المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة الجمعة للشيخ إسماعيل نواهضة من المسجد الأقصى بتاريخ 5/12/2003م وفق 11 شوال 1424 هجري


admin
05-12-2009, 06:43 PM
تاريخ الخطبة: 11 شوال 1424 وفق 5/12/2003م
عنوان الخطبة: الصبر
الموضوع الرئيسي: الإيمان
الموضوع الفرعي: حقيقة الإيمان
اسم الخطيب: إسماعيل الحاج أمين نواهضة

ملخص الخطبة
1- أمر القرآن المؤمنين بالصبر والمصابرة. 2- منزلة الصبر في الإسلام. 3- الابتلاء سنة الله في المؤمنين. 4- جزاء الصبر في الدنيا. 5- ذنوبنا وعصياننا سبب بلائنا. 6- خلاص المسلمين من بلاياهم مرهون بعودتهم إلى دينهم. 7- واجب المسلمين تجاه أرض الإسراء والمعراج. 8- فضل المسجد الأقصى.

الخطبة الأولى
وبعد: أيها المؤمنون، أيها المرابطون، يقول الله تعالى في كتابه العزيز وهو أصدق القائلين: http://www.alminbar.net/images/start-icon.gifيٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَhttp://www.alminbar.net/images/end-icon.gif [آل عمران:200]، صدق الله العظيم.
أيها المسلمون، إنه نداء رب السماء للذين آمنوا، فقد نادهم الحق جل جلاله بالصفة التي تربطهم به والتي تلقي عليهم الأعباء وتكرمهم في الأرض كما تكرمهم في السماء، إنه نداء للصبر والمصابرة والمرابطة والتقوى، وسياق سورة آل عمران حافل بذكر الصبر وبذكر التقوى، كما سياق السورة حافل كذلك بالدعوة إلى الاحتمال والمجاهدة ودفع الكيد والمكر، وعدم الاستماع أو الإنصات لدعاة الهزيمة والبلبلة، ومن أجل هذا ختمت السورة بالدعوة إلى الصبر والمصابرة وإلى المرابطة والتقوى.
أيها المرابطون، إن لكل أمر عتاداً وسلاحاً، وإن عتاد الشدائد الصبر، حقاً إنه عتاد يبعث على الطمأنينة، ترقب به النفس المؤمنة بلوغ الأماني، قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (خير عيشنا بالصبر)، وقال الخليفة علي رضي الله عنه: (إن الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد)، وأردف ذلك بقوله: (ألا إنه لا إيمان لمن لا صبر له).
أيها المؤمنون، لقد ذكر الله سبحانه الصبر في تسعين موضعاً من كتابه الكريم، يرغب فيه ويقرنه بالأعمال الصالحة التي تقرب العبد إليه، ويأمر به كوسيلة من وسائل الخير وسبيل إلى الفلاح والفوز http://www.alminbar.net/images/start-icon.gifيٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱسْتَعِينُواْ بِٱلصَّبْرِ وَٱلصَّلَوٰةِ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِينَhttp://www.alminbar.net/images/end-icon.gif [البقرة:153]، ويقول عليه الصلاة والسلام: ((ما أعطي أحد عطاءً خير وأوسع من الصبر))<SUP><SUP>[1]</SUP></SUP> (http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2003-12-05.htm#_ftn1)، وإن أعظم مواقف الصبر صبر المرء على البلاء وتجلده أمام الخصوم والكوارث، إنه موقف أولي العزم من الرسل صلوات الله وسلامه عليهم، وإن أشد الناس بلاء الأنبياء، فلقد أوذوا في الله فكانوا أئمة للصابرين، أوذي الحبيب محمد صلوات الله وسلامه عليه بما لا يُحتمل من الأذى فصبر، وكانت له العاقبة على القوم الظالمين الكافرين.
ولقد كان الجزاء على الصبر عظيما بقدر عظم البلاء كما ورد في الحديث الشريف: ((إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم))<SUP><SUP>[2]</SUP></SUP> (http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2003-12-05.htm#_ftn2).
والصبر ـ أيها المسلمون ـ هو زاد الطريق في دعوتنا الإسلامية، إنه طريق طويل شاق مملوء بالعقبات والأشواك، مفروش بالدماء والأشلاء وبالإيذاء والابتلاء، إنه الصبر على أشياء كثيرة، الصبر على شهوات النفس ورغائبها وأطماعها، الصبر على شهوات الناس وجهلهم وغرورهم واعوجاجهم واستعجالهم للثمار والنتائج، الصبر على ظهور الباطل ووقاحة الطغيان وانتفاش الشر والخيلاء، الصبر على قلة الناصرين وضعف المعينين ووساوس الشياطين في ساعات الكرب والضيق، الصبر على مرارة الجهاد والمرابطة في سبيل الله وما تثيره في النفس الإنسانية من انفعالات متنوعة من الألم والغيظ والضيق، وضعف الثقة في الخير أحياناً، وقلة الرجاء أحياناً، للفطرة البشرية، والصبر بعد ذلك كله على ضبط النفس في ساعة القدرة وفي ساعة الانتصار والرخاء، في تواضع وشكر، وبدون خيلاء، وبدون اندفاع إلى الانتقام، والبقاء في السراء والضراء على صلة بالله تعالى واستسلام لقضائه وقدره.
