حسرة الغافلين، وصدق الله تبارك وتعالى وهو يقول: http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2003-10-10_files/image001.gifفَوَيْلٌ لّلْقَـٰسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مّن ذِكْرِ ٱللَّهِ أُوْلَـئِكَ فِى ضَلَـٰلٍ مُّبِينٍhttp://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2003-10-10_files/image003.gif [الزمر:22]، فاتقوا الله أيها المؤمنون والمؤمنات، وأكثروا من ذكره، فقد وعدكم الله المغفرة والأجر العظيم، فقال سبحانه: http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2003-10-10_files/image001.gifوَٱلذٰكِـرِينَ ٱللَّهَ كَثِيراً وَٱلذٰكِرٰتِ أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماًhttp://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2003-10-10_files/image003.gif [الأحزاب:35].
أيها المؤمنون، إن تصاعد التوتر، واستمرار دوامة العنف في منطقة الشرق الأوسط مرجعه ضعف الأمة قادة وشعوباً أمام غطرسة أعداء الله وعلى رأسهم أمريكا الحاقدة، التي ما برحت تمد أعداء الأمة بكل مقومات القوة عسكرياً ومالياً وسياسياً، لتظل عصاها المشرعة في وجه الأنظمة العربية، فالغارة التي شنتها الطائرات الحربية الإسرائيلية على الأراضي السورية تعتبر خرقاً فاضحاً لسيادة دولة، هي عضو فيما يسمى: الأمم المتحدة أو الجامعة العربية أو المؤتمر الإسلامي، فماذا فعل العالم أمام هذا العدوان؟
أمريكا وعلى لسان رئيسها أيدت العدوان علناً، واعتبره دفاعاً عن النفس، ودعت سوريا للكف عن إيواء الجماعات المسلحة على حد زعمها، فالرسالة الأمريكية كانت جائزة للغطرسة الإسرائيلية التي طالبت بدورها سوريا التخلي عن إيواء الفلسطينيين، متناسية أن احتلال فلسطين في سنة ثمان وأربعين هو السبب المباشر والعامل الجوهري في نزوحهم إلى سوريا.
أيها المسلمون، هل آن الأوان لضرب سوريا وعلى غرار ما حدث في العراق تحت ذرائع واهية، أهمها دعم سوريا للإرهاب على حد زعمه، إن توقيت العدوان الإسرائيلي على الأراضي السورية عشية ما يسمى عيد الغفران اليهودي رسالة إلى سوريا بأن إسرائيل لن تقبل بالهزيمة مرة ثانية، على غرار الهزيمة التي منيت بها في حرب رمضان عام ثلاث وسبعين، والتي لا تزال تتجرع مرارتها، أم أن هذا العدوان هو مقدمة لهجوم أكثر اتساعاً وشمولاً، ولن تكون سوريا وحدها المستهدفة، وإنما لبنان أيضاً، ولن تكون إسرائيل وحدها هي المهاجمة المعتدية.
وهذا التطور الخطير هو الأمر الذي طالما حذرنا منه في السابق، هو أن اللا مبالاة والفرقة التشرذم الذي يشهده عالمنا العربي في هذه الأيام يعطي دول الكفر والاستعمار الجديد فرصة للسيطرة والتحكم في الشعوب والدول الإسلامية.
عباد الله، هل آن الأوان وبدأ العد التنازلي لضرب الوحدة الفلسطينية على الثرى الفلسطيني؟ هل آن الأوان لتحقيق أهداف إسرائيل من خلال ضغطها المستمر على السلطة الفلسطينية، لإحداث شرخ داخل البيت الفلسطيني الواحد؟ وهو الأمر الذي حذرنا منه أيضاً ومن على هذا المنبر الشريف في مرات سابقة، إن الدم الفلسطيني لا يمكن أن يراق لإرضاء أعداء الإسلام.