والذين آمنوا كانوا قد ذاقوا جوانب كثيرة من الصبر، فكانوا أكثر فهماً من غيرهم لمعنى الصبر وحقيقته.
أيها المؤمنون، لقد كانت الجماعة المسلمة لا تغفل عيونها أبداً، ولا تستسلم للنوم، فما هادنها أعداؤها منذ أن نوديت لحمل أعباء الدعوة وعرضها على الناس.
أيها المسلمون، إن الشر لا يستريح لمنهج الخير العادل المستقيم، كما أن الطغيان لا يسلم للعدل والمساواة والكرامة، فلا بد من الصبر والمصابرة والمرابطة كي لا تؤخذ الأمة الإسلامية على حين غِرة من أعدائها الدائبين في كل زمان ومكان.
إن طبيعة الدعوة الإسلامية أنها لا تريد الاعتداء ولا تحبه، ولكنها تريد أن تقيم في الأرض منهجها القويم ونظامها السليم حتى يكون رحمة للعالمين، والتقوى هي جماع الأمر كله، فهي الحارس اليقظ في الضمير، تحرسه أن يعتدي، وتحرسه أن يحيد عن الطريق المستقيم، وبذلك يتحقق قوله تعالى: http://www.alminbar.net/images/start-icon.gifلَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَhttp://www.alminbar.net/images/end-icon.gif.
أيها المسلمون، لقد جرت سنة الله تعالى أن يبتلي عباده بالخير والشر، ويمتحن إيمانهم بالمصائب تارة، وبالنعم تارة أخرى، يمتحنهم بالشدة بعد الرخاء، وبالرخاء بعد الشدة، لينظر مبلغ شكر الشاكرين ومدى صبر الصابرين والمحتسبين، http://www.alminbar.net/images/start-icon.gifوَنَبْلُوكُم بِٱلشَّرّ وَٱلْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَhttp://www.alminbar.net/images/end-icon.gif [الأنبياء:35]، وإن ما ابتُلي به السلف الصالح من تكالب المعتدين عليهم، وتكتل المجرمين لسفك دمائهم البريئة، وغزوهم في ديارهم هو بلا شك بلاء ومحنة وشر مستطير، ولكنهم حينما قابلوا ذلك بالصبر الجميل والتضحية في أرفع مجالاتها أعقبهم الله الخير بعد الشر، أعقبهم اندحار قوى الشر والعدوان وردها على أعقابها، وإحباط خططها الأثيمة http://www.alminbar.net/images/start-icon.gifوَرَدَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُواْ خَيْراً وَكَفَى ٱللَّهُ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلْقِتَالَ وَكَانَ ٱللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاًhttp://www.alminbar.net/images/end-icon.gif [الأحزاب:25].
وتلك هي المنّة العظيمة، المنّة التي يجب أن تقدر وأن تقابل بالشكر للمنعم العظيم، وهي المعجزة الخارقة، لأن هذا الاندحار وفشل الكافرين لم يكن كما تعلمون لتفوق في العدد والعدة وإنما كان بفضل الله ورحمته وكرمه على عباده، ثم ببركة التوجه إلى الله وحده في تفريج الكرب وكشف الشدة واللجوء والتضرع إليه والاستعانة به والتوكل عليه.
أيها المسلمون، يجب أن نعترف بهذه الحقيقة، كما يجب أن نعترف بأخطائنا وأن نتوب من ذنوبنا، لأن الذنوب من أعظم وسائل النقم والبلاء، أجل، يجب أن نرجع إلى الله ونسأله المغفرة من ذنوبنا، فلقد فرطنا كثيرا في جانبه، حتى أصبح في الناس من يتشكك في وجود الباري جل جلاله، وأصبح في الناس من ترك الصلاة التي هي صلة بين العبد وربه، والتي هي عمود الدين، فلا حظّ في الإسلام لمن ترك الصلاة، وأصبح في الناس مَن منع الزكاة عن مستحقيها، وأصبح فيهم من يرتكب المنكرات والفواحش جهاراً نهاراً، وأصبح فيهم كاسيات عاريات يُغرين بالإثم والرذيلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها كما جاء في الحديث الشريف<SUP><SUP>[3]</SUP></SUP> (http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2003-12-05.htm#_ftn3).
وهذه نماذج من الذنوب والمعاصي، وكلها أسباب للنقم وعومل لسخط الله تعالى ولحلول المصائب والكوارث، فإن الله سبحانه قد رتب الجزاء على العمل، قال تعالى: http://www.alminbar.net/images/start-icon.gifوَمَا أَصَـٰبَكُمْ مّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْhttp://www.alminbar.net/images/end-icon.gif [الشورى:30]، كما قال http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif: ((التائب من الذنب كمن لا ذنب له))<SUP><SUP>[4]</SUP></SUP> (http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2003-12-05.htm#_ftn4).
ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، فيا فوز المستغفرين، استغفروا الله


<HR align=right width=33 SIZE=1>[1] (http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2003-12-05.htm#_ftnref1) أخرجه البخاري في الزكاة، باب: الاستعفاف عن المسألة (1469)، ومسلم في الزكاة، باب: فضل التعفف والصبر (1053) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

[2] (http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2003-12-05.htm#_ftnref2) أخرجه أحمد (5/427) عن محمود بن الربيع رضي الله عنه، قال الهيثمي:" رواه أحمد ورجاله ثقات". مجمع الزوائد (2/291)، وذكره الحافظ في الفتح (10/108) وقال:" رواته ثقات، إلا أن محمود بن لبيد اختلف في سماعه من النبي صلى الله عليه وسلم وقد رآه وهو صغير، وله شاهد من حديث أنس عند الترمذي وحسنه". وحديث أنس أخرجه الترمذي في الزهد، باب: ما جاء في الصبر على البلاء (2396) وحسّنه، وابن ماجه في الفتن، باب: الصبر على البلاء (4031)، وصححه الضياء في المختارة (2350، 2351)، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (146)، وصحيح سنن الترمذي (1954).

[3] (http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2003-12-05.htm#_ftnref3) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رءوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا)). أخرجه مسلم في اللباس والزينة، باب: النساء الكاسيات المائلات المميلات (2128).

[4] (http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2003-12-05.htm#_ftnref4) أخرجه ابن ماجه في الزهد، باب: ذكر التوبة (4250) والطبراني في المعجم الكبير (10/150) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال الهيثمي: "رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه". مجمع الزوائد (10/200)، وذكر له البوصيري ما يقويه. مصباح الزجاجة (4/247-248)، وحسّن إسناده الحافظ في الفتح (13/471)، وحسنه أيضاً الألباني في صحيح سنن ابن ماجه (3427)، وصحيح الترغيب (3145)، وأخرجه الطبراني أيضاً في الكبير (22/306) عن أبي سعيد رضي الله عنه، قال الهيثمي: "رواه الطبراني وفيه من لم أعرفهم" مجمع الزوائد (10/200).