اعلموا ـ أيها المؤمنون ـ أن الأمة الإسلامية عندما تؤمن بالله إيماناً راسخاً، وتعمل على تطبيق منهج الله دستوراً ونظام حياة، وتلتزم بتعاليم الإسلام وفق الركائز والأسس التي حددها نبينا صلى الله عليه وسلم، فهي أمة لا ولن تهزم أبداً، أمة سيكتب لها النصر بإذن الله تبارك وتعالى وصدق الله عز وجل وهو يقول: http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2003-10-10_files/image001.gifكَتَبَ ٱللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِىhttp://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2003-10-10_files/image003.gif [المجادلة:21]، فالأمة القوية هي الأمة التي تصنع التاريخ لنفسها وبنفسها، وتبني مجدها بتضحيات أبنائها، أما الأمة الضعيفة فهي التي يحدد لها أعداؤها مسيرة حياتها ومستقبل وجودها، إن القيادات المؤمنة هي التي تربي الأجيال والشعوب على الكبرياء والعزة والوحدة والكرامة، وليست الشعوب التي تصنع القيادات، فها هي الشعوب العربية والإسلامية التي يفوق عددها أكثر من مليار مسلم، ماذا بيدها أن تصنع أمام الاعتداءات المتواصلة والمتعددة على الإسلام والمسلمين؟ فهذه الشعوب لا تملك حرية الكلمة أو حرية المبادرة لصنع القرار أو فرض إرادة التحدي والدفاع عن حقوقها المسلوبة أو كرامتها المهدورة، فها هي الدول العربية تمنت من أمريكا عدم استخدام حق النقض ضد قرار إدانة العدوان الإسرائيلي على سوريا، منتهى الصغار ومنتهى الضعف وهي صاحبة الحق، وهي المعتدى عليها، موقف استجداء العطف، في حين تبجحت إسرائيل وواصلت تهديداتها لسوريا ولبنان، فكيف يكون الانتصار؟ وكيف يمكن وقف العدوان؟
أما موقف الدول العربية مما يجري على الساحة الفلسطينية فليس أكثر غرابة، فبعضهم لم يعد يتكلم، وبعضهم لم يعد يشجب، وبعضهم لم يعد يستنكر، لقد بين لنا ديننا الحنيف أسس الحياة الحرة الكريمة، وأوضح لنا أن الدولة الإسلامية هي الاستراتيجية الحقيقة والقوة الفعلية والبعد المستقبلي والرؤية السليمة الحل الأمثل لكل قضايانا المصيرية، فلا عزة لنا بدون الإسلام، ولا كرامة لنا بدون الدولة والإسلامية، فالتاريخ لن يرحم المتخاذلين ولا المتساقطين، ألم يأن لأمتنا في مشارق الأرض ومغاربها أن تعود إلى رشدها وتنهض من كبوتها وتتمسك بدينها وتعمل على إقامة دولتها، دولة الخلافة، دولة الحق والعدل والانتصار.
عباد الله، إن أعداء الإسلام عندما يحاولون ضرب الإسلام يضربون المساجد، لا نقول يضربونها بالمدفعية الثقيلة، إنما يضربون المساجد لتخويف الناس من دخولها.
أنتم تعرفون أيضاً أن سلطات الاحتلال دأبت على منع المصلين من دخول المسجد الأقصى، أعداد كبيرة من شبابنا يمنعون من دخول المسجد وبأمر من سلطات الاحتلال، أعداد كبيرة منعوا من أداء الصلاة في المسجد الأقصى المبارك ولفترة طويلة من الزمن، لماذا كل هذا التشديد على المسجد الأقصى وأهل المسجد الأقصى؟
ومن هنا نتوجه للمسلمين في كل مكان أن يعمروا المسجد الأقصى المبارك، وأن يكونوا موجودين فيه، فالأجر فيه مضاعف، والصلاة فيه مضاعفة الأجر والثواب، والبركة فيه في كل مكان، وخاصة أننا مقبلون على شهر رمضان المبارك، إننا وباسم المسلمين نستنكر هذه الممارسات الظالمة، فأين ما تتشدقون به من حرية العبادة؟
ثمة ملاحظة ثانية، مستشفى المقاصد الخيرية يهيب بالمسلمين ليتبرعوا بالدم، فالنقص لديهم كبير، لعدم تمكن سكان الضفة الغربية من الوصول إلى المستشفى، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.
اللهم إنا نسألك ونحن واقفون بين يديك وأنت في عليائك وكبريائك أن تنصر الإسلام وتعز المسلمين.

<HR dir=rtl align=right width="100%" color=gray noShade SIZE=1>
[1] (http://www.alaqsa-online.net/default.asp?num=archive.asp&page=khotba&article=137&newsArch=%C7%D0%E5%C8#_ftnref1#_ftnref1) عزاه المناوي في فيض القدير (4/494)، للطبراني في الكبير
عن معاذ بن أنس بن مالك، قال: وقال الهيثمي: إسناده حسن. ا.هـ، قلت: لم أجده في المعجم ولا المجمع.