الخطبة الثانية
الحمد الله ثم الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً رسول الله، والصلاة والسلام عليك يا سيدي يا رسول الله، وعلى آلك وأصحابك أجمعين.
وبعد: أيها المسلمون، أيها المرابطون، في هذه الظلمة الحالكة التي يتخبط الناس فيها على غير هدى ترتسم علامة سؤال كبيرة على لوحة الأفق، أين سبيل الخلاص؟ وكيف؟ وبماذا؟ والحيرة المرهقة وزعت الأفكار وشتت الأذهان، فمنهم من يلتمسه من هنا، ومنهم من يلتمسه هناك، ناسين أو متناسين أن سبيل الخلاص قد بينه وحده رب العالمين في كتابه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد، قال جل جلاله: http://www.alminbar.net/images/start-icon.gifإِنَّ هَـٰذَا ٱلْقُرْءانَ يِهْدِى لِلَّتِى هِىَ أَقْوَمُhttp://www.alminbar.net/images/end-icon.gif [الإسراء:9].
فالخلاص يتمثل باتباع منهج القرآن الكريم عقيدة وعملا وسلوكاً دون مواربة أو التواء، وباستئناف الحياة الإسلامية من جديد.
المسلمون اليوم وفي كل مكان ومنهم أهل الرباط تحاك ضدهم المؤامرات والدسائس، والعمل على تنفيذها جار على قدم وساق، وإنهم اليوم وقد تتالت عليهم الفتن، وهم في أمس الحاجة إلى بناء مجتمعاتهم على الأمثلة الرفيعة التي ضربها سلفنا الصالح في التماسك والتضامن والتعاون، إنهم اليوم في محنة أخطار محدقة بهم، كخطر السياسة المرسومة لهم من قبل الخصوم والأعداء، لتفريق كلمتهم وتمزيق شملهم، حتى لا يكونوا حرباً عليهم.
أيها المؤمنون، إن أكثر من مليار مسلم مفروض أن لا يُغلبوا من قِلة، ولكن الواقع المرير أنهم غلبوا فعلا رغم كثرتهم، لعدم وجود القيادة الحكيمة التي تقودهم والتي توجههم نحو حياة أفضل، وتعمل على توحيد صفوفهم ولمّ شملهم وجمعهم على الحق المبين.
ولتلافي ذلك يجب على المسلمين حتماً أن يصححوا أوضاعهم، وأن يفيقوا من سباتهم، ولا يكفي إبداء الشعور الطيب دون خطوات إيجابية، بعبارة أخرى وأدق لا يكفي من المسلم مجرد التألم والأسى وسكب الدموع على ما نزل بالمسلمين وبديارهم ومقدساتهم من بلاء ومحن، بل يجب عليه أن يرفع الصوت عالياً مستنكراً الجرائم التي تنزل بهم، مقاوماً لها بمختلف الوسائل، إسهاماً في رفع كابوس المحن عنهم، حتى يشعر الأخ المسلم المنكوب أن إلى جواره إخوة له يشدون من أزره ويقفون إلى جانبه.
فها هي أرض الإسراء والمعراج وفي مقدمتها بيت المقدس والمسجد الأقصى المبارك مازالت مسرحاً للأحداث الأليمة المتمثلة بالنهب والسلب وسفك الدماء البريئة والإبعاد لأبنائها وحصار المدن والقرى وإلى غير ذلك، كما أصبحت ميداناً للتنافس من أجل التحدث عنها وفي إعلان الوصاية عليها والتفاوض على ثغورها ضاربين بالثوابت الدينية والحقوق التاريخية عرض الحائط.
إن الاجتهاد ـ إخوة الإيمان ـ يكون في أمور غير واضحة المعالم والأحكام، خالية من النصوص الشرعية.
إلى زمن غير بعيد، أي قبل زوال دولة الخلافة ما كان أحد يجرؤ على التنازل عن شبر واحد منها، لعلمهم بأنها أرض إسلامية وقفية بقرار رباني.
أيها المرابطون، إنه ليس بإمكان أحد ولا باستطاعته، أياً كان أن يحرم فرداً واحداً من أهلها وممن نشأوا وعاشوا على ظهرها من حق العودة إليها، كما أنه ليس من حق أحد أن يتجاهل حق أكثر من مليار مسلم بهذه الأرض المباركة وفي بيت المقدس المزين بالمسجد الأقصى المبارك أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث المساجد التي تشد إليها الرحال، فالنصوص الشرعية والآثار الواردة بهذا الخصوص لم تعد خافية على أحد، ويرجع ارتباط فلسطين بالإسلام إلى اتخاذ بيت المقدس قبلة للصلاة منذ البعثة، وقد ارتبطت قدسية المسجد الأقصى بالعقيدة الإسلامية، وتوثقت قدسيته بحادثة الإسراء والمعراج وبالفتح الإسلامي لبيت المقدس وما حوله في عهد أمير المؤمنين عمر الفاروق رضي الله عنه، فعن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، والصلاة في مسجدي بألف صلاة، والصلاة في بيت المقدس بخمس مائة صلاة))<SUP><SUP>[1]</SUP></SUP> (http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2003-12-05.htm#_ftn1)، وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا معاذ، إن الله عز وجل سيفتح عليكم الشام من بعدي، من العريش إلى الفرات رجالهم ونساؤهم وإماؤهم مرابطون إلى يوم القيامة، فمن اختار منكم ساحلاً من سواحل الشام فهو في رباط إلى يوم القيامة))<SUP><SUP>[2]</SUP></SUP> (http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2003-12-05.htm#_ftn2)، نسأل الله عز وجل أن يجعلنا وإياكم من المرابطين في هذه الأرض المباركة.
<HR align=right width=33 SIZE=1>[1] (http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2003-12-05.htm#_ftnref1) عزاه الحافظ في الفتح للبزار، وقال: "قال البزار: إسناده حسن". فتح الباري (3/67)، وعزاه الهيثمي للطبراني، وقال: "رواه الطبراني في الكبير، ورجاله ثقات، وفي بعضهم كلام، وهو حديث حسن". مجمع الزوائد (4/7)، ولم أجده في المطبوع من مسند البزار ومعجم الطبراني الكبير بعد طول البحث. قال المناوي: "فيه سعيد بن سالم ـ يعني القداح ـ ليس بذاك عن سعيد بن بشير قال الذهبي: شبه المجهول". فيض القدير (4/435)، وقال الألباني: "منكر". ضعيف الترغيب (757).

[2] (http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2003-12-05.htm#_ftnref2) لم أجده بعد طول البحث